وعن النبي صلى الله عليه وآله قال : «صلة الرحم تزيد في العمر ، وصلة المؤمن صلة الله تعالى ، فمن قطع أخاه المؤمن صلته ، قطع الله الحبل الذي بينهما ، وسلبه معرفته ، وتركه في طغيانه يعمه» .
وقال عليه السلام : «يأتي على الناس زمان ، من سكت فيه مات ، ومن تكلم فيه عاش . فقال إسحاق بن عمار : ما أصنع إن أدركت ذلك الزمان ؟ فقال : تعينهم بما عندك ، فإن لم تجد فبجاهك» (1) .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : «من كمال المرء المؤمن تركه مالا يجمل به ، ومن حيائه أن لايلقى أحداً بما يكره ، ومن عقله حسن رفقه ، ومن أدبه علمه بما لابدّ له منه ، ومن ورعه غض بصره وعفة بطنه ، ومن حسن خلقه كفه أذاه ، سخائه بره بمن يجب حقه ، ومن دينه إيثاره على نفسه ، ومن صبره قلة شكواه ، ومن عقله إنصافه من نفسه وتركه الغضب عند مخالفته ، وقبوله الحق إذا بان له ، ومن نصيحته نهيه أخاه عن معصيته ، ومن حفظه جواره ستره لعيوب جيرانه ، وتركه توبيخهم عند إساءتهم إليه ، ومن رفقه تركه المواقفة على الذنب بين يدي من يلوم المذنب على ذنبه ، ومن حسن صحبته إسقاطه عن صاحبه مؤونة أذاه ، ومن صداقته كثرة موافقته ، ومن صلاحه شدة حزنه ، ومن شكره معرفة إحسان من أحسن اليه ، ومن تواضعه معرفته بقدره ،ومن حكمته معرفته بذاته ، ومن مخافته ذكره الآخرة بقلبه ولسانه ،ومن سلامته قلة تحفظه لعيوب غيره واعتنائه في صلاح عيوب نفسه ».
وقال الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام ، لبعض شيعته : «إنا لا نغني عنكم شيئاً إلاّ بالورع ، وإن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والاجتهاد، ولا تدرك إلاّ بالعمل ، وإن أشد الناس عذاباً يوم القيامة من وصف عدلاً وأتى جوراً».
** وقال أمير المؤمنين عليه السلام : «إن من أحب عباد الله إليه ، عبداً أعانه الله على نفسه ، فاستشعر الحزن ، وتجلبب الخوف ، فزهر مصباح الهدى في قلبه ، وأعدَّ القِرى ليومه النازل به ، فقرب على نفسه البعيد، وهون الشديد.
نظر فأبصر، وذكر فأكثر، فارتوى من عذب فرات ، سهلت له موارده فشرب
____________
=
رجل انهم كانوا في منزل أبي عبد الله (ع) وفيهم ميسر. . . ، ورواه الكشي في رجاله 2 : 513 | 448 وفيه : عن حنان وابن مسكان ،عن ميسر، قال : دخلنا على أبي جعفر عليه السلام .
1 ـ الكافي 4 : 46 | 1 .

(128)
نهلاً، وسلك سبيلاً جدداً، قد خلع سرابيل الشهوات ، وتخلى من الهموم إلا هماً واحداً انفرد به ، فخرج من صفة العمى ، ومشاركة أهل الهوى، وصار من مفاتيح أبواب الهدى، ومغاليق أبواب الردى، قد أبصر طريقه ، وسلك سبيله ، وعرف مناره ، وقطع غماره (1)، واستمسك من العرى بأوثّقها، ومن الحبال بأمتنها، فهومن اليقين على مثل ضوء الشمس .
قد نصب نفسه - لله سبحانه - في أرفع الاُمور، من إصدار كل وارد عليه ، وتصيير كل فرع إلى أصله ، مصباح ظلمات ، كشاف غشوات ، مفتاح مهمات ، دفاع معضلات ، دليل فلوات ، يقول فيفهم ، ويسكت فيسلم .
قد أخلص لله سبحانه فاستخلصه ، فهو من معادن دينه ، وأوتاد أرضه ، قد ألزم نفسه العدل ، فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه ، يصف الحق ويعمل به ، لا يدع للخير غاية إلا أمها، ولا مظنة إلاّ قصدها، قد أمكن الكتاب من زمامه ، فهو قائده وإمامه ، يحل حيث كان محله ، وينزل حيث كان منزله.
واخر قد تسمى عالماً وليس به ، فاقتبس جهائل من جهال ، وأضاليل من ضُلاّل ، ونصب للناس أشراكاً من حبائل غرور وقول زور، قد حمل الكتاب على ارائه ، وعطف الحق على أهوائه ، يؤمن من العظائم ، ويهون كبير الجرائم ، يقول : أقف عند الشبهات ، وفيها وقع ، ويقول : أعتزل البدع ، وبينها اضطجع ، فالصورة صورة إنسان ، والقلب قلب حيوان ، لا يعرف باب الهدى فيتبعه ، ولا باب العمى فيصد عنه ، فذلك ميت الأحياء.
فأين تذهبون! وأنى تؤفكون! والأعلام قائمة ، والآيات واضحة ، والمنار منصوبة، فأين يتاه بكم! بل كيف تعمهون! ووبينكم عترة نبيكم، وهم أزمّة الحق ، وألسنة الصدق ، فأنزلوهم بأحسن منازل ، وردوهم ورود الهيم العطاش .
أيها الناس ، خذوها عن خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم : انه يموت من يموت منّا وليس بميت ، ويبلى من بلي وليس ببال ، فلا تقولوا مالا تعرفون، فإن أكثر الحق فيما تنكرون ، واعذروا من لاحجة لكم عليه وأنا هو، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر! وأترك فيكم الثقل الأصغر! وركزت فيكم راية الإيمان! ووقفتكم على الحلال والحرام! وألبستكم العافية من عدلي! وفرشتكم المعروف من قولي وفعلي! وأريتكم كرائم
____________
1 ـ غمار: جمع غمرة وهي شدة الشيء ومزدحمه «القاموس المحيط - غمر -2 : 104».
(129)
الأخلاق من نفسي! فلا تستعملوا الرأي فيما لا يدرك قعره البصر، ولا يتغلغل إليه الفكر، حتى يظن الظان أن الدنيا معقولة على بني اُمية، تمنحهم درها، وتوردهم صفوها، ولا يرفع عن الاُمة سيفها ولا سوطها، وكذب الظان لذلك ، بل هي مجة من لذيذ العيش ، يتطعمونها برهة ثم يلفظونها جملة»(1).
** ومن كتاب الخصال : عن محمد بن علي الباقر قال : «سئل رسول الله صلى ، الله عليه وآله ، عن خيار العباد، قال : الذين إذا أحسنوا استبشروا ، وإذا أساؤا استغفروا، و اذا أُعطوا شكروا، واذا ابتُلُوا صبروا، واذا غضبوا غفروا»(2) .
وروى الحارث بن المغيرة النضري (3)، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «ستة لا تكون في المؤمن : العسر، والنكد(4)، واللجاجة، والكذب ، والحسد [والبغي] (5) » (6) .
ومن الكتاب المذكور: عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : «قال عيسى بن مريم عليه السلام : طوبى لمن كان صمته فكراً ،ونظره عبراَ، ووسعه بيته ، وبكى على خطيئته ، وسلم الناس من يده ولسانه »(7).
ومن الكتاب المذكور : عن جعفر بن محمد عليه السلام ، قال : «إنما شيعة جعفر، من عف بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فإذا رأيت اولئك ، فأولئك شيعة جعفر» .
يقول عليه السلام ذاك للمفضل بن عمر رحمه الله تعالى(8).
ومن الكتاب المذكور: عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «إن الله عز وجل
____________
1 ـ نهج البلاغة 1 : 149 | 83 .
2 - الخصال : 317 | 99 .
3 - في الأصل : البصري ، تصحيف ، وما أثبتناه من المصدر، وجاء في بعض الموارد: النصري ، بالصاد المهملة، ولعله هو الصواب ، نسبة إلى بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن ، اُنظر «معجم قبائل ألعرب 3: 1181، ومعجم رجال الحديث 4 : 208».
4 - في الأصل : النكل، تصحيف ، وما أثبتناه من المصدر.
5 - أثبتناه من المصدر.
6 - الخصال : 325 | 15 .
7 - الخصال : 295 | 62 .
8 - الخصال : 295 | 63 .

(130)
أعفا شيعتنا من ست خصال : من الجنون ، والبرص ، والجذام ، والابنة(1)، وأن يولد لهم من زنا، وأن يسأل الناس بكفه (2) »(3) .
وقال عليه السلام : «ألا إن شيعتنا قد أعاذهم الله عز وجل عن ست : عن ان يطمعوا طمع الغراب ، أويهرّوا هرير الكلاب ، أو ينكحوا في أدبارهم ، أو يولدوا من الزنا ،أويلدوا من الزنا، أويتصدّقوا على الأبواب» (4) .
قال أمير المؤمنين عليه السلام : «المؤمن بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، أوسع شِيء صدراً، وأذل شيء نفساً، يكره الرفعة، ويشنأ السمعة، طويل غمه ، بعيد همه ، كثير صمته ، مشغول وقته ، شكور صبور، مغمور بفكرته ، ضنين بخلته ، سهل الخليقة، لين العريكة، نفسه أصلب من الصلد، وهو أذل من العبد»(5).
وقال عليه السلام : «المؤمن ينظر إلى الدنيا بعين الإعتبار، ويقتات منها ببطن الاضطرار، ويسمع فيها باُذن المقت والإبغاض ، إن قيل : أثرى قيل : أَكدى، وإن فُرح له بالبقاء، حُزن له بالفناء، هذا ولم يأتهم يوم فيه يبلسون (6).
إن الله تعالى وضع الثواب على طاعته ، والعقاب على معصيته ، ذيادة لعباده من نقمته ، وحياشة لهم إلى جنته »(7).
من كتاب الخصال لابن بابويه : عن معاوية بن وهب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : «الشيعة [ثلاث] (8)محب وادّ ، فهو منا . [و](9) متزين بنا، ونحن زين لمن تزين بنا. ومستأكل بنا الناس ، ومن استأكل بنا افتقر» (10).
وقال عليه السلام : «امتحنوا شيعتنا عند ثلاث : عند مواقيت الصلاة، كيف محافظتهم عليها؟ وعند أسرارهم ، كيف حفظهم لها من عدونا؟ وعند أموالهم ، كيف
____________
1 ـ الأبنة: داء قوم لوط ، اُنظر «لسان العرب - أبن - 13 : 3».
2 - في الأصل : بلغة، تصحيف ، وما أثبتناه من المصدر.
3 - الخصال : 336 | 37 .
4 - الخصال : 336 | 38 .
5 - نهج البلاغة 3 : 232 | 333 .
6 - نهج البلاغة 3 : 240 | 367.
7 - نهج البلاغة 3 : 241 | 368.
8 ، 9 - أثبتناه من المصدر.
10 - الخصال : 103 | 61.

(131)
مواساتهم لإخوانهم فيها؟»(1).
وقال عليه السلام : «المؤمن إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل ، واذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق ، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له »(2).
وقال عليه السلام : «ثلاث من كن فيه استكمل الإيمان : من صبر على الظلم، وكظم غيظه ، وعفا واحتسب وغفر، كان ممن يدخله الله الجنة بغير حساب ، ويشفعه في مثل ربيعة ومضر»(3).
** وقال، عليه السلام : «إنما المؤمن الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل ، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق ، وإذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدي وإلى ما ليس له بحق»(4).
وقال عليه السلام : «شرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزه كف الأذى عن الناس» (5) .
ومن كتاب الخصال أيضاً: عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال :«خصلتان لاتجتمعان في مؤمن : البخل ، وسوء الخلق »(6) .
وقال عليه السلام : «لا يجتمع الشحّ والإيمان في قلب عبد أبداَ»(7).
وقال عليه السلام : «إن صلاح أول هذه الامة بالزهد(8) واليقين ، وهلاك اخرها بالشحّ والأمل »(9).
ومن كتاب الخصال : عن أبي مالك قال : قلت لعلي (10)عليه السلام : أخبرني
____________
1 ـ الخصال : 103 | 62.
2 - الخصال : 105 | 64.
3 - الخصال : 104 | 63 .
4 - الخصال : 105 | 65، وفيه : عن أبي جعفر عليه ألسلام .
5 - الخصال : 6 |18 .
6 - الخصال :75 | 117 .
7 - الخصال : 75 | 118 .
8 - في الأصل : في الزهد، وما أثبتناه من المصدر.
9 - الخصال : 79 | 128 .
10 ـ المراد: علي بن الحسين عليه السلام ، كما في المصدر.

(132)
بجميع شرائع الدين . فقال : «قول الحق ، والحكم بالعدل ، والوفاء بالعهد، فهذه جميع شرائع الدين » (1) .
** ومن الكتاب : عن أبي عبدالله قال : «الرجال ثلاثة: رجل بماله ، ورجل بجاهه ، ورجل بلسانه ، وهو أفضل الثلاثة» (2) .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : «الرجال ثلاثة: عاقل وأحمق جاهل (3) وفاجر، فالعاقل الدين شريعته ، والحلم طبيعته ، والرأي سجيته ، ان سئل أجاب ، وإن تكلم أصاب ، وإن سمع وعى، وإن حدّث صدق ، وإن اطمأن إليه أحد وفى، (والجاهل الحمق)(4) إن استقبلته (5) بجميل غفل ، وإن استنزل عن حسن نزل ، وإن حمل على جهل جهل ، وإن حدّث كذب ، لا يفقه وإن فقه لم يتفقه ، والفاجر إن ائتمنته خانك ، وإن صحبته شانك ، وإن وثقت به لم ينصحك »(6).
وقال أبو عبد الله عليه السلام : «الناس يغدون[على ثلاثة](7) : عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء، وشيعتنا المتعلمون ، وسائر الناس غثاء»(8).
وقال لقمان لابنه : يا بني ، للإيمان ثلاث علامات : العلم والإيمان والعمل ، وللعالم ثلاث علامات : الصلاة والصيام والزكاة (9).
وقال الكاظم عليه السلام : «الناس ثلاثة : عربي ومولى وعِلج ، فأمّا العرب فنحن ، وأمّا المولى فمن والانا، وأمّا العِلج فمن تبرأ منا وناصبنا»(10)
____________
1 - الخصال : 113 | 90 .
2 - الخصال : 116 | 95 .
3 - ليس في المصدر.
4 - في المصدر: والأحمق .
5 - في المصدر: استنبه .
6 - الخصال : 116 | 96 .
7 ـ أثبتناه من المصدر.
8 ـ الخصال :123 | 115 .
9 ـ الخصال : 121 | 113، وفيه : قال لقمان لابنه : يا بني لكل شيء علامة يعرف بها ويشهد عليها، وإن للدين ثلاث علامات : العلم والإيمان والعمل به ، وللإيمان ثلاث علامات : الإيمان بالله وكتبه ورسله، وللعالم ثلاث علامات : العلم بالله وبما يجب وبما يكره ، وللعامل ثلاث علامات الصلاة والصيام والزكاة . . .
10 ـ الخصال : 123 | 116 .

(133)
وقال أمير المؤمنين عليه السلام للحارث الأعور: «ثلاث بهن يكمل المسلم : التفقه في ألدين ، والتقدير في المعيشة، والصبر على النوائب»(1) .
** وأوصى رسول الله صلى الله عليه واله علياً عليه السلام فقال له : «يا علي ، أنهاك عن ثلاث خصال عظام : الحسد، والحرص ، والكذب .
يا علي ، أشد(2) الأعمال ثلاث خصال : إنصافك الناس من نفسك ، ومواساة الأخ في الله عز وجل ، وذكر الله عز وجل على كل حال .
يا علي ، ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا: لقاء الإخوان ، وألإفطار من الصيام ، والتهجد من آخر الليل .
يا علي ، ثلاث من لم تكن فيه لم يقم له عمل : تورع يحجزه عن معاصي الله عز وجل ، وخلق يداري به الناس ، وحلم يرد به جهل الجاهل .
يا علي ، ثلاث من حقائق الإيمان : الإنفاق من الاقتار، وانصاف الناس من نفسك ، وبذل العلم للمتعلم .
يا علي ، ثلاث من مكارم الأخلاق : تعطي من حومك ، وتصل من قطعك ، وتعفو عن من ظلمك»(3).
وقال أبو عبد الله عليه السلام : «ثلاث خصال في المؤمن ، لا يجمعها الله تعالى لمنافق : حسن الخلق ، والفقه ، وحسن السمت»(4).
وقال عليه السلام : «ثلاث لا يطيقهن الناس : الصفح عن الناس ، ومواساة الأخ في الله تعالى أخاه في ماله ، وذكر الله كثيرا»(5).
وقال عليه السلام : «من علامات المؤمن (6): الحلم والعلم والصمت ، وإن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت ينشب (7) المحبة، وإنه دليل على كل
____________
1 ـ الخصال : 124 | 120 .
2 - في المصدر: سيد.
3 - الخصال : 124 | 121 .
4 - الخصال : 127 | 126 باختلاف يسير.
5 - الخصال : 133 | 142 .
6 - في المصدر: الفقه .
7 - في المصدر: يكسب .

(134)
خير»(1).
** وقال عليه السلام : «ثلاث إذا كنّ في الرجل ، لا تحرج أن تقول : انه في جهنم : الجفاء، والجبن ، والبخل »(2).
وقال عليه السلام : «الهدي الصالح ، والسمت الصالح ، والاقتصاد، جزء من خمسة وسبعين (3) جزءاً من النبوة»(4).
وقال عليه السلام : «الإيمان معرفة بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان»(5) .
وعن سماعة،عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه قال : «يا سماعة، لا ينفك المؤمن من خصال أربع : من جار يؤذيه ، وشيطان يغويه ، ومنافق يقفو أثره ، ومؤمن يحسده، ثم قال : يا سماعة، أما إنه أشد [هم](6)عليه ، قلت : كيف ذلك ؟ قال : إنّه يقول فيه القول فيصدق عليه»(7).
ومن كتاب الخصال : عن جميل بن دراج قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : «خياركم سمحاؤكم ، وشراركم بخلاؤكم ، ومن صالح الأعمال البر بالإخوان ، والسعي في حوائجهم ، وفي ذلك مرغمة ومدحرة للشيطان ، وتزحزح عن النيران ، ودخول الجنان ، يا جميل أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك . قال : قلت : ومن غرر أصحابي؟ قال : هم البارون بالإخوان في العسر واليسر، ثم قال : يا جميل ، أما إنّ صاحب الكثير يهون عليه ذلك ، وقد مدح الله عز وجل صاحب القليل ،فقال :( ويؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )(8)» (9).
____________
1 - الخصال : 158 | 202، وفيه : عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : قال أبو الحسن عليه السلام .
2 - الخصال : 158 | 204 .
3 - في المصدر: خمسة وأربعين
4 - الخصال : 178 | 238، وفيه : عن رسول الله صلى الله عليه واله.
5 - الخصال : 178 | 239، وفيه : عن رسول الله صلّى الله عليه وآله .
6 - أثبتناه من المصدر.
7 - الخصال : 229 | 70 .
8 -الحشر 59 : 9 .
9 - الخصال : 96 | 42 .

(135)
وروي أنه لمّا نزل قوله تعالى : (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام )(1) قالوا: يا رسول الله ، كيف يشرح الله صدره للإسلام ؟ قال عليه السلام : «يقذف الله تعالى نوراً في قلبه فينشرح ويستوسع ، فقالوا: وهل لذلك علامة؟ فقال : نعم ، التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والتزود لسكنى القبور» .
وقال عليه الصلاة والسلام : «إذا أحب الله تعالى عبداً نكت في قلبه نكتة بيضاء، وفتح مسامع قلبه ، ووكل به ملكاً يسدده ، وإذا أبغض عبداً نكت في قلبه نكتة سوداء، ووكل به شيطانا يغويه ، وعلى ذلك نزل قول الله تعالى: ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيّض له شيطاناً فهو له قرين)(2)».
وروي : إن الله تعالى إذا أراد بعبد خيراً ألهمه الطاعة، وألزمه القناعة، وفقهه في الدين ، وقواه باليقين ، فاكتفى بالكفاف ، وتحلى بالقناعة .
** وروى أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام ، قال: «خرج أمير المؤمنين عليه السلام يوماً إلى المسجد، فإذا قوم من الشيعة قعود فيه ، فقال : من أنتم ؟ فقالوا: نحن شيعتك يا أمير المؤمنين . فقال : فمالي لا أرى عليكم سيماء الشيعة؟ فقالوا: ما سيماء الشيعة، يا أمير المؤمنين ؟ فقال : عمش العيون من البكاء، خمص البطون من الصيام والظمأ، صفر الوجوه من السهر، يحسبهم الجاهل مرضى وما بهم من مرض ، ولكن فرق من الحساب ويومه أمرضهم ، يحسبهم أهل الغفلة سكارى، وماهم بسكارى ولكن ذكر الموت أسكرهم .
إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن قالوا لم يُصدّقوا، وإن سكتوا لم يُسألوا، وان أساؤا استغفروا، وإن أحسنوا لم يفخروا ، وإن ظلموا صبروا ، حتى يكون الله تعالى هو المنتقم لهم ، يجوعون إذا شبع الناس ، ويسهرون إذا رقد الناس ، ويدعون إذا غفل الناس ، ويبكون إذا ضحك الناس .
يتمايلون بالليل على أقدامهم مرة وعلى الأصابع ، تجري دموعهم على خدودهم من خيفة الله وهم أبداً سكوت ، فإذا ذكروا عظمة الله عز وجل انكسرت قلوبهم وطاشت عقولهم ، اُولئك أصحابي وشيعتي حقاً، الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، لهم
____________
1 ـ الأنعام 6 : 125 .
2 - الزخرف 43 : 36 .

(136)
مغفرة وأجر عظيم» .
** وروى جابر بن عبد الله الأنصاري ، عن أبي ذر قال : كنت جالساَ عند النبي صلى الله عليه وآله في المسجد، إذ أقبل علي عليه السلام ، فلما رآه مقبلاً قال : «يا باذر، من هذا المقبل ؟» فقلت : علي ، يا رسول الله .
فقال : «يا باذر، أتحبه ؟» فقلت : أي والله - يا رسول الله - إني لأحبه ، واُحب من يحبه .
فقال: «يا باذر، حب علياً، وحب من أحبه ، فإن الحجاب الذي بين العبد وبين الله تعالى حب علي بن أبي طالب عليه السلام .
يا باذر، حب علياً مخلصاً، فما من امرىء أحب علياً مخلصاً، وسأل الله تعالى شيئاً إلاّ أعطاه ، ولادعا الله إلا لبّاه» .
فقلت : يا رسول الله ، إني لأجد حب علي بن أبي طالب على كبدي كبارد الماء، أوكعسل النحل، أوكآية من كتاب الله أتلوها، وهو عندي أحلى من العسل .
فقال رسول الله صلى الله عليه واله : «نحن الشجرة الطيبة، والعروة الوثقى ، ومحبونا ورقها، فمن أراد الدخول إلى الجنة، فليستمسك بغصن من أغصانها» .
وروى حذيفة بن اليمان ، عن الحسن عليه السلام قال : «إن الله تعالى أوحى إلي : يا أخا النبيين ، يا أخا المرسلين ، يا أخا المنذرين ، أنذر قومك : ألاّ يدخلوا بيتاً من بيوتي إلاّ بقلوب سليمة، وألسن صادقة، وأيد نقية، وفروج طاهرة، ولا يدخلوا بيتاً من بيوتي ولأحد عندهم مظلمة، فإنّي ألعنه مادام قائماً بين يدي يصلي ، حتى يرد تلك المظلمة إلى أهلها، فأكون سمعه الذي يسمع به ، وأكون بصره الذي يبصر به ، ويكون من أوليائي وأصفيائي ، ويكون جاري مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين» .
وروي عن الحسن بن علي عليهما السلام ، أنه قال : «من لم يحفظ هذا الحديث كان ناقصاً في مروته وعقله ».
قلنا: وماذاك يابن رسول الله ؟ فبكى وأنشأ يحدثنا فقال : «لو أن رجلاً من المهاجرين أو الأنصار، يطلع من باب مسجدكم هذا، ما أدرك شيئاً مما كانوا عليه إلا قبلتكم هذه - ثم قال - هلك الناس - ثلاثاُ - بقول ولا فعل ، ومعرفة ولا صبر، ووصف ولاصدق ، ووعد ولا وفاء، مالي أرى رجالاً ولا عقول ، وأرى أجساماً ولا أرى
(137)
قلوباً دخلوا في الدين ثم خرجوا منه ، وحرموا ثم أستحلوا، وعرفوا ثم أنكروا، وأنما دين أحدكم على لسانه ، ولئن سألته هل يؤمن بيوم الحساب ؟ قال : نعم ، كذب ومالك يوم الدين ، إن من أخلاق المؤمنين قوة في دين ، وحزماً في لين ، وإيماناً في يقين ، وحرصاً في علم ، وشفقة في مقة(1)، وحلماً في حكم ، وقصداً في غنى، وتجملاً في فاقة، وتحرجاً عن طمع ، وكسباً من حلال ، وبراً في استقامة، ونشاطاً في هدى، ونهياَ عن شهوة.
** إن المؤمن عواذ بالله ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يضيع ما استودع ، ولا يحسد، ولا يطعن ، ويعترف بالحق وإن لم يشهد عليه ، ولا ينابز بالألقاب ، في الصلاة متخشع ، وإلى الزكاة مسارع ، وفي الزلات وقور، وقي الرخاء شكور، قانع بالذي عنده ، لا يدعي ما ليس له ، لا يجمع في قنط (2)، ولا يغلبه الشح عن معروف يريده ، يخالط الناس ليعلم ، ويناطق ليفهم ، وإن ظلُم أوبُغي عليه صبر حتى يكون الرحمن الذي ينتصر له .
وقال الحسن : وعظني بهذا الحديث جندب بن عبد الله ، وقال جندب : وعظني بهذا الحديث رسول الله صلى الله عليه واله ، وقال : حق على كل مسلم تعلمه وحفظه ».
وقال أمير المؤمنين عليه السلام لمولاه نوف الشامي ، ووهو معه في السطح : «يانوف ، أرامق أنت أم نبهان ؟ قال : قال نبهان أرمقك يا أمير المؤمنين ، قال : هل تدري من شيعتي ؟ قال : لا والله ، قال : شيعتي الذبل الشفاه ، والخمص البطون ، الذين تعرف الرهبانية والربانية في وجوههم ، رهبان بالليل اُسد بالنهار، الذين إذا أجنهم الليل اتّزروا على أوساطهم ، وارتدوا على أطرافهم ، وصفوا أقدامهم ، وافترشوا جباههم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم ، وأما النهار فحلماء، وعلماء، كرام ، نجباء، أبرار، أتقياء.
يانوف ، شيعتي الذين اتخذوا الأرض بساطاَ، والماء طيباً، والقرآن شعاراً، إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفقدوا، شيعتي الذين في قبورهم يتزاورون ، وفي أموالهم يتواسون ، وفي الله يتباذلون .
____________
1 ـ المِقة: الحب والمودة «القاموس المحيط - ومق - 3 :290».
2 - القنَط : اليأس «الصحاح - قنط - 3: 1155».

(138)
يانوف ، درهم ودرهم ، وثوب وثوب ، وإلاّ فلا، شيعتي من لم يهر هرير الكلاب ، ولم يطمع طمع الغراب ، ولم يسأل الناس ولومات جوعاً، إن رأى مؤمناً أكرمه ، وإن رأى فاسقاً هجره هؤلاء - والله يانوف - شيعتي ، شرورهم مأمونه، وقلوبم محزونة، وحوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، اختلفت بهم الأبدان ولم تختلف قلوبهم .
قال : قلت : يا أمير المؤمنين - جعلني الله فداك - أين أطلب هؤلاء؟ قال : فقال لي : «في أطراف الأرض .
يا نوف ، يجيء النبي صلى الله عليه واله يوم القيامة آخذاً بحجزة ربه جلّت اسماؤه - يعني بحبل الدين وحجزة الدين - وأنا اخذ بحجزته ، وأهل بيتي اخذون بحجزتي ، وشيعتنا اخذون بحجزتنا، فإلى أين؟ إلى الجنة ورب الكعبة - قالها ثلاثا-»(1)
عن نوف البكالي ، قال : عرضت لي إلى أمير المؤمنين عليه السلام حاجة، فاستسعيت إليه جندب بن زهير والربيع بن خيثم وابن أخيه همام بن عبادة، وكان من أصحاب البرانس ، فأقبلنا معتمدين لقاء أمير المؤمنين ، فألفيناه حين خرج إلى المسجد، فأفضى ونحن معه إلى نفر قد أفاضوا في الأحدوثات تفكهاً، فلما أشرف لهم أسرعوا إليه قياماً، فسلموا فرد التحية ثم قال : «من القوم ؟» .
قالوا: اُناس من شيعتك ، يا أمير المؤمنين .
فقال لهم خيرا، ثم قال : «يا هؤلاء، مالي لا أرى فيكم سمة الشيعة وحليتهم ؟» فأمسك القوم حياء، قال نوف : فأقبل عليه جندب والربيع فقالا: ما سمة شيعتكم ، يا أمير المؤمنين ؟ فتثاقل عن جوابهما وقال : «اتقيا الله - أيها الرجلان - وأحسنا، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون » فقال همام بن عبادة - وكان عابداً متزهداً مجتهداً - : أسألك بالذي أكرمكم -أهل البيت - وخصكم وحباكم وفضلكم تفضيلاً لما انبأتنا بصفة شيعتكم ؟ فقال : «لا تقسم فسأنبئكم جميعاً» وأخذ بيد همام فدخل المسجد فصلى ركعتين أوجزهما وأكملهما، ثم جلس وأقبل علينا، وحف القوم به ، فحمد الله وأثنى
____________
1 ـ رواه الكراجكي مسنداً في كنز الفوائد:30.

(139)
عليه ، وصلى على النبي صلى الله عليه واله ، ثم قال :
«أما بعد: فإن الله - جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه - خلق خلقه فألزمهم عبادته ، وكلّفهم طاعته ، وقسم بينهم معايشهم ، ووضعهم في الدنيا بحيث وضعهم ، وهوفي ذلك غني عنهم ، لا تنفعه طاعة من أطاعه ، ولا تضرِّه معصية من عصاه منهم ، لكنه علم تعالى قصورهم عمّا تصلح عليه شؤونهم ، وتستقيم به دهماؤهم في عاجلهم وآجلهم ، فارتبطهم بإذنه في أمره ونهيه ، فأمرهم تخييراً، وكلّفهم يسيراً، وأثابهم كثيراً، وأماز بينهم سبحانه بعدل حكمه وحكمته ، بين الموجف (1) من أنامه إلى مرضاته ومحبته ، وبين المبطئ عنها والمستظهر منهم على نعمته بمعصيته ، فذلك قول الله عز وجل :( ام حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون)(2).
ثم وضع أمير المؤمنين صلوات الله عليه يده على منكب همام بن عبادة فقال : «ألا من سأل عن شيعة أهل البيت ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم في كتابه مع نبيه تطهيراً، فهم العارفون بالله، العاملون بأمر الله ، أهل الفضائل والفواضل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع ، بخعوا(3) لله تعالى بطاعته ، وخضعوا له بعبادته ، فمضوا غاضين أبصارهم عمّا حرّم الله عليهم ، واقفين أسماعهم على، العلم بدينهم ، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء، رضى منهم لله بالقضاء، فلولا الآجال التي كتب الله لهم ، لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقاَ إلى لقاء الثواب ، وخوفاً من العقاب ، عظم الخالق في أنفسهم ، وصغر ما دونه عينهم ، فهم والجنة كمن قد رآها، فهم على أرائكها متكئون ، وهم والنار كمن قد دخلها، فهم فيها معذّبون ، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، وومعونتهم في الإسلام عظيمة، صبروا أياماً قليلة فأعقبتهم راحة طويلة، وتجارة مربحة يسّرها لهم رب كريم .
اُناس أكياس ، أرادتهم الدنيا فلم يُريدوها ، ووطلبتهم فأعجزوها ، أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالون لأجزاء القران يرتلونه ترتيلاً، يعظون أنفسهم بأمثاله ، يستشفون
____________
1 - الموجف : المسرع «لسان الرب - وجف - 9 : 352».
2 - الجاثية45 : 21 .
3 - بخع لله : اقرّ به وخضع له . «الصحاح - بخع - 3 : 1183».

(140)
لدائهم بدوائه تارة، وتارة مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يمجّدون جباراً عظيماً، ويجأرون إليه - جلّ جلاله - في فكاك رقابهم .
هذا ليلهم ، وأمّا النهار فحلماء علماء، بررة أتقياء، براهم (1) خوف بارئهم ، فهم أمثال القداح (2)، يحسبهم الناظر إليهم مرضى وما بالقوم من مرض ، أوقد خولطوا وقد خالط القوم من عظمة ربهم وشدة سلطانه أمر عظيم ، طاشت له قلوبهم ، وذهلت منه عقولهم ، فإذا استقاموا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالأعمال الزاكية، لا يرضون له بالقليل، ولا يستكثرون له الجزيل ، فهم لأنفسهم متّهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إن بهي أحدهم خاف مما يقولون ، وقال : أنا أعلم بنفسي من غيري ، وربي أعلم بي ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ، فاجعلني خيراً مما يظنون ، واغفر لي مالا يعلمون ، فإنك علام الغيوب وساتر العيوب .
هذا، ومن علامة أحدهم أن ترى له قوة في دين ، وحزماً في لين ، وإيمانا في يقين ، وحرصاً على علم ، وفهماً في فقه ، وعلماً في حكم ، وكيساً في رفق ، وقصداً في غنى، وتجملاً في فاقة، وصبراً في شدة، وخشوعاً في عبادة، ورحمة للمجهود، وإعطاءَ في حق ، ورفقاً في كسب ، وطلباً في حلال ، وتعفّفاَ في طمع ، وطمعاً في غير طبع - أي دنس - ونشاطاً في هدى، واعتصاماَ في شهوة، وبراً في استقامة، لا يغرّه من جهله ، ولا يدع أحصاء ما عمله ،يستبطئ نفسه في العمل ، وهومن صالح عمله على وجل ، يصبح وشغله الذكر، ويمسي وهمّه الفكر، يبيت حذراً من سنة الغفلة، ويصبح فرحاً لما أصابه من الفضل والرحمة، إن استصعبت عليه نفسه فيما يكره ، لم يعطها سؤلها فيما إليه تشره (3) ، ورغبته فيما يبقى ، وزهادته فيما يفنى، قد قرن العلم بالعمل ، والعمل بالحلم ، يظل دائماً نشاطه ، بعيداَ كسله ، قريباً أمله ، قليلاً زلَله ، متوقعاً أجله ، خاشعاً قلبه ، ذاكراً ربه ، قانعةً نفسه ، غارباً جهله ، محرزاً دينه ، ميتاَ داؤه كاظماً غيظه ، صافياً خلقه ، امناً منه جاره ، سهلا امره ، معدوماً كبره ، ثبتاً صبره ، كثيراً ذكره ،
____________
1 ـ برى السهم : نحته . «القاموس المحيط - بري - 4 : 303».
2 - القداح : واحدها قِدح وهو السهم ، كناية عن ضعف أجسامهم ونحولها «القاموس المحيط - قدح ـ 241:1».
3 - الشراهة : غلبة الحرص «القاموس المحيط - شره - 4 : 286» .

(141)
لا يعمل شيئاً من الخير رياء، ولا يتركه حياءً، الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان بين الغافلين كّتب من الذاكرين ، وإن كان بين الذاكرين لم يكتب من الغافلين .
يعفو عمن ظلمه ، ويعطي من حرمه ة ويصل من قطعه ، قريباً معروفه ، صادق قوله ، حسن فعله ، مقبل خيره ، مدبر شره ، غائب مكره ، في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور وفي الرخاء شكور، لا يحيف على ما يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يدّعي ما ليس له ، ولا يجحد ما عليه ، يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه ، لا يضيع ما استحفظ ، ولا ينابز بالألقاب ، لا يبغي على أحد، ولا يغلبه الحسد، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصاب ، مؤد للأمانات ، عامل بالطاعات ، سريع إلى الخيرات ،بطيء عن المنكرات ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويجتنبه ، لا يدخل فى الأمور بجهل ، ولا يخرج من الحق بعجز، إن صمت لم يعبه الصمت ، وإن نطق لم يعبه اللفظ ، وإن ضحك لم يعلُ به صوته ، قانع بالذي قدر له ، لا يجمح به الغيظ ، ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشح .
يخالط الناس ليعلم ويفارقهم ليسلم ، يتكلم ليغنم ، ويسأل ليفهم ، نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أراح الناس من نفسه ، وأتعبها لآخرته ، إن بُغي عليه صبر ليكون الله هو المنتصر له ، يقتدي بمن سلف من أهل الخير قبله ، فهو قدوة لمن خلف من طالب البر بعده .
اُولئك عمال الله ، ومطايا أمره وطاعته وسرج أرضه وبريته ، اُولئك شيعتنا وأحبتنا ، ألا، ها شوقاً إليهم » .
فصاح همام بن عبادة صيحة ووقع مغشياً عليه ، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا رحمة الله عليه . واستعبر الربيع باكياً وقال : لأسرع ما أودت موعظتك - يا أمير المؤمنين - بابن أني ، ولوددت اني بمكانه .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها ، أما - والله - لقد كنت أخافها عليه» .
فقال له قائل : فما بالك أنت يا أمير المؤنين ؟ فقال :«ويحك ، ان لكل واحد أجلاً لن يعدوه ، وسبباَ لن يتجاوزه ، فمهلاَ لا تعد لها، فإنما نفثها على لسانك الشيطان ».

(142)
قال: فصلى عليه أمير المؤمنين عشية ذلك اليوم وشهد جنازته ، ونحن معه .
قال الراوي عن نوف : فصرت إلى الربيع بن خيثم فذكرت له ما حدثني نوف ، فبكى الربيع حتى كادت نفسه أن تغيظ ، وقال : صدق أخي ، لا جرم ان موعظة أمير المؤمنين وكلامه ذلك مني بمرأىً ومسمع ، وما ذكرت ما كان من همام بن عبادة - يومئذ - وأنا في بُلَهْنية (1) إلا كدرها، ولا شدة إلا فرّجها(2).
وروى الفضيل بن يسار(3)عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «إن شيعة علي عليه السلام كانوا المنظور إليهم، وأصحاب الودائع في الودائع ، مرضيين عند الناس ، شهب الليل مصابيح النهار».
وقال عليه السلام : «الناس ثلاثة أصناف : صنف تزينوا بنا، وصنف أكلوا بنا، وصنف اهتدوا بهدانا واقتدوا بأمرنا، وهم أقل الأصناف ، اُولئك الحكماء السعداء النجباء الفقهاء العلماء الحلماء».
وقال أبو جعفر عليه السلام للفضيل بن يسار: «يا فضيل، تأتي الجبل تنحت منه ، والمؤمن لا يستقل منه شيء» .
قال عليه السلام لأبي المقدام ؟ «إنما شيعة على الشاحبون الناحلون الذابلون ، ذابلة شفاههم ، مصفرة وجوههم ، متغيرة ألوانهم، خميصة بطونهم ، إذا جنهم الليل اتخذوا الأرض فراشاً ، وترابها بساطاً ، وماءها طيباً ، والقران شعاراً ، والدعاء دثاراً ، كثير سجودهم ، غزيرة دموعهم ، كثير دعاؤهم ، كثير بكاؤهم ، يفرح الناس وهم محزونون ، (4) .

____________
1 - بلهنية من العيش : سعة ورفاهية «القاموس المحيط - بلهن - 4: 203».
2 - كنز الفوائد : 30 - 34 .
3 ـ في الأصل : الفضيل بن بشار، وهو تصحيف ، صوابه ما أثبتناه في المتن، وهو الفضيل بن يسار النهدي ، عده الشيخ من أصحاب الباقر عليه السلام تارة، ومن أصحاب ألصادق عليه السلام تارة اُخرى، وعده الشيخ المفيد في الرسالة العددية من الفقهاء والاعلام المأخوذ منهم ألحلال والحرام وألفتا في الأحكام الذين لا يطعن عليهم ولا طريق لذم واحد منهم ، مات في حياة أبي عبد الله عليه السلام . اُنظر «رجاك الشيخ : 132 رقم 1 و271 رقم 15، رجال النجاشي : 215، مجمع الرجال 5: 36، معجم رجال الحديث 13 : 335».
4 - الخصال : 444 | 40 .

(143)
وقال جابر بن يزيد الجعفي : دخلت على مولاي أبي جعفر الباقر عليه السلام فقال : «يا جابر، ليس من انتحل التشيع وحبنا أهل البيت بلسانه كان من شيعتنا، فلا تذهبن بكم المذاهب ، فوالله ما شيعتنا إلاّ من اتقى الله وأطاعه ، إن شيعتنا لا يطمعون طمع الغراب ، ولايهرون هرير الكلاب ، وإن شيعتنا أهل التواضع والتخشع ، والتعبد والورع والاجتهاد، وتعهد الأخوان، ومواصلة الجيران والفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والغارمين ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام ، وتلاوة القران ، وكثرة الذكر لله تعالى، وكف الألسن إلاّ من خير» .
فقال جابر: يا مولاي ، ما أعرف أحداً اليوم بهذه الصفات .
فقال : «يا جابر، حَسِبَ الرجل ان يقول اُحب علياً وأتولاه ، ولا يكون مع ذلك عاملاً بقوله! فلو قال : اُحب رسول الله - فرسول الله خير من علي - ولم يتبع سيرته، ولم يعمل بسنته ، ما أغنى عنه ذلك من الله شيئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، فإن أحب العباد إلى الله أعملهم بطاعته وأتقاهم له ، وإنه ليس بين الله وبين أحد قرابة، وما معنا براءة من النار، ولا لنا على الله من حجة، من كان طائعاً لله فهو لنا ولي ولو كان عبداً حبشياً، ومن كان عاصيا لله فهو لنا عدو وإن كان حراً قرشياً.
والله ما تنال شفاعتنا الا بالتقوى والورع والعمل الصالح ، والجد والإجتهاد، فلا تغتروا بالعمل ويسقط عنكم (1)، فاذن أنتم أعز على الله منا، فاتقوا الله وكونوا لنا زيناً ولا تكونوا لنا شيناً، قولوا للناس حسناً، حببونا إلى الناس ولا تبغضونا إليهم ، قولوا فينا كل خير، وادفعوا عنا كل قبيح، وجروا إلينا كل مودة، فما قيل فينا من خير فنحن أهله ،وما قيل فينا من شر فلسنا كذلك ، لنا حق في كتاب الله، وقرابة من رسول الله ، وولادة طاهرة طيبة، فهكذا قولوا، ولا تعدوا بنا أقدارنا، فإنما نحن عبيد الله مربوبون ، لانملك إلاّ ما ملكنا، ولا نأخذ إلاّ ما أعطانا، لا نستطيع لأنفسنا نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، لا والله لا أعلم -أنا، ولا أحد من آبائي- الغيب ، ولا يعلم الغيب إلاّ الله ، كما قال سبحانه : (إن الله عنده علم الساعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)(2) ».
____________
1 ـ كذا في الأصل ، والظاهر أن المراد: فلا تغتروا بأن العمل يسقط عنكم .
2 - لقمان 31 : 34 .

(144)
وقال عليه السلام لمحمد بن مسلم : «يا محمد، لا تذهبن بكم المذاهب ، فوالله ما شيعتنا منكم إلا من أطاع الله »(1).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: «الإيمان في عشر خصال : المعرفة، والطاعة، والعلم ، والعمل ، والورع ، والاجتهاد ، والصبر ، والصدق ، والرضا ، والتسليم ، فمتى فقد صاحبها واحدة منها انفك نظامه »(2).
وقال عليه واله السلام : «خمس لا يجتمعن إلاّ في مؤمن حقاً يوجب الله له بهن الجنة: الفقه في الإسلام ، والورع في الدين ، والنور في القلب، وحسن السمت في الوجه ، والمودة في الناس »(3).
وقال صلى الله عليه وآله : «إن في الفردوس لعيناً ماؤها أحلى من الشهد، وألين من الزبد، وأبرد من الثلج ، وأطيب من المسك ، فيها طينة طيبة خلقنا الله منها، وخلق شيعتنا من فضلتها، فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا ولا من شيعتنا، وهي الميثاق الذي أخذ الله - تعالى ذكره - عليه ولاية علي وأهل بيته عليهم السلام »(4).
وقال صلى الله عليه وآله: «لا يكمل المؤمن الإيمان حتى يكون فيه خمس خصال : التوكل على الله ، والتفويض إلى الله ، والتسليم لأمر الله ، والصبر على بلاء الله ، والرضا بقضاء الله ، إنه من أحب في الله ، وأبغض في الله، وأعطى في الله ، ومنع في إلله ، فقد استكمل الأيمان » .
وقال صلى الله عليه واله : «أيها الناس ، إن العبد لا يكتب في المسلمين حتى يسلم الناس من يده ولسانه ، ولا ينال درجة ألمؤمنين حتى يسلم أخوه من بوائقه وجاره من بوادره ، ولا يعدّ في المتقين حتى [لا](5) يقول مالا بأس به حذار ما به البأس .
أيها الناس ، إنه من خاف البيات أدلج ، ومن أجدّ في السير وصل ، وإنما تعرفون عواقب أعمالكم لوقد طويت صحائف اجالكم ».
وروى نوف البكالي قال : سمعت مولاي أمير المؤمنين عليه السلام ، يقول :
____________
1 - تنبيه الخواطر 2 :185 .
2 - كنز الفوائد : 185 .
3 - كنز الفوائد : 184 .
4 - أمالي الطوسي 2 : 269 .
5 - أثبتناه لضرورة السياق .

(145)
«خلقنا من طينة، وخلق شيعتنا من فضل طينتنا، فإذا [كان يوم القيامة](1) الحقوا بنا».
فقلت : يا أمير المؤمنين ، صف لي شيعتك ، فبكى عليه السلام ، ثم قال : «شيعتي - والله - الحلماء الحكماء، العلماء بالله وبدينه ، العاملون بأمره ، المهتدون بطاعته، أحلاس عبادة، وانضاء زهادة، صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من البكاء، خمص البطون من الصيام ، ذبل الشفاه من الدعاء، مصابيح كل ظلمة، وربحان كل قبيله ، تعرف الزهادة من سيماهم ، والرهبانية في وجوههم ، لا يسبون من المسلمين خلقاً، ولا يقتفون منهم اثرا، شرورهم مأمونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، وقلوكم محزونة، فهم الأكايس(2) الألباء، الخلصاء النجباء، الرّواعون فراراً بدينهم ، الذين إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، اولئك شيعتي الأطيبون ، وإخواني الأكرمون ، ألا، ها شوقاً إلى رؤيتهم »(3).
وروى عبد الله بن عباس ، قال لي الحسين بن علي عليهما السلام : «يا بن عباس ، لا تتكلمن بما لا يعنيك فإنني أخاف عليك الوزر، ولا تتكلمن بما يعنيك حتى ترى له موضعاً، فربّ متكلم قد تكلم بحق فعيب ، ولا تمارين حليماً ولا سفيهاً، فإن الحليم يقليك ، والسفيه يرديك ، ولا تقولن خلف أحد إذا توارى عنك ، إلاّ مثل ما تحب أن يقول عنك إذا تواريت عنه ، واعمل عمل عبد يعلم أنه مأخوذ بالإجرام مجزي بالأحسان، والسلام»(4) .
وقال علي بن الحسين : «إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره ، وإن كان عندك اعتذاره، فما كل من تسمعه نكراَ، يمكنك أن توسعه عذراً» .
وروي أن بعض الأنصار حضرته الوفاة، فأوصى ولداً له فقال : يا بني ، احفظ وصيتي ، فإنك إن لم تحفظها مني، كنت خليقاً أن لاتحفظها من غيري .
يا بني ، اتق الله ، وإن استطعت أن تكون اليوم خيراً منك أمس ، وغداً خيراً منك اليوم ، وإن عثر عاثر من الناس فاحمد الله أن لا تكونه ، وإياك والطمع فإنه فقر
____________
1 - أثبتناه من تنبيه الخواطر.
2 - الأكياس، من الكيس : وهو العقل والفطنة «القاموس المحيط - كيس - 2 : 247».
3 - تنبيه الخواطر 2 :70، باختلاف يسير.
4 - كنز الفوائد : 194 .

(146)
حاضر، وعليك باليأس فإنك إن تأيس من شيء إلاّ أغناك الله عنه ، وإياك وما يعتذر منه ، فإنه لا يعتذر من كل خير، وإذا صليت فصلّ صلاة مودع ، وأنت ترى انك لا تبقى لصلاة بعدها أبداً» .
** ومن كتاب الكراجكي : روي عن النبي صلى الله عليه واله ، أنه قال : «كونوا في الدنيا أضيافاَ ، واتخذوا المساجد بيوتاً، وعوّدوا قلوبكم الرقة، وأكثروا من التفكر والبكاء من خشية الله ، ولا تختلفن بكم الأهواء، تبنون مالا تسكنون ، وتجمعون مالا تأكلون ، وتأملون مالا تدركون»(1).
وقال صلى الله عليه وآله : «نزل جبريل إليَّ في أحسن صورة فقال : يا محمد، ربك يقرؤك السلام ، ويقول : إني أوحيت إلى الدنيا: أن تسهلي وبطئي وتيسّري لأعدائي حتى يبغضوا لقائي ، وتشدّدي وتعسّري وتضيقي على أوليائي ليحبّوا لقائي ، فإني جعلت الدنيا سجناً لأوليائي ، وجنة لأعدائي» .
وروي عنه صلّى الله عليه واله ، أنه قال : «إذا أحب الله تعالى عبداً نصب في قلبه نائحة من الخوف ، وإذا أبغض عبداً جعل في قلبه مزماراً من الضحك ، فإن الله تعالى يحب كل باك حزين ، ما يدخل النار من بكى من خشية الله ، حتى يرجع اللبن الضرع ، ولن يجتمع في منخري مؤمن دخان جهنم وغبار في سبيل الله ».
وروي أن رجلاً قال لأمير المؤمنين عليه السلام : عظني . فقال له : «لا تكن ممن يرجو الأخرة بغير عمل ، ويؤخر التوبة بطول أمل ، يقول في الدنيا بقول الزاهدين ، ويعمل عمل الراغبين ، إن اُعطي لم يشبع ، وإن مُنع لم يقنع ، يعجز عن شكر ما اُوتي ، ويبتغي الزيادة فيما بقي ، ينهى ولا ينتهي ، يأمر بما لا يأتي، يحب الصالحين ولا يعمل عملهم ، يبغض المذنبين وهو أحدهم ، يكره الموت لكثرة ذنوبه ويقيم على [ما](2) يكره الموت له ، إن سقم ظل نادماً، وإن صحّ أمن لاهياً، يعجب بنفسه إذا عوفي ، ويقنط إذا ابتلي ، إن أصابه بلاء دعا مضطراً، وإن ناله رخاء أعرض مغتراً، تغلبه نفسه على ما يظن ، ولا يغلبها على ما يستيقن ، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه ، ويرجو لنفسه بأكثر من عمله .
إن استغنى بطر، وإن افتقر قنط ووهن ، يقصر إذا عمل ، ويبالغ إذا سأل ، إن
____________
1 ـ كنز الفوائد: 160 .
2 - أثبتناه من نهج البلاغة .