سورة الحجرات
مدنية عدد آيها ثماني عشرة آية بالاجماع

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا وقرئ بفتح التاء امرا أو انفسكم أو لا تتقدموا ومنه مقدمة الجيش لمقتدميهم بين يدي الله ورسوله قيل المعنى لا تقطعوا امرا قبل ان يحكما به وقيل لا تقدموا في المشي والمراد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر الله تعظيم له واعار بأنه من الله بمكان يوجب اجلاله واتقو الله في التقديم إن الله سميع لاقوالكم عليم بأفعالكم .
(2) يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصوتكم فوق صوت النبي أي إذا كلمتموه فلا تجاوزوا أصواتكم عن صوته ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ولا تبلغوا به الجهر الدائر بينكم بل اجعلوا أصواتكم أخفض من صوته محاماة على الترحيب ومراعاة للادب وتكرير النداء لاستدعاء مزيد الاستبصار والمبالغة في الاتقاظ والدلالة على استقلال المنادى له وزيادة الاهتمام به أن تحبط أعمالكم كراهة أن تحبط أعمالكم أو لان تحبط وأنتم لا تشعرون إنها محبطة .
القمي نزلت في وفد بني تميم كانوا إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وقفوا على باب حجرته فنادوا يا محمد اخرج إلينا وكانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وآله تقدموه في المشي وكانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته ويقولون يا محمد يا محمد ما تقول في كذا كما يكلمون بعضهم بعضا فأنزل الله الاية .
وفي الجوامع عن ابن عباس نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وكان في اذنه


( 48 )

وقر وكان جهوري الصوت فكان إذا كلمه رفع صوته وربما تأذى رسول الله صلى الله عليه وآله بصوته قال وروي أنه لما نزلت الاية فقد ثابت فتفقده رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبر بشأنه فدعاه فسأله فقال يارسول الله لقد انزلت هذه الاية وإني جهوري الصوت فأخاف أن يكون عملي قد حبط فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لست هناك فإنك تعيش بخير وتموت بخير وإنك من أهل الجنة .
وفي تفسير الامام عليه السلام في سورة البقرة عند قوله تعالى لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا .
عن الكاظم عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قدم المدينة وكثر حوله المهاجرون والانصار وكثرت عليه المسائل وكانوا يخاطبونه بالخطاب العظيم الذي لا يليق به وذلك أن الله تعالى كان قال يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصوتكم فوق صوت النبي صلى الله عليه وآله الاية وكان رسول الله صلى الله عليه وآله بهم رحيما وعليهم عطوفا وفي إزالة الاثام عنهم مجتهدا حتى أنه كان ينظر إلى من يخاطبه فيعمد على أن يكون صوته مرتفعا على صوته ليزيل عنه ما توعده الله من إحباط عمله حتى أن رجلا أعرابيا ناداه يوما خلف حائط بصوت له جهوري يا محمد فأجابه بأرفع من صوته يريد أن لا يأثم الاعرابي بارتفاع صوته .
(3) إن الذين يغضّون أصواتهم يخفضونها عند رسول الله مراعاة للادب اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى جربها لها ومرنها عليها لهم مغفرة لذنوبهم وأجر عظيم لغضهم وسائل طاعاتهم والتنكير للتعظيم .
(4) إن الذين ينادونك من وراء الحجرات من خارجها خلفها أو قدامها والمراد حجرات نسائه صلى الله عليه وآله أكثرهم لا يعقلون إذ العقل يقتضي حسن الادب ومراعاة الحشمة لمن كان بهذا المنصب .
(5) ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم من الاستعجال والنداء لما فيه من حفظ الادب وتعظيم الرسول الموجبين للثناء والثواب والاسعاف بالمسؤول وفي إليهم إشعار بأنه لو خرج لا لاجلهم ينبغي أن يصبروا حتى يفاتحهم


( 49 )

بالكلام أو يتوجه إليهم والله غفور رحيم حيث اقتصر على النصح والتقريع لهؤلاء المسيئين الادب التاركين تعظيم الرسول .
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا فتعرفوا وتفحصوا وقرئ بالثاء المثلثة والباء الموحدة من التثبت .
ونسبها في المجمع إلى الباقر عليه السلام يعني فتوقفوا حتى يتبين الحال أن تصيبوا كراهة إصابتكم قوما بجهالة جاهلين بحالهم فتصبحوا فتصيروا على ما فعلتم نادمين مغتمين غما لازما متمنين أنه لم يقع .
روي أن النبي صلى الله عليه وآله بعث وليد بن عقبة مصدقا إلى بني المصطلق وكان بينه وبينهم احنة فلما سمعوا به استقبلوه فحسبهم مقاتليه فرجع وقال لرسول الله صلى الله عليه وآله قد ارتدوا ومنعوا الزكاة فهم بقتالهم فنزلت ويؤيد هذه الرواية ما في الاحتجاج عن الحسن المجتبى عليه السلام في حديث قال وأما أنت يا وليد بن عقبة فوالله ما ألومك أن تبغض عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين جلدة وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر أم كيف تسبه فقد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن وسماك فاسقا وهو قوله إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا الاية .
والقمي نزل في عائشة حين رمت مارية القبطية واتهمتها بجريح القبطي فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتل جريح ليظهر كذبها وترجع عن ذنبها وقد مضى قصتها في سورة النور .
(7) واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتّم لوقعتم في العنت وهو الجهد والهلاك وفيه إشعار بأن بعضهم أشار إليه بالايقاع ببني المصطلق ولكنّ الله حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكرَّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان قيل هو خطاب للمؤمنين الذين لم يفعلوا ذلك ولم يكذبوا لغرضهم الفاسد تحسينا لهم وتعريضا بذم من فعل .
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام الفسوق الكذب .


( 50 )

وفي الكافي والقمي عن الصادق عليه السلام حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم يعني أمير المؤمنين عليه السلام وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان يعني الاول والثاني والثالث .
وفي المحاسن عنه عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية وقيل له هل للعباد فيما حبب الله صنع قال لا ولا كرامة .
وعنه عليه السلام الدين هو الحب والحب هو الدين .
وفي الكافي عنه عليه السلام أنه سئل عن الحب والبغض أمن الايمان هو فقال وهل الايمان إلا الحب والبغض ثم تلا هذه الاية اولئك هم الرشدون يعني اولئك الذين فعل الله بهم ذلك هم الذين أصابوا الطريق السويّ .
(8) فضلا من الله ونعمة والله عليم بأحوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل حكيم حين يفضل وينعم بالتوفيق عليهم .
(9) وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا تقاتلوا والجمع باعتبار المعنى فإن كل طائفة جمع فأصلحوا بينهما بالنصح والدعاء إلى حكم الله فإن بغت إحداهما على الاخرى تعدت عليها فقاتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله ترجع إلى حكمه وما أمر به فإن فائت فأصلحوا بينهما بالعدل بفصل ما بينهما على ما حكم الله قيل تقييد الاصلاح بالعدل هاهنا لانه مظنة الحيف من حيث انه بعد المقاتلة وأقسطوا واعدلوا في كل الامور إن الله يحب المقسطين قيل نزلت في قتال حدث بين الاوس والخزرج في عهده بالسعف والنعال .
وفي الكافي والتهذيب والقمي عن الصادق عن أبيه عليهما السلام في حديث قال لما نزلت هذه الاية قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل من هو قال خاصف النعل يعني أمير المؤمنين عليه السلام فقال عمار بن ياسر قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا وهذه الرابعة والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات من هجر


( 51 )

لعلمنا انا على الحق وإنهم على الباطل وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين عليه السلام ما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل مكة يوم فتح مكة فإنهم لم يسب لهم ذرية وقال من أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن وكذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام يوم البصرة نادى فيهم لا تسبوا لهم ذرية ولا تجهزوا على جريح ولا تتبعوا مدبرا ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن .
وفي الكافي عنه عليه السلام إنما جاء تأويل هذه الاية يوم البصرة وهم أهل هذه الاية وهم الذين بغوا على أمير المؤمنين عليه السلام فكان الواجب عليه قتالهم وقتلهم حتى يفيؤوا إلى أمر الله ولو لم يفيؤوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أن لا يرفع السيف عنهم حتى يفيؤوا ويرجعوا عن رأيهم لانهم بايعوا طائعين غير كارهين وهي الفئة الباغية كما قال الله عز وجل فكان الواجب على أمير المؤمنين عليه السلام ان يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم كما عدل رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل مكة إنما من عليهم وعفا وكذلك صنع علي أمير المؤمنين عليه السلام بأهل البصرة حيث ظفر بهم مثل ما صنع النبي صلى الله عليه وآله بأهل مكة حذوا النعل بالنعل .
(10) إنما المؤمنون إخوة .
في الكافي عن الصادق عليه السلام بنو اب وام وإذا ضرب على رجل منهم عرق سهر له الاخرون .
وعنه عليه السلام المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه .
وعن الباقر عليه السلام المؤمن أخ المؤمن لابيه وامه لان الله خلق المؤمنين من طينة الجنان واجري في صورهم من ريح الجنة فلذلك هم اخوة لاب وام .
وفي البصائر عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن تفسير هذا الحديث إن المؤمن ينظر بنور الله فقال إن الله خلق المؤمن من نوره وصبغهم من رحمته وأخذ


( 52 )

ميثاقهم لنا بالولاية على معرفته يوم عرفهم نفسه فالمؤمن أخ المؤمن لابيه وامه أبوه النور وامه الرحمة وإنما ينظر بذلك النور الذي خلق منه .
أقول : ووجه آخر لاخوة المؤمنين إنتسابهم إلى النبي والوصي فقد ورد أنه صلى الله عليه وآله قال أنا وأنت يا علي أبوا هذه الامة ووجه آخر إنتسابهم إلى الايمان الموجب للحياة الابدية فأصلحوا بين أخويكم .
في الكافي عن الصادق عليه السلام صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا .
وعنه عليه السلام لان أصلح بين اثنين أحب إلي من أن أتصدق بدينارين وعنه عليه السلام إنه قال لمفضل إذا رأيت بين إثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي وفي رواية قال المصلح ليس بكذاب واتقوا الله في مخالفة حكمه والاهمال فيه لعلكم ترحمون على تقواكم .
(11) يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن أي لا يسخر بعض المؤمنين والمؤمنات من بعض إذ قد يكون المسخور منه خيرا عند الله من الساخر القمي نزلت في صفية بنت حي بن أحطب وكانت زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك إن عائشة وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمانها وتقولان لها يا بنت اليهودية فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها الا تجيبنيهما فقالت بماذا يا رسول الله قال قولي إن أبي هارون نبي الله وعمي موسى كليم الله وزوجي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله فما تنكران مني فقالت لهما فقالتا هذا علمك رسول الله صلى الله عليه وآله فأنزل الله في ذلك يا أيها الذين آمنوا لا يسخر الاية ولا تلمزوا أنفسكم ولا يعب بعضكم بعضا ولا تنابزوا بالالقاب ولا يدعوا بعضكم بعضا بلقب السوء بئس الاسم الفسوق بعد الايمان أي بئس الذكر المرتفع للمؤمنين أن يذكروا بالفسق بعد دخولهم الايمان واشتهارهم به ومن لم يتب عما نهي عنه فاولئك هم الظالمون بوضع العصيان موضع الطاعة وتعريض النفس للعذاب .


( 53 )

(12) يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن كونوا منه على جانب وإبهام الكثير ليحتاط في كل ظن ويتأمل حتى يعلم أنه من أي القبيل إن بعض الظن إثم الاثم الذنب يستحق به العقوبة .
في الكافي عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك منه ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا .
وفي نهج البلاغة إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء رجل الظن برجل لم يظهر منه خزيه فقد ظلم وإذا استولى الفساد على الزمان وأهله ثم أحسن الرجل الظن برجل فقد غرر ولا تجسسوا ولا تبحثوا عن عورات المؤمنين .
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تطلبوا عثرات المؤمنين فإنه من يتبع عثرات أخيه يتبع الله عثرته ومن يتبع الله عثرته يفضحه ولو في جوف بيته ولا يغتب بعضكم بعضا ولا يذكر بعضكم بعضا بالسوء في غيبته .
في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن الغيبة فقال هو أن تقول لاخيك في دينه ما لم يفعل وتبث عليه أمرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حد وفي رواية وأما الامر الظاهر فيه مثل الحدة والعجلة فلا .
وعن الكاظم عليه السلام من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته .
وفي العيون عن الرضا عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من عامل الناس فلم يظلمهم ومن حدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروته وظهرت عدالته ووجبت اخوته وحرمت غيبته .
ومثله في الكافي وفي الخصال عن الصادق عليه السلام وفي المجمع في الحديث


( 54 )

قولوا في الفاسق ما فيه كي يحذره الناس .
وعن النبي صلى الله عليه وآله إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا ثم قال إن الرجل يزني ويتوب فيتوب الله عليه وإن صاحب الغيبة لا يغفر له إلا أن يغفر له صاحبه ومثله :
في الخصال عن الصادق عليه السلام أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه تمثيل لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفحش وجه مع مبالغات الاستفهام المقرر وإسناد الفعل إلى أحد للتعميم وتعليق المحبة بما هو في غاية الكراهة وتمثيل الاغتياب بأكل لحم الانسان وجعل المأكول أخا وميتا وتعقيب ذلك بقوله فكرهتموه تقريرا وتحقيقا لذلك وقرئ مشددا واتقوا الله إن الله تواب رحيم لمن اتقى ما نهي عنه وتاب مما فرط منه في الجوامع روي أن أبا بكر وعمر بعثا سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ليأتي لهما بطعام فبعثه إلى اسامة بن زيد وكان خازن رسول الله صلى الله عليه وآله على رحله فقال ما عندي شيء فعاد إليهما فقالا بخل اسامة ولو بعثنا سلمان إلى بئر سميخة لغار ماؤها ثم انطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لهما مالي أرى خضرة اللحم في أفواهكما قال يا رسول الله ما تناولنا اليوم لحما قال ظلمتم تفكهون لحم سلمان واسامة فنزلت .
(13) يا أيها الناس إنا خلقنكم من ذكر وانثى من آدم وحواء وجعلنكم شعوبا وقبائل القمي قال الشعوب العجم والقبائل العرب ورواه في المجمع عن الصادق عليه السلام لتعارفوا ليعرف بعضكم بعضا لا للتفاخر بالاباء والقبائل إن أكرمكم عند الله أتقيكم فإن بالتقوى تكمل النفوس وتتفاضل الاشخاص فمن أراد شرفا فليلتمس منها القمي هو رد على من يفتخر بالاحساب والانساب وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم بالاسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها أن العربية ليست باب والد وإنما هو لسان ناطق فمن تكلم به فهو عربي الا انكم من آدم وآدم من التراب وإن أكرمكم عند الله أتقاكم .
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله يقول الله تعالى يوم القيامة أمرتكم


( 55 )

فضيعتم ما عهدت إليكم فيه ورفعتم أنسابكم فاليوم أرفع نسبي واضع أنسابكم أين المتقون إن أكرمكم عند الله أتقاكم .
وفي الفقيه عن الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال اتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه .
وفي الاعتقادات عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن قوله تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم قال أعملكم بالتقية .
وفي الاكمال مثله عن الرضا عليه السلام إن الله عليم بكم خبير ببواطنكم .
(14) قالت الاعراب آمنا قيل نزلت في نفر من بني أسد قدموا المدينة في سنة جدبة وأظهروا الشهادتين وكانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وآله اتيناك بالاثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان يريدون الصدقة ويمنون قل لم تؤمنوا به إذ الايمان تصديق مع ثقة وطمأنينة قلب ولم يحصل لكم ولكن قولوا أسلمنا فإن الاسلام إنقياد ودخول في السلم وإظهار الشهادة وترك المحاربة يشعر به وكان نظم الكلام أن يقول لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا أو لم تؤمنوا ولكن أسلمتم فعدل منه إلى هذا النظم إحترازا من النهي عن القول بالايمان والجزم باسلامهم وقد فقد شرط اعتباره شرعا .
في الكافي عن الصادق عليه السلام ان الاسلام قبل الايمان وعليه يتوارثون ويتناكحون والايمان عليه يثابون وعنه عليه السلام الايمان هو الاقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالاركان والايمان بعضه من بعض وهو دار وكذلك الاسلام دار والكفر دار فقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما فالاسلام قبل الايمان وهو يشارك الايمان فإذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عز وجل عنها كان خارجا عن الايمان ساقطا عنه اسم الايمان وثابتا عليه اسم الاسلام فان تاب واستغفر عاد إلى دار الايمان ولا يخرجه إلى الكفر إلا الجحود والاستحلال الحديث وفي رواية الاسلام هو الظاهر الذي عليه الناس من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله


( 56 )

عليه وآله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذا الاسلام والايمان معرفة هذا الامر مع هذا فان أقر بها ولم يعرف هذا الامر كان مسلما وكان ضالا .
وعن الباقر عليه السلام المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من ائتمنه المسلمون على أموالهم وأنفسهم الحديث .
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال الاسلام علانية والايمان في القلب وأشار إلى صدره ولما يدخل الايمان في قلوبكم توقيت لقولوا وإن تطيعوا الله ورسوله بالاخلاص وترك النفاق لا يلتكم من أعمالكم لا ينقصكم من اجورها شيئا من الليت وقرئ لا يالتكم من الالت وهو لغة فيه إن الله غفور لما فرط من المطيعين رحيم بالتفضل عليهم .
(15) إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا لم يشكوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله في طاعته اولئك هم الصادقون الذين صدقوافي إدعاء الايمان القمي قال نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام .
(16) قل أتعلمون الله بدينكم أتخبرونه بقولكم آمنا والله يعلم ما في السموات وما في الارض والله بكل شيء عليم لا تخفى عليه خافية وهو تجهيل لهم وتوبيخ روي أنه لما نزلت الاية المتقدمة جاؤا وحلفوا أنهم مؤمنون معتقدون فنزلت هذه .
(17) يمنون عليك أن أسلموا يعدون إسلامهم عليك منة قل لا تمنّوا عليّ إسلامكم أي باسلامكم بل الله يمن عليكم أن هديكم للايمان على ما زعمتم مع أن الهداية لا تستلزم الاهتداء إن كنتم صادقين في ادعاء الايمان القمي نزلت في عثمان يوم الخندق وذلك أنه مر بعمار بن ياسر وهو يحفر الخندق وقد ارتفع الغبارمن الحفرة فوضع عثمان كمه على أنفه ومر فقال عمار لا يستوي من يعمر المساجد فيصلي فيها راكعا وساجدا كمن يمر بالغبار حايدا يعرض عنه جاحدا معاندا فالتفت إليه عثمان فقال يا ابن السوداء إياي تعني ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لم ندخل


( 57 )

معك لتسب أعراضنا فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله قد أقلتك إسلامك فاذهب فأنزل الله عز وجل يمنون عليك ان أسلموا إلى قوله صادقين أي ليسوا هم صادقين .
(18) إن الله يعلم غيب السموات والارض ما غاب فيهما والله بصير بما تعملون في سركم وعلانيتكم فكيف يخفى عليه ما في ضمائركم وقرئ بالياء .
في ثواب الاعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة الحجرات في كل ليلة أو في كل يوم كان من زوار محمد صلى الله عليه وآله