أحكام المرأة والأسرة ::: 256 ـ 270
(256)
    10 ـ إذا آلى من زوجته مدّة معيّنة فدافع عن الرجوع والطّلاق إلى أن انقضت المدّة لم تجب عليه الكفّارة ، ولو وطئها قبله ـ يعني قبل انقضاء المدّة ـ لزمته الكفّارة.
    11 ـ لا تتكرّر الكفّارة بتكرّر اليمين إذا كان الزمان المحلوف على ترك الوطء فيه واحداً.

    1 ـ الّلعان : مباهلة خاصّة بين الزوجين أثرها دفع حدّ أو نفي ولد ، ويثبت في موردين :
    المورد الأوّل : فيما إذا رمى الزوج زوجته بالزّنى.
    2 ـ لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزّنى مع الرّيبة ـ أي مع الشكّ في أنّها زنت أولا ، وهو درجة خمسين بالمائة ـ ولا مع غلبة الظنّ ـ أي بدرجة ثمانين بالمائة ـ لبعض الأسباب المريبة ، بل ولا بالشّياع ـ أي لكونه شائعاً ـ ولا بإخبار شخص ثقة ، نعم يجوز مع اليقين ولكن لا يُصدّق إذا لم تعترف به الزوجة ، ولم يكن له بيّنه ، بل يحدَّ ـ أي يقام على الزوج حدّ القذف مع مطالبتها ـ أي بالحدّ ـ إلاّ إذا أوقع اللّعان الجامع للشروط الآتية فيدرأ عنه الحدّ.
    3 ـ يشترط في ثبوت اللّعان بالقذف أن يدّعي المشاهدة ، فلا لعان فيمن لم يدّعها ، ومن لم يتمكّن منها كالأعمى ، فيحدّان مع عدم البيّنة ، كما يشترط في ثبوته ـ أي اللعان ـ أن لا تكون له بيّنة على دعواه ـ أي على ادّعائه بأنّها زنت ـ فإن كانت له بيّنه تعيّن إقامتها لنفي الحدّ ولالعان ، أي لا يثبت اللعان.
    4 ـ يشترط في ثبوت اللّعان في القذف أن يكون القاذف بالغاً عاقلا ، وأن تكون المقذوفة بالغة عاقلة سالمة عن الصمم والخرس ، كما يشترط فيها أن تكون زوجة


(257)
دائمة ، فلا لعان في قذف الأجنبيّة ـ أي غير الزوجة ـ بل يحدّ القاذف مع عدم البيّنة ، وكذا في المتمتع بها على الأقوى ـ أي يقام الحدّ على الزوج الذي قذف زوجته المؤقّتة ـ ويشترط فيها أيضاً أن تكون مدخولا بها ، فلا لعان فيمن لم يدخل بها ، وأن تكون غير مشهورة بالزنى وإلاّ فلا لعان ، بل ولا حدّ على الزوج القاذف حتى يدفع باللّعان ، نعم عليه التعزير في غير المتجاهرة بالزّنى إذا لم يدفعه عن نفسه بالبيّنة.
    المورد الثاني : فيما إذا نفى ولديّة من ولد على فراشه ـ أي أنكر أنّ هذا المولود من صلبه ـ مع لحوقه به ظاهراً كما سيتوضّح.
    5 ـ لايجوز للزوج أن يُنكر ولديّة من تولّد على فراشه مع لحوقه به ظاهراً بأن دخل ـ أي الزوج ـ بأُمّه ـ أي اُمّ المولود ـ وأنزل في فرجها ولو احتمالا ، أو أنزل على فرجها واحتمل دخول مائه فيه بجذب أو نحوه ، وكان قد مضى على ذلك إلى زمان وضعه ستة أشهر فصاعداً ولم يتجاوز أقصى مدّة الحمل ، فإنّه لايجوز له في هذه الحالة نفي الولد عن نفسه ، وإن كان قد فجر أحدٌ بأمّه فضلا عمّا إذا اتّهمها بالفجور ، بل يجب عليه الإقرار بولديّته ، أي يجب عليه أن يعترف ويقرّ بأنّ هذا الولد له.
    نعم ، يجوز له أن ينفيه ـ ولو باللّعان ـ مع علمه بعدم تكوّنه من مائه من جهة علمه باختلال شروطه الالتحاق به ، بل يجب عليه نفيه إذا كان يلحق به بحسب ظاهر الشرع ـ أي انّه من اُمّه التي دخل بها أو أنّه أقرّ ذلك ثمّ نفاه لولا نفيه ـ أي لولا أنّ الزوج نفاه عنه ولم يعتبره ولداً له لوجب الالتزام بظاهر الشرع الذي يثبت أنّه ولده حقّاً ، مع كونه في معرض ترتّب أحكام الولد عليه من الميراث والنّكاح والنظر إلى محارمه وغير ذلك.
    6 ـ إذا نفى ولديّة من ولد على فراشه ، فإن علم أنّه ـ أي الوالد ـ قد أتى بما


(258)
يوجب لحوقه به بسببه في ظاهر الشرع أو أقرّ هو ـ أي الزوج ـ بذلك ومع ذلك نفاه لم يسمع منه هذا النفي ولا ينتفي ـ أي الولد ـ منه لا باللّعان ولا بغيره.
    وأمّا لو لم يعلم ذلك ولم يقرّبه ـ أي الزوج ـ وقد نفاه إمّا مجرّداً عن ذكر السبب بأن قال : ( هذا ليس ولدي ) وإما مع ذكر السبب بأن قال : ( إنّي لم اُباشر اُمّه منذ ما يزيد على عام قبل ولادته ) فحينئذ وإن لم ينتف عنه بمجرّد نفيه لكن ينتفي عنه باللّعان.
    7 ـ إنما يشرّع اللّعان لنفي الولد فيما إذا كان الزوج عاقلا والمرأة عاقلة ، وفي اعتبار سلامتها من الصممم والخرس إشكال وإن كان الاعتبار أظهر.
    ويعتبر أيضاً أن تكون ـ أي الأُمّ ـ منكوحة بالعقد الدائم ، وأمّا ولد المتمتع بها فينتفي بنفيه من دون لعان ، وإن لم يجز له نفيه مع عدم علمه بالانتفاء ولو عُلم أنّه أتى بما يوجب اللّحوق به في ظاهر الشرع ـ كالدخول باُمّه مع احتمال الإنزال أو أقرّ بذلك ومع ذلك نفاه لم ينتف عنه بنفيه ولم يسمع منه ذلك كما هو كذلك في الدّائمة.
    8 ـ يعتبر في اللّعان لنفي الولد أن تكون المرأة مدخولا بها ، فلا لعان مع عدم الدخول ، نعم إذا ادّعت المرأة المطلّقة الحمل منه فأنكر الدخول فأقامت بيّنة على إرخاء الستر فالأقرب ثبوت اللّعان.
    9 ـ لا فرق في مشروعيّة اللّعان لنفي الولد بين كونه حملا ـ أي قبل الولادة وحال كونه جنيناً في بطن اُمّه ـ أو منفصلا أي مولوداً.
    10 ـ من المعلوم أنّ انتفاء الولد عن الزوج لايلازم كونه ولد زنى لاحتمال كونه عن وطء شبهة أو غيره ، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به ـ وإن جاز بل وجب عليه نفيه عن نفسه على ما سبق ـ لكن لايجوز له أن يرمي أمّه بالزنى وينسب ولدها


(259)
إلى الزّنى ما لم يتيقّن ذلك.
    11 ـ إذا أقرّ بالولد لم يسمع إنكاره له بعد ذلك ـ أي بعد نفيه عنه ـ سواء أكان إقراره بالصريح أو بالكناية مثل أنّ يبشّر به ويقال له : ( بارك الله لك في مولودك ) فيقول : ( آمين ) أو ( إن شاء الله تعالى ) بل قيل : إنّه إذا كان الزوج حاضراً وقت الولادة ولم ينكر الولد مع انتفاء العذر لم يكن له إنكاره بعد ذلك ، ولكنّه محلّ إشكال بل منع.
    12 ـ لايقع اللّعان إلاّ عند الحاكم الشرعي ، وفي وقوعه عند المنصوب من قبله لذلك إشكال ـ أي لا تقع عند من نصّبه الحاكم للّعان ـ وصورة اللّعان أن يبدأ الرجل ويقول بعد قذفها أو نفي ولدها : ( أشهد بالله إنّي لمن الصّادقين فيما قلت من قذفها أو نفي ولدها ) يقول ذلك أربع مرّات ، ثم يقول مرّة واحدة : ( لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين ) ثم تقول المرأة بعد ذلك أربع مرات : ( أشهد بالله إنّه لمن الكاذبين في مقالته من الرّمي بالزّنا أو نفي الولد ) ، ثمّ تقول مرّة واحدة : ( إنّ غضبَ اللهِ عليَّ إن كان من الصّادقين ) ، وقد مرّت هذه المعاني في صريح القرآن الكريم (1).
    13 ـ يجب أن تكون الشهادة واللّعن بالألفاظ المذكورة ، فلو قال أو قالت : ( أحلف ) أو ( أُقسم ) أو ( شهدتُ ) أو ( أنا شاهد ) أو أبدلا لفظ الجلالة بـ ( الرحمن ) أو بـ ( خالق البشر ) أو بـ ( صانع الموجودات ) ، أو قال الرجل : ( إنّي صادق ) أو ( لصادق ) أو ( من الصّادقين ) من غير ذكر الّلام ، أو قالت المرأة : ( إنّه لكذّاب ) أو ( كاذب ) أو ( من الكاذبين ) لم يقع ، وكذا لو أبدل الرجل اللّعنة بالغضب والمرأة بالعكس ـ أي لو قال : ( غضب اللهِ عليّ إن كنت من الكاذبين ).
1 ـ انظر سورة النور 24 : 6 ـ 9.

(260)
    14 ـ يجب أن تكون المرأة معيّنة ، وأن يبدأ الرجل بشهادته ، وأن تكون البدأة في الرجل بالشّهادة ثمّ باللّعن ، وفي المرأة بالشّهادة ثم بالغضب.
    15 ـ يجب أن يكون إتيان كلّ منهما باللّعان بعد طلب الحاكم منه ذلك ، فلو بادر قبل أن يأمر الحاكم به لم يقع.
    16 ـ الأحوط ـ لزوماً ـ أن يكون النّطق بالعربيّة مع القدرة عليها ، ويجوز بغيرها مع التعذّر.
    17 ـ يجب أن يكونا قائمين ، أي لاجالسين ولا مضطجعين أو أي هيئة اُخرى غير القيام عند التلفّظ بألفاظهما الخمسة ، وهل يعتبر أن يكونا قائمين معاً عند تلفّظ كلّ منهما ، أو يكفي قيام كلّ منهما عند تلفّظه بما يخصّه ؟ وجهان ، ولا تترك مراعاة الاحتياط ، أي بالقيام معاً عند أداء اللعان وألفاظه المختصّة به ، سواء كان المتكلّم فعلا هو الرجل أم المرأة.
    18 ـ يستحب أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة ويقف الرجل على يمينه ، وتقف المرأة على يساره ، ويحضر من يستمع اللّعان ، ويعظهما ـ أي الزوّجين ـ الحاكم قبل اللّعن والغضب.
    19 ـ إذا وقع اللّعان الجامع للشرائط منهما يترتّب عليه أحكام أربعة :
    1 ـ انفساخ عقد النكاح والفرقة بينهما ، أي مباشرة بعد تحقق اللّعان بلا طلاق.
    2 ـ الحرمة الأبديّة ، فلا تحلّ له أبداً ولو بعقد جديد ، وهذان الحكمان ثابتان في مطلق اللّعان ، سواء أكان للقذف أم لنفي الولد.
    3 ـ سقوط حدّ القذف عن الزوج بلعانه وسقوط حدّ الزناء عن الزوجة بلعانها ،


(261)
فلو قذفها ثمّ لاعَنَ ونكلت (1) هي عن اللّعان تخلّص الرجل عن حدّ القذف وحُدّت المرأة حدّ الزانية ـ أي اُقيم عليها نفس الحدّ الذي يقام على الزانية ـ لأنّ لعان الزوج بمنزلة البيّنة على زنا الزوجة.
    4 ـ انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة إن تلاعنا لنفيه ـ بمعنى أنّه لو نفاه وادّعت كونه له فتلاعنا ، لم يكن توارث بين الرجل والولد ، فلا يرث أحدهما الآخر ، وكذا لا توارث بين الولد وكلّ من انتسب إليه بالاُبوّة كالجدّ والجدّة والأخ والأخت للأب ، وكذا الأعمام والعمّات ، بخلاف الاُمّ ومن انتسب إليه بها حتى أنّ الإخوة للأب والأُمّ بحكم الإخوة للاُم ، أي لا يؤثّر هذا اللّعان في نفي التوارث بينهم جميعاً وبين الولد.
    5 ـ إذا قذف امرأته بالزنى ولاعنها ، ثمّ كذّب نفسه بعد اللّعان ـ أي أقرّ على نفسه بالكذب ـ لم يحدّ للقذف ولم يزل التحريم ، ولو كذّب في أثنائه ـ أي في أثناء الملاعنة ـ يحدّ (2) ولا تثبت أحكام اللّعان ، ولو اعترفت المرأة بعد اللّعان بالزنى أربعاً ففي الحدّ تردّد ، والأظهر العدم ، أي لا يقام عليها الحدّ.
    6 ـ إذا كذّب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد ، لحق به الولد فيما عليه من الأحكام لا فيما له منها ـ أي تجب حقوق الولد على هذا الرجل بصفته أب له ، ولكن لا تجب حقوق الأب على هذا الولد لأنّه نفاه عنه ـ فيرثه الولد ولا يرثه الأب ـ أي لا يرث الأب الولد ـ ولا من يتقرّب به ، وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب الميراث إن شاء الله تعالى.
1 ـ النكول : نَكَلَ عن العدوِّ وعن اليمين ينكُلُ بالضمّ ، أي جَبُنَ. الصحاح 5 : 1835 « نكَل ».
2 ـ أي يقام عليه الحدّ.


(262)
مسائل متفرّقة
تتعلّق بالمرأة والاُسرة وخصوصاً الشباب
    1 ـ نرى في الغرب المدارس المختلطة بين الإناث والذكور ، فلا يجوز الحضور في هذه المدارس إذا كان الاختلاط يؤدّي إلى وقوع الطالب أو الطالبة في المحرّم ، وأمّا مع الوثوق من الحفاظ على سلامة الدين والقيام بالالتزامات الشرعيّة ومنها الحجاب والتجنّب عن النّظر واللّمس المحرّمين ، وعدم التأثّر بما يحيط بهما من أجواء التحلّل والإنحراف فلا بأس به.
    2 ـ لو أدّى دخول البنات في المدارس الغربيّة إلى إفساد أخلاقهن ، والإخلال بعقائدهن والتزامهن بالشريعة ، فلا يجوز الدخول في هذه المدارس.
    3 ـ لايجوز اصطحاب الفتيات مع الشباب المسلم في السفرات الجامعيّة لغرض التنزّه والتفريح ، إلاّ مع الأمن من الوقوع في الحرام.
    4 ـ لا يجوز لوليّ الطّفل أن يجعل طفله في مدرسة اُوربيّة يتولّى التدريس فيها أساتذة لاتؤمن بوجود الله ، مع الاحتمال القويّ بالتأثير على عقيدة الطّفل ، والولي يتحمّل المسؤوليّة الكاملة في ذلك.
    5 ـ لايجوز الحضور في أماكن الفساد مطلقاً على الأحوط وجوباً ، ومن هذه الأمكنة المسابح المختلطة ، سواء كان لغرض السّباحة أو للتنزّه.
    6 ـ تعتبر المصافحة في الغرب من وسائل التحيّة وتبادل الاحترام ، وقد يؤدّي تركها إلى الإخراج من العمل أحياناً أو الحرمان من الدراسة ، أو الاستحقار للمسلم ،


(263)
فلو لم يكن مناصّ للتخلّص من المصافحة ، وأدّى تركها إلى الضّرر أو الحرج الشديد تلبس المسلمة أو المسلم الكفوف إن أمكن ويصافحها الأجنبيّ أو الأجنبيّة.
    7 ـ الأحوط وجوباً ترك رقص النّساء أمام النّساء ، والرجال أمام الرّجال ، ويحرم رقص النساء أمام الرّجال ، ولكن يجوز رقص الزوجة لزوجها وبالعكس إذا لم يكن بمنظر الغير.
    8 ـ لو كان درس الرّقص غير مقترن بالغناء والموسيقي المحرّمة ، وهو جزء من المادّة الدراسية التي لا يسمح بتركها ، ونافت التربية الدينيّة ، فيحرم حضور هذا الدرس ، بل وإن لم تنافيها على الأحوط وجوباً.
    9 ـ يجوز للمسلم أن يرسل ابنه إلى معاهد تعلّم الموسيقي باعتبارها فنّ من الفنون ، إن لم يقترن بالعزف المحرّم عمليّاً ، بشرط أن يحرز عدم تأثير ذلك على تربية الولد وتديّنه.
    10 ـ يجوز للمرأة المسلمة أن تلتحق بالكلّيات المختلطة في الغرب ، هذا إذا وثقت من نفسها بأنّها سوف تلتزم بالشريعة ، ولا يؤدّي ذلك إلى ارتكابها للمحرّم ، وإن لم تثق من نفسها فلا يجوز لها الالتحاق (1).
    11 ـ لو تحدّث الرّجل مع عدّة نساء أجنبيّات بقصد الاقتناع بواحدة منهنّ ، واختيار إحداهنّ للزواج فلا بأس فيه ، مادام خالياً من الحديث المحرّم الذي لا يجوز مع الأجنبيّة ، وتجرّد عن النظر المحرّم وخوف الإنجرار إلى الوقوع في الحرام.
    12 ـ الأحوط وجوباً ترك النظر إلى صورة امرأة محجّبة يعرفها وقد ظهرت في الصورة من دون حجاب ، هذا في غير الوجه والكفّين ، أمّا الوجه والكفّين فيجوز
1 ـ فقه الحضارة : 183.

(264)
النظر لهما من دون تلذّذ وريبة.
    13 ـ لو احتفظ بصورة صبيّة وقد بلغت سنّ التكليف الآن فلا يجوز على ـ الأحوط وجوباً ـ أن ينظر لتلك الصورة إن كانت مطابقة لأوصافها بعد تكليفها ، ويجوز له النظر إلى وجهها وكفّيها مع عدم الالتذاذ وخوف الافتتان.
    14 ـ نجد في أسواق الغرب الأجهزة التناسلية المصطنعة ـ للمرأة والرجل ـ للالتذاذ ، فلا يجوز ذلك إذا كان قد قصد الإمناء ، أو كان من عادته ذلك ، والأحوط وجوباً له الاجتناب حتى مع الاطمئنان من عدم الإمناء.


(265)
    1 ـ المقصود من التلذّذ الشهوي ـ الذي هو مقياس للحرمة ـ ليس هو مطلق التلذّذ ، بلّ خصوص التلذّذ الجنسي ، ولا يشمل التلذّذ الروحيّ الذي يحصل للإنسان أثر مشاهدة الطبيعة اللطيفة ، كالنظر إلى حديقة زاهية أو منظر جميل ، ولكنّه بعيد في المورد ممّن لم يفقد القوة الشهويّة.
    والمراد من الريبة هو خوف الافتتان والوقوع في الحرام ، وهو مقياس آخر للحرمة ، وأمّا الحدّ الأدنى في الالتذاذ المحرّم هو حصول أوّل درجة من درجات الإحساس الجنسي حتى مع عدم إفراغ الشهوة كلّها.
    2 ـ هناك فرق بين النّظرة الأُولى والثانية ، فإذا نظر الرجل إلى المرأة ـ أو بالعكس ـ بالنّظرة الأُولى فلا يترتّب على ذلك حرمة شرعاً ، والمقصود من النّظرة الأُولى هي النّظرة العابرة الصدفيّة الخالية من أيّ التذاذ أو ريبة ، بخلاف النظرة الثانية التي يتقصّد الإنسان فيها ، ويلتذّ بها نوعاً مّا ، وهي التي تزرع في القلب الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة كما جاء عن المعصوم ( عليه السلام ).
    وكذلك تحرم النّظرة الثانية وإن كانت خالية من الالتذاذ ; لأنّها قد توقع الإنسان في الحرمة ، فتحرم من باب خوف الريبة.
    3 ـ لايجوز النّظر إلى بدن المحارم بشهوة أو خوف الوقوع في الحرام ، والمحارم من يحرم الزواج منهم أبداً إلى آخر العمر ، سواء من جهة النسب كالأُمّ والأُخت


(266)
وغيرهنّ ، أو من جهة الرّضاعة كالأُخت في الرضاعة ، أو من جهة المصاهرة كأُمّ الزوجة وأب الزوج مثلا.
    4 ـ لايجوز للشاب أن يجلس مع الشابّة فيبادل معها الحديث من غير شهوة ولا خوف الوقوع في الحرام ، إذا كانت المناظر استفزازيّة لا يؤمن معها من الانجرار إلى الحرام ، وأمّا مجرّد التحدّث من غير شهوة ولا خوف الانجرار إلى الحرام فلا بأس به.

    من الأمراض الخطيرة التي شاعت وخصوصاً في الدول الغربيّة مرض الإيدز ، وذلك نتيجة للاختلاط الجنسي المفرط ، ومن المؤسف أنّ لهذا المرض قابليّة الانتشار والسريان عن طرق متعدّدة مضافاً إلى الجنس ، كانتقاله بالدم والأجنّة الملوّثة من الأُمّ المصابة إلى جنينها ، أو انتقاله إلى الأولاد أثناء وضع الحمل.
    ولخطورة هذا المرض يجب عل المصاب أن يتوقّى عن الأسباب الناقلة للمرض حتى لا يصاب به غيره ، وكذلك يجب على الآخرين المراقبة والوقاية منه ، ولا يجوز منعه عن الحضور في الأمكنة العامّة كالمساجد ونحوها مع الأمن من انتقال العدوى إلى غيره.


(267)
    موجبات الإرث
    موجبات الإرث على نوعين : نسب ، وسبب.
    أمّا النسب فله ثلاث طبقات :
    الطبقة الأُولى : صنفان : أحدهما الأبوان المتّصلان ـ اي الوالدان ـ دون الأجداد والجدّات ، وثانيهما الأولاد وإن نزلوا ـ أي أولاد الأولاد وأولاد البنات ـ ذكوراً وإناثاً.
    الطبقة الثانية : صنفان أيضاً : أحدهما الأجداد والجدّات وإن علوا ـ أي أجداد الأجداد ، وأجداد الجدّات ، وثانيهما : الإخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا.
    الطبقة الثالثة : صنف واحد وهم : الأعمام والأخوال وإن علوا ، كأعمام الآباء والاُمهات وأخوالهم وأعمام الأجداد والجدّات وأخوالهم ، وكذلك أولادهم ـ وإن نزلوا ـ كأولاد أولادهم ، وأولاد أولاد أولادهم ، وهكذا بشرط صدق القرابة للميّت عرفاً.
    وأما السّبب فهو قسمان : زوجيّه ، وولاء. والولاء ثلاث طبقات : ولاء العتق ، ثمّ ولاء ضمان الجّريرة ، ثم ولاء الإمامة ، أي أنّ الإمام ( عليه السلام ) يرث من ليس له سبب أو نسب.


(268)
    ينقسم الوارث إلى خمسة أقسام :
    1 ـ من يرث بالفرض ـ أي المقدار المعيّن في الشريعة ، وهو ما ورد في القرآن الكريم في آية المواريث من سورة النساء (1) ، وهو الزوجة فإنّ لها الربع مع عدم الولد ، والثمن معه ، ولا يُردّ عليها أبداً ـ أي لا تأخذ أكثر ممّا فرض لها أصلا ولا تستحقّ شيئاً ممّا زاد من السّهام.
    2 ـ من يرث بالفرض دائماً وربما يرث بالردّ ـ كالاُم فإنّ لها السّدس مع الولد ، والثلث مع عدمه إذا لم يكن حاجب ، وربما يردّ عليها زائداً على الفرض كما إذا زادت الفريضة على السهام ، وكالزوج فإنّه يرث الربع مع الولد والنّصف مع عدمه ، ويردّ عليه إذا لم يكن وارث إلاّ الإمام.
    3 ـ من يرث بالفرض تارة وبالقرابة اُخرى ، كالأب فإنّه يرث بالفرض مع وجود الولد وبالقرابة مع عدمه ، والبنت والبنات فإنّهن يرثن مع الابن بالقرابة ـ أي بسبب القرابة ـ وبدونه بالفرض ، والاُخت والأخوات للأب أو للأبوين فإنّهن يرثن مع الأخّ بالقرابة ومع عدمه بالفرض ، وكالإخوة والأخوات من الاُم فإنّهم يرثون بالفرض إذا لم يكن جدّ للاُمّ ، وبالقرابة معه.
    4 ـ من لايرث إلاّ بالقرابة ، كالابن ، والإخوة للأبوين أو للأب ، والجدّ والأعمام والأخوال.
    5 ـ من لايرث بالفرض ولا بالقرابة بل يرث بالولاء ، وهو المُعتِق وضامن الجريرة ، والإمام ( عليه السلام ).
1 ـ النساء 4 : 11 ـ 12.

(269)
    الفرض هو السهم المقدّر في الكتاب المجيد ، وهو ستة أنواع ، وأصحابها ثلاثة عشر ، كما يلي :
    1 ـ النصف ، وهو للبنت الواحدة ، والأُخت للأبوين أو للأب فقط إذا لم يكن معها أخ ، وللزوج مع عدم الولد للزوجة وإن نزل.
    2 ـ الرّبع ، هو للزوج مع الولد للزوجة وإن نزل ـ أي لو ماتت الزوجة وكان لها ولد أو ولد الولد فيأخذ الزوج ربع الإرث ـ وللزوجة مع عدم الولد للزوج وإن نزل ، والزوجة تأخذ الربع فإن كانت واحدة اختصّت به وإلاّ فهو لهنّ بالسوية.
    3 ـ الثمن ، وهو للزوجة مع الولد للزوج وإن نزل ، فإن كانت واحدة اختصّت به ، وإلاّ فهو لهنَّ بالسويّة أي وإن كنّ أكثر من واحدة فيقسّم الثمن عليهن جميعاً.
    4 ـ الثلثان ، وهو للبنتين فصاعداً مع عدم الابن المساوي ، وللاُختين فصاعداً ـ أي إن كنّ الأخوات أكثر من اثنتين ـ للأبوين أو للأب فقط مع عدم الأخ.
    5 ـ الثلث ، وهو سهم الأُم مع عدم الولد وإن نزل ، وعدم الإخوة ـ أي إذا لم يكن للميّت ولد أو ولد الولد ، أو إخوة ـ على تفصيل يأتي (1) ، وللأخ والاُخت من الاُم مع التعدّد.
    6 ـ السدس ، وهو لكلّ واحد من الأبوين مع الولد ـ أي إن كان لهما ولد ـ وإن نزل ، وللاُم مع الإخوة للأبوين ـ أي مع وجود الإخوة إن كانوا من طرف الأبوين ـ أو الأب فقط ، وللأخ الواحد من الأُم والاُخت الواحدة منها.
1 ـ التفصيل مذكور في ارث الطبقة الأولى فراجع.

(270)
    العول هنا : هو ارتفاع الفريضة وازدياد السّهام ، فيدخل النقصان على بعض معيّن من أهل الفرائض دون البعض الآخر ، ففي إرث الطبقة الأُولى يدخل النقص على البنت أو البنات ، وفي إرث الطبقة الثانية كما إذا ترك زوجاً أو اُختاً واُختين من الأمّ فإنّ سهم الزوج النصف ، وسهم الأُخت من الأبوين النصف ، وسهم الاُختين من الأمّ الثلث ، ومجموعها زائد على الفريضة ، يدخل النّصف على المتقرّب بالأبوين كالاُخت في المثال دون الزوج ، ودون المتقرّب بالأُم.
    والتعصيب من العصبة : وهم الرجال مابين العشرة إلى الأربعين ، ويقصد به هنا قلّة الورثة ، وزيادة مقدار عن القسمة فلمن يعطى هذا الزائد؟ قال علماؤنا : يقسّم الزائد على ذوي الفروض فيرثون الإضافة بالردّ ، كالبنت مثلا ترث النّصف بالفرض والنّصف الآخر بالردّ.
    هذا إذا كان الورثة جميعاً ذوي فروض ، وأمّا إذا لم يكونوا جميعاً ذوي فروض فيقسّم المال بينهم ، وإذا كان بعضهم ذا فرض دون آخر اُعطي ذو الفرض فرضه ، واُعطي الباقي لغيره.
    4 ـ إذا تعدّد الورثة فتارة يكونون جميعاً ذوي فروض ـ أي مذكورين في آية المواريث ـ واُخرى لايكونون جميعاً ذوي فروض ، وثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون بعض.
    وإذا كانوا جميعاً ذوي فروض ، فتارة تكون فروضهم مساوية للفريضة ـ أي بمقدار ما ذكر في الكتاب الكريم ـ واُخرى تكون زائدة عليها ، وثالثة تكون ناقصة
أحكام المرأة والأسرة ::: فهرس