سورة البقرة

مدنية كلها الا آية واحدة منها ، وهي ( واتقوا يوما ترجعون ) الآية وهي مأتان
وست وثمانون آية

بسم الله الرحمن الرحيم مضى تفسيرها .
(1) ألم : في المعاني عن الصادق عليه السلام ألم هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المقطع في القرآن الذي يؤلفه النبي صلى الله عليه وأله الامام فإذا دعا به اجيب .
أقول : فيه دلالة على أن الحروف المقطعات أسرار بين الله تعالى ورسوله ورموز لم يقصد بها إفهام غيره وغير الراسخين في العلم من ذريته والتخاطب بالحروف المفردة سنة الأحباب في سنن ( سنة خ ل ) المحاب فهو سر الحبيب مع الحبيب بحيث لا يطلع عليه الرقيب :

بين المحبين سر ليس يفشيه * قـول ولا قلم للخلق يحكيه

والدليل عليه أيضا من القرآن قوله عز وجل : وأُخر متشابهات ، إلى قوله : وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم .
ومن الحديث ما رواه العياشي عن أبي لبيد المخزومي قال : قال أبو جعفر عليه السلام يا أبا لبيد إنه يملك من ولد العباس إثنا عشر يقتل بعد الثامن منهم أربعة تصيب أحدهم الذبحة فتذبحه فئة قصيرة أعمارهم خبيثة سيرتهم منهم الفويسق الملقب بالهادي والناطق والغاوي يا أبا لبيد إن لي في حروف القرآن المقطعة لعلما جما إن الله تبارك وتعالى أنزل ( الم ) ذلك الكتب فقام محمد حتى ظهر نوره وثبتت كلمته وولد يوم ولد وقد مضى من الألف

( 91 )

السابع مأة سنة وثلاث سنين ثم قال : وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطعة إذا عددتها من غير تكرار وليس من حروف مقطعة حرف تنقضي ايامه الا وقام من بني هاشم عند انقضائه ثم قال : الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فذلك مائة وواحد وستون ثم كان بدور خروج الحسين بن علي عليهما السلام الم الله فلما بلغت مدته قام قائم من ولد العباس عند المص ويقوم قائمنا عند انقضائها بالمر فافهم ذلك وعد واكتمه .
وفي تفسير الامام أن معنى الم إن هذا الكتاب الذي أنزلته هو الحروف المقطعة التي منها ألف لام ميم وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوا بمثله إن كنتم صادقين .
أقول : هذا ايضا يدل على انها من جملة الرموز المفتقرة إلى هذا البيان فيرجع إلى الأول وكذا سائر ما ورد في تأويلها وهي كثيرة .
وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي .
أقول : ومن الأسرار الغريبة في هذه المقطعات أنها تصير بعد التركيب وحذف المكررات « علي صراط حق نمسكه أو صراط علي حق نمسكه » .
(2) ذلك الكتاب : في تفسير الامام عليه السلام يعني القرآن الذي افتتح بالم هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى عليه السلام ومن بعده من الأنبياء وهم أخبروا بني إسرائيل اني سأنزله عليك يا محمد لاريب فيه : لا شك فيه لظهوره عندهم .
العياشي عن الصادق عليه السلام قال : كتاب علي لا ريب فيه .
أقول : ذلك تفسيره وهذا تأويله وإضافة الكتاب إلى علي بيانية يعني أن ذلك إشارة إلى علي والكتاب عبارة عنه ، والمعنى أن ذلك الكتاب الذي هو علي لا مرية فيه وذلك لأن كمالاته مشاهدة من سيرته وفضائله منصوص عليها من الله

( 92 )

ورسوله واطلاق الكتاب على الانسان الكامل شائع في عرف اهل الله وخواص أوليائه . قال أمير المؤمنين عليه السلام :

شعر دواؤك فيك وما تشعر * وداؤك منك وما تبصــر
وأنت الكتاب المبيـن الذي * بأحرفه يظهـر المضمـر
وتزعم أنك جـرم صغيـر * وفيك انطـوى العالم الأكبر

وقال الصادق عليه السلام الصورة الانسانية هي أكبر حجة لله على خلقه وهي الكتاب الذي كتبه الله بيده .
هدى : بيان من الضلالة .
للمتقين : الذين يتقون الموبقات ويتقون تسليط السفه على أنفسهم حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه عملوا بما يوجب لهم رضاء ربهم .
وفي المعاني والعياشي عن الصادق عليه السلام : المتقون شيعتنا .
أقول : وإنما خص المتقين بالاهتداء به لأنهم المنتفعون به وذلك لأن التقوى شرط في تحصيل المعرفة الحقة .
(3) الذين يؤمنون بالغيب : بما غاب عن حواسهم من توحيد الله ونبوة الأنبياء وقيام القائم والرجعة والبعث والحساب والجنة والنار وسائر الامور التي يلزمهم الايمان بها مما لا يعرف بالمشاهدة وإنما يعرف بدلائل نصبها الله عز وجل عليه .
ويقيمون الصلوة : باتمام ركوعها وسجودها وحفظ مواقيتها وحدودها وصيانتها مما يفسدها أو ينقصها .
ومما رزقناهم : من الأموال والقوى والأبدان والجاه والعلم .
ينفقون : يتصدقون يحتملون الكل ويؤدون الحقوق لأهاليها (1) ويقرضون
____________
(1) اللام متعلق بالحقوق لا بيؤدون ، منه قدس سره .

( 93 )

ويسعفون الحاجات ويأخذون بأيدي الضعفاء يقودون الضرائر وينجونهم من المهالك ويحملون عنهم المتاع ويحملون الراجلين على دوابهم ويؤثرون على من هو أفضل منهم في الايمان على أنفسهم بالمال والنفس ويساوون من كان في درجتهم فيه بهما ويعلّمون العلم لأهله ويروون فضائل أهل البيت عليهم السلام لمحبيهم ولمن يرجون هدايته .
وفي المعاني والمجمع والعياشي عن الصادق عليه السلام : ومما علّمناهم يبثون .
(4) والذين يؤمنون بما أنزل إليك : من القرآن والشريعة .
وما أنزل من قبلك : من التوراة والانجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله المنزلة .
وبالآخرة أي الدار التي بعد هذه الدنيا التي فيها جزاء الأعمال الصالحة بأفضل مما عملوه وعقاب الأعمال السيئة بمثل ما كسبوه .
هم يوقنون : لا يشكون .
(5) أولئك على هدى من ربهم : على بيان وصواب وعلم بما أمرهم به .
وأولئك هم المفلحون : الناجون مما منه يوجلون الفائزون بما يؤملون .
(6) إن الذين كفروا بالله : وبما آمن به هؤلاء المؤمنون .
سواء عليهم أأنذرتهم : خوّفتهم .
أم لم تنذرهم لا يؤمنون : أخبر عن علمه فيهم .
(7) ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم : وسمها بسمة يعرفها من يشاء من ملائكته وأوليائه إذا نظر إليها بأنهم الذين لا يؤمنون ، في العيون عن الرضا عليه السلام قال الختم : هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم كما قال عز وجل ( بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ) .

( 94 )

وعلى أبصارهم غِشاوة : غطاء وذلك أنهم لما أعرضوا عن النظر فيما كلفوه وقصروا فيما اريد منهم جهلوا ما لزمهم الايمان به فصاروا كمن على عينيه غطاء لا يبصر ما أمامه فان الله عز وجل يتعالى عن العبث والفساد وعن مطالبة العباد بما قد منعهم بالقهر منه .
ولهم عذاب عظيم : يعني في الآخرة العذاب المعد للكافرين في الدنيا ايضا لمن يريد أن يستصلحه بما ينزل به من عذاب الاستصلاح لينبهه على طاعته أو من عذاب الاصطلام ليصيره إلى عدله وحكمته .
أقول : الاصطلام بالمهملتين الاستيصال والاستصلاح إنما هو يصح لمن لم يستحكم ختمه وغشاؤه وكان ممن يرجى له الخير بعدا وهو تنبيه من الله له واتمام للحجة وإن لم ينتفع هو به .
(8) ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر .
أقول كابن اُبي وأصحابه وكالأول والثاني واضرابهما من المنافقين الذين زادوا على الكفر الموجب للختم والغشاوة والنفاق ولا سيما عند نصب أمير المؤمنين عليه السلام للخلافة والإمامة .
أقول : ويدخل فيه كل من ينافق في الدين إلى يوم القيامة وإن كان دونهم في النفاق كما قال الباقر عليه السلام في حكم بن عتيبة إنه من أهل هذه الآية (1) .
وفي تفسير الامام ما ملخصه أنه لما أمر الصحابة يوم الغدير بمبايعة أمير المؤمنين عليه السلام بإمرة المؤمنين وقام أبو بكر وعمر إلى تسعة من المهاجرين والأنصار فبايعوه بها ووكد عليهم بالعهود والمواثيق واتى عمر بالبخبخة (2) وتفرقوا ، تواطأ قوم من متمرديهم وجبابرتهم بينهم لئن كانت بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم كائنة ليدفعن هذا الأمر عن علي عليه السلام ولا يتركونه له وكانوا يأتون
____________
(1) قال مجاهد أربع آيات من أول السورة نزلت في المؤمنين وآيتان بعدهما نزلتا في الكافرين وئلاث عشرة آية بعدها نزلت في المنافقين . منه قدس سره .
(2) البخبخة : قوله بخ بخ لك يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة . منه قدس سره .


( 95 )

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقولون : لقد أقمت علينا أحب الخلق إلى الله وإليك وكفيتنا به مؤنة الظلمة لنا والجائرين في سياستنا وعلم الله تعالى من قلوبهم خلاف ذلك وإنهم مقيمون على العداوة ودفع الحق عن مستحقيه فأخبر الله عنهم بهذه الآية .
وما هم بمؤمنين : بل تواطؤا على إهلاكك واهلاك من أحبك وتحبه إذا قدروا والتمرد عن أحكام الله خصوصا خلافة من استخلفته بأمر الله على امتك من بعدك لجحودهم خلافته وإمارته عليهم حسدا وعتوا .
قيل : أخرج ذواتهم من عداد المؤمنين مبالغة في نفي الايمان عنهم رأسا .
(9) يخادعون الله والذين آمنوا : يخادعون رسول الله بإبدائهم له خلاف ما في جوانحهم .
أقول : وإنما أضاف مخادعة الرسول إلى الله لأن مخادعته ترجع إلى مخادعة الله كما قال الله عز وجل : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) وقال ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ) . وقال : ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) . ولك أن تقول معناه يعاملون الله معاملة المخادع كما يدل عليه ما رواه العياشي عن الصادق عليه السلام إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل فيما النجاة غدا ؟ قال : إنما النجاة ان لا تخادعوا الله فيخدعكم فان من يخادع الله يخدعه ويخلع منه الايمان ونفسه يخدع لو يشعر . قيل له : وكيف يخادع الله ؟ قال : يعمل ما أمره الله عز وجل ثم يريد به غيره فاتقوا الله والرياء فانه شرك بالله .
وما يخدعون : وما يضرون بتلك الخديعة ، وقرئ يخادعون .
إلا أنفسهم : فإن الله غني عنهم وعن نصرتهم ولولا امهاله لهم لما قدروا على شيء من فجورهم وطغيانهم .
وما يشعرون : أن الأمر كان كذلك وأن الله يطلع نبيه على نفاقهم وكذبهم وكفرهم ويأمره بلعنهم في لعنة الظالمين .

( 96 )

(10) في قلوبهم مرض : قيل نفاق وشك وذلك لأن قلوبهم تغلي على النبي والوصي والمؤمنين حقدا وحسدا وغيظا وحنقا وفي تنكير المرض وإيراد الجملة ظرفية إشارة إلى استقراره ورسوخه وإلا لقال قلوبهم مرضى .
فزادهم الله مرضا : بحيث تاهت له قلوبهم .
ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون .
أقول : أي عذاب مؤلم يبلغ إيجاعه غاية البلوغ بسبب كذبهم أو تكذيبهم على اختلاف القراءة فان وصف العذاب بالأليم إنما يكون للمبالغة وهو العذاب المعد للمنافقين وهو أشد من عذاب الكافرين لأن المنافقين في الدرك الأسفل من النار .
(11) وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض : باظهار النفاق لعباد الله المستضعفين فتشوشوا عليهم دينهم وتحيروهم في مذاهبهم .
قالوا إنما نحن مصلحون : لانا لا نعتقد دينا فنرضى محمدا صلى الله عليه وآله وسلم في الظاهر ونعتق أنفسنا من رقه في الباطن وفي هذا صلاح حالنا .
(12) ألا إنهم هم المفسدون : بما يفعلون في أمور أنفسهم لأن الله يعرف نبيّه نفاقهم فهو يلعنهم ويأمر المسلمين بلعنهم ولا يثق بهم أيضا أعداء المؤمنين لأنهم يظنون أنهم ينافقونهم أيضا كما ينافقون المؤمنين فلا يرتفع لهم عندهم منزلة ولهذا رد عليهم أبلغ رد (1) .
ولكن لا يشعرون .
(13) وإذا قيل لهم : قال لهم خيار المؤمنين :
آمنوا: قيل هو من تمام النصح والإرشاد فان كمال الايمان إنما هو
____________
(1) وما روته العامة أن سلمان رضي الله عنه قال : إن أهل هذه الآية لم يأتوا بعد فلعله أراد أن الأصل فيها المسمون زورا بخلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم لم يأتوا بإفسادهم بعد هذا كان قوله هذا قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإلا فأراد به أن أهلها ليس الذين كانوا فقط بل وسيكون من بعد أو من حاله حالهم . منه قدس سره .

( 97 )

بالإعراض عما لا ينبغي المقصود من قوله : لا تفسدوا والاتيان بما ينبغي المطلوب بقوله آمنوا كما آمن الناس : المؤمنون كسلمان والمقداد وابي ذر وعمار ، وقيل أي الكاملون في الانسانية العاملون بمقتضى العقل أي آمنوا إيمانا مقرونا بالإخلاص مبرءاً عن شوائب النفاق ، قالوا : في الجواب لمن يفيضون إليه لا لهؤلاء المؤمنين فإنهم لا يجسرون على مكاشفتهم بهذا الجواب ، أنؤمن كما آمن السفهاء المذلون أنفسهم لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا اضمحل أمره أهلكهم أعداؤه . ألا إنهم هم السفهاء الأخفاء العقول والآراء الذين لم ينظروا حق النظر فيعرفوا نبوته وثبوت أمره وصحة ما ناطه بوصيه من أمر الدين والدنيا فبقوا خائفين من محمد صلى الله عليه وآله وأصحابه ومن مخاليفهم ولا يأمنون أيهم يغلب فيهلكون معه فان كلا من الفريقين يقدر ان نفاقهم معه كنفاقهم مع الآخر ولكن لا يعلمون ان الأمر كذلك وأن الله يطلع نبيه على أسرارهم فيخسئهم ويسقطهم .
(14) وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا : بيان لمعاملتهم مع المؤمنين والكفار بعد بيان مذهبهم وتمهيد نفاقهم فانهم كانوا يظهرون الايما لسلمان وابي ذر ومقداد وعمار وإذا خلوا إلى شياطينهم أخدانهم من المنافقين المشاركين لهم في تكذيب الرسول قالوا إنا معكم أي في الدين والا عتقاد كما كنا إنما نحن مستهزؤن بالمؤمنين .
(15) الله يستهزئ بهم يجازيهم جزاء من يستهزئ به اما في الدنيا فباجراء أحكام المسلمين عليهم وامره الرسول بالتعريض لهم حنى لا يخفى من المراد بذلك التعريض واما في الآخرة فبما روي انه يفتح لهم وهم في النار بابا إلى الجنة فيسرعون نحوه فإذا صاروا إليه سد عليهم الباب وذلك قوله تعالى : فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون ، رواه العامة .
وفي تفسير الامام عليه السلام ما يقرب من معناه في حديث طويل ، ويمدهم يمهلهم ويتأتى بهم برفقه ويدعوهم إلى التوبة ويعدهم إذا أنابوا المغفرة في طغيانهم قيل في التعدي عن حدهم الذي كان ينبغي أن يكونوا عليه يعمهون لا

( 98 )

يرعوون عن قبيح ولا يتركون أذى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، قيل يعمي قلوبهم والعمه عمى القلب وهو التحير في الأمر .
(16) أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى : باعوا دين الله واعتاضوا منه الكفر بالله فما ربحت تجرتهم ما ربحوا في تجارتهم في الآخرة لأنهم اشتروا النار وأصناف عذابها بالجنة التي كانت معدة لهم لو آمنوا وما كانوا مهتدين إلى الحق والصواب .
أقول : ولا لطرق التجارة لأن المقصود منها سلامة رأس المال والربح وهؤلاء أضاعوا رأس مالهم الذي هو الفطرة السليمة بما اعتقدوه من الضلالات ولم يربحوا .
(17) مثلهم حالهم العجيبة قيل إنما يضرب الله الأمثال للناس في كتبه لزيادة التوضيح والتقرير فانها أوقع في القلب وأقمع للخصم الألد لأنها تري المتخيل محققا والمعقول محسوسا كمثل الذي استوقد نارا (1) طلب سطوع النار ليبصر بها ما حوله فلمّا أضاءت ما حوله قيل أي النار ما حول المستوقد أو استضاءت الأشياء التي حوله ان جعلت اضاءت لازمة ذهب الله بنورهم بارسال ريح أو مطر أطفأها وذلك أنهم أبصروا بظاهر الإيمان الحق والهدى وأعطوا أحكام المسلمين من حقن الدم وسلامة المال فلمّا أضاء إيمانهم الظاهر ما حولهم أماتهم الله وصاروا في ظلمات عذاب الله في الآخرة لا يرون منها خروجا ولا يجدون عنها محيصا وتركهم في ظلمات لا يبصرون في العيون عن الرضا عليه السلام إن الله لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه ولكنه متى علم أنهم لا يرجعون عن الكفر والضلال منعهم المعاونة واللطف وخلى بينهم وبين اختيارهم .
(18) صم بكم عمي : يعني في الآخرة كما قال عز وجل : ( ونحشرهم
____________
(1) قيل يعني بنور المستوقدين إن جعلت جواب لما وبنور المنافقين إن جعلت مستأنفا أو بدلا أو يكون جواب لما محذوفا للإيجاز ومن الالتباس كما في قوله تعالى : فلما ذهبوا به ، وإنما لم يقل بنارهم على الأول لأن المقصود من ايقادها النور . منه قدس سره .

( 99 )

على وجوههم عميا وبكما وصما ) .
أقول : وفي الدنيا أيضا عما يتعلق بالآخرة من العلوم والمعارف ولذلك يحشرون يومئذ كذلك قال الله تعالى : ( لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ) يعني أمور الآخرة في الدنيا . وقال أيضا ( فانها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) وقال أيضا ( وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) . فهم لا يرجعون عن الضلالة إلى الهدى .
(19) أو كصيب (1) : قيل يعني أو مثل ما خوطبوا به من الحق والهدى كمثل مطر إذ به حياة القلوب كما بالمطر حياة الارض من السماء من العلو .
فيه ظلمات مثل للشبهات والمصيبات المتعلقة به ورعد وبرق مثل للتخويف والوعيد والآيات الباهرة المتضمنة للتبصير والتسديد يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت لئلا يخلع (2) الرعد أفئدتهم أو ينزل البرق بالصاعقة عليهم فيموتوا فان هؤلاء المنافقين فيما هم فيه من الكفر والنفاق كانوا يخافون أن يعثر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كفرهم ونفاقهم فيقتلهم أو يستاصلهم فإذا سمعوا منه لعنا أو وعيدا لمن نكث البيعة جعلوا أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا فتتغير ألوانهم فيعرف المؤمنون أنهم المعنيون بذلك والله محيط بالكافرين مقتدر عليهم لو شاء أظهر لك نفاق منافقيهم وأبدى لك أسرارهم وأمرك بقتلهم .
(20) يكاد البرق يخطف أبصارهم يذهب : بها وذلك لأن هذا مثل قوم ابتلوا ببرق فنظروا إلى نفس البرق ولم يغضوا عنه أبصارهم ولم يستروا منه وجوههم لتسلم عيونهم من تلالؤه ولم ينظروا إلى الطريق الذي يريدون أن يتخلصوا فيه بضوء البرق فهؤلاء المنافقون يكاد ما في القرآن من الآيات المحكمة الدالة على صدق النبيّ صلى الله عليه وآله التي يشاهدونها ولا يتبصرون بها
____________
(1) صيب : فيعل من الصوب بمعنى النزول يقال للمطر والسحاب ، منه قدس سره .
(2) الصاعقة : قصفة رعد هايل معها نار لا تمر بشيء الا حرقته من الصعق وهو شدة الصوت . « منه »


( 100 )

ويجحدون الحق فيها يبطل عليهم سائر ما عملوه من الأشياء التي يعرفونها فان من جحد حقا أداه ذلك إلى أن يجحد كل حق فصار جاحده في بطلان سائر الحقوق عليه كالناظر إلى جرم الشمس في ذهاب نور بصره كلما أضاء لهم ظهر لهم ما اعتقدوه انه الحجة مشوا فيه وهؤلاء المنافقون إذا رأوا ما يحبون في دنياهم فرحوا ببيعتهم ويتمنوا باظهار طاعتهم وإذا أظلم عليهم قاموا وقفوا وتحيروا وهؤلاء المنافقون إذا رأوا في دنياهم ما يكرهون وقفوا وتشاءموا ببيعتهم التي بايعوها قيل مثل اهتزازهم لما يلمع لهم من رشد يدركونه أو رفد يتطلع إليه أبصارهم بمشيهم في مطرح ضوء البرق كلما أضاء لهم وتحيرهم وتوقفهم في الأمر حين تعرض لهم شبهة أو تعن لهم مصيبة بتوقفهم إذا أظلم عليهم [ وإنما قال مع الاضاءة كلما ومع الا ظلام إذا ] لأنهم حراص على المشي كلما صادفوا منه فرصة انتهزوها ولا كذلك التوقف ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم حتى لا يتهيأ لهم الاحتراز من أن تقف على كفرهم انت وأصحابك فتوجب قتلهم إن الله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء .
(21) يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون : قيل لما عدد فرق المكلفين وذكر خواصهم ومصارف امورهم أقبل عليهم بالخطاب على سبيل الالتفات هزّاً للسامع وتنشيطا له واهتماما بأمر العبادة وتفخيما لشأنها وجبرا لكلفة العبادة واهتماما بلذة المخاطبة .
وفي تفسير الامام عليه السلام لها وجهان أحدهما خلقكم وخلق الذين من قبلكم لتتقوا كما قال : ( وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون ) والوجه الآخر ( اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم ) أي اعبدوه لعلكم تتقون النار ولعل (1) من الله واجب لأنه أكرم من أن يعني عبده بلا منفعة ويطمعه في فضله ثم يخيبه .
أقول : لعلكم على الوجه الأول يتعلق بخلقكم ويراد بالتقوى العبادة وعلى
____________
(1) لعل وعسى وسوف في مواعيد الملوك يكون كالجزم بها وإنما أطلقت إظهارا لوقارهم وإشعارا بأن الرمز منهم كالصريح من غيرهم وعليه جرى وعد الله ووعيده . منه قدس سره .

( 101 )

الوجه الثاني يتعلق باعبدوا ويراد بالتقوى الحذر ، نبه عليه السلام بقوله : لها وجهان على أن القرآن ذو وجوه وان حمله على الجمع صحيح ويأتي نظائره في كلامهم عليهم السلام وكون الكلام ذا وجوه مما يزيد في بلاغته ولطافته .
(22) الذي جعل لكم الارض فراشا جعلها ملائمة لطبائعكم موافقة لأجسادكم مطاوعة لحرثكم وأبنيتكم ودفن موتاكم لم يجعلها شديدة الحمى والحرارة فتحرقكم ولا شديدة البرودة فتجمدكم ولا شديدة طيب الريح فتصدع هاماتكم ولا شديدة النتن فتعطبكم ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في حرثكم وأبنيتكم ودفن موتاكم ولكنه جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به وتتماسكون وتتماسك عليها أبدانكم وبنيانكم وجعل فيها من اللين ما تنقاد به لدوركم وقبوركم وكثير من منافعكم والسماء بناء سقفا من فوقكم محفوظا يدير فيها شمسها وقمرها ونجومها لمنافعكم وأنزل من السماء ماء : يعني المطر ينزله من على ليبلغ قلل جبالكم وتلالكم وهضابكم (1) وأوهادكم ثم فرقه رذاذا ووابلا وهطلا وطلا لتنشفه أرضوكم ولم يجعل نازلا عليكم قطعة واحدة فيفسد أرضيكم وأشجاركم وزروعكم وثماركم ، وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( ينزل مع كل قطرة ملك يضعها في موضعها الذي أمره به ربه عز وجل ) فأخرج به من الثمرات رزقا لكم .
أقول : لمطعمكم ومشربكم وملبسكم وسائر منافعكم فلا تجعلو لله أندادا أشباها وأمثالا من الأصنام التي لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر ولا تقدر على شيء وأنتم تعلمون (2) أنها لا تقدر على شيء من هذه النعم الجليلة التي أنعمها عليكم ربكم .
(23) وإن كنتم في ريب مما نَزَّلْنا على عبدنا : حتى تجحدوا أن يكون محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وأن يكون هذا المنزل عليه كلامي مع إظهاري عليه
____________
(1) الهضبة ما يقابل الوهدة ، والرذاذ المطر الضعيف ، والوابل المطر الشديد ، والهطل تتابع المطر ، والطل : أضعف المطر ، منه قدس سره .
(2) قيل والمعنى وأنتم من أهل العلم والنظر . منه قدس سره .


( 102 )

بمكة من الآيات الباهرة كالغمامة المظلّة عليه والجمادات المسلمة عليه وغير ذلك فأتوا بسورة من مثله من مثل محمد صلى الله عليه وآله وسلم رجل منكم لا يقرأ ولا يكتب ولا يدرس كتابا ولا اختلف إلى عالم ولا تعلم من أحد وانتم تعرفونه في أسفاره وحضره بقي كذلك أربعين سنة ثم اوتي جوامع العلم حتى علم علم الأولين والآخرين أو من مثل (1) هذا القرآن من الكتب السالفة في البلاغة والنظم .
في الكافي عن الكاظم عليه السلام ما معناه أنه لما كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام أتاهم الله من مواعظه وأحكامه ما أبطل به قولهم وأثبت به الحجة عليهم كما أتى قوم موسى عليه السلام ما أبطل به سحرهم إذ كان الغالب عليهم السحر وقوم عيسى عليه السلام الطب وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص إذ كان الغالب عليهم الزمانات وادعوا شهداءكم من دون الله أصنامكم التي تعبدونها أيها المشركون وشياطينكم أيها اليهود والنصارى وقرناءكم (2) الملحدين يا منافقي المسلمين من النصاب لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم الطيبين الذين يشهدون بزعمكم أنكم محقون وتزعمون أنهم شهداؤكم عند رب العالمين بعبادتكم ويشفعون لكم إليه ليشهدوا لكم أن ما أتيتم مثله قيل أو لينصروكم على معارضته كما في قوله تعالى : ( قل لئن اجتمعت الجن والانس على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) فان الشهيد جاء بمعنى الامام والناصر والقائم بالشهادة والتركيب للحضور حسا أو خيالا إن كنتم صادقين بأن محمدا صلى الله عليه وآله تقوّله من تلقاء نفسه لم ينزله الله عليه .
(24) فإن لم تفعلوا هذا الذي تحديتكم به أيها المقرعون بحجة رب العالمين ولن تفعلوا ولا يكون هذا منكم ابدا ولن تقدروا عليه فاتقوا النار التي وقودها حطبها الناس والحجارة حجارة الكبريت لأنها أشد الأشياء حرا .
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام : لقد مررنا مع رسول الله
____________
(1) هذا الترديد في التفسير أيضا مما ينبه على أن القرآن ذو وجوه وان حمله على جميع الوجوه صحيح حق وليس من قبيل التردد كما يقع في كلام سائر المفسرين ، حاشاهم عن ذلك . منه قدس سره .
(2) هذا مما لفق من موضعين من تفسير الإمام عليه السلام . منه قدس سره .


( 103 )

صلى الله عليه وآله بجبل وإذا الدموع تسيل من بعضه فقال : ما يبكيك يا جبل ؟ قال : يا رسول الله كان المسيح مر بي وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس والحجارة فانا أخاف أن أكون من تلك الحجارة . قال (ص) : ( لا تخف تلك حجارة الكبريت ) فقر الجبل وسكن وهدء . وقيل المراد بها الأصنام التي نحتوها وقرنوا بها أنفسهم وعبدوها طمعا في شفاعتها ، كما في قوله تعالى : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) .
القمي عن الصادق (ع) قال إن ناركم هذه جزء من سبعين جزء من نار جهنم وقد اطفئت سبعين مرة بالماء ثم التهبت ولولا ذلك ما استطاع آدمي أن يطفأها وإنها ليؤتى بها يوم القيامة حتى توضع على النار فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل الا جثا على ركبتيه فزعا من صرختها أعدت للكافرين المكذبين بكلامه ونبيه .
(25) وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها : من تحت أشجارها ومساكنها الانهار روي أنها نزلت في علي وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب .
أقول : وهذا لا ينافي عموم حكمها كما دريت كلما رزقوا منها من تلك الجنات من ثمرة من ثمارها رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا فأسماؤه كأسمائه ولكنها في غاية الطيب غير مستحيل إلى ما يستحيل إليه ثمار الدنيا من العذرة والصفراء والسوداء والدم إلا العرق الذي يجري في أعراضهم أطيب ريحا من المسك .
أقول : العرض بالكسر الجسد .
وأتوا به متشابها يشبه بعضه بعضا بأنها كلها خيار لا رذل فيها وبأن كل صنف منها في غاية الطيب واللذة ليست كثمار الدنيا التي بعضها ني وبعضها متجاوز لحد النضج والادراك إلى حد الفساد من حموضة ومرارة وسائر صنوف المكاره ومتشابهات أيضا متفقات الألوان مختلفات الطعوم .

( 104 )

أقول : لما كان المعرفة في الدنيا بذر المشاهدة في الآخرة جاز أن يكون اشير بهذا الذي رزقنا من قبل لأهل المعرفة إلى ثمرة علومهم ومعارفهم التي صارت عينا وعيانا .
ولهم فيها أزواج مطهرة من الحيض والنفاس وسائر أنواع الأقذار والفواحش لا ولاّجات ولا خرّاجات ولا دخّالات ولا ختّالات ولا متغايرات ولا لأزواجهن فركات ولا صخّابات (1) ولا عيابات ولا نخّاسات ومن كل العيوب والمكاره بريئات .
أقول : الولاّجات والخّراجات اللواتي يكثرن الظّرف والاختيار والدخّالات الغاشات والختالات الخداعات والمتغايرات من الغيرة وفركات مبغضات والصخابات الصياحات والعيابات من العيب والنخاسات الدفاعات .
وفي الفقيه عن الصادق عليه السلام لا يحضن ولا يحدثن .
وهم فيها خلدون : لأن نياتهم في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا فبالنيات خلدوا كذا في العلل عن الصادق عليه السلام .
(26) إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا : للحق يوضحه به لعباده المؤمنين ، ما ما هو المثل .
أقول : يعني أي مثل كان فان ما لزيادة الإيهام والشيوع في النكرة بعوضة فما فوقها وهو الذباب رد بذلك على من طعن في ضربه الأمثال بالذباب والعنكبوت وبمستوقد النار والصيب في كتابه .
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام إنما ضرب الله المثل بالبعوضة لأنها على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق الله في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين فأراد الله أن ينبه بذلك المؤمنين على لطيف خلقه وعجيب صنعه .
فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم إنه المثل المضروب الحق من
____________
(1) بالمهملة ثم المعجمة ثم الموحدة . منه قدس سره .

( 105 )

ربهم أراد به الحق وإبانته والكشف عنه وإيضاحه .
أقول : يعني يعلمون أن المعتبر في المثل أن يكون على وفق الممثل له في الصغر والعظم والخسة والشرف ليبينه ويوضحه حتى يصير في صورة المشاهد المحسوس دون الممثل .
وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا أي شيء أراد به من جهة المثل يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا قيل هو جواب ماذا أي إضلال كثير بسبب إنكاره وهداية كثير من جهة قبوله فهو يجري مجرى البيان للجملتين المتقدمتين يعني أن كلا الفريقين موصوف بالكثرة ولسببيته لهما نسبا إليه .
وفي تفسير الامام عليه السلام يعني : يقول الذين كفروا لا معنى للمثل لأنه وإن نفع به من يهديه فهو يضر به من يضل به فرد الله عليهم قولهم فقال : وما يضل به إلا الفاسقين الخارجين عن دين الله الجانين على أنفسهم بترك تأمله وبوضعه على خلاف ما أمر الله بوضعه عليه .
(27) الذين ينقضون عهد الله : المأخوذ عليهم لله بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة ولعلي عليه السلام بالإمامة ولشيعتهما بالكرامة من بعد ميثاقه إحكامه وتغليظه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل من الارحام والقرابات أن يتعاهدوهم ويقضوا حقوقهم وأفضل رحم وأوجبهم حقا رحم محمد صلى الله عليه وآله وسلم فان حقهم بمحمد صلى الله عليه وآله كما أن حق قرابات الانسان بأبيه وامه ومحمد أعظم حقا من أبويه وكذلك حق رحمه أعظم وقطيعته أقطع وأفضح .
أقول : ويدخل في الآية التفريق بين الأنبياء والكتب في التصديق وترك موالاة المؤمنين وترك الجمعة والجماعات المفروضة وسائر ما فيه رفض خير أو تعاطي شر فانه يقطع الوصلة بين الله وبين العبد التي هي المقصودة بالذات من كل وصل وفصل . ويفسدون في الارض بسبب قطع ما في وصله نظام العالم وصلاحه أولئك هم الخاسرون الذين خسروا أنفسهم بما صاروا إلى النيران وحرموا الجنان فيالها من خسارة ألزمتهم عذاب الأبد وحرمتهم نعيم الأبد .