فقال : ان قميصي لن تغني عنه من الله شيئا ، واني أؤمل ان يدخل بهذا السبب في الاسلام خلق كثير. فروي انه اسلم بهذا السبب ألف من الخزرج (50) ولكن عمر (رض) لم يدرك الحكمة فيما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنكر عليه فعله حتى جذبه بردائه وهو واقف للصلاة عليه ، والقضية ثابتة اخرجها البخاري في الصفحة الثانية من كتاب اللباس من صحيحه (51) ورواها كافة محدثي السنة ومؤرخيهم ، وقد بلغت القحة هنا ببعض الجاهلين مبلغا لا يليق بذي دين والأولى بفصولنا الاعراض عن فضولهم.
    وانكر عليه أمره صلى الله عليه وآله وسلم أبا هريرة ان يبشر بالجنة كل من لقيه من أهل التوحيد ، حيث اقتضعت الحكمة يومئذ تنشيط الموحدين وتشويق الناس الى التوحيد ، وترغيبهم في الاسلام بتسهيل الامر عليهم ، وكانت الحاجة في تلك الأوقات الى ذلك شديدة فأنكر عمر ذلك وضرب أبا هريرة ( وهو رسول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ردعا له عن أداء ما أمره به رسول الله ) ضربة خر بها الى الأرض ، والقضية ثابتة فراجعها في صحيح مسلم (52).
    وترك ابو بكر وعمر رضي الله عنهما قتل رجل أمرهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقتله وأخبرهم انه لو قتل ما اختلف بعده اثنان ، وفي قضية مستفيضة أخرجها المحدثون بأسانيدهم المعتبرة ونقلها أهل السير والأخبار. وحسبك منها ما اخرجه الامام احمد بن حنبل في صفحة 15 من الجزء الثالث من مسنده من حديث ابي سعيد الخدري قال : ان أبا بكر جاء الى رسول الله صلى الله عليه
____________
(50) نقل الامام الطبرسي هذه الرواية في تفسير الآية من مجمع البيان عن الزجاج.
(51) في اول صفحة 18 من جزئه الرابع.
(52) في باب من لقي الله بالايمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة وحرم على النار ، وهو في أوائل الجزء الاول من الصحيح.

( 121 )

وآله وسلم فقال : يارسول الله اني مررت بوادي كذا وكذا فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي. فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : اذهب اليه فاقتله قال : فذهب اليه ابو بكر فلما رآه على تلك الحال كره أن يقتله ، فرجع الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمر اذهب فاقتله ، فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه ابو بكر. فكره أن يقتله. قال : فرجع فقال يا رسول الله اني رايته يصلي متخشعا فكرهت أن أقتله. قال يا علي اذهب فاقتله قال : فذهب علي فلم يره ، فرجع علي فقال : يا رسول الله انه لم يره. قال : فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه ، فاقتلوهم هم شر البرية .
    وأخرج أبو يعلي في مسنده ( كما في ترجمة ذي الثدية من اصابة ابن حجر ) عن أنس قال : كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل يعجبنا تعبده واجتهاده وقد ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باسمه فلم يعرفه ، فوصفناه بصفته فلم يعرفه ، فبينما نحن نذكره إذ طلع الرجل قلنا : هو هذا. قال : انكم لتخبروني عن رجل ان في وجهه لسفعة من الشيطان ، فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنشدك الله هل قلت حين وقفت على المجلس ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني ؟ قال : الهم نعم. ثم دخل يصلي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من يقتل الرجل ؟ فقال أبو بكر أنا ، فدخل عليه فوجده يصلي ، فقال : سبحان الله أقتل رجلا يصلي ؟ ! فخرج فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما فعلت ؟ قال : كرهت أن أقتله وهو يصلي ، وأنت قد نهيت عن قتل المصلين. قال من يقتل الرجل قال عمر : أنا فدخل فوجده واضعا جبهته فقال عمر : أبو بكر أفضل مني ، فخرج فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : مهيم ؟ قال : وجدته واضعا جبهته لله فكرهت أن اقتله. فقال : من يقتل الرجل ؟ فقال علي : أنا. فقال صلى الله


( 122 )

عليه وآله وسلم : انت ان ادركته ، فدخل عليه فوجده قد خرج ، فرجع الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : مهيم ؟ قال : وجدته قد خرج. قال : لو قتل ما اختلف من أمتي رجلان ـ الحديث.
    وأخرجه الحافظ محمد بن موسى الشيرازي في كتابه الذي استخرجه من تفاسير يعقوب بن سفيان ومقاتل بن سليمان ويوسف القطان والقاسم بن سلام ومقاتل بن حيان وعلي بن حرب والسدي ومجاهد وقتادة ووكيع وابن جريح. وارسله ارسال المسلمات جماعة من الاثبات ، كابن عبد ربه الأندلسي انتهائه الى القول في أصحاب الاهواء من الجزء الأول من عقده الفريد وقد جاء في آخر ما حكاه في هذه القضية ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ان هذا لاول قرن يطلع في أمتي لو قتلتموه ما اختلف بعده اثنان ، إن بني اسرائيل افترقت اثنين وسبعين فرقة وان هذه الأمة ستفترق ثلاثا وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا فرقة (53) واحدة .
    وقريب من هذه القضية ما أخرجه الامام أحمد من حديث علي ( في صفحة 155 من مسنده ) قال : جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أناس من قريش فقالوا : يا محمد انا جيرانك وحلفاؤك وإن ناسا من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين ولا رغبة في الفقه انما فروا من ضياعنا وأموالنا فارددهم الينا. فقال لأبي بكر : ما تقول ؟ قال : صدقوا انهم جيرانك. قال : فتغير وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال لعمر ما تقول ؟ قال صدقوا انهم جيرانك وحلفاؤك فتغير وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
    وكان بعضهم يلمزه في الصدقات قال الله تعالى « ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون » وأخرج
____________
(53) فرقة وشيعة لفظان « بحساب الجمل » مترادفان لان كلا منهما 385 ، وهذا بما تتفاءل به تلك الفرقة.
( 123 )

البخاري (54) عن عبدالله بن مسعود قال : قسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم قسمة كبعض ما كان يقسم فقال رجل من الأنصار : والله انها لقسمة ما أريد بها وجه الله. قلت : أما أنا لأقولن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فأتيته وهو في أصحابه فساررته فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتغير وجهه وغضب حتى وددت اني لم أكن أخبرته ، ثم قال : قد أوذي موسى عليه السلام بأكثر من ذلك فصبر .
    وأخرج البخاري أيضا (55) عن عبدالله قال : لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أناسا في القسمة فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الابل وأعطى عيينة مثل ذلك ، وأعطى أناسا من أشراف العرب فآثرهم في القسمة تألفا لقلوبهم وقلوب عشائرهم وترغيبا لهم في الاسلام. فقال رجل والله إن هذه القسمة ما عدل بها. فقلت : والله لاخبرن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فأتيته فأخبرته فقال : فمن يعدل إذا لم يعدل الله (56) ورسوله ، رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر .
    وأخرج الامام أحمد من حديث عمر في صفحة 20 من الجزء الأول من مسنده عن الأعمش عن شقيق سلمان بن ربيعة قال : سمعت عمر يقول : قسم رسول الله قسمة فقلت : يا رسول الله لغير هؤلاء احق منهم أهل الصفة قال : فقال رسول الله انكم تسألوني بالفحش ـ الحديث.
____________
(54) في باب الصبر على الاذى من كتاب الآداب في صفحة 44 من الجزء الرابع من صحيحه.
(55) في أواخر كتاب الجهاد والسير في صفحة 132 من الجزء الثاني من صحيحه ، وهناك عدة أحاديث بهذا المعنى.
(56) قوله اذا لم يعدل الله ورسوله نص بأنه بأبي هو وأمي كان مأمورا من الله تعالى بتلك القسمة التي أنكرها المنافقون الجاهلون بحكمته البالغة « أن هو الا وحي يوحى ».

( 124 )

    وكان بعضهم يتنزه عن الشيء يرخص فيه رسول الله ويفعله صلى الله عليه وآله وسلم... اخرج البخاري (57) عن عائشة قالت : صنع النبي صلى الله عيله وآله وسلم شيئا فرخص فيه فتنزه عنه قوم ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فخطب فحمد الله ثم قال : ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء اصنعه ، فوالله اني لأعلمهم بالله واشدهم له خشية .
    وسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاطب بن بلتعة حين أرسل صحيفته الى المشركين فقال له : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع بها عن أهلي ومالي ، وليس من أصحابك أحد إلا له هناك من قومه من يدفع الله به عن أهله وماله. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدق لا تقولوا له الا خيرا. فقال عمر : قد خان الله ورسوله والمؤمنين دعني فلاضرب عنقه ـ الحديث. أخرجه البخاري في آخر كتاب استتابة المرتدين من الجزء الرابع من صحيحه ، وفي مواضع أخر من الصحيح.
    ولا يخفى ما فيه من الدلالة على ما قلناه. ولو أردنا استيفاء ما كان من هذا القبيل من موارد تأولهم في مقابل الدليل لطال الباب وخرجنا عن خطة الكتاب ، فعساك تقنع بعد هذا بمعذرة المتأولين وتقلع عما ابتدعه طغام المرجفين.
    وان أردت المزيد وابتغيت التأكيد فخذ مني مضافا الى ما تلوناه وعلاوة على ما اسلفناه دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا لا ترتاب بعده في معذرة المتأولين ولا تشك في نجاتهم يوم الدين ، وحاصله أن الجمهور أجمعوا على خلافة عثمان منذ بويع حتى قتل ، مع ما كان في أيامه من الأحداث التي لولا حمله فيها على التأول لبطلت أمامته وسقط عن أريكة الخلافة ، وحسبك من تلك الأحداث ما هو معلوم بالتواتر وضرورة التاريخ ، وسأتلو عليك يسيرا منها نقلا من كتاب الملل
____________
(57) في كتاب الآداب في صفحة 44 من الجزء الرابع من صحيحه.
( 125 )

والنحل للشهرستاني بعين لفظه : قال (58) منها رده الحكم ابن أمية الى المدينة بعد أن طرده النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان يسمى طريد رسول الله ، وبعد أن تشفع الى أبي بكر وعمر (رض) أيام خلافتيهما فما أجاباه الى ذلك ونفاه عمر من مقامه أربعين فرسخا. قال : ومنها نفيه أبا ذر الى الربذة ، وتزويجه مروان بن الحكم بنته ، وتسليمه خمس غنائم أفريقية له ، وقد بلغت مئتي ألف دينار. قال : ومنها ايواؤه عبدالله بن سعيد بن أبي سرح ، بعد أن أهدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم دمه وتوليته أياه مصر بأعمالها ، وتوليته عبدالله بن عامر البصرة حتى أحدث ما أحدث الى غير ذلك مما نقموا عليه .
    قلت : كاحراقه المصاحف جمعا للناس على قراءة واحدة كما هو مقرر معلوم ، وقد نص عليه المؤرخون وأرسله ابن الأثير في كامله ارسال المسلمات (59) وكحماية لحمى ، وإعطائه المقاتلة من مال الصدقة ، وايثاره أهل بيته بالأموال وضربه عمار بن ياسر وعبدالله بن مسعود ، وعدم اقامته الحد على عبيد الله بن عمر قاتل الهرمزان ، وكتابه الى أهل مصر بقتل محمد بن أبي بكر وجماعة آخرين من فضلاء المسلمين.
    ومن موارد تأوله أنه كان إذا خرج من مكة الى عرفات يتم فيها وفي منى صلاة الظهرين والعشاء ، مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر وعمر كانوا إذا خرجوا اليها يقصرون صلاتهم فيها ، بل كان عثمان أول امارته يقصر أيضا روى ذلك
____________
(58) في اثناء الخلاف التاسع من الاختلافات التي أوردها في المقدمة الرابعة من المقدمات الخمس التي جعلها في أول كتابه « الملل والنحل » فراجع.
(59) وذلك حيث ذكر غزوة حذيفة الباب وأمر المصاحف في صفحة 42 من الجزء 3.

( 126 )

البخاري في باب الصلاة بمنى من كتاب الحج من صحيحه (60).
    وأنت تعلم أن عذره في كل هذه الأمور كونه متأولا مجتهدا ، وبهذا حفظت عندهم عدالته وامامته ، فمن بعدها لا يقول بمعذرة المتأولين ؟
    والا بلغ من هذا كله في معذرة المتأولين اجماعهم على عدالة كثير من المجلبين عليه ، كعائشة وطلحة والزبير وعمار بن ياسر وعمرو بن الحمق الخزاعي وعمرو ابن العاص وغيرهم ، ضرورة أنه لا يتسنى لهم الحكم بامامة المقتول وعدالة من أمر بقتله ونبزه باسم اليهود « فقال اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا اقتلوا نعثلا فقد كفر » الا بناء على ما قلناه.
    وان أردت المزيد فاعتق رقبتك من رق التقليد وانظر فيما كان من عائشة وطلحة أيام عثمان من تأليب الناس عليه ، وما كان منهما بعد قتله ، وانعقاد البيعة لأمير المؤمنين من الذهاب الى البصرة طلبا بثأر عثمان ، فهم غير مصيبين في احدى الحالين ، أو في كليهما قطعا ، ولكن الجمهور عذرهم اولا وآخرا ، وذلك ليس إلا لما قلناه وبه يتم ما أردناه.
    وإن أوجست في نفسك ريبة فيما نقول فانظر الى ما كان من طلحة والزبير وعائشة في البصرة مع عثمان بن حنيف الأنصاري وحكيم بن جبلة العبدي وغيرهما من شيعة علي عليه السلام مما لا يخلو منه كتاب من كتب الأخبار ، وقد اشتهر اشتهار الشمس في رائعة النهار ، من القتل الذريع والنهب الفظيع والمثلة بعثمان بن حنيف حيا (61) هذا كله قبل مجيء امير المؤمنين عليه السلام الى البصرة ثم جاء :
____________
(60) وأخرجه مسلم في باب قصر الصلاة بمنى من كتاب صلاة المسافر من الجزء الاول من صحيحه بأسانيد متعددة وطرق مختلفة.
(61) أن أردت التفصيل فعليك بتاريخ ابن جرير أو كامل ابن الاثير أو ما شئت من كتب الاخبار.

( 127 )

فكان ما كان مما لست اذكره * فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر

    فهل تجد وجها للجزم بعدالة هؤلاء والقطع بمعذرتهم الا ما يذكره الجمهور من تأولهم في كل ما فعلوه ، وبه يتجلى لك عذر المتأولين.
    دع كل ما ذكرناه وعرج على رأى الجمهور في معاوية تجد هناك معذرة المتأولين قالبا حسيا ، وتلفها أمامك شخصا مرئيا فانه لما كان متأولا على زعمهم ، لم يقدح في عدالته عندهم الحاقه زيادا بأبيه ( أبي سفيان ) بدعوى انه عاهر سمية وهي على فراش عبيد ، مستندا في ذلك الى شهادة أبي مريم القواد الخمار مع قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « الولد للفراش وللعاهر الحجر » (62).
    وقوله من حديث (63) ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو راد ، وقوله تعالى : « أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله » وكان فعله هذا أول عمل جاهلي عمل به في الاسلام علانية ، فلم يقدح مع ذلك عند الجمهور في عدالته ولم يمنع محمد بن اسماعيل البخاري عن الاحتجاج به في صحيحه (64).
____________
(62) هذا الحديث متواتر قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين ترافع اليه سعد ابن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام عهد عتبة بن أبي وقاص الى اخيه سعد انه ابنه بسفاح الجاهلية ، فقال سعد : يا رسول الله انه ابن أخي وقد عهد به اليّ وعليه شبهة. وقال عبد بن زمعة : انه أخي وابن أبي ولد على فراشه من جاريته. فنظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الى الغلام فرأى عليه شبه عتبة بينا ولم يلحقه مع ذلك به وانما الحقه بزمعة ، وقال « الولد للفراش وللعاهر الحجر » اخرج البخاري هذه القضية بهذه الكيفية في ثلاثة مواضع من كتاب البيوع في أول الجزء الثاني من صحيحه ، واخرجه مسلم بطرق مختلفة في باب الولد للفراش من كتاب الرضاع من صحيحه.
(63) أخرجه البخاري في باب النجش من كتاب البيوع في صفحة 12 من الجزء الثاني من صحيحه.
(64) جميع المحدثين من أهل السنة يحتجون بمعاوية ويعتمدون عليه

=


( 128 )

    وأيضا لم يخدش في وثاقته عندهم عهده بالخلافة الى ابنه يزيد ، وهو صبي يشرب الشراب ويلعب بالكلاب ولا يعرف من الدين موطىء قدمه مع معرفته بليله ونهاره واعلانه واسراره وعلمه بمنزلة الحسين عليه السلام من الله عز وجل ومكانته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومحله في نفوس المؤمنين ، على انه كان يومئذ في المهاجرين والأنصار وبقية البدريين وأهل بيعة الرضوان جم غفير وعدد كثير كلهم قارىء للقرآن عالم بمواقع الأحكام خبير بالسياسة حقيق على رأي الجمهور بالخلافة والرياسة ، فلم يراع سابقتهم في الاسلام ولا عناءهم في تأييد الدين وأمر عليهم شريره المتهتك وسكيره المفضوح ، فكان منه في طف كربلاء مع سيد شباب أهل الجنة وخامس أصحاب الكساء ما أثكل النبيين وأبكى الصخر الأصم دما ورمى المدينة الطيبة بمجرم بن عقبة ، وكان أبوه معاوية قد عهد (65) بذلك اليه كما نص عليه جماعة (66) فكانت أمور تكاد السماوات يتفطرن منها. وحسبك انهم أباحوا المدينة المنورة ثلاثة أيام حتى
____________
=
في مسانيدهم وصحاحهم ، أما البخاري فقد احتج به في كتاب الجهاد والسير في باب قوله تعالى « فان لله خمسه وللرسول » من صحيحه ، واحتج به أيضا في أول باب وصل الشعر من كتاب اللباس ، وفي مواضع أخر لا تخفي على المتتبع.
(65) غير مبال بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم على من أخاف أهل المدينة ، ولا مكترث بقوله صلى الله عليه وآله وسلم « من أخاف أهل المدينة أخافه الله عز وجل وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا » أخرجه احمد من حديث السائب بن خلاد بطريقين في صفحة 56 من الجزء 4 من مسنده.
(66) منهم الامام ابن جرير الطبري في الصفحة الاخيرة من حوادث سنة 63 في اوائل الجزء 7 من تاريخه ، وابن عبد ربه المالكي حيث ذكر وقعة الحرة في الجزء الثاني من العقد الفريد.

( 129 )

افتض فيها ألف عذراء من بنات المهاجرين والأنصار ؛ كما نص عليه السيوطي في تاريخ الخلفاء وعلمه جميع الناس (67) وقتل يومئذ من المهاجرين والأنصار وأبنائهم وسائر المسلمين اللائذين بضريح سيد النبيين صلى الله عليه وآله وسلم 10870 رجلا ، ولم يبق بعدها بدري (68) وقتل من النساء والصبيان عدد كثير ، وكان الجندي يأخذ برجل الرضيع فيجذبه من أمه ويضرب به الحائط فينتشر دماؤه على الأرض وامه تنظر اليه (69) ثم أمروا بالبيعة ليزيد ، على انهم خول وعبيد ان شاء استرق وان شاء اعتق ، فبايعوه على ذلك وأموالهم مسلوبة ورحالهم منهوبة ودماؤهم مسفوكة ونساؤهم مهتوكة ، وبعث مجرم بن عقبة برؤوس أهل المدينة الى يزيد ، فلما القيت بين يديه قال :
    ليت أشياخي ببدر شهدوا : الأبيات (70)
____________
(67) حتى قال ابن الطقطقي في صفحة 107 من تاريخه المعروف بالفخري ما هذا لفظه : فقيل ان الرجل من أهل المدينة بعد ذلك كان اذا زوج ابنته لا يضمن بكارتها ويقول لعلها افتضت في وقعة الحرة . وقال الفاضل الشبراوي في صفحة 66 من كتابه الاتحاف : وافتض فيها نحو ألف بكر وحمل فيه من النساء اللاتي لا أزواج لهن نحو من الف أمرأة. وقال ابن خلكان وقد ذكر الحرة في ترجمة يزيد بن القعقاع القارىء المدني من وفياته ما هذا لفظه : كان يزيد بن معاوية في مدة ولايته قد سير الى المدينة جيشا مقدمه مسلم بن عقبة المري فنهبها وأخرج أهلها الى هذه الحرة ، فكانت الوقعة بها وجرى فيها ما يطول شرحه ، وهو مسطور في التواريخ حتى قيل انه بعد وقعة الحرة ولدت أكثر من الف بكر من أهل المدينة بسبب ما جرى فيها من الفجور.
(68) نص على ذلك ابن قتيبة في كتاب الامامة والسياسة وغير واحد من أهل الأخبار.
(70) ارسال رؤوس اهل المدينة الى يزيد وانشاده أبيات ابن الزبعري مشهور مستفيض ، وقد ذكره ابن عبد ربه في أواخر وقعة الحرة من العقد الفريد ، ونقل هناك اعتراف يزيد بارتداده عن الاسلام.

( 130 )

    ثم توجه مجرم لقتال ابن الزبير فهلك في الطريق ، وتأمر بعده الحصين بن غمير بعهده من يزيد ، فأقبل حتى نزل على مكة المعظمة ونصب عليه العرادات والمجانيق (71) وفرض على أصحابه عشرة آلاف صخرة في كل يوم يرمونها بها ، فحاصروهم بقية المحرم وصفر وشهري ربيع يغدون على القتال ويروحون ، حتى جاءهم موت يزيد وكانت المجانيق أصابت جانب البيت فهدمته مع الحريق الذي أصابه.
    وفظائع يزيد من أول عمره الى انتهاء أمره أكثر من أن تحويها الدفاتر ، أو تحصيها الأقلام والمحابر ، قد شوهت وجه التاريخ وقبحت صحائف السير وكان أبوه يرى كلابه وقروده وصقوره وفهوده ويطلع على خموره وفجوره ، وبشاهد الفظائع من كل أموره ويعاين لعبه من الغواني ويعرف خبثه بكل المعاني ، ويعلم انه ممن لا يؤتمن على نقير ولا يولي أمر قطمير ، فكيف رفعه والحال هذه الى أوج الخلافة وأحله عرش الملك والامامة وملكه رقاب المسلمين وسلطه على أحكام الدنيا والدين ، فغش بذلك امته ولم ينصح رعيته وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فيما أخرجه البخاري في الورقة الأولى من كتاب الأحكام من صحيحه (72) : ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم الا حرم الله عليه الجنة. وقال صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه احمد من حديث ابي بكر في صفحة 6 من الجزء الأول من مسنده : من ولي من أمور المسلمين شيئا فأمر عليهم احدا محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم.
    وقال صلى الله عليه وآله وسلم فيما اخرجه البخاري في تلك الورقة ايضا : ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحظها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة.
____________
(71) ذكر ذلك ابن قتيبة في صفحة 214 من كتابه الامامة والسياسة.
(72) في صفحة 250 من جزئه الرابع.

( 131 )

والجمهور يعذرونه في ذلك بناء على اجتهاده كما عذر بعضهم في وقعتي الطف والحرة اكفر اولاده (73).
    وعذروه أيضا في قتله عباد الله الصالحين كعمرو بن الحمق الخزاعي ، وكان بحيث ابلته العبادة ورأسه أول رأس حمل في الاسلام ، قتله ( وهو من خيار الصحابة ) بحبه عليا عليه السلام ، وكحجر بن عدي الكندي وكان من فضلاء الصحابة أيضا ، قتله وأصحابه البررة الأتقياء إذ لم يلعنوا عليا عليه السلام ، ومعاوية هو الذي قتل الحسن سلام الله عليه بسم دسه اليه فسقته اياه بنت الأشعث عليها اللعنة ، علم بذلك كافة أهل البيت وشيعتهم واعترف به جماعة من غيرهم.
____________
(73) بل اعتقد قوم من الجمهور ان يزيد كان من اولياء الله ، وان من توقف فيه وقفه الله على نار جهنم ، فراجع ما حكاه ابن تيمية عنهم في الرسالة 7 من مجموعة الرسائل الكبرى في صفحة 300 من جزئها الاول. ونقل القسطلاني في باب ما قيل في قتال الروم من كتاب الجهاد من ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري في صفحة 230 من جزئه السادس عن المهلب انه كان يقول بثبوت خلافة يزيد وانه من أهل الجنة. ونقل ابن خلدون في صفحة 241 اثناء الفصل الذي عقده في مقدمته لولاية العهد عن القاضي ابي بكر ابن العربي المالكي انه قال في كتابه الذي سماه بالعواصم والقواصم ما معناه ان الحسين قتل بشرع جده صلى الله عليه وآله وسلم. وذكر ابن الاثير في عدة حوادث سنة 583 في آخر ورقة من الجزء 11 من كامله ان في تلك السنة مات عبد المغيث بن زهير ببغداد قال : وكان من أعيان الحنابلة قد سمع الحديث الكثير وصنف كتابا في فضائل يزيد بن معاوية أتى فيه بالعجائب ، وقد رد عليه أبو الفرج ابن الجوزي وكان بينهما عداوة . قلت : والذين عذروا يزيد من أوليائه واعتذروا عنه كثيرون ، منهم ابن تيمية فيما تقدمت اليه الاشارة من رسالته السابعة والغزالي في الآفة الثامنة من كتاب آفات اللسان من أحياء العلوم في صفحة 112 من جزئه الثالث.
( 132 )

    قال أبو الحسن المدائني ( كما في أوائل الجزء 16 من شرح النهج لابن أبي الحديد في الصفحة 4 من المجلد 4 طبع مصر ) : كانت وفاة الحسن سنة 49 وكان مريضا 40 يوما وكان سنة 47 سنة ، دس اليه معاوية سما على يد جعدة بنت الأشعث ، وقال لها : ان قتلتيه بالسم فلك مائة ألف وأزوجك يزيد فلما مات وفى لها بالمال ولم يزوجها من يزيد وقال : أخشى ان تصنعي بابني ما صنعت بابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
    ونقل المدائني عن الحصين بن المنذر الرقاشي ( كما في صفحة 7 من المجلد الرابع من شرح النهج طبع مصر أيضا ) : انه كان يقول : والله ما وفى معاوية للحسن بشيء مما أعطاه قتل حجرا وأصحابه وبايع لابنه يزيد ، وسم الحسن .
    وقال أبو الفرج الاصفهاني المرواني في كتابه مقاتل الطالبيين حيث ذكر السبب في وفاة الحسن عليه السلام ما هذا لفظه : وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد ، فلم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص فدس اليهما سما فماتا منه الخ.
    وفي صفحة 17 من المجلد 4 من شرح ابن أبي الحديد طبع مصر ما يلفت الأنظار في هذا المقام فراجعه لتعلم ما قلناه.
    وروى ابن عبد البر في ترجمة الحسن من استيعابه عن قتادة وأبي بكر بن حفص ان بنت الأشعث سقت الحسن بن علي السم ، ثم قال : وقالت طائفة كان ذلك منها بتدسيس معاوية اليها وما بذل لها في ذلك . والأخبار في ذلك لا تحتملها هذه العجالة.
    ولو أردنا ان نستوفي من قتلهم معاوية من المصلحين وأولياء الله (74) صبرا
____________
(74) لم يقتصر معاوية على قتل أولياء الله في سبيل سياسته حتى قتل

=


( 133 )

وأبادهم غدرا واستأصلهم عتوا وطحنهم حربا وسمل أعينهم ظلما وقطع أيديهم وأرجلهم بغيا واستل السنة لهم تنطق بالحق عنادا واسقط شهاداتهم زورا وتقول عليهم افتراء وطلق حلائلهم مكرا وأخذ أموالهم سلبا وصاح في حجراتهم نهبا وهدم دورهم عشيا واقصاهم نفيا وأوسعهم ذلا وضيق عليهم حبسا ودفنهم أحياء ولعنهم على المنابر أمواتا ـ لافنينا المحابر واستغرقنا الصحف والدفاتر ثم لم نبلغ غايتنا المقصودة ولم نظفر بضالتنا المنشودة وكذلك لو أردنا أن نتصدى للأحكام التي بدلها والحدود التي عطلها والبوائق التي ارتكبها والفواقر التي احتقبها والدواهي التي حدثت في زمانه والغاشمين الذين اشركهم في سلطانه كابن شعبة وابن العاص وابن سعيد وابن ارطأة وابن جندب ومروان وابن السمط وزياد وابن مرجانة والوليد الذين فعلوا الأفاعيل وقهروا الأمة بالأباطيل وساموا عباد الله سوء العذاب يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم وحسبك ما اجمع أهل الأخبار على نقله واتفق أهل العلم على صدوره من بعثه بسرا سنة أربعين لاستئصال من في اليمن من عباد الله الصالحين ، فراجع ما شئت من كتب الأخبار ولاحظ ما يحضرك مما يشتمل على أحداث تلك السنة من كتب الآثار ، لتعلم فظاعة هذه الواقعة وتعرف كنه ما كان يوم هذه الفاجعة من قتل الشيوخ الركع وذبح الأطفال الرضع ونهب الأموال وسبي العيال ، وما ينس فلا ينس ما فعله يومئذ بنساء همدان ، اذ سباهن فأقمن ( كما في ترجمة بسر من الاستيعاب ) في السوق ، وكشف عن سوقهن فأيتهن كانت أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها.
    قال في الاستيعاب : فكن أول مسلمات سبين في الاسلام ، وما أدري هذه
____________
=
في ذلك اخص اوليائه به وأشدهم ملازمة له عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، حارب معه في صفين وحالفه على عداوة أمير المؤمنين ثم بعدها باعه بالتافه الزهيد وقتله مخافة أن ترغب الناس به عن يزيد ، وقصته مشهورة عند أهل الاخبار مستفيضة بين اهل السير والآثار ، فراجع ترجمة عبد الرحمن من الاستيعاب تجد التفصيل.

( 134 )

أفظع وأوجع أم ما فعله بطفلي عبيد الله بن العباس ، وكان عبيد الله يومئذ عاملا لأمير المؤمنين على اليمن فهرب اليه من بسر ، واستخلف عبدالله بن عبد المدان الحارثي وكان جد الطفلين لامهما ، فقتله بسر فيمن قتلهم يومئذ من الألوف المؤلفة من خيار الناس وقتل ابنه ، وبحث عن الطفلين فوجدهما عند رجل من كنانة في البادية ، فلما أراد بسر قتلهما قال له الكناني ( كما في تاريخ ابن الأثير ) لم تقتلهما وهما طفلان لا ذنب لهما ، فان كنت قاتلهما فاقتلني معهما ، فقتله ثم ذبحهما بين أيدي أمهما (75) فهامت على وجهها جنونا مما نالها تأتي الموسم تنشدهما فتقول :

يا مـن احسّ بــابنيّ اللذين هما * كالدرتين تشظى عنهمــا الصدف
يــا من أحسّ بــابنيّ اللذين هما * مخ العظام فمخي اليــوم مزدهف
يا مــن احسّ بــابنيّ اللذين هما * قلبي وسمعي فقلبي اليـوم مختطف
من دل والهة حيرى مــدلهة (76) * على صبيين ذلا إذ غــدا السلف
نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا * من إفكهم ومن الاثم الـذي اقترفوا
أحنى (77) على ودجي ابني مرهفة * مشحوذة وكذاك الاثـم يقتــرف

    وقالت له امرأة من كنانة لما ذبحما ( كما في تاريخ ابن الأثير ) : يا هذا قتلت الرجال فعلى م تقتل هذين ؟! والله ما كانوا يقتلون في الجاهلية والاسلام والله يا بن أبي ارطأة سلطانا لا يقوم إلا بقتل الصبي الصغير والشيخ الكبير ونزع الرحمة وعقوق الأرحام لسلطان السوء.
    قال ابن الأثير : فلما سمع امير المؤمنين بقتلهما جزع جزعا شديدا ودعا على
____________
(75) كذا في ترجمة بسر من الاستيعاب.
(76) الذاهبة العقل.
(77) كذا في رواية ابن الأثير وفي رواية الاستيعاب وأبي الفداء انحى.

( 135 )

بسر فقال اللهم اسلبه دينه وعقله. قال فأصابه ذلك فكان يهذي بالسيف فيؤتى بسيف من خشب ويجعل بين يديه زق منفوخ فلا يزال يضربه ولم يزل كذلك حتى مات . ـ إلى غير ذلك من بوائق معاوية واعوانه وجرائم وزرائه ومقوية سلطانه ، وكان احدهم يقتل الألوف من افاضل الرجال ويعمل الأعمال التي يهتز منها عرش العظمة والجلال ثم لا يستعظم ما احتقب ولا يتألم مما ارتكب.
    اخرج الامام الطبري في احداث سنة خمسين من تاريخه (78) بالاسناد الى محمد بن سليم قال : سألت أنس بن سيرين هل كان سمرة قتل احدا ؟ قال : وهل يحصى من قتلهم سمرة بن جندب ، استخلفه زياد على البصرة ستة اشهر حين كان واليا عليها وعلى الكوفة من قبل معاوية واتى الكوفة فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس. فقال له زياد : هل تخاف ان تكون قتلت احدا بريئا ؟ قال لو قتلت اليهم مثلهم ما خشيت .
    واخرج هناك ايضا بالاسناد الى ابي سوار العدوي قال : قتل سمرة من قومي في غداة سبعة واربعين رجلا قد جمع القرآن .
    واخرج هناك ايضا باسناده عن عوف قال : اقبل سمرة من المدينة فلما كان عند دور بني اسد خرج رجل من بعض ازقتهم ففاجأ اول الخيل فحمل عليه رجل من القوم فأوجره الحربة عبثا وعتوا. قال : ثم مضت الخيل فأتى عليه سمرة بن جندب وهو متشحط بدمه فقال : ما هذا ؟ قيل : اصابته اوائل خيل الأمير ، قال عتوا واستكبارا : إذا سمعتم بنا قد ركبنا فاتقوا اسنتنا .
    وهذه القضايا متفق علي صدورها من سمرة نقلها كل من ارخ حوادث سنة الخمسين ، كابن جرير وابن الأثير وامثالهما. وإذا كانت هذه اعمال سمرة في
____________
(78) في صفحة 122 من جزئه السادس.