كتاب الاثر الخالد في الولد والوالد ::: 131 ـ 140
(131)
غنمتم من شيئ فان لله خمسه ... الى آخره. ج ـ ولمّا حفر زمزم سمّاها سقاية الحاج ، فأنزل الله عزّوجلّ ( اجعلتم سقاية الحاج و عماره المسجد كمن آمن بالله واليوم الآخر ) ... الآيه. د ـ وسنّ في القتل مائة من الابل ، فأجري الله عزوجل ذلك في الاسلام. ه ـ ولم يكن الطواف عدد عند قريش ، فسنّ فيهم عبد المطلب سبعة اشواط ، فأجري الله تعالى ذلك في الاسلام ... يا علي ان عبد المطلب كان لا يقسم بالازلام ، ولا يعبد الأصنام ، ولايأكل ما ذبح على النصب ويقول : أنا على دين أبي ابراهيم على نبينا وآله وعليه السلام ... الخصال ، باب الخمسة ، ص 254 ، الحديث 90.
     2 ـ قال سيد الموحّدين وقائد الغزّ المحجّلين امير المؤمنين فداه روحي وارواح العالمين صلوات الله وسلامه عليه وعلى ابنائه الطاهرين الى يوم الدين : عقّوا عن اولاد كم يوم السابع وتصدقوا بوزن شعرهم فضّة على مسلم ، وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بالحسن والحسين عليهما السلام وسائر ولده عليهم السلام ... المواعظ العددية ، باب الاربعمائة ، ص 294.


(132)
ذبح الولد
     من العجيب الذي لا يكاد يصدّق ـ لو لا الايمان ـ أن نبيّا من اولى العزم يرى في المنام أنه يذبح ولده ، ثم يقصد تصديق منامه ، وتلّه للجبين ، وناديناه ان يا ابراهيم قد صدّقت الرؤيا. وهكذا سيّد قريش عبد المطلب رضوان الله تعالى عليه ينذر ذبح ولده العاشر وهو عبد الله أبو النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، فيفدي بمائة من الابل كما أفدي اسماعيل بذبح عظيم فبهذه وذلك يدفع عنها الذبح ويبقى الفحر مدي الزمان حتى يقول الله عليه وآله : أنا ابن الذبيحين.
     1 ـ حدثنا احمد بن الحسن القطّان ، قال : اخبرنا احمد بن محمد سعيد الكوفي ، قال : علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن ابيه قال : سألت ابا الحسن علي بن موسى الرضا عليه الصلاة والسلام عن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم انا ابن الذبيحين ، قال عليه السلام : يعني اسماعيل بن ابراهيم الخليل عليه السلام ، وعبد الله بن عبد المطلب. أما اسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشّر الله به ابراهيم ، فلما ابلغ معه السعي ، قال يابني اني أرى في المنام أني اذبحك ، فانظر ماذا ترى ، قال يا أبت افعل ما تؤمر ، ولم يقل له يا ابت افعل ما رأيت ، ستجدني ان شاء الله من الصابرين ، فلّما عزم


(133)
على ذبحه فداه الله بذبح عظيم ، بكبش املح يأكل في سواد ، ويشرب في سواد ، وينظر في سواد ، ويمشي في سواد ، ويبول ويبعر في سواد ، وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة اربعين عاماً ، وما خرج من رحم انثى ، وانّما قال الله جلّ وعزّ له كن فكان ليفدي به اسماعيل ، فكلما يذبح بمنى فهو فديه لا سماعيل الى يوم القيامة ، فهذا احد الذبيحين. وأمّا الآخر ، فان عبد المطلب كان تعلق بحلقة باب الكعبة ودعا الله عزوجلّ أن يرزقه عشرة بنين ، ونذرالله عزوجلّ ان يذبح واحداً منهم متى اجاب الله دعوته ، فلما بلغوا عشرة (( اولاد )) قال قد وفي الله لي ، فلأوفّين لله عزوجل ، فأدخل ولده الكعبة ، واسهم بيتهم ، فخرج سهم عبج الله أبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان احبّ ولده اليه ، ثم اجالها ثانيه ، فخرج سهم عبد الله ، ثم اجالها ثالثه ، فخرج سهم عبد الله ، فأخذه وحبسه ، وعزم على ذبحه فاجتمعت قريش وقنعته من ذلك ، واجتمع نساء عبد المطلب يبكين و يصحن ، فقالت له ابنته عاتكه ، يا ابتاه اعذر فيما بينك وبين الله عزّ و جلّ في قتل ابنك ، قال فكيف اعذر يا بنيّة فانك مباركة ؟. قالت اعمد الى تلك السوائم التى لك في الحرم ، فاضرب باقداح على ابنك وعلى الابل ، واعط ربك حتى يرضى ، فبعث عبد المطلب الى ابله ، فأحضرها وعزل منها عشراً ، وضرب بالسهام فخرج سهم عبد الله ، فما زال يزيد عشراً عشراً حتى بلغت مائة ، فضرب فخرج السهم على الابل ، فكبرت قريش تكبيرة ارتجت لها جبال تهامة ، فقال عبد المطلب لا ، حتى اضرب بالقداح ثلاث مرّاة ، فضرب ثلاثا ، كل ذلك يخرج السهم على الابل ، فلمّا كان في الثالثة ، اجتذبه الزبير وابو طالب واخوانه من تحت رجليه فحملوه وقد انسلخت جلده خدّه الذي كان على الارض ، واقبلوا


(134)
يرفعونه ، ويقبّلونه ، ويمسحون عنه التراب ، وأمر عبد المطلب ان تنجر الابل بالخروره ، ولا يميع احد منها ، وكانت مائة. وكانت لعبد المطلب خمس سنن اجراها الله عزوجل في الاسلام : حرّم نساء الآباء على الابناء ، وسن الديه في القتل من الابل ، وكان يطوف بالبيت سبفة اشواط ، ووجد كنز فاخرج منه الخمس ، وسمي زمزم كما حفرها سفايه الحاج. ولو ان عبد المطلب كان حجه ، وأنّ عزمه على ذبح ابنه عبد الله شبيه بعزم ابراهيم علىنبينا وآله وعليه على ذبح ابنيه اسماعيل لما افتخر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بالانتساب اليهما لأجل أنهما الذبيحان ، في قوله صلى الله عليه وآله وسلم انا ابن الذبيحين ، والعلة التى من اجلها رفع الله عزوجلّ الذبح عن اسماعيل هي العلّة التى من اجلها رفع الله الذبح عن عبد الله ، وهي كون النبي صلى الله وآله وسلّم والأئمّة عليهم السلام في صلبيهما فببركة النبي والأئمّة عليهم السلام رفع الله الذبح عنهما ، فلم تجر السنه في الناس بقتل اولادهم ولو لا ذلك لوجب علىالناس كل اضحى التقرّب الى الله تعالى ذكره بقتل اولادهم ، وكلّما يتقّرب الناس به الى الله عزّوجّل من اضحيى فهو فداه لا سماعيل الى يوم القيمة ... الخصال ، باب الاثنين ، ص 45 ، الحديث 78.
     2 ـ حدثنا احمد بن هارون الفاصي ، وجعفر بن محمّد بن مسرور ( رض ) قالا : حدّثنا محمد بن جعفر بن بطة ، عن محمّد بن حسن الصفار ، عن العباس بن معروف عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عمن اخره ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أول من سوهم عليه مريم بنت عمران ، وهو قول الله عزوجل ( وما كنت لديهم اذ يلقون


(135)
اقلامهم ايهم يكفل مريم ) ( آل عمران ـ 44 ) ، والسهام ستة ثم استهموا في يونس لما ركب مع القوم ، فوقفت السفينة في اللجّة ، فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرّات ، قال : فمضى يونس الى صدر السفينة ، فاذا الحوت فاتح فاه ، فرمي بنفسه.ثم كان عبد المطلب ولد له تفسعة فنذر في العاشر ، ان يرزقه الله تعالى غلاماً أن يذبحه ، قال عليه السلام : فلمّا ولد عبد لم يكن يقدر أن يذبحه رسول الله صلى الله عليه وأله وسلّم صلبه ، فجاء بعشر من الابل وساهم عليها وعلى عبد الله ، فخرج السهام علي عبد الله ، فزاد عشرا ، فلم يزل السهام يخرج على عبد الله ويزيد عشرا ، فلما (( لأن )) بلغت مائة خرجت السهام على الابل ، فقال عبد المطلب ما انصفت ربي فأعاد السهام ثلاثاً فخرجت على الابل ، فقال الآن علمت أن ربي قد رضى ، فنحرها ... الخصال ، باب الثلاثة ، ص 124 ، الحديث 198.


(136)
المصائب
     الدنيا دار محفوفة باليلاء والمصائب ، فلا يسلم نزّالها ، ولا بد لكل انسان عاش وجه البسيطه أن يصاب بها ، فمن صبر ضفر، ومن لجّ كفر.
     1 ـ قال الحسن بن على عليهما السلام : مصائب الدنيا اربع منها موت الوالد وهو قاصم الظهر ، وموت الولد وهو صدع الفوآد ... معدن الجواهر ، باب ذكرماء في اربعة ، ص 42.


(137)
الفقدان
     لاشك ولا ريب أن الولد قطعة من الكبد ، فهو اذ يمشي على الأرض يتحرك كبد والديه بتحرك قدميه ، وما من ابوين الاّ ويعقدان آمالاً على ولدهما ، متى يجنيا ثمره ، ويرو أثره. فالله الله من ساعة يدنوا اليه هادم اللذات ومفرّق الجماعات ، الملك المقرب عند الملك العلاّم ، فسسترّد الأمانه ، وعندها تشب النيران في قلوب الأهل و الأحبة والاخوان ، فتحرق كبد الأبوين بلهب الفقد والفرقة.
     1 ـ قال أمير المؤمنين عليه صلوة رب العالمين ، فقد الولد محرّق الكبد. جاء في درر الكلم حرف الفاء ، ص 209.
     2 ـ حدثنا ابو احمد محمد بن جعفر البنداد ، قال : حدثنا أبو العباس الحمادي ، قال : حدثنا محمد بن علي الصايغ ، قال : حدّثنا عمرو بن سهلو بن زنجله الرازي ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الاوزاعي ، عن أبي سلام الاسود ، عن ابي سالم راعي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقول خمس ما أثقلهنّ في الميزان : سبحان الله. والحمد لله ولا اله الاّ الله. والله اكبر. والولد الصالح يتوفّى لمسلم فيصبر ويحتسب .... الخصال ، باب الخمسة ، ص 217 ، الحديث 1.


(138)
     3 ـ ( أقول ) كان خمسة من المشركين قد استهزؤا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، فأنزل الله تعالى بلاء عليهم في آن واحد ، و نزلت الآيه الكريمه ( انّا كفيناك المستهزئين ). حدثنا احمد بن الحسن القطّان ، قال : حدثنا ابوالقاسم عبد الرحمن بن محمد الحسني ، قال : حدّثنا ابو العباس محمد بن على الخراساني ، قال : حدثنا ابو سعيد سهل بن صالح العياشي ، عن ابيه ، وابراهيم بن عبد الرحمن الأبلي ، قال حدثنا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم الصلاة والسلام ، قال : حدثني أبي جعفربن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بي علي قال : حدثنى أبي علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي الحسين بن على عليهم السلام جميعا ، أن أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام ، قال : ليهودي من يهود الشام ـ الى أنّ قال ـ وأما الاسود بن عبد يغوث .... الى آخر في القصّه .... . قال مصنّف الكتاب ـ يعني الخصال ـ ويقال في خبر آخر في الأسود قول آخر ، يقال أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد دعا عليه ان يعمي الله بصره ، وأن يثكله ولده ، فلّما كان في ذلك اليوم اي يوم نزول البلاء على النفرات الخمس ـ جاء حتى صار الى كدا ـ وهو جبل في اسفل مكة عن طريق اليمن ـ فأتاه جبرئيل عليه السلام بورقة خضراء ، فضرب بها وجهه فعمي ، وبقى حتى اشكله الله عزّوجلّ ولده يوم بدر ، ثم مات ( عليه ما يستحق من العذاب ).


(139)
التعزية
     لابد من تعزية من يصاب بمصيبة ، وأي مصيبة أدهي وأشد من فقد الولد فلقلبه الله وعظّم الله تعالى اجره ، وأجزل ثوابه ، وأجمل صبره ، وأخذ بيده يوم لا ينفع مال ولا بنون ، ان شاء الله تعالى وتقّدس.
     1 ـ عزّى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام من ربّ الأنام رجلا مات له ولد : ورزق ولد فقال عليه السلام : عظم الله اجرك فيما اباد ، و بارك لك فيما افاد. جاء في كتاب درر الكلم ، في حرف العين ص 205.


(140)
الاحتساب
     ينبغي بل يجب على كل مسلم فطن أن يعلم أن كل ما عنده هو من عند الله تعالى ، وأنّ الله حق في كل ما ملّكه وسلّطه عليه ما دام في قيد الحياة ، فلا يبخل بمال ولا ولد ولا أهل ولا نفس ، ويعطي ، وان كان الجميع ، في سبيل الله ولا تأخذه في الله شح نفس ، اوغلّ يد ، فان العبد وما في يده كان امولاه.
     1 ـ قال رسول الله صلى عليه وآله وسلّم بوما : أيها الناس مالرقوب فيكم؟. قالوا : الرجل يموت ولم يترك ولداً. فقال صلى الله عليه وآله وسلم : بل الرقوب حق الرقوب رجل مات ولم يقدّم من ولده احداً يحتسبه عند الله تعالى ، وان كانوا كثيرا بعده ... تحف العقول ، مواعظ النبي ، ص 33.
الاثر الخالد في الولد والوالد ::: فهرس