سلسلة مصادر بحار الأنوار
(7)

الأمـــــان

من اخطار الأسفار والازمان

تأليف
جمال العارفين رضي الدين

السيد علي بن موسى بن طاووس

المتوفى سنة 664 هـ ق
تحقيق
مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث

( 1 )
الـمـقـدمـة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته الأيد المؤيد والرسول المسدد أبي القاسم محمد صلى الله عليه وعلى اله الأكرمين الهداة المنتجبين .
وبعد: لقد أتعب السلف الصالح من علمائنا أنفسهم الزكية في تأليف آلاف من الكتب النافعة وفي شتى فنون المعرفة وأنواع العلوم من العقائد إلى الفقه الى الاصول إلى الحديث إلى الرجال . . .
ولكنهم مع غزارة علمهم ، وجودة تصانيفهم ، التي ملأت الافاق ،والتي كونت لنا هذا التراث الاسلامي الضخم الذي لا يوازيه أي تراث آخر.. . وهو تراث دائم النفع ، غزير الخير، استفاد منه الناس كلهم ، كل من الجانب الذي يهمه ويرغب فيه .
وقد اتسعت دائرة التأليف والتصنيف حتى شملت ما يسمى اليوم بالعلوم البحتة كالحساب والهيئة والفلك والكيمياء.. .
بل انداحت هذه الدائرة المباركة حتى استقصت فروع المعرفة الانسانية وتمام حاجات البشرية، فألفوا في كل امور الحياة وشؤونها، فمنهم من كتب في صفات المؤمنين وهو الديلمي في كتابه «أعلام الدين » ومنهم من كتب في
( 2 )
«مكارم الاخلاق » ومنهم في «صفات الشيعة».
ومن اولئك الأفذاذ الذين كتبوا في هذه الفروع الدقيقة السيد ابن طاووس - كتابنا الماثل بين يديك - والذي يبحث في أمر دقيق ، هو: كيفية حصول الإنسان على الأمن في حضره وسفره بدعوات صالحات، أو أعمال مقبولة، أو طب سريع الفائدة، وهو كتاب له مكانته الفريدة، ومن المصادر المهمة التي يعول عليها.
لقد وفى مؤلف «الأمان من أخطار الأسفار والأزمان » الموضوع حقه، وذلك ظاهر لمن سبر غور الكتاب ، وتنقل بين صحائفه بنية صادقة، وإقبال على الله خالص ، فلله درّ مؤلفه العظيم وعليه أجره .
فهو كتاب لم يسبق إليه السيد ابن طاووس - قدس سره -.
وقد رتبه على أبواب وفصول ، وكان للأسفار فيه باب واسع لما فيها من الأخطار غير المتوقعة والعوائق غير المنتظرة، وأقل ما فيه البعد عن الأهل والوطن ، ومصاحبة من لايعرف ، وتغيير عادة الانسان في مطعمه ومشربه ونومه ويقظته ، وألعادة - كما قيل - طبيعة ثانية.
بدأ السيد - رحمه الله - بذكر الأيام التي يستحب فيها السفر من أيام الاسبوع كالسبت والثلاثاء والخميس، والأيام التي يكره فيها وهي الاثنين والجمعة.
ثم تطرق إلى الأيام المستحبة والمكروهة للسفر من أيام الشهر.
وأورد الأعمال التي يتهيأ بها المسافر كالغسل ، وكيفية التعمم ، وتقديم ألصدقة، والدعاء لدفع ما يخاف من خطر.
وذكر ما يحتاج المسافر إلى أن يصحبه في سفره من الأشياء للسلامة من الأخطار والأكدار كالتربة الحسينية الشريفة، وخواتيم الأمان ، ومنها خاتم العقيق .
ولم ينس أن يذكر ما يحتاج المسافر إلى صحبته من الناس ، وأن السفر منفرداً مكروه بل منهي عنه ، لأن وجود الأقران والأصحاب معين على دفع ما يحتمل من أخطار الأعداء.
وذكر السلاح وبدأ بكيفية صنعه في زمان داود عليه السلام بإلهام من الله
( 3 )
تعالى وتطور هذه الصناعة في زمن كيخسرو بن سياوش ، وأشار إلى أهمية القوس والنشاب في دفع الأضرار المحتملة في الطريق .
وأكد على حمل المصحف الشريف ، وكونه أماناً من الأخطار والمخاوف .
وذكر كيفية عبور القناطر والجسور. . . وغير ذلك من الامور.
ولما كان الانسان عرضة للبلاء، وحاملاً للداء، فقد أفاض المؤلف - رحمه الله - في ذكر الأمراض التي تعرض في السفركالصداع والزكام ووجع الأسنان وعرق النسا والعرق المديني وغيرها. . . وذكر لها العلاج الروحي بالدعاء والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى، وذكر الأدعية المأثورة عن آل بيت العصمة (صلوات الله عليهم ). وذكر أثر العسل وما فيه من الفوائد، وأثره في الاستشفاء من الأسقام .
وخلال ذلك نقل رسالتين مهمتين في الطب ، هما: «برء ساعة» للرازي ، ورسالة الطبيب قسطا بن لوقا التي كتبها لأبي محمد الحسن بن مخلد في تدبير الأبدان في السفر من المرض والخطر ، وهما رسالتان لطيفتان ومفيدتان من تراثنا في الطب .

* * *

( 4 )
ترجمة المؤلف
حياته:
هو السيد رضي الدين أبوالقاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الحسني .
ولد - كما يقول الشهيد رحمه الله في مجموعته التي بخط الجباعي - في يوم الخميس منتصف محرم الحرام سنة 589هـ في اسرة من الاسر العلمية الشريفة التي قطنت الحلة الفيحاء، ولقب جدهم محمد بـ«الطاووس» لحسن وجهه وجماله ، وظهر منهم نوابغ عظام كانوا مفخرة للأجيال من بعدهم ، ولهم مراكز عالية في أيامهم نفعوا بها الناس ، ومؤلفات قيمة بقي منها بأيدينا الكثير المفيد.
عرضت عليه نقابة العلويين زمان المستنصر العباسي فأبى، وكان بينه وبين الوزير مؤيد الدين محمد بن أحمد بن العلقمي وبين أخيه وولده عزالدين أبي الفضل محمد بن محمد صاحب المخزن صداقة متأكدة .
وقد أقام السيد - رحمه الله - ببغداد نحوا من خمس عشرة سنة، ثم رجع إلى الحلة ثم فارقها إلى المشهد الشريف (النجف) برهة، ثم عاد إلى بغداد في دولة المغول وبقي فيها إلى أن مات .
عرضت عليه نقابة العلويين مرة ثانية فوليها ثلاث سنين وأحد عشرشهرا إلى أن توفي ، وكان ابتداء توليه لها سنة 661 هـ (1)واستمرت النقابة في عقبه من بعده ، ولما ترك النقابة جلس في مرتبة خضراء، وكان الناس بعد كارثة المغول قد رفعوا السواد (شعار العباسيين) ولبسوا اللباس الأخضر، فقال الشاعر علي بن حمزة العلوي يهنئه :

فهذا علي نجل موسى بن جعفر * شبيه علي نجل موسى بن جعفر
فــذاك بدست للامامة أخضر * وهذا بدست للنقابة أخـضــر

____________
(1) بحار الأنوار 107 : 44 .

( 5 )
وكان - رحمه الله - صاحب مقامات وكرامات ، ولم يزل على قدم الخير والآداب والعبادات والتنزه عن الدنيات إلى أن توفي بكرة يوم الاثنين خامس ذي القعدة من سنة 664 هـ .
أقوال العلماء فيه :
يقول تلميذه الجليل العلامة الحلي في إجازته الكبيرة عنه «وكان رضي الدين علي ، صاحب كرامات حكى لي بعضها، وروى لي والدي عنه البعض ا لآخر» .
وقال الحر العاملي ـ صاحب الوسائل ـ عنه : «حاله في العلم والفضل والزهد والعبادة والثقة والعفة والجلالة والورع أشهر من أن يذكر، وكان أيضاً شاعراً أديباً منشئاً بليغاً»(1).
وهو «من أجلاء هذه الطائفة وثقاتها، جليل القدر عظيم المنزلة، كثير الحفظ نقي الكلام ، حاله في العبادة والزهد أشهر من أن يذكر، له كتب حسنة »(2).
وهو ـ كما يقول كحالة - «فقيه محدث مؤرخ أديب مشارك في بعض العلوم وله تصانيف كثيرة»(3).
وذكر له مترجموه من التلامذة الذين أخذوا عنه وصاروا بعد ذلك من كبار العلماء: العلامة الحلي ، وعلي بن عيسى الاربلي ، وابن أخيه السيد عبد الكريم .
وذكروا من شيوخه العلامة محمد بن نما.

مصنفاته :
كان - رحمه الله - ولوعا بالتصنيف ، مشغوفاً بالتأليف ، خلف بعده كتباً
____________
(1) أمل الآمل 2 : 205|622، ومعجم رجال الحديث 12: 188 .
(2) نقد الرجال للتفريشي : 244، وجامع الرواة للإردبيلي 1: 603 ومعجم رجال الحديث12: 188 .
(3) معجم المؤلفين 7: 248 .

( 6 )
جليلة حفظت لنا جملة وافرة من أدعية المعصومين (عليهم السلام) بألفاظها البليغة وكان شديد الاعتناء بالكتب التي تصل بين العبد وبين الله تعالى لذا ترى عامة مؤلفاته في العبادات وما يجري مجراها من تهذيب النفس وتزكيتها، حتى نقل بعض أصحابنا أن السيد المذكور مع كثرة تصانيفه لم يصنف في الفقه تورعاً من الفتوى وخطرها وشدة ما ورد فيها(1).
ومن أهم مصنفاته نذكر ما يلي :
1 ـ الاقبال بصالح الأعمال .
2 ـ جمال الاسبوع بكمال العمل المشروع .
3 ـ الدروع الواقية من الأخطار فيما يعمل في كل شهر على التكرار.
4 ـ محاسبة الملائكة الكرام اخر كل يوم من الذنوب والآثام .
5 ـ محاسبة النفس .
6 ـ مهج الدعوات .
7 ـ فلاح السائل ونجاح المسائل ، في عمل اليوم والليلة .
8 ـ المجتبى من الدعاء المجتنى .
9 ـ مصباح الزائر وجناح المسافر.
10 ـ الطرائف في مذاهب الطوائف .
11 ـ طرف من الأنباء والمناقب ، في التصريح بالوصية والخلاقة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام ).
12 ـ البهجة ثمرة المهجة ، في الفرائض .
13 ـ مسالك المحتاج الى مناسك الحاج .
14 ـ اليقين باختصاص علي بإمرة المؤمنين .
15 ـ فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين رب الأرباب في الاستخارات .
16 ـ كشف المحجة لثمرة المهجة .
____________
(1) لؤلؤة البحرين : 241 .

( 7 )
17 - اللهوف على قتلى الطفوف .
18 - الأمان من أخطار الأسفار والأزمان - وهو كتابنا الماثل بين يديك - وله غير ذلك من التصانيف المفيدة .

* * *

( 8 )
مصادر الترجمة:
1 ـ أمل الآمل 2 :205 .
2 ـ لؤلؤة البحرين :235 .
3 ـ نقد الرجال : 244.
4 ـ جامع الرواة 1: 603.
5 ـ المقابس : 16 .
6 ـ روضات الجنات 4 : 325.
7 ـ تنقيح المقال 2 : 310 .
8 ـ مستدرك الوسائل 3 : 467 .
9 ـ معجم رجال الحديث 12: 188 .
10 ـ الكنى والالقاب 1: 327.
11 ـ كشف الظنون 5: 710 .
12 ـ هدية العارفين .
13 ـ الذريعة في عدة أماكن ، وذكر الأمان من الأخطار 2: 344 .
14 ـ معجم المؤلفين 7: 348.
15 ـ عمدة الطالب : 190 .
16 ـ بحار الأنوار 1: 13 .
17 ـ الأعلام 5: 26 .
18 ـ منتهى المقال :225 .
19 ـ تعليقة الوحيد البهبهاني : 239 .
20 ـ طبقات أعلام الشيعة: المائة السابعة : 116 .
21 ـ أعيان الشيعة 8 : 358 .

* * *

( 9 )
النسخ المعتمدة في التحقيق :
1 ـ النسخة المحفوظة في خزانة المكتبة المركزية لجامعة طهران برقم (1828)، وهي نسخة نفيسة، فرغ من كتابتها بخط النسخ حسين بن عمار البصري في يوم إلأربعاء المصادف 14 ربيع الأول سنة 632 هـ ، أي في حياة المؤلف ، ويلاحظ على النسخة خط المصنف ، سقطت من النسخة الكراسة الاولى بما يعادل عشر صفحات تقريباً، وتقع النسخة في 133 ورقة، تحتوي كل ورقة على 17 سطراً بحجم 5| 11× 5| 17، وقد رمزنا لهذه النسخة بـ « د ».
انظر فهرس جامعة طهران ج 8 ص 426 رقم 1828 .
2 ـ النسخة المحفوظة في مكتبة اية الله العظمى المرعشي العامة برقم (116)، كتبت بخط نسخي جميل ، بعناوين بارزة، صفحاتها مؤطرة باللون الذهبي والأسود والأحمر واللاجورد، وفي أعلى الصفحة الاولى لوحة مزخرفة جميلة جداً، تظهر في حواشي بعض الصفحات كلمات لنسخة بدل (خ ل)، ويظهر في نهاية كل صفحة الكلمة الاولى من الصفحة التي تليها، بما يعرف بـ «نظام التعليقة»، آياتها وأدعيتها مضبوطة بالشكل ، وكتبت بالفارسية عناوين المطالب بحواشي الصفحات باللون الاحمر.
تقع النسخة في 126 ورقة، في كل ورقة خمسة عشرسطراً، بحجم 4|19 × 12 سم ، وقد رمزنا لهذه النسخة لـ «ش ».
انظرفهرس المكتبة المرعشية ج1ص 140رقم 116 .
3 ـ النسخة المطبوعة حروفيا في النجف الأشرف ، ولم نستفد منها إلا في موارد نادرة، وقد رمزنا لها بـ «ط ».

* * *


( 10 )
منهجية التحقيق:
من البديهي جداً أن نعتمد النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران (د) أصلا أولياً للكتاب ، باعتبار قدم النسخة، وكونها كتبت في حياة المؤلف من جهة اخرى، حيث تمت معارضة النسخ الثلاث بعضها مع الاخر، وتثبيت اختلافاتها، قام بهذه المهمة الاخوة الأماجد : عبدالرضا كاظم والسيد مظفر الرضوي والسيد عبدالأمير الشرع .
وبعد ذلك بدأت مرحلة تخريج الأحاديث والنصوص الموجودة في الكتاب وعزوها إلى مصادرها الأولية مع مقابلة تلك النصوص مع المصادر، وتثبيت اختلافاتها، فسعينا جهد الامكان ، ألا نترك رواية أو نصاً إلا وخرجناه ، نستثني من ذلك ما واجهنا من المصادرالمفقودة التي نقل عنها السيد ابن طاووس كـ «فضل الدعاء» لسعد بن عبدالله الأشعري ، و«الدلائل» للحميري ، وقد قام بهذه المهمة الاخوة الأماجد: عزيز الخفاف وجواد التوسلي .
ومن ثم بدأت عملية تقويم نص الكتاب ، وهي السعي لتثبيت نص الكتاب أقرب ما يكون لما تركه المؤلف ، وذلك بالاستفادة من مقابلة النسخ الخطية، واختلافات النصوص مع المصادر إن وجدت ، يتبع ذلك تخريج الألفاظ الصعبة من المصادر اللغوية، وضبط أسماء الأمراض والأدوية مع توضيح موجز لها، وقد قام بهذه المهمة : الاستاذ الفاضل المحقق أسد مولوي .
وبعد هذه المراحل بدأت عملية صياغة هوامش الكتاب ، بالاستفادة من كل ما تقدم في المراحل الآنفة الذكر، وقد قام بهذه المهمة صاحب الفضيلة السيد مصطفى الحيدري .
ويعقب كل هذه المراحل ، الملاحظة النهائية، حيث تتم مراجعة الكتاب متنا وهامشا للتأكد من سلامتهما، وتكون هذه المرحلة بمثابة حلقة وصل بين اللجان المتفرقة للتثبت من سير العمل على وتيرة معينة ونسق واحد وكانت على كاهل الأخ الفاضل المحقق حامد الخفاف مسؤول لجنة تحقيق مصادر بحارالأنوار.
( 11 )
وإيمانا منا بما تذللـه الفهرسة من مصاعب تواجه المحقق والباحث لاستخراج أي مطلب يحتاجه من الكتاب ، وهي ـ إن صح التعبير ـ عين المحقق ، رتبنا مجموعة فهارس فنية، بعد دراسة مستوعبة لكل ما يمكن فهرسته من الكتاب ، ادرجت في نهايته .
ما تقدم يمكن أن يصور بإيجاز «منهجية التحقيق الجماعي» التي اتبعت في تحقيق الكتاب ، ونأمل ـ بعد ـ أن نكون قد قدمنا للمكتبة الاسلامية أثراً قيماً، وللقارئ الكريم كتاباً يحتاجه في حله وترحاله ، ولله الحمد من قبل ومن بعد.

جواد الشهرستاني
11 ذي القعدة 1408 هـ
قم المشرفة






( 12 )
* الصفحة الاولى من النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران، برقم 1828.

( 13 )
* الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران، برقم 1828 ،.
يظهر فيها تاريخ النسخ سنة 632 هـ .

( 14 )
* الصفحة الاولى من النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى المرعشي العامة في قم، برقم 116.

( 15 )
* الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى المرعشي العامة في قم، برقم 116.

( 16 )

( 17 )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .
يقول مولانا الأفضل الأكمل ، الأورع الزاهد العابد، المرابط المجاهد، ذو المناقب والفضائل ، والأيادي والفواضل ، النقيب الطاهر، شرف العترة، بقية نقباء آل أبي طالب في الأقارب والأجانب ، رضي الدين ، جمال العارفين ، ركن الإسلام والمسلمين ، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد الطاووس العلوي الفاطمي ، حرس الله مجده المنيف ، وأطال في عمره الشريف :
الحمد لله الذي استجارت به الأرواح ـ بلسان الحال ـ في إخراجها من العدم فأجارها ، واستغاثت به في فك إسارها من يد الظلم فأطلقها ووهب لها أنوارها، ورأت نفوسها عالية والية فطلبت رفعها عن الخمول فبلغها مطلوبها وأعلى منارها، وسألت مراكب ومطايا لأسفارها فأخرج لها جواهر الاجسام وجمعها بعد انتشارها ، وعرفت أن من تمام مسارها أن يمدها بالعقول فأمدها بأسرارها، وخافت من عقبات طرقها وأخطارها (فجعل لها مسالك إلى)(1) السلامة من مهالك ليلها ونهارها، ومكنها (من المسير)(2) على مراكب الأجساد إلى سعادة الدنيا والمعاد، حتى نهضت بتمكينه من
____________
(1) في « ش »: فجعل مسالك .
(2) في « ش »: من مسالك السير.

( 18 )
مراكز الظهور وقطعت مفاوز البطون ، وتنزهت في عجائب طرقات القرون بعد القرون، ورأت من غرائب (1)قدرته ـ جل جلاله ـ في طي مكنون كن فيكون ما صار السفر لها مألوفا وتركه موتا وقطعه مخوفا.
وأشهد أن لا إله إلا هو، شهادة جاءت أماناً لها من العطب ، ومبشرة بحسن المنقلب.
وأشهد أن جدي محمداً صلى الله عليه واله الكاشف من أنوارها ما احتجب، والمظهر من شموس أنوارها ماغرب واغترب .
وأشهد أن نوابه فيما بلغ إليه من أعلى الرتب ، يجب أن يكونوا من الحماة الكماة الذين لا تذل شجاعتهم كثرة من نهب أوسلب ، ولا يفسد مروءتهم وحمايتهم من أطمعهم فيما بذل أو وهب ، وأن يكون طالع بدايتهم وولادتهم في سعود من غلب وظفر بنجاح الطلب ، وعرف طرق الإقبال في الإنشاء في الاباء مع الأنبياء من غير تعب ولا نصب ، وسلم من العمى بعبادة حجر أو خشب .
وبعد: فإنني وجدت الإنسان مسافرا مذخرج (من العدم )(2) إذ الوجود في ظهور الآباء والجدود، وبطون الامهات الحافظات للودائع والعهود، ووجدت الله ـ جل جلاله ـ قد تولى سلاحه (3)من حفظه من النقم التي جرت على من سلف من الامم وعامله بالكرم والنعم ، حتى أوجب عليه من العبودية بما بلغه من المقامات الدنيوية والدينية، أن تكون حركاته وسكناته وأسفاره واختياره كلها بحسب الإرادة الإلهية، وإنه قد سيره الوفاً من السنين وفي شهورالدهور، في سفر السلامة من المحذور، وعلى مطايا النجاة من فتك شرذوي الشرور، وأطلقه في الأسفار إلى دار القرار، وجعل له قائداً وسائقاً من المواعظ الهاوية لذوي البصائر والأبصار، وعلم ـ جل جلاله ـ أن اتكاله على مجرد قدرة العبد وضعف اختياره يقتضي تكرار عثاره ، فبعث له على لسان الأنبياء والأوصياء، من دروع الدعوات وحصون الصدقات ، ما يكون أماناً له من المخافات في
____________
(1) في « ش »: عجائب .
(2) ليس في « ش ».
(3) كذا في « ش » و « ط »، والظاهر أن الصواب : سلامة.

( 19 )
الطرقات .
وقد رأيت أن أصنف كتاباً مفرداً يحتاج الإنسان إليه في أسفاره ، ويأخذ منه ـ بالله جل جلاله ـ أماناً من عثاره وأكداره ، وأسميه كتاب (الأمان من أخطار الأسفار والأزمان) وأجعله أبواباً ، وكل باب يشتمل على فصول ، أذكر فيها مايتهيّأ ذكره من المنقول ، وما يفتحه الله ـ جل جلاله ـ من مواهب المعقول ، وربما لا نذكرالأسانيد، ولا جميع الكتب التي نروي منها ما نختاره ونعتمد عليه ، لأن المراد من هذا الكتاب الاختصار، ومجرد العمل بما يقتصر عليه ، إن شاء الله تعالى .
فصل : وإذا كان الذي أجده من الدعوات المنقولات ، مختصراً عما يحتاج إليه الإنسان في المهمات ، في شيء مما يحتوي عليه هذا الكتاب ، أو لم أجد دعاء لبعض الأسباب ، فإني انشئ دعاء لذلك ـ الوجه من مواهب الله ـ جل جلاله ـ الأرحم الأكرم ، الذي علم الإنسان مالم يعلم .
فقد رأيت في كتاب عبدالله بن حماد الأنصاري ، في النصف الثاني منه عند مقدارثلثه ، بإسناده : قلت لأبي عبدالله عليه السلام علمني دعاء؛ فقال : «إن أفضل الدعاء ما جرى على لسانك».
وروى سعد بن عبدالله في كتاب (الدعاء) بإسناده عن زرارة قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : علمني دعاء، فقال : «إن أفضل الدعاء ما جرى على لسانك ».
فصل : وربما يكون الدعاء الذي ننشئه كالمنثور والقرائن (1) والسجع، وعسى أن يوجد في بعض الروايات أن السجع في الدعاء وغيره مكروه ، ولعل تأويل (2)ذلك ـ إن صحت الرواية ـ أن يكون السجع عن تكلف ، أو لغير الله ، أو قاصراً عن آداب السنة والكتاب، لأننا رأينا وروينا أدعية كثيرة عن النبي صلى الله عليه واله والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام على سبيل السجع والنثر وترتيب الكلام ، وفي صحائف مولانا زين العابدين ـ صلوات الله عليه ـ كثير مما ذكرناه ، وفي القران الشريف آثار كثيرة على نحو ما وصفناه .
____________
(1) في « ش »: القرآن ، ولعل المراد الأدعية القرآنية التي وردت في كلام الله المجيد .
(2) ليس في « ش ».

( 20 )
ونحن ما نذكر في الإنشاء من الدعاء إلا ما نجده من غير روية ولا كلفة، بل إفاضة علينا من مالك الأشياء الذي هو ربي وحسبي ، كما قال جل جلاله : ( ذلكما مما علمني ربي) (1).
ونحن ذاكرون لما يشتمل عليه هذا الكتاب من الأبواب والفصول ، وإشارات الى معانيه بحسب المعقول والمنقول ، وعددها على التفصيل ، ليعلم الناظر فيها الموضع الذي يحتاج إليه منها، فيقصده ويظفر به على التعجيل إن شاء الله تعالى.
فصل : في ذكر تفصيل ما قدمناه وأجملناه من الأبواب والفصول .

الباب الأول :
فيما نذكره من كيفية العزم والنية للأسفار، وما يحتاج إليه قبل الخروج من المسكن والدار(2)، وفيه فصول :
الفصل الأول : فيما نذكره من عزم الإنسان ونيته لسفره على اختلاف إرادته .
الفصل الثاني : فيما نذكره من الأخبار التي وردت في تعيين اختيارأوقات الأسفار.
الفصل الثالث : فيما نذكره من نيتنا إذا أردنا التوجه في الأسفار.
الفصل الرابع : فيما نذكره من الوصية المأمور بها عند الأسفار، والاستظهار بمقتضى الأخبار والاعتبار.
الفصل الخامس : فيما نذكره من الأيام والأوقات التي يكره فيها الابتداء في الأسفار بمقتضى الأخبار.
الفصل السادس : فيما نذكره من الغسل قبل الأسفار، وما يجريه الله ـ جل جلاله ـ على خاطرنا من الأذكار.
الفصل السابع : فيما نذكره مما أقوله أنا عند خلع ثيابي للاغتسال ، وما أذكره عند الغسل من النية والابتهال .
____________
(1) يوسف 12: 37.
(2) ليس في « ش ».

( 21 )
الفصل الثامن : فيما نذكره عند لبس الثياب من الآداب .
الفصل التاسع : فيما نذكره مما يتعلق بالتطيب والبخور.
الفصل العاشر: فيما نذكره من الأذكارعند تسريح اللحية، وعند النظر في المرآة.
الفصل الحادي عشر: فيما نذكره من الصدقة ودعائها عند السفر، ودفع ما يخاف من الخطر.
الفصل الثاني عشر: فيما نذكره من توديع العيال وبالصلاة والدعاء والابتهال وصواب المقال .
الفصل الثالث عشر: في رواية أخرى بالصلاة عند توديع العيال بأربع ركعات وابتهال .
الفصل الرابع عشر: فيما نذكره من توديع الروحانيين الذين يخلفهم المسافر في منزله مع عياله ، وماذا يخاطبهم من مقاله .
الفصل الخامس عشر: فيما نذ كره من الترغيب والترهيب للعيال، قبل التوجه والانفصال.

الباب الثاني :
فيما يصحبه الإنسان معه في أسفاره ، للسلامة من أخطاره وأكداره ، وفيه فصول :
الفصل الأول : فيما نذكره من صحبة العصا اللوز المر في الأسفار، والسلامة بها من الأخطار.
الفصل الثاني : فيما نذكره من أن أخذ التربة الشريفة في الحضر والسفر أمان من الخطر.
الفصل الثالث : فيما نذكره من أخذ الخواتيم في السفر، للأمان من الضرر.
الفصل الرابع : فيما نذكره من تمام ما يمكن أن يحتاج إليه في هذه الثلاثة الفصول .
الفصل الخامس : فيما نذكره من فوائد التختم بالعقيق في الأسفار، وعند
( 22 )
الخوف من الأخطار، وأنها دافعة للمضار.

الباب الثالث :
فيما نذكره مما يصحبه الانسان في السفرمن الرفقاء والمهام والطعام ، وفيه فصول :
الفصل الأول : في النهي عن الانفراد في الأسفار، واستعداد الرفقاء لدفع الأخطار.
الفصل الثاني : فيما يستصحبه في سفره من الآلات بمقتضى الروايات ، وما نذكره من الزيادات .
الفصل الثالث : فيما نذكره من إعداد الطعام للأسفار، وما يتصل به من الاداب والأذكار.
الفصل الرابع : فيما نذكره من آداب المأكول والمشروب بالمنقول .

الباب الرابع :
فيما نذكره من الآداب في لبس المداس والنعل والسيف ، والعدة عند الأسفار، وفيه فصول :
الفصل الأول : فيما نذكره مما يختص بالنعل، والخف .
الفصل الثاني : في صحبه السيف في السفر، وما يتعلق به من العوذة الدافعة للخطر.
الفصل الثالث : فيما نذكره من القوس والنشاب ، ومن ابتدأه وما يقصد بحمله من رضى سلطان الحساب .

* * *

( 23 )
الباب الخامس :
فيما نذكره من استعداد العوذ للفارس والراكب عند الأسفار، وللدواب للحماية من الأخطار، وفيه فصول :
الفصل الأول : في العوذة المروية عن مولانا محمد بن علي الجواد ـ صلوات الله عليه ـ وهي العوذة الجامية من ضرب السيف ومن كل خوف .
الفصل الثاني : في العوذة المجربة في دفع الأخطار، وتصلح أن تكون مع الإنسان في الأسفار.
الفصل الثالث : فيما نذكره من العوذة التي تكون في العمامة لتمام السلامة .
الفصل الرابع : فيما نذكره من اتخاذ عوذة للفارس والفرس وللدواب ، بحسب ماوجدناه داخلا في هذا الباب .
الفصل الخامس : فيما نذكره من دعاء دعابه قائله على فرس قد مات فعاش .

الباب السادس :
فيما نذكره مما يحمله صحبته من الكتب التي تعين على العبادة وزيادة السعادة، وفيه فصول :
الفصل الأول : في حمل المصحف الشريف ، وبعض ما يروى في دفع الأمر المخوف .
الفصل الثاني : فيما نذكره إذا كان سفره مقدار نهار، وما يحمل معه من الكتب للاستظهار.
الفصل الثالث : فيما نذكره إذا كان سفره يوماً وليلة ونحو هذا المقدار، وما يصحبه للعبادة والحفظ والاستظهار.
الفصل الرابع : فيما نذكره إن كان سفره مقدار اسبوع أو نحو هذا المقدار، وما يحتاج أن يصحب معه من المعونة على دفع المحاذير.
الفصل الخامس : فيما نذكره إن كان سفره مقدار شهرعلى التقريب .
( 24 )
الفصل السادس : فيما نذكره إن كان سفره مقدار سنة أو شهور، وما يصحب معه لزيادة العبادة والسرور ويدفع المحذور.
الفصل السابع : فيما يصحبه ـ أيضا ـ في أسفاره من الكتب لزيادة مساره ودفع أخطاره .
الفصل الثامن : فيما نذكره من صلاة المسافرين ، وما يقتضي الاهتمام بها عند العارفين .
الفصل التاسع : فيما نذكره مما يحتاج إليه المسافرمن معرفة القبلة للصلوات ، نذكرفيها ما يختص بأهل العراق فإننا الآن ساكنون بهذه الجهات .
الفصل العاشر: فيما نذكره إذا اشتبه مطلع الشمس عليه ، أو كان غيما أو وجد مانعا لا يعرف سمت القبلة ليتوجه إليه .
الفصل الحادي عشر: فيما نذكره من الأخبار المروية بالعمل على القرعة الشرعية .
الفصل الثاني عشر: فيما نذكره من روايات في صفة القرعة الشرعية، كما ذكرناها في كتاب فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين رب الأرباب .
الفصل الثالث عشر : فيما نذكره من الاداب في الأسفار ، عن الصادق ابن الصادقين الأبرار ، حدث بها عن لقمان ، نذكر منها ما يحتاج إليه الآن .

الباب السابع :
فيما نذكره إذا شرع الانسان في خروجه من الدار للأسفار، وما يعمله عند الباب (وعند ركوب الدواب )(1)،وفيه فصول :
الفصل الأول : فيما نذكره من تعيين الساعة التي يخرج فيها في ذلك النهار إلى الأسفار.
الفصل الثاني : فيما نذكره من التحنك بالعمامة عند تحقيق عزمك على السفر، لتسلم من الخطر.
____________
(1) في « ش »: وما يركبه من الدواب .

( 25 )
الفصل الثالث : في التحنك بالعمامة البيضاء عند السفر يوم السبت .
الفصل الرابع : فيما نذكره مما يدعى به عند ساعة التوجه ، وعند الوقوف على الباب لفتح أبواب المجاب (1).
الفصل الخامس : في ذكرما نختاره من الآداب ، والدعاء عند ركوب الدواب .

الباب الثامن :
فيما نذكره عند المسير والطريق ، ومهمات حسن التوفيق ، والأمان من الخطر والتعويق ، وفيه فصول :
الفصل الأول : فيما نذكره عند المسير، من القول وحسن التدبير.
الفصل الثاني : فيما نذكره من العبور على القناطر والجسور، وما في ذلك من الأمور.
الفصل الثالث : فيما نذكره مما يتفأل به المسافر، ويخاف الخطر منه ، وما يدفع ذلك عنه .

الباب التاسع :
فيما نذكره إذا كان سفره في سفينة أوعبوره فيها، وما يفتح علينا من مهماتها، وفيه فصول :
الفصل الأول : فيما نذكره عند نزوله في السفينة .
الفصل الثاني : فيما نذكره من الإنشاء، عند ركوب السفينة والسفر في الماء.
الفصل الثالث : في النجاة في سفينة بآيات من القران ، نذكرها ليقتدي بها أهل الإيمان .
الفصل الرابع : فيما نذكره مما يمكن أن يكون سببا لما قدمناه ، من الصلوات على محمد واله صلوات الله عليهم .
الفصل الخامس : فيما نذكره من دعاء دعا به من سقط من مركب في البحار، فنجاه الله ـ تعالى ـ من تلك الأخطار.
____________
(1) كذا في « ش » و « ط » والظاهر أن الصواب : المحابّ، وهو جمع المحبوب .

( 26 )
الفصل السادس : فيما نذكره من دعاء ذكر في تاريخ أن المسلمين دعوا به فجازوا على بحر وظفروا بالمحاربين .
الفصل السابع : فيما نذكره عن مولانا علي صلوات الله عليه عند خوف الغرق ، فيسلم مما يخاف عليه .
الفصل الثامن : فيما نذكره عند الضلال في الطرقات ، بمقتضى الروايات .
الفصل التاسع : فيما نذكره من تصديق صاحب الرسالة، أن في الأرض من الجن من يدل على الطريق عند الضلالة .
الفصل العاشر: فيما نذكره إذا خاف في طريقه من الأعداء واللصوص .
الفصل الحادي عشر: فيما نذكره مما يكون أماناً من اللص إذا ظفر به ، ويتخلص من عطبه .
الفصل الثاني عشر: فيما نذكره من دعاء قاله مولانا علي ـ عليه السلام ـ عند كيد الأعداء، وظفر بدفع ذلك الابتلاء.
الفصل الثالث عشر: فيما نذكره من أن المؤمن إذا كان مخلصاً أخاف الله منه كل شيء .
الفصل الرابع عشر: فيما نذكره إذا خاف من المطر في سفره ، وكيف يسلم من ضرره ، وإذا عطش كيف يغاث ويأمن من خطره .
الفصل الخامس عشر: فيما نذكره إذا تعذر على المسافر الماء.
الفصل السادس عشر: فيما نذكره إذا خاف شيطاناً أو ساحراً .
الفصل السابع عشر: فيما نذكره لدفع ضرر السباع .
الفصل الثامن عشر: في حديث اخر للسلامة من السباع .
الفصل التاسع عشر: في دفع خطر الأسد، ويمكن أن يدفع به ضرر كل أحد.
الفصل العشرون : فيما نذكره إذا خاف من السرق .
الفصل الحادي والعشرون : فيما نذكره لاستصعاب الدابة .
الفصل الثاني والعشرون : فيما نذكره إذا حصلت الملعونة في عين دابته ، يقرأها