2 ـ رأي المسلمين في التحريف
المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن ، وأن الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على النّبي الأعظم (ص) وقد صرّح بذلك كثير من الاعلام .
منهم : بطل العلم المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي (1) في مقدمة تفسيره ( آلاء الرحمن ) وقد نسب جماعة القول بعدم التحريف إلى كثير من الأعاظم منهم :
شيخ المشايخ المفيد [ محمد بن محمد النعمان ] وَالمُتَبَحّر الجامع الشيخ البهائي ، والمحقق القاضي نور الله ، وأضرابهم . وممّن يظهر منه
____________
(1) قال الشيخ آقا بزرك في طبقات أعلام الشيعة : الشيخ محمد جواد البلاغي المولود سنة ( 1282 هـ ) ـ والمتوفى سنة ( 1352 هـ ) هو : الشيخ محمد جواد بن الشيخ حسن ... ابن الشيخ محمد علي بن محمد البلاغي النجفي الربعي نسبة الى ربيعة القبيلة المشهورة . من مشاهير علماء الشيعة في عصره . علاّمة جليل ، ومجاهد كبير ، ومؤلف مكثر خبير .
( آل البلاغي ) من أقدم بيوتات النجف وأعرقها في العلم والفضل والأدب .
انجبت هذه الأسرة عدّة من رجال العلم والدين ... والمترجم من أعلام هذا البيت المعاصرين . كان أحد مفاخر العصر علماً وعملاً .
وإليك من مؤلفاته المطبوع منها : ( الهدى إلى دين المصطفى ) جزءان في الرد على عبدة الثالوث و ( أنوار الهدى ) في إبطال بعض الشبه الإلحادية و( الرحلة المدرسية ) أو المدرسة السيارة ثلاثة أجزاء في الرد على الملل الخاطئة طبع مرتين وترجم إلى الفارسية وطبع أيضاً و ( التوحيد والتثليث ) في الرد على النصارى أيضا و ( إبطال فتوى الوهابيين ) بهدم قبور البقيع ، ورسالة في إبطال فتوى الوهابيين أيضاً و ( البلاغ المبين ) في الالهيات و ( أجوبة المسائل البغدادية ) في أصول الدين ورسالة في وضوء الإمامية وصلاتهم ، وصومهم طبعت بالإنجليزية و ( العقود المفضلة ) في حلّ المسائل المشكلة في الفقه ، تعليقة على مباحث البيع من ( المكاسب ) للشيخ الأنصاري و ( آلاء الرحمن ) في تفسير القرآن طبع منه الجزءان الأول والثاني وهو آخر تأليفه ومن أثمن التفاسير وأليقها بهذا العصر . وأما غير المطبوع فهو كثير ... الخ .
( نقباء البشر في القرن الرابع عشر : 1/324ـ325 طبعة النجف الأشرف ـ العراق ) .

( 158 )

القول بعدم التحريف : كل من كتب في الإمامة من علماء الشيعة وذكر فيه المثالب ، ولم يتعرض للتحريف فلو كان هؤلاء قائلين في التحريف لكان ذلك أولى بالذكر من إحراق المصحف وغيره .
وجملة القول : إن المشهور بين علماء الشيعة الإمامية ومحقّقيهم ، بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف(1) .
(1)
____________
(1) البيان في تفسير القرآن ص 200 ، 201 .

( 159 )

رأي علماء الإماميَّة بعدم الزيادة والنقيصة في القرآن

ـ رأي الشيخ الصدوق طاب ثراه
قال العلامة الجليل المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي ( طاب ثراه ) في مقدمة تفسيره ( آلاء الرحمن ) المطبوعة في أوائل تفسير القرآن الكريم للعلامة الجليل المفسّر السيد عبد الله شبر(1) في القاهرة تحت عنوان : قول الإمامية بعدم النقيصة في القرآن:
ولا يخفى أن شيخ المحدثين والمعروف بالاعتناء بما يروي وهو الصدوق ( طاب ثراه ) (2) قال في كتاب ( الاعتقاد ) :

____________
(1) هو السيد عبد الله بن السيد محمد رضا شبر ولد رحمه الله في النجف الأشرف عام (1188هـ) وتوفي في مدينة الكاظمية قرب بغداد في ليلة الخميس من شهر رجب ( عام 1242هـ ) ودفن في رواق الكاظمين عليهما السلام .
وقال السيد الخوانساري في ( روضات الجنات ) :
السيد عبدالله بن محمد رضا العلوي الحسيني الكاظمي الشهير بشبر ( على زنه سكر ) .
كان من أعيان فضلاء هذه الأواخر ومحدثيهم . فقيهاُ ، متبحرا ، جامعاً ، متتبعاً متوطناً بأرض الكاظمين المطهرة على مشرّفيها السلام . وله مؤلفات كثيرة في التفسير، والحديث والفقه ، والأصول ، وغير ذلك .
(2) الشيخ الصدوق : من كبار علماء الإمامية في القرآن الثالث الهجري .

( 160 )

اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم هو ما بين الدفتين ، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة ، وعندنا : أن الضّحى ، وألم نشرح سورة واحدة ولإيلاف ، وألم تر كيف .. سورة واحدة ، ومن نسب إلينا أنا نقول : أكثر من ذلك فهو كاذب (1) .
وقال الشيخ المفيد (2) محمد بن محمد بن النعمان ( طاب ثراه ) :

____________
=
ولد في مدينة قم المقدسة ( عام 306هـ ) ( وهي أولى سني سفارة الحسين ابن روح وهو السفير الثالث من السفراء الأربعة الذين هم نواب الإمام المهدي المنتظر عليه السلام ، الإمام الثاني عشر عليه السلام في الغيبة الصغرى ) .
وتوفي في بلدة ري ـ طهران ـ ( عام 381 ) من الهجرة .
مؤلفاته كثيرة تعرض لذكرها بعض أرباب المعاجم . انظر :
رجال النجاشي ، فهرست الشيخ الطوسي ، خلاصة الأقوال للعلامة الحلّي ، معالم العلماء لابن شهر اشوب ، مستدرك الوسائل للعلامة النوري ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة للعلامة الكبير الشيخ آقا بزرك الطهراني وغيرها .
(1) كتاب ( الاعتقاد ) ص 63 طبع طهران ( عام 1370 هـ ) نشرته مكتبة العلامة الشيخ ميرزا حسن المصطفوي ، ( بحر الفوائد في شرح العقائد ) للعلاّمة الحجة الشيخ محمد حسن الآشتياني ص 98 طبع طهران ( عام 1314 هـ ) ، مقدمة تفسير ( الآء الرحمن ) المطبوعة في أوائل تفسير شبر بمصر ( عام 1385 ) هجرية . الوافي : 3/273 طبع على الحجر بطهران ( عام 1324 هـ ) .
(2) محمد بن محمد بن النعمان المفيد يكنى أبا عبد الله المعروف بابن المعلّم ، من جملة متكلّمي الإمامية ، انتهت إليه رياسة الإمامية في وقته ، وكان مقدماً في العلم ، وصناعة الكلام وكان فقيهاً متقدّماً فيه . حسن الخاطر، دقيق الفطنة ، حاظر الجواب ، وله قريب من مئتي مصنف كبار ، وصغار ، وفهرست كتبه معروف .
ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ( 338هـ ) وتوفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ثلاث عشر وأربعمئة ( 413هـ ) . وكان يوم وفاته يوماً لم يرأعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه ، وكثرة البكاء من المخالف والموافق . ومن كتبه :
كتاب المقنعة في الفقه ، وكتاب الأركان في الفقه ، ورسالة في الفقه إلى ولده لم يتمّها ، وكتاب الإرشاد ، وكتاب الإيضاح في الإمامة ...الخ
( انظر : فهرست الشيخ الطوسي ص 157 ـ 158 طبع النجف الأشرف ـ العراق ، رجال النجاشي ص 283 طبع الهند ، نقد الرجال للنقرشي ص 331 طبع إيران ذكر مولده في 11 =

( 161 )

وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة ، والكلمتان ، والحرف ، والحرفان وما أشبه ذلك ممّا لا يبلغ حدّ الإعجاز ، ويكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن ، غير أنّه لا بدّ متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه ، ويوضح لعباده عن الحق فيه .
ولست أقطع على كون ذلك بل أميل إلى عدمه وسلامة القرآن عنه (1) .

رأي الشريف المرتضى ( قدس سره ) :

قال الآشتياني :
وممّن صرَّح بعدم النقيصة علم الهدى (2) ( قدس سرّه ) قال في جملة كلام له في تقريب عدم حدوث التغيير في القرآن المنزل للإعجاز ما هذا لفظه :

____________
=
من ذي القعدة عام 336 هجري ، الكنى والألقاب للقمي 3/197 ، أعيان الشيعة للسيد الأمين 10/133 طبعة بيروت ( عام 1403هـ ) بتحقيق الأستاذ الكبير السيد حسن الأمين نجل المؤلف ، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 3/199 معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة طبع بيروت 11/306 ) .
(1) أوائل المقالات في المذاهب المختارات ص 95 طبع إيران .
(2) هو عليّ بن الحسين الموسوي المتقدّم ذكره وسبب تسميته بـ : « علم الهدى » أنّه مرض الوزير أبو سعيد محمد بن الحسين بن عبد الصمد في سنة عشرين وأربعمائة فرأى في منامه أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام يقول :
قل لعلم الهدى يقرأ عليك حتى تبرأ .
فقال يا اميرالمؤمنين : ومن علم الهدى ؟!
قال عليه السلام : عليّ بن الحسين الموسوي .
فكتب الوزير إليه بذلك ، فقال المرتضى رضي الله عنه :
الله الله في أمري فإن قبولي لهذا الّلقب شناعة عليَّ .
فقال الوزير : ما كتبت إليك إلاّ بما لقَّبك به جدّك أميرالمؤمنين عليه السلام ، فعلم القادر الخليفة بذلك ، فكتب إلى المرتضى تقبل يا عليّ بن الحسين ما لقَّبك به جدّك ؟ فقبل وأسمع الناس . انظر : ( الكنى والألقاب للقمّي : 2/412 ) .

( 162 )

المحكي : أن القرآن كان على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مجموعاً مؤلفاً على ما هو عليه الآن فإن القرآن كان يحفظ ، ويدرّس جميعه في ذلك الزمان حتّى عيّن على جماعة من الصحابة في حفظهم له ، وأنه كان يعرض على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ويُتلى عليه ، وإنّ جماعة من الصحابة مثل :
عبدالله بن مسعود ، وأُبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلّى الله عليه وآله وسلم عدّة ختمات وكلّ ذلك يدلّ بأدنى تأمل على أنه كان مجموعاً مرتَّباً غير منثور ، ولا مبثوث . إلى آخر ما ذكره (1).
وقال الشيخ الطوسي ( طاب ثراه ) (2) :

____________
(1) بحر الفوائد في شرح الفرائد : ص 99 طبع طهران ( عام 1314 هـ ) .
(2) هوالشيخ محمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة ولد في طوس ( من مدن خراسان ) في شهر رمضان ( سنة 358هـ ) وهاجر إلى العراق فهبط بغداد في ( سنة 408هـ ) وهو ابن ( 23) عاماً ، وكانت زعامة المذهب الجعفري فيها يومذاك لشيخ الأمة ، وعلم الشيعة محمد بن محمد بن النعمان الشهير بالشيخ المفيد فلازمه وعكف على الاستفادة منه ، حتى اختار الله للأستاذ دار لقائه في ( سنة 413هـ ) فانتقلت زعامة الدين ، ورياسة المذهب إلى السيد المرتضى طاب رمسه فانحاز شيخ الطائفة وحتى توفي لخمس بقين من ربيع الأول ( سنة 436هجرية ) فاستقلّ شيخ الطائفة بالإمامة ، وأصبح علماً للشيعة ، ومناراً للشريعة .
وفي حوادث سنة ( 449هـ ) كبست دار شيخ الطائفة بالكرخ وهاجر إلى النجف الأشرف لائذاً بجوار مولانا : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وصيّرها مركزاً للعلم ، وجامعة كبرى للشيعة الإمامية ، ولم يبرح شيخ الطائفة في النجف الأشرف مشغولاً بالتدريس ، والتأليف مدّة اثنتي عشرة سنة حتى توفي ليلة الإثنين (22) من المحرم ( سنة 460هـ ) عن ( 75) سنة ودفن في داره ، وتحوّلت الدار بعده مسجداً حسب وصيَّته تغمّده الله برحمته الواسعة ، انتهى تلخيصاً من ترجمته بقلم المؤرخ الشيخ آغا بزرك الطهراني وانظر : ( الكنى والألقاب للقمي 2/359)
وقال محمد بن علي الحموي في كتابه : ( التاريخ المنصوري ) تلخيص الكشف والبيان في حوادث الزمان طبع دار النشر للآداب الشرقية موسكو( 1963م ) :
« سنة ستين وأربعمائة مات أبو جعفر الطوسي فقيه الشيعة » .


( 163 )

اعلم إن القرآن معجزة عظيمة على صدق النبي عليه السلام ، بل هو أكبر المعجزات وأشهرها . غير أن الكلام في إعجازه ، واختلاف الناس فيه ، لا يليق بهذا الكتاب لأنه يتعلّق بالكلام في الاصول . وقد ذكره علماء أهل التوحيد ، وأطنبوا فيه ، واستوفوه غاية الاستيفاء . وقد ذكرنا منه طرفاً صالحاً في شرح الجمل ، لا يليق بهذا الموضع لأن استيفاءه يخرج به عن الغرض ، واختصاره لا يأتي على المطلوب ، فالإحالة عليه أولى .
والمقصود من هذا الكتاب علم معانيه ، وفنون أغراضه .
وأما الكلام في زيادته ، ونقصانه فممّا لا يليق به أيضاً لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها . والنقصان منه ، فالظاهر أيظاً من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الّذي نصره المرتضى رحمه الله (1) وهوالظاهر في الروايات ... ورواياتنا متناصرة بالحث على قراءته ، والتمسك بما فيه ، وردّ ما يرد من اختلاف الأخبار

____________
(1) هو عليّ بن الحسين الموسوي ولد في ( سنة 355هـ ) وتوفي لخمس بقين من شهر ربيع الأول ( 436هـ ) خلّف بعد وفاته ثمانين ألف مجلد من مقروءاته ، ومصنفاته ، ومحفوظاته . ومن الأموال ، والأملاك ما يتجاوز عن الوصف ، وصنف كتاباً يقال له : الثمانين ، وخلف من كل شيء ثمانين ، وعمّر إحدى وثمانين سنة . وبلغ في العلم وغيره مرتبة عظيمة .
قلّد نقابة الشرفاء شرقاً وغرباً ، وإمارة الحاج والحرمين ، والنظر في المظالم ، وقضاء القضاء وبلغ على ذلك ثلاثين سنة . ( الكنى والألقاب للقمي : 2/483 طبعة صيدا ـ لبنان ) .
وقال ابن العماد الحنبلي : كان إماماً في التشيّع ، والكلام ، والشعر ، والبلاغة كثير التصانيف متبحّراً في فنون العلم . أخذ عن الشيخ المفيد .
ونقل ابن العماد عن ابن خلكان قال : كان إماماً في علم الكلام ، والشعر ، والأدب ، وله تصانيف على مذهب الشيعة ، ومقالة في أصول الدين ، وله : ديوان شعر إذا وصف الطيف أجاد فيه .
( شذرات الذهب : 3/256 طبع القاهرة ) .

( 164 )

في الفروع إليه . وقد روي عن النبي ( ص ) رواية لا يدفعها أحد أنه قال :
( إنّي مخلّف فيكم الثقلين ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ) .
وهذا يدلّ على موجود في كل عصر . لأنه لا يجوز أن يأمر بالتمسك بما لا نقدر على التمسك به كما أن أهل البيت عليهم السلام ومن يجب اتباع قوله حاصل في كل وقت .
وإذا كان الموجود بيننا مجمعا على صحّته فينبغي أن نتشاغل بتفسيره ، وبيان معانيه ، ونترك ما سواه (1) .
وقال الشيخ الطبرسي طاب ثراه (2) في مقدّمة تفسيره :

____________
(1) تفسيرالتبيان : 1/3 المطبعة العلمية النجف الأشرف ـ العراق ( عام 1376هـ ) .
(2) هو: الفضل بن الحسن بن الفضل أمين الدين أبوعلي الطبرسي ثقة فاضل دّين عين من أجلاء هذه الطائفة له تصانيف حسنة منها كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن عشر مجلدات ، والوسيط في التفسير أربع مجلدات ، والوجيزة مجلّدة .
انتقل رحمه الله من المشهد المقدس الرّضوي ـ على ساكنه من الصلاة أفضلها ، ومن التحيات أكملها ـ إلى سبزوار في شهور ثلاث وعشرين وخمسمائة ، وانتقل بها إلى دار الخلود ليلة النحر سنة ثمان وأربعين وخمسمائة رضي الله عنه .
( نقد الرجل ص 366 ط طهران للسيد مصطفى التفريشي وانظر ترجمته في أمل الآمل : 2/216 ط بيروت عام 1403 هـ ، وفي لؤلؤة البحرين ص 346 ط النجف الأشرف وفي : رياض العلماء 4/340 ط قم ـ إيران للميرزا عبد الله أفندي الأصبهاني وفي روضات الجنات : 5/375 ط قم ـ إيران للسيد الخوانساري ، وفي جامع الرواة 2/4 ط بيروت ، وذكرالسيد حسن الصدر في تأسيس الشيعة ص 419 ط بغداد وفاته سنة أربعين وخمسمائة ، والمحدث النوري في مستدرك الوسائل : 3/486 ط طهران ، وفي إيضاح المكنون 2/433 ط بيروت ، للبغدادي ، والشيخ عباس القمي في الفوائد الرضوية ص 350 ط طهران وفي الكنى والألقاب 2/440 ط النجف الأشرف ـ العراق ، والسيد محسن الأمين في : أعيان الشيعة : 8/398 ط بيروت عام 1403 بتحقيق ولده الأستاذ السيد حسن الأمين ) .

( 165 )

وقبل أن نشرع في تفسير السور ، والآيات ، فنحن نصدر الكتاب بذكر مقدّمات لا بدّ من معرفتها لمن أراد الخوض في علومه تجمعها فنون سبعة . وذكر في الفن الخامس رأي السيد الشريف الرضي وقال :
واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب : « المسائل الطرابلسيّات » وذكر في مواضع أن العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ، والحوادث الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإن العناية اشتدّت ، والدّواعي توفرت على نقله ، وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه فيما ذكرناه ، لأنّ القرآن معجزة النبوة ، ومأخذ العلوم الشرعية ، والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه ، وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه ، وقراءته ، وحروفه ، وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيراً ، أو منقوصاً مع العناية الصادقة ، والضبط الشديد ... الخ (1) .
***


رأي الفيض الكاشاني (2)
قال العلامة المولى محسن بن مرتضى المعروف بالفيض

____________
(1) مجموع البيان 1/15 مطبعة العرفان صيدا ـ لبنان وقد تقدم ذكر هذا التفسير في كشف الظنون : 2/1602 للحاج خليفة .
(2) قال الشيخ عباس القمي رحمه الله * محمد بن مرتضى المدعو بمحسن الكاشاني كان المحدث الكاشاني من أرباب العلم والفهم والمعرفة والمكاشفة ومن العرفاء الشامخين والعلماء المحدثين .
يروي عن جماعة من المشايخ وأسانيد الدين كالشيخ البهائي والمولى محمد طاهر القمي والمولى خليل القزويني والشيخ محمد ابن صاحب المعالم والموالى محمد صالح المازندراني =

( 166 )

الكاشاني : قال عز وجل : ( وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) .
وقال : ( إنا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون ).
فكيف يتطرّق إليه التحريف والتغيير ؟!!
وأيضاً قد استفاض عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام حديث عرض الخبر المروى على كتاب الله ليعلم صحّته بموافقته له ، وفساده بمخالفته ، فإذا كان القرآن الذّي بأيدينا محرَّفاً فما فائدة العرض ، مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله ، مكذّب له ، فيجب ردّه ، والحكم بفساده (2) .
وقال العلاّمة الكبير الشيخ جعفر الجناجي النجفي (3) :

____________
=
والسيد ماجد البحراني والشيخ سليمان الماحوزي والمولى محمد بن إبراهيم الشيرازي إلى غيرذلك .
(*) فوائد الرضوية في أحوال علماء الجعفرية ص 640ـ 641 .
وقال الشيخ عباس القمي طاب ثراه : **
الفيض لقب العالم الفاضل ، الكامل العارف ، المحدث المحقق ، المدقق ، الحكيم المتأله ، محمد بن مرتضى المدعو بالمولى محسن القاشاني صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة كالوافي ، والصافي ، والشافي ، والمفاتيح والنخبة والحقايق ، وعلم اليقين ، وعين اليقين ، وخلاصة الأذكار، وتشارة الشيعة ، ومحجة البيضاء في إحياء ، إلى غير ذلك مما يقرب من مئة تصنيف .
توفي سنة ( 1091هجرية ) في بلدة كاشان ودفن بها . ( الكنى والألقاب : 3/39ـ40 ) .
وانظر ترجمته في : معجم المؤلفين 12/12 ومؤلفاته : في إيضاح المكنون في الذيل على كشف الفنون .
(2) تفسير الصافي : 1/33 ، 34 طبع المكتبة الإسلامية بطهران ( عام 1384هـ ) .
(3) هو الشيخ الأكبر الشيخ جعفر بن الشيخ خضر الجناجي النجفي المتوفّى في شهر رجب ( سنة 1328هـ ) وقبره في النجف مزار مشهور .
قال العلاّمة النّوري في ( مستدرك الوسائل ) هو : آية من آيات الله العجيبة التي تقصر عن دركها العقول ، وعن وصفها الألسن ، فإن نظرت إلى علمه فكتابه : ( كشف الغطاء ) الّذي ألَّفه في سفره ينبئك عن أمرعظيم ، ومقام علّي في مراتب العلوم الدينّية أصولاّ ، وفروعاً . =

( 167 )

المبحث السابع في زيادته :
لا زيادة فيه من سورة ، ولا آية من بسملة وغيرها لا كلمة ، ولا حرف .
وجميع ما بين الدفتين ممّا يتلى كلام الله تعالى بالضّرورة من المذهب بل الدين ، وإجماع المسلمين ، وأخبار النبي صلّى الله عليه وآله والأئمة الطاهرين عليهم السلام وإن خالف بعض من لا يعتدّ به في دخول بعض ما رسم في اسم القرآن .
المبعث الثامن في نقصه :
لا ريب في أنه محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديّان كما دلّ عليه صريح القرآن ، وإجماع العلماء في جميع الأزمان ، ولا عبرة بالنادر (1) .
رأي العلاّمة الآشتياني
وقال العلامة الكبير الحاج محمد حسن الآشتياني ( قدس سرّه ) (2) :

____________
=
وله كتاب كبير في الطهارة والصلاة سمّاه : ( بغية الطالب ) ، ورسالة في مناسك الحج ، والعقائد الجعفرية ، والحق المبين في الرد على الأخباريين . وله شرح على أبواب المكاسب من قواعد العلاّمة إلى غير ذلك . انظر : ( الكنى والألقاب للقمي : 3/101، 103) .
(1) كشف الغطاء عن خفيّات مبهمات شريعة الغرّاء كتاب القرآن المبحث 7/8 ص 298 طبع إيران .
(2) هو الحاج محمد حسن الأشتياني كان من تلامذة الحاج ميرزا حبيب الله الجيلاني الرشتي ، وكان فاضلاً مدقّقاً ، وعالماً محقّقاً في الأصول ، وله مصنفات كثيرة كـ : بحر الفوائد في شرح الفرائد ، وجملة أخرى من الرسائل في الفقه ، والمسائل .
كان في بداية أمره في كمال الفقر ، والفاقة . فجاء إلى طهران بالتماس بعض الأعيان فوسع الله عليه ، وصار ذا ثروة عظيمة ، ونال الرثاسة العامة ، ومات بهارحمة الله عليه ، في ( سنة 1319هـ ) .

=



( 168 )

والمشهور بين المجتهدين ، والأصوليَّين ، بل أكثر المحدّثين عدم وقوع التغيير مطلقاً بل ادّعى غير واحد الإجماع على ذلك (1).


رأي المجتهد الأكبر العاملي

وقال العلاّمة الكبير السيد محسن الأمين (2) :
ونقول : لا يقول أحد من الإمامية لا قديماً ، ولا حديثاً إن القرآن مزيد فيه ، قليل ، أو كثير فضلاً عن كلّهم ، بل كلّهم متفقون على عدم

____________
=
انظر : ( لباب الألقاب للمولى حبيب الله الشريف الكاشاني طبع بطهران ( عام 1378هـ) نشرته مكتبة العلامة الحاج ميرزا حسن مصطفوي ) .
(1) بحر الفوائد في شرح الفرائد ص 99 طبع طهران ( عام 1314هـ) .
(2) ولد السيد الأمين في مدينة شقرا من بلاد جبل عامل ( سنة 1284 هـ ) ، ووالده السيد عبدالكريم بن السيد علي كان تقياً نقيا صالحاً صواماً قواماُ طيب السريرة بكاء من خشية الله تعلم القرآن الكريم وسنه لم يتجاوزالسبع سنين بين ( سنة 1291و 1292هـ ) .
وقرأ ( قطرالندى ) لابن هشام في النحو، وشرح سعد الدين التفتازاني في الصرف بين ( سنة 1295هـ ) و ( 1296هـ ) على ابن عمه السيد محمد حسن في جبل عامل وقرأ شرح ألفية بن الناظم وشيئاً من المغني على السيد جواد مرتضى وقرأ على السيد نجيب الدين فضل الله العاملي في بنت جبيل المطول وحاشية ملا عبدالله وشرح الشمسية كلاهما في المنطق والمعالم إلى الاستصحاب وفي حوالي ( سنة 1310هـ ) عاد إلى النجف برفقة ابن عمه السيد محمود وقرأ شرح اللمعة على ابن عمه السيد محمود وعلى السيد أحمد الكربلائي والشيخ محمد باقر النجم آبادي قرأ عليهما القوانين وشرح اللمعة والرسائل وقرأ على شيخ الشريعة أكثر الرسائل في السطوح وقرأ على الشيخ ملا كاظم الخراساني صاحب الكفاية في الأصول وحاشية الرسائل وشرح التبصرة وقرأ على الشيخ آقا رضا الهمداني والشيخ محمد طه نجف : الفقه خارجاً .
مؤلفاته : أعيان الشيعة عشرة مجلدات كبار ، نقض الوشيعة ، تاريخ جبل عامل ، لواعج الأشجان كشف الارتياب وله مؤلفات في شتى العلوم في الحديث والمنطق ، وأصول الفقه ، والفقه ، والنحو ، والصرف ، والبيان وفي الردود والنقود.
وفاته : انتقل إلى جوار ربه في بيروت في 4 رجب ( عام 1371هـ ) ونقل إلى مقره الأخير في دمشق ودفن في حجرة من حجرات مقام السيدة زينب . انظر : أعيان الشيعة 10/333ـ 424 طبعة بيروت ( عام 1403هـ) .

( 169 )

الزيادة ، ومن يعتد بقوله من محققيهم متفقون على أنه لم ينقص منه (1) .
وقال السيد الشريف شرف الدين طاب ثراه (2) :
والقرآن الحكيم الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه إنما هو ما بين الدفتين ، وهو ما في أيدي الناس لا يزيد حرفاً ، ولا ينقص حرفاً ، ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة ، ولا لحرف بحرف ، وكل حرف من حروفه متواتر في كلّ جيل تواتراً قطعّياً إلى عهد الوحي ، والنبوة ، وكان مجموعا على ذلك العهد الأقدس مؤلفا على ما هو عليه الآن ، وكان جبرائيل عليه السلام يعارض رسول الله صلّى الله عليه وآله بالقرآن في كل عام مرّة ، وقد عارضه به عام وفاته مرتين .
والصحابة كانوا يعرضونه ، ويتلونه على النبي (ص) حتى ختموه عليه صلّى الله عليه وآله مراراً عديدة ، وهذا كلّه من الأمور المعلومة الضروريّة لدى المحققين من علماء الإمامية (3) .
ثم قال الإمام شرف الدين العاملي :

____________
(1) أعيان الشيعة : 1/43 الطبعة الخامسة وفي بدايتها مقدمة بقلم الشيخ محمد جواد العاملي .
(2) ولد الإمام شرف الدين في مدينة الكاظمية ـ العراق ( عام 1290هـ ) ودرس على عدد من الأساتذة الفحول من أقطاب العلم ، وقادة الإسلام ، أمثال : آية الله الشيخ محمد كاظم الشيرازي ، والشيخ محمد طه نجف ، والشيخ آقا رضا همداني ، والشيخ محمد جواد شريعت بدار وشيخ الشريعة الأصفهاني ، والشيخ عبدالله المازندراني ، والشيخ حسين النوري . ورفعت روحه الطاهرة إلى الرفيق الأعلى في ( 8 جمادي الآخرة سنة 1377هـ ) .
مؤلفاته : المراجعات ، الفصول المهمة ، النص والإجتهاد ، أبوهريرة ، الكلمة الغراء ، عقيلة الوحي ، مسائل فقهية ، أجوبة مسائل جارالله ، إلى المجمع العلي العربي بدمشق ، كلمة حول الرؤية ، فلسفة الميثاق والولاية ، وغيرها وقد تكررت طبعات هذه الكتب في مصر ولبنان والعراق ، وإيران . وترجم بعضها إلى لغة اردو والفارسية . أنظر: حياة الإمام شرف الدين في سطور للشيخ أحمد القبيسي ط بيروت ( 1400هجـ ) .
(3) الفصول المهمة في تأليف الأمة ص 163 الطبعة الثالثة ( عام 1375 ) هـ نشرتها مكتبة النجاح في النجف الأشرف ـ العراق .

( 170 )

نسب إلى الشيعة القول بتحريف القرآن بإسقاط كلمات وآيات الخ .
فأقول : نعوذ بالله من هذا القول ، ونبرأ إلى الله تعالى من هذا الجهل ، وكلّ من نسب هذا الرأي إلينا جاهل بمذهبنا ، أو مفتر علينا ، فإنّ القرآن العظيم ، والذكر الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته ، وسائر حروفه ، وحركاته ، وسكناته ، تواتراً قطعياً عن أئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام ، لا يرتاب في ذلك إلاّ معتوه ؛ وأئمة أهل البيت كلّهم أجمعون رفعوه إلى جدّهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم عن الله تعالى ، وهذا أيضاً ممّا لا ريب فيه ، وظواهر القرآن الحكيم ـ فضلاً عن نصوصه ـ أبلغ حجج الله تعالى ، وأقوى أدلّة أهل الحق بحكم الضرورة الأوّلية من مذهب الإمامية ، وصحاحهم في ذلك متواترة من طريق العترة الطاهرة ، وبذلك تراهم يضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقرآن عرض الجدار ولا يأبهون بها عملاً بأوامر أئمّتهم عليهم السلام . ( أجوبة مسائل جار الله ص 33 ط صيدا ( عام 1373 هـ ) ) .

رأي آية الله السيد البروجردي ( قدس سره )
نقل العلامة الشيخ لطف الله الصافي عن أستاذه آية الله السيد الحاج آقا حسين البروجردي (1) وقال : فإنه أفاد في بعض أبحاثه في

____________
(1) هو السيد آغا حسين بن السيد علي بن السيد أحمد بن السيد علي نقي بن السيد جواد بن السيد مرتضى (*) ابن محمد بن عبدالكريم الطباطبائي البروجردي أكبر زعيم ديني للإمامية اليوم ؛ ومن أشهر مشاهير علماء الشيعة المعاصرين .
ولد المترجم له في شهر صفر ( 1292هـ ) ـ كما حدثني به ـ ونشأ على أبيه فتلقى عنه بعض المبادىء وبعض العلوم ، وقرأ قسماً من المقدمات على غيره أيضاً ، وفي ( 1310هـ ) هاجر إلى إصفهان لتكميل دروسه إذ كان يومذاك من حملة العلم وأبطاله عدد لا يستهان به ـ فحضر

=