كتاب الاثر الخالد في الولد والوالد ::: 51 ـ 60
(51)
نفسك انك فوق احد من الناس ، واخزن لسانك كما تخزن مالك ... الخصال ، باب الثلاثة ، ص 96 ، الحديث 113.
     45 ـ حدثنا ابي ( رض ) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود ، قال : حدثني حماد بن عيسى ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال امير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام : كان فيما وعظ به لقمان ابنه أن قال له : يا بني ليعتبر من قصر يقينه ، وضعفت نيته في طلب الرزق ، ان الله تبارك وتعالى خلقه في ثلاثة احوال من أمره ، وآتاه رزقه ، ولم يكن له في واحدة منها كسب ولا حيلة. ان الله تبارك وتعالى سيرزقه في الحال الرابعة ، اما اول ذلك فانه كان في رحم أمّه يرزقه هناك في قرار مكين ، حيث لا يؤذيه حرّ ولابرد ، ثم اخرجه من ذلك واجري له رزقا من لبن امّه ، يكفيه به ويربيه وينعشه من غير حول به ولا قوة ، ثم فطم من ذلك ، فاجرى له رزقاً من كسب ابويه برأفه ورحمه له من قلوبهما ، لايملكان غير ذلك ، حتى أنهما يؤثرانه على انفسهما في احوال كثيرة ، حتى اذا كبر وعقل و اكتسب لنفسه ضاق به أمره ، وظن الضنون بربّه ، وجحد الحقوق في ماله ، وقتر على نفسه وعياله ، مخافة اقتار رزق ، وسؤظن ، ويقين بالخلف من الله تبارك وتعالى في العاجل والآجل ، فبئس العبد هذا يا بني ... الخصال ، باب الثلاثة ، ص 96 ، الحديث 114.


(52)
جزاء الوالد
     لما كان الوالد السبب المباشر في اتيان الولد الى عالم الوجود ، ـ والوجود من اهّم نعم الله تعالى على الانسان وليس هناك فضل لا يجازى ، كان على الولد ان يجازن والده بأحسن ما يمكن ولو أن حق الوالد لا يؤدّي ولا يمكن تأديته على ما يفي حقه ولكن لا يترك الميسور بالمعسور.
     1 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : لا يجزي ولد والده الا بشيء واحد ، وهو أن يجده مملوكا فيشتريه ويعتقه ... معدن الجواهر ، باب ما جاء في واحد ، ص 21.
     2 ـ قال الصادق عليه السلام لا حد اصحابه وقد ذكر المسير : أن المأمور له من ذلك ثمانيه : منها سر سنتين بر والديك ... معدن الجواهر ، باب ذكر ما جاء في ثمانية ، ص 64.
     3 ـ وفي الكافي مسندا عن سويد بن غفلة قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : ان ابي آدم اذا كان في آخر يوم من ايام الدنيا ، واول يوم من أيام الآخرة ، مثّل ، له ماله و ولده وعمله ـ الى أن قال ـ فيلتفت الى ولده ، فيقول : والله اني كنت لكم محبا واني كنت عليكم محاميا


(53)
فماذا لي عندكم ؟. فيقولون : نؤدّيك الى حفرتك نواريك فيها ... الخ تسلية الفوآد في احوال البرزخ ، ص 89.
     4 ـ محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد ، عن محمد بن اسماعيل بن بزيع ، عن حنان بن سدير ، عن ابيه ، قال : قلت الأبي جعفر عليه صلوات الله : هل يجزي الولد والده ؟ فقال عليه السلام : ليس له جزاء الاّ في خصلتين : يكون الوالد مملوكا فيشتريه ابنه فيعتقه ، أو يكون عليه دين فيقضيه عنه ... الكافي ، ج 2 ص 130 ، باب البر ، الحديث 19.


(54)
نهي الله عن المحارم
     هناك امور نهي الله سبحانه وتعالى عن اتيانها ، فهي ممنوعة على العباد ، والممنوع بلسان الشرع المقّدس يقال له حرام ، ولاريب أن الله تعالى لا يحرم على عباده امرا الاّ مضّره عليهم ، كما لا يوجب عليهم امرا الاّ وفيه مصلحة لهم ، فمن ائتمر بأوامر الله تعالى فقد سعد في الدنيا والآخره ، ومن عصى ـ والعياذ بالله ـ فقد هلك وهوى ومما حرّم علينا ، هو ما جاء في الكتاب الكريم :
     1 ـ حرّمت عليكم امّهاتكم وبناتكم واخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وامهاتكم اللاتي ارضعتكم واخواتكم من الرضاعة ، وامّهات نسائكم ، وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي وخلتم بهّن ، فان لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ، وحلائل ابنائكم الذين من اصلابكم ، وأن تجمعوا بين الأختين الاّ ما قد سلف ، ان الله كان غفورا رحيما ( النساء ـ 23 ).


(55)
الدفاع الى الجنة
     قد جعل الله تبارك وتعزز لكل شيء سببا ، فاحدى أسباب دخول الجنة هو دفع بعض الأشخاص وذلك لبعض الأعمال الذي قاموا بها في دار الدنيا ، وأهمّها البر بالوالدين ، فانه السب ـ ب الرئيسي في دخول الجنة. هكذا اقتضت حكمة الله تعالى.
     1 ـ علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف ، عن أبي عبدالله عليه صلوات الله ، قال سلام الله عليه : يأتي يوم القيامة شيء مثل الكبّة ، فيدفع في ظهر المؤمن فيدخله الجنّة ، فيقال : هذا البر ... الكافي، ج2 ، ص 126 ، الحديث 3 ...
     أقول : كلمه البر مطلقة ولكن بقرينة أنها جائت مع روايات البر بالوالدين يمكن تقييدها بهما ، وان قلت بالأعميّة : قلنا : فيك ـ ن أشخص أفرادها الوالدين.


(56)
الخلود
     كلنا يعلم ان هناك جنّة ونار ، وثواب وعقاب ، وكذلك ايضا كلنا يعلم أن من أهل النار من يخلد فيها ، وان أهل الجنة من الخالدين فيها ابدا ، وقسم ثالث هم الذين لم يخلّدوا في النار ، لهم م ـ دة معينّة يسكنونها ، ثم ينجون منها ، ويتنعمون بنعيم الجنة ، وهذه الفرق الثالثة لايرون ما هم عليه الاّ بأعمالهم التي قاموا بأتيانها في دار الدنيا ، ولكن هناك قسم من الخالدين في الجنة بلا عمل عملوه في الدنيا ، وهم كما قاله الشيخ المفيد اعلى الله مقامه الشريف في شرح اعتقادات الصدوق :
     1 ـ ( قال عليه الرحمه ) الجنة دار النعيم لايلحق من دخلها نصب ، ولا يلحقهم فيها لغوب ، جعلها الله دارا لمن عرفه وعبده ، ونعيمها دائم لا انقطاع له ، والساكنون فيها على أضراب :
     فمنهم من اخلص لله تعالى ، فذلك الذي يدخلها على امان من عذاب الله تعالى.
     ومنهم من خلط عمله الصالح بأعمال سيّئة ، كأن يسوف منها التوبة فاخترمته المنيّة قبل ذلك ، فلحقه ضرب من العقاب في عاجله وآجله ، أو في عاجله دون آجله ، ثم سكن الجنة بعد عفو او عقاب.
     ومنهم من يتفضّل عليه بغير عمل سلفا منه في الدنيا ، وهم الوالدان


(57)
المخلّدون الذين جعل الله تعالى تصرّفهم لحوائج أهل الجنة ثوابا للعالمين ، وليس في تصرفهم مشّاق عليهم ولا كلفة ، لأنهم مطبوعون اذ ذاك على المسارة بتصرفهم في حوائج أهل الدنيا.

تعدد الآباء
     يظهر أن الانسان لم يكن له والد واحد فحسب ، وانّما الواحد هو الأب الذي يولده ، وبعده أب علّمك وأب زوجك ، وهناك والدآخر ذو قدر ورفعة ، يدلّنا عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حين يقول :
     العلم خدين المؤمن ـ الى أن يقول ـ والرفق والده ، والبر أخوه ـ الى آخره ـ. تحف العقول عن آل الرسول (ص ). مواعظ النبي الله عليه وآله وسلّم. ص 32.


(58)
نكاح المرأه ذات الاولاد
     لا شك أن كل يريد الرأة وان كانت ثيبا ، وان من بعض الثيبات ذوات أولاد ، فهل يصلح للرجل أن يقدم على مثلها ؟ ... كلا ... يقول ارباب هذا الفن : ان النساء على ثلاث : الباكر ، وهي التي لم تر زوجا ، فان تزوجتها يكن حبّها جمتعه لك وحدك. الثيب ، وهي على قسمين : من رأت زوجا ولم تلد منه ، فانك ان تزوجتها يكن نصف حبها لك والنصف الآخر بقى عند الناكح الأول. ومن رأت زوجا وولدت منه ، فانك ان ابتليت بها لم تصب من حبها ذرة ، فانه انقسم نصفين : نصف للناكح والباقي لأولاده ، فما بقى لك شيئ الاّ وامر الصادرة منها ، والطعن عليك ومدح من قبلك ، وهذه الاخيرة تسمى اللفوت ـ يعني تلتفت الى فراخها ـ وليس لك منها ومن ولدها نصيب. فايّاك واحذر.
     1 ـ حدثنا ابو الحسن محمد بن عمر البصري ، قال : حدثنا ابو الحسن على بن الحسن بن البندار التميمي الطبري باسفرانين في الجامع قال : حدثنا ابو نصر محمد بن يوسف الطوسي بطبران ، قال: حدثنا أبي ، قال : حدثنا علي بن حشرم المروزي ، قال : حدثنا الفضل بن موسى السناني المروزي ن قال : قال ابو حنيفه النعمان بن ثابت: افيدك حديثاً طريفاُ لم تسمع اطرف منه ، قال : فقلت نعم ، قال ابو


(59)
حنيفة : اخبرني حماد بن أبي سليمان ، عن ابراهيم النخعي ، عن عبد الله بن نجيبه ، عن زيد بن ثابت ، قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : يا زيد تزوجت ، قال : قلت لا ‍ قال صلى الله عليه و آله وسلّم تزوج تستعف مع عفتك ، ولاتتزوجن خمسا ، قال زيد : من هن يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ؟ ... فقال رسول الله صلوات الله عليه وعلى اهل بيته الطاهرين : لا تتزوجن ، شهبرة ، ولا لهبرة ، ولا نهبرة ، ولا هيدرة ، ولا نقوتا ... فقال زيد : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، ما عرفت مما قلت شيئا ، واني بأمره ـ نّ لجاهل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : ألستم عربا ؟ أما الشهبرة فالزرقاء البذية ... وأما اللهبرة فالطويلة المهزولة .... وأما النهبرة فالقصيرة الذميمة ... وأما الهيدرة فالعجوز المدبرة ... وأما اللفوت فذات الولد من غيرك ... والخصال ، باب الخمسة ، ص 257 ، الحديث 98.


(60)
الفرار من الولد
     الولد عزيز جداً بحيث نرى تعضهم يفديه روحه ، ولكن لكل شيء حّد ، ولكل مسير ايقاف ، أما بالنسبة للدنيا فحدّ حب الولد الدين ، فاذا خير المؤمن بين ترك الدين او الولد ، فلا شك أنه يترك الولد ، و يحافظ على دينه. وأما بالنسبة للآخرة التي هي دار جزاء وبقاء فكل ينادي وانفساه ، فلا والد يجزي عن ولده ، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ، والأمر يومئذ لله تعالى ، فهناك ترى الغرار مما لا يطاق م ـ ن سنن المرسلين. ربنا ارحمنا برحمتك ، وأرنا شفعائنا في بحبوح ـ ة جنتك ، وأهدنا وذرياتنا بهدايتك ، يا ارحم الراحمين.
     1 ـ حدثنا ابو الحسن محمد بن عمرو بن على بن عبدالله البصري بايلاق ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام ، قال : حدثنا موسى بن جعفر عليه السلام ، قال : حدثنا جعفربن محمد عليه السلام ، قال : حدثنا محمد بن علي عليه السلام قال : حد ثنا علي بن الحسين عليه السلام ، قال : حدثنا الحسين بن علي عليهم السلام ، قال : كان علي ابن ابي طالب عليه السلام بالكوفة في الجامع ، اذ قام اليه رجل من اهل الشام ، فسأله عن مسأئل ، فكان فيما سئله أن قال أن قال اخبرني عن قول الله عزّوجلّ ( يوم يفر المرء من اخيه
الاثر الخالد في الولد والوالد ::: فهرس