الصحيفة الصادقية ::: 241 ـ 255
(241)
المَاجِدُ ، وَأَنْت الله ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، الوَاحِدُ الَأحدُ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، الغَائِبُ الشَّاهِدُ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، الظاهِرُ الباطنُ ، وَأَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، بِكُلِّ شيْءٍ عليمٌ.
    تَمَّ نُورُكَ فَهَدَيْتَ ، وَبَسَطْتَ يَدَكَ فَأَعْطَيْتَ ، رَبَّنَا وَجْهُكَ أَكْرَمُ الوُجُوهِ ، وَجِهَتُكَ خَيْرُ الجِهَاتِ ، وَعَطِيَّتُكَ أَفْضَلُ العَطَايَا ، وَأَهْنَأْهَا ، تُطاعُ رَبَّنَا فَتُشْكَرَ ، وَتُعْصَى رَبَّنَا فَتَغْفِرُ لِمَنْ شِئْتَ ، تُجِيبُ المُضْطَرِّينَ ، وَتكْشفُ السُوءَ ، وَتَقْبَلُ التَّوْبَةَ ، وَتَعْفُو عَنِ الذُنُوبِ ، لا تُجَارَي آيَاديك ، ولا تُحْصَى نِعَمُكَ ، وَلَا يبْلُغُ مِدْحَتُكَ قَوْلَ قَائِلٍ.
    اللّهُمَّ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ ، وَرَوحَهُمْ ، وَرَاحَتَهُمْ ، وَسُرُورَهُمْ ، وَأَذِقْني طَعْمَ فَرَجِهِمْ ، وَأهْلكْ أَعْدَاءَهُمْ مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ ، وَآتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذِينَ لا خوْفُ عَلَيْهِمْ ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ، وَعلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، وَثَبِّتْني بِالقَوْلِ الثَّابِتِ ، في الحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وفي الآخِرَةِ ، وَبَارِكْ لي في المَحْيَا ، وَالمَمَاتِ وَالمَوْقِفِ وَالنُشُورِ وَالحسَابِ وَالمِيزَانِ ، وَأَهْوَالِ يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَسَلِّمْني على الصِرَاطِ ، وَأَجِزْني عَلَيْهِ ، وَارْزُقْني عِلْماً نَافِعاً ، وَيَقِيناً صَادِقاً وَتُقىً وَبِرّاً ، وَوَرَعاً وَخَوْفاً مِنْكَ ، وَفَرَقاً يُبَلِّغُني مِنْكَ زُلْفَى ، وَلا يُبَاعِدُني مِنْكَ ، وَأَحْببْني وَلا تَبْغُضْني ، وَتَوَلَّني ، وَلا تَخْذُلْني ، وَأَعَطِني مِنْ جَمِيعِ خَيْرٍ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، ما عَلَمْتُ مِنْهُ ، وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَجِرْني مِنَ السُوءِ كُلِّهِ ، بِحَذَافِيرِهِ ، ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ .. » (1)
1 ـ اصول الكافي 2 / 583 ـ 584.

(242)
    قدم الامام عليه السلام ، أجمل عبارات التوحيد ، وأبدعها ، لله تعالى ، الذي خلق جميع الكائنات ، ومما لا شبهة فيه ، إن الامام عليه السلام ، هو سيد الموحدين ، وإمام المتقين ، فقد رفع كلمة التوحيد ، بإبطاله لشبه الملحدين ، وأوهامهم ، وبهذه الادعية العظيمة ، التي هي غذاء للؤمنين والمتقين.

    7 ـ دعاؤه الجامع في طلب الامن والسلامة
    من أدعية الامام الصادق عليه السلام ، الجامعة ، لطلب الامن والسلامة ، وغيرها ، من معالي الامور ، هذا الدعاء الجليل :
    « اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ أَمْناً وَإيمَاناً ، وَسَلَامَةً وَإسْلَاماً ، وَرِزْقاً وَغِنىً ، وَمَغْفِرَةً لا تُغَادِرُ ذَنْباً ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُقَى ، وَالعِفَّةَ وَالغِنَى ، يا خَيْرَ مَنْ نُودِيَ فَأَجَابَ ، وَيَا خَيْرَ مَنْ دُعِيَ فَاسْتَجَابَ وَيا خَيْرَ مَنْ عُبِدَ فَأَثَابَ ، با جَلِيسَ كُلِّ مُتَوَحِّدٍ مَعَكَ ، وَيَا أَنِيسَ كُلِّ مُتَقَرِّبٍ يَخْلُو بِكَ ، يا مَنِ الكرِمُ مِنْ صِفَةِ أَفْعَالِهِ ، وَالكَرِيمُ مِنْ أَجَلِّ أَسْمَائِهِ ، أَعِذْني وَأَجِرني يا كَرِيم.
    اللّهُمَّ ، أَجِرْني مِنَ النَّارِ ، وَارْزُقْني صُحْبَةَ الَأخْيَارِ ، وَاجْعَلْني يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الَأبْرَارِ ، إنَّكَ وَاحِدٌ قَهَّارٌ ، مَلِكُ جَبَّارٌ ، عَزِيزٌ غَفَّارٌ.
    اللّهُمَّ ، إنِّي مُسْتَجِيرُكَ فَأَجِرْني ، وَمُسْتَعِيذُكَ فَأَعِذْني ، وَمُسْتَغِيثُكَ فَأَغِثْني ، وَمُستَعِينُكَ فَأَعِني ، وَمُسْتَنقِذُكَ فَأَنْقِذني ، وَمُسْتَنصِرُكَ فَانصُرني ، وَمُسْتَرْزِقُكَ فَارْزُقْني ، وَمُسْتَرْشِدُكَ فَأرْشِدْني ، وَمُسْتَعْصِمُكَ فَاعْصِمني ، وَمُسْتَهْدِيكَ فَاهْدِني ، وَمُسْتَكْفِيكَ فَاكْفِني ، وَمُسْتَرْحِمُكَ فَارْحَمْنِي ، وَمُسْتَتيبُكَ فَتُبْ عَلَيَّ ، وَمُسْتَغْفِرُكَ فَاغْفِرْ لي ذُنُوبي ، إنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُنُوبَ ،


(243)
إلاَّ أَنْتَ ، يا مَنْ لا تَضُرُكَ المَعْصيةُ ، وَلا تُنْقِصُك المغْفرةُ ، اغْفِرْ لي ما لا يَضُرُّكَ ، وهبني لي مَا لا يُنْقِصُكَ .. » (1).
    أرأيتم ، هذا التذلل والتضرع أمام الله ؟ أرأيتم كيف أناب إلى الله تعالى ؟ وكيف سأله ؟ لقد أناب سليل النبوة إلى الله بقلبه وعواطفه ، وسأله خير ما في الدنيا والآخيرة.

    8 ـ دعاؤه الجامع لتمجيد الله
    من أدعية الامام الصادق عليه السلام الجامعة ، لتمجيد الله تعالى ، والثناء عليه ، هذا الدعاء :
    أَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ رَبُ العَالَمِينَ ، أَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، أَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الكَبِيرً ، أَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ مَالِكُ يَوْمَ الدِّينِ ، أَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ، أَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ، أَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ مِنْكَ بَدَأَ الخَلْقِ ، وَإلَيْكَ يَعُودُ ، أَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ ، وَلا تَزَالُ ، أَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ خَالِقُ الخَيْرِ وَالشَرِّ ، أَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ خَالِقُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ ، أَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ أَحَدٌ ، صَمَدٌ ، لَمْ يَلِدْ ، وَلَمْ يولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، أَنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ المَلِكُ القُدُّوسُ ، السَّلَامُ المُؤْمِنُ ، المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ ، المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ ، هُوَ اللهُ ، الخَالِقُ البَارِىءُ ، المُصَوِّرُ ، لَهُ الَأسْمَاءُ الحُسْنَى ، يُسَبِّحُ لَهُ ما في السَّموَاتِ وَالَأرْضِ ، وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ
1 ـ المصباح ( ص 283 ) البلد الامين ( ص 372 ).

(244)
وَالكِبْرِيَاءُ ردَاؤُكَ .. » (1).
    وحكى هذا الدعاء ، مدى انطباع حب الله تعالى ، في قلب الامام عليه السلام ، فقد أخلص في حبه ، وأخلص في توحيده ، وأناب إليه كأعظم ما تكون الانابة.

    9 ـ دعاؤه الجامع لامور الدنيا والآخرة
    ومن أدعية الامام الصادق عليه السلام ، الجامعة ، لامور الدنيا والآخرة ، هذا الدعاء الجليل ، رواه عنه الفقيه أبو بصير ، وهذا نصه :
    اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ ثَوَابَ الشَّاكِرِينَ ، وَمَنْزلة المُقَرَّبين ، وَمُرَافَقة النَّبِيِّينَ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ خَوْفَ العَاملِينَ لَكَ ، وَعَمَلَ الخَائِفينَ مِنْكَ ، وَخُشُوعَ العَابِدِينَ لَكَ ، وَيَقينَ المُتَوَكِّلِين عَلَيْكَ ، وَتَوَكُّلَ المُؤْمِنينَ بِكَ.
    اللّهُمَّ ، إنَّكَ بِحَاجَتي عَالِمٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ ، وَأَنْت لهَا وَاسِعٌ غَيْرُ مُتَكَلِّفٍ ، أَنْتَ الذي لا يُحْيفك سَائِلُ ، ولا يَنْقصنك نَائِلٌ ، ولا يَبْلُغ مِدْحَتَكَ قَوْلَ قائلٍ ، اللّهُمَّ إجْعَلْ لي فَرجاً قَريباً وأَجْراً عَظيماً وَسِتْراً جَمِيلاً.
    اللّهُمَّ ، إنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي على ظُلْمي لِنَفْْسِي ، وَاسْرَافي عليْها ، لَمْ أَتَّخِذُ لك ضدّاً ، ولَا نِدّاً وَلا صَاحبةً وَلا ولَدا ، يا مَنْ لا تَغْلِطُهُ المَسَائِلُ ، يا مَنْ لا يُشْغِلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ ، وَلا سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ ، وَلَا بَصَرٌ عَنْ بَصَرٍ ، وَلَا يُبْرمْهُ إلْحاحُ المُلِحِّينَ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُفَرِّجَ عَنِّي ، في سَاعَتي هَذِهِ ، مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ ، وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ ، إنَّكَ تُحْيي العِظَامَ
1 ـ اصول الكافي 2 / 516.

(245)
وَهِيَ رَمِيمٌ ، وَإنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، يا مَنْ قَلَّ شُكْرِي فَلَمْ يُمْرِضْني ، وَعَظُمَتْ خَطِيئَتي فَلَمْ يَفْضَحْني ، وَرَآنِي على المَعَاصِي فَلَمْ يَجْبَهْني ، وَخَلَقَني لِلْذِي خَلَقَني لَهُ ، فَصَنَعْتُ غَيْرَ الذي صُنِعْتُ لَهُ ، فَنِعْمَ المَوْلَى أَنْتَ يا سَيِّدي ، وَبِئْسَ العَبْدُ أَنَا وَجَدْتَني ، وَنِعْمَ الطَّالِبُ أَنْتَ رَبِّي ، وَبِئْس المَطْلُوبُ أَنَا أَلْفَيْتَني ، عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، بَيْنَ يَدَيْكَ ، ما شِئْتَ صَنَعْتَ بي.
    اللّهُمَّ ، هَدَأَتِ الَأصْوَاتُ ، وَسَكَنَت الحَرَكَاتُ ، وَخَلَا كُلِّ حَبِيبٍ بِحَبِيبِه ، وَخَلَوتْ ُبِكَ ، أَنْتَ المَحْبُوبُ ، إلَيَّ ، فَاجْعلْ خَلْوَتي مِنَكَ اللَّيْلَةَ ، العَتْقَ مِنَ النَّار ، يا مَنْ ليْسَتْ لِعَالِمٍ فَوْقَهُ صِفَةٌ ، يا مَنْ لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ دُونَهُ مِنْعَةُ ، يا أَوَّلَ ، قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَيَا آخِرُ ، بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ عُنْصُرٌ ، وَيَا مَنْ يَفقَهُ بِكُلِّ لُغَةً يُدْعَى بِهَا ، وَيَا مَنْ عَفْوُهُ قَدِيمٌ ، وَبَِطْشُهُ شَدِيدٌ ، وَمُلْكُهُ مُسْتَقِيمٌ ، أَسْأَلُكَ ، بِاسْمِكَ الذي شافَهَكَ بِهِ مُوسَى ، يا اللهُ ، يا رَحْمنُ ، يا رَحِيمُ ، يا لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ الصَّمَدُ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّي ، على مُحَمَّدٍ وَعلى آلِ مُحَمَّدٍ ، وَأنْ تُدْخِلَني الجَنَّةَ بِرَحْمَتكَ .. (1)
    وهذا الدعاء ، من غرر أدعية الامام الصادق عليه السلام ، وذلك لما حواه من المطالب الجليلة ، والمضامين العالية ، ولو لم يكن له من أدعية ، إلا هذا الدعاء الشريف ، لكفى في التدليل على سمو تراثه الروحي.
1 ـ اصول الكافي 2 / 593 ـ 595.

(246)
    10 ـ دعاؤه الفلسفي الذي علمه لجابر
    من الادعية الفلسفية الجامعة ، للامام الصادق عليه السلام ، هذا الدعاء الجليل وقد علمه لتلميذه العظيم ، مفخرة الشرق ، جابر بن حيان ، وهو مما يستعان به على تلقي العلوم ، وحفظها ، والابداع فيها ، ولنترك الحديث لجابر فهو يحدثنا عن كيفية هذا الدعاء قال ما نصه :
    « إني كنت ألفت سيدي ـ يعني الامام الصادق ـ صلوات الله عليه كثيرا ، وكنت لهجا بالادعية ، وبخاصة ما كان يدعو به الفلاسفة ، وكنت أعرضه عليه وكان منها ما استحسنه ، ومنها ما يقول عنه : الناس كلهم يدعون بهذا ، وليس فيه خاصية ، فلما كثرت عليه علمني هذا الدعاء ، وهو من جنس دعاء الفلاسفة بل إنه لا فرق بيه ، وبين ما يدعو به الفلاسفة ، فإنه قد اختار من دعاء الفلاسفة ، أجزاء وأضاف إليها أجزاء ، وقال لي: لا يتم لك الامر إلا به ، وعندي أنه لا يتم لاحد ممن قرأ كتبي خاصة به أن أزال صورة الشيطان عن قلبه ، وترك اللجاج ، واستعمل محض الاسلام ، والدين ، والنية الجميلة ، وأما ما دام الشيطان يلعب به ، وينزله قصدا ، فليس ينفعه شيء ، وذلك أن اللجاج ليس هو من الشيطان وحده ، إنما هو من فساد النية ، فاتق الله يا هذا في نفسك ، واعمد إلى ما أوصيك به ، وهذه هي الوصية :
    إبدأ بالطهر ، بأن تفيض على بدنك ، ماء نظيفا ، في موضع نظيف ، ثم تلبس ثيابا طاهرة ، لا تمسها أمرأة حائض ، ثم تستخير الله ألف مرة (1) وتقول في استخارتك :
    اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْتَخِيرُكَ في قَصْدِي ، فَوَفِّقْني ، وَأَزغِ الشَّيْطَانَ عَنِّي ، أِنَّكَ تَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَلا يَقْدِرُ عَلَيْكَ.
1 ـ لم يذكر كيفية الاستخارة ، وانها هل هي بالمصحف أو غيره.

(247)
    فإذا قلت ذلك ألف مرة ، عمدت إلى موضع طاهر نظيف ، وابتدأت فكبرت الله ، وقرأت الحمد ، وقل هو الله أحد مائة مرة ، وركعت ، وسجدت ، ثم قمت ، وصليت مثل ذلك ، ثم تشهدت ، وسلمت ، ثم قرأت في الركعتين الثانيتين مائة مرة : إذا جاء نصر الله والفتح ، وإذا سلمت أعدت مثل الركعتين الاوليين ، وقرأت : قل هو الله أحد مائة مرة ، ثم أعدت اثنتين بإذا جاء نصر الله والفتح ، ثم صليت ركعتين أخريين ، وهذا تمام العشر ، وقرأت سورة ، سورة ، ثم أتممت صلاتك ، وإياك أن تكلم احدا في خلال ذلك ، ويشغلك شاغل ، وأحرى المواضع بك ، الصحاري الخالية ، حتى لا يكلمك أحد البتة ، ثم إجلس ، وقل بعد أن تمد يديك إلى الله تعالى :
    اللّهُمَّ ، إنِّي قَدْ مَدَدْتُهُمَا إلَيْكَ طَالِباً مَرْضَاتَكَ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ لا تَرُدَّهُمَا خَائِبَتَينِ ، وَتَبْدَأُ وَتَقُولُ :
    « اللّهُمَّ ، أَنْتَ ، أَنْتَ ، يا مَنْ هُوَ هُوَ ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما هُوَ إلاَّ هُوَ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ خَالِقُ الكُلِّ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ خَالِقُ العَقْل ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ وَاهِبُ النَفْسِ الإِنْسَانِيََّةِ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ خَالِقُ العِلَّةِ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ خَالِقُ الرُّوحِ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ قَبْلَ الزَّمَانِ ، وَالمَكَانِ ، وَخَالِقُهُمَا ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ فَاعِلُ الخَلْقِ بِالحَرَكَةِ وَالسُّكُونَ وَخَالِقُهُمَا.
    اللّهُمَّ ، إنِّي قَصَدْتُكَ ، فَتَفَضَّلْ عَلَيَّ ، بِمَوْهِبَةِ العَقْلِ الرَّصِينِ ، وَإرْشَادِي في مَسْلَكي إلى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ.
    اللّهُمَّ ، بِكَ ، فَلَا شَيْءٍ أَعْظَمُ مِنْكَ ، نَوِّرْ قَلْبِي ، وَأَوْضِحْ لي سَبيلَ القَصْدُ إلى مَرْضَاتِكَ ..
    اللّهُمَّ ، أنِّي قَصَدْتُكَ ، وَنَازَعَتْني نَفْسَايَ: نَفْسِي النَّفْسَانِيَّةُ ، نَازَعَتْني إلَيْكَ ، وَنَفْسِي الحَيَوَانِيَّةُ ، نَازَعْتَني إلى طَلَبِ الدُّنْيَا.


(248)
    اللّهُمَّ ، فيك ، لا أَعْظمَ مِنْكَ ، يا فاعل الكُلّ ؛ صَلِّ على مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولك ، وعلى آلِهِ وَأَصحابِه المُنْتَجبين ، وَاهْدِ نَفْسي النَّفْسانيَّة ، إلى ما أَنْتَ أَعْلَمُ به ، مِنْ مُرادهَا مِنْهَا ، وَبَلِّغْ نَفْسِي الحيَوَانِيَّة مِنْك غاية آمَالِها ، فَتَكُونَ عِنْدَكَ ، إذَا بَلَّغْتَهَا ذَلِكَ ، فَقَدْ بَلَّغْتَهَا الدُّنْيَا وَالآخِرَة ، إنَّهُ سَهْلٌ عَلَيْكَ.
    اللّهُمَّ ، إنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ لا تَخَافُ خَلَلاً ، وَلا نُقْصَاناً يُوهِنُكَ ، بِرَحمَتِكَ ، وَكَرَمِكَ ، هَبْ لي ما سَأَلْتُكَ مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، اللّهُم ، يا وَاهِبَ الكُلِّ ، فَاجْعَلْ ذَلِكَ في مَرْضَاتِكَ ، وَلا تَجْعَلْهُ فِيمَا يُسْخِطُكَ ،
    اللّهُمَّ ، وَاجْعَلْ ما تَرْزُقُني ، عَوْناً على أَدَاءِ حُقُوقِكَ ، وَشَاهِداً لي عِنْدَكَ ، وَلا تَجْعَلْهُ شَاهِداً عَلَيَّ ، وَلا عَوْناً عَلَىَّ طَلَبِ ما يُعْرِضُكَ عَنّي.
    اللّهُمَّ ، يا خَالِقَ الكُلِّ ، أَنْتَ خَلَقْتَ قَلْبِي ، وَخَلَقْتَ الشَّيْطَانَ وَلَعَنْتَهُ ، بِمَا أَسْتَحَقَّهُ ، وَأَمَرْتَنَا أَنْ نَلْعَنَهُ ، فَاصْرِفْهُ عَنْ قَلْبِ وَليِّكَ ، وَأَعِنِّي على ما أَقْصِدُ لَهُ .. »
    ثم تذكر حاجتك ، فإذا فرغت عن سائر ما تريد ، فعفر خديك على الارض ، ثم قل في تعفيرك عشر مرات :
    « خَضَعَ وَجْهِيَ الذَّّلِيلُ الفَانِي لِوَجْهِكَ العَزِيزِ البَاقي .. »
    ثم اجلس مليا ، وقم فتوجه ، وكبر ، واقرأ الحمد ، وسورة ألم نشرح لك صدرك ، واقرأها في الركعة الثانية فإذا سلمت قل :
    « يا سَيِّدِي ، ما اهْتَدَيْتُ إلاَّ بِكَ ، وَلا عَلِمْتَ إلاَّ بِكَ ، وَلا قَصَدْتُ إلاَّ إلَيْكَ ، وَلا أَقْصِدُ وَلا أَرْجُو غَيْرَكَ ، اللّهُمَّ ، لا تُضِيعُ زِمَامَ قَصْدِي وَرَجَائي ، إنَّكَ لا تُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ ، وَانَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ ،


(249)
قد وعدت الصابرين خير الجزاء منك ، ولاصبرن فيك كما خففت عني ، وصيرتني على امتحانك.
    اللّهُمَّ ، إنَّكَ قَدْ وَعَدْتَ بَعْدَ العُسْر يُسْراً ، اللّهُمَّ ، فامْحْ أوْقَاتَ العُسْر وَاجْعَلْهَا زِيَادَةً في أَوْقَاتِ اليُسْرِ ، وَاجْعَلْ ذلِكَ حظّاً مِنَ الدُّنْيَا ، وَخُظُوظاً مِنَ الآخِرَةِ.
    اللّهُمَّ ، إنَّ وَسِيلَتي إلَيْكَ مُحَمَداً ، وَصَفْوَةَ أَهْلِ بَيْتِهِ آمِين ، آمِينَ ، آمِينَ »
    قال لي سيدي في ذلك ، : إن الله عزوجل ، أكرم من أن يتوسل إليه إنسان ، بنبيه فيرده خائبا ، فإذا أتممت ذلك ، فتصدق في أثره درهمين وثلثين ، واجعله أربعة أقسام ، كل قسم أربعة دوانق ، فأول من يلقاك ، ممن يقبل الصدقة ، فاعطه ، وكذلك الثاني والثالث والرابع ، فان الله تعالى يحمدك العاقبة في سائر أمورك ، ويزجر الشيطان عن وجهك ، واقصد لما أنت تشتهيه ، فإنك ترى فيه الرشد ، ويرزقك الله قريبا ... » (1). وعلق الدكتور زكي نجيب محمود على هذا الدعاء ، بقوله : أتريد أن تكون باحثا عالما ؟ فخذ وصية جابر ، فإنها كبيرة النفع ، للسالكين في سبيل العلم ، علم الموازين ، وتركيب الطبائع ، على الجوهر تركيبا ، من شأنه أن ينتج لنا كل ما أردناه من كائنات (2).
1 ـ جابر بن حيان طبع بيروت ( ص 268 ـ 271 ).
2 ـ جابر بن حيان ( ص 268 ).


(250)

(251)
القسم التاسع
مناجاته ، وأدعيته القصار


(252)

(253)
    وأثرت عن سليل النبوة ، الامام الصادق عليه السلام ، بعض المناجيات ، ومجموعة من الادعية القصار ، وهي من بدائع التراث الروحي في الاسلام ، وهي في نفس الوقت ، تمثل جانبا كبيرا من إنابته ، وتقواه ، وانقطاعه الكامل ، إلى الله تعالى ، وفي ما يلي ذلك مناجياته :
    ولم أعثر من مناجيات الامام الصادق عليه السلام ، سوى هذه المناجاة التي تلقي الاضواء على عميق اتصاله بالله ، وتمسكه به ، وهذا نصها :
    « يا وَدُودُ ، يا وَدُودُ ، يا مُبْدىءُ ، يا مُعِيدُ ، يا فَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ ، يا ذَا العَرْشِ المَجِيدِ.
    اللّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ ، الذي مَلَأ أَرْكَانَ عَرْشِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ التي اقْتَدَرْتَ بِهَا على خَلْقِكَ ، وَبِرَحْمَتِكَ التي وَسِعَتْ كُلِّ شَيْءٍ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ يا مُغِيثُ أَغِثْني.
    الحَمْدُ للهِ ، الذي صَدَقَ وَعْدَهُ ، وَنَصَر عَبْدَهُ ، وَهَزَمَ الَأحْزَابَ وَحْدَهُ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَصْبَحْتُ وَامْسَيْتُ ، أَسْتَوْدِعُكَ ، وَأَسْلِمُ إلَيْكَ


(254)
نَفْسِي ، وَمَالِي ، وَأَهْلِي ، وَوَلَدِي ، وَمَا خَوَّلْتَني ، اللّهُمَّ ، وَأَسْتَرْعِيكَ ، وَأسْتَحْفِظُكَ نَفْسِي.
    اللّهُمَّ ، كُنْ لي وَمَعِي في قَاطِنِ دَارِي ، وَحِلِّي ، وَارْتِحَالي ، وَلَيْلي ، وَنَهَارِي ، وَإقْبَالي ، وَإدْبَارِي ، وَسُكُونِي ، وَحَرَكَتي ، وَنَوْمِي وَيَقْظَتي ، وَذِهْني ، وَعَقْلي ، وَاجْعَلِ اللّهُمَّ ، عَافِيَتَكَ لي شِعَاراً ، وَاسْمَكَ وَذِكْرَكَ لي جُنَّةً وَدِثَاراً ، وَارْزُقْني خَيْرَ القَدَرَ ، وَخَيْرَ السَّفَرِ وَخَيْرَ الحَضَرِ ، وَخَيْرَ الغِيَابِ ، وَخَيْرَ الإِيَابِ ، وَخَيْرَ ما نَطَقَتْ بِهِ أُمُّ الكِتَابِ.
    اللّهُمَّ ، مَنْ أَرَادَني بِسُوءٍ ، في لَيْلَ ، أَوْ نَهارٍ ، فَأَرِدْهُ ، وَمَنْ كَادَني فَكِدْهُ ، وَمَنْ بَغَى عَلَيَّ فَأَهْلِكهُ وَاجْعَلِ اللّهُمَّ ، عِزَّهُ ذَلِيلاً ، وَمُلْكًهُ ضَئيلاً ، وَحَدَّهُ فَلِيلاً ، وَكَثْرَتَهُ قَلِيلاً ، وَقُوَّتَهُ كَلِيلَةً ، وَيَدَهُ غَليلةً وَجِسْمَهُ عَلِيلاً ، اللّهُمَّ ، فُلَّ عَنِّي مَنْ نَصَبَ لي حَدَّهُ ، وَاطْفِ عَنِّي نَارَ مَنْ شَبَّ لي وَقْدَهُ ، وَاكْفِني ، اللّهُمَّ ، هَمَّ مَنْ أَدْخَلَ عَلَيَّ هَمَّهُ ، وَاجْعَلْني اللّهُمَّ ، في دِرْعِكَ الحَصِينَةِ ، وَأَنْزِلْ عَلَيَّ وقايتك وَالسَّكِينَةَ ، وَكُنْ لي اللّهُمَّ ، دُونَ عَدُوِّي بِالمرْصَاد ، اللّهُمَّ ، وَاجْعَلْني ، مِمَّنْ هَرَبَ إلَيْكَ فَآوَيْتَهُ ، وَتَشَفَّع إلَيْكَ فشَفَعْتَهُ ، وَفَزعَ إلى نُصْرَتِكَ فَضَمِنْتَهُ ، وَفي عِيَاذِكَ ، وَحِمَاكَ ، وَكنَفِكَ ، وَأمْنكَ ، وَجِوَارِكَ ، كَنِفْتَهُ ، وَاجْعَلْني اللّهُمَّ ، في ذِمَّتِكَ التي لا تُخْفَرُ ، وَخُصَّني بِدِلاصكَ التي لا تُفْقَرُ ، وَاحْمِنِي بِحمَاكَ الذي لا يُسْتبَاحُ ، وَاكْنُفْني بِمَعَاقِلِكَ التي إلَيْهَا يُرَاحُ ، وَأَعِنِّي بِنَصْرِكَ الذي لا يُغْلَبُ ، فإنَّك مُعْتمديِ وَعَلَيْكَ مُعَوَّلي يا ذا الجَلَالِ وَالإِكرْاَمِ .. » (1).
1 ـ الحكم الجعفرية ( ص 12 ) نقلا عن الرسالة الرمضانية رقم 33 جمع وتحقيق سيف الدين.

(255)
    لقد كان الامام عليه السلام ، يناجي ربه ، في غلس الليل البهيم ، ويدعوه بإخلاص أن يقربه إليه زلفى ، ويمنحه أعلى درجات المقربين والمنيبين.

    أما أدعية الامام عليه السلام القصار ، فهي بالاضافة ، إلى جمال ألفاظها ، وبديع بلاغتها ، فانها تمثل انقطاع ، الامام إلى الله تعالى ، وإلتجاءه إليه ، في جميع شؤونه ، وأحواله ، وفي ما يلي كوكبة منها :

    1 ـ دعاؤه في حمد الله
    من أدعية الامام الصادق عليه السلام ، في حمد الله تعالى هذا الدعاء :
    « الحَمْدُ للهِ بِمَحَامِدِهِ كُلِّهَا ، على نِعَمِهِ كُلِّهَا ، حَتَّى يَنْتهي إلى ما يُحِبُّ رَبِّي ، وَيَرْضَى ، الحَمْدُ للهِ على عِلْمِهِ ، وَالحَمْدُ للهِ على فضْله عَلَيْنَا ، وَعلى جَمِيعِ خَلْقِهِ .. » (1).

    2 ـ دعاؤه بالوحدانية لله
    ومن أدعيته الجليلة ، دعاؤه بالوحدانية ، لله تعالى ، وهذا نصه :
    « اللّهُمَّ ، إنِّي أُشْهِدُكَ كَمَا تَقُولُ: وَفَوْقَ ما يَقُولُ القَائِلُونَ: وَأَشْهدُ أَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ لِنَفْسِكَ ، وَشَهِدَتْ لَكَ مَلَائِكَتُكَ ، وَأَوُلُو العِلمِ بِأَنَّك قَائمٌ بِالقِسْطِ ، لا إله إلاَّ أَنْتَ ، وَكَمَا أَثْنَيْتَ على نَفْسِكَ سُبْحَانَكَ ، وَبِحَمْدِكَ .. »
1 ـ قرب الاسناد ص 4.
الصحيفة الصادقية ::: فهرس