أحكام المرأة والأسرة ::: 196 ـ 210
(196)
إجباره عليه ، ولو باللجوء إلى الحاكم وإن كان جائراً. وإن لم يمكن إجباره ، فإن كان له مال جاز له أن يأخذ منه بمقدار نفقته بإذن الحاكم الشرعي ، وإلاّ ـ أي وإن لم يكن له مال ـ جاز له ـ أي لمن له الحقّ ـ أن يستدين على ذمّته بإذن الحاكم ، فتشتغل ذمّته ـ أي ذمّة من وجب عليه الانفاق ـ بما استدانه ويجب عليه قضاؤه ، وإن تعذّر عليه ـ أي على صاحب الحقّ ـ مراجعة الحاكم رجع إلى بعض عدول المؤمنين ، واستدان عليه بإذنه ، فيجب عليه أداؤه.


(197)
    يشترط في المطلِّق أُمور :
    الأمر الأوّل البلوغ :
فلا يصح طلاق الصبيّ ، لا مباشرة ولا بتوكيل الغير وإن كان مميّزاً ـ والمميِّز : هو الذي يدرك الطلاق ويعقله ـ وإن لم يبلغ عشر سنين ، وأمّا طلاق من بلغها ـ أي العشر سنين ـ ففي صحته إشكال ، فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه (1).
    2 ـ كما لا يصح طلاق الصبيّ بالمباشرة ولا بالتوكيل ، لا يصح طلاق وليّه عنه ، كأبيه وجدّه فضلا عن الوصي والحاكم الشرعي.
    الأمر الثاني العقل : فلا يصح طلاق المجنون وإن كان جنونه أدواريّاً ـ أي غير مستغرق لجميع الوقت ، بل يجنّ في بعض الأوقات ويرجع إلى عقله في الأوقات الاُخرى ـ إذا كان الطلاق في دور جنونه.
    3 ـ يجوز للأب والجدّ للأب أن يطلّق عن المجنون المطبق ـ أي غير الإدواري ـ زوجته مع مراعاة مصلحته ، سواء بلغ مجنوناً ـ أي وصل إلى سنّ البلوغ وهو مجنون ـ أو عرض عليه الجنون بعد البلوغ ، فإن لم يكن له أب ولا جدّ كان الأمر إلى الحاكم الشرعي.
    وأمّا المجنون الإدواري فلا يصح طلاق الولي عنه وإن طال دوره ، بل يطلّق هو
1 ـ الاحتياط هنا وجوبي.

(198)
حال إفاقته ، وكذا السكران والمغمى عليه فإنّه لا يصح طلاق الولي عنهما ، بل يطلّقان حال إفاقتهما.
    الأمر الثالث القصد : بأن يقصد الفراق حقيقةً ، فلا يصح طلاق السكران ونحوه ممّن لا قصد له معتدّاً به ، وكذا لو تلفّظ بصيغة الطلاق في حالة النوم ، أو هزلا ، سهواً أو غلطاً أو في حال الغضب الشديد الموجب لسلب القصد ، فإنّه لا يؤثر في الفرقة ، وكذا لو أتى بالصيغة للتعليم أو الحكاية أو التلقين ، أو مداراةً لبعض نسائه مثلا ولم يردّ الطلاق جدّاً.
    4 ـ إذا طلّق ثمّ ادّعى عدم القصد فيه ، فإن صدّقته المرأة فهو ـ أي فلا يقع الطلاق ـ وإلاّ ـ أي وإن لم تصدّقه ـ لم يسمع منه ، أي يقع الطلاق.
    الأمر الرابع الاختيار : فلا يصح طلاق المكرَه ومن بحكمه ، أي المضطرّ على الطلاق لسبب ما.
    5 ـ الإكراه : وهو إلزام الغير بما يكرهه بالتوعيد على تركه بما يضرّ بحاله ممّا لا يستحقّه ، مع حصول الخوف له من ترتّبه ، أي من ترتّب الضرر ، ويلحق به ـ موضوعاً أو حكماً ـ ما إذا أمره بإيجاد ما يكرهه مع خوف المأمور من إضراره به لو خالفه وإن لم يقع منه توعيد أو تهديد (1) ، وكذا لو أمره بذلك وخاف المأمور من قيام الغير بالإضرار به على تقدير مخالفته ، وهذا هو مثال ما يلحق به حكماً.
    ولا يلحق به موضوعاً ولا حكماً ما إذا أوقع الفعل مخافة إضرار الغير به على تقدير تركه من دون إلزام منه إيّاه ، كما لو تزوّج امرأة ثمّ رأى أنّها لو بقيت في عصمته
1 ـ الإلزام بما يكرهه موضوعاً : بمعنى أن الآمر يريد منه إيجاد شيء يكرههه ـ مع خوف المأمور من الضرر ـ حتى وإن لم يوعده أو يهدّده.

(199)
لوقعت عليه وقيعة من بعض أقربائها ، فالتجأ إلى طلاقها فإنّه لا يضرّ ذلك بصحة الطلاق.
    وهكذا الحال فيما إذا كان الضرر المتوّعد به ممّا يستحقّه ، كما إذا قال وليّ الدم للقاتل : طلّق زوجتك وإلاّ قتلتك ، أو قال الدائن للغريم : طلّق زوجتك وإلاّ طالبتك بالمال ، فطلّق فإنّه يصح طلاقه في مثل ذلك.
    6 ـ المقصود بالضرر الذي يخاف من ترتّبه ـ على تقدير عدم الإتيان بما اُلزم به ـ ما يعمّ الضرر الواقع على نفسه وعرضه وماله ، وعلى بعض من يتعلّق به ممّن يهمّه أمره.
    7 ـ يعتبر في تحقّق الإكراه أن يكون الضرر المتوعّد به ممّا لا يتعارف تحمّله لمثله تجنّباً عن مثل ذلك العمل المكروه ، بحيث يعدّ عند العقلاء مُلجِأً إلى ارتكابه ، وهذا أمر يختلف باختلاف الأشخاص في تحمّلهم للمكاره ، وباختلاف العمل المكروه في شدّة كراهته وضعفها ، فربّما يعدّ الإيعاد بضرر معيّن على ترك عمل مخصوص موجِباً ـ أي مؤدّياً ـ لإلجاء شخص إلى ارتكابه ، ولا يعدّ موجِباً لإلجاء آخر إليه ، وأيضاً ربّما يعدّ شخص مُلجأ إلى ارتكاب عمل يكرهه بإيعاده بضرر معيّن على تركه ، ولا يعدّ ملجأً إلى ارتكاب عمل آخر مكروه له أيضاً بإيعاده بمثل ذلك الضرر ، أي ربّما يكون شخص واحد يتحمّل مشقّة وضرر الإكراه على عمل دون عمل آخر.
    8 ـ يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصّي ـ أي التخلّص ـ عنه بغير التورية ممّا لا يضرّ بحاله كالفرار والاستعانة بالغير ، ويعتبر فيه ـ أي في صدق عنوان الإكراه ـ عدم إمكان التفصّي بالتورية ولو من جهة الغفلة عنها ـ أي عن التورية ـ أو الجهل بها ، أو حصول الاضطراب المانع من استعمالها ، أو نحو ذلك.


(200)
    9 ـ إذا أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه ـ أي لا على وجه التعيين ـ فطلّق إحداهما المعيّنة تجنّباً من الضرر المتوعّد به بطل ، ولو طلّقهما معاً بإنشاء واحد صحّ فيهما ـ وكذا لو أكرهه على طلاق كلتيهما بإنشاء واحد فطلّقهما تدريجاً ـ أي لادفعة واحدة ـ أو طلّق إحداهما فقط.
    وأمّا لو أكرهه على طلاقهما ولو متعاقباً ـ أي واحدة بعد الأُخرى ـ وأوعده على ترك مجموع الطلاقين فطلّق إحداهما عازماً على طلاق الأُخرى أيضاً ، ثمّ بدا له فيه وبنى على تحمّل الضرر المتوعّد به فالأظهر بطلان طلاقها ، أي لا يقع طلاق واحدة منهما.
    10 ـ لو أكرهه على أن يطلّق زوجته ثلاث طلقات بينها رجعتان ، فطلّقها واحدة أو اثنتين ، ففي بطلان ما أوقعه إشكال بل منع ـ أي لا يبطل الطلاق ـ إلاّ إذا كان متوعّداً بالضرر على ترك كلٍّ منها أو كان عازماً في حينه على الإتيان بالباقي ثمّ بدا له فيه وبنى على تحمّل الضرر المتوعّد به ، أو أنّه احتمل قناعة المكره بما أوقعه وإغماضه عن الباقي فتركه ونحو ذلك.
    11 ـ إذا أوقع الطلاق عن إكراه ثمّ رضي به لم يفد ذلك في صحته ، وليسَ كالعقد المكره عليه الذي تعقّبه الرضى.
    12 ـ لا حكم للإكراه إذا كان على حقّ ، فلو وجب عليه أن يطلّق وامتنع منه فاُكره عليه فطلّق صحّ الطلاق.


(201)
    يشترط في المطلَّقة اُمور :
    الأمر الأوّل : أن تكون زوجة دائمة ، فلا يصحّ طلاق المتمتَع بها ، بل فراقها يتحقّق بانقضاء المدّة أو بذلها لها بأن يقول الرجل : ( وهبتك مدّة المتعة ) ، ولا يعتبر في صحة البذل الشروط المعتبرة في الطلاق من الإشهاد والخلوّ عن الحيض والنفاس وغيرهما.
    الأمر الثاني : أن تكون طاهرة من الحيض والنفاس ، فلا يصح طلاق الحائض ولا النفساء ، والمراد بهما ذات الدمين ـ أي دم الحيض والنفاس ـ فعلا ، فلو نقيتا من الدمين ولمّا تغتسلا ـ أي قبل أن تغتسلا ـ من الحدث صحّ طلاقهما. وأمّا الطلاق الواقع في النقاء المتخلّل بين دمين من حيض أو نفاس واحد ، فلا يترك الاحتياط فيه بالاجتناب عنها ، وتجديد طلاقها بعد تحقّق الطهر ، أو مراجعتها ثمّ تطليقها.
    وتستثنى من اعتبار الطهر ـ أي اشتراطه في طلاق المرأة ـ موارد :
    أولا ـ أن لاتكون مدخولا بها ، فيصح طلاقها وإن كانت حائضاً.
    ثانياً ـ أن تكون مستبينة الحمل ـ أي قد ظهر حملها وصار معلوماً ـ فإنّه يصحّ طلاقها وإن كانت حائضاً بناءً على اجتماع الحيض والحمل ، كما مرّ في كتاب الطهارة.
مسائل متفرقة في شروط المطلقة
    1 ـ لو طلّق زوجته غير مستبينة الحمل وهي حائض ، ثمّ علم أنّها كانت حاملا وقتئذ بطل طلاقها ، وإن كان الأولى رعاية الاحتياط فيه ولو بتطليقها ثانياً ، أي يطلّقها مرّة ثانية بعد ظهور حملها.
    2 ـ أن يكون المطلِّق غائباً ، فيصحّ منه طلاقها وإن صادف أيام حيضها ، ولكن


(202)
مع توفير شرطين :
    أحدهما : أن لا يتيسّر له استعلام حالها ولو من جهة الإطمئنان الحاصل من العلم بعادتها الوقتيّة ، أو بغيره من الأمارات الشرعيّة.
    ثانيهما : أن تمضي على انفصاله عنها مدّة شهر واحد على الأحوط وجوباً ، وأحوط منه مضيّ ثلاثة أشهر ، ولو طلّقها مع الإخلال بأحد الشرطين المذكورين وصادف أيام حيضها لم يحكم بصحة الطلاق.
    3 ـ الظاهر أنّه لا فرق في صحة طلاق الغائب مع توفّر الشرطين المتقدّمين بين أن يكون المطلِّق هو الزوج ، أو الوكيل الذي فوّض إليه أمر الطلاق.
    4 ـ الاكتفاء بمضيّ المدّة المذكورة في طلاق الغائب يختص بمن كانت تحيض ، فإذا كانت مسترابة ـ أي لا تحيض وهي في سنّ من تحيض ـ فلا بدّ من مضيّ ثلاثة أشهر من حين الدخول بها ، وحينئذ يجوز له طلاقها وإن احتمل طروء الحيض عليها حال الطلاق.
    5 ـ إذا كان المطلِّق حاضراً ، لكن لا يصل الى الزوجة ليعلم حالها ; لمرض أو خوف أو سجن أو غير ذلك ، فهو بمنزلة الغائب ، فالمناط انفصاله عنها بحيث لايعلم حالها من حيث الطهر والحيض ، وفي حكمه ما إذا كانت المرأة تكتم حالها عنه وأراد طلاقها فإنّه يجوز له أنّ يطلّقها مع توفّر الشرطين المتقدّمين.
    6 ـ إذا انفصل عنها وهي حائض لم يجز له طلاقها ، إلاّ بعد مضيّ مدّة يقطع بانقطاع ذلك الحيض وعدم طروء حيض آخر ، ولو طلّقها بعد ذلك في زمان لم يعلم بكونها حائضاً صح طلاقها مع توفّر الشرطين المذكورين آنفاً ، وإن تبيّن وقوعه في


(203)
حال الحيض.
    الأمر الثالث : أن تكون طاهراً طهراً لم يقاربها زوجها فيه ولو بغير انزال ، فلو قاربها في طهر لزمه الانتظار حتى تحيض وتطهر ، ثم يطلّقها من قبل أن يواقعها ، وتستثنى من ذلك :
    أولا ـ الصغيرة واليائسة ، فإنّه يصحّ طلاقهما في طهر المواقعة.
    ثانياً ـ الحامل المستبين حملها ، فانّه يصح طلاقها في طهر المواقعة أيضاً ، ولو طلّق غير المستبين حملها في طهر المجامعة ، ثم ظهر أنّها كانت حاملا فالأظهر بطلان طلاقها ، وان كان الأولى رعاية الاحتياط ـ الاستحبابي ـ في ذلك ولو بتطليقها ثانياً.
    ثالثاً ـ المسترابة ، أي التي لا تحيض وهي في سنّ من تحيض ، سواء أكان لعارض إتفاقي ، أم لعادة جارية في أمثالها ، كما في أيام إرضاعها أو في أوائل بلوغها فإنّه إذا أراد تطليقها اعتزلها ثلاثة أشهر ثمّ طلّقها فيصحّ طلاقها حينئذ وإن كان في طهر المواقعة ، وأمّا إن طلّقها قبل مضيّ المدّة المذكورة فلا يقع الطلاق.
    7 ـ لا يشترط في تربّص ـ أي في انتظار ـ ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون اعتزاله عنها لأجل ذلك ، وبقصد أن يطلّقها بعد ذلك ، فلو واقعها ثمّ لم يتفق له المواقعة بسبب من الأسباب إلى أن مضى ثلاثة أشهر ثمّ بدا له أن يطلّقها صحّ طلاقها في الحال ، ولم يحتج إلى تجديد الاعتزال.
    8 ـ إذا انفصل الزوج عن زوجته في طهر واقعها فيه لم يجز له طلاقها مادام يعلم بعدم انتقالها من ذلك الطهر إلى طهر آخر ، وأمّا مع الشكّ فيجوز له طلاقها بالشرطين المتقدّمين في شرطيّة عدم الحيض وعدم تيسّر استعلام حالها ومضيّ مدّة شهر واحد ولا يضرّ مع توفرهما ـ أي توفّر الشرطين ـ انكشاف وقوع الطلاق في طهر


(204)
المواقعة ، ولو طلّقها مع الإخلال بأحد الشرطين المذكورين لم يحكم بصحة الطلاق إلاّ إذا تبيّن وقوعه في طهر لم يجامعها فيه.
    9 ـ إذا واقعها في حال الحيض عمداً أو جهلا أو نسياناً لم يصح طلاقها في الطهر الذي بعد تلك الحيضة ، بل لا بدّ من إيقاعه في طهر آخر بعد حيض آخر ، لأنّ ما هو شرط في الحقيقة هو كونها مستبرأة بحيضة بعد المواقعة ، لا مجرّد وقوع الطلاق في طهر غير طهر المواقعة.
    10 ـ إذا طلّق زوجته اعتماداً على استصحاب الطهر أو استصحاب عدم الدخول صحّ الطلاق ظاهراً ، وأمّا صحته واقعاً فتتّبع تحقّق الشرط واقعاً.
    11 ـ إذا أخبرت الزوجة أنّها طاهرة فطلّقها الزوج أو وكيله ، ثمّ أخبرت أنّها كانت حائضاً حال الطلاق لم يقبل خبرها إلاّ بالبيّنة ـ أي مع إقامة الشهادة من عدلين ـ ويكون العمل على خبرها الأوّل ـ أي كونها طاهرة ـ ما لم يثبت خلافه.
    12 ـ إذا طلَّقها ثمّ ادّعت بعده أنّ الطلاق وقع في حال الحيض ، وأنكره الزوج ، كان القول قوله مع يمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر.
    الأمر الرابع : تعيين المطلَّقة ، بأن يقول : ( فلانة طالق ) أو يشير إليها بما يرفع الإبهام والإجمال ، فلو كانت له زوجة واحدة فقال : ( زوجتي طالق ) صحّ ، ولو كانت له زوجتان أو أكثر وقال : ( زوجتي طالق ) ، فإن نوى معيّنة منهما أو منهنّ صحّ وقُبل تفسيرة من غير يمين ، وإن نوى غير معيّنة بطل على الأقوى.

    1 ـ يشترط في صحة الطلاق أُمور :
    الأمر الأوّل : الصيغة الخاصّة ، وهي قوله : ( أنتِ طالق ) ، أو ( فلانة طالق ) ، أو


(205)
( هذه طالق ) وما أشبه ذلك من الألفاظ الدالّة على تعيين المطلّقة والمشتملة على لفظة ( طالق ) ، فلا يقع الطلاق بقوله : ( أنتِ أو هي مطلّقة ، أو طلاق ، أو الطلاق ، أو طلّقت فلانه أو طلقتك ) ، فضلا عن الكنايات كقوله : ( أنتِ خليّة أو بريّة ، أو حبلك على غاربك ، أو إلحقي بأهلك ) وغير ذلك ، فإنّه لا يقع به الطلاق وإن نواه حتى قوله : ( اعتدّي ) المَنْويّ به الطلاق على الأقوى.
    2 ـ يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة ، فلو كانت عنده زوجتان أو ثلاث فقال : ( زوجتاي طالقان أو زوجاتي طوالق ) صح طلاق الجميع.
    3 ـ لا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المذكورة من سائر اللغات مع القدرة على إيقاعه بتلك الصيغة ، وأمّا مع العجز عنه وعدم تيسّر التوكيل أيضاً فيجزئ إيقاعه بما يرادفها بأيّة لغة كانت.
    4 ـ لا يقع الطلاق بالإشارة ولا بالكتابة مع القدرة على النطق ، وأمّا مع العجز عنه ـ كما في الأخرس ـ فيصح منه إيقاعه بالكتابة وبالإشارة المفهمة على نحو يبرز سائر مقاصده ، والأحوط الأولى ـ أي استحباباً ـ تقديم الكتابة لمن يعرفها على الإشارة.
    5 ـ إذا خيّر زوجته وقصد تفويض الطلاق إليها فاختارت نفسها بقصد الطلاق لم يقع به الطلاق على الأظهر ، وكذا لو قيل له : هل طلّقت زوجتك فلانة ؟ فقال : نعم ، بقصد إنشاء الطلاق فإنّه لا يقع به الطلاق على الأقوى.
    6 ـ يجوز للزوج أن يوكّل غيره في تطليق زوجته بالمباشرة أو بتوكيل غيره ، سواء أكان الزوج غائباً أم حاضراً ، بل وكذا له أن يوكّل الزوجة في تطليق نفسها بنفسها أو بتوكيل غيرها.
    7 ـ يجوز أن يوكّلها في طلاق نفسها مطلقاً ـ أي في كلّ وقت وعلى أي حال ، أو في حالات خاصة ـ أي في حال سفره وغيبته مثلا ـ ولا يشترط فيها أن يكون


(206)
الشرط قيداً للموكَّل فيه ـ أي لا يشترط أن تقول الزوجة للزوج في عقد نكاحها معه : أقبلتَ أن أزوجك نفسي بشرط أن تجعلني وكيلةً عنك في طلاقي منك ؟ بل يجوز أن يكون تعليقاً لأصل الوكالة (1).
    الأمر الثاني : التنجيز ، فلو علّق الطلاق على أمر مستقبلي ـ أي يحصل في المستقبل ـ معلوم الحصول أو متوقّع الحصول ، أوامر حالي ـ أي أمر يتحقّق في الوقت الحاضر ـ محتمل الحصول مع عدم كونه مقوّماً لصحة الطلاق ـ كتعليقه على كونها زوجته ـ بطل ، فلوقال : إذا طلعت الشمس فأنت طالق ، أو : إذا جاء زيد فأنت طالق ، بطل. وإذا علّقه على أمر حالي معلوم الحصول كما إذا اشار الى يده وقال : إن كانت هذه يدي فانت طالق ، أو علّقة على أمر حالي مجهول الحصول ولكنّه كان مقوِّماً لصحة الطلاق كما إذا قال : إن كنتِ زوجتي فأنت طالق صح.
    الأمر الثالث : الإشهاد ، بمعنى إيقاع الطلاق بحضور رجلين عدلين يسمعان الإنشاء ، سواء قال لهما : اشهدا ، أولم يقل.
    ويعتبر اجتماعهما حين سماع الانشاء ، فلو شهد أحدهما وسمع في مجلس ثم كرّر ـ أي المطلِّق ـ اللفظ وسمع الآخر ـ أي الشاهد الآخر ـ في مجلس آخر بانفراده لم يقع الطلاق ، نعم لو شهدا ـ أي لو شهدا ـ أي كلاهما ـ بإقراره بالطلاق لم يعتبر
1 ـ أي يجوز أن يجعل المرأة وكيلةً له في طلاق نفسها في حال سفره أو حبسه من دون ذكر أداة الشرط في ضمن الوكالة فيقول مثلا ( أنتِ وكيلتي في طلاق نفسك في حالة حبسي او سفري ).

(207)
اجتماعهما ـ أي لا يشترط أن يكونا معاً ـ لا في تحمل الشهادة ـ أي حينما سمعا إقراره ولا في أدائها حينما شهدا بإقراره. ولا اعتبار بشهادة النساء ـ أي لا يعتمد على شهادتهن ـ وسماعهنّ ، لا منفردات ولا منضمّات إلى الرجال.
    8 ـ لا يعتبر في الشاهدين معرفة المرأة بعينها بحيث تصح الشهادة عليها ، فلو قال : ( زوجتي هند طالق ) بمسمع الشاهدين صحّ وإن لم يكونا يعرفان هنداً بعينها ، بل وإن اعتقدا غيرها.
    9 ـ إذا طلّق الوكيل عن الزوج لايكتفى به مع عدل آخر في الشاهدين ـ أي لا بدّ من وجود شاهدين غير الوكيل في إجراء الصيغة ـ كما أنّه لا يكتفى بالموكَّل مع عدل آخر ، ويكتفى بالوكيل عن الزوج في توكيل الغير مع عدل آخر.
    10 ـ المقصود بالعدل هنا ما هو المقصود به في سائر الموارد ممّا رتّب عليه بعض الأحكام ، وهو من كان مستقيماً في جادّة الشريعة المقدّسة لا ينحرف عنها بترك واجب أو فعل حرام من دون مؤَمِّن ـ كفتوى مرجعه أو جهله القصوري أو اضطراره ونحو ذلك ـ وهذه الاستقامة تنشأ غالباً من خوف راسخ في النفس ، ويكفي في الكشف عنها حسن الظاهر ، أي حسن المعاشرة والسلوك الديني.
    11 ـ إذا كان الشاهدان فاسقين ـ في الواقع ـ بطل الطلاق واقعاً وإن اعتقد الزوج أو وكيله أو هما معاً عدالتهما حين وقوع الطلاق ، ولو انعكس الحال بأن كانا عدلين في الواقع صحّ الطلاق واقعاً وإن اعتقد الزوج أو وكيله أو هما معاً فسقمها ، فمن اطّلع على واقع الحال عمل بمقتضاه ، وأمّا الشاكّ فيكفيه احتمال إحراز عدالتهما عند المطلِّق ، فيبني على صحة الطلاق ما لم يثبت عنده الخلاف ، ولا يجب عليه الفحص عن حالهما ، أي عن عدالتهما.
    12 ـ لا يعتبر في صحة الطلاق اطّلاع الزوجة عليه فضلا عن رضاها به.


(208)
    الطلاق على قسمين :
    القسم الأوّل :
الطلاق البدعي ، وهو : الطلاق غير الجامع للشرائط المتقدّمة : كطلاق الحائض الحائل ـ أي غير الحامل ـ أو النفساء حال حضور الزوج مع إمكان معرفة حالها أو مع غيبته ، كذلك.
    والطلاق في طهر المواقعة مع عدم كون المطلَّقة يائسة أو صغيرة أو مستبينة الحمل.
    والطلاق المعلّق ، أي الطلاق يعلّقه على أمر ما لو حصل تكون الزوجة طالقاً.
    وطلاق المسترابة ـ وهي المرأة التي لا تحيض وكانت في سنّ من تحيض ـ قبل انتهاء ثلاثة أشهر من انعزالها.
    والطلاق بلا إشهاد عدلين.
    وطلاق المُكْرَه.
    وطلاق الثلاث ، أي يقول : طلقتك ثلاثاً ، أو يقول : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، وغير ذلك.
    والجميع باطل عند الإمامية ، إلاّ طلاق الثلاث على تفصيل يأتي فيه ، ولكن غيرهم من أصحاب المذاهب الإسلامية يرون صحتها كلاّ أو بعضاً ، أي يرون صحة كلّ هذه الأنواع من الطلاق أو بعضها.
    1 ـ من أقسام الطلاق البدعي ـ كما مرّ ـ طلاق الثلاث ، إمّا مرسلا بأن يقول : ( هي طالق ثلاثاً ) ، وإمّا ولاءً بأن يكرّر صيغة الطلاق ثلاث مرّات كأن يقول : ( هي


(209)
طالق ، هي طالق ، هي طالق ) من دون تخلّل رجعة في البين قاصداً تعدّد الطلاق.
    وفي النحو الثاني يقع الطلاق واحداً ويلغي الآخران ، وأمّا في النحو الأوّل فإن أراد به ما هو ظاهره من إيقاع ثلاث طلقات أي قصد طلاقها ثلاث مرّات واقعاً ـ فالأظهر بطلانه وعدم وقوع طلاق به أصلا ، وكذا إذا قصد به إيقاع البينونة ـ أي الانفصال والفرقة ـ الحاصلة بالطلاق ثلاث مرّات ـ أي الموجبة للحرمة حتى تنكح زوجاً غيره ، وأمّا إذا أراد إيقاع الطلاق بقوله : ( هي طالق ) أوّلا ثمّ اعتبره بمثابة ثلاث طلقات بقوله : ( ثلاثاً ) ثانياً ـ بأن احتوت هذه الكلمة إنشاءً مستقلاّ عن إنشاء الطلاق قبلها بقوله : ( هي طالق ) ـ فالظاهر وقوع طلاق واحد به.
    2 ـ إذا طلّق غير الإمامي زوجته بطلاق صحيح على مذهبه ، فاسد حسب مذهبنا جاز للإمامي ـ إقراراً له على مذهبه ـ أن يتزوّج مطلَّقته بعد انقضاء عدّتها إذا كانت ممّن تجب عليها العدّة في مذهبه ، كما يجوز للمطلَّقة نفسها إذا كانت من الإماميّة أن تتزوّج من غيره كذلك.
    وهكذا إذا طلّق غير الإمامي زوجته ثلاثاً ، وهو يرى وقوعه ثلاثاً وحرمتها عليه حتى تنكح زوجاً غيره ، اُقِرَّ على مذهبه ـ أي لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره ـ فلو رجع إليها حُكِمَ ببطلان رجوعه ، فيجوز للإمامي أن يتزوّج مطلَّقته ـ بعد انقضاء عدّتها إذا كانت ممّن تجب عليها العدّة في مذهبه ، كما يجوز لمطلّقته الإماميّة أن تتزوّج من غيره كذلك.
    3 ـ إذا طلّق غير الإمامي زوجته بطلاق صحيح على مذهبه فاسد عندنا ، ثمّ رجع إلى مذهبنا ، يلزمه ترتيب آثار الصحة على طلاقه السابق ، وكذا زوجته غير الإماميّة ترتّب عليه آثار الطلاق الصحيح ، وإن رجعت إلى مذهبنا ، فلو كان الطلاق رجعيّاً على تقدير وجدانه للشرائط المعتبرة عندنا جاز له الرجوع إليها في العدّة ، ولا يجوز له ذلك بعدها إلاّ بعقد جديد.


(210)
    4 ـ إذا طلّق غير الإمامي زوجته طلاق الثلاث بأحد الأنواع الثلاثة المتقدّمة معتقداً تحقّق البينونة الحاصلة بطلاق الثلاث به ـ أي الموجبة للحرمة المؤقتة حتى تنكح زوجاً غيره ـ ثمّ رجع إلى مذهبنا ، فالظاهر أنّه لا يلزمه عندئذ إلاّ ترتيب آثار طلاق واحد صحيح عليه ، ولا يلزمه حكم طلاق الثلاث الواجد للشرائط عندنا لكي لا يسعه الرجوع إليها إلاّ بمحلّل.
    القسم الثاني : الطلاق السنّي بالمعنى الأعمّ ، وهو : الطلاق الجامع للشرائط المتقدّمة ، وهو على قسمين : بائن ، ورجعي.
    والأوّل : ما ليس للزوج الرجوع إلى المطلّقة بعده ، سواء أكانت لها عدّة أم لا.
    والثاني : مايكون للزوج الرجوع إليها في العدّة ، سواء رجع إليها أم لا.
    وسواء أكانت العدّة بالأقراء ـ أي تحسب المرأة عدّتها بالقروء ـ وهي ثلاث أطهار ، أم بالشهور ، أمّ بوضع الحمل.
    وهناك قسم ثالث يسمّى بـ ( الطلاق العدّي ) وهو مركّب من القسمين الأوّلين على ما سيأتي تفصيله.
    كما أنّ هناك مصطلحين آخرين للطلاق السنّي غير ما تقدّم :
    أحدهما : الطلاق السنّي ، في مقابل الطلاق العدّي ، ويراد به : أن يطلّق الزوجة ثمّ يراجعها في العدّة من دون جماع.
    والثاني : الطلاق السنّي بالمعنى الأخصّ ، ويقصد به أن يطلّق الزوجة ولا يراجعها حتى تنقضي عدّتها ، ثمّ يتزوّجها من جديد.
أحكام المرأة والأسرة ::: فهرس