التوحيد ::: 346 ـ 360
(346)
    3 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن عبيد بن زرارة ، قال : حدثني حمزة ابن حمران ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاستطاعة فلم يجبني ، فدخلت عليه دخلة أخرى فقلت : أصلحك الله أنه قد وقع في قلبي منها شيء لا يخرجه إلا شيء أسمعه منك ، قال : فإنه لا يضرك ما كان في قلبك : قلت : أصلحك الله فإني أقول : إن الله تبارك وتعالى لم يكلف العباد إلا ما يستطيعون وإلا ما يطيقون ، فإنهم لا يصنعون شيئا من ذلك إلا بإرادة الله ومشيته وقضائه وقدرة ، قال : هذا دين الله الذي أنا عليه وآبائي أو كما قال. (1)
    قال مصنف هذا الكتاب : مشية الله وإرادته في الطاعات الأمر بها والرضا ،
1 ـ أي قال عليه السلام : هذا دين الله ـ الخ أو قال ما أشبه هذا مما يفيد معناه.

(347)
وفي المعاصي النهي عنها والمنع منها بالزجر والتحذير. (1)
    4 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما ، قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن محمد بن يحيى الصيرفي ، عن صباح الحذاء ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سأله زرارة وأنا حاضر فقال : أفرأيت (2) ما افترض الله علينا في كتابه وما نهانا عنه جعلنا مستطيعين لما افترض علينا مستطيعين لترك ما نهانا عنه ، فقال : نعم.
    5 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله ، قال : حدثنا أبي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن بكير ، عن حمزة بن حمران ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن لنا كلاما نتكلم به ، قال : هاته ، قلت : نقول : إن الله عزوجل أمر ونهى وكتب الآجال والآثار لكل نفس بما قدر لها وأراد ، وجعل فيهم من الاستطاعة لطاعته ما يعملون به ما أمرهم به وما نهاهم عنه (3) فإذا تركوا ذلك إلى غيره كانوا محجوجين بما صير فيهم من الاستطاعة و القوة لطاعته ، فقال : هذا هو الحق إذا لم تعده إلى غيره.
    6 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله ، قالا :
    حدثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي جميلة المفضل بن صالح ، عن محمد ابن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : ما أمر العباد إلا بدون سعتهم ، فكل شيء أمر الناس بأخذه فهم متسعون له ، وما لا يتسعون له فهو موضوع عنهم ، ولكن الناس لا خير فيهم.
1 ـ لا بأس بأن يكون مراده الإرادة والمشيئة والقضاء والقدر التكوينية لأن أفعال العباد ليست خارجة عنها ولا ينافي ذلك اختيارهم.
2 ـ في نسخة ( و ) و ( ن ) و ( ب ) ( أرأيت ) :
3 ـ ( ما أمرهم به ) مفعول لقوله : يعملون ، وكذا ما نهاهم عنه من باب ( علفتها تبنا وماء باردا ) أي ويتركون ما نهاهم عنه.


(348)
    7 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الاستطاعة ، فقال : يستطيع العبد بعد أربع خصال : أن يكون مخلى السرب ، صحيح الجسم ، سليم الجوارح ، له سبب وارد من الله عزوجل ، قال : قلت : جعلت فداك فسرها لي ، قال : أن يكون العبد مخلى السرب ، صحيح الجسم ، سليم الجوارح ، يريد أن يزني فلا يجد امرأة ثم يجدها ، فإما أن يعصم فيمتنع كما امتنع يوسف ، أو يخلى بينه وبين إرادته فيزني فيسمى زانيا (1) ولم يطع الله بإكراه ولم يعص بغلبة (2).
1 ـ تخلية السرب هي عدم المانع ، وصحة الجسم أن لا يكون مريضا ضعيفا يعاف العمل أو لا يقوى عليه ، وسلامه الجوارح أن يكون له آلة العمل بأن لا يكون عنينا أو أعمى أو أصم أو مشلولا أو غير ذلك ، والسبب الوارد من الله تعالى هو الأسباب التي ليست عند العبد بنفسه ، والحاصل أن لا يكون له مانع من الخارج أو الداخل ويكون له الأسباب من الداخلية والخارجية ، فعند ذلك يحصل له التمكن ولا يبقى له شيء لاختيار أحد الطرفين من الفعل و الترك فإن فعل القبيح فبتخليه الله إياه بينه وبن إرادته ، وإن تركه فبالعصمة المانعة ، فهي إما بالقوة القدسية كما في الأنبياء والأوصياء عليهم السلام ، أو بالعقل القاهر كما في المؤمنين ، أو بأن يحول بينه وبين قلبه فينفسخ العزم وينتقض الهم ، أو بان يعدم ما لوجوده دخل في الفعل ، أو يوجد ما لعدمه دخل فيه ، فمراده عليه السلام بالعصمة ما هو أعم من المصطلحة. وأما الحسن فإنه تركه فبتخلية الله إياه وإن فعل فبتوفيقه تعالى بعد الاستطاعة إذ الاستطاعة على الحسن لا تستلزمه وإن كانت حاصلة في الحال وانتفاء الموانع لأن الإنسان كثيرا ما يتمكن من إتيان الحسن ولا يأتيه ، اذكر قول العبد الصالح شعيب النبي على نبينا وآله وعليه السلام ( إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ) ، وللتوفيق علل كالعصمة فافحصها ، ثم إن العبد بعد ما كان له صفة الاختيار لا يستحق من الله تعالى العصمة و التوفيق فإن صنعهما الله تعالى به فبفضله وإن كان أصل الاختيار وعلله أيضا بفضله ، هذه جملة أن تهتد إلى تفاصيلها لم يبق لك شبهة في مبحث الأفعال.
2 ـ الفعلان على بناء المجهول ، والمعنى : لا يكره الله عباده على إطاعته ، بل يعصم ويوفق وهما لا يصلان إلى حد الاكراه ، ولا يعصيه عباده بالغلبة عليه سبحانه وتعالى لأنه قادر على منعهم عن المعصية ، بل يخلى بينهم وبين إرادتهم.


(349)
    8 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن إسماعيل بن الجابر ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن الله عزوجل خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه ، وأمرهم ونهاهم ، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به ، وما نهاهم عنه فقد جعل لهم السبيل إلى تركه ، ولا يكونوا (1) آخذين ولا تاركين إلا بإذن الله عزوجل ، يعني : بعلمه (2).
    9 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن حمزة بن محمد الطيار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل :
    ( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) (3) قال : مستطيعون ، يستطيعون الأخذ بما أمروا به والترك لما نهوا عنه ، وبذلك ابتلوا ، ثم قال : ليس شيء مما أمروا به ونهوا عنه إلا ومن الله تعالى عزوجل فيه ابتلاء وقضاء (4).
    10 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن موسى بن المتوكل رحمهما الله قالا : حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
1 ـ بحذف النون مجزوما عطف على الجزاء في الجملتين ، ومثله في الحديث الأول من الباب التاسع والخمسين ، ونسخة ( ج ) و ( ط ) ( ولا يكونوا فيه ـ الخ ) فالضمير المجرور يرجع إلى المأمور به والمنهي عنه ، وفي البحار المطبوع حديثا في باب القضاء والقدر :
    ( ولا يكونون فيه ـ الخ ).
2 ـ الظاهر أن هذا تفسير من بعض الرواة أو من الصدوق ـ رحمه الله ـ كما استظهره المجلسي ـ رحمه الله ـ وقد مضى بيان الإذن في الحديث الحادي عشر من الباب السابق.
3 ـ القلم : 43.
4 ـ أي امتحان وحكم بالثواب أو العقاب.


(350)
قول الله عزوجل : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) قال :
    يكون له ما يحج به ، قلت : فمن عرض عليه الحج فاستحيا ؟ قال : هو ممن يستطيع.
    11 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
    من عرض عليه الحج ولو على حمار أجدع مقطوع الذنب فأبى فهو ممن يستطيع الحج.
    12 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن سعيد بن جناح ، عن عوف بن عبد الله الأزدي ، عن عمه ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاستطاعة ، فقال : وقد فعلوا (1) فقلت : نعم ، زعموا أنها لا تكون إلا عند الفعل وإرادة في حال الفعل لا قبله (2) فقال أشرك القوم (3).
    13 ـ حدثنا أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عمن رواه من أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
    سمعته يقول : لا يكون العبد فاعلا إلا وهو مستطيع وقد يكون مستطيعا غير فاعل ولا يكون فاعلا أبدا حتى يكون معه الاستطاعة.
    14 ـ حدثنا أبي رحمه الله قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل :
    ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) ما يعني بذلك ؟ قال : من كان
1 ـ هذا إخبار ، أي وقد فعلوا ما يوجب أمثال هذه الضلالات في الدين.
2 ـ قوله : ( وإرادة ) بالجر عطف على الفعل ، وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) بصيغة اسم الفاعل المؤنث من الورود فهو خبر للاتكون.
3 ـ إشراكهم ليس لأجل هذه العقيدة خاصة ، بل لما فعلوا في أصل الدين ، ويحتمل ذلك لأن هذه العقيدة من لوازم الجبر المستلزم إسناد الظلم والفواحش إليه تعالى.


(351)
صحيحا في بدنه ، مخلى سربه ، له زاد وراحلة.
    15 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الله بن محمد الحجال الأسدي ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عبد الأعلى بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه السلام في هذه الآية ( لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون ) (1) أنهم كانوا يستطيعون وقد كان في العلم أنه لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لفعلوا.
    16 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن عبد الله ، عن أحمد ابن محمد البرقي (2) عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : ( وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم أنهم لكاذبون ) قال : أكذبهم الله عزوجل في قولهم : ( لو استطعنا لخرجنا معكم ) وقد كانوا مستطيعين للخروج.
    17 ـ حدثتا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله ، قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن عبد الله ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي الحسن الحذاء ، عن المعلى بن خنيس ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما يعني بقوله عزوجل : ( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) ؟ (3) قال : و هم مستطيعون.
    18 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا سعد ابن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن عبد الحميد ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا يكون العبد فاعلا ولا متحركا إلا والاستطاعة معه من الله عزوجل وإنما وقع التكليف من الله بعد الاستطاعة ، فلا يكون مكلفا للفعل إلا مستطيعا.
1 ـ التوبة : 42.
2 ـ كذا ، ولا يعرف الرجل في أصحاب الصادق عليه السلام وفي نسخة ( و ) و ( ه‍ ) ( عن أبي محمد البرقي ).
3 ـ القلم : 43.


(352)
    19 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما كلف الله العباد كلفة فعل ولا نهاهم عن شيء حتى جعل لهم الاستطاعة ثم أمرهم ونهاهم ، فلا يكون العبد آخذا ولا تاركا إلا باستطاعة متقدمة قبل الأمر والنهي وقبل الأخذ والترك وقبل القبض والبسط.
    20 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : لا يكون من العبد قبض ولا بسط إلا باستطاعته متقدمة للقبض والبسط.
    21 ـ حدثنا أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي شعيب المحاملي ، وصفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سمعته يقول وعنده قوم يتناظرون في الأفاعيل والحركات فقال : الاستطاعة قبل الفعل ، لم يأمر الله عزوجل بقبض ولا بسط إلا والعبد لذلك مستطيع.
    22 ـ حدثنا أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن مروك بن عبيد ، عن عمرو رجل من أصحابنا (1) عمن سأل أبا عبد الله عليه السلام فقال له : إن لي أهل بيت قدرية يقولون : نستطيع أن نعمل كذا وكذا ونستطيع أن لا نعمل ، قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : قل له : هل تستطيع أن لا تذكر ما تكره وأن لا تنسى ما تحب ؟ فإن قال : لا فقد ترك قوله ، وإن قال : نعم فلا تكلمه أبدا فقد ادعى الربوبية.
    23 ـ حدثنا أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو الخير صالح بن أبي حماد ، قال : حدثني أبو خالد السجستاني ، عن علي بن يقطين ، عن أبي إبراهيم عليه السلام ، قال : مر أمير المؤمنين عليه السلام بجماعة بالكوفة وهم
1 ـ قوله : ( رجل ) بالجر بدل عن ( عمرو ) ولكون الواو بعد عمر للعطف احتمال.

(353)
يختصمون في القدر ، فقال لمتكلمهم : أبالله تستطيع أم مع الله أم دون الله تستطيع ؟!
    فلم يدر ما يرد عليه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : إنك إن زعمت أنك بالله تستطيع فليس لك من الأمر شيء (1) وإن زعمت أنك مع الله تستطيع فقد زعمت أنك شريك معه في ملكه ، وإن زعمت أنك من دون الله تستطيع فقد ادعيت الربوبية من دون الله ، عزوجل ، فقال : يا أمير المؤمنين لا ، بل بالله أستطيع ، فقال عليه السلام : أما إنك لو قلت غير هذا لضربت عنقك.
    24 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : رفع عن أمتي تسعة : الخطأ ، و النسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يطيقون ، وما لا يعلمون ، وما اضطروا إليه ، و الحسد ، والطيرة ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة. (2)
    25 ـ حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي ( ره ) بفرغانة ، قال : حدثنا أبي ، عن أحمد بن علي الأنصاري ، عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : سأل المأمون الرضا عليه السلام عن قول الله عزوجل : ( الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا ) (3) فقال عليه السلام : إن غطاء العين لا يمنع من الذكر ، و الذكر لا يرى بالعيون ، ولكن الله عزوجل شبه الكافرين بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام بالعميان لأنهم كانوا يستثقلون قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه ولا يستطيعون سمعا ، فقال المأمون : فرجت عني فرج الله عنك.
1 ـ أي شيء مما ادعيت من استقلالك في الأفاعيل والحركات ، وفي نسخة ( و ) و ( ج ) ( فليس إليك ـ الخ ).
2 ـ ليس المرفوع ذوات هذه الأمور قطعا ، بل المؤاخذة أو الأحكام التكليفية أو الوضعية أو كلتاهما كلا أو بعضا ، والتفصيل في محله ، وذكر الحديث هنا لذكر ما لا يطيقون فيه أي ما لا يستطيعون بالمعنى الثاني المذكور في صدر الباب.
3 ـ الكهف : 101.


(354)
    1 ـ أبي رحمه الله قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ابن عمران الأشعري ، عن محمد بن السندي ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما من قبض ولا بسط إلا ولله فيه المن والابتلاء.
    2 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن عيسى ابن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن حمزة بن محمد الطيار ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما من قبض ولا بسط إلا ولله فيه مشية وقضاء وابتلاء.
    3 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن حمزة بن محمد الطيار ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ليس شيء فيه قبض أو بسط مما أمر الله به أو نهى عنه إلا وفيه من الله عزوجل ابتلاء وقضاء (1)

    1 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله قال : حدثنا محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا علي بن محمد رفعه عن شعيب العقرقوفي ، عن أبي بصير ، قال : كنت بين يدي أبي عبد الله عليه السلام جالسا وقد سأله سائل فقال : جعلت فداك يا ابن رسول الله من أين لحق الشقاء أهل المعصية حتى حكم لهم في علمه بالعذاب على عملهم ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : أيها السائل علم الله عزوجل ألا يقوم أحد من خلقه بحقه ، فلما علم بذلك وهب لأهل محبته القوة على معرفته ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله (2) ووهب لأهل المعصية القوة على معصيتهم (3) لسبق علمه فيهم
1 ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( ليس شيء فيه قبض ولا بسط ـ الخ ).
2 ـ أي بحقيقة المحبة التي هم أهلها فإن المحبة تدفع ثقل العمل كما يشهد به الوجدان.
3 ـ مع أن كلا الفريقين قادرون على الطاعة والمعصية إلا أن محبة الله تدفع ثقل الطاعة وتمنع عن المعصية ، ومحبة النفس والدنيا تجر إلى المعصية وتثقل الطاعة ، فيصح حينئذ أن يقال : لهم القوة على المعرفة والطاعة ولهم القوة على المعصية.


(355)
ولم يمنعهم إطاقة القبول منه لأن علمه أولى بحقيقة التصديق ، فوافقوا ما سبق لهم في علمه ، وإن قدروا أن يأتوا خلالا تنجيهم عن معصيته (1) وهو معنى شاء ما شاء ، وهو سر (2).
1 ـ في الكافي باب السعاة والشقاوة : ( ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه ) وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم عن معصيته ) وقوله في النسختين :
    ( ولم يقدروا ) لا يناسب قوله : ( ولم يمنعهم اطاقة القبول منه ) لأنه تعالى إن لم يمنعهم ذلك فهم قادرون على أن يأتوا حالا تنجيهم عن معصيته فالمناسب ( وإن قدروا ) كما في سائر النسخ ، إلا أن في الكافي : ( ومنعهم إطاقة القبول ) فيناسب.
    ثم إن معنى الحديث على ما في الكتاب ظاهر لا إشكال فيه كما قلنا من قبل : إن كلا الفريقين قادرون ـ الخ ، وأما على ما في الكافي فمنع الإطاقة وعدم القدرة على ما ينجيهم من عذابه لأجل عدم المحبة له تعالى بحيث لا ينبعث إرادتهم على القبول لما من عنده من المعارف والأوامر والنواهي وغيرها وعلى الاتيان بما فيه رضى الرب تعال ومع عدم انبعاث الإرادة امتنع القبول والإتيان ، وعدم المحبة لأجل عدم المعرفة وهو معلول لعدم التوجه والاقبال إلى الحق وهو معلول للتغافل ثم الغفلة عن مبدئه ومعاده وهو معلول للاشتغال بما عنده من اللذات المادية وما في الدنيا من الأمور الفانية وتوهم أنها مطلوبة نافعة بما هي هي ، والحاصل أن امتناع الإطاقة وعدم القوة على الاتيان معلول لمنعه تعالى إياهم محبته فلذا أسنده إلى نفسه ، لكن ذلك ليس جزافا وظلما بل لعدم قابلية المحل لمحبته بسبب الاشتغال بمحبة نفسه ومحبة ما يراه ملائما لنفسه ، وببيان آخر أن القدرة قد يراد بها كون الفاعل بحيث يصح منه الفعل والترك ويمكنانه ، وقد يراد بها القوة المنبعثة في العضلات على الاتيان بعد تحقق الإرادة ، ويعبر عنها بالاستطاعة والإطاقة أيضا ، والمنفية عنهم في الحديث هي القدرة بالمعنى الثاني ، فتدبر.
2 ـ في الكافي : ( وهو سره ) والسر يأتي بمعنى الأمر المكتوم والأمر المعزوم عليه ، والأصل ، وجوف كل شيء ولبه ، وعلى نسخة الكتاب فالأنسب المعنى الأول ، فمعنى الكلام :
    وهو أي هبة القوة للفريقين معنى شاء ما شاء ، وهذا المعنى أمر مكتوم عن أفهام العامة. و على ما في الكافي فالأنسب أن يكون بمعنى الأصل ، فمعناه : وهو أي معنى شاء ما شاء أصل الأمر فيما قلت لك من شأن أهل المحبة وأهل المعصية.


(356)
    2 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل :
    ( قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا ) (1) قال : بأعمالهم شقوا.
    3 ـ حدثنا الشريف أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : حدثنا علي بن محمد ابن قتيبة النيسابوري ، عن الفضل بن شاذان ، عن محمد بن أبي عمير ، قال : سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله : ( الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه ) فقال : الشقي من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء (2) والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء ، قلت له : فما معنى قوله صلى الله عليه وآله : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق الله ) ؟ فقال : إن الله عزوجل خلق الجن والإنس ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه ، وذلك قوله عزوجل : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) (3) فيسر كلا لما خلق له ، فالويل لمن استحب العمى على الهدى. (4)
1 ـ المؤمنون : 106.
2 ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) في الموضعين : ( من علمه الله ).
3 ـ الذاريات : 56.
4 ـ في نسخة ( و ) بعد الحديث الرابع هكذا : ( قال مصنف هذا الكتاب : ولهذا الحديث معنى آخر وهو أن أم الشقي جهنم ، قال الله عزوجل : ( وأما من خفت موازينه فأمه هاوية ) والشقي من جعل في الهاوية ، والسعيد من أسكن الجنة ).
    أقول : وله معنى آخر مذكور في بعض الأخبار ، وهو أن ملك الأرحام يكتب له بإذن الله بين عينيه أنه سعيد أم شقي وهو في بطن أمه ، ومعنى آخر أن المراد بالأم دار الدنيا فإنه كما يولد من بطن أمه إلى الدنيا يولد من الدنيا إلى الآخرة فإحديهما حاصلة له في الدنيا بأعماله.


(357)
    4 ـ أبي رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن معلى أبي عثمان (1) عن علي بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : يسلك بالسعيد طريق الأشقياء حتى يقول الناس : ما أشبهه بهم بل هو منهم ثم يتداركه السعادة ، وقد يسلك بالشقي طريق السعداء حتى يقول الناس : ما أشبهه بهم بل هو منهم ثم يتداركه الشقاء. إن من علمه الله تعالى سعيدا وإن لم يبق من الدنيا إلا فواق ناقة ختم له بالسعادة. (2)
    5 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن الله عزوجل خلق السعاة والشقاوة قبل أن يخلق خلقه (3) فمن علمه الله سعيدا لم يبغضه أبدا ، وإن عمل شرا أبغض عمله ولم
1 ـ هو أبو عثمان معلى بن عثمان الأحول الكوفي الثقة الذي روي عن أبي عبد الله عليه السلام بلا واسطة أيضا ، وفي نسخة ( و ) و ( ه‍ ) عن معلى بن عثمان ، وأما معلى بن أبي عثمان كما في بعض النسخ فالظاهر أنه خطأ.
2 ـ الختم بالسعادة أو الشقاوة منوط بخير القلب وعدمه ، وهو ما أنبأ عنه في قوله تعالى : ( لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ) وقوله : ( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا ) وهذا الخير هو ميل القلب إلى الحق وحبه له كائنا ما كان وإن لم يعرف مصداقه واشتبه عليه الباطل به ، فإن على الله الهدى إن علم ذلك من عبده.
3 ـ في الكافي : ( فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه أبدا ـ الخ ) ( وإن كان شقيا لم يحبه أبدا ـ الخ ) أقول : لا شبهة أن السعادة التي هي الفوز بالمطلوب والشقاوة التي هي الحرمان عنه لاحقتان بالعبد إثر عقيدته وعمله كما صرح به في الحديث الأول ، فمعنى خلقهما قبل خلق الخلق خلق عللهما وأن لا تتم إلا باختيار العبد ، أو المعنى أنه تعالى خلقهما بخلق الإنسان الذي هو موضوعهما في العوالم السالفة كالميثاق والأرواح قبل أن يخلقه خلقة هذه النشأة ، أو معنى خلقهما تقديرهما في ألواح التقدير لا إيجادهما في موضوعهما.


(358)
يبغضه ، وإن كان علمه شقيا لم يحبه أبدا ، وإن عمل صالحا أحب عمله وأبغضه لما يصير إليه ، فإذا أحب الله شيئا لم يبغضه أبدا ، وإذا أبغض شيئا لم يحبه أبدا.
    6 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، وسعد بن عبد الله جميعا ، قالا : حدثنا أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) (1) قال : يحول بينه وبين أن يعلم أن الباطل حق (2) وقد قيل : إن الله تبارك وتعالى يحول بين المرء وقلبه بالموت (3) وقال أبو عبد الله عليه السلام : إن الله تبارك وتعالى ينقل العبد من الشقاء إلى السعادة ولا ينقله من السعادة إلى الشقاء. (4)
1 ـ الأنفال : 24.
2 ـ وكذا أن يعلم أن الحق باطل ، وهذا عام لكل أحد من الناس ، وذلك لأن اليقين من صنع الرب تعالى ، ولا يصنع في عبده اليقين بما خالف الحق ، بل إما يصنع اليقين أو لا يصنع ، ولما رواه العياشي في تفسيره عن الصادق عليه السلام أنه قال ( لا يستيقن القلب إن الحق باطل أبدا ولا يستيقن أن الباطل حق أبدا ) فأما المخالفون للحق الآخذون الباطل مكان الحق أو الحق مكان الباطل فهم إما مستيقنون بأنفسهم جاحدون بألسنتهم أو شاكون وإن استدلوا على ما بأيديهم ، وإلا لم يتم الحجة عليهم لأن اليقين حجة بنفسه مع أن لله تعالى الحجة البالغة على جميع خلقه ، والحاصل أن متعلق يقين القلب حق أبدا ، وأما الأباطيل فهي وراء اليقين ، فمن ادعى اليقين بباطل فهو كذاب مفتر.
3 ـ الظاهر أن نقل هذا القيل من الصدوق رحمه الله.
4 ـ إن قلت : إن كان المراد بالشقاوة والسعادة بحسب ما يراه الناس فالنقل ثابت من كل منهما إلى الآخر كما نطق به الحديث وشهد به الواقع ، وإن كان المراد بهما بحسب ما في علم الله فلا نقل أصلا لأن ما علمه تعالى لا يتغير ، قلت : إن الكلام منصرف عن هذا البحث بل المراد أن الله تعالى يلطف بأمور لبعض من يسلك سبيل الشقاوة فيقربه من سبيل السعادة لمصالح لشخصه أو لغيره سواء ختم أمره بالسعادة أو بالشقاوة ، ولا يمكر بمن يسلك سبيل السعادة بأمر فيقربه من سبيل الشقاوة سواء أيضا ختم أمره بها أو بها. والشاهد له الحديث السابع من الباب التالي ، ولا يبعد أن يكون الكلام ناظرا إلى مسألة البداء.


(359)
    1 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن الله عزوجل خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه ، وأمرهم ونهاهم ، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به ، وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه ، ولا يكونوا آخذين ولا تاركين إلا بإذن الله (1).
    2 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن حفص بن قرط ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من زعم أن الله تبارك وتعالى يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله ، و من زعم أن الخير والشر بغير مشية الله فقد أخرج الله من سلطانه ، ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله ، ومن كذب على الله أدخله الله النار. يعني بالخير والشر : الصحة والمرض ، وذلك قوله عزوجل : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) (2).
1 ـ هذا هو الحديث الثامن من الباب السادس والخمسين بسند آخر ، وفي نسخة ( و ) هنا : يعني بعلمه كما هناك.
2 ـ الأنبياء : 35 ، والظاهر أن قوله : ( يعني بالخير ـ الخ ) من الصدوق فإن الحديث مروي بعين السند في باب الجبر والقدر من الكافي إلى قوله : ( أدخله النار ) ثم إن مفاد الكلام أعم من هذا التفسير ، بل هو رد على المفوضة القائلين بأن مشيئة الله غير متعلقة بأفعال العباد.


(360)
    3 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن عن غير واحد ، عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله عليهما السلام ، قالا : إن الله عزوجل أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها ، والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون ، قال : فسئلا عليهما السلام ، هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة ؟ قالا : نعم ، أوسع مما بين السماء والأرض (1).
    4 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا الحسن ابن متيل (2) عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : الله تبارك وتعالى أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقونه والله أعز من أن يكون في سلطانه ما لا يريد 5 ـ حدثنا علي بن عبد الله الوراق رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ابن بطة ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، ومحمد بن علي بن محبوب ، ومحمد بن الحسين بن عبد العزيز ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ابن عيسى الجهني ، عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن الناس في القدر على ثلاثة أوجه : رجل يزعم أن الله عزوجل أجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم الله في حكمه فهو كافر ، ورجل يزعم أن الأمر مفوض إليهم فهذا قد أوهن
1 ـ سعته باعتبار مشيئة الله العامة لكل شيء في الوجود ، فإن الجبرية ضيقوا مشيئته تعالى لأنهم يقولون لا تتعلق بمشيئة العبد لفعله إذ لا مشيئة له ، والقدرية ضيقوها لأنهم يقولون لا تتعلق بها إذا لعبد مستقل في مشيئته ، ويرد قول الفريقين الحديث القدسي المشهور المروي عن النبي والأئمة عليهم السلام : ( يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ) وقد مضى في الباب الخامس والخمسين.
2 ـ بفتح الميم ، وقيل بضمها ، وفي نسخه ( و ) وصفة بالدقاق ، قال في قاموس الرجال :
    إن المصنف ( يعني الممقاني ) زاد في عنوانه الدقاق القمي ، والدقاق يستفاد من خبر مزار التهذيب وأما القمي فلم يعلم مستنده.
التوحيد ::: فهرس