الصحيفة الصادقية ::: 271 ـ 286
(271)
    ونقل الرواة كوكبة ، من الادعية ، التي رواها ، الامام الصادق عليه السلام ، عن آبائه العظام ، عليهم السلام ، دعاة الله في أرضه ، وحججه على عباده ، وهي لوحات من النور ، تجذب العقول ، وتنمي الافكار ، وتهدي الحائر ، وترشد الضال ، وتدفع الانسان لما يسمو به من المثل العليا ، والصفات الكريمة ، ونعرض لبعضها.

    1 ـ أدعية النبي صلى الله عليه وآله
    وروى الامام الصادق عليه السلام ، مجموعة من الادعية ، كان يدعو بها جده الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله ، مفجر العلم ، والنور في الارض ، وهذه بعضها :
    1 ـ قال عليه السلام : كان من دعاء النبي صلى الله عليه وآله هذا الدعاء :
    « اللّهُمَّ ، ارْحَمْني بِتَرْكِ مَعَاصيكَ أَبَداً ما أَبْقَيْتَني ، وَارْزُقْني حُسْنَ النَظَرِ فِيمَا يُرْضِيكَ عَني ، وَأَلْزِمْ قَلْبي حِفْظَ كِتَابِكَ عَلَّمْتَني ، وَاجْعَلْني أَتْلُوهُ على النَّحْوِ الذي يُرْضِيكَ عَنَّي ، اللّهُمَّ ، نُوِّرْ بِكِتَابِكَ بَصَرِي ،


(272)
وَاشْرَحْ بِهِ صَدْرِي ، وَأَفْرِحْ بِهِ قَلْبي ، وَأَطْلِق بِهِ لِسَاني ، وَاسْتَعْمِلُ بِهِ بَدَني ، وَقَوِّنِي على ذلِكَ ، فَإنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِكَ .. » (1).
    نظر هذا الدعاء الشريف إلى كتاب الله العظيم ، الذي هو من بركات الله ، على عباده ، ومن ألطافه عليهم ، وقد سأل النبي صلى الله عليه وآله من الله تعالى ، أن يمن عليه بحفظه ، والتأمل في آياته ، وأن يشرح به صدره ، ويفرح به قلبه ، ويطلق به لسانه ، ومن الطبيعي أن في ذلك إرشاد للامة ، ليهتموا بالقرآن العظيم ، ويطبقوا أحكامه وتعاليمه على واقع حياتهم.
    2 ـ قال عليه السلام : ما من نبي إلا وخلف في أهل بيته دعوة مجابة ، وقد خلف فينا رسول الله صلى الله عليه وآله ، دعوتين مجابتين: أما الواحدة فلشدائدنا ، وأما الاخرى فلحوائجنا.
    أما التي لشدائدنا :
    « يا كَائِنُ دائماً لَمْ يَزَلْ ، يا إلهي ، يا إلهَ آبَائي ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، إجْعَلْني لَكَ مُخْلِصاً .. »
    وأما التي لحوائجنا :
    « يا مَنْ يَكْفي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَلَا يَكْفَى مِنْهُ شَيْءٌ: يا اللهُ يا رَبِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ .. » (2).
    3 ـ روى الامام عليه السلام ، عن جده ، رسول الله صلى الله عليه وآله هذا الدعاء :
1 ـ قرب الاسناد ( ص 5 ).
2 ـ مفتاح السعادة ، ومصباح السيادة 3 / 138 طبع دار الكتب الحديثة


(273)
    « يا رَازِقَ المُقِلِّينَ (1) يا رَاحِمَ المَسَاكِينَ ، يَا وَلِيَ المُؤْمِنين ، يا ذا القُوَّةِ المَتِين ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَارْزُقْني ، وَعَافِنِي ، وَاكْفني ما أَهَمَّني .. » (2).
    4 ـ قال الامام الصادق عليه السلام : أتى النبي صلى الله عليه وآله رجل ، فقال : يا نبي الله : الغالب علي الدين ووسوسة الصدر ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله : قل :
    « تَوَكْلتُ على الحَيِّ الذي لا يَمُوتُ ، الحَمْدُ للهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ في المُلْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُلِّ ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ».
    فصبر الرجل مدة ثم مر على النبي صلى الله عليه وآله فقال له : ما صنعت ؟ فقال : يا رسول الله قضى الله ديني وأذهب وسوسة صدري (3).
    5 ـ : قال عليه السلام : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فقال : يا رسول الله : قد لقيت شدة من وسوسة الصدر ، وأنت رجل مدين معيل ، محوج ، فقال له : كرر هذه الكلمات :
    « تَوَكْلتُ على الحَيِّ الذي لا يَمُوتُ ، الحَمْدُ للهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ في المُلْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُلِّ ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ».
    فلم يلبث أن جاءه فقال : أذهب الله عني وسوسة صدري ، وقضى عني
1 ـ المقلن : جمع مقل ، وهو الفقير البائس.
2 ـ اصول الكافي 2 / 552.
3 ـ اصول الكافي 2 / 554.


(274)
ديني ، ووسع علي رزقي (1).
    إن وسوسة الصدر ، من الامراض النفسية ، التي تشيع في النفس ، القلق والاضطراب ، وخير وصفة لدفعها ، أدعية أئمة أهل البيت عليهم السلام ، وذكر الله تعالى والاستعاذة به من الشيطان الرجيم.

    2 ـ داعية الامام أمير المؤمنين (ع)
    روى الامام الصادق عليه ، مجموعة من الادعية الجليلة ، عن جده الامام أمير المؤمنين ، عليه السلام ، باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله ومن كان منه بمنزلة هارون من موسى وهذا بعض ما رواه عنه :
    1 ـ قال عليه السلام : إن عليا صلوات الله عليه وآله كان يقول : إذا أصبح :
    « سُبْحَانَ اللهِ المَلِكِ القُدُّوسِ ـ كان يقول ذلك ثلاثاً. اللّهُمَّ ، إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَمِنْ تَحْوِيلِ عَافِيَتِكَ ، وَمِنْ فجْأَة نَقْمتكَ ، وَمِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ ، وَمِنْ شَرِّ ما سَبَقَ في اللَّيْلَ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بعِزَّةِ مُلْكِكَ ، وَشِدَّةِ قُوَّتِكَ ، وَتَعْظِيمِ سُلْطَانِكَ ، وَبِقُدْرَتِكَ على خَلْقِكَ .. » (2).
    لقد استعاذ الامام أمير المؤمنين ، بالله العظيم ، من زوال النعمة ، وتحويل العافية ، وفجأة النقمة ، فبانعدام هذه الامور تعود الحياة قاسية ، ولا تطاق.
    2 ـ قال عليه السلام ، كان الامام أمير المؤمنين عليه السلام يقول : من قال هذا القول كان مع محمد وآل محمد ، إذا قام قبل أن يستفتح الصلاة :
1 ـ اصول الكافي 2 / 555.
2 ـ اصول الكافي 2 / 527.


(275)
    « اللّهُمَّ ، إنِّي أَتوَجَهُ إلَيْكَ بِمُحَمَدً وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأُقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ صَلَاتي ، وَأَتَقَرَّبُ بِهِمْ إلَيْكَ ، فَاجْعَلْني بِهِمْ وَجِيهاً ، في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَمِنَ المُقَرَّبِينَ ، اللّهُمَّ ، إنَّكَ مَنَنْتُ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ ، فَاخْتُمْ لي بِطَاعَتِهِمْ ، وَمَعْرَفتِهِمْ ، وَوِلَايَتِهِمْ فَإنَّهَا السَّعَادَةُ وَاْخُتْم لي بِهَا فَإنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .. »
    ثم تصلي ، فإذا إنصرفت قلت :
    « اللّهُمَّ ، إجْعَلْني مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في كُلِّ عَافِيَةٍ وَبَلَاءٍ ، وَاجْعَلْني مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في كُلِّ مَثْوَى ، وَمُتَقَلَّبٍ اللّهُمَّ ، إجْعَلْ مَحْيَايَ مَحْيَاهُمْ ، وَمَمَاتي مَمَاتَهُمْ ، وَاجْعَلْني مَعَهُمْ في المَوَاطِنِ كُلِّهَا ، وَلا تُفَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَهُمْ إنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .. » (1).
    وعرض هذا الدعاء الشريف ، بجميع بنوده ، إلى أهمية آل النبي صلى الله عليه وآله ، دعاة العدل الاجتماعي في الارض ، وحملة مشعل التوحيد ، الذين ناضلوا كأشد ما يكون النضال ، في محاربة الظلم والاستبداد وتوطيد أركان العدل بين الناس.
    3 ـ قال عليه السلام : كان الامام أمير المؤمنين ، صلوات الله عليه ، يقول إذا فرغ من الزوال ،
    « اللّهُمَّ ، إنِّي أَتَقَرَّبً إلَيَْكَ بِجُودِكَ ، وَكَرَمِكَ ، وَأَتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَأَتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِمَلَائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيَائِكَ المُرْسَلِينَ ، وَبِكَ.
    اللّهُمَّ ، أَنْتَ الغَنِّى عَنِّي ، وَبي الفَاقَةُ إلَيْكَ ، وَأَنْتَ الغَنِيُ ، وَأَنَا
1 ـ اصول الكافي 2 / 544.

(276)
الفقيرُ إلَيْكَ أقلْتني مِنْ عَثْرَتي ، وَسَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوبي ، فَاقْضِ اليَوْمَ حاجتي ، ولا تُعَذّبْني بِقَبِيحِ ما تَعْلَمُ مِنِّي ، بَلْ عَفْوُكَ وَجُودُكَ يَسَعُني .. »
    ثم يخر ساجدا ويقول :
    « يا أَهْلَ التَقْوَى ، وَيَا أَهْلَ المَغْفِرَةِ ، يا بِرُّ يا رَحِيمُ ، أَنْتَ أَبرُّ بي مِنْ أَبي ، وَأُمِّي ، وَمِنْ جَمِيعِ الخَلَائِقِ ، إقْبَلْني بِقَضَاءِ حَاجَتي ، مُجَاباً دُعَائي ، مَرْحُوماً صَوْتي ، قَدْ كَشَفْتَ أَنْوَاعَ البَلَاءِ عَنِّي .. » (1)
    ويلمس في هذا الدعاء ، مدى إنابة سيد المتقين ، والموحدين إلى الله تعالى ، فمن المقطوع به إنه ما عرف الله حق معرفته ، وآمن به كاشد ما يكون الايمان ، سوى الامام أمير المؤمنين ، وأبنائه الائمة الطاهرين عليهم السلام.
    4 ـ روى معاوية بن عمار قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام ، أبتداء منه : يا معاوية أما علمت أن رجلا أتى الامام أمير المؤمنين عليه السلام فشكا الابطاء عليه في الجواب في دعائه ، فقال له : ـ
    « أين أنت عن الدعاء السريع الاجابة ؟ .. »
    ـ « فقال الرجل : ما هو ؟.
    ـ قال قل :
    « اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ العَظِيمِ الَأعْظَمِ ، الَأجَلِّ الَأكْرَمِ ، المَخْزُونِ ، المَكْنُونِ ، النُّورِ الحَقِّ ، البُرْهَانِ المُبِينِ ، الذي هُوَ نُورٌ مَعَ نُورٍ ، نُورٌ مَنْ نُورً ، وَنُورٌ في نُورٍ ، وَنُورٌ على نُورٍ ، وَنُورٌ فَوْقَ كُلِّ نُورٍ ، وَنُورٌ يُضِييءُ بِهِ كُلِّ ظُلْمَةٍ ، وَيَكْسِرُ بِهِ كُلِّ شِدَّةٍ ، وَكُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ، وَكُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَلا تَقِرُّ بِهِ أَرْضٌ ، وَلا تَقُومُ بِهِ سَمَاءٌ ، وَيَا مَنْ يَأمنُ بِهِ كُلُّ
1 ـ اصول الكافي 2 / 545.

(277)
خَائِفِ ، وَيَبْطُلُ بِهِ سِحْرُ كُلِّ سَاحِرٍ ، وَبَغْيُ كُلِّ بَاغٍ ، وَحَسَدُ كُلِّ حَاسِدٍ ، وَيَتَصَدَّعُ لِعَظَمَتِهِ البَرُّ وَالبَحْرُ ، وَتَسْتَقِلُّ بِهِ الفُلْكَ حِينَ يَتَكلَّمُ بِهِ المُلْكُ ، فَلَا يَكُونُ لِلْمَوْجِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ ، وَهُوَ إسْمُكَ الَأعْظَمُ ، الَأعْظَمُ ، الَأجَلُّ ، الَأجَلُّ ، النٌّورٌ الَأكْبَرُ ، الذي سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسُكَ ، وَاسْتَوَيْتَ بِهِ على عَرْشِكَ ، وَاَتَوَجَّهُ إلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، أَسْأَلُكَ بِكَ وَبِهِمْ ، أَنْ تُصَلِّي على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ .. »
    ثم تذكر حاجتك التي تريد قضاءها (1).
    5 ـ روى الامام الصادق ، عليه السلام ، أن رجلا ، أتى الامام أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال له : يا أمير المؤمنين كان لي مال ورثته ، ولم أنفق منه درهما في طاعة الله ، ثم أكتسبت منه مالا فلم أنفق منه درهما في طاعة الله ، فعلمني داء يخلف علي ما مضى ، ويغفر لي ما عملت : أو عملا أعمله ، قال عليه السلام :
    قل .. »
    « وأي شيء أقول ؟. »
    قل :
    « يا نُورِي في كُلِّ ظُلْمَةٍ ، وَيَا أُنْسِي في كُلِّ وَحْشَةٍ ، وَيَا رَجَائي في كُلِّ كَرْبَةٍ ، ويا ثِقَتي في كُُلِّ شِدَّةٍ ، وَيَا دَلِيلي في الضَّلَالَةِ ، أَنْتَ دَلِيلي إذَا انْقَطَعَتْ دَلَالَةُ الَأدِلَّاءُ : فَإِنَّ دَلَالَتَكَ لا تَنْقَطِعُ ، وَلَا يَضِلُّ مَنْ هَدَيْتَ ، أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَأسْبَغْتَ ، وَرَزَقْتَني فَوَفَرْتَ ، وَغَذَّيْتَني فَأَحْسَنْتَ غِذَائِي ، وَأَعْطَيْتَني فَأَجْزَلْتَ ، بِلَا اسْتِحْقَاقٍ لِذلِكَ بِفَضْلٍ مِنِّي ، وَلكِن إبْتِدَاءً مِنْكَ
1 ـ اصول الكافي 2 / 582 ـ 583.

(278)
لكرمك ، وجُودك ، فتقوُيْتَ بكرمك على معاصيك ، وتقويْتُ برزْقك على سُخْطك ، وأَفْنيْتُ عُمْرِي فيما لا ُتحِبُّ ، فلمْ تمْنعْك جُرْأتي عليْك ، وَرُكُوبي لِمَا نهَيْتَني عنْهُ ، وَدُخُولي فيما حَرَّمْت علي ، أنْ عُدْتَ عليَّ بِفَضْلِكَ ، وَلَمْ يَمْنَعْني حِلْمُك عني ، وَعَوْدُكَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ ، انْ عُدْتُ في مَعَاصيكَ ، فَأَنْتَ العَوَّادُ بِالفَضْلِ ، وَأَنَا العوَّادُ بِالمَعَاصِي ، فيا أكْرمَ مَنْ أُقرَّ لَهُ بِذَنْبٍ ، وَأَعَزَّ مَنْ خُضِعَ لَهُ بِذُلِّ ، لِكَرَمِكَ أَقْرَرْتَ بِذَنْبي ، وَلِعِزِّكَ خَضَعْتُ بِذُلِّي ، فَمَا أَنْتَ صَانِعٌ بي في كَرَمِكَ وَإقْرَارِي بِذَنْبي ، وَعزِّكَ وَخُضُوعي بِذُلِّي إفْعَلْ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَلَا تَفْعَلْ بي ما أنَا أَهْلُهُ .. » (1)
    وحكى هذا الدعاء النعم التي أنعمها الله على عباده ، والالطاف التي أسداها عليهم ، ولجهلهم قابلوها بالتمرد والعصيان له ، وهو مع ذلك يفيض عليهم بعطائه وإحسانه.
    6 ـ قال عليه السلام : يقول في دعائه ، وهو ساجد :
    « اللّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَبْتَلِيَني بِبَلِيَّةٍ ، تَدْْْعُوني ضُرُورتُهَا على أَنْ أَتَعَّرضَ لِشَيْءٍ مِنَ مَعَاصِيكَ.
    اللّهُمَّ ، لا تَجْعَلْ بي حَاجَةً إلى أَحَدٍ مِنْ شِرَارِ خَلْقِكَ وَلِئَامِهِمْ ، فَإنْ جَعَلْتَ لي حَاجَةً إلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، فَاجْعَلْهَا إلى أَحْسَنِهِمْ وَجْهاً وَخَلْقاً ، وَخُلُقاً ، وَأَسْخَاهُمْ بهِاَ نَفْساً ، وَأَطْلَقَهُمْ بِهَا لِسَاناً ، وَأَسْمَحَهُمْ بِهَا كَفّاُ ، وَأَقَلَّهُمْ بِهَا عَلَيَّ امْتِنَاناً. » (2)
1 ـ اصول الكافي 2 / 595.
2 ـ قرب الاسناد ( ص 1 ).


(279)
    3 ـ الادعية التي يرويها عن الامام زين العابدين
    وروى الامام الصادق عليه السلام ، بعض الادعية ، عن جده الامام زين العابدين ، وسيد الساجدين عليه السلام ، وهي تكشف عن جانب من روحانية ، هذا الامام العظيم ، الذي عطر الدنيا بأدعيته ، التي تمثل صفاء النفس ، وسمو الذات ، وفي ما يلي بعض تلك الادعية :
    1 ـ قال عليه السلام : كان علي بن الحسين عليه السلام ، يدعو بهذا الدعاء :
    « اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ حُسْنَ المَعِيشَةِ ، مَعِيشَةً أَتَقَوَّى بِهَا على جَمِيعِ حَوَائِجي وَأَتَوَصَّلُ بِهَا في الحَيَاةِ إلى آخِرَتي ، مِنْ غَيْرَ أَنْ تُتْرِفَني فِيهَا فَأَطْغى ، أَوْ تُقَتَّرَ بِهَا عَلَيَّ فَأَشْقَى ، أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ حَلَالِ رِزْقِكَ ، وَأَفْضِلْ عَلَيَّ مِنْ سَيْبِ فَضْلِكَ ، نِعْمَةً مِنْكَ سَابِغَةً ، وَعَطَاءاً غَيْرَ مَمْنُونٍ ، ثُمَّ لا تُشْغِلْني عَنْ شُكْرِ نِعْمَتِكَ ، بِإكْثَارٍ مِنْهَا تُلْهِيني بَهْجَتُهُ ، وَتَفْتِنيِّ زَهَراتُ زَهْوَتِهِ ، ولا بِإقْلَالٍ عَلَيَّ مِنْهَا يَقْصُرُ بِعَمَلي كَدُّهُ ، وَيَمْلُأ صَدْرِي هَمُّهُ ، أَعْطِني مِنْ ذلِكَ يا إلهي غِنى عَنْ شِرَارِ خَلْقِكَ ، وَبَلَاغاً أَنَالُ بِهِ رِضْوَانَكَ وَأَعُوذُ بِكَ يا إلهي مِنْ شَرِّ الدُّنْيَا ، وَشَرِّ ما فِيهَا ، وَلا تَجْعَلْ عَلَيَ الدُّنْيَا سِجْناً ، وَلَا فِراقَهَا عَلَيَّ حُزْناً ، أَخْرِجْني مِنْ فِتْنَتِهَا مَرْضيا عنِّي ، مَقْبُولاً فِيهَا عَمَلي إلى دَارِ الحَيَوَانِ ، وَمَسْاكِنِ الَأخْيَارِ ، وَأَبْدِلْني بِالدُّنْيا الفَانِيَةِ نَعِيمَ الدَّارِ البَاقِيَةِ.
    اللّهُمَّ ، إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن أَزَلِّها (1) وَزِلْزَالِهَا ، وَسَطَوَاتِ شَيَاطِينِهَا ، وَسَلَاطِينِهَا ، وَنَكاَلِهَا ، وَمِنْ بَغْيِ مَنْ بَغَى عَلَيَّ فِيهَا ، اللّهُمَّ ، مَنْ كَاَدَني
1 ـ الازل : الشدة والضيق.

(280)
فَكِدْهُ ، وَمَنْ أَرَادَني فَأَرِدْهُ ، وَفُلَّ عَنِّي حَدَّ مَنْ نَصَبَ لي حَدَّهُ ، وَأَطفِ عَنِّي نَارَ مَنْ شَبَّ لي وَقْدَهُ ، واكْفِني مَكْرَ المَكْرَةِ ، وَافْقَاْ عَنِّي عُيُونِ الكَفَرَةِ ، وَاكْفِني هَمَّ مَنْ أَدْخَلَ عَلَيَّ هَمَّهُ ، وَادْفَعْ عَني شَرَّ الحَسَدَةِ ، وَاعْصِمْني مِنْ ذَلكِ َبِالسَكِينَةِ وَأَلْبِسْني دِرْعَكَ الحَصِينَةَ ، وَأَخْبِئْني في سِتْرِكَ الوَاقِي ، وَأَصْلِحْ لي حَالِي ، وَصَدِّقْ قَوْليِ بِفعَالِي ، وَبَارِكْ لي في أَهْلِي وَمَالِي .. » (1)
    إن في أدعية الامام ، زين العابدين عليه السلام ، منهجا كاملا ، للحياة الرفيعة ، ودستورا شاملا ، لكل ما يسمو به الانسان من شرف وكرامة.
    لقد حفل هذا الدعاء الشريف ، بجميع متطلبات الحياة الكريمة ، التي لا ضيق فيها ولا عسر ، ولا ترف موجب للطغيان ، وأن يجعله الله دوما يلهج بذكره وشكر نعمته ، ويكفيه شرار خلقه الذين جبلوا على الاعتداء والاساءة إلى الناس.
    2 ـ قال عليه السلام : كان علي بن الحسين عليه السلام يقول : ما أبالي إذا قلت هذه الكلمات لو اجتمع علي الانس والجن ، وهي :
    « بِسْمِ اللهِ ، وَبِاللهِ ، وَمِنَ اللهِ ، وَالى اللهِ ، وَفي سَبِيلِ اللهِ ، وَعلى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، اللّهُمَّ إلَيْكَ أَسْلَمْتُ نَفْسِي ، وَإليْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي ، وَإلَيْكَ اَلْجَأْتُ ظَهْرِي ، وَإلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْرِي ، اللّهُمَّ إحْفَظْني ، بِحِفْظِ الإِيمَانِ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ ، وَمِنْ خَلْفي ، وَعَنْ يَميني ، وَشِمَالِي ، وَمِنْ فَوْقي ، وَمِنْ تَحْتي ، وَمِنْ قِبَلي ، وَادْفَعْ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، فَإنَّهُ لا حَوْلَ ، وَلَا قُوَّةَ إلاَّ بِكَ .. » (2).
1 ـ اصول الكافي 2 / 553 ـ 554.
2 ـ اصول الكافي 2 / 559 قرب الاسناد.


(281)
    إن في قراءة هذه الادعية صيانة للانسان ، ووقاية له من طوارق الزمن وحوادث الايام ، فإن الله تعالى ، يصرف عمن دعاه بها ، جميع شرور الدنيا وفجائعها.
    3 ـ قال عليه السلام : إن علي بن الحسين ، صلوات الله عليه ، كان إذا أصبح قال : أبتدئ يومي بين يدي نسياني وعجلتي ، بسم الله وما شاء الله (1).
    هذه بعض الادعية ، التي رواها الامام الصادق عليه السلام عن جده الامام زين العابدين عليه السلام.

    4 ـ أدعية الامام الباقر
    وروى الامام الصادق عليه السلام ، مجموعة من أدعية أبيه الامام محمد الباقر عليه السلام ، وفي ما يلي بعضها :
    1 ـ قال عليه السلام : كان أبي إذا أصبح يقول :
    « بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَالى اللهِ ، وَفي سَبِيلِ اللهِ ، وَعلى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، اللّهُمَّ ، إلَيْكَ أَسْلَمْتُ نَفْسِي ، وَإلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْرِي ، وَعَلَيْكَ تَوَكَلْتُ يا ربِّ العَالَمِينَ ، اللّهُمَّ ، إحْفَظْني بِحِفْظِ الإِيمَانِ (2) مِنْ بَيْنَ يَدَيَّ ، وَمِنْ خَلْفهي ، وَعَنْ يَمِيني وَعَنْ شِمَالِي ، وَمِنْ فَوْقي ، وَمِنْ تَحْتي ، وَمِنْ قِبَلْي ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ ، نَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةِ ، مِنْ كُلِّ سُوءٍ ، وَشَرِّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
    اللّهُمَّ ؛ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ، وَمِنْ ضَغْطَةِ القَبْرِ ، وَمِنْ
1 ـ اصول الكافي 2 / 523.
2 ـ بحفظ الايمان : على حذف المضاف اي بحفظ أهل الايمان.


(282)
ضِيقِ القَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ سَطَوَاتِ اللّيْلَ وَالنَّهَارِ ، اللّهُمَّ ، رَبَّ المَشْعَرِ الحَرَامِ ، وَرَبَّ ِالبَلَدِ الحَرَامِ ، وَرَبِّ الحِلِّ وَالحَرَمِ ، أَبْلِغْ مُحَمَّداً وِآلِ مُحَمَّدٍ عَنِّي السَّلَامُ.
    اللّهُمَّ ، أنِّي أَعُوذُ بِدَرْعِكَ الحَصِينَةِ ، وَأَعُوذُ بِجَمْعِكَ أَنْ لا تُمِيتَني غَرَقاً أَوْ حَرْقاً ، أَوْ شَرَقاً ، أَوْ قَوَداً ، أَوْ صَبْراً ، أَوْ مُسَماً ، أَوْ تَرَدِياً في بِئْرٍ ، أَوْ أَكِيلَ سَبُعَ ، أَوْ مَوْتَ الفُجْأَةِ ، أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ مِيتَاتِ السُوءِ ، وَلكِنْ أَمِتْني على فِرَاشِي في طَاعَتِكَ ، وَطَاعَةِ رَسُوُلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، مُصِيباً لِلْحَقِّ غَيْرَ مُخْطِىءٍ أَوْ في الصَّفِِّ الذي نَعتَّهُمْ في كِتَابِكَ « كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ » أُعِيذُ نَفْسِي ، وَوَلَدي ، وَمَا رَزَقَني رَبِّي ، بِقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ـ وَكَانَ يَقْرَأُ السُّورَةَ ـ الحَمْدُ للهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ ، وَالحَمْدُ للهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، وَالحَمْدُ للهِ رِضَا نَفْسِهِ ، وَلا إلهَ إلاَّ اللهُ الحَلِيمُ الكَرِيمُ ، وَلا إلهَ إلاَّ اللهُ العَلِيُّ العَظِيمِ ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ السَّموَاتِ وَالَأرَضِينَ ، وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبِّ العَرْشِ العَظِيمِ.
    اللّهُمَّ ، إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ ، وَمِنْ شَمَاتَةِ الَأعْدَاءِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الفَقْرِ وَالوَقْرِ (1) وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ سُوءِ المَنْظَرِ ، في الَأهْلِ وَالمَالِ وَالوَلَدِ .. »
    وكان أبو جعفر عليه السلام ، يصلي على النبي وآله عشر مرات بعد هذا الدعاء (2).
    ويلمس في هذا الدعاء الشريف ، مدى اعتصام الامام أبي جعفر عليه
1 ـ الوقر : الثقل في السمع.
2 ـ اصول الكافي 2 / 525 ـ 526.


(283)
السلام بالله تعالى ، وإلتجائه إليه ، وقد سأل من الله عزوجل أن يميته ميتة كريمة في طاعة الله وطاعة رسوله مصيبا للحق غير مخطئ ولا منحرف عنه.
    2 ـ قال عليه السلام : كان أبي يقول وهو ساجد :
    « يا ثِقَتي وَرَجَائي ، في شِدَّتي وَرَخَائي : صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَألْطَفْ بي في جَمِيعِ أَحْوَالي ، فَإنَّكَ تَلْطُفُ بِمَنْ تَشَاءُ ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَسَلَّمْ تَسْليماً كَثِيراً .. » (1).
    3 ـ قال عليه السلام : كان أبي يقول في دعائه :
    « رَبِّ أصْلِحْ نَفْسِي ، فَإنَّهَا أَهَمُّ اَلَأنْفُسِ إلَيَّ ، رَبِّ أَصْلِحْ لي ذُرِّيَتي فإنَّهُمْ يَدِي وَعَضُدِي ، رَبِّ أَصْلِحْ لي أَهْلَ بَيْتي فَإنَّهُمْ لَحْمي وَدَمي ، رَبِّ أَصْلِحْ لي جَمَاعَةَ إخْوَاني ، وَأَخَوَاتي ، وَمُحِبِيَّ فَإنَّ صَلَاحَهُمْ صَلَاحِي .. » (2)
    إن أدعية أئمة أهل البيت عليهم السلام ، بلسم للقلوب ، وضياء للنفوس ، وهي من أهم الثروات الروحية ، التي يملكها المسلمون.
    4 ـ قال عليه السلام : كان من دعاء أبي في الامر الذي يحدث :
    « اللّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لي ، وَارْحَمْني ، وَزَكِّ عَمَلِي ، وَيَسِّرْ مُنْقَلَبي ، وَاهْدِ قَلْبِي ، وَآمِنْ خَوْفي ، وَعَافِني في عُمْري كُلِّهِ ، وَثَبِّتْ حُجَّتي ، وَاغْفِرْ خَطَايَايَ ، وَبَيِّضْ وَجْهِي ، وَاعْصِمْني في دِيني ، وَسَهِّلْ مَطْلَبي ، وَوَسِّعْ عَلَيَّ في رِزْقي ، فَإنِّي ضَعِيفٌ ، وَتَجَاوَزْ
1 ـ قرب الاسناد ( ص 7 ).
2 ـ قرب الاسناد ( ص 7 ).


(284)
عَن سَيِّئَةِ ما عِنْدي بِحُسْنِ مَا عِنْدَكَ ، وَلا تَفْجَعْني بِنَفْسي ، وَلا تَفْجَعْ لي حَمِيماً ، وَهَبْ لي يا إلهي لَحْظَةً مِنْ لحَظَاتِكَ ، تَكْشِفُ عَنِّي جَمِيعَ ما بِهِ ابْتَلَيْتَني ، وَتَرُدُّ بِهَا عَلَيَّ ما هُوَ أَحْسَنُ عَادَتِكَ عِنْدِي ، فَقَدْ ضَعُفَتْ قُوَّتِي ، وَقَلَّتْ حِيلَتي ، وَانْقَطَعَ مِنْ خَلْقِكَ رَجَائي ، وَلَمْ يَبْقَ إلاَّ رجَاؤُك وَتَوَكُّلي عَلَيْكَ ، وَقُدْرَتُكَ عَلَيَّ ، يا رَبُّ إنْ تَرْحَمْني وَتُعَافِنِي كَقُدْرَتِكَ عَلَيّ إنْ تُعَذَّبْني ، وَتَبْتَلِني.
    إلهي : ذِكْرُ عَوَائِدِكَ يُؤْنِسُني ، وَالرَجَاءُ لإِتْمَامِهَا يُقَوِّيَني ، وَلَمْ أَخْلُ مِنْ نِعَمِكَ مُنْذُ خَلَقْتَني ، وَأَنْتَ رَبِّي ، وَسَيِّدي ، وَمُفْزَعي وَمَلْجَئي ، وَالحَافِظُ لي ، وَالذَّابُ عَنِّي ، وَالرَّحِيمُ بي ، وَالمُتَكَفّلُ بِرِزْقي ، وَفي قَضَائِكَ وَقُدْرَتِكَ ، كُلَّ ما أَنَا فِيهِ ، فَليَكُنْ يا سَيِّدي وَمَوْلَايَ في ما قَضَيْتَ ، وَقَدَرْتَ ، وَحَتَمْتَ تَعْجِيلَ خَلَاصِي مِمَّا أَنَا فِيهِ جَمِيعِهِ ، وَالعَافِيَةِ لي ، فَإني لا أَجِدُ لِدَفْعَ ذلِكَ أَحَداً غَيْرَكَ ، وَلَا أَعْتَمِدُ فِيهِ إلاَّ عَلَيْكَ ، فَكُنْ يا ذَا الجَلَالِ عَنْدَ أَحْسَنِ ظَني بِكَ ، وَرَجَائي لَكَ ، وَارْحَمْ تَضَرُّعِي وَاسْتِكَانَتِي ، وَضَعْفَ رُكْنِي ، وَامْنُنْ بِذلِكَ عَلَيَّ ، وَعلى كُلِّ دَاعِ دَعَاكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ... » (1)
    5 : ـ قال عليه السلام : كان أبي يقول :
    « اللّهُمَّ ، أَلْبِسْني العَافِيَةَ حَتَّى تُهْنِئَني المَعِشَةَ ، وَارْزُقْني مِنْ فَضْلِكَ ما تُغْنِينِي بِهِ عَنْ سَائِرِ خَلْقِكَ ، وَلا أَشْتَغِلُ عَنْ طَاعَتِكَ لِبَشَرٍ سِوَاكَ .. » (2)
    وطلب الامام عليه السلام ، في هذا الدعاء ، من الله تعالى ، أن يمنحه
1 ـ اصول الكافي 2 / 558.
2 ـ قرب الاسناد ( ص 7 ).


(285)
العافية ، وهي من أثمن ما يتطلبه الانسان في هذه الحياة ، كما سأل فيه أن يفيض عليه ، من رزقه ، والسعة في عيشه ، حتى يكون حرا فلا يشتغل عن طاعة الله عزوجل ، بالخضوع لغيره من المخلوقين.
    6 ـ قال عليه السلام : كان أبي يقول في سجوده :
    « اللّهُمَّ إنْ ظَنَّ النّاسِ بي حَسَنٌ ، فَاغْفِرْ لي مَا لا يَعْلَمُونَ ، وَلَا تُؤَاخِذْني بِمَا يَقُولُونَ ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ .. » (1)
    7 ـ : قال عليه السلام : كان أبي يصلي في جوف النهار ، فيسجد السجدة ، فيطيل حتى يقال : إنه راقد ، فما يصحو فيها إلا وهو يقول :
    « لا إلهَ إلاَّ اللهُ حَقّاً ، حَقّاً ، سَجَدْتُ لَكَ يا رَبِّي تَعَبُداً وَرِقّاً ، وَإيمَاناً وَتَصْدِيقاً ، وَإخْلَاصاً ، يا عَظِيمُ ، يا عَظِيمُ ، إنَّ عَمَلِي ضَعِيفُ فَضَاعِفْهُ لي فَإنَّكَ جَوَادٌ كَرِيمٌ ، يا مَنَانَ اغْفِرْ لي ذُنُوبِي وَجُرْمي ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي عَمَلي ، يا جَبَّارُ ، يا كَرِيمُ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَخَيبَ أَوْ أَعْمَلَ ظُلْمَاً ... » (2)
    وبهذا ينتهي بنا المطاف ، عما يرويه ، من أدعية آبائه عليهم السلام ، وهي نماذح يسيرة ، عما يرويه عنهم ، من هذا التراث الروحي ، كما أن ما ذكرناه من أدعيته الشريفة ، لا يُلِّمُ بجميع ما أثر عنه فإن هناك طائفة أخرى ، من أدعيته ، ذكرت في كتب الادعية ، والحديث ، وقبل أن أقفل هذا الكتاب ، أتقدم بالشكر الجزيل والثناء العاطر والدعاء الخالص الى سماحة الحجة أخي العلامة الكبير الشيخ هادي شريف القرشي علي ما تفضل به من مراجعة
1 ـ قرب الاسناد ( ص 6 ـ 7 ).
2 ـ قرب الاسناد ( ص 4 ).


(286)
الكتاب ، وأبداء كثير من الملاحظات القيمة فيه ، سائلا من الله تعالى أن يكتب له المزيد من الاجر ، ويجزيه عني أفضل ما يجزي أخا عن أخيه.
الصحيفة الصادقية ::: فهرس