التّقيّة ::: 1 ـ 15

التّقيّة
تأليف
الشيخ مرتضى الأنصاري
تحقيق
الشيخ فارس الحسّون


(3)
بسم الله الرحمن الرحيم


(4)

(5)
    كلمة المؤسسة
بسم الله الرحمن الرحيم
    بعض الناس يقذف الشيعة بالنفاق ، لانهم يستعملون التقية !!!
    ولا يعلم أن التقية : إيمان في القلب وإظهار خلافه في الخارج لاسباب ، كالخوف و ...
    والنفاق : كفر في القلب وإظهار الايمان في الخارج لا يتجاوز اللسان.
    فهل يا ترى التقية والنفاق متساويان ؟!!
    هدى الله هؤلاء ، لعدم تعمقهم في المطالب وعدم وجود الدقة عندهم.
    فإنهم يقذفون فرقة إسلامية كبيرة ذات اصول واسس تسير عليها ، ولها أدلة متينة وقاطعة على صحة ما تعتقد به.
    إنها الفرقة الجعفرية ، التي تأخذ معالمها عن أئمتها المعصومين أبناء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن جبرئيل عن الله تعالى.
    فهل من الانصاف أن ينظر إلى مثل هذه الفرقة بالنظرة العابرة ، ولا تلحظ مطالبها بعين منصفة وإمعان نظر ؟!


(6)
    فنخاطب هؤلاء ونقول لهم :
    ندعوكم إلى مراجعة كتب هذه الفرقة ـ قبل الحكم عليها بشيء ـ بتمعن ودقة ، والوقوف على آرائها ومعتقداتها والتأمل فيها ، وترك التعصب الاعمى ، وترك تقليد الآباء والاجداد حتى لا تكونوا كالذين قالوا : ( إنا وجدنا آباءنا على امة وإنا على آثارهم مقتدون ).
    ثم بعد هذا يمكن للمنصف أن يحكم.
    هذا ، وتفتخر مؤسسة قائم آل محمد عجل الله فرجه أن تقدم هذه الرسالة إلى قرائها الاعزاء من تأليف شيخ الشيعة ومفخرها الشيخ الاعظ مرتضى الانصاري تغمده الله برحمته وأسكنه الفسيح من جنته ، حيث أجاد وأفاد حول هذه المسألة المهمة وبحثها من جميع نواحيها بعمق.
    وتتقدم المؤسسة بالشكر الجزيل والتقدير إلى المحقق الفاضل الشيخ فارس الحسون النجفي حيث أخذ على عاتقه مهمة تحقيق هذه الرسالة وإخراجها إلى الوجود بهذه الحلة الجميلة ، فجزاه الله خيرا وكثر من أمثاله.
مؤسسة قائم آل محمد عج الله فرجه


(7)
    الاهداء
    إلى أول من استعمل التقية واتقى.
    إلى الطيب ابن الطيب الذي تشتاق إليه الجنة.
    إلى من عاداه فقد عادى الله ومن أبغضه فقد أبغض الله.
    إلى من لم يرتد عن دينه ولم يغير ولم يبدل بعد نبيه.
    إلى من قتلته الفئة الباغية وقال : ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم.
    إلى الشهيد الذى كان يقاتل في الصف الاول ...
    فلما أن رأى الحرب لا تزداد إلا شدة والقتل لا يزداد إلا كثرة ترك الصف وجاء إلى أمير المؤمنين.
    فقال : يا أمير المؤمنين هو هو ؟
    قال : ارجع إلى صفك.
    فقال له ذلك ثلاث مرات كل ذلك يقول له : ارجع إلى صفك ، فلما كان الثالثة قال له : نعم.
    فرجع إلى صفه وهو يقول : اليوم ألقى الاحبة محمدا وحزبه.
    فإليك يا أبا يقظان ، يا عمار بن ياسر ، أهدي إليك هذا الجهد المتواضع ... راجيا منك القبول ومن روحك الطاهرة الدعاء.
فارس        


(8)

(9)
    المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
    نحمد الله ونسبحه عن كل نقص ، ونسأله أن يصلي على محمد الصادق الامين وعلى آله الغر الميامين.
    وبعد فإن شيخنا الانصاري ـ نور الله ضريحه ـ لم يشك أحد في علو شأنه وسمو مرتبته ، وأنه هو المجدد للقرن الثالث عشر ، وهو الذي أعطى للاصول هذا الثوب الجميل ، وإليه يرجع الفخر في توسعة الاستدلال هذا الشكل الدقيق ، فحقيق أن يقال له : استاذ المجتهدين والفقهاء المحققين.
    لذا صممنا ـ خدمة منا للعلم والعلماء ـ أن نحقق هذه الرسالة حول مسألة التقية ، وإخراجها بحلة قشيبة ، خالية من الاغلاط ، وإنما اخترنا تحقيق هذه الرسالة دون غيرها لما فيها من الاهمية الحيوية الماسة في حياة الفرد والمجتمع ، بالاخص وأنها من تأليف الشيخ الانصاري ، هذا الشيخ العظيم الذي يشبع البحث من كل الجهات حين الدخول فيه ، ولا يضع شيئا يعتب عليه.


(10)

(11)


(12)

(13)
    اسمه ونسبه :
    هو الشيخ مرتضى بن الشيخ محمد أمين بن الشيخ مرتضى بن الشيخ شمس الدين بن الشيخ محمد شريف بن الشيخ أحمد بن الشيخ جمال الدين بن الشيخ حسن بن الشيخ يوسف بن الشيخ عبيد الله بن الشيخ قطب الدين محمد بن زيد بن أبي طالب المعروف بجابر الصغير بن عبد الرزاق بن جميل بن جليل بن نذير بن جابر بن عبد الله الانصاري.
    ولاجل كون انتهاء نسبه إلى الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري رضوان الله عليه كانت تسميته بالانصاري.
    ونسب الشيخ هذا فيه اختلاف بين العلماء ، ونحن أثبتناه من كتاب « شخصيت شيخ انصاري » لحفيد أخي المترجم.

    مولده :
    ولد شيخنا الاعظم في أعظم عيد للشيعة ، ألا وهو عيد الغدير الاغر ، سنة 1214 ه‍ ، في مدينة دزفول.

    اسرته :
    أما أبوه محمد أمين فكان من العلماء العاملين والمروجين للدين المبين ، وكان من وجهاء مدينة دزفول ، وله ثلاث أولاد : المترجم ، والشيخ منصور ، وكان أديبا فقيها اصوليا حافظا للقرآن ، والشيخ محمد صادق ، وكان عالما جليل القدر فاضلا زاهدا ، وكانت الفاصلة بين واحد وآخر عشر سنين ، وكان الشيخ المترجم أكثر محبة وعطوفة عند والده من أخويه ، وتوفي الشيخ محمد أمين سنة 1248 ه‍ في ذزفول.
    وأما امه فهي بنت الشيخ يعقوب بن الشيخ أحمد الانصاري ، وكانت من النساء الصالحات العابدات في زمانها ، بحيث لم تترك نوافل الليل إلى آخر عمرها ،


(14)
وكان ولدها المترجم يعتني بها كثيرا ، بحيث كانت من عادته أن يذهب إليها بعد انتهائه من التدريس ويتحدث معها ويلاطفها ويمازحها ويدخل السرور على قلبها ، وكان يهئ لها كل ما تحتاجه حتى إسخان الماء في الشتاء لوضوئها ، ولما فقدت بصرها كان يأخذها إلى مصلاها للعبادة ويهيء لها مقدمات العبادة ، إلى أن توفيت سنة 1279 ه‍ في النجف الاشرف.
    وأما جده وهو الشيخ مرتضى فكان من العلماء الاتقياء ، وكانت له في الفقه وغيره مؤلفات قيمة ، وخلف بعده ثلاثة أولاد : الشيخ محمد أمين أبي المترجم ، والشيخ محمود ، والشيخ أحمد.
    ولشيخنا الانصاري نور الله ضريحه ثلاث زوجات :
    الاولى : بنت الشيخ حسين الانصاري أول أساتذته ، وكانت عالمة فاضلة متعبدة ، ولها بنت واحدة زوجها الشيخ لابن أخيه الشيخ محمد حسن ، وكان عالما متبحرا في العلوم ورعا ، وله أعقاب كثيرون.
    والثانية : بنت الميرزا مرتضى المطيعي الدزفولي ، ولها بنت واحدة زوجها الشيخ للسيد محمد طاهر الدزفولي ، وكان أيضا عالما زاهدا تقيا ، وله أعقاب.
    الثالثة : كانت من أهالي رشت أو اصفهان.

    أسفاره :
    كان الشيخ قدس الله روحه كثير السفر لاجل الاطلاع على العلماء في كل مكان والاستفادة منهم ، ومن بركة أسفاره أنه التقى بأكثر من خمسين مجتهدا واستفاد من علومهم في شتى العلوم ، وهذا مما لم يحصل لاحد من العلماء.
    فأول سفر قام به الشيخ كان سنة 1232 ه‍ ، حيث سافر من دزفول مع والده إلى العراق لاجل التشرف بزيارة الاعتاب المقدسة.
    فبقي أربع سنوات في كربلاء المقدسة ، ثم رجع إلى مدينته دزفول مع جمع من أهالي دزفول ، وذلك بعد محاصرة والي بغداد كربلاء المشرفة ، فهاجر منها هو وأكثر


(15)
أهل العلم.
    وبعد بقاء الشيخ ما يقارب سنة في دزفول رجع إلى كربلاء مرة اخرى.
    فبقي في كربلاء سنة أو أكثر ، ثم ذهب إلى النجف الاشرف.
    وبعد بقائه في النجف الاشرف سنة أو أكثر رجع مرة ثانية إلى وطنه دزفول.
    فبقي في دزفول إلى سنة 1240 ه‍ حيث عزم فيها الذهاب إلى زيارة مرقد الامام الرضا عليه السلام ، وكان في صحبته أخوه الشيخ منصور.
    فلما وصل الشيخ ـ في سفره إلى زيارة الامام الرضا عليه السلام ـ إلى بروجرد بقي فيها شهرا.
    ثم ذهب منها إلى إصفهان ، وهل ذهب إلى قم ؟ لا يوجد مدرك نستطيع أن نستدل به على ذهابه إلى قم.
    وبعد توقف الشيخ عدة أيام في إصفهان ذهب إلى كاشان ، فتوقف في كاشان أربع سنوات ، ثم ذهب إلى مشهد المقدسة مقصده الاساسي من هذا السفر.
    وبعد زيارته لمرقد الامام عليه السلام رجع هو وأخوه إلى وطنه دزفول.
    وكان أهالي دزفول يترقبون مجيء الشيخ وينتظرونه ، فلما سمعوا بقدومه خرجوا باستقباله على بعد أربع فراسخ من مدينة دزفول ، وحين وصل الشيخ استقبلهم برحابة صدر وحنان أبوي ودعا لهم.
    و بقي الشيخ في دزفول عدة سنوات ، ثم ذهب إلى شوشتر ليسافر إلى النجف الاشرف ، وكان ذلك سنة 1249 ه‍.
    ولما وصل إلى النجف لم يخرج منها إلا إلى الحج ، وتوقف في طريقه إلى الحج في العنيزة مدة شهرين لاسباب أمنية ، ثم واصل سفره وذهب إلى الحجاز ، وبعد أداء الحج رجع إلى النجف حيث كان مثواه النهائي فيها.
    وكان الشيخ يدرك أغلب الزيارات المخصوصة للامام الحسين عليه السلام ، فكان يسافر في هذه الاوقات إلى كربلاء ويبقى فيها مدة.
التّقيّة ::: فهرس