الصحيفة الصادقية ::: 136 ـ 150
(136)
حياته الاقتصادية ، ليستعين بها على فعل الخير ، من صلة الرحم ، وحج بيت الله الحرام.

    15 ـ من أدعيته في رمضان
    من الادعية الجليلة ، التي كان يدعو بها سليل النبوة ، ومعدن العلم والحكمة ، في أيام شهر رمضان المبارك ، هذا الدعاء :
    « يا مَنْ أَظْهَرَ الجَمِيلَ ، وَسَتَرَ القَبِيحَ ، يا مَنْ لَمْ يَهْتِكِ السِّترَ ، وَلَمْ يَأْخُذْ بِالجَرِيرَةِ ، يا عَظِيمَ العَفْوِ ، يا حَسَنَ التَجَاوُزِ ، يا وَاسِعَ المَغْفِرَةِ ، يا بَاسِطَ اليَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ ، يا صَاحِبِ كُلِّ نَجْوَى ، وَمُنْتَهَى كُلِّ شَكْوَى ، يا مُقِيلَ العَثَرَاتِ ، يا كَرِيمَ الصَّفحِ ، يا عَظِيمَ المَنِّ ، يا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ ، قَبْلَ اسْتِحقَاقِهَا ، يا رَبَّاهُ يا سَيِّدَاهُ ، يا أَمَلَاهُ ، يا غَايَةَ رَغْبَتَاهُ ، أَسْأَلُكَ بِكَ يا اللهُ ، لا تُشَوِّه خَلْقِي بِالنَّارِ ، وَأَنْ تَقْضِيَ حَوَائِجَ آخِرَتِي ، وَدُنْيَايَ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.
    وكان عليه السلام ، بعد هذا الدعاء ، يصلي ركعتين ، ثم يستمر في دعائه قائلا :
    اللّهُمَّ ، خَلَقْتَني فَأَمَرْتَني ، وَنَهَيْتَني ، وَرَغَّبْتَني في ثَوَابِ ما بِهِ أَمَرْتَني ، وَرَهَّبْتَني عِقَابَ ما عَنْهُ نَهَيْتَني ، وَجَعَلْتَ لي عَدُواً يَكَيدُني ، وَسَلَّطْتَهُ عَلَيَّ ، على ما لَمْ تُسَلِّطْني عَلَيْهِ مِنْهُ ، فَأَسْكَنْتَهُ صَدْرِي ، وَأَجْرَيْتَهُ مَجْرَى الَّدمِ مِنِّي ، لا يَغْفَلُ إنْ غَفِلْتُ ، وَلا يَنْسَى إنْ نَسِيتُ ، يُؤْمِنُني عَذَابَكَ ، وَيُخَوِّفُني بِغَيْرِكَ ، إنْ هَمَمْتُ بِفَاحِشَةٍ شَجَّعَني ، وَإنْ هَمَمْتُ بِصَالِحِ ثَبَّطَني ، يَنْصُبُ لي بِالشَّهَوَاتِ ، وَيَعْرِضُ لي بِهَا ، أنْ وَعَدَني كَذَبَني ، وَإنْ مَنَّانِي أَقْنَطَني ، وَإنْ اتَّبَعْتُ هَوَاهُ أضَلَّني ، وَالاَّ تَصْرِفُ عَنيِّ


(137)
كَيْدَهُ يَسْتَزِلُّني ، وَإلاَّ تُفْلِتْني مِنْ حَبَائِلِهِ يَصُدُّني ، وَإلاُّ تَعْصِمْني مِنْهُ يَفْتِنِّي ، اللّهُمَّ ، فَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَاقْهَرْ سَلْطَانَهُ عَلَيَّ ، بِسُلْطَانِكَ عَلَيْهِ ، حَتَّى تَحْبِسَهُ عَنِّي بِكَثْرَةِ الدُّعَاءِ لَكَ مِنِّي ، فَأَفُوزَ في المَعْصُومِينَ مِنْهُ بِكَ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِكَ ... » (1).
    حكى المقطع الاول ، من هذا الدعاء ، الطاف الله التي لا تحصى على عباده ، والتي كان من إظهاره ، وإشاعته لجميل ما يصدر عنهم ، وستره لقبيح أعمالهم ، التي لو شاعت عنهم لسقطوا من أعين الناس ، إلى غير ذلك ، من فيوضاته تعالى عليهم .. وحكى المقطع الثاني ، من هذا الدعاء الالتجاء إلى الله تعالى ، في الاستعاذة من الشيطان الرجيم ، الذي ينفذ إلى أعماق النفس ، والذي يحبب لها كل معصية وموبقة ، ويبغض لها كل طاعة لله ، فقد استعان به تعالى للوقاية ، من غروره وشروره.

    16 ـ من أدعيته في رمضان
    كان الامام الصادق عليه السلام ، يدعو بهذا الدعاء الجليل ، في شهر رمضان وقد نقله السيد إبن طاووس عن جده لامه شيخ الطائفة ، وزعيمها الاعلى الشيخ الطوسي رحمه الله ، وهذا نصه :
    اللّهُمَّ ، بِكَ الحَمْدُ كُلُّهُ ، وَلَكَ المُلْكُ كُلُّهُ ، وَبِيَدِكَ الخَيْرُ كُلُّهُ ، وَإلَيْكَ يَرْجِعُ الَأمْرُ كُلُّهُ ، عَلَانِيَتُهُ وِسِرُّهُ ، وَأَنْتَ مُنْتَهَى الشَأْنِ كُلُّهُ.
    اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الخَيْرِ كُلُّهُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الَشرِّ كُلُّهِ ، اللّهُمَّ ، صلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأرْضِنِي بِقَضَائِكَ ، وَبَارِك لي في قَدْرِكَ ، حَتَّى لا أُحِبَّ تَعْجِيلَ ما أَخَّرْتَ وَلا تَأخِيرَ ما عَجَّلْتَ.
1 ـ الاقبال ( ص 172 ).

(138)
    اللّهُمَّ ، وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ ، وَارْزُقْني بَرَكَتَكَ ، وَاسْتَعْمِلْني في طَاعَتِكَ ، وَتَوَفَّني عِنْدَ انْقِضَاءِ أَجَلي على سَبِيلِكَ ، وَلا تُوَلِّ أَمْري غَيْرِكَ ، وَلا تُزغْ قَلْبِيَ بَعْدَ إذْ هَدَيْتَني ، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ، إنَكَ أَنْتَ الوَهَّابُ ... » (1).

    17 ـ دعاؤه في كل ليلة من رمضان
    وأثر عن الامام الصادق عليه السلام ، هذا الدعاء ، وكان يدعو به في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك :
    « اللّهُمَّ ، أنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ فِيمَا تَقْضِي ، وَتُقْدِّرُ ، مِنَ الَأمْر المَحْتُومِ ، في الَأمْرِ الحَكِيم ، في القَضَاءِ الذي لا يُرَدُ ، وَلا يُبَدَّلُ ، أَنْ تَكْتُبَني مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرَامِ المَبْروُرِ حَجُّهُمْ ، المَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، المَغْفُورَةِ ذُنُوبُهُمْ ، المُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئاتُهُمْ ، وَأَنْ تَجْعَلَ فيمَا تَقضِي ، وَتُقَدِّرُ ، أَنْ تُطِيلَ عُمُرِي ، في خَيْرٍ وَعَافِيَةٍ ، وَتُوَسِّعَ في رِزْقِي ، وَتَجْعَلنَي مِمَّنْ تَنْتَصِرُ به لِدِينِكَ ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بي غَيْري ... » (2).
    وحكى هذا الدعاء ، مدى تعلق الامام عليه السلام بالحج ، ورغبته الملحة في أداء مناسك الحج ، والوقوق بتلك المشاهد الكريمة التي يحبها الله.

    18 ـ دعاؤه في وداع رمضان
    كان الامام الصادق عليه السلام يودع شهر رمضان المبارك ، بالتضرع إلى
1 ـ الاقبال ( ص 38 ).
2 ـ الاقبال ( ص 61 ـ 62 ).


(139)
الله تعالى ، والابتهال إليه ، وكان يدعو أن يجزل الله له المزيد من الاجر ، ويضاعف حسناته ، ويتقبل مبراته ، وإحسانه ، إلى الفقراء ، وكان مما يدعو به هذا الدعاء :
    « اللّهُمَّ ، إنَّكَ قُلْتَ : في كِتَابِكَ المُنْزَلِ ، على لِسَانِ نَبِيِّكَ المُرْسَلِ ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَقَوُلُكَ حَقٌ : « شَهْرُ رَمَضَانَ ، الذي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ ، هُدَىً لِلْنَّاسِ ، وَبَينَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ » ، وَهَذَا شَهْرُ رَمَضَانَ قَدْ تَصَرَّمَ ، فَأَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ ، وَكَلِمَاتِكَ التَامَّةِ ، وَجَمَالِكَ وَبَهَائِكَ ، وَعُلُوِّكَ وَارْتِفَاعِكَ ، فَوْقَ عَرْشِكَ ، أَنْ تُصَلِّي على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَإنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ عَلَيَّ ذَنْبٌ لَمْ تَغْفِرْهُ لي ، أَوْ تُرِيدُ أَنْ تُعَذِّبَني عَلَيْهِ ، أَوْ تُحَاسِبَني عَلَيهِ ، أَنْ يَطْلَعَ فَجْرُ هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، أَوْ يَنْصَرِمَ هَذَا الشَّهْرُ ، إلاَّ وَقَدْ غَفَرْتَهُ لي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
    اللّهُمَّ ، لَكَ الحَمْدُ ، بِمَحَامِدِكَ كُلِّهَا ، أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا ، ما قُلْتَهُ لِنَفْسِكَ مِنهَا ، وَمَا قَاَلَ لَكَ الخَلَائِقُ : الحَامِدُونَ ، المُتَهَجِّدُونَ ، المُعَدِّدونَ ، المُؤثِرُونَ في ذِكْرِكَ وَالشُّكْرِ لَكَ ، أَعَنْتَهُمْ على اَدَاءِ حَقِّكَ مِنْ أَصَنْاَف ِخَلْقِكَ ، مِنَ المَلَائِكَةِ المُقَرَّبِينَ ، وَالنَبِيِّينَ ، وَالمُرْسَلِينَ ، وَأَصْنَافِ النَّاطِقِينَ ، المُسَبِّحِينَ لَكَ مِنْ جَمِيعِ العَالَمِينَ ، عَلى أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَعَلَيْنَا مِنْ نِعَمِكَ ، وَعِنْدَنَا مِنْ قِسَمِكَ ، وَإحْسَانِكَ ، وَتَظَاهُرِ امْتِنَانِكَ ، فَبِذلِكَ لَكَ الحَمْدُ الخَالِدُ ، الدَّائِمُ ، المُخَلَّدُ ، السَّرْمَدُ ، الذي لا يَنْفُذُ طُولَ الَأبَدِ ، جَلَّ ثَنَاؤُكَ ، وَأَعَنْتَنَا عَلَيْهِ ، حَتَّى قَضَيْتَ عَنَّا صِيَامَهُ ، وَقِيَامَهُ ، مِنَ صَلَاةَ ، وَمَا كَاَنَ فِيهِ مِنْ بِرٍّ أو شُكْرٍ ، أَوْ ذِكْرٍ.
    اللّهُمَّ ، فَتَقَبَّلْهُ مِنَّا بِأَحْسَنِ قَبُولِكَ ، وَتَجَاوُزِكَ ، وَعَفْوِكَ ، وَصَفْحِكَ


(140)
وَغُفْرَانِكَ ، وَحَقِيقَةِ رِضْوَانِكَ ، حَتَّى تُظْفِرَنَا فِيهِ ، بِكُلِّ خَيْرٍ مَطْلُوبٍ وَجَزِيلِ عَطَاءٍ مَوهُوبٍ ، وَتُؤْمِنَنَا فِيهِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ مَرهُوبٍ ، وَذَنْبٍ مَكْسوبٍ.
    اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِعَظِيم مَا سَأَلَكَ أَحَدٌ ، مِنْ خَلْقِكَ ، مِنْ كَرِيمِ أَسْمَائِكَ ، وَجَزِيلِ ثَنَائِكَ ، وَخَاصَّةِ دُعَائِكَ أَنْ تُصَلِّي على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَ شَهْرَنَا هَذَا ، أَعْظَمَ شَهْرِ رَمَضَانَ مَرَّ عَلَيْنا ، مُنْذُ أَنْزَلْتَنَا إلى الدُّنْيَا ، في عِصْمَةِ دِينِي ، وَخَلاِصِ نَفْسِي ، وَقَضَاءِ حَاجَتي ، وَتُشَفِّعَني في مَسَائِلي ، وَتَمَامِ النِعْمَةِ عَلَيَّ ، وَصَرْفِ السُّوءِ عَنِّي ، وَلِبَاسِ العَافِيَةِ لي ، وَأَنْ تُجْعَلَني بِرَحْمَتِكَ ، مِمَّنْ حُزْتَ لَهُ لِيْلَةَ القَدْرِ ، وَجَعَلْتَها لَهُ خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرِ ، في أَعْظَمِ الَأجْرِ ، وَكَرَائِمِ الذُّخْرِ ، وَطُولِ العُمْرِ ، وَحُسْنِ الشُّكْرِ ، وَدَوَامَ اليُسْرِ.
    اللّهُمَّ ، وَأَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ ، وَطَولِكَ ، وَعَفْوِكَ ، وَنَعْمَائِكَ ، وَجَلَالِكَ وَقَدِيمِ إحْسَانِكَ ، وَامْتِنَانِكَ ، أَنْ لا تَجْعَلَهُ آخِرَ العَهْدِ مِنَّا ، لِشَهْرِ رَمَضَانَ ، حَتَّى تُبَلِّغَنَا مِنْ قَابِلٍ على أَحْسَنِ حَالٍ ، وَتُعَرِّفَني هِلَالَهُ ، مَعَ النَّاظِرِيِنَ إلَيْهِ ، وَالمْتَعَرِّفِينَ لَهُ ، في أَعْفى عَافِيَتِكَ ، وَأَتَمِّ نِعْمَتِكَ ، وَأَوْسَعِ رَحْمَتِكَ ، وَأَجْزَلِ قِسَمِكَ ، اللّهُمَّ ، يا ربِّ الذي لَيْسَ لي غَيْرُهُ ، أَسْأَلُكَ أَنْ لا يَكُونَ هَذَا الوَدَاعُ مِنِّي ، وَدَاعَ فَنَاءٍ ، وَلَا آخِرَ العَهْدِ مِنَ اللِّقَاءِ ، حَتَّى تُرِينيهِ مِنْ قَابِلِ في أَسْبَغِ النِّعَمِ ، وَأَفْضَلِ الرَّخَاءِ ، وَأَنَا لَكَ على أَحْسَنِ الوَفَاءِ ، إنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء.
    اللّهُمَّ اسْمَعْ دُعَائِي ، وَارْحَمْ تَضَرُعِي ، وَتَذَلُّلي لَكَ ، وَاسْتِكَانَتِي


(141)
لَكَ ، وَتَوْكُّلِي عَلَيْكَ ، وَأَنَا لَكَ سِلِمٌ (1) لا أرَجْوُ نَجَاحاً ، وَلا مُعَافَاةً ، وَلا تَشْرِيفاً ، وَلا تَبْلِيغاً إلاَّ بِكَ وَفِيْكَ ، فَامْنُنْ عَلَيَّ جَلَّ ثَنَاؤُكَ ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ ، بِتَبْلِيغِي شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَأَنَا مُعَافَى مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ ، وَمَحْذُورٍ ومِنْ جَمِيعِ البَوَائِقِ.
    الحَمْدُ لله ، الذي أَعَانَنَا ، على صِيَامِ هَذَا الشَّهْرِ وَقِيَامِهِ ، حَتَّى بَلَغَنَا آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْهُ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِأَحَبِّ ما دُعِيتَ بِهِ ، وَأَرْضَى مَا رَضَيتَ بِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ ، أنْ تُصَلِّي على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تَجْعَلْ وَدَاعِي شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَدَاعَ خُرُوجِي مِنَ الدُّّنْيَا ، وَلا وَدَاعَ آخِرَ عِبَادَتِكَ فِيهِ ، وَلا آخِرَ صَوْمي لَكَ ، وَأرْزُقْني العَوْدَ فِيهِ ، ثُمَ العَوْدَ فِيهِ ، بِرَحْمَتِكَ يا وَلِيِّ المُؤْمِنِينَ ، وَوَفِّقْني فِيهِ لِلَيْلَةِ القَدْرِ ، وَاجْعَلْهَا لي خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، رَبِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَالجِبَالِ وَالبِحَارِ ، وَالظُلَمِ وَالَأنْوَارِ ، وَالَأرْضِ وَالسَّمَاءِ ، يَا بَارِئُ ، يا مُصَوِّرُ ، يا حَنَّانُ ، يا مَنَّانُ ، يا اللهُ ، يا رَحْمنُ يا قَيُّومُ ، يا بَدِيعُ ، لَكَ الَأسمَاءُ الحُسْنَى ، وَالكِبْرِيَاءُ وَاَلآلاءُ ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، أنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي ، في هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، في السُّعَدَاءِ وَرُوحِي مَعَ الشُّهَدَاءِ ، وَإحْسَانِي في عِلِّيِّيْنَ ، وَإسَاءَتِي مَغْفُورَةً ، وَأَنْ تَهَبَ لي يَقِيناً تُبَاشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإيمَاناً لا يَشُوبُهُ شَكٌّ ، وَرِضَىً بِمَا قَسَمْتَ لي ، وَأَنْ تُؤْتِيَني ، فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَأَنْ تَقِيَني عَذَابَ النَّارِ ،
    اللّهُمَّ ، أجْعَلْ فِيمَا تَقْضِي وَتُقَدِّرُ ، مِنَ الَأمْرِ المَحْتُومِ ، وَفِيمَا تُفْرُقُ
1 ـ سلم : اي مستسلم منقاد إليك.

(142)
مِنَ الَأمْر الحَكِيمِ ، في لَيْلَةِ القَدْرِ ، مِنَ القَضَاءِ الذي لا يُرَدُّ ، وَلا يُبَدَّلُ ، وَلا يُغَيَّرُ أَنْ تَكْتُبَني مِنْ حُجَّاجَ بَيْتِكَ الحَرَامِ ، المَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، المَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، المَغْفُورَةِ ذُنُوبُهُمْ ، المُكَّفِر عَنْهُمْ سَيِّئَاتُهُم ، وَاجْعَلْ فِيمَا تَقْضِي وَتُقَدِّرُ ، أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
    اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ وَلَمْ يَسْأَلِ العِبَادُ مِثْلَكَ جُوداً وَكَرَماً ، وَأَرْغَبُ إلَيْكَ ، وَلَمْ يُرْغَبْ إلى مِثْلِكَ ، أَنْتَ مَوْضِعُ مَسْأَلَةِ السَّائِلِينَ ، وَمُنْتَهَى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ ، أَسْأَلُكَ يا عَظِيمَ المَسَائِلِ كُلِّهَا ، وَأَنْجَحِهَا ، التي يَنْبَغِي لِلْعِبَادِ أَنْ يَسْأَلُوكَ بِهَا ، يا اللهُ ، يا رَحْمنُ ، وَبِأَسْمَائِكَ ما عَلِمْتُ مِنْهَا ، وَماَ لَمْ أَعْلَمْ ، وَيِأَسْمَائِكَ الحُسْنَى ، وَأَمْثَالِكَ العُلْيَا ، وَنِعَمِكَ التي لا تُحْصَى ، وَبِأَكْرَمِ أَسْمَائِكَ عَلَيْكَ ، وَأَحَبِّهَا وَأَشْرَفِهَا عِنْدَكَ مَنْزِلَةً ، وَأَقرَبِهَا مِنْكَ وَسِيلَةً ، وَأجَزْ َلِهَا مِنْكَ ثَوَاباً ، وَأَسْرَعِهَا لَدَيْكَ إِجَابَةً ، وَبِاسْمِكَ المَكْنُونِ المَخزُونِ ، الحَيِّ ، القَيُّومِ ، الَأكْبَرِ ، الَأجَلِّ ، الذي تُحِبُّهُ وَتَهْوَاهُ ، وَتَرْضَى عَمَّنْ دَعَاكَ بِهِ ، وَتَسْتَجِيبُ لَهُ دَعَاءَهُ ، وَحَقَّ عَلَيْكَ يا رَبُّ ، أنْ لا تُخيِّبَ سَائِلَكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ ، هُوَ لَكَ في التَوْرَاةِ ، وَالإِنْجِيلِ ، وَالزَّبُورِ ، وَالقُرْآنِ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ دَعَاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ ، وَمَلَائِكَةُ سَموَاتِكَ ، وَجَمِيعُ الَأصْنَافِ مِنْ خَلْقِكَ ، مِنْ نَبِيٍّ ، أَوْ صِدِّيقٍ أَوْ شَهِيدٍ ، وَبِحَقِّ الرَّاغِبِينَ إلَيْكَ ، القَرِيبِينَ مِنْكَ ، المُتَعَوِّذِينَ بِكَ وَبِحَقِّ مُجَاوِرِي بَيْتِكَ الحَرَامِ ، حُجَّاجاً وَمُعْتَمِرِينَ ، وَمُقَدِّسِينَ ، وَالمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِكَ ، وَبِحَقِّ كُلِّ عَبْدٍ مُتَعَبِّدٍ لَكَ في بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ ، أَوْ سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ ، أَدْعوُكَ دُعَاءَ مَنْ قَدِ اشْتَدَّتُ فَاقَتُهُ ، وَكَثُرَتْ ذُنُوبُهُ ، وَعَظُمَ جُرْمُهُ ، وَضَعُفَ كَدْحُهُ ، دُعَاءِ مَنْ لا يَجِدُ لِنَفْسِهِ سَادّاً ، وَلا لِضَعْفِهِ مُقَوِّياً ، وَلا لِذَنْبِهِ غَافِراً غَيْرَكَ ، هَارِباً إلَيْكَ ، مُتَعَوِّذاً بِكَ ، غَيْرَ مُسْتَكْبِرٍ وَلا مُسْتَنْكِفٍ ، خَائِفاً ،


(143)
بَائساً ، فَقِيراً ، مُسْتَجيراً بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ وَعَظَمَتِكَ ، وَجَبَرُوتِكَ ، وَسُلْطَانِكَ ، وَبِمُلْكِكَ ، وَبَهَائِكَ وَجُودِكَ ، وَكَرَمِكَ ، وَبِآلآئِكَ وَحُسْنِكَ ، وَجَمَالِكَ ، وَبِقُوَّتِكَ على ما أَرَدْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، أَدْعُوكَ يا رَبِّ خَوْفاً ، وَطَمَعاً ، وَرَهْبَةً ، وَرَغْبَةً ، وَتَخَشُّعاً ، وَتََمَلُّقاً ، وَتَضَرُّعاً ، وَإلْحَاحاً ، خَاضِعاً لَكَ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، وَحْدَكَ ، لا شَرِيكَ لَكَ.
    يا قُدُّوسُ ، يا قُدُّوسُ ، يا قُدُّوسُ.
    يا الله ، يا الله ، يا الله.
    يا رَحْمنُ ، يا رَحْمنُ ، يا رَحْمنُ.
    يا رَحِيمُ ، يا رَحِيمُ ، يا رَحِيمُ.
    يا رَبُّ ، يا رَبُّ ، يا رَبُّ.
    أَعُوذُ بِكَ ، يا اللهُ ، الوَاحِدُ ، الَأحَدُ ، الصَّمَدُ ، الوَتْرُ ، المُتَكَبِّرُ ، المُتَعَالِ. وَأَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ ما دَعَوْتُكَ بِهِ ، وَبِأَسْمَائِكَ التي تَمْلُا أَرْكَانَكَ كُلَّهَا ، أَنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لي ذَنْبِي ، وَارْحَمْني ، وَوَسِّعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَصِيَامَهُ ، وَقِيَامَهُ ، وَفَرْضَهُ ، وَنَوَافِلَهُ ، وَاغْفِرْ لي ، وَارْحَمْني ، وَاعْفُ عَنِّي ، وَلا تَجْعَلْهُ آخرِ َشَهْرِ رَمَضَانَ صُمْتُهُ لَكَ ، وَعَبَدْتُكَ فِيهِ ، وَلا تَجْعَلْ وَدَاعِي إيَّاهُ وَدَاعَ خُرُوجِي مِنَ الدًّنْيَا.
    أللّهُمَّ ، أَوُجِبْ لي مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَمَغْفِرَتِكَ ، وَرِضْوَانِكَ ، وَخِشْيَتِكَ ، أَفْضَلَ ما أَعْطْيتَ أَحَداً مِمَّنْ عَبَدَكَ فِيهِ ، أللّهُمَّ لا تَجْعَلْني آخِرَ مَنْ سَأَلَكَ فِيهِ ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ أَعْتَقْتَهُ ، في هَذَا الشَّهْرِ مِنَ النَّارِ ، وَغَفَرْتَ


(144)
لَهُ مِنْ ذَنْبِهِ ، ما تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ ، وَأَوجَبْتَ لِهُ أَفْضَلَ ما رَجَاكَ وَأَمِلَهُ مِنْكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
    اللّهُمَّ ، ارزُقْني الَعَوْدَ في صِيامِهِ لَكَ ، وَعِبَادَتِكَ فِيهِ ، وَاجعَلنِي مِمَّنْ كَتَبْتَهُ ، في هَذَا الشَّهْرِ ، مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الحَرَامِ ، المَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، المَغْفُورِ لَهُمْ ذَنْبُهُمْ المُتَقَبَّلِ عَمَلُهُمْ آمينَ ، آمين ، آمين ، يا ربَّ العَالَمِينَ.
    اللّهُمَّ ، لا تَدَعْ لي فِيهِ ذَنْباً إلَّا غَفَرْتَهُ ، وَلا خَطِيَئَةً إلَّا مَحَوْتَهَا ، وَلا عَثْرَةً إلَّا أَقَلْتَهَا ، وَلا دَيْناً إلَّا قَضَيْتَهُ ، وَلا عَيْلَةً إلَّا أَغْنَيْتَهَا ، وَلا هَمّاً إلَّا فَرَّجْتَهُ ، وَلا فَاقَةً إلَّا سَدَدْتَهَا ، وَلا عِرْيَاناً إلَّا كَسَوْتَهُ ، وَلا مَرِيضَاً إلَّا شَفَيْتَهُ ، وَلا دَاءاً إلَّا أذْهَبْتَهُ ، وَلا حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا ، وَالآخِرَةِ ، إلَّا قَضَيْتَهَا ، على أَفْضَلِ أَمَلِي وَرَجَائِي فِيكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
    اللّهُمَّ ، لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا ، وَلا تُذلَّنَا بَعْدَ أِذْ عَزَّزْتَنَا ، وَلا تَضَعْنَا بَعْدَ إذْ رَفَعْتَنَا ، وَلا تُهِنَّا بَعْدَ إذْ أكْرَمْتَنَا ، وَلا تُفْقِرْنَا بَعْدَ إذْ أَغْنَيْتَنَا وَلا تَمْنَعْنَا بَعْدَ إذْ أَعْطَيْتَنَا ، وَلا تَحْرِمْنَا بَعْدَ إذْ رَزَقْتَنَا ، وَلا تُغَيِّرْ شَيْئَاً مِنْ نِعْمَتِكَ عَلَيْنا ، وَإحْسَانِكَ إلَيْنا ، لشَيءٍ كَانَ مَنْ ذُنُوبِنَا ، وَلا لِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنَّا ، فَإنَّ في كَرَمِكَ ، وَعَفْوِكَ ، وَفَضْلَكَ ، وَمَغْفِرَتِكَ ، سَعَةً لِمَغْفِرَةِ ذُنُوبِنَا ، فَاغْفِر لنا وَتَجَاوَزْ عَنَّا ، وَلا تُعَاقِبْنَا يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
    اللّهُمَّ ، أكْرِمْني في مَجْلِسِي هَذَا ، كَرَامَةً لا تُهِنّيِ بَعْدَهَا أَبَداً ، وَأَعِزَّني عِزّاً لا تُذِلُّني بَعْدَهُ أَبَداً ، وَعَافِني عَافِيَةً لا تَبْتَلِيني بَعْدَهَا أَبَداً ، وَارْفَعْنِي رَفَعَةً لا تَضَعُني بَعْدَهَا أَبَداً ، وَاصرِفْ عَنَّي شَرَّ كُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ، وَشَرَّ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَشَرَّ كُلِّ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ ، وَشَرَّ كُلَّ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ ،


(145)
وَشَرَّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إنَّ رَبِّي على صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
    اللّهُمَّ ، ما كَانَ في قَلْبي مِنْ شَكٍّ أَوْ رِيبَةٍ ، أَوْ جُحُودٍ ، أَوْ قُنُوطٍ ، أَوْ فَرَحٍ ، أَوْ مَرَحٍ ، أَوْ بَطَرٍ ، أَوْ بَذْخٍ ، أَوْ خُيَلاءَ ، أَوْ رِيَاءَ ، أَوْ سِمْعَةٍ ، أَوْ شِقَاقٍ ، أَوْ نِفَاقٍ أَوْ كُفْرٍ ، أَوْ فُسُوقٍ ، أَوْ مَعْصيَةٍ ، أَوْ شَيْءٍ لا تُحِبُّ عََلَيْهِ وَلِّياً لَكَ ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَمْحُوَهُ مِنْ قَلْبِي ، وَتُبَدِّلَني مَكَانَهُ إيمَاناً بِوَعْدِكَ ، وَرِضَاً بِقَضَائِكَ ، وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ ، وَوَجَلاً مِنْكَ ، وَزُهْداً في الدُّنْيَا ، وَرَغْبَةً فِيمَا عِنْدَكَ ، وَثِقَةً بِكَ ، وَطُمَأنِينَةً إلَيْكَ ، وَتُوْبَةً نَصوُحاً إلَيْكَ.
    اللّهُمَّ ، إنْ كُنْتَ بَلَّغْتَنَاهُ ، وَإلاَّ فَأَخِّر آَجَالَنَا إلى قَابِلٍ حَتَّى تُبَلَّغَنَاهُ في يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثيراً وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ ، الحَمْدُ لله الذي بَلَّغَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَأَعَانَنَا على صِيَامِهِ وَقِيامِهِ حَتَّى انْقَضَتْ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْهُ ، وَلَمْ يَبْتَلِنَا فِيهِ بِارْتِكَابِ حَرَامٍ ، ولا انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ ، وَلا بِأَكْلِ رِباً ، وَلا بِعُقُوقٍ لِوَالِدَينِ ، وَلا قَطْعِ رَحِمٍ ، وَلا بِشَيْءٍ مِنَ البَوَائِقِ ، وَالكَبَائِر ، وَأَنْوَاعِ البَلَايَا التي قَدْ بُلِيَ بِهَا مِنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي.
    اللّهُمَّ ، فَلَكَ الحَمْدُ شُكْراً ، على ما عَافيتَني ، وَحُسْنِ ما ابْتَلَيْتَني ، إلهي أُثْني عَلَيْكَ ، أَحْسَنَ الثَّنَاءِ ، لَأنَّ بَلَاءَكَ عَنْدِي أَحْسَنُ البَلَاءِ أَوْقَرْتَني نِعَماً ، وَأَوْقَرْتُ نَفْسيِ ذُنُوباً ، كَمْ مِنْ نِعْمَةِ لَكَ يا سَيدِي ، أَسْبَغْتَهَا عَلَيَّ لَمْ أُؤَدِّ شُكْرَهَا ، وَكَمْ مِنْ خَطِيئَةٍ ، أَحْصَيْتَهَا عَلَيَّ أَسْتَحْيِيْ مِنْ ذِكْرِهَا ، وَأَخَافُ خِزْيَهَا ، وَأَحذَرُ مَعْرَّتَّهَا ، إنْ لَمْ تَعْفُ عَنِّي أَكُنْ مِنَ الخَاسِرِينَ. إلهيِ : فَإنَّي أعَتَرِفُ لَكَ بِذُنُوبي ، وَأَذْكُرُ لَكَ حَاجَتي ،


(146)
وَأَشكُو إلَيْكَ مَسْكَنَتي ، وَفَاقَتي ، وَقَسْوَةَ قَلْبِي ، وَمَيْلَ نَفْسِي ، فَإنَّكَ قُلْتَ : « فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ » وَهَا أَنَا : قَدْ اسْتَجَرْتُ بِكَ ، وَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مِسْكِينًا مُتِضَرِّعاً ، رَاجِياً ، لِمَا أُرِيدُ مِنَ الثَّوَابِ ، بِصِيَامِي وَصَلاتي ، وَقَدْ عَرَفْتُ حَاجَتي وَمَسكَنَتي ، إلى رَحْمَتِكَ وَالثَبَاتَ على هُدَاكَ ، وَقَدْ هَرَبْتُ إلَيْكَ هَرَبَ العَبْدَ السُّوءِ إلى المَوْلَى الكَرِيمِ.
    يا مَوْلايَ ، وَتَقَرَّبْتُ إلَيْكَ ، فَأَسْأَلُكَ بِوِحْدَانِيَّتِكَ لَمَّا صَلَيَّتَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً كَثِرَةً ، كَرِيمَةً ، شَرِيفَةً ، تُوجِبُ لي بِهَا شَفَاعَتَهُمْ ، وَالقِيَامَةَ عِنْدَكَ ، وَصَلَّيْتَ على مَلَائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيَائِكَ المُرْسَلِينَ ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، لَمَّا غَفَرْتَ لي في هَذَا اليَوْمِ ، مَغْفِرَةً لا أشْقَى بَعْدَهَا أَبَداً ، إنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرُ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثِيراً ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ... » (1).
    وحكى هذا الدعاء ، الشريف عن أنابة الامام عليه السلام ، لله تعالى ، وإعتصامه به ، وقد تجاوز بذلك حدود الزمان والمكان.
    لقد ودع الامام عليه السلام ، بهذا الدعاء ، شهر رمضان المبارك ، وقد ألم بمدى تعظيمه ، وتقدسيه ، لهذا الشهر ، الذي هو شهر الطاعة ، وشهر التقوى وشهر الانابة إلى الله تعالى.

    19 ـ دعاء أخر في وداع رمضان
    كان الامام الصادق عليه السلام ، يودع شهر رمضان ، بهذا الدعاء ، وكان يقرأه في العشر الاواخر منه :
    « أَعُوذُ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ ، أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضَانَ ، أَوْ
1 ـ المصباح ( ص 634 ـ 640 ) البلد الامين ( 522 ).

(147)
يَطْلَعُ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَتي هَذِهِ ، وَلَكَ عِنْدِي تَبِعَةٌ ، أَوْ ذَنْبٌ ، تُعَذِّبُني عَلَيْهِ يَوْمَ أَلْقَاكَ ... » (1).
    حقا هذا هو التبتل الحقيقي ، إلى الله تعالى الذي هو معقل الرجاء والامل للعارفين والمتقين.
    هذه بعض الادعية ، التي أثرت عن عملاق الفكر الاسلامي ، الامام الصادق عليه السلام ، في شهر رمضان المبارك ، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن أدعية رمضان.
1 ـ الاقبال ( ص 199 ).

(148)

(149)
القسم الخامس
في أدعية الحج


(150)
الصحيفة الصادقية ::: فهرس