باب صفة المؤمن
من كتاب المجالس للبرقي : عن عبد الله بن يونس(1)، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال : وقور في الهزاهز، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه اللهّ، لايظلم الأعداء، ولا يتحامل للاصدقاء، بدنه منه في نصب ، والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن ، والحلم وزيره ، والصبر أمير جنوده ، والرفق أخوه ، واللين والده » (2).
وعن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : «المؤمن يصمت ليسلم ، وينطق ليعلم ،(3) لايحدث أمانته الأصدقاء، ولا يكتم شهادته من البعداء، ولا يعمل شيئاً من الخير رياءً، ولا يتركه حياءً، إن زكي خاف مما يقولون ، ويستغفر الله مما لايعلمون ، لايغره قول من جهله ، ويخاف إحصاء ما عمله »(4) .
وعن أحمد بن خالد، عن بعض من رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام ، قال : «المؤمن له قوة في دين ، وحزم في لين ، وإيمان في يقين ، وحرص في فقه ، ونشاط في هدى، وبرّ في استقامة، وعلم في حلم ، وكيس في رفق ، وسخاء في حق ، وقصد في غنى، وتجمل في فاقة، وعفوفي قدرة، وطاعة لله في نصيحة، وانتهاء في شهوة، وورع في رغبة، وحرص في جهاد، وصلاة في شغل ، وصبرفي شدة، وفي الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لايغتاب ، ولا يتكبر، ولا يقطع الرحم ، وليس بواهن ، ولا فظ ولاغليظ ، ولايسبقه بصره ، ولا يفضحه بطنه ، ولا يغلبه فرجه ، ولا يحسد الناس ، ولا يغمز، ولا يعير، ولا يسرف ، ينصر المظلوم ، ويرم (5) المسكين ، نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، لا يرغب في عز الدنيا، ولايجزع من ذلها، للناس همّ قد أقبلوا عليه ، وله همّ قد شغله ، لايُرى في حلمه (6)نقص ، ولا في رأيه وهن ، ولا في دينه
____________
1 - في الكافي والخصال : «عبد الله بن غالب »، والظاهر هوالصواب .
2 - الكافي 2 : 181 | 2 ، الخصال : 406 | 1.
3 - في الكافي : ليغنم .
4 - الكافي 2 : 182 | 3 .
5 - في الكافي : يرحم ، ورممت الشيء أرمه : إذا أصلحته «الصحاح - رمم - 5: 1936».
6 - في الكافي : حكمه .

(110)
ضياع ، يرشد من استرشده ، وينصح من استشاره ، ويساعد من يساعده ، ويكيع (1) عن الخنا والجهل »(2) .
عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس ، قال أبوعبدالله عليه السلام : «من سرته حسنته ، وساءته سيئته ، فهو مؤمن »(3).
وعن أبي البختري رفعه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «المؤمنون هينون لينون ، كالجمل الألوف ، إذاقيد انقاد(4) وإن اُنيخ (5) استناخ »(6).
وبهذا الإسناد عن رسول اللهّ صلى الله عليه وآله قال : «المؤمن كمثل شجرة لاينحات ورقها في شتاء ولاصيف ، قالوا: يا رسول الله ، وماهي ؟ قال : النخلة»(7).
وعن إبراهيم العجمي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «المؤمن حليم لايجهل ، وإن جهل عليه يحلم ، ولا يظلم ، وإن ظُلِم غفر، ولا يبخل ، وإن بُخل عليه صبر»(8).
وعن أبي الحسن اللؤلؤي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «المؤمن من طاب كسبه ، وحسنت خليقته ، وصحت سريرته ،وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله ، وكفى الناس شره ، وأنصف الناس من نفسه »(9).
وعن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «قال رسول اللهّ صلى الله عليه وآله : ألا اُنبئكم بالمؤمن ؟ المؤمن من ائتمنه الناس على أنفسهم وأموالهم . ألا اُنبئكم بالمسلم ؟ المسلم من سلم الناس من يده ، والمهاجر من هجر السيئات ، وترك ما حرم الله ، والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه ، أو يخذله ، أو يغتابه ، أو يدفعه عن
____________
1 - كع عن الشيء : حبس نفسه عنه . انظر(الصحاح - كعع - 3 : 1277).
2 - الكافي 2 : 182 | 4 .
3 ـ الكافي 2 : 183 | 6 .
4 - في الأصل : ان قيد استقاد، وما أثبتناه من الكافي .
5 - في الكافي زيادة :على صخرة .
6 - الكافي 2: 184 | 14 .
7 - الكافي 2: 184 | 16 ، وفيه : علي بن ابراهيم عن أبيه ،عن ألنوفلي، عن ألسكوني عن أبي عبدالله قال: قال رسول الله .
8 - الكافي 2: 184 | 17 . وفيه : عن أبي إبراهيم الأعجمي .
9 - الكافي 2 : 184 | 18 .

(111)
حقه» (1).
وعن عبدالله بن سنان ، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «صلى أمير المؤمنين عليه السلام بالناس الصبح بالعراق ، ثم انصرف فوعظهم ، فبكى وأبكى من خوف الله تعالى، ثم قال : أما والله ، لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول الله صلى اللهّ عليه واله ، وأنهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً خمصاً، بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجداً وقياماً يراوحون بين أقدامهم وجباههم ، يناجون ربهم ، ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون وجلون مشفقون »(2).
وعن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : «صلى أميرالمؤمنين الفجر، ثم لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على قدر رمح ، وأقبل على الناس بوجهه فقال : والله لقد أدركت أقواماً يبيتون لربهم سجداً وقياماَ، يخالفون بين جباههم وركبهم ، كأنّ زفير النار في اذانهم ، إذا ذكرالله تعالى عندهم مادوا كما تميد الشجر، كأن القوم باتوا غافلين . ثم قام فما رؤي ضاحكاً حتى قضى نحبه صلى اللهّ عليه وآله »(3).
وعن أبي عبدالله عليه السلام قال : «لايؤمن رجل فيه الشح والحسد والجبن ، ولايكون المؤمن جباناً ولاحريصاً ولاشحيحاً»(4).
وقال عليه السلام : «لايكون المؤمن مؤمناً، حتى تكون فيه ثلاث خصال : سنة من ربه ، وسنة من نبيه ، وسنة من إمامه ، فأما الذي من ربه فكتمان (5) سره ، قال اللهّ عزوجل :( فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول)(6) وأما سنة نبيه فمداراة الناس ، قال الله تعالى: ( خذ العفو واْمُربالعرف واعرض عن الجاهلين)(7) وأما السنة من
____________
1 - الكافي 2 : 184 | 19 .
2 - الكافي 2 :185 | 21.
3 - الكافي 2 : 185 | 22.
4 - الخصال : 82 | 8 .
5 - في الأصل : كتمان ، وما أثبتناه من الكافي .
6 - الجن 72: 26 ، 27 .
7 - الاعراف 7 : 199 .

(112)
إمامه فالصبر (1) في البأساء والضراء وحين البأس » (2).
وقال رجل لأمير المؤمنين عليه السلام: أخبرنا عن الأخوان. قال: « الإخوان صنفان: إخوان الثقة وأخوان المكاشرة (3)، فأما أخوان الثقة، فهم الكف والجناح والأهل والمال، فإذا كنت من أخيك على أحد الثقة ، فابذل له مالك وبدنك، وصاف من صافاه، وعاد من عاداه، واكتم سره وعيبه، واظهر منه الحسن، واعلم ـ أيها السائل ـ انهم أقل من الكبريت الأحمر.
وأما إخوان المكاشرة، فأنك تصيب منهم لذتك، فلا تقطعن ذلك منهم، ولاتطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان » (4).
وعن أبي عبدالله عليه السلام قال: « اذا اقشعر جلدك ودمعت عيناك ووجل قلبك، فدونك دونك، فقد قصدت قصدك»(5) .
وعن عمرو بن أبي المقدام، عن ابيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابون (6) في مودتنا، المتزاورون في أحياء أمرنا، إن غضبوا لم يظلموا، وإن رضوا لم يسرفوا بركة على من جاوروا وسلم لمن خالطوا »(7).
وعن عيسى بن النهريري، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من عرف الله وعظمته، منع فاه من الكلام، وبطنه من الطعام، وعزّ (8) نفسه بالصيام والقيام. فقالوا: بآبائنا وامهاتنا أنت يارسول الله [هؤلاء أولياء الله؟] (9) فقال:
____________
1 ـ في الاصل: الصبر، وما أثبتناه من الكافي.
2 ـ الكافي 2 : 189 | 39 .
3 ـ أخوان المكاشرة : من كاشره : إذا تبسم في وجهه وانبسط معه « مجمع البحرين ـ كشر ـ 3: 474» .
4 ـ الخصال : 49 | 56 .
5 ـ الخصال : 81 | 6 .
6 ـ في الأصل : المتحاوبون ، وما أثبتناه من الكافي .
7 ـ الكافي 2 : 185 | 24 .
8 ـ في المصدر : وعفى ، ولعل الصواب : وعنٌي .
9 ـ أثبتناه من الكافي .

(113)
إن أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذكراً، ونظروا فكان نظرهم عبرة، ونطقوا فكان نطقهم حكمة، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة، لولا الاجال التي كتبت لهم ، لم تقرَّ أرواحهم في أجسادهم ، خوفاً من العذاب ، وشوقا إلى الثواب »(1).
وعنه يرفعه قال : خطب الحسن بن علي عليهما السلام فقال : «أيها الناس ، أنا اُخبركم عن أخ كان لي ، وكان من أعظم الناس في عيني ، وكان رأس ما عظم به في عيني ، صغر الدنيا في عينه ، وكان خارجاً عن سلطان الجهالة، فلا يمد يده إلاّ على ثقة، وكان لايَتَشَهّى ولا يَسخط ولا يَتَبَرَّمُ وكان أكثر دهره صامتاً، فإذا قال بذّ القائلين ونقع غليل السائلين ، وكان لايدخل في مراء، ولا يشارك في دعوى، ولا يدلي بحجة حتى يأتي قاضياً، وكان لايغفل عن إخوانه ، ولايخص نفسه بشيء دونهم ، وكان ضعيفاً مستضعفاً، فإذا جاء الجد كان ليثاً عادياً، وكان لايلوم أحداً فيما يقع العذر في مثله حتى يرى اعتذاره ، وكان يقول ما يفعل ، ولا يقول مالا يفعل ، وكان إذا اعتراه أمران ، نظر أيّهما كان أقرب إلى الهوى فخالفه ، وكان لايشكو وجعاً إلا عند من يرجو عنده البرء، وكان لايستشير إلاّ عند من يرجوعنده النصيحة، وكان لايتبرم ولا يتسخط ، ولا يتشكى، ولا يتشهى، ولا ينتقم ، ولا يغفل عن العدو. فعليكم بهذه الخلائق الكريمة إن اطقتموها، وإن لم تطيقوها كلها، فأخذ القليل خيرمن ترك الكثير، ولاحول ولاقوة إلاّ بالله »(2).
وعن مهزم الاسدي قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : «شيعتنا من لايعدو صوته سمعه ، ولا شحناؤه بدنه ، ولا يتمدح بنا معلناً ولا يجالس لنا عائباَ، ولا يخاصم لنا قالياً ، إن لقي مؤمناً أكرمه ، وإن لقي جاهلاً هجره ».
فقلت : جعلت فداك ، فكيف أصنع بهؤلاء المشبهة؟
قال : «فيهم (3) التمييز، وفيهم (4) التبديل ، وفيهم التمحيص ، تأتي عليهم سنون تفنيهم ، وطاعون يقتلهم ، واختلاف يبددهم ، شيعتنا [من](5) لايهر هريرالكلاب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولايسأل عدونا وان مات جوعا» .
____________
1 - الكافي 2 : 186 | 25 .
2 - الكافي 2: 186 | 26، وفيه : وعنه ، عن بعض أصحابه العراقيين ، رفعه قال : ...
3، 4 - في الأصل : منهم ، وما أثبتناه من الكافي .
5 - أثبتناه من الكافي .

(114)
قلت :[جعلت](1) فداك ، فأين أطلب هؤلاء؟
قال : «في أطراف الأرض ، اُولئك الخفيض عيشهم ، المنتّقلة ديارهم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا، ومن الموت لايجزعون ، وفي قبورهم يتزاورون ، وإن لجأ إليهم ذو حاجة رحموه ، لن (2) تختلف قلوبهم وإن اختلفت بهم الدار».
ثم قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا المدينة وعلي الباب ، وكذب من زعم أنه يدخل المدينة إلاّ من قبل الباب ، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض علياً»(3).
وعن سماعة بن مهران قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : «قال (4) رسول اللهّ صلى الله عليه واله : من عامل الناس فلم يظلمهم ، وحدّثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم ، كان ممن حرمت غيبته ، وكملت مروءته ، وظهرت عدالته ، ووجبت اُخوته »(5).
وعن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ثلاث خصال من كن فيه استكمل الإيمان : الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ، واذا غضب لم يخرجه الغضب من الحق ، وإذا قدر لم يتعاط ماليس له »(6).
وبإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال : «قال رسول الله صلى الله عليه واله :إن خياركم اولو النهى ، قيل : يا رسول الله ، ومن اولو النهى؟ قال : هم اُولو الأخلاق الحسنة، والأحلام الرزينة، وصلة الأرحام ، والبررة بالآباء والاُمهات ، والمتعاهدون الفقراء والجيران واليتامى، ويطعمون الطعام ، ويفشون السلام في العالم ، ويصلّون والناس نيام غافلون »(7).
____________
1 - أثبتناه من الكافي .
2 - في الأصل : ان ، وما أثبتناه من الكافي .
3 - الكافي 2 : 186 | 27 .
4 - في الأصل زيادة : قال .
5 - الكافي 2 : 187 | 28 .
6 - الكافي 2 : 187 | 29، وفيه : عن أبي حمزة الثمالي ، عن عبدالله بن الحسن ، عن اُمه فاطمة بنت الحسين بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله .
7 ـ الكافي 2: 188 | 32، وفيه: عن اسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن

=


(115)
وعن أبي حمزة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «من زار أخاه لله - لالشيء غيره - بل التماس موعد الله ، وتنجزما عنده ، وكل الله به سبعين الف ملكاً ينادونه : ألا طبت ، وطابت لك الجنة»(1).
وعن محمد بن قيس، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «إن لله جنة لايدخلها إلاّ ثلاثة: رجل حكم على نفسه بالحق ، ورجل زار أخاه في الله ، ورجل آثر أخاه المؤمن في الله »(2).
وعن كتاب المجالس للبرقي ، عن عبداللهّ بن يونس ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : «قام رجل إلى أميرالمؤمنين عليه السلام - وهو يخطب - فقال : يا أميرالمؤمنين ، صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظرإليه ، فقال عليه السلام : المؤمن هوالكيس الفطن ، بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، أوسع شيء صدراً، وأذل شيء لقاء ، زاجرنفسه عن كل باب ، خائض الغمرات على كل خير، لاحقود، ولا حسود، ولا وثّاب ، ولاسبّاب ، ولاعيّاب ، ولا مغتاب ، يكره الرفعة، ويشنأ السمعة، طويل الغم ، بعيد الهم ، كثيرالصمت ، ذكور، وقور، صبور، شكور، مغموم بذكره ، مسرور بفقره ، سهل الخليقة، لين العريكة، رصين الوفاء، قليل الأذى، لامتأفِّك ولامتهتك ، إن ضحك لم يُخْتَرق ، وان غضب لم ينزق ، ضحكه تبسماً، واستفهامه تعلّماً، ومراجعته تفهماً ، كثير علمه ، عظيم حلمه ،كثيرالرحمة ، لايبخل ، ولايعجل ، ولا يضجر، ولايبطر، ولايحيف في حكمه ، ولايجورفي علمه ، نفسه أصلب من الصلد، ومكادحته أحلى من الشهد، لاجشع، ولا هلع ، ولا عنت ، ولاصلف ، ولا متكلف ، ولا متعمق ، جميل المسارعة، كريم المراجعة، عدل إن غضب ، رفيق إن طلب ، لامتهور، ولامتهتك ، ولا متجبر، خالص الود، وثيق العهد، وفيّ العقد، شفيق وصول ، حليم خمول ، قليل الفضول ، راض عن الله عزوجل ، مخالف لهواه لايغلظ على من يؤذيه ، ولا يخوض في مالا يعنيه ، ناصر للدين ، محام عن المؤمنين ، وكنف للمسلمين ، لايخرق الثناء سمعه (3)،
____________
=
عمر والنخعي، قال : وحدثني الحسين بن سيف ، عن أخيه علي ، عن سليمان ، عمن ذكره ، عن أبي جعفر عليه السلام .
1 - الكافي 2 : 140 | 1 .
2 - الكافي 2 : 142 | 11، وفيه : عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه السلام .
3 - في الأصل : سمطه ، وما أثبتناه من الكافي .

(116)
ولاينكأ الطمع قلبه ، ولا يصرف اللعب حكمه ، ولا يطلع الجاهل علمه ، قَؤول عمّال ، عالم حازم ، لافحاش ولاطياش ، وصول في غيرعنف ، بذول في غير سرف ، لاحكّار ولاغدّار، ولا يقتفي أثراً، ولا يحيف بشراً، رفيق بالخلق ، ساع في الارض ، عون للضعيف ،غوث للملهوف ، لايهتك ستراً ولا يكشف سراً، كثير البلوى، قليل الشكوى .
إن رأى خيراً ذكره ، وإن عاين شراً ستره ، يسترالعيب ، ويحفظ الغيب ، ويقيل العثرة، ويغفرالزلة لايطلع على نصح فيذر، ولا على فحش فيتهم ، أمين رصين ، تقيّ نقيّ زكيّ ، وفيّ رضيّ ، يقبل العذر، ويجمل الذكر، ويحسن بالناس الظن ، ويتهم على الغيب نفسه .
يجب في الله بفقه وعلم ، ويقطع في الله بحزم وعزم ، لايخرق به فرح ، ولايطيش به مرح ، مذكّر العالم ، معلّم الجاهل ، لايتوقع له بائقة، ولايخاف منه غائلة، كل سعي أخلص عنده من سعيه ، وكل نفس أصلح عنده من نفسه ، عالم بعيبه ، متشاغل بغمّه ، لايثق بغير ربه ، غريب وحيد فريد، يحب في الله ، ويجاهد في الله ، ليتبع رضاه ، ولا ينتقم لنفسه بنفسه ، ولا يؤاتي في سخط ربه .
مجالس لأهل الفقر، مصادق لأهل الصدق ، مؤازرلأهل الحق ، عون للغريب ، أب لليتيم ، بعل للأرملة، حفيّ بأهل المسكنة، مرجو لكل كريمة، مأمول لكل شدة، هشاش بشاش ، ليس بعبّاس ولا بجسّاس ، صليب كظّام بسام ، دقيق النظر، عظيم الحذر، لايبخل وإن بُخل عليه صبر، عقل فاستحيى وقنع فاستغنى، حياؤه يعلو شهوته ، ووده يعلو حسده ، وعفوه يعلوحقده ، لاينطق بغيرصواب .
لبسه الاقتصاد، ومشيه التواضع خاشع لربه بطاعته ، راض عنه في كل حالاته ، نيته خالصة، أعماله ليس فيها غش ولا خديعة، نظره عبرة، وسكوته فكرة، وكلامه حكمة، مناصحاً متباذلاً متآخياً ناصراً في السر والعلانية، لايهجر أخاه ، ولا يمكر به ، ولا يغتابه ، ولا يأسف على مافاته ، ولا يحزن على ما أصابه ، ولايرجو مالا يجوز له الرجا، ولا يفشل عنداللقاء للعدو، ولايقنط عندالبلاء، ولايبطر في الرخاء، يمزج الحلم بالعلم ، والعقل بالصبر.
تراه بعيداً كسله ، دائماً نشاطه ، قريباً أمله ، قليلاً زللـه، متوقعاً أجله ، خاشعاً قلبه ، ذاكراً ربه ، قانعة نفسه ، نزراً أكله ، منفياً نومه ، سهلاً أمره ، حزيناً لدينه ، ميتة شهوته ، كظوماً غيظه ، صافياً خلقه ،آمناً جاره ، ضعيفاً كبره ، قانعاً بالذي قدّر له ، متيناً
(117)
صبره ، محكماً أمره ، كثيراً ذكره ، يخالط الناس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ، و يتجر ليغنم ، لاينصت للخبر فيفجر به ، ولا يتكلم الخبرعلى من سواه (1)، نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لاخرته ، وأراح الناس من نفسه ، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو المنتصر له ، بُعده مما تباعد منه بغض ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده تكبراً ولاعظمة، ولا دنوه خديعة ولا مكرآَ، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير، وهوإمام لمن بعده من أهل البر»(2).
ومن كتاب المجالس أيضا، عن البرقي ، ويرفعه إلى أحدهم عليهم السلام ، قال : «مر أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه بمجلس من مجالس قريش ، فإذا هو بقوم بيض ثيابهم ، صافية ألوانهم، كثير ضحكهم ، يشيرون إلى من مربهم بأصابعهم . ثم مرّ بمسجد الأوس والخزرج ، فإذا أقوام قد بليت منهم الأبدان ، ورقّت منهم الرقاب ، واصفرّت منهم الألوان ، وقد تواضعوا بالكلام . فتعجب أمير المؤمنين عليه السلام منهم ، ثم دخل على رسول اللهّ صلى الله عليه واله فقال : بأبي أنت واُمي ، اني مررت بمجلس لآل فلان ، ثم وصفهم ، ومررت بمجلس للأوس والخزرج ، فوصفهم ، ثم قال : وجميع مؤمنون ! فأخبرني - يا رسول الله - بصفة المؤمن ؟
فنكس رسول الله صلى الله عليه آله رأسه ، ثم رفعه فقال : عشرون خصلة في المؤمن ، فإن لم يكن فيه لم يكمل إيمانه ، إن من اخلاق المؤمنين - يا علي - الحاضرون الصلاة، والمسارعون إلى الزكاة، [والحاجون لبيت الله الحرام ، والصائمون في شهر رمضان] (3) والمطعمون المسكين ، والماسحون رأس اليتيم ، المطهرون أظفارهم (4)، المتّزرون على أوساطهم ، الذين إن حدّثوا لم يكذبوا، وإن وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإن تكلموا صدقوا، رهبان الليل ، واُسود النهار، وصائمون النهار، وقائمون الليل ، لايؤذون جاراً، ولا يتأذّى بهم جار، الذين مشيهم على الأرض هوناً ، وخطاهم إلى بيوت الأرامل ، وعلى أثر الجنائز، جعلنا الله وإياكم من المتقين »(5)
____________
1 - كذا في الأصل ، وفي الكافي : ولايتكلم ليتجبّربه على من سواه .
2 - الكافي 2 : 179 | 1 ، باختلاف يسير.
3 - أثبتناه من أمالي الصدوق .
4 - في الكافي : أطمارهم .
5 - رواه الكليني في الكافي 2: 182 | 5، بسنده عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا

=


(118)
ومن كتاب الفرائد والعوائد: عن أبي جعفرعليه السلام قال : «من اداب المؤمن حفظ الأمانة ، والمناصحة ، والتفكر، والتقية ، والبر، وحسن الخلق ، وحسن الظن، والصبر، والحجاء، والسخاء، والعفة، والرحمة، والمغفرة، والرضا ، وصلة الرحم ، والصمت ، والستر، والعفة ، والرحمة ، والمغفرة ، والمواسا ة ، والتكريم ، والتسليم ، وطلب العلم ، والقناعة ، والصدق ، والوفاء ، وترك الاعتلام (1) ، وترك الاحتشمام ، والرحم ، والنصفة ، والتواضع ، والمشاورة ، والاستقالة، والشكر، والحياء ، والوقار» .
ثم ذكرعليه السلام الخصال التي يجب على المؤمن تجنّبها، فقال : «البغي ، والبخل ، والدناءة ، والخيانة ، والغش ، والحقد ، والظلم ، والشره ، والخرق ، والعجب ، والكبر، والحسد ، والغدر الفاشي، والكذب، والغيبة ، والنميمة، والمكايدة، وسوء الظن ، ويمين البوار، والنفاق ، والمنّه ، وجحود الإحسان ، والعجز، والحرص ، واللعب ، والإصرار، والقطيعه ، والمزاح ، والسفه ، والفحش ، والغفلة عن الواجب ، وإذاعة السر» .
وعن ابن مسكان ، عن الصادق عليه السلام قال : «إن الله خص رسله بمكارم الأخلاق ، وطبعهم عليها ، فامتحنوا أنفسكم ، فإن كانت فيكم ، فاحمدوا الله عز وجل ، واعلموا أن ذلك من خير، وإن لم تكن فيكم ، فاسألوا الله تعالى التوفيق لها، واجتهدوا» .
** وقال عليه السلام : «مكارم الأخلاق عشرة: اليقين ، والقناعة، والصبر، والشكر، والحلم ، وحسن الخلق ، والسخاء والمروءة، والغيرة ، والشجاعة» (2) .
ثم قال عليه السلام : «هذه العشرة خصال من صفات المؤمنين ، فمن كانت فيه، فليعلم ذلك من خير أراده الله تعالى به ».
وزاد عليها فقال : «والبر، والصدق ، واداء الأمانة، والحياء» .
وروى ابن بكير(3)عنه عليه السلام أنه قال : «انا لنحب من كان عاقلاً، فهماً، فقيهاً، عليماً، مدارياً، صبوراً، صدوقاً، وفياً، إن الله تعالى خص الأنبياء عليهم
____________
=
رفعه عن أحدهما عليهما السلام ، والكراجكي في كنز الفوائد : 29 عن المحاسن للبرقي ، ورواه باختصار الصدوق في أماليه : 439 | 16 .
1 - كذا، ولعل الصواب : الإغتلام .
2 - الكافي 2 : 46 | 2 ، والخصال : 431 | 12 ، ومشكاة الأنوار: 238، باختلاف يسير.
3 - في الاصل : أبوبكير، وما أثبتناه هو الصواب ، وهو عبد الله بن بكير بن أعين بن سنسن ، من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، أنظر «رجال الشيخ 229 | 58 وفهرسته : 106 | 452 ،وتنقيح المقال 3 : 42 فصل الكنى».

(119)
السلام بمكارم الأخلاق ، فمن كان فيه شيء من مكارم الأخلاق فليحمد الله تعالى، ومن لم يكن فيه فليتضرع الى الله عز وجل وليسأله إياها».
قال : وذكر هذه الخصال وزادها . وصدق الحديث (1).
وعن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الباقر عليه السلام قال : «قال رسول الله صلى الله عليه واله : ألا اخبركم بأشبهكم بي خلقاً؟ فقيل : بلى، يا رسول الله ، فقال : أعظمكم حلماً، وأكثركم علماً، وأبركم بقرابته ، وأشدكم حباً لاخوانه في دينه ، وأصبركم على الرضا والغضب ».
وروي عنه عليه السلام أنه قال : «إن الله تعالى ارتضى لكم الإسلام ، فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق » (2).
وعن المفضل بن عمر، عن الكاظم عليه السلام قال : «لم ينزل من السماء أعز ولا أقل من ثلاثة أشياء: التسليم ، والبر، واليقين »(3).
وروي عنه عليه السلام ، أنه قال : «ألا اُخبركم بمكارم الأخلاق ؟ قالوا : بلى، يابن رسول الله ، فقال : الصفح عن الناس ، ومواساة الأخ المؤمن في الله تعالى، من المال - قل أو كثر- وذكر الله تعالى كثيراً» .
وقيل له عليه السلام : من أكرم الخلق على الله تعالى؟ فقال : «من إذا اُعطي شكر، واذا ابتلي صبر، وإذا اُسيء إليه غفر ».
وعن يحيى بن اُم الطويل ، عن علي بن الحسين عليه السلام قال : «طوبى لمن طاب خلقه ، وطهرت سجيته ، وحسنت علانيته ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله ، وأنصف الناس من نفسه ».
وروي عنه عليه السلام أنه قال : «لاتعب أخاك المؤمن بعيب هو فيك حتى تصلحه من نفسك ، فإذا أصلحته بدا لك عيب غيره ، وكفا بالمرء شغلاً بنفسه ».
وقال عليه السلام : «أنفق ولا تخف فقراً، وأنصف الناس » .
وعن محمد بن أبي زينب ، عن الصادق عليه السلام قال : «الدعاء عند الكرب ، والاستغفار عندالذنب ، والشكرعند النعمة، من أخلاق المؤمنين » .
____________
1 - الكافي 2 : 46 | 3، ومشكاة الأنوار: 238 .
2 - الكافي 2 : 46 | 4،روضة الواعظين : 384، مشكاة الأنوار: 221.
3 - مشكا ة الانوار: 27، وفيه : عن كتاب المحاسن عن أبي عبداللهّ عليه السلام .

(120)
وقال عليه السلام : «البر وحسن الخلق ، يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار. وصنائع المعروف وحسن البشر، يكسبان المحبة، ويدخلان الجنة . والبخل وعبوس الوجه ، يبعدان من الله تعالى ذكره ، ويدخلان النار».
وعنه عليه السلام قال : «وجدت في ذؤابة ذي الفقار صحيفة، فيها : صل من قطعك ، واعط من حرمك ، وقل الحق ولوعلى نفسك ».
وعن الكاظم عليه السلام ، أنه قال :«لاعزإلاّ لمن تذلل لله ، ولا رفعة إلاّ لمن تواضع لله ، ولا أمن إلاّ لمن خاف الله ، ولا ربح إلاّ لمن باع اللهّ نفسه ».
وعن الصادق عليه السلام قال : «ثلاثة لايطيقهن الناس : الصفح عن الناس ، ومواساة الرجل أخاه المؤمن ، وذكر الله تعالى كثيراً»(1).
وقال عليه السلام : «ما ابتلي الناس بشيء أشد من إخراج الدرهم ، لا الصلاة ولا الصيام ولا الحج ، فإن الله تعالى يقول : ( ولايسألكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا )(2) ثم قال : ( ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء)(3) » .
وقال عليه السلام (4): «إن أحب الخلائق إلى الله تعالى شاب حدث السن ، في صورة حسنة، جعل شبابه وجماله في طاعة اللهّ تعالى، ذاك الذي يباهي اللهّ تعالى به ملائكته فيقول : هذا عبدي حقاً».
وعنه عليه السلام ، أنه قال : «شرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزه كفه عن أعراض الناس ، واستغناؤه عما في أيديهم » .
وعنه عليه السلام قال : «من أخرجه الله تعالى من ذل المعصية إلى عز الطاعة، أغناه الله بلا مال ، وأعزه بلاعشيرة، وآنسه بلا أنيس . ومن خاف الله تعالى، أخاف الله منه كل شيء ، ومن لم يخف اللهّ، خَوَّفه الله من كل شيء . ومن رضي من الله تعالى باليسير من المعاش ، رضي الله منه باليسيرمن العمل ، ومن لم يستحي من طلب الحلال وقنع به ، خفّت مؤنته ، ونعم أهله . ومن زهد في الدنيا، أثبت الله الحكمة في
____________
1 - الزهد : 17 | 38، مشكاة الأنوار: 57 .
2 ـ محمد 47 : 36 ، 37 .
3 - محمد 47 : 38 .
4 - في الاصل زيادة : قال .

(121)
قلبه ، وأنطق بها لسانه ، وبصره عيوب الدنيا ـ دائها ودوائها ـ وأخرجه من الدنيا سالماً إلى دارالسلام »(1).
وقال عليه السلام : «من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله ، وأقوى الناس فليتوكل على اللهّ، وأغناهم فليكن بما في يد لله أوثق منه بما في يديه ».
وعنه عليه السلام قال: «ثلاث منجيات : خوف الله في السروالعلانية كأنك تراه ، وإن لم تكن تراه فإنه يراك ، والعدل في الرضا والغضب ، والقصد في الغنى والفقر.
وثلاث مهلكات : هوى متبع ، وشح مطاع وإعجاب المرء بنفسه ».
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال : «أقرب الناس من الله - يوم القيامة - من طال جوعه وعطشه وحزنه في الدنيا، وهم الأتقياء الأخفياء الذين إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، تعرفهم بقاع الأرض، لم وتحف بهم ملائكة السماء، نَعمَ الناس بالدنيا، ونعموا بطاعة الله ، افترش الناس الفرش ، وافترشوا الجباه والركب ، ضيع الناس أوقاتهم في لهو الدنيا، وحفظوها هم في الجد والاجتهاد، تبكي الأرض لفقدهم ، ويسخط الله على كل بلدة ليس فيها منهم أحد، لم يتكلبوا على الدنيا تكلب الكلاب على الجيف ، يراهم الناس يظنون أن بهم داء، وما بهم من داء إلاّ الخوف من الله ، ويقال : قد خولطوا وذهبت عقولهم ، وما ذهبت ، ولكن نظروا بقلوبهم إلى أمر أذهب عنهم الدنيا، فهم عند أهل الدنيا يمشون بلا عقول ، وهم الذين عقلوا، وذهبت عقول من خالفهم »(2).
وروي أن في التوراة مكتوباً: إن الله تعالى يبغض الحبر السمين ، لأن السمن يدل على الغفلة وكثرة الاكل ، وذلك قبيح وخصوصاً بالحبر.
ومثله (3) قال ابن مسعود: ان الله يبغض [ القارىء](4)السمين (5).
وفي خبر مرسل : «إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم ، فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش »(6).
____________
1 - أمالي الطوسي 2 : 232 .
2 - تنبيه الخواطر 1: 100 باختلاف يسير.
3 - في تنبيه الخواطر: ولأجله .
4 -أثبتناه من تنبيه الخواطر.
5 - تنبيه الخواطر 1 : 101 .
6 - تنبيه الخواطر 1: 101.

(122)
وقال النبي صلى الله عليه واله : «إن للمؤمن أربع علامات : وجهاً منبسطاً، ولساناً لطيفاً، وقلباً رحيماَ، ويداً معطية».
وقال عليه السلام : «إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث ، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد، وقلة الفخروالبخل (1)، وصلة الأرحام ، ورحمة الضعفاء، وقلة المواتاة للنساء، وبذل المعروف ، وحسن الخلق ، وسعة الحلم ، واتّباع العلم فيما يقرّب إلى الله عزوجل ، فطوبى لهم وحسن مآب . وطوبى شجرة في الجنة، أصلها في دار رسول الله ليس من مؤمن إلا وفي داره غصن منها، لاينوي في قلبه شيئاً إلا أتاه الله به من [ذلك ](2) الغصن ، ولوأن راكباً مجدّاً سار في ظلها مائة عام لم يخرج منها، ولوأن غراباً طار من أصلها ما بلغ أعلاها حتى يبيضّ هرماً، ألا ففي هذا فارغبوا، ان المؤمن من نفسه في شغل ، والناس منه في راحة، إذا جنّ عليه الليل فرش وجهه على الأرض ، وسجد لله تعالى بمكارم بدنه ، يناجي ربه الذي خلقه في فكاك رقبته من النار، ألا فهكذا كونوا»(3).
وعن أميرالمؤمنين عليه السلام ، أنه قال : «لايقبل الله من الأعمال إلاّ ما صفا وصلب ورق ، فأما صفاءها فلله وأما صلابتها فللدين ، وأما رقتها فللا خوان ».
وروي أن سلمان دخل على أمير المؤمنين - وبيده رقعة - فقال : «هي من الرقاع التي علقت على آذان أصحاب الكهف » وإذا فيها ثلا ثة أسطر: أولها : قضي القضاء، وتمّ القدر، وماجرى به القدر فهو كائن .
والثاني : الرزق مقسوم ، والحريص محروم ، والبخيل مذموم .
والثالث أعن زمانك ، واخف مكانك ، واحفظ لسانك ،واقبل على، شأنك .
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله ، أنه التقى بقوم فقال : «من أنتم ؟» .
فقالوا: مؤمنون ، يا رسول الله .
فقال صلى الله عليه واله : «ما حقيقة إيمانكم ؟».
فقالوا: الرضا بقضاء الله ، والصبرعلى بلاء الله ، والتسليم لأمرالله .
____________
1 - كذا في الأصل ، ولعله تصحيف ، صوابه : النجل ، وفي الحديث : من نجل الناس نجلوه أي من عاب الناس عابوه ومن سبهم سبوه «لسان العرب - نجل - 11 : 647».
2 - أثبتناه من الخصال .
3 - الخصال : 483 | 56، ومشكاة الأنوار: 86، وفيهما: عن أميرالمؤمنين عليه السلام .

(123)
فقال : «علماء حكماء، كادوا يكونوا أنبياء من الحكمة، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا مالا تسكنون ، ولاتجمعوا مالا تأكلون ، واتقوا الله الذي إليه ترجعون ».
** وروي أن قوماً استقبلوا أميرألمؤمنين عليه السلام - بباب الفيل، في مسجد الكوفة- فسلموا عليه وقالوا: نحن شيعتك ، يا أميرالمؤمنين ، فقال : «كذبتم ، شيعتي عمش العيون من البكاء، ذبل الشفاه من الذكر والدعاء، خمص البطون من الطوى، صفرالوجوه من السهر، حدب الظهور من القيام ».
وعن نوف (1) البكالي قال : رأيت أميرالمؤمنين عليه السلام في ساعة من الليل ، فقال : «يا نوف ، إن الله تعالى أوحى إلى المسيح عليه السلام : أن قل لبني إسرائيل : لايدخلوا بيتاً من بيوتي ، إلا بقلوب طاهرة، وأبصار خاشعة، وأكف نقية، وأعلمهم أني لا اُجيب لأحد منهم دعوة، ولأحد من خلقي عنده مظلمة.
يا نوف ، إن داود النبي عليه السلام خرج في هذه الساعة من الليل وقال : إن هذه ساعة لايدعو فيها داع بخير إلا استجاب الله تعالى [له](2)، إلاّ أن يكون شاعراً، أو عاشراً ، أو شرطياً ، أو عريفاً ،أو بريداً ، أو صاحب كوبة(3) ، أو عرطبهّ (4) ».
وروي عن الصادق عليه السلام قال : «المؤمن أعز من الكبريت الأحمر»(5) .
وعن الباقرعليه السلام قال : «الناس كلهم بهائم - قالها ثلاثاً - الا قليلاً من المؤمنين ، والمؤمن غريب - قالها ثلاثاً-»(6) .
وعن سدير الصيرفي قال : دخلت على الصادق عليه السلام ، وقلت له : والله مايسعك القعود .
قال : «ولم يا سدير؟» قلت : لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك ، والله لو
____________
1 - في الأصل : نوفل ، وما أثبتناه هوالصواب ، اُنظر «معجم رجال الحديث 19 : 185 وتنقيح المقال 3 : 276 | 12596 » .
2 - اثبتناه لضرورة السياق .
3 - الكوبة: من آلات اللهو، قيل: هي النرد. «مجمع البحرين - كوب - 2: 164».
4 - العرطبة : من الات اللهو، هي العود أوالطنبور «مجمع البحرين - عرطب - 2: 119».
5 - الكافي 2 : 189 | 1 6 - الكافي 2 : 189 | 2 .

(124)
كان لأمير المؤمنين عليه السلام مثل مالك من الأنصار والموالي والشيعة، ما طمع فيه تيم ولا عدي .
فقال : «وكم عسى أن يكونوا؟»
قالت : مائة ألف.
فقال : «مائة ألف !»
فقلت : مائتا الف .
فقال: «مائتا الف !»
فقلت : نعم ونصف الدنيا. فسكت عنّي ثم قال : «يجب عليك أن تبلغ معنا إلى(1) ينبع (2)».
قلت : نعم . فأمر بجمل وبغل أن يسرجا، فبادرت إلى الجمل فركبته .فقال : «يا سدير ترى أن تؤثرني بالجمل».
فقلت له : البغل أرفق .
فقال : «الجمل أرفق لي » فنزل وركب عليه السلام الجمل وركبت البغل فمضينا، فجاءت الصلاة، فقال : «يا سدير، انزل بنا نصلي ، ولكن هذه أرض السبخة، لايجوز الصلاة فيها» فسرنا حتى صرنا في أرض حمراء، ونظرإلى غلام يرعى جدياً فقال: «يا سدير، والله لوكان لي (سبعة عشر) (3) بعدد هذه الجديان ، ما وسعني القعود» ونزلنا فصلينا، فلما فرغنا من الصلاة عددت الجديان فإذا هي سبعة عشر جدياً (4).
** وقال الصادق عليه السلام : «إن المؤمن لقليل ، وان أهل الضلالة لكثير» .
وقال الكاظم عليه السلام : «ليس كل من قال بولايتنا مؤمناً، ولكن جعلوا اُنساً للمؤمن »(5).
____________
1 - في الأصل زيادة : ان .
3 - ينبع : قرية قرب المدينة المنورة، بها وقوف لعلي عليه السلام يتولاها أولاده «معجم البلدان 5: 450».
3 - في الكافي : شيعة.
4 - الكافي 2 : 190 | 4 باختلاف في ألفاظه .
5 - الكافي 2 : 191 | 7 .

(125)
** وفي الإنجيل : الاشجاركثيرة، وطيّبها قليل .
وعن المفضل بن عمر، قال جعفر بن محمد: «يا مفضل ، إياك والسفلة، وإنما شيعة علي من عفت بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فإذا رأيتهم بهذه الصفة فاولئك شيعة علي »(1).
وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن المؤمن فقال : « الصفوة من الناس ، وإن أشد الناس بلاءاً الصفوة من الناس ، ثم الأمثل فالأمثل ، ويبتلى المؤمن على قدر إيمانه وحسن عمله ، كلما اشتد عمله اشتد بلاؤه ، وكلما سخف إيمانه قلّ بلاؤه ».
وقال عليه السلام : «إنما المؤمن بمنزلة كفتي الميزان ، كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه ، ولا يمضي على المؤمن أربعون يوماً إلا ويعرض له أمر يحزنه ليذكّره »(2).
وعن المفضل بن عمر، عن الصادق عليه ألسلام ، قال : «لايكون المؤمن مؤمناَ حتى يهجر فينا القريب والبعيد، والأهل والولد» .
وعن أبي إسماعيل قال : قلت للصادق عليه السلام : إن الشيعة عندنا كثير، فقال : «هل يعطف الغني على الفقير؟ ويتجاوز المحسن عن المسيء ؟ ويتواسون ؟» قلت : لا، قال : «ليس هؤلاء شيعة، إنما الشيعة من يفعل هذا»(3).
وعن عبد المؤمن الانصاري قال : دخلت على الكاظم عليه السلام ، وعنده محمد بن عبدالله الجعفي ، فتبسمت في وجهه ، فقال :«أتحبه ؟» فقلت : نعم ، وما أحببته إلا فيكم ، فقال : «هو أخوك ، المؤمن أخو المؤمن لأبيه ولاُمه ، ملعون من اتهم أخاه ، ملعون من غش أخاه ، ملعون ملعون من لم ينصح أخاه ، ملعون ملعون من استأثر على أخيه ، ملعون ملعون من احتجب عن أخيه ، ملعون ملعون من اغتاب أخاه »(4).
وقال علي بن الحسين عليهما السلام : «إن الله تعالى لم يفترض فريضة أشد من بر الإخوان ، وما عذب الله أحداً أشد ممن ينظرإلى اخيه بعين غير وادّة، فطوبى
____________
1 - الكافي 2: 183 | 9، وفيه : فاولئك شيعة جعفر.
2 - الكافي 2 : 197 | 10، 11 باختلاف يسير.
3 - الكافي 2 : 139 | 11، وفيه : عن أبي اسماعيل قال : قلت لأبي جعفر.
4 - قضاء حقوق المؤمنين : ح 44، عدة الداعي : 174، باختلاف يسير.

(126)
لمن وفقه اللهّ تعالى لأداء حق المؤمن ».
** وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : «فرض الله الاثرة، فقال : ألا تستأثر على أخيك بما هوأحوج إليه منك ».
وهذا الحديث من كتاب المجالس للبرقي .
وروى أبوجعفر الكليني - في كتاب الزكاة - عن المفضل بن عمر قال : كنت عند الصادق عليه السلام ، وقد سأله رجل فقال له (1): كم تجب الزكاة عن المال؟ فقال : «الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ » فقال : اُُريدهما جميعاً ، فقال : «أما الظاهرة ففي كل ألف درهم خمسة وعشرون درهماً، وأما الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو احوج إليه منك »(2).
وعن الباقرعليه السلام قال : «ان لله جنة لايسكنها إلا ثلاثة: أحدهم رجل آثرأخاه المؤمن في الله على نفسه »(3).
وعن أبان بن تغلب قال : قلت للصادق عليه السلام : ما حق المؤمن على أخيه؟ فقال : لا ترده ، فقلت : بلى ، فقال : «أن تقاسمه مالك شطرين » .
قال : فعظم ذلك عليَّ ، فلما رأى عليه السلام شدته عليَّ قال : «أما علمت أن الله تعالى ذكر المؤثرين على أنفسهم ومدحهم في قوله تعالى : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)(4) ؟ فقلت : بلى فقال : «فإذا قاسمته وواسيته وأعطيته النصف من مالك لم تؤثره ، إنما تؤثره إذا أعطيته أكثرمما تأخذه »(5).
عن محمد بن سنان قال : كنت عند الصادق عليه السلام - ومبشر (6) عنده - فقال : «يا مبشر، قال : لبيك ، فقال له : قد حضر أجلك غير مرة ومرتين ، كل ذلك يؤخر لصلتك المؤمن »(7).
____________
1 - في الأصل : لي ، وما أثبتناه هو الصواب .
2 - الكافي 3 : 500 | 13 .
3 - الكافي 2، 142 | 11 ، باختلاف يسير.
4 - الحشر 59: 9 .
5 - الكافي 2 : 137 | 8 باختلاف في ألفاظه .
6 - كذا في الأصل ، والظاهر ان الصواب : ميسر، لورود الحديث باختلاف يسير في ترجمته ، اُنظر «رجال الكشي 2: 513 | 448، معجم رجال الحديث 19 : 106».
7 - رواه الحسين بن سعيد في الزهد: 41 | 11، باختلاف يسير، وفيه :حدثني ابن مسكان ، عن

=