السـلام

في القرآن والحديـث


الشيخ محمد الغروي




بسـم الله الرحمـن الرحيـم


(7)

الإهـداء

إلى من شرفت الصلاة بالصلاة عليه وعلى آله ، وشرف السلام بالسلام عليه وعليهم .
إلى من خصه الله بصلاته وصلاة ملائكته . وأمر المؤمنين بالصلاة عليه مقرونة بالتسليم بقوله تعالى :
( إنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَبِيّ يأَيُّهَا الذّينَ ءامَنُوا صَلّوا عَلَيْهِ وَسَلّمُوا تَسْليماً ) (1) .
إلى من أجاب السائل : يارسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه ، كيف نصلي عليك ؟ قال : « تقولون : اللهم صل على محمد وآل محمد ... » (2) .
أهدي بضاعتي المزجاة :

أهـدي لمجـلسـه الكـريـم وإنـمـا * أهـدي لـه مـا خـرت من نعمـائـه
كـالبحـر يمـطره السحـاب ومـالـه * مَـنَّ عـليـه ؛ لأنـه مـن مـائـه (3)

____________
1 ـ الأحزاب : 56 .
2 ـ فضائل الخمسة 1 | 258 ، من مسند الشافعي : 23 ، البحار 17 | 19 .
3 ـ جمال الأسبوع : 21 .

(8)

لإن نـظـرت عيـنـي جـمـال أحبـنـي * وهـبت لبـشرى الوصل مـا مـلكت يـدي
وملـكـتـه روحـي ومـالـي غيـرهــا * وهـذا قـلـيـل فـي مـحـبـة أحـمـد
سـألـت إلـهـي أن يـمــن بـقـربـه * ويـجـمـع شـمـلـي بالنـبـي محـمـد
صلى الله عليه وآله وسلم(1)

____________
1 ـ البحار : 16 | 39 ـ 40 .
(9)

بِسْـم اللهِ الرحَّمْنِ الرَّحيــمِ
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، والأئمة من أهل بيته خلفاء الله ، ولا سيما الإمام المهدي بقية الله ، عجل الله تعالى فرجه .
اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، وإليك يعود السلام ، ودارك دار السلام ، حيّنا ربنا منك السلام (1) .
____________
1 ـ جمال الاسبوع : 24 .
(10)


(11)

تمهـيد

الله يعلم ما تحمل الأسماء من حقائق وآثار ، ومن جمال وبهجة ونور ، فيختار تعالى ـ وله الاختيار كله ـ من الأسماء ما يزين ربوبيته المتعالية ، وما يجلها عما يلحق المخلوق من صفات وسمات تدل على ذاتية فقره ونقصه ؛ ذلك بأن الله هو الغني الكبير المتعال ، المحب للجمال .
ومن حبه للجمال اختار لنفسه أجمل الأسماء ، وكل أسمائه جميلة ، وأجلها ، وكلها جليلة ، وأنوارها ، وكلها نيرة : ( السَّلام المُؤمن المُهيمن ) (1) ؛ والسلام من أسمائه الحسنى ، وكيف لا وهو السلام كله ، كما أنه الجمال كله ، والكمالات كلها ، والسلام نور وجمال ؛ ومن ثم كان له تعالى جمال الصنع ( الذي أحسن كل شيءٍ خلقه ) (2) ، وما في الوجود إلا وهو من جمال السلام ونوره ، ونفحة من نفحاته .
ومن نور السلام انبثق الإسلام والأنبياء والمرسلون عليهم السلام ، والكتب المنزلة ، والقرآن ، ومحمد البشير ، صلى الله عليه وآله ، جاء ببشائر السلام ونشر الأمن بين الناس ، ( قَدْ جاءَكُم مِن اللهِ نُورٌ وكتابٌ مُبينٌ *
____________
1 ـ الحشر : 23 .
2 ـ السجدة : 7 .

(12)

( يهدي بِهِ اللهُ من اتّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُل السَّلام ) (1).
والأئمة المعصومون سُبُلُ السلام وشروطه ، والمقتدون بهم المهتدون المتأدبون الفاشي بينهم السلام تحية ملائكة السماء ، والمسلمين في الأرض ، وسيوافيك أن من أهم الآداب السلام ، والتعاطف ، والزيارة ، وإليك حديثاً من هذا الضرب :
الشيخ الصدوق عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة المفضل ، عن جابر (2) ، عن أبي عبد الله عليه السلام (3) قال : « إن مَلَكاً مر برجل على باب ، فقال له : ما يقيمك على باب هذه الدار ؟ فقال : أخ لي فيها أردت أن أسلم عليه ، فقال له الملك : بينك وبينه قرابة ، أو نزعتك إليه حاجة ؟ فقال : لا ، ما بيني وبينه قرابة ، ولا نزعتني إليه حاجة ، إلا أخوة الإسلام وحرمته ، فأنا أسلم عليه ، وأتعهده لله رب العالمين .
فقال له الملك : أنا رسول الله إليك وهو يقرئك السلام ، ويقول لك : إي زرت ، ولي تعاهدت ، وقد أوجبت لك الجنة ، وأعفيتك من غضبي ، وأجرتك من النار » (4) .
ومن انتفع بحديث انتفع بأحاديث .
ونذكر بعد آيات السلام والتحية ، ومعاني السلام ، أبحاثه في فصول عشرة :
____________
1 ـ المائدة : 15 ـ 16 .
2 ـ جابر المكفوف ، أو ابن عبد الله ، أو ابن يزيد الجعفي ثقة ، على أن متن الحديث أمتن من الجبال .
3 ـ في ثواب الأعمال 204 ، ـ باب ثواب التسليم على الأخ المؤمن في الله عز وجل ـ الحديث مروي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، وفي ألفاظه بعض التبديل غير المضر بالغرض ، ولعله حديثان عنهما عليهما السلام ، وله نظائر في الأحاديث ، لا تخفى على المتتبع .
4 ـ الوسائل 8 | 436 ، الباب 32 من أحكام العشرة ، الحديث 5 . أقول : وفيه لأهل السلام بشارة : ( والحرّ تكفيه الاشارة ) ، مجمع الأمثال للميداني 2 | 19 ، رقم المثل 2447 ، حرف العين .

(13)

1 ـ السلام اسم من أسماء الله الحسنى .
2 ـ السلام تحية الله التي اختارها للمسلمين .
3 ـ الابتداء بالسلام .
4 ـ إفشاء السلام في العالم (1) .
5 ـ السلام قبل الكلام .
6 ـ سلام الاستئذان والإعلام .
7 ـ أدب السلام .
8 ـ السلام ندب ، والرد فرض .
9 ـ السلام المنهي عنه .
10 ـ سلام الوداع .
تلك عشرة كاملة نختمها بخاتمة فيها أمور ثلاثة :
الأمر الأول : صلاة المعراج ، وأسرار سلامها .
الأمر الثاني : سلام الولادة ، والموت ، والبعث ، وأيامها .
الأمر الثالث : مقارنة السلام مع جميع الكائنات ، وفي ذلك مقامان : سلامنا عليها في المقام الأول . وإمكان سلامها علينا ، ووقوعه في الخارج في المقام الثاني ، ونذكر لهما من القرآن الكريم ، ومن أحاديث أهل البيت ، عليهم السلام ، وغيرها شواهد نأتي بالميسور منها ؛ و « الميسور لا يسقط بالمعسور » (2) ، وبالبعض المدرك من الكل ، لأن « ما لا يدرك كله لا يترك كله » (3) .
ولمن استكفى بذلك الكفاية ، والله المستعان في كل الأمور وهو ولي التوفيق .
____________
1 ـ كلمة « في العالم » موجودة في الحديث ، البحار 76 | 12 . وسيأتي في فصله ان أحاديث إفشاء السلام قد أنهاها بعض الكتاب إلى أربعين حديثاً ، وألّف فيها رسالة جاء ذكرها في فهرس مخطوطات جامعة الرياض 4 | 221 ، وقد طبعت في مطابع الرياض سنة 1400 هـ .
2 ـ عوائد الأيام 88 ـ 89 ، عوالي اللألي 4 | 58 .
3 ـ المصدران نفسهما .
قال المعلق على العوالي نقلاً عن مؤلف المواهب السنية الشعر :

وفـي اضطـرار يسـقـط المعـسور * فـي الـكل فـالفـرض هـو الـميـسور


(14)

وقبل الشروع في ذكر آيات السلام والتحية ، ومعانيه في اللغة ، والقرآن ، والحديث ، والفصول العشرة تجدر الأشارة إلى بعض الكتب المؤلفة في التحية والسلام :

1ـ ( التحيات الطيبات ) :
والتسليمات الفاتحات على محمد وآله الهادين للحسنات ... وهي ثمان تحيات لهم ، وتوسلات إليهم ، عليهم السلام ، بليغات منظومات ؛ سبعة منها من نظم السيد الأمير قوام الدين محمدبن محمد مهدي الحسيني السيفي القزويني المتوفى في عشر الخمسين بعد المائة والألف ، كما أرخه السيد عبد الله التستري في إجازته الكبيرة (1) ، وقد سمى كل واحدة من تلك السبعة باسم خاص ، فرغ من نظمها سنة 1221 هـ ، وجعل مادة التاريخ قوله في شعر من رباعياته : ( بالطيبات تطيب الأزهار ) .
أول التحيات : ( التحية الطيبة ) التي أولها :

إلـهـي بحـق المـصطفى وابـن عمـه * وسبـطيـه والـزهـراء آل عـبـاء
بـالـتسعـة الغـر الـذيـن تـكـرمـوا * عـليـك وقـد قـدّمتـم لـرجـائـي

ثم [ ( التحية (2) الفائحة ) ] ، ( التحية المسكية ) ، ( التحية العنبرية ) ، ( التحية الريحانية ) ، ( التحية الياسمنية ) ، ( التحية الياسينية ) . وقد جمع هذه السبعة ولده الناظم [ عبد الله بن قوام الدين ] ... وألحق بها تحية ثامنة من نظم نفسه وسماها : ( التحية العبهرية ) أولها (3) ...

2ـ ( التحية المباركة في أحكام السلام ) :
للسيد الحاج ميرزا أبي المكارم ... المتوفى 1330 هـ (4) .
____________
1 ـ طبع قم ـ إيران ص 167 و 169 ، تعليق الشيخ محمد السمامي الحائري ، بمطبعة سيد الشهداء (ع) 1409 .
2 ـ فهرس مخطوطات مكتبة السيد المرعشي 5 | 315 ، ومن نسخة الذريعة الموجودة عندي ساقطة .
3 ـ الذريعة 4 | 487 ، للعلامة الرازي المعروف بـ أقا بزرگك الطهراني .
4 ـ الذريعة 3 | 489 .

(15)

3 ـ ( تهذيب الكلام في ترتيب السلام ) :
لأبي المعالي رشيد بن ظفر القومسي الرازي (1) .

4 ـ ( دار السلام في أحكام السلام في شرع الإسلام ) :
للحجة السيد الميرزا عبد الهادي بن الحاج الميرزا إسماعيل بن السيد رضا بن إسماعيل الحسيني الشيرازي المتوفى 1382 هـ ، رسالة مبسوطة أنهى فيها فروع السلام إلى ألف مسألة (2) .

5 ـ ( الدرة البهية في مسائل التحية ) :
للشيخ محمد تقي خلف الميرزا محمد حسن سليل المولى العلامة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي الأصفهاني ، الطبعة الثانية ، قال في أوله بعد البسملة : ( الحمد لله الذي هدانا للإسلام بمحاسنه العلية ) . وفي آخره : ( انتهى ما أردت إيراده في هذا المختصر في جوار الحضرة العلوية بالنجف الأشرف في السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة تسع وسبعين بعد الألف والثلثمائة من الهجرة النبوية .... ) (3) .

6 ـ ( رسالة في السلام والتحية ) :
للشيخ نور الدين علي بن عبد العالي المحقق الكركي ، المتوفى 940 هـ كما في ( تاريخ عالم آرا ) (4).

7 ـ ( السلامية ) :
للمولى محمد طاهر القمي أحال فيها إلى كتابه ( حجة الإسلام ) ،
____________
1 ـ إيضاح المكنون 1 | 341 .
2 ـ الذريعة 8 | 20 .
3 ـ من زملائنا المعاصرين القاطن في بلدة ( أصفهان ) .
4 ـ الذريعة 12 | 214 .

(16)

أولها : ( الحمد لله السلام المؤمن ... أما بعد ، فهذه رسالة وجيزة موسومة بالسلامية في تحقيق السلام على مذهب الإمامية ، وبيان أنه فرض أو سنّة ... ) مرتبة على مقدمة وثلاثة فصول . وكتابة النسخة في 1307 هـ ، وصارت في مكتبة الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ بالنجف (1) .

8 ـ ( الصلوات والتحيات على أشرف البريات وآله الأئمة السادات ) :
ينسب إلى الخواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي المتوفى 672 هـ ، أوله : « اللهم صل وسلم » (2) .

9 ـ ( الصلوات والتحيات ) :
للمحدث الفيض محمد محسن بن المرتضى الكاشاني المتوفى 1091 هـ (3) ...

10 ـ ( الصلاة والتسليم ) على النبي وأمير المؤمنين عليهما الصلاة والسلام :
للشريف أبي القاسم علي بن أحمد العلوي الكوفي المتوفى 352 هـ (4) . 11 ـ ( طيب الكلام بفوائد السلام ) :
لعلي بن عبد الله الحسني السمهودي الشافعي نزيل طيبة ، ت 911 هـ ، ألفه سنة 892 ، أوله : « الحمد لله الملك القدوس السلام » (5) .

12 ـ ( فتح العلام بأحكام السلام ) :
للسيد علوي بن أحمد بن عبد الرحمن السفاف الشافعي ، كان في حدود سنة 1295 هـ (6) .
____________
1 ـ الذريعة 12 | 214 .
2 ـ الذريعة 15 | 86 .
3 ـ الذريعة 15 | 86 .
4 ـ نفسه 15 | 194 .
5 ـ كشف الظنون 1 | 1119 ، الذريعة 15 | 194 .
6 ـ إيضاح المكنون 2 | 166 .

(17)

هذا ما حضرني من أسماء كتب التحية والسلام ، ومنها يعلم الاهتمام بهما بالصميم .
وللباحث المجال للبحث عنهما من نواحٍ شتى : تفسيرية ، أو فقهية ، أو أخلاقية ، أو اجتماعية ، أو غيرها ، وقد مرت الإشارة إلى كتاب الحجة السيد الميرزا عبد الهادي الشيرازي طاب ثراه ، المحتوي على ألف مسألة شرعية حول السلام ، ومن المؤسف فقدانه في حياة المؤلف لقصة نقلها بعض زملائنا .
ولا يصعب على الناظر في كتابنا الاطلاع على نوعية محتواه ، ومن أي الأقسام ، وأنه السلام في القرآن والحديث ، القسم الاجتماعي والأخلاقي ، وفي غضونه بحوث فقهية ، وذكر شيءٍ من المناسبات ، نفتتح بآيات السلام والتحية ، ثم معانيهما ، ثم الفصول العشرة ، وخاتمتها .
وبعد هذا التمهيد نطلب من الله تعالى العون في بداية الأمور ونهايتها ، إنه خير مطلوب ومعين ، ومن وراء القصد .

***


(18)


(19)

* آيـات السـلام والتحـية *

اعلم أن السلام والتحية في القرآن الكريم ، وفي إثره الحديث ، من أهم الآداب الاجتماعية المتفرد به الإسلام . وللسلام السمو الذاتي ، لأن الله تعالى اختاره اسماً لنفسه ، وعده من أسمائه الحسنى ليسمو أهله في العالم كله ، لسمو هذا الاسم المبارك ، وقد أنزل فيه قرآناً يتلى في كل وقت وفي كل مكان ، قد بلغ ما جاء فيه من صيغ السلام في ستة وأربعين موضعاً ، ومن صيغ التحية في عشرة مواضع ، البالغ مجموعهما ستة وخمسون من خمسين آية ، من ثمان وعشرين سورة من سور القرآن ، وفي إثره الحديث قرابة ثلاثمائة حديث مروي عن الرسول ، صلى الله عليه وآله ، وعن أهل البيت عليهم السلام ، يدل ذلك كله على مزيد الاهتمام به ، وإليك آيات السلام على ترتيب السور أولاً ، ثم آيات التحية كما يلي :
( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) (1) .
____________
1 ـ انساء : 65 . ولعل هذه الآية لم تكن بذلك الوضوح ، وان كلمة التسليم ظاهرة في الانقياد ولا علاقة لها بالسلام ، والجواب ان الامر ليس كذلك : لأنه سبق في افتتاح الكتاب ما فيه شمول الكلام للسلام بالمعنى الواسع النطاق ، ولا يأبى الانقياد المدلول عليه ، ولأنه الأصل والأساس الذي يبنى عليه سلام التحية ، ولولاه لذهبت أخوة الإسلام وحرمته ، التي جاء ذكرها في حديث الشيخ الصدوق المفتتح به الكلام حول السلام في التمهيد ، وفي بدايته اسم الله السلام ، ووجه التسمية به .
(20)

( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحيوة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة ... ) (1) .
( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم .. ) (2) .
( وإذا جاءك الذين يؤمنون بأيتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة ) (3) .
( لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون ) (4) .
( ونادوا أصحب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون ) (5) .
( دعواهم فيها سبحانك اللّهمّ وتحيّتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) (6) .
( والله يدعوا إلى دار السلام ) (7) .
( قيل يا نوح اهبط بسلامٍ منا وبركاتٍ عليك وعلى أُممٍ ممن معك ) (8) .
( ولقد جاءت رُسُلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاماً قال سلام ) (9) .
( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) (10) .
( تحيتهم فيها سلام ) (11) .
____________
1 ـ النساء : 94 .
2 ـ المائدة : 15 ـ 16 .
3 ـ الأنعام : 54 .
4 ـ الأنعام : 127 .
5 ـ الأعراف : 46 .
6 ـ يونس : 10 .
7 ـ يونس : 25 .
8 ـ هود : 48 .
9 ـ هود : 69 .
10 ـ الرعد : 23 ـ 24 .
11 ـ إبراهيم : 23 .

(21)

( ادخلوها بسلام ءامنين ) (1) .
( إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال إنا منكم وجلون ) (2) .
( الذين تتوفهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ) (3) .
( وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً ) (4) .
( والسلام عليّ يوم ولدتُ ويوم أَموتُ ويوم أُبعثُ حيّاً ) (5) .
( قال سلام عليك سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفيّاً ) (6) .
( لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاماً ) (7) .
( والسلام على من اتبع الهدى ) (8) .
( قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ) (9) .
( يأيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون ) (10) .
( فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحيةً من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون ) (11) .
( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) (12) .
( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقَّون فيها تحية وسلاماً ) (13) .
( قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ) (14) .
____________
1 ـ الحجر : 46 .
2 ـ الحجر : 52 .
3 ـ النحل : 32 .
4 ـ مـريم : 15 .
5 ـ مـريم : 33 .
6 ـ مـريم : 47 .
7 ـ مـريم : 62 .
8 ـ طــه : 47 .
9 ـ الأنبياء : 69 .
10 ـ النور : 27 .
11 ـ النور : 61 .
12 ـ الفرقان : 63 .
13 ـ الفرقان : 75 .
14 ـ النمل : 59 .

(22)

( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ) (1) .
( تحيتهم يوم يلقونه سلام ) (2) .
( إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) (3) .
( سلام قولاً من رب رحيم ) (4) .
( سلام على نوح في العالمين ) (5) .
( سلام على إبراهيم ) (6) .
( سلام على موسى وهرون ) (7) .
( سلام على آل ياسين ) (8) .
( وسلام على المرسلين ) (9) .
( وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ) (10) .
( فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون ) (11) .
( ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود ) (12) .
( إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلام قومٍ منكرون ) (13) .
( لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً * إلا قيلاً سلاماً سلاماً ) (14) .
____________
1 ـ القصص : 55 .
2 ـ الأحزاب : 44 .
3 ـ الأحزاب : 56 .
4 ـ يـس : 58 .
5 ـ الصافات :79 .
6 ـ الصافات : 109 .
7 ـ الصافات : 120 .
8 ـ الصافات : 130 .
9 ـ الصافات : 181 .
10 ـ الزمـر: 73 .
11 ـ الزخرف : 89 .
12 ـ ق : 34 .
13 ـ الذاريات : 25 .
14 ـ الواقعة : 25 ـ 26 .

(23)

( فسلام لك من أصحاب اليمين ) (1) .
( هو الله الذي لا إله ألا هو المَلِكُ القدوس السلام المؤمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ) (2) .
( سلام هي حتى مطلع الفجر ) (3) .

***

( وإذا حُيّيتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها إنّ الله كان على كلّ شيءٍ حسيباً ) (4) .
( وتحيتهم فيها سلاماً ) (5) .
( تحيتهم فيها سلاماً ) (6) .
( فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة ) (7) .
( ويلقون فيها تحية وسلاماً ) (8) .
( تحيتهم يوم يلقونه سلام ) (9) .
( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ) (10) .

***

____________
1 ـ الواقعة : 91 .
2ـ الحـشر: 23 .
3 ـ القـدر : 5 .
4 ـ النساء : 86 .
5 ـ يونس : 10 .
6 ـ إبراهيم : 23 .
7 ـ النور : 61 .
8 ـ الفرقان : 75 .
9 ـ الأحزاب : 44 .
10 ـ المجادلة : 8 .
قد جاء تفسير أكثر هذه الآيات في غضون أوائل الفصول العشرة وخاتمتها .

(24)


(25)

السلام ومعـانيه
في اللغة والقرآن والحديث

السلام ومعانيه :
1 ـ السلام في اللغة .
2 ـ السلام في القرآن .
3 ـ السلام في الحديث .
4 ـ الفروق بين المعاني الثلاثة .
5 ـ اسم الله السلام من أي الأقسام .


1 ـ السلام في اللغة :
السلام لغة معناه : الصحة والعافية ، وهي سارية في جميع صيغه إلا ندرة ، قال ابن فارس (1) : السين واللام والميم معظم بابه من الصحة والعافية ؛ ويكون فيه ما يشذّ ، والشاذّ عنه قليل . فالسلامة : أن يسلم الإنسان من العاهة والأذى . قال أهل العلم : الله جل ثناؤه هو السلام ، لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء .
قال الله جل جلاله : ( والله يدعو إلى دار السلام ) (2) . فالسلام الله
____________
1 ـ هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا المتوفى 395 هـ . الكنى والألقاب 1 | 372 ، و 374 .
2 ـ يونس : 25 .

(26)

جل ثناؤه ، وداره الجنة . ومن الباب أيضاً الإسلام وهو الانقياد ؛ لأنه يسلم من الإباء والامتناع (1) .
والسلام : المسالمة .. السَلَم الذي يسمى السلف ، كأنه مالٌ أسلم ولم يمتنع من إعطائه . وممكن أن تكون الحجارة سُميت سٍلاماً ، لأنها أبعد شيءٍ في الأرض من الفناء والذهاب ؛ لشدتها وصلابتها ...
والسُلّم معروف ، وهو من السلامة أيضاً ؛ لأن النازل عليه يرجى له السلامة . والسلامة : شجر وجمعها سلام . والذي شذ عن الباب : الدلو التي لها عروة واحدة ...
ومن الباب الأول السلم وهو الصلح ، وقد يؤنث ويذكر ، قال الله تعالى : ( وإن جنحوا للسِّلم فاجنح لها ) (2) . والسَلَمة : الحجر ،
فيه يقول الشاعر :

ذاك خـليـلي وذو يـعـاتـبنـي * يـرمـي ورائي بالسَّهم والسَلِـمَهْ (3) .

قال ابن منظور :
السلام والسلامة : البراءة ، وتسلم منه : تبرء ... وقوله تعالى : ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) (4) معناه تسلُّماً وبراءةً لا خير بيننا وبينكم ولا شر ، وليس على السلام المستعمل في التحية ، لأن الآية مكية ولم يؤمر المسلمون يومئذٍ أن يسلموا على المشركين ... ومنهم من يقول : سلام أي
____________
1 ـ روى الشيخ الكليني ، طاب ثراه ، بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : « لأنسبن الإسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي إلا بمثل ذلك : إن الإسلام هو التسليم .. » . أصول الكافي 2 | 45 .
أقول : لو لم يسلم الإنسان من عاهة الكبر ونخوة الجاهلية الجهلاء لم يُسلم ولا يُسلّم ، ولعل وجه تسمية المسلم بالمسلم لسلامته عن ذلك ، أو عن النزاع ، أو غيره من متعلقات .
2 ـ الأنفال : 61 .
3 ـ معجم مقاييس اللغة 3 | 90 ـ 91 ـ سلم ـ. وفي هامشه البيت لبُجير بن عنمة الطائي . كما في اللسان 12 | 297 ـ سلم . وفيه .

* يرمي ورائي بأمْسهم وأمْسَلِمة *

على لغة حمير من قلب ( أل ) ( بأم ) .
4 ـ الفرقان : 63 .

(27)

أمري وأمرك المبارأة والمتاركة ... ويقولون : سلام عليكم ، فكأنه علامة المسالمة ، وأنه لا حرب هنالك ... وقيل : ( قالوا سلاماً ) أي سداداً من القول وقصداً لا لغو فيه ...
وقوله عز وجل : ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) (1) أي لا داء فيها ، ولا يستطيع الشيطان أن يصنع فيها شيئاً . وقد يجوز أن يكون ( السلام ) جمع سلامة . والسلام : التحية . قال ابن قتيبة يجوز أن يكون السلام والسلامة لغتين كاللذاذ واللذاذة ؛ وأنشد :

تحـيـي بـالسـلامـة أم بـكـر * وهل لك بـعد قومـك مـن سلام ؟

قال : ويجوز أن يكون السلام جمع سلامة ، وقال أبو هيثم : السلام والتحية معناها واحد ومعناهما السلامة من جميع الآفات ... والسِلم بالكسر ، والسَلام ، وقال :

وقفـنا فـقـلن : إيـه سِـلْـمّ ! فَسلّـَمـَتْ * فـما كـان إلاَّ وَمـؤُهـا بالحواجـب (2)

أقول :
قد تعرضنا لبعض هذه المعاني أو كلها في غضون الفصول العشرة (3) أيضاً بالمناسبات ، وتحصل من الكلمات المذكورة أن السلام لغة : التحية ، البراءة من العيب ، الأمن من الشر ، العافية من النقص والمرض ، وغيرها من المعاني ، إلا أن ابن فارس أنكر الاشتراك اللفظي (4) ،
____________
1 ـ القدر : 5 .
2 ـ لسان العرب 12 | 289 ـ 290 ـ سلم ـ .
3 ـ منها هذا الفصل فانظره عن آخره ، ومنها الفصل الخامس ، ومنها الثامن الحري بالنظر ، ( السلام ندب والرد فرض ) ، ومنها في الأمر الثالث من الخاتمة بتفصيل .
4 ـ وقد ذهب آخر إلى الاشتراك اللفظي وأن السلام موضوع لمعان : 1ـ : التحية ، 2 ـ : الحجر المدور ، 3 ـ : عروق ظهر الكف وقد نظمها قطرب في أرجوزة له في المثلثات قال :

بـدا وحـيــا بـالسـلام * رمـى عـذولـي بـالسـلام
أشـار نـحوي بـالسـلام * وكـفـه الـمـخـتـضـب

وشرح الأرجوزة عبد الرحمن السنهوري الشافعي بنظمه لكل بيت منها على بحر آخر من البحور الشعرية . قال :

تـحيـة الـنـاس هـي السـلام * مـدور الأحـجـار فـالـسلام
=



(28)

وأن جميع مشتقات السلام هو الصحة والعافية ، ولعله أسد الأقوال على تأمل فيه .

2 ـ السلام في القرآن :
من تدبر في آيات السلام وجميع صيغه المتقدم ذكرها ظهرت له معانٍ ، منها :
المعنى الاسمي غير الفاقد لمبدأ اشتقاقه اللغوي وهو : اسم الله السلام (1) ، المعدود من الأسماء الحسنى الآتي بيانه في أول الفصول العشرة .
ومنها : المهادنة وترك القتال ، كما في الآية : ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً ) (2) . بناءً على تفسير السلام فيها بالسَلَم أو على قراءته ، ولعل كلمة ( ألقى إليكم السلام ) ، ولم يقل ( عليكم ) ، أتؤيد ترك القتال كما في نظيرتها : ( فإن اعتزلوكم ولم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً ) (3) ، أو ( فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم ) (4) فالأولى نزلت في مرداس بن نهيك الفدكي اليهودي المستبصر وأسامة بن زيد قاتله في قصة له (5) ، والثانية في قبيلة أشجع وموادعتهم ، وكيف كان ، ففي آي من السلام المراد به ترك الحرب .
ومنها : الدعوة إلى السلام بمعنى الصلح من غير سبق حرب ، أي
____________
=
عـروق ظـهـر الـكـف فـالـسلام * بـل أنـمـُلُ تـُزانُ بـالأظـفـار

ملحقات البلغة في شذور اللغة 169 ، المطبعة الكاثوليكية ، بيروت 1914 .
1 ـ انظر سورة الحشر : 23 ( القدوس السلام ) وهو اسم غير علم لله تعالى ومع العلمية يفقد المعنى اللغوي .
2 ـ النساء : 94 .
3 ـ النساء : 90 .
4 ـ النساء : 91 .
5 ـ تفسير القمي : 1 | 148 .



(29)

الصلح الابتدائي العالمي ، لأن الناس كلهم وبأجمعهم لآدم وحواء أبناء وإخوة نسبية ، من قبل أن يكونوا إخوة إيمانية بل وحتى الإيمانية قال تعالى : ( يأيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كافة ) (1) بدليل آخر الآية : ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ) (2) أي الاستسلام والطاعة . قال الفيض : وقرئ بالفتح وهو بمعناه ، وفي الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام : ولايتنا ، والعياشي عن الصادق عليه السلام في ولاية علي عليه السلام (3) ...
والسلم المسالمة في الدين والمذهب وولاية أهل البيت وأحكام الإسلام بأسرها وعدم التفرق والتبدد . وحاصل الآية : الوفاء والأخوة الإسلامية الإيمانية والانقياد ، وكل ما لهذه اللفظة ، أي السلم ، من معنى ، وكذا الدعوة إلى السلم ، ولابد أن تكون مصحوبة بالضعف والخوار ، بل تكون دعوة كريمة سامية كما قال تعالى ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون ) (4) . وفي معناه آي في القرآن لا تخفى على المتدبر فيه .
ومن آيات السلام ، وهي الأكثر بمعنى التحية ، التي لا تنفك عن معاني السلام الثلاثة لأن السلام لغة الصحة والعافية إطلاقاً من الأحداث والنقائص وكل مكروه . ومن معانيه المسالمة والسلامة للمسلم والمسلم عليه ؛ ومنها الأمن والأمان من الشر والخوف ؛ ومنها غير ذلك مما يأتي بالمناسبات في الفصول العشرة بيانه وتوضيحه .
وحصيلة تفاسير السلام في القرآن أمور أربعة :
1 ـ التسمية غير العلمية وهي اسم الله السلام (5) .
2 ـ الموادعة وترك القتال .
3 ـ الصلح العام لعامة البشر بصورة عامة وللمؤمنين بالخصوص .
____________
1 ـ البقرة : 208 .
2 ـ البقرة : 208 .
3 ـ تفسير الصافي 1 | 182 .
4 ـ محمد (ص) : 35 .
5 ـ الحشر : 23 .