المناوي (1) . والأعجب قوله : « الترمذي ـ وحسنّه ـ عن ابن مسعود » (2) .
ولقائل أن يقول : فما فائدة إخراج الترمذي أيّاه مع التّنصيص على ضعفه في كتابه الموصوف بالصحّة؟!
قلت : لعلّة إنّما أخرجه ونصّ عليه بما ذكر لئلاّ يغترّ به أحد ويتوهّم صحّته ... بالرّغم من اشتمال كتابه ـ لا سيّما في باب المناقب ـ على موضوعات كما نص عليه الحافظ الذهبي بترجمته من « سير أعلام النبلاء » .

حديث أبي الدّرداء

رواه ابن حجر المّكي عن الطبراني حيث قال :

« الحديث الثاني والسّبعون : أخرج الطبراني عن أبي الدرداء : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، فإنّهما حبل الله الممدود ، من تمسّك بهما فقد تمسّك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها » (3) .

نقد السند :
1 ـ لقد روى الحافظ هذا الحديث عن الطبراني وقال : « فيه من لم أعرفهم » وهذا نصّ كلامه :
« وعن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، فإنّهما حبل الله الممدود ، ومن تمسّك بهما فقد تمسّك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها .
____________
(1) فيض القدير 1 | 56 .
(2) فيض القدير 1 | 57 .
(3) الصواعق : 46 .

( 372 )

رواه الطبراني : وفيه من لم أعرفهم » (1) .
2 ـ إنّ معاجم الطبراني ليست من الكتب التي وصفت بالصّحة ، ولا من الكتب التي التزم فيها بالصحّة .
وعلى هذا ... لا يجوز التمسّك بالحديث بمجرّد كونه في أحد المعاجم الثلاثة للطبراني .
3 ـ لقد جاء في الصحيح في مسند أبي الدرداء ما نصّه :
« قالت أمّ الدرداء : دخل عليّ أبو الدرداء وهو مغضب : فقلت : ما أغضبك ؟ فقال : والله ما أعرف من أمر محمّد صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم شيئاً إلاّ أنّهم يصلّون جميعاً » .
ولو كان أبو الدرداء قد سمع قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « اقتدوا ... » لما قال هذا ألبتّة !!

حديث أنس من مالك

قال جلال الدين السيوطي :

« اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد ابن مسعود .
التّرمذي عن ابن مسعود ، الروياني عن حذيفة ، ابن عديّ في الكامل عن أنس (2) .

نقد السند :
فأمّا حديث ابن مسعود : فإنّ التّرمذي ضعّفه بعد أن رواه كما تقدّم .
____________
(1) مجمع الزوائد 9 | 53 .
(2) الجامع الصغير بشرح المناوي 1 | 56 .

( 373 )

وأمّا حديث حذيفة فقد ثبت ضعف جميع طرقه ... كما تقدّم أيضاً .
وأمّا حديث أنس ، فقد جاء في « الكامل » لابن عديّ ما نصّه : « حمّاد بن دليل . قاضي المدائن . يكنّى أبا زيد . حدّثنا علي بن الحسين بن سليمان ، ثنا أحمد ابن محمد بن المعلّى الآدمي ، ثنا مسلم بن صالح أبو رجاء ، ثنا حمّاد بن دليل ، عن عمر بن نافع ، عن عمرو بن هرم ، قال : دخلت أنا وجابر بن زيد على أنس ابن مالك فقال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبوبكر (1) وعمر ، وتمسّكوا بعهد ابن أمّ عبد ، واهتدوا بهدي عمّار .
ثنا محمد بن عبدالحميد الفرغاني ، ثنا صالح بن حكيم البصري ، ثنا أبو رجاء مسلم بن صالح ، ثنا أبو زيد قاضي المدائن حمّاد بن دليل ، عن عمر بن نافع ، فذكر بإسناده نحوه .
ثنا محمد بن سعيد الحراني : ثنا جعفر بن محمد بن الصباح ، ثنا مسلم بن صالح البصري ، فذكر بإسناده نحوه .
ثنا علي بن الحسن بن سليمان ، ثنا أحمد بن محمد المعلّى الآدمي ، ثنا مسلم ابن صالح ، ثنا حمّاد بن دليل ، عن عمر بن نافع ، عن عمرو بن هوم ، عن ربعي ، عن حذيفة ، عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] نحوه .
قال ابن عديّ : وحمّاد بن دليل هذا قليل الرّواية . وهذا الحديث قد روى له حمّاد بن دليل إسنادين . ولا يروي هذين الإسنادين غير حمّاد بن دليل » .
إنتهى بطوله (2) .

نقد السند :
في جميع الأسانيد : مسلم بن صالح ، عن حمّاد بن دليل ، عن عمر
____________
(1) كذا .
(2) الكامل 2 | 666 .

( 374 )

ابن نافع ، عن عمرو بن هرم .
أمّا « عمرو بن هرم » فقد عرفت أنّه مقدوح مطعون فيه .
وأمّا « عمر بن نافع » فعن يحيى بن معين : حديثه ليس بشيء (1) ، وعن ابن سعد : لا يحتجّ بحديثه (2) .
وأمّا « حماد بن دليل » فقد أورده ابن عديّ في ( الكامل في الضعفاء ) والذهبي في ( المغني الضعفاء ) (3) وفي ( ميزان الاعتدال في نقد الرجال ) واضاف : « ضعّفه أبو الفتح الأزدي وغيره » (4) وابن الجوزي في ( الضعفاء ) (5) .
وأمّا « مسلم بن صالح » فلم أعرفه حتى الآن .

حديث عبدالله بن عمر

رواه الذهبي حيث قال :

« أحمد بن صليح ، عن ذي النّون المصري ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر بحديث اقتدوا باللذين من بعدي » ثم قال : « وهذا غلط من أحمد لا يعتمد عليه (6) .
ورواه مرةً اخرى ، قال :
« محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم بن عبدالله بن عبيدالله بن عاصم
____________
(1) الكامل 5 | 1703 .
(2) تهذيب التهذيب 7 | 499 .
(3) المغني في الضعفاء 1 | 189 .
(4) ميزان الاعتدال 1 | 590 .
(5) انظر : هامش تهذيب الكمال 7 | 236 .
(6) ميزان الاعتدال 1 | 105 .

( 375 )

ابن عمر بن الخطّاب العدوي العمري ، ذكره العقيلي وقال : لا يصحّ حديثه ولا يعرف بنقل الحديث :
نبّأه أحمد بن الخليل ، حدّثنا إبراهيم بن محمد الحلبي ، حدّثني محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : اقتدوا باللذين من بعدي .
فهذا لا أصل له من رواية مالك ...
وقال الدار قطني : العمري هذا يحدّث عن مالك بأباطيل ، وقال ابن مندة : له مناكير » (1) .

ورواه ابن حجر وقال :
« قال العقيلي بعد تخريجه : هذا حديث منكر لا أصل له .
وأخرجه الدار قطني من دراية أحمد بن الخليل البصري بسنده وساق نسبه كذلك ثم قال : لا يثبت ، والعمري هذا ضعيف ... (2) .
كما أورد الذهبي وابن حجر هذا الحديث بترجمة « أحمد بن محمد بن غالب الباهلي » فبعد نقل كلماتهم في ذمّه وجرحه ، قالا :
« ومن مصائبه : قال : حدّثنا محمّد بن عبدالله العمري ، ثنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » .
ثم قالا :
____________
(1) ميزان الاعتدال 3 | 610 .
(2) لسان الميزان 5 | 237 .

( 376 )

« فهذا ملصق بمالك ، وقال أبوبكر النقّاش : وهو واهٍ ... (1) ».

نقد السند :
لقد علم من كلمات الذّهبي وابن حجر وغيرهما : أنّ حديث عبدالله بن عمر هذا باطل بجميع طرقه ... وبذلك نكتفي عن إيراد نصوص كلمات سائر علماء الرجال في رجاله روماً للاختصار .
فالعجب من الحافظ ابن عساكر (2) وأمثاله الّذين ملأوا كتبهم وسوّدوا صحائفهم بهذه المناكير وأشباهها!!

حديث جدّة عبدالله بن أبي الهذيل

رواه ابن حزم حيث قال :

« ... كما حدّثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، ثنا أحمد بن الفضل الدينوري ، ثنا محمد بن جرير ، ثنا عبدالرحمن بن الأسود الطفاوي ، ثنا محمد بن كثير الملآئي ، ثنا المفضّل الضبيّ ، عن ضرار بن مرّة ، عن عبدالله بن أبي الهذيل ، عن جدّته ، عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد ابن أمّ عبد » .

نقد السند :
ونقتصر ـ في الكلام على الحديث بهذا السند ـ على ما ذكره الحافظ ابن حزم نفسه قبل ذلك ، وهذا نصّه :
____________
(1) ميزان الاعتدال 1 | 142 ، لسان الميزان 1 | 273 .
(2) تاريخ دمشق 9 | 645 .

( 377 )

« وأمّا الرّواية : اقتدوا ... فحديث لا يصحّ ، لأنّه مروي عن مولى لربعي مجهول ، وعن المفضّل الضبيّ وليس بحجّة ، كما حدّثنا أحمد بن محمد بن الجسور ... » .


( 378 )


(2)
كلمات الأئمة وكبار العلماء
حول سند حديث الاقتداء

قد عرفت سقوط أسانيد هذا الحديث فيما عرف بالصحيح من الكتب فضلاً عن غيره ... وفي هذا الفصل نذكر نصوص عبارات أئمّتهم في الطّعن فيه إمّا على الإطلاق بكلمة : « موضوع » و« باطل » و« لم يصحّ » و« منكر » وإمّا على بعض الوجوه التي وقفنا كلماتهم فيها ... فنقول :

(1)
أبو حاتم الرّازي

لقد طعن الإمام أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي في هذا الحديث ... فقد ذكر العلاّمة المناوي بشرحه : « ... وأعلّه أبو حاتم ، وقال البزّار كابن حزم : لا يصحّ ، لأنّ عبدالملك لم يسمعه من ربعي ، وربعي لم يسمعه من حذيفة ، لكن له شاهد ... » (1) .

ترجمته :
وابو حاتم الرازي ، المتوفّى سنة 277 هـ ، يعدّ من أكابر الأئمة الحفّاظ المجمع على ثقتهم وجلالتهم ، بل جعلوه من أقران البخاري ومسلم ...
____________
(1) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 2 | 56 .
( 379 )

قال السمعاني : « إمام عصره والمرجوع إليه في مشكلات الحديث ... كان من مشاهير العلماء المذكورين الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة ... وكان أوّل من كتب الحديث ... » (1) .
وقال ابن الأثير : « هو من أقران البخاري ومسلم » (2) .
وقال الذّهبي : « أبو حاتم الرازي الإمام الحافظ الكبير محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي ، أحد الأعلام ... » (3) .
وقال أيضاً : « الإمام الحافظ الناقد ، شيخ المحدّثين ... وهو من نظراء البخاري ... » (4) .
وله ترجمة في :
تاريخ بغداد 2 | 73 ، تهذيب التهذيب 9 | 31 ، البداية والنهاية 11 | 59 ، الوافي بالوفيات 2 | 183 ، طبقات الحفّاظ : 255 .

(2)
أبو عيسى الترمذي

وكذا طعن فيه أبو عيسى الترمذي صاحب « الجامع الصحيح » فإنّه قال ما نصّه : « حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل ، ثني أبي ، عن أبيه سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر ،
____________
(1) الأنساب ـ الحنظلي .
(2) الكامل في التاريخ 6 | 67 .
(3) تذكرة الحفّاظ 2 | 567 .
(4) سير أعلام النبلاء 13 | 247 .

( 380 )

واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد اب مسعود .
هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود ، لا نعرفه إلاّ من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل . ويحيى بن سلمة يضعّف في الحديث . وأبو الزعراء اسمه عبدالله بن هاني ، وأبو الزعراء الذي روى عنه شعبة والثوري وابن عيينة اسمه عمرو بن عمرو ، وهو أخي أبي الأحوص صاحب ابن مسعود » (1) .

ترجمته :
والترمذي ، أبو عيسى محمد بن عيسى ، المتوفّى سنة 279 هـ ، صاحب أحمد الصحاح الستّة ... غنيّ عن الترجمة والتعريف ، إذ لا كلام بينهم في جلالته وعظمته واعتبار كتابه ، وهذه أسماء بعض مواضع ترجمته :
وفيات الأعيان 4 | 278 ، تذكرة الحفّاظ 2 | 633 ، سير أعلام النبلاء 13 | 270 ، تهذيب التهذيب 9 | 387 ، البداية والنهاية 11 | 66 ، الوافي بالوفيات 4 | 294 ، طبقات الحفّاظ : 278 .

(3)
أبوبكر البزّار

وأبطله الحافظ الشهير أبوبكر أحمد بن عبدالخالق البزّار صاحب « المسند » المتوفّى سنة 292 هـ ، كما عرفت من كلام العلاّمة المناوي الآنف الذكر .

ترجمته :
قال الذهبي : « الحافظ العلاّمة أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبدالخالق
____________
(1) صحيح الترمذي 5 | 672 .
( 381 )

البصري ، صاحب المسند الكبير والمعلّل ... » (1) .
ووصفه الذهبي أيضاً بـ « الشيخ الإمام الحافظ الكبير ... » (2) .
وهكذا وصف واثني عليه في المصادر التاريخية والرجاليّة ... فراجع : تاريخ بغداد 4 | 334 ، النجوم الزاهرة 3 | 157 ، المنتظم 6 | 50 ، تذكرة الحفّاظ 2 | 653 ، الوافي بالوفيات 7 | 268 ، طبقات الحفّاظ : 285 ، تاريخ أصفهان 1 | 104 ، شذرات الذهب 2 | 209 .

(4)
أبو جعفر العقيلي

وقال الحافظ الكبير أبو جعفر العقيلي ، المتوفّى سنة 322 هـ ، في كتابه في الضعفاء : « محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم العمري عن مالك . ولا يصحّ حديثه ولا يعرف بنقل الحديث حدّثناه أحمد بن الخليل الخريبي ، حدثنا إبراهيم ابن محمد بن الحلبي ، حدثني محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم بن عبدالله بن عبيدالله بن إبراهيم بن عمر بن الخطّاب ، قال : أخبرنا مالك ، عن منافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا بالأميرين من بعدي أبي بكر وعمر .
حديث منكر لا أصل له من حديث مالك » (3) .
وقد أورد الحافظان الذهبي وابن حجر طعن العقيلي هذا واعتمدا عليه كما ستعرف .
وأيضاً : ترجم العقيلي « يحيى بن سلمة بن كهيل » في « الضعفاء » وأورد
____________
(1) تذكرة الحفّاظ 2 | 228 .
(2) سير أعلام النبلاء 13 | 554 .
(3) الضعفاء الكبير 4 | 95 .

( 382 )

الحديث عنه عن ابن مسعود بنفس السند الذي في « صحيح الترمذي » وقد تقدّم نصّ عبارته في الفصل الأول .

ترجمته :
وقد أثنى على العقيلي كلّ من ترجم له ... قال الذهبي : « الحافظ الإمام أبو جعفر ... قال مسلمة بن القاسم : كان العقيلي جليل القدر ، عظيم الخطر ، ما رأيت مثله ... وقال الحافظ أبو الحسن ابن سهل القطّان : أبو جعفر ثقة جليل القدر ، عالم بالحديث ، مقدّم في الحفظ ، توفّي سنة 322 » (1) .
وانظر : سير أعلام النبلاء 15 | 236 ، الوافي بالوفيات 4 | 291 ، طبقات الحفّاظ : 346 ، وغيرها .

(5)
أبوبكر النقّاش

وطعن فيه الحافظ الكبير أبوبكر النقّاش ـ المتوفّى سنة 354 هـ ـ فقد قال الحافظ الذهبي بعد أن رواه بترجمة أحمد بن محمّد بن غالب الباهلي : « وقال أبوبكر النقّاش : وهو واهٍ » (2) .

ترجمته :
ترجم له الحافظ الذهبي في « سير أعلام النبلاء » ووصفه بـ « العلاّمة المفسّر شيخ القرّاء » (3) . وهكذا ترجم له ووصفه بجلائل الأوصاف غيره من الأعلام
____________
(1) تذكرة الحفّاظ 3 | 833 .
(2) ميزان الاعتدال 1 | 142 .
(3) سير أعلام النبلاء 15 | 573 .

( 383 )

... فراجع :
تذكرة الحفّاظ 3 | 908 ، تاريخ بغداد 2 | 201 ، المنتظم 7 | 14 ، وفيات الأعيان 4 | 298 ، الوافي بالوفيات 2 | 345 ، مرآة الجنان 2 | 247 ، طبقات الحفّاظ : 371 .

(6)
ابن عديّ

وأورده الحافظ أبو أحمد ابن عدي ، المتوفّى سنة 365 هـ ، عن أنس بن مالك بترجمة حمّاد بن دليل في « الضعفاء » وعنه السيوطي في الجامع الصغير ، ونصّ هناك على أنّ « هذا الحديث قد روى له حمّاد بن دليل إسنادين ، ولا يروي هذين الإسنادين غير حمّاد بن دليل » .
وقد تقدّم ذكر عبارته كاملةً ، حيث عرفت ما في الإسنادين المذكورين عند ابن عديّ وغيره من الأئمّة في الفصل الأول .

ترجمته :
والحافظ ابن عديّ من أعاظم أئمّة الجرح والتعديل لدى القوم ...
قال السمعاني بترجمته : « كان حافظ عصره ، رحل إلى الاسكندرية وسمرقند ، ودخل البلاد وأدرك الشيوخ . كان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه مثله .
قال حمزة بن يوسف السهمي : سألت الدار قطني أن يصنّف كتاباً في ضعفاء المحدّثين ، قال : أليس عندك كتاب ابن عديّ ؟ فقلت : نعم ، فقال : فيه كفاية لا يزاد عليه » (1) .
____________
(1) الأنساب ـ الجرجاني .
( 384 )

وانظر : تذكرة الحفّاظ 3 | 161 ، شذرات الذهب 3 | 51 ، مرآة الجنان 2 | 381 ، وغيرها .

(7)
أبو الحسن الدار قطني

وقال الحافظ الشهير أبو الحسن الدار قطني ـ المتوفى سنة 385 هـ ـ بعد أن أخرج الحديث بسنده عن العمري : « لا يثبت ، والعمري هذا ضعيف » (1) .

ترجمته :
وكتب الرجال والتاريخ مشحونة بالثناء على الدار قطني ...
قال الذهبي : « الدار قطني ـ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الحافظ المشهور ، صاحب التصانيف ... ذكره الحاكم فقال : صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع ، وإماماً في القرّاء والنحاة ، صادفته فوق ما وصف لي ، وله مصنّفات يطول ذكرها . وقال الخطيب : كان فريد عصره ، وفزيع دهره ، ونسيج وحده ، وإمام وقته ... وقال القاضي أبو الطيّب الطبري : الدار قطني أمير المؤمنين في الحديث!! » (2) .
وقال ابن كثير : « ... الحافظ الكبير ، استاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا ... كان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره ... وله كتابه المشهور ... وقال ابن الجوزي : قد اجتمع له معرفة الحديث والعلم بالقراءات والنحو والفقه والشعر ، مع الإمامة والعدالة وصحّة العقيدة » (3) .
____________
(1) انظر : لسان الميزان 5 | 237 .
(2) العبر 3 | 28 .
(3) البداية والنهاية 11 | 317 .

( 385 )

وراجع : وفيات الأعيان 2 | 459 ، تاريخ بغداد 12 | 34 ، النجوم الزاهرة 4 | 172 ، طبقات الشافعية 3 | 462 ، طبقات القرّاء 1 | 558 ، وغيرها .

(8)
ابن حزم الأندلسي

وقد نصّ الحافظ ابن حزم الأندلسي ، المتوفّى سنة 475 ، هـ ، على بطلان هذا الحديث وعدم جواز الإحتجاج به ... فإنّه قال في رأي الشيخين ما نصّه : « أمّا الرواية : اقتدوا باللذين من بعدي . فحديث لا يصّح ، لأنّه مرويّ عن مولى لربعيّ مجهول ، وعن المفضّل الضبيّ وليس بحجّة .
كما حدّثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، نا محمد بن كثير الملاّئي ، نا المفضّل الضبيّ ، عن ضرار بن مرّة ، عن عبدالله بن أبي الهذيل العنزي ، عن جدّته ، عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، قال : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد ابن أمّ عبد .
وكما حدّثناه أحمد بن قاسم ، قال : نا أبي قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ ، قال : حدّثني قاسم بن أصبغ ، نا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، نا محمد ابن كثير ، أنا سفيان الثوري ، عن عبدالملك بن عمير ، عن مولى لربعي ، عن ربعي ، عن حذيفة ...
وأخذناه أيضاً عن بعض أصحابنا ، عن القاضي أبي الوليد ابن الفرضي ، عن ابن الدخيل ، عن العقيلي ، نا محمد بن إسماعيل ، نا محمد بن فضيل ، نا وكيع ، نا سالم المرادي ، عن عمرو بن هرم ، عن ربعي بن حراش وأبي عبدالله ـ رجل من أصحاب حذيفة ـ عن حذيفة .
قال أبو محمد : سالم ضعيف . وقد سمّى بعضهم المولى فقال : هلال مولى


( 386 )

ربعيّ . وهو مجهول لا يعرف من هو أصلاً . ولو صحّ لكان عليهم لا لهم ، لأنّهم ـ نعني أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي ـ أترك الناس لأبي بكر وعمر . وقد بيّنّا أنّ أصحاب مالك خالفوا أبابكر ممّا رووا في الموطّأ خاصة في خمسة مواضع ، وخالفوا عمر في نحو ثلاثين قضية ممّا رووا في الموطّأ خاصة . قد ذكرنا أيضاً أنّ عمر وأبابكر اختلفا ، وأنّ أتّباعهما فيما اختلفا فيه متعذّر ممتنع لا يعذر عليه أحد » .
وقال في الفصل :
« قال أبو محمد : ولو أنّنا نستجيز التدليس والأمر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحاً أو أبلسوا أسفاً ـ لاحتججنا بما روي : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر .
قال أبو محمد : ولكنّه لم يصحّ ، ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصحّ » (1) .

ترجمته :
وأبو محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي ، حافظ ، فقيه ، ثقة ، له تراجم حسنة في كتبهم ، وإن كانوا ينتقدون عليه صراحته وشدّته في عباراته ...
قال الحافظ ابن حجر : « الفقيه الحافظ الظاهري ، صاحب التصانيف ، كان واسع الحفظ جدّاً ، إلاّ أنّه لثقة حافظته كان يهجم ، كالقول في التعديل والتجريح وتبيين أسماء الرواة ، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة .
قال صاعد بن أحمد الربعي : كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس كلّهم لعلوم الإسلام وأشبعهم معرفة ، وله مع ذلك توسّع في علم البيان ، وحظّ من البلاغة ، ومعرفة بالسير والأنساب .
قال الحميدي : كان حافظاً للحديث ، مستنبطاً للأحكام من الكتاب
____________
(1) الإحكام في اصول الاحكام : المجلّد 2 الجزء 6 ص242 ـ 243 . الفصل في الملل والنحل 4 | 88 .
( 387 )

والسنّة ، متفنّناً في جمّة ، عاملاً بعلمه ، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ والتديّن وكرم النفس ، وكان له في الأثر باع واسع .
قال مؤرّخ الأندلس أبو مروان ابن حبّان : كان ابن حزم حامل فنون من حديث وفقه ونسب وأدب ، مع المشاركة في أنواع التعاليم القديمة ، وكان لا يخلو في فنونه من غلط ، لجرأته في السؤال على كل فنّ » (1) .
وراجع : وفيات الأعيان 3 | 13 ، نفح الطيب 1 | 364 ، العبر في خبر من غبر 3 | 239 .

(9)
برهان الدين العبري الفرغاني

وقد نصّ العلاّمة عبيدالله بن محمد العبري الفرغاني الحنفي ـ المتوفّى سنة 743 هـ ـ على أنّه حديث موضوع لا يجوز الاستدلال به والاستناد إليه ، وهذا نصّ كلامه : « وقيل : إجماع الشيخين حجّة لقوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . فالرسول أمرنا بالاقتداء بهما ، والأمر للوجوب ، وحينئذٍ يكون مخالفتهما حراماً . ولا نعني بحجّيّة إجماعهما سوى ذلك .
الجواب : إنّ الحديث موضوع لما بيّنّا في شرح الطوالع » (2) .

ترجمته :
والعبري من كبار أئمّة القوم في علم الكلام والمعقول ، وشرحه على « المنهاج » وعلى « الطوالع » للقاضي البيضاوي من أشهر كتبهم في الكلام والأصول
____________
(1) لسان الميزان 4 | 198 .
(2) شرح المنهاج ـ مخطوط .

( 388 )

... وقد ترجموا له وأثنوا عليه واعترفوا بفضله .
قال الحافظ ابن حجر : « كان عارفاً بالأصلين ، وشرح مصنّفات ناصر الدين البيضاوي ... ذكره الذهبي في المشتبه ـ في العبري ـ فقال : عالم كبير في وقتنا وتصانيفه سائرة . ومات في شهر رجب سنة 743 . قلت : رأيت بخطً بعض فضلاء العجم أنّه مات في غرّة ذي الحجّة منها وهوأثبت ، ووصفه فقال : هو الشريف المرتضى قاضي القضاة ، كان مطاعاً عند السلاطين ، مشهوراً في الآفاق ، مشاراً إليه في جميع الفنون ، ملاذ الضعفاء ، كثير التواضع والإنصاف » (1) .
وقال الأسنوي : « كان أحد الأعلام في علم الكلام والمعقولات ، ذا حظٍّ وافر من باقي العلوم ، وله التصانيف المشهورة » (2) .
وقال اليافعي : « الإمام العلاّمة ، قاضي القضاة ، عبيدالله بن محمد العبري الفرغاني الحنفي ، البارع العلاّمة المناظر ، يضرب بذكائه ومناظرته المثل ، كان إماماً بارعاً ، متفنّناً ، تخرج به الأصحاب ، يعرف المذهبين الحنفي والشافعي ، . وأقرأهما وصنّف فيهما . وأمّا الأصول والمعقول فتفرّد فيها بالإمامة ، وله تصانيف ... وكان استاذ الاستاذين في وقته » (3) .

(10)
شمس الدين الذهبي

وأبطل الحافظ الكبير الذهبي ـ المتوفّى سنة 748 هـ ـ هذا الحديث مرّة بعد
____________
(1) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 2 | 433 .
(2) طبقات الشافعية 2 | 236 .
(3) مرآة الجنان 4 | 306 .

( 389 )

اخرى ، واستشهد بكلمات جهابذة فنّ الحديث والرجال ... وإليك ذلك :
قال : « أحمد بن صليح ، عن ذي النون المصري ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر بحديث : اقتدوا باللذين من بعدي .
وهذا غلط ، وأحمد لا يعتمد عليه » (1) .
وقال : « أحمد بن محمد بن غالب الباهلي غلام خليل ، عن إسماعيل بن أبي اويس وشيبان وقرّة بن حبيب . وعنه : ابن كامل وابن السماك وطائفة .
وكان من كبار الزّهاد ببغداد . قال ابن عديّ : سمعت أبا عبدالله النهاوندي يقول : قلت لغلام خليل : ما هذه الرقائق التي تحدّث بها ؟ قال : قال وضعناها لنرقّق بها قلوب العامة .
وقال أبو داود : أخشى أن يكون دجّال بغداد .
وقال الدار قطني : متروك .
ومن مصائبه : قال : حدّثنا محمد بن عبدالله العمري ، حدّثنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر .
فهذا ملصق بمالك . وقال أبوبكر النقّاش : وهو واهٍ ... » (2) .
وقال : « محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم بن عبدالله بن عبيدالله بن عاصم بن عمر بن الخطّاب العدوي ، العمري .
ذكره العقيلي وقال : لا يصحّ حديثه ، ولا يعرف بنقل الحديث ، حدّثنا أحمد ابن الخليل ، حدّثنا أحمد ابن الخليل ، حدّثنا إبراهيم بن محمد الحلبي ، حدّثني محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم ، أنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : اقتدوا باللذين من بعدي .
فهذا لا أصل له من حديث مالك ، بل هو معروف من حديث حذيفة بن
____________
(1) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1 | 105 .
(2) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1 | 141 .

( 390 )

اليمان .
وقال الدار قطني : العمري هذا يحدّث عن مالك بأباطيل .
وقال ابن منده : له مناكير » (1) .
وقال : « عن يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن أبي الزعراء ، عن ابن مسعود مرفوعاً : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّدوا بعهد ابن مسعود .
قلت : سنده واهٍ جدّاً » (2) .

ترجمته :
والذهبي أعرف من أن يعرّف ، فهو إمام المتأخرين في التواريخ والسيّر ، والحجّة عندهم في الجرح والتعديل ... وإليك بعض مصادر ترجمته : الدرر الكامنة 3 | 336 ، الوافي بالوفيات 2 | 163 ، طبقات الشافعية 5 | 216 ، فوات الوفيات 2 | 370 ، البدر الطالع 2 | 110 ، شذرات الذهب 6 | 153 ، النجوم الزاهرة 10 | 182 ، طبقات القرّاء 2 | 71 .

(11)
نور الدّين الهيثمي

ونصّ الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي ـ المتوفّى سنة 807 هـ ـ على سقوط الحديث عن أبي الدرداء حيث قال : « وعن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ،
____________
(1) ميزان الاعتدال 3 | 610 .
(2) تلخيص المستدرك 3 | 75 .