كتاب الاثر الخالد في الولد والوالد ::: 31 ـ 40
(31)
الكمال
لكل شيء زينة في الدنيا وزينة المرء كمال الأدب.
     مما يجب على الولد أن يكون مؤدبّا في كل حال وكل حين ، لا سيما وبالخصوص عند والديه ، فان الأدب عند الوالدين مما يزيد في توفيق الانسان ، لذا ترى القرآن الكريم ينادي بأعلى صوته :
     1 ـ وقضى ربّك الاّ تعبدوا الاّ ايّاه ، وبالوالدين احسانا امّا يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما ، فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذّل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيّاني صغيراً .... ( بني اسرائيل ـ 23 ).
     2 ـ قال ـ اي ابو ولاد الحناط ـ ثم قال ابو عبد الله عليه الصلاة والسلام : وأمّا قول الله تعالى ( امّا يبلغّن عندك الكبر احدهما او كلاهما ، فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) قال عليه السلام : ان اضجرالك فلا تقل ليهما أف ، ولا تنهرهما ان ضرباك. قال عليه السلام : ( وقل لهما قولا كريما ) : قال عليه السلام : ان ضرباك فقل لهما غفرالله لكما ، فذلك منك قول كريم ... ذرايع البيان ، الأفه الثامنة ، ص 174.
     3 ـ قال مجاهد معناه ان بلغا عندك من الكبر ما يبولان ويحدثان


(32)
فلا تتقذّرهما ، وامط عنهما كما كانا يميطان عنك في حال الصغر، والمتبرم ويكثر قول أف ، وهي كلمة تدل على الضجر ... مجمع البيان ج6 ، ص 409 ، ذيل آية ( وقضى ربك ) من سورة بني اسرائيل.


(33)
افضل الاعمال للولد
     الأعمال علىشطرين : اعمال ذات فضيلة ، واعمال ذات رذيلة. أما الرذائل فلسنا هنا بصددها. وأما الفضائل : فهي من الكلّي المشك ، أي لها مراتب متعددة ، فبعضها أفضل من البعض الآخر. ان قلت : كيف نرتّب هذا الترتيب ؟. قلنا هذا ترتيب رتّبه المولى جلّ وعلا شأنه ، وهو أعلم بالمصالح ، فكلما كانت المصلحة فيها أتم وأكمل فهي افضل ، وهذا ما يحكم به العقل و النقل. وما بعد الحّق الاّ الضلال.
     1 ـ حدثنا أبي (رض ) قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن احمد بن أبي الله البرقي ، عن محمد بن احمد الأيادي ، عن عبد الله بم محمد عن عمرو بن شمر ، عن ابان بن محمد عن محمد بن علي عليهما السلام ، قال : ما من عمل افضل يوم النحرمن دم مسفوك ، او مشى في بر الوالدين ، أو ذي رحم قاطع يأخذ عليه بالفضل ويبدأه بالسلام ، او رجل اطعم من صالح نسكه ودعا الى بقيّتها جيرانه من اليتامى واهل المسكنة والمملوك ، وتعاهد الأسراء. ... الخصال ، باب الخمسة ، ص 242 ، الحديث 86.


(34)
نصيحة الوالد لولده
     لا ناصح كالأب بالنسبة الى ولده ، ولا يتصوّر أنّ هناك اب يبخل على ولده بالنصيحة ، ومن المستحيل أن يخرج الولد من قلب ابيه مهما كلّف الأمر ، لذا ترى الآباء يبالغون في نصح ابنائهم جزاهم الله خيرا.
     1 ـ قال العباس بن عبد المطلب لا بنه : يا بني لاتعلم العل ـ م لثلاث خصال : لتماري به ، ولترائي فيه ، ولتباهي به. ولا تدعه لثلاث خصال : لرغبة في الجهل ، ولزهد في العلم ، ولاستحياء في التعليم .... معدن الجواهر ص 36.
     2 ـ ومن كلام لقمان لابنه : ثلاثة لا تعرفهم الاعند ثلاثة : لا تعرف الحليم الا عند الغضب ، والشجاع الاّ عند الحرب ، ولا اخاك الاّ عند الحاجة ... معدن الجواهر ص 37.


(35)
نصح الآباء للابناء
     من المعلوم لزوم نصح الأبناء على الاباء ولما كان التعبّد لله اولى من كل شيء لزم على الأبناء ايضاً نصح الآباء في هذا المورد ، لذا ترى ابراهيم عليه السلام ينصح آذر ـ سواء كان عمّه اوجدّه لأمه كما جاء في التفسير ـ فكلاهما يسمون أب عند العرب.
     1 ـ قال تعالى : اذ قال لا بيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر. ( 42 ـ مريم )
     2 ـ يا ابت اني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فأتبعني . ( 43 ـ مريم )
     3 ـ يا ابت لا تعبد الشيطان. ( 44 ـ مريم )
     4 ـ يا ابت اني اخاف أن يمسسك عذاب من الرحمن . ( 45 ـ مريم )


(36)
الاطاعة
     لو نظرنا الى أبعاد الوالدين لرأيناها ابعد مما تتصور ، وذلك على لسان القرآن الكريم حيث قال : حاكيا عن اسماعيل ذبيح الله :
     1 ـ قال يا ابت افعل ما تؤمر. ( 102 ـ الصافات ) وهو ـ اي ابراهيم عليه السلام يريد ذبحه.
     2 ـ عن الراوندي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : أنّه قال : ـ في حديث الى أن قال ـ وان امراك ان تخرج من اهلك و مالك فاخرج ولا تحزنهما ... ذرايع البيان ، ص 200 ، تكمله.
     3 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلّم : طاعة الله طاعة الوالد ... غوالي الدرر، حرف الطاء ، ص 107.
     4 ـ واخفض لهما جناح الذل من الرحمه ... ( بني اسرائل 24 ).
     5 ـ وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ... ( العنكبوت ـ 8 ).
     6 ـ قال (( الصادق عليه السلام )) : ( واخفض لهما جناح الذل


(37)
من الرحمه ) قال : لا تملأ عينيك من النظر اليهما الاّ برأفة ورحمة ، ولا ترفع صوتك فوق اصواتهما ، ولا يدك فوق ايديهما ، ولا تقدّم قدّامهما ... مجمع البيان ، ج 6 ، ص 409 ، ذيل آية ( وقضى ربك ) من سورة بني اسرائيل.
     7 ـ محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، وعلي بن ابراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن الحسين بن محبوب ، عن أبي ولاّد الحنّاط ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن قول الله عزوجلّ : ( وبالوالدين احسانا ) ما هذا الاحسان ؟. فقال عليه الصلاة والسلام : الاحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما ممّا يجتاجان اليه ، وان كانا مستغنيين ، أليس يقول عزوجلّ : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) قال : ثم قال أبو عبدالله عليه أفضل التحيات ، وأما قول الله عزوجلّ : ( اما يبلغن عندك الكبر احدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ). قال سلام الله عليه: ان اضجراك فلا تقل لهما أف ، ولا تنهرهما ان ضرباك. قال : ( وقل لهما قولا كريما ) قال عليه السلام : ان ضرباك فقل لهما : غفر الله لكما ، فذلك منك قول كريم قال : ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) قال عليه السلام لا تملأ عينيك من النظر اليهما الاّ برحمة ورقّة ولا ترفع صوتك فوق اصواتهما ، ولا يدك فوق ايديهما ، ولا تقدم قدّامهما ... الكافي ، ج 2 ، ص 126 ، باب البر ، الحديث 1.
     8 ـ ابن محبوب ، عن خالد بن نافع التجلّي ، عن محمد بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ان رجلا أتى النبي صلى الله


( 38)
عليه وآله وسلّم ، فقال : يا رسول الله أوصنى ! فقال صلى الله عليه وآله وسلّم : لا تشرك بالله شيئا وان حرقت بالنار وعذبت الاّ وقلبك مطمئن بالايمان ، ووالديك فأطعهما وبرّهما ، حيين ّ كانا أو ميتين ، وان أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل ، فان ذلك من الايمان ... الكافي ، ج2 ، ص 126 ، باب البر ، الحديث 2.


(39)
وصايا الآباء للابناء
     من حق الولد على الوالد أن يوصيه بما ينفعه ويرشده ويأدبّه ، كي لا يكون عضوا فاسدا في المجتمع وعالة وكلاّ عليه ، ولكي يكون بعده احد الثلاثة الذين يخلف بهم المرء وهو الولد الصالح ، ولو صلح الولد لكان عاملا مهمّا في جلب الرحمة لوالديه بعد الموت ، وهذا هو المطلوب.
     1 ـ اوصى حكيم ولده فقال : يا بني احذر خصلة واحده تسلم ، واتبع خصلة واحدة تغنم : لا تدخل مداخل السؤ تتهم ، واشكر تدم لك النعم واعلم أن العز في خصلة واحدة ، وهي طاعة الله ، والذل في خلصة واحدة ، وهي معصية الله ، والغنا في خصلة واحدة وهو الرضا بقسم الله ، والفقر في خصلة واحدة ، وهي استقلال نعم الله ، والناس يا بني يتفاضلون بشيء واحد وهو العقل ، ويتميزون بشيء واحد وهو العلم ، ويفوزون بشيء واحد وهو العمل ، ويسودون بشيء واحد وهو الحلم. فعليك يا بني في دينك بشيء واحد وهو الازدياد ، وفي دنياك بشيء واحد وهو الاقتصاد. معدن الجواهر ص 24.
     2 ـ قال لقمان لا بنه : يا بني أنهاك عن شيئين ، عن الكسل والضجر ، فانك اذا كسلت لم تؤدي حقا ، واذا ضجرت لم تصبر على حق. معدن الجواهر ص 27.


(40)
     3 ـ أوصى حكيم ولده فقال : يا بني ان آردت الخلاص فعليك بشيئين : لا تضع ما عندك الاّ في حقه ، ولا تأخذ ما ليس لك الاّ بحقه. تحصّن يا بني من الساعي عليك بشيئين : بالمداراة وحسن المعاشرة ، فانك لا تعدم احد شيئين : اما صداقة تحدث بينكما بؤمنك شره ، واما فرصة تظفرك به. معدن الجواهر ... باب ذكر ما جاء في اثنين ـ ص 29.
     4 ـ وصية أخرى : يا بني احفظ عنّي ثلاثة : وقّر أباك تطل ايامك ، وقّر امك ترى لبنيك بنينا ، ولا تحد النظر الى والديك فتعقهما. معدن الجواهر ص 37.
     5 ـ واعلم يا بني : أن الايام ثلاثة : أمس : يوم ماضي كأن لم يكن ، وغد : يوم منتظر كأن قد أتى ، واليوم : مقيم بغنيمة الا كآيس لتزود الخيرات وتقطعه الفجرة بالأماني ، مع أنها ليست ايام ولكنها ساعات ، وليست ساعات ولكنها اوقات أقل من ارتداد الطرف. معدن الجواهر ص 37.
     6 ـ واعلم ان الناس في الدنيا بين ثلاثة احوال حسنات وسيئات ولذات ، وفي الآخرة بين ثلاثة احوال درجات ودركات ومحاسبات ، فمن عمل في الدنيا بالحسنات نال في الآخرة الدرجات ، ومن ترك في الدنيا السيئآت نجى في الآخرة من الدركات ، ومن هجر في الدنيا الل ـ ذات خلص في الآخرة من المحاسبات ... معدن الجواهر ... باب ذكر ما جاء في ثلاثة. ص 37.
الاثر الخالد في الولد والوالد ::: فهرس