المحسن السبط ::: 101 ـ 110
(101)
سمّى الأبناء الثلاثة ، كما أنّ بعضهم أيضاً شاركه مع أخويه في العقيقة ، وحلق الرأس ، والتصدق بزنة شعره ، والأمر بقطع سرته ، ثم الأمر بختانه.
     وفي اثبات هذا يكون جده النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد ساوى بين الأسباط الثلاثة ، وما دام أولئك الذين ذكروه يحاولون اثبات هذا مصرين على ما يقولون ، فلسائل أن يسأل منهم ـ ومن حقه ذلك ـ لماذا أهملوا ذكر جوانب أخرى تتبع حديث الولادة ، ولم يهملوها عند ذكر أخويه الحسن والحسين؟ فمثلاً :
     لماذا لم يذكروا لنا اسم القابلة التي تولّت أمر ولادته ، فقبّلت أمه الزهراء ( عليها السلام ) ، كما صرحوا باسمها في ولادة أخويه الحسنين ، وذكروا لنا حديث أسماء بنت عميس حدثت به علي بن الحسين ، وأنّها قبّلت جدته فاطمة في ولادة الحسن والحسين ، وهذا ما تسرب ذكره إلى المصادر الشيعية فذكرته بعضها ، كما مر في أول حديث ذكرته هذه المصادر كما مرت مناقشته وأنّه لا يصح بوجه ، لأنّ أسماء بنت عميس لم تكن زمان ولادة الحسنين في المدينة ، بل كانت في الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب ( عليه السلام ).
     واحتمل بعضهم أنّها أسماء بنت السكن الأنصارية ، ومهما يكن أمرها ، فلماذا لم تقبل فاطمة ( عليها السلام ) وليدها الثالث مع أنّ حضور أسماء بنت عميس بالمدينة كان معلوماً ، وترددها على بيت الزهراء ( عليها السلام ) كان موصولاً ، بالرغم من تزوجها بأبي بكر بعد مقتل زوجها جعفر ، أليست هي التي تولت تمريضها؟ أليست هي التي منعت عائشة من الدخول عليها فشكتها إلى أبيها وقالت له : هذه الخثعمية تحول بيننا وبين بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فسأل أبو بكر أسماء عن ذلك ، فقالت : هي أمرتني ألاّ يدخل عليها أحد (1).
1 ـ راجع الاستيعاب 2 : 752, والسنن الكبرى للبيهقي 4 : 34.

(102)
وقد يقول قائل : إنّ الزهراء ( عليها السلام ) استدعت امرأة اخرى لتلي منها ما تلي النساء من النساء عند الولادة ، ولقد مرّت رواية الطبراني بأنّ التي وليت أمرها في ولادة الحسن ( عليه السلام ) هي سودة بنت مسرح ، فلعلها هي أو غيرها من النساء ولم يصل اسمها إلينا.
     فنقول له : إن صحت الأحلام ، ولم تزغ الأقلام ، وكانت الولادة طبيعية ، فمن هي تلك المرأة؟ ولماذا كُمّت الأفواه ، وتلجلجت في الجواب؟ نعم ، تقول مصادر التراث الشيعي وشايعهم على ذلك بعض رجال السنّة ، أنها زُحمت عند الباب فأسقطته ، واستدعت جاريتها فضّة لمساعدتها.
     ونعود إلى أصحاب المصادر سواء الفريق الذي قال أنّ المحسن كان مولوداً على عهد جده ، أو الذين لم يذكروا حديث ولادته ، ولكنّهم ذكروه موجوداً ومعدوداً مع أبناء الإمام أمير المؤمنين من فاطمة ( عليهم السلام ) جميعاً ، فنقول لهم : ما دامت قد صحت عندكم جميعاً ولادته ، فلماذا تغفل مصادركم وغيرها تعيين تاريخ الولادة ـ المزعومة ـ وقد ذكرت ذلك في أخويه الحسنين؟
     فقالوا : إنّ الحسن ولد في الخامس عشر من شهر رمضان السنة الثالثة من الهجرة (1) ، وقالوا : إنّ الحسين ولد في الثالث أو الخامس من شعبان السنة الرابعة من الهجرة (2) ، وقالوا : إنّه لم يكن بين ولادة الحسن والحمل بالحسين إلا طهر واحد (3) ، وقالوا : انّه خمسين ليلة (4).
     وهكذا قالوا وقالوا : فلماذا أغفلوا جميع ذلك في ولادة المحسن ( عليه السلام ) ، فلم يذكر عن ذلك أيّ شيء؟ فإنّ هذا لشيء عجاب.
1 ـ المستدرك للحاكم 3 : 179 ، واُسد الغابة 2 : 9 ، وتاريخ ابن كثير 8 : 33.
2 ـ تذكرة الخواص : 234 ، ونظم درر السمطين : 194 ، والاستيعاب 1 : 142.
3 ـ تاريخ الاسلام للذهبي 3 : 5.
4 ـ تذكرة الخواص : 243.


(103)
ثم هل هو أقلّ شأناً من ابن خالته عبد الله بن عثمان وأمه رقيّة بنت رسول الله ، فقد ذكر ابن سعد في طبقاته (1) ، فقال في ترجمة عثمان :
     ولد له ـ عثمان ـ من رقيّة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) غلام سماه عبد الله واكتنى به ، فكناه المسلمون أبا عبد الله ، فبلغ عبد الله ست سنين ، فنقره ديك على عينيه فمرض فمات في جمادى الأولى سنة أربع من الهجرة ، فصلى عليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ونزل في حفرته عثمان بن عفان.
     فلاحظ في هذا النقل ضبط العمر عند الوفاة ، وسبب الوفاة ، وتاريخ الوفاة شهراً وسنة ، وحتى الصلاة عليه ومن نزل قبره ، فما بال الرواة أهملوا ذكر جميع ذلك عند ذكر المحسن بن علي وأمه فاطمة ، وهو وأبوه وأمه أعلا شرفاً من عبد الله بن عثمان وأبويه؟
1 ـ الطبقات لابن سعد 3 : ق1 ، ص37.

(104)

(105)
الفصل الثاني
فيمن ذكر المحسن السبط وانّه مات صغيراً
     1 ـ ابن إسحاق صاحب السيرة (1) ، قال ابن الجوزي في صفة الصفوة (2) : وزاد ابن إسحاق في اولاد فاطمة من علي محسناً ، قال : ومات صغيراً ، ونقله عنه أيضاً غيره كالدولابي في الذرية الطاهرة (3).
     2 ـ ابن قتيبة في كتابه المعارف (4) ، قال : وأما محسن بن علي فهلك وهو صغير (5).
     3 ـ البلاذري في أنساب الأشراف (6) ، قال : ومحسّناً درج صغيراً.
     4 ـ الطبري في تاريخه (7) قال : ويذكر أنّه كان لها _ فاطمة ـ منه ـ من علي ـ ابن آخر يسمى محسناً ، توفي صغيراً.
1 ـ السيرة لابن إسحاق : 247.
2 ـ صفة الصفوة 2 : 3.
3 ـ الذرية الطاهرة 62 : 114.
4 ـ المعارف : 211.
5 ـ سيأتي في الفصل الثالث أنّ المروي عن ابن قتيبة غير ذلك, وأنّ المذكور أعلاه مما طالته يد الخيانة.
6 ـ أنساب الأشراف 1 : 402.
7 ـ تاريخ الطبري 5 : 153.


(106)
    5 ـ المطهر بن طاهر المقدسي في كتاب البدء والتاريخ (1) ، قال : فإنّه هلك صغيراً.
     6 ـ ابن الأثير في تاريخه (2) ذكر المحسن وقال : أنّه توفي صغيراً ، ... وقد ذكر أنه كان له ـ لعلي ـ منها _ من فاطمة ـ ابناً آخر يقال له محسن.
     وقال في كتابه اُسد الغابة (3) وقد ذكره ضمن الصحابة ، وساق باسناده حديث هانئ بن هانئ وقال بعده : رواه غير واحد عن أبي إسحاق كذلك ، ورواه سالم بن أبي الجعد عن علي فلم يذكر محسناً ، وكذلك رواه أبو الخليل عن سلمان ثم قال : وتوفي المحسن صغيراً ، أخرجه أبو موسى.
     7 ـ ابن الجوزي في صفة الصفوة (4) نقل عن ابن إسحاق ، ذكر المحسن وقوله ومات صغيراً ، ولم يعقب عليه بشيء.
     8 ـ الدولابي ( ت310 هـ ) في الذرية الطاهرة (5) ، نقل قول ابن إسحاق : فذهب محسن صغيراً ، ولم يعقب عليه بشيء.
     9 ـ ابن حزم في جمهرة أنساب العرب (6) قال : وتزوج فاطمة علي بن أبي طالب فولدت له الحسن والحسين والمحسن ، مات المحسّن صغيراً. وقال (7) : ولد علي بن أبي طالب الحسن أبا محمد ، والحسين أبا عبد الله ، والمحسّن ، وزينب ، وام كلثوم. وقال (8) عند ذكر أولاد الإمام من فاطمة ( عليهما السلام ) : أعقب هؤلاء كلهم حاشا المحسّن ، فلاعقب له مات صغيراً جداً إثر ولادته.
1 ـ البدء والتاريخ 5 : 75.
2 ـ تاريخ ابن الأثير 3 : 172.
3 ـ اُسد الغابة 4 : 308.
4 ـ صفة الصفوة 2 : 3.
5 ـ الذرية الطاهرة : 27 و 114.
6 ـ جمهرة أنساب العرب : 16.
7 ـ المصدر نفسه : 37.
8 ـ المصدر نفسه : 38.


(107)
    10 ـ ابن فندق البيهقي ( ت 565 هـ ) في لباب الأنساب (1) قال : الحسن بن علي ، والحسين بن علي ، والمحسّن بن علي ( عليهم السلام ) هلك صغيراً.
     11 ـ الصفدي في الوافي بالوفيات (2) قال : فولدت له الحسن والحسين ومحسّناً مات صغيراً.
     12 ـ ابن الوردي في تاريخه (3) قال : وولدت له ـ فاطمة لعلي ـ الحسن والحسين ومحسّناً مات صغيراً.
     13 ـ ابن كثير ( ت 774 هـ ) في تاريخه (4) قال ـ وهو يذكر أولاده من فاطمة ( عليهما السلام ) _ ويقال : ومحسناً ومات وهو صغير.
     14 ـ ابن حجر في الاصابة (5) ذكره ، ونقل عن ابن فتحون قال : أراه مات صغيراً.
     وقال في القسم الثاني فيمن له رؤية (6) : المحسّن ـ بتشديد السين المهملة ـ ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي ، سبط النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، استدركه ابن فتحون على ابن عبد البر وقال : أراه مات صغيراً ، واستدركه أبو موسى على ابن مندة ، وأخرج من مسند أحمد ، ثم من طريق هانئ بن هانئ عن علي ، وذكر الحديث الثاني الذي مرّ نقله في المصدر الثالث في سلّم المصادر في الفصل الأول من هذه الرسالة فراجع ، وعقّب عليه ابن حجر بقوله : إسناد صحيح.
     15 ـ محمد بن أبي بكر البري التلمساني في كتابه الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (7) قال : وولدت فاطمة لعلي : الحسن والحسين ومحسناً درج صغيراً.
1 ـ لباب الانساب 1 : 227.
2 ـ الوافي بالوفيات 1 : 82.
3 ـ تاريخ ابن الوردي 1 : 220.
4 ـ تاريخ ابن كثير 7 : 331.
5 ـ الاصابة 3 : 417.
6 ـ المصدر نفسه 6 : 243.
7 ـ الجوهرة 2 : 199.


(108)
    16 ـ سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص (1) قال : وذكر الزبير بن بكار ولداً آخر من فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) اسمه محسن مات طفلاً.
     17 ـ النويري في نهاية الارب (2) قال : فولدت فاطمة ( رضي الله عنها ) حسناً وحسيناً ومحسناً ، فذهب محسن صغيراً ، قال : وقد قيل أنّها _ فاطمة ـ ولدت ابناً اسمه محسن توفي صغيراً (3) ، وقال أيضاً : ومحسن على خلاف فيه (4).
     18 ـ البدخشي في نزل الأبرار قال : والمحسن مات صغيراً (5).
     19 ـ المحب الطبري في الرياض النضرة (6) قال : ومحسن مات صغيراً.
     وقال في كتابه ذخائرالعقبى (7) عن الليث بن سعد قال : تزوج علي فاطمة فولدت له حسناً وحسيناً ومحسناً ، وزينب ، وأم كلثوم ، ورقية ، فماتت رقية ولم تبلغ ، وقال غيره : ولدت حسناً وحسيناً ومحسناً ، فهلك محسن صغيراً. وقال أيضاً (8) : ومحسن مات صغيراً.
     20 _ الدريا بكري في تاريخ الخميس (9) قال : ومحسن مات صغيراً.
     21 ـ أبو الفداء في تاريخه (10) قال : وولد له منها _ لعلي من فاطمة ـ الحسن والحسين ومحسناً ومات صغيراً.
1 ـ تذكرة الخواص : 211.
2 ـ نهاية الارب 18 : 213.
3 ـ المصدر نفسه 20 : 221.
4 ـ المصدر نفسه 20 : 223.
5 ـ أرجح المطالب : 637.
6 ـ الرياض النضرة 2 : 248.
7 ـ ذخائر العقبى : 55.
8 ـ المصدر نفسه : 116.
9 ـ تاريخ الخميس 2 : 284.
10 ـ تاريخ أبو الفداء 2 : 181.


(109)
    22 ـ الزرقاني في شرح المواهب (1) قال : ومُحسّناً _ بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر السين المشدّدة ـ فمات صغيراً.
     روى أحمد عن علي قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلما ولد الحسين فذكر مثله ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث فذكر مثله ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر ، اسناده صحيح.
     23 ـ الملا علي القارئ في شرح الشمائل (2) قال : وفي مسند البزار عن أبي هريرة قال : ثقل ابن لفاطمة فبعث إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، الحديث ، وفيه مراجعة سعد بن عبادة في البكاء. والابن المذكور هو محسن بن علي ، وقد اتفق أهل العلم بالأخبار أنه مات صغيراً في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ).
     24 ـ سليمان القندوزي الحنفي ( ت 1293 هـ ) قال في ينابيع المودة (3) : وولدت فاطمة حسناً وحسيناً ومحسناً ... ومات محسن صغيراً.
     25 ـ الاسحاقي في تاريخه أخبار الدول (4) قال : فاما محسن فمات صغيراً في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ).
     26 ـ زينب بنت يوسف فواز في الدر المنثور في طبقات ربات الخدور (5) ، قالت : وأما أولادها _ تعني فاطمة ـ فالحسن والحسين والمحسن ، وهذا مات صغيراً.
1 ـ شرح المواهب 3 : 207.
2 ـ شرح الشمائل 2 : 122.
3 ـ ينابيع المودة : 201.
4 ـ أخبار الدول : 41.
5 ـ الدر المنثور : 361.


(110)
    27 ـ الشبلنجي في نور الأبصار (1) قال : وأما أولادها فالحسن والحسين والمحسن وهذا مات صغيراً ، وقال أيضاً (2) : أما الذكور فالحسن والحسين ومحسن ، وفي كلام غيره ـ يعني كتاب بغية الطالب ـ : مات صغيراً.
     28 ـ عبيد الله آمرتسري في أرجح المطالب (3) نقله عن البدخشي ، وقد مرّ ذكره وقال : مات صغيراً ، وتبع هؤلاء من الكتّاب المحدثين مثل الكاتب الشهير عباس محمود العقّاد في كتابه فاطمة الزهراء ضمن شخصيات إسلامية (4) ، وطاهر الحبوش في كتابه أصحاب صاحب البراق (5).
     29 ـ الحسين الحسيني السمرقندي ( ت نحو 1043 هـ ) قال في كتابه تحفة الطالب (6) : اولادها ( رضي الله عنها ) : الحسن والحسين والمحسن وزينب ، ورقية وتكنى أم كلثوم ، الجميع أولاد علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) مات المحسن صغيراً.
     30 _ أحمد محمود صبحي في كتابه نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثنا عشرية (7).

    تنبيه وتنوير :
     ليس يعنينا كثرة المهوسين وراء من تقدم ذكرهم ، إنّما الذي يعنينا تنبيه القارئ إلى ما جاء عن بعضهم :
     1 ـ ما ذكره البلاذري والبري التلمساني في أنّ المحسن ( درج صغيراً ) ، وهذا القول فيه تعمّد إيهام وإبهام ، لأنّ معنى درج في مصطلح أهل النسب من
1 ـ نور الأبصار : 43.
2 ـ المصدر نفسه : 93.
3 ـ أرجح المطالب : 637.
4 ـ موسوعة العقّاد 2 : 42.
5 ـ أصحاب صاحب البراق : 22.
6 ـ تحفة الطالب ، نشر في مجلة تراثنا العدد 63 ـ 64 ، ص 305.
7 ـ نظرية الإمامة : 226.
المحسن السبط ::: فهرس