ستة أشهر وهو ثقة البخاري ودليله على دين الباري قد احتج به في الورقة الثالثة من كتاب بدء الخلق من صحيحه (79).
    وجزم بعدالته (80) في ظاهر القول وصريحه ، فما ظنك بأعمال زياد بن سمية الخبيث الفاسق باجماع البرية ، وقد ولاه معاوية ( كما نص عليه الطبري (81) في احداث سنة خمسين من تاريخه ) اعمال الكوفة والبصرة والمشرق كله ، وسجستان وفارس والسند والهند ، فكم حرة في تلك الولاية هتكت. وكم حرمة لله انتهكت ، وكم دماء زكية سفكت ، وكم شرعة اندرجت وكم بدعة اسست ، وكم اعين سملت وايد وارجل قطعت و. و. و. ؟! الى ما لا يحصى من الأعمال البربرية والفظائع الأموية التي تقشعر لها جلود البرية ويتصدع بها قلب الانسانية.
____________
(79) في آخر صفحة 138 من جزئه الثاني قبل باب ما جاء في صفة الجنة باربعة أحاديث ، واحتج به في موارد يعرفها المتتبع ، ونص الامام محمد بن القيسراني في كتابه « الجمع بين كتابي أبي نصر الكلاباذي وابي بكر الاصفهاني » على احتجاج البخاري ومسلم كليهما في سمرة بن جندب مع ما له من الاعمال ، فراجع أحواله في الجزء الرابع من شرح النهج للعلامة ابن أبي الحديد في السطر الأول من صفحة 363 من المجلد الاول طبع مصر لتعلم الحقيقة ، ولو سبرت من قبل تلك الصفحة الى ما بعدها بوريقات لعلمت أحوال جملة من رجال البخاري كابن العاص والمغيرة ومروان وابي هريرة وغيرهم من عمل معاوية وأوليائه.
(80) مع ما ثبت عنه من المساوىء التي من جملتها بيع الخمر على عهد عمر فيما رواه المحدثون ، وأخرجه أحمد بن حنبل من حديث عمر بن الخطاب في صفحة 25 من الجزء الاول من مسنده قال : ذكر لعمر ان سمرة باع خمرا. فقال : قاتل الله سمرة ان رسول الله قال لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها.
(81) في صفحة 134 من جزئه السادس.

( 137 )

    لكن الجمهور لما بنوا على اجتهاد معاوية عذروه في اعمال عماله ، ولم يخدش في عدالته عندهم بوائقه ولا بوائق رجاله.
    وعذروه أيضا في حربه عليا عليه السلام ، وهو اخو النبي ووصيه ونفسه في آية المباهلة ووليه بعد انعقاد البيعة له حتى قتل من المسلمين ألوف مؤلفة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه البخاري (82) ومسلم في صحيحيهما « سباب المسلم فسوق وقتاله كفر » (83) وقال صلى الله عليه وآله وسلم يوم جلل عليا وفاطمة والحسن والحسين بالكساء فيما ذكره ابن حجر في صواعقه (84) وابو بكر بن شهاب الدين في رشفته من جملة حديث : « أنا حرب لمن حاربهم
____________
(82) راجع من صحيح البخاري باب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض من كتاب الفتن في الجزء الرابع وراجع من صحيح مسلم كتاب الايمان.
(83) فان قلت : كيف قاتل علي عليه السلام كلا من أهل الشام والبصرة والنهروان وهم مسلمون ؟ قلت : انما قاتلهم عملا بقوله تعالى « فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله » ولا ريب ببغي معاوية وأصحابه بدليل قتلهم لعمار ، على ان بغيهم أوضح من النهار.
    وايضا أخرج مسلم في باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع من كتاب الامارة من صحيحه عن عرفجة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : من اتاكم وامركم مجمع على رجل واحد يريد ان يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه . وقال ابن عبد البر في ترجمة علي من الاستيعاب ما هذا لفظه : وروي من حديث علي ومن حديث ابن مسعود حديث ابي ايوب الانصاري انه « يعني عليا » أمر بقتال الناكثين « يوم الجمل » والقاسطين « يوم صفين » والمارقين « يوم النهروان » قال : وروي عنه انه قال : ما وجدت الا القتال أو الكفر بما انزل الله .
(84) في الآية الاولى من الآيات التي أوردها في الفصل الاول من الباب الحادي عشر.

( 138 )

وسلم لم سالمهم وعدو لمن عاداهم » (85) وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « حرب علي حربي وسلمه سلمي » الى غير ذلك من الصحاح التي لا حاجة الى ايرادها لتواترها بين المسلمين.
    وعذروه أيضا في لعنه بقنوت الصلاة رجالا اذهب عنهم الرجس محكم التنزيل وهبط بتطهيرهم جبرائيل وباهل بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأمر ربه الجليل ، أولئك الذين فرض الله مودتهم وأوجب الرسول ولايتهم ، وهم أحد الثقلين اللذين لا يضل من تمسك بهما ولا يهتدي الى الله من ضل عنهما ، الا وهم امير المؤمنين أخو الرسول ووليه وصاحب العناء بتأسيس دينه ووصيه ومن شهد الرسول بأنه يحب الله ورسوله ، وانه منه بمنزلة هارون من موسى ، وولداه سبطا رسول الله وريحانتاه الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة.
    ولعن معهم عبدالله بن عباس حبر هذه الأمة ، مع ما علم من وجوب تعظيمهم بحكم الضرورة من دين الاسلام وما ثبت بالعيان من شرف مقامهم لدى سيد الانام ، وكيف لا يكونون كذلك وهم أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي ومعدن الرحمة.
    وما اكتفى بذلك حتى أمر بلعن امير المؤمنين عليه السلام في كل كورة وترك ذلك سنة على أعوادها في كل عيد وجمعة ، وما زالت الخطباء في جميع الانحاء تعد تلك البدعة المكفرة جزء من الخطبة الى سنة 99 فأزالها خير بني مروان عمر بن عبد العزيز ، وهذا كله معلوم بالضرورة مقطوع فيه بحكم البداهة قد أجمع اهل العلم على صدوره واتفقت كلمة اهل السير على نقله فراجع ما شئت من كتب الأخبار لتعلم ان المسألة كضوء النهار.
____________
(85) واخرج احمد بن حنبل من حديث ابي هريرة في صفحة 442 من الجزء الثاني من مسنده ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نظر الى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال : انا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم.
( 139 )

    وكان الحسن قد شرط على معاوية اذا اصطلحا شروطا منها ان لا يشتم أباه فلم يجبه الى هذه وأجابه الى ما سواها ، فطلب الحسن أن لا يشتم عليا وهو يسمع ، قال ابن الأثير وابن جرير وابو الفداء وابن الشحنة وكل من ذكر صلح معاوية والحسن : فأجابه الى ذلك ثم لم يف له به .
    بل شتم عليا والحسن على منبر الكوفة ، فقام الحسين ليرد عليه فأجلسه الحسن عليهما السلام ، ثم قام بأبي هو وأمي ففضح معاوية وألقمه حجرا ، وهذه القضية ذكرها أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين وكثير من أهل السير والأخبار ، ولم يزل معاوية يلعن أمير المؤمنين أمام البر والفاجر ويحمل عليها الاصاغر والاكابر حتى أمر سعد بن أبي وقاص فيما أخرجه مسلم في باب فضائل علي من صحيحه بالاسناد الى عامر بن سعد قال : أمر معاوية بن ابي سفيان سعد ابن أبي وقاص فقال : ما منعك أن تسب ابا تراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلن اسبه لان تكون لي واحدة منهن احب إلي من حمر النعم ـ الحديث (86).
    وامر الاحنف بن قيس فقال له كما نص عليه جماعة منهم أبو الفداء في أحداث سنة 67 من تاريخه : والله لتصعدن المنبر ولتلعننه طوعا أو كرها ، فكان بينهما كلام افضى الى خوف معاوية من الفضيحة إذا استوى الاحنف على المنبر فأعفاه من ذلك. وقد علم الناس كافة ان معاوية لم يقتل حجرا وأصحابه الابدال إلا لامتناعهم عن لعن امير المؤمنين وسيد الوصيين ، ولو أجابوه الى لعنه لحقنت دماؤهم فراجع مقتل حجر في أول الجزء 16 من كتاب الأغاني لأبي فرج المرواني ، وفي أحداث سنة 51 من تاريخ ابن جرين وابن الأثير وغيرهما لتعلم
____________
(86) وأخرجه النسائي في الصفحة الثانية من الخصائص العلوية ، وهو منقول عن الترمذي وعن الجمع بين الصحيحين والجمع بين الصحاح الستة.
( 140 )

الحقيقة ، وتعرف ان عبد الرحمن بن حسان العنزي لما ابى وامتنع عن لعن علي عليه السلام في مجلس معاوية أرسله الى زياد وأمره ان يقتله شر قتلة ، فدفنه حيا ، وما زال يلعن عليا على رؤوس الاشهاد ، ويحمل على لعنه بالترهيب والترغيب كافة العباد في كافة البلاد. هذا مع ما صح من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « من سب عليا فقد سبني » أخرجه الحاكم وصححه ، وهو عندنا من المتواترات ، وأخرج النسائي في صفحة 17 من الخصائص العلوية وابن حنبل في 323 من الجزء السادس من مسنده من حديث أم سلمة عن عبدالله او ابي عبدالله الجدلي قال : دخلت على أم سلمة فقالت لي ايسب رسول الله فيكم ؟ ! قلت : معاذ الله او سبحان الله او كلمة نحوها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : من سب عليا فقد سبني (87) .
    وقال ابن عبد البر في ترجمة علي من استيعابه ما هذا لفظه : وقال صلى الله عليه وآله وسلم : من أحب عليا فقد احبني ومن ابغض عليا فقد ابغضني ، ومن آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله (88).
    وقال صلى الله عليه وآله وسلم فيما اخرجه الطبراني وغيره : ما بال أقوام يبغضون عليا ومن ابغض عليا فقد ابغضني ومن فارق عليا فقد فارقني ، ان عليا مني وانا منه ، خلق من طينتي وخلقت من طينة ابراهيم ، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم يا بريدة اما علمت ان لعلي افضل من الجارية التي اخذ وهو وليكم بعدي.
    وقال صلى الله عليه وآله وسلم فيما اخرجه الترمذي والحاكم وغيرهما ( كما في الفصل الثاني من الباب 9 من الصواعق ) عن عمران بن حصين ان رسول الله قال : ما تريدون من
____________
(87) هذه الفضيلة من خصائص أمير المؤمنين ، ولذلك أوردها النسائي في خصائصه ، وبها وبأمثالها نكفر الخوارج وأشباههم.
(88) وأخرج ابن خالويه في كتاب الآل عن ابن عباس وأبو يعلي والبزار عن سعد بن أبي وقاص والطبراني عن ام سلمة نحوه.

( 141 )

علي ما تريدون من علي ما تريدون من علي ، ان عليا مني وانا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي.
    وفي ترجمة علي عليه السلام من الاستيعاب ما هذا نصه : وروى طائفة من الصحابة ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي عليه السلام : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. قال : وكان علي عليه السلام يقول : والله انه لعهد النبي الامي انه لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق .
    قلت : واخرجه مسلم في كتاب الايمان من صحيحه ، وقد تواتر قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه (89) اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وادر الحق معه حيث دار » .
    ومقامنا لا يسع استقصاء ما جاء في وجوب موالاته ولا يفي باستيفاء ما دل على تحريم معاداته ، فنلفت الراغب في ذلك من اخواننا المسلمين الى ما أودعناه في كتابنا سبيل المؤمنين ، فإنه متكفل بالتفصيل متعهد باقامة البرهان والدليل على ان هذا المقدار كاف لأولي الابصار ، وإذا صح اجتهاد معاوية في مقابل هذه الأحاديث الصحيحة وجاز تأوله في عرض تلك النصوص الصريحة ، فتأول من يستفرغ وسعه في التعبد بالأدلة ويستغرق جهده في العمل بقواعد الملة اولى بالصحة وأحق بالجواز على ان أفعاله لم تكن الا لطلب الملك (90) انتزاعه
____________
(89) قد اعترف به صاحب الفتاوي الحامدية بتواتره وعده من المتواترات في رسالته المختصرة الموسومة بالصلاة الفاخرة بالاحاديث المتواترة ، وكذلك الحافظ السيوطي وغيره.
(90) وقد صرح معاوية به يوم النخيلة حيث قال من جملة خطبة خطبها يومئذ : والله اني ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا وانما قاتلتكم لاتأمر عليكم ، وقد اعطاني الله ذلك وانتم كارهون.

=


( 142 )

من أهله وعدواته لعلي انما هي ناشئة عن الأحقاد البدرية والضغائن الجاهلية.
    واما المتأولة من فقراء المسلمين ومساكين أهل الدين فإنه لا طمع لهم بملك ، ولا أمل لهم بسلطان ولا ثار لهم يطلبونه ولا غرض لهم سوى الحق يقصدونه ، وقد اقتفوا أثر البرهان واتبعوا ادلة اهل الايمان فإن أصابوا فمأجورون وان أخطأوا فمعذورون. وهذا آخر ما أردناه في هذا الفصل فاحكموا أيها المنصوفون بالعدل. والسلام على من اتبع الهدى وخشي عواقب الردى ورحمة الله وبركاته.
____________
=
رواه الاعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن سويد ، ونقله أهل الاخبار وكان عبد الرحن بن شريك اذا حدث بذلك يقول : هذا والله التهتك ـ فراجع صفحة 16 من المجلد 4 من شرح النهج الحديدي المطبوع في مصر.

( 143 )

الفصل التاسع
فيمن أفتى بكفر الشيعة وتفصيل
ما استدل به على ذلك




    والغرض استئصال بذور الشقاق بايضاح خطأه واجتثاث ارومة الافتراق ببيان اشتباهه حرصا على ان لا يكال بصاعه ، واتقاء من تصديقه واتباعه ، وقد اقترصنا من ذلك على ما وجدناه في باب الردة والتعزير من الفتاوي الحامدية وتنقيحها بامضاء الشيخ نوح الحنفي لاشتهار هذين الكتابين ورجوع من بأيديهم منصب الفتوى في المملكة المحروسة اليهما.
    قال في جواب من سأله عن السبب في وجوب مقاتله الشيعة وجواز قتلهم : اعلم أسعدك الله أن هؤلاء الكفرة والبغاة الفجرة جمعوا بين أصناف الكفر والبغي والعناد ، وأنواع الفسق والزندقة والالحاد ، ومن توقف في كفرهم والحادهم ووجوب قتالهم وجواز قتلهم فهو كافر مثلهم.
    قال : وسبب وجوب قتالهم وجواز قتلهم البغي والكفر معا ، أما البغي فانهم خرجوا عن طاعة الامام خلد الله تعالى ملكه الى يوم القيامة ، وقد قال الله تعالى : « فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله » والأمر للوجوب فينبغي للمسلمين إذا دعاهم الامام الى قتال هؤلاء الباغين الملعونين على لسان سيد المرسلين أن لا يتأخروا عنه بل يجب عليهم أن يعينوه ويقاتلوهم معه.


( 144 )

    قال : وأما الكفر فمن وجوه : منها أنهم يستخفون بالدين ويستهزئون بالشرع المبين ، ومنها أنهم يهينون العلم والعلماء ، ومنها انهم يستحلون المحرمات ويهتكون الحرمات ، ومنها انهم ينكرون خلافة الشيخين ويريدون أن يوقعوا في الدين الشين ، ومنها أنهم يطولون السنتهم على عائشة الصديقة (رض ) ويتكلمون في حقها ما لا يليق بشأنها ( من أمر الافك ) مع أن الله تعالى أنزل عدة آيات في براءتها ( قال والله يعلم أنه كاذب فيما قال ) فهم كافرون بتكذيب القرآن العظيم وسابون النبي ضمنا بنسبتهم الى أهل بيته هذا الأمر العظيم ، ومنها أنهم يسبون الشيخين سود الله وجوههم في الدارين... الى ان قال : فيجب قتل هؤلاء الأشرار الكفار تابوا أو لم يتوبوا ، ثم حكم باسترقاق نسائهم وذراريهم .
    قلت : هذا الذي لا تبرك الأبل على مثله ، هذا الذي لا تقوم السماء والأرض بحمله ، هذا الذي لا يتسنى للغيور أن يقيم في أرض ينشر فيه ، هذا الذي لا يستطيع الحمي أن يستظل بسماء تشرق شمسها على معتقديه ، هذا الذي ما أنزل الله به من سلطان ، هذا الذي يأباه الله ورسوله وكل ذي وجدان ، هذا هو الاختلاف الذي ليس بعده ائتلاف ، هذا هو الافتراق الذي ليس بعده اتفاق ، هذا هو المحاربة التي ليس بعدها مصاحبة. هذا والله الافك والبهتان ، هذا والله الظلم والعدوان.
    بجدك قل لي هل درى صاحب الفتوى أي دماء من أهل الشهادتين سفكها ، وأي حرائر قانتات هتكها ، وأي حرمات لله عز وجل انتبكها ، وأي صبية من بني الاسلام سلبها ، وأي أموال مزكيات نهبها ، واي ديار معمورة بالصلاة وتلاوة القرآن خربها ، وأي كبد لرسول الله بذلك فراها ، وأي عين لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بفتواه اقذاها ، واي فتنة بين المسلمين أججها ، وأي حرب بينهم ألجمها وأسرجها ، وأي شوكة لهم بذلك كسرها ، وأي دولة لاعدائهم أعزها ونصرها ،


( 145 )

وأي مخالفة لحكم الله ارتكبها ، وأي أوزار بتكفيره للمسلمين احتقبها « ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون »؟!
    ولو درى الى اي غاية بلغ الشيعة في المحافظة على قوانين الدين ونواميس الشريعة ، أو علم الى أي أوج ارتقوا في الاحتياط بالأحكام ، أو الى اي حد انتهوا في التمسك بثقلي سيد الانام ، أو الى أي مرتبة أخذوا بالسنة السنية أو الى أي مقدار اقتدوا بالعترة الطاهرة الزكية ، لدعا بالويل والثبور وتمنى ان يكون قبل هذه البائقة من اهل القبور.
    ظن الرجل انه قضى على الشيعة بعداوته ، وزعم انه اسقطهم بافكه وبهتانه فطاش سهمه وظلت مطيته ، بل كان كالباحث عن حتفه بظلفه ، والجادع ما رن انفه بكفه.
    اجل والله ما قضى الا على مروءته ولا اسقط بأكاذيبه غير امانته ، وقد افتضح بين علماء العالم واتضح تحامله بالزور لدى فضلاء بني آدم ، وكان كمبغضي الأنبياء اذ سطروا الأساطير افتراء عليهم واعداء الأوصياء ، اذ ملأوا الطوامير في نسبة الأباطيل اليهم ، فما أثر ذلك فيهم الاّ رفعة ، ولا ازدادت شرائعهم الا عزا ومنعة « سنة الله قد حلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ».
    كان العزم على ان نربأ عن مناقشته ولا نلوث اليراع بمحاسبته لوضوح افترائه وظهور ظلمه واعتدائه ، لكن اقتدينا بالكتاب الكريم والذكر الحكيم ، اذا تصدى للرد على كل أفاك أثيم فقال جل وعلا : « وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء » الى غير ذلك مما كان في التنزيل من هذا القبيل.
    ذكر الرجل لوجوب قتال الشيعة وجواز قتلهم سببين ( البغي والكفر ) وقد علم الله ورسوله واولو الفضل من عباده انه ظلم الشيعة بذلك وبغي عليهم ،


( 146 )

كما افك اعداء الأنبياء اذ نسبوا السحر والجنون اليهم ، ونحن نناشدكم الله ايها الناس متى كانت الشيعة غير خاضعة للسلطان ، وفي أي جهة من مملكته المحروسة كان ذلك منهم ، وبما بغوا عليه ؟ ارأيتموهم تأخروا عن اداء الخراج ، او توقفوا عن دفع الضرائب والاعشار والاعانات ، أو تخلفوا عن جهاد عدوه ، أو قصروا عن طليعة عساكره ، او تقهقروا عن مقدمة جنوده ، أو خانوه في خدمة ، أو كفروا له نعمة ؟ ! كلا والله ما كان ذلك منهم ولا هو جائز عندهم ، والناصب الكاذب يعلم براءتهم منه (1) ويقطع بأنهم في غاية البعد عنه ، وانما اراد اغراء السلطان بهم وحمله على استئصالهم ومبالغة في ابادتهم واحتياطا على ان لا يكون لهم نصيب من مراحم الدولة ولا حصة من عدل القانون ولا سهم من انصاف الولاة ولاحظ من معاشرة العامة ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ).
    واما قوله بكفرهم فانه قول من لا يخاف من الله سطوة ولا يخشى منه نقمة ، قول لم يرجع فيه الى دين ولا عمل فيه بما تواتر عن سيد النبيين والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم من الحكم بالاسلام ، على كل من اقام الصلاة وآتى الزكاة وصام الشهر وحج البيت من اهل الشهادتين والايمان باليوم الآخر.
    وقد افردنا في اوائل هذه الرسالة فصلا لبيان معنى الاسلام والايمان وهو الفصل الثاني منها واوردنا فيه وفي الفصول الثلاثة التي بعده طائفة من الصحاح الحاكمة بما قلنا ، وتكلمنا هناك بما يجدر بالباحث المدقق ان يقف عليه ، فالمرجو ممن وقف على هذا الفصل مراجعة تلك الفصول ، ليعلم ان قواعد الشريعة
____________
(1) يعلم الناصب وغيره ان الشيعة والسنة في الخضوع للسلطان وعدمه على حد سواء ، لان من كان منهما في مملكته فهو مطيع بحكم الوجدان والعيان ، ومن كان من كلا الطائفتين في ممالك الاجانب فهو ممنوع عن طاعته وأما شيعة ايران فكأهل السنة في مراكش وافغان فأي فرق بين الشيعة والسنة في هذا الأمر يا مسلمون ؟.
( 147 )

تحكم بايمان الشيعة ، ويعرف ان الصحاح المتواترة تقضي باحترامهم في الدنيا ونجاتهم في الآخرة.
    وأما الوجوه التي اعتمد الناصب عليها في التكفير فانها من أوضح أفراد الافك وافضح أنواع التزوير.
    إفك لا يكون من صبي يرجى فلاحه ، وزور لا تأتي به أمة وكعاء الا أن تكون مدخولة العقل ، ونحن نذكر تلك الوجوه ( وهي ستة ) ونتكلم في كل منها بما يوجبه العلم وتقضي به الامانة.

    الوجه الأول :
    زعم أن الشيعة تستخف بالدين وتهزأ بالشرع المبين ، وهذا قول لا يخفى زوره وافك لا يمطل ظهوره ، فان الشيعة أحوط الناس على الدين وأعظمهم تقديما للشرع المبين ، وتلك كتبهم في الأصول والفروع والتفسير والحديث تشهد ( وقد ملأت ما بين الخافقين ) لهم بذلك ، على ان هذا الأمر غني عن البرهان بعد أن كان شاهده الحس والوجدان.
واذا استطال الشيء قام بنفسه * وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا
    وليته دلنا على الموارد التي استخف بها الشيعة من معالم الدين ، أو أخبرنا عن المقامات التي استهزءوا فيها بالشرع المبين ، أتراهم استخفوا بالخالق تبارك وتعالى فشبهوه بخلقه تارة ، وجوزا عليه القبيح أخرى ، أم استخفوا بالأنبياء والأوصياء ، فنسبوا اليهم صلوات الله عليهم ما يليق بالأشقياء ، أم استخفوا بمقام سيد البشر فقالوا أنه والعياذ بالله هجر ؟!
    كلا والله انهم لاعظم تقديسا لله وأكبر تنزيها لأنبيائه وأكثر تعظيما لخلفائه ، واحكم قواعد في الأصول وأشد احتياطا في الفروع وأكثر تثبتا في قبول الحديث وأحرز للواقع في كل ما يرجع للدين ، وانا ألفت الباحث الى أصول الامامية


( 148 )

وفروعهم ليعلم الحقيقة ، على أن من ساح في بلادهم ، وجاس خلال ديارهم يرى مواظبتهم على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر الواجبات في جميع الأحوال رجالا ونساء كبارا وصغارا ومماليك ، بحيث لا يتسامح في ذلك منهم إلا من سرى اليه الداء من معاشرة غيرهم. ومن ترك فريضة من الصلوات الخمس أو أفطر يوما من شهر رمضان بلا عذر ، يعزر عندهم بخمس وعشرين سوطا فان أعاد عزر ثانيا فان اعاد قتل ، والأحوط تأخير إعدامه الى المرة الرابعة ، ولا يؤخر الى الخامسة ( لو لم تكن الحدود معطلة ) باجماعهم.
    هذا في غير المنكر أما المنكر لوجوب الصلاة أو الصوم أو الزكاة أو الخمس أو الحج أو غيرها من الضروريات ، كحرمة الزنى واللواط والسرقة وشرب الخمر والغيبة والفساد في الأرض واشباهها أو الشاك في شيء من ذلك فانه يقتل بمجرد الانكار أو الشك ، وقد امتازوا بالاستنابة عن الميت في الصلاة والصوم كما يستنيبون عنه في الحج ، وأوجبوا على وليه قضاء ما فاته من الصلاة والصوم في الجملة ، ولو علموا أن في ذمته زكاة أو خمسا أو مظالم اخرجوها من اصل ماله وان لم يوص بها كسائر الديون ، وهكذا احتياطهم في جميع العبادات والمعاملات والايقاعات وسائر الشرعيات ، فكيف يتسنى للناصب بعد هذا أن يرميهم بالاستخفاف بالدين والاستهزاء بالشرع المبين ، نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل ، وبه نستجير من بوائق العثرة وسوء الخطل ، انه ارحم الراحمين.

    الوجه الثاني :
    انهم يهينون العلم والعلماء ، سألتكم أيها المنصفون بالحقيقة التي ضيعها المرجفون هل سمعتم اوحش من هذا العدوان ، او بلغكم افحش من هذا البهتان ، او رأيتم احمق من هذا الدليل ، او حدثتم بأسخف من هذا الوجه الساقط الرذيل ؟ أللشيعة يقل ذلك ؟ ! وهم الذي اسسوا العلوم ومهدوها واحكموا المعارف وشيدوها وسبقوا بالتأليف فلم يلحقوا وعرجوا الى أوج الفضل فحلقوا فما من


( 149 )

علم من العلوم الدينية إلا وهم اصله وفرعه ، وما من فن من الفنون الاسلامية إلا وهم معدنه (1).
    وما ادرى بأي شيء اهانوا العلم والمعارف ابا لمدارس التي عمروها ، ام بالأوطان التي رغبة في العلم هجروها ، ام بالاعمار التي على التعلم قصروها ام بالأفكار التي في خدمة العلم حصروها ، ام بالأموال التي في سبيله اتلفوها ام بالقرى التي على طلابه وقفوها ، ام بالقواعد التي احكموها ، والأصول التي ابرموها ، والأحكام التي اقاموا دليلها ، والغاية التي اوضحوا للعالمين سبيلها ؟؟؟.
    وما ادري كيف رماهم باهانة العلماء مع شهادة البر والفاجر بأنهم اشد الناس للعلماء تعظيما واعظم العالمين لهم تبجيلا ، لا يرجعون في الحوادث الا اليهم ، ولا يعولون في امور الدنيا والدين الا عليهم.
    نعم هناك من قضاة الرشوة وشيوخ الزور وعلماء السوء والمرجفين في المسلمين والناصبين للمؤمنين ، من لا يسع المؤمن تعظيمه ولا تباح له موالاته ، فاهانته بالاعراض عنه وعدم اخذ الدين منه واجبة باجماع المسلمين وحكم الضرورة من
____________
(1) من ابتغى تفصيل هذه الجملة والوقوف على حقيقتها فعليه بكتاب « تأسيس الشيعة » لمؤلفه شيخ المسلمين ومن انتهت اليه النوبة في الاستواء على دست آبائه الطيبين الطاهرين الامام الشريف آية الله ابي محمد الحسن من آل شرف الدين المشهور بالسيد حسن الصدر الموسوي العاملي الكاظمي فانه متع الله المسلمين بشريف وجوده تتبع العلوم الدينية ذكرا واستقصى الفنون الاسلامية سبرا واستوفى في البحث عن مؤسسيها واستقرا الكلام في طبقات المصنفين فيها ، فأثبت بذلك للعيان واظهر بالحس والوجدان سبق الامامية الى جميع الفنون الاسلامية ، وقد اختصر هذا السفر الثمين في كتاب وسمه بكتاب « الشيعة وفنون الاسلام » وهو من الكتب المنتشرة بفضل مطبعة العرفان.
( 150 )

الدين ، على أنا ننقض على الناصب بنفسه إذ أهان بهذه الفتوى جميع علماء الشيعة وكافة حفاظ الشريعة ، بل أهان بقوله : « ومن توقف في كفرهم والحادهم ووجوب قتالهم وجواز قتلهم فهو كافر مثلهم » جميع من توقف في هذه المسألة من أهل السنة وجميع من حكم من علمائهم باسلام الشيعة ممن سمعت كلامهم في الفصل المختص بما افتى به علماء السنة كما لا يخفى ، ومن وقف علي حكم هذا الرجل بكفر من توقف في تكفير الشيعة بعد مراجعة ذلك الفصل وهو الفصل 6 من الفصول المتقدمة علم انه قد كفر إمامية أبا حنيفة والأشعري وكفر الامام الشافعي وسفيان الثوري وابن أبي ليلى وداوود بن علي والحسن البصري وسعيد بن المسيب وابن عيينة وابن سيرين والزهري وأبا طاهر القزويني والامام السبكي وأبا المحاسن الروياني والقدماء من علماء بغداد قاطبة ، وكفر ابن حزم الظاهري والشيخ الكبير ابن العربي والعارف الشعراني وصاحب فتح القدير والملا علي الحنفي وابن تيمية وابن عابدين والمعاصر النبهاني وغيرهم ، إذ حكموا جميعا باسلام كافة أهل الأركان الخمسة من الشيعة وغيرهم فان كانت اهانة العلماء كفرا فالناصب من أكفر العالمين ، إذ أهان بهذه الفتوى جميع أئمة المسلمين وكافة علماء الموحدين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    الوجه الثالث :
    أنهم يستحلون المحرمات ويهتكون الحرمات ، بالله عليك هل يكون في صفاقة الوجه ، وصلابة الخد ، وعدم الحياء ، والجرأة على الأفك أكثر من هذا نعوذ بالله من الخذلان وبه نستجير من سوء عواقب الظلم والعدوان.
    سلوا أيها المسلمون كتب الامامية متونها وشروحها قديمها وحديثها تخبركم ـ وصاحب البيت أدرى بالذي فيه ـ أنهم أبعد الناس عن المحرمات وأحوط العالمين على الحرمات ، ألم يحكم فقههم بالجلد والرجم معاً على كل من المحصن إذا زنى ببالغة عاقلة والمحصنة إذا زنى بها البالغ وان لم يكن عاقلا ؟ ألم يقض


( 151 )

بالقتل على مطلق من زنى بالمرأة مكرها لها وعلى كل من زنى بمحارمه النسبية وعلى الذمي إذا زنى بالمسلمة مطلقا ، ألم يوجب مائة جلدة للمحصن إذا زنى بطفلة أو مجنونة وللزانية إذا لم تكن محصنة أو كانت محصنة لكن الزاني بها طفل ، الم يعلن فقههم باقامة الحد على الذكر الحر غير المحصن إذا زنى بضربه مائة جلدة وجز رأسه ونفيه سنة كاملة ، ألم يصرح بضرب المملوك والمملوكة البالغين العاقلين خمسين جلدة إذا زنى أحدهما مطلقا ، ألم يبعضوا في حد من تحرر بعضه فأوجبوا له من حد الأحمرار بقدر ما فيه من الحرية ومن حد العبيد بقدر العبودية ، الم يوجبوا لمن زنى في زمان معظم أو مكان شريف عقوبة زائدة على الحد لهتكه حرمة الزمان أو المكان ، ألم يحكموا على مطلق الحر البالغ إذا لاط بالقتل بالسيف أو بالرجم أو بالقائه من شاهق أو بهدم جدار عليه ؟ وهل عرفت انه يجوز إحراقه عندهم ، وهل بلغك ان هذا الحكم ثابت للمحصن وغيره ، ألم يحكموا بالقتل كذلك على المفعول به ان كان بالغا عاقلا مختارا ، ألم يوجبوا تعزير الصبي فاعلا أو قابلا وتأديب المجنون فاعلا أو مفعولا ، ألم يعلنوا بالحكم بمائة جلدة على كل من الفاعل والقابل مع البلوغ والعقل والاختيار إذا حصل منهما مجرد التفخيذ أو بين الاليتين دون الايقاب ؟؟؟ (1).
    ألم يصرحوا بالحكم بمائة جلدة على كل واحدة من المساحقتين ، ألم يحكموا بخمس وسبعين جلدة على القيادة وثمانين على كل من القذف وتناول المسكر ولو حشيشة ، ألم يحكموا على السارق أول مرة بقطع الأربع من أصابع يده اليمنى ، فلو سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ، وفي الثالثة يحبس أبدا ، وفي الرابعة يقتل ؟؟ الى غير ذلك مما لا يسع المقام تفصيله من جزاء المفسد في الأرض والمرتد عن الاسلام وبقية الحدود وسائر التعزيزات.
____________
(1) من غير فرق بين المحصن وغيره وقيل يرجم المحصن.
( 152 )

    ومن اراد التفصيل فعليه بأبوابها من فقه الامامية وحديثهم ، وقد انتشر منها ببركة الطبع في ايران وفضل المطابع في الهند ألوف ومئات مختصرات ومطولات ، فراجعها لتعلم حال الشيعة في انكار المنكرات واستعظام المحرمات ولهم في أهل الكبائر حكم قد امتازوا به ، وذلك ان صاحب الكبيرة مطلقا إذا أقاموا عليه الحد مرتين قتلوه في الثالثة ، وربما احتاطوا بتأخيره الى الرابعة ولا قائل منهم بتأخيره الى الخامسة. وهذا في غير المستحل أما المستحل فيقتل عندهم بمجرد الاستحلال.
    ناشدتكم الله رب العالمين ، هل يجوز دينا ام يسوغ مروءة ان ترمى الشيعة بعد هذا كله باستحلال المحرمات وهتك الحرمات ؟! وليت الظالم دلنا على محرم اباحوه او ارشدنا الى حرمة من حرمات الدين هتكوها. هيهات هيهات ، انهم ابرأ من أن يكون ذلك منهم واجل من ان يؤثر شيء مما هو دونه عنهم ، وانما وصفهم الناصب بصفاته وألزمهم بذنوبه وموبقاته ، إذ استحل بهذه الفتوى انواعا من المحرمات واستباح اقساما من الحرمات ، استحل الكذب والبهتان ، استحل الظلم والعدوان ، استحل تكفير المؤمنين ، استحل ايقاد الحرب بين المسلمين ، استحل قتل الشيعة وهم ركن الاسلام ، استحل نهب مالهم وهو الحرام ، استحل سبي المسلمات القانتات ، استحل اطفال المسلمين وهتك الحرمات ، وقد اباد بهذه الفتوى من مؤمني حلب اربعين الفا او يزيدون وانتهبت اموالهم واخرج الباقون منهم من ديارهم الى نبل والنغاولة وام العمد والدلبوز والفوعة وقراها ، وهاجم الامير ملحم بن الأمير حيدر « بسبب هذه الفتوى » جبل عامل سنة 1147 فانتهك الحرمات واستباح المحرمات « يوم وقعة انصار » وقتل وسلب وخرب ونهب واسر الفا واربع مائة من المؤمنين فلم يرجعوا حتى هلك في الكنيف ببيروت ، الى غير ذلك مما كان بسبب هذه الفتوى من الفظائع والفجائع. على انها في ذاته بائقة الدهر وفاقرة الظهر ، الحكم لله والمصير اليه ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.