( 3 )
أروى بنت عبد المطلب (*)
ابن هاشم ، عمة النبي صلى الله عليه وآله ، كانت فصيحة اللسان بليغة
الكلام شاعرة ، وهي صحابية جليلة ، دافعت عن النبي صلى الله عليه وآله ،
وكانت تشجع ولدها على اتباع النبي صلى الله عليه وآله .
قال ابن سعد في الطبقات الكبرى : اُمها فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن
عمران بن مخزوم .
وفي الاستيعاب : اختلف في اُم اروى بنت عبد المطلب ، فقيل : اُمها
فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن مخزوم ، فلو صح هذا كانت شقيقة عبد الله والزبير
وأبي طالب وعبد الكعبة واُم حكيم واميمة وبرة .
وقيل اُمها صفية بنت جندب بن حجير بن رئاب بن حبيب بن سوأة
بن عامر بن صعصعة . فلو صح هذا كانت شقيقة الحارث بن عبد المطلب . وأهل
النسب لا يعرفون لعبد المطلب بنتاً إلا من المخزومية ، إلا صفية وحدها فإنها من
الزهرية .
وفي الطبقات : تزوجها في الجاهلية عمير بن وهب بن عبد مناف بن
____________
(*) انظري ترجمتها في : اُسد الغابة 5 : 227 ، أعلام النساء 1 : 32 ، أعيان الشيعة 3 : 245 ، أعيان النساء :
28 ، الاستيعاب ( المطبوع بهامش الإصابة ) 4 : 224 ، الاصابة 4 : 22 ، الطبقات الكبرى 8 : 42 ،
المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 4 : 52 ، رياحين الشريعة 3 : 331 ، سيرة ابن هشام 1 :
113 و 114 و 179 .
( 44 )
قصي ، فولدت له طليباً ، ثم خلف عليها أرطأة بن شرحبيل بن هاشم بن عبد
مناف بن عبد الدار بن قصي ، فولدت له فاطمة . ثم أسلمت أروى بمكة
وهاجرت إلى المدينة .

وروى ابن سعد أيضاً : أن طليب بن عمير أسلم في دار الأرقم بن ابي
الأرقم المخزومي ، ثم خرج فدخل على اُمه أروى ، فقال : تبعت محمداً وأسلمت
لله .

فقالت له : إن حق من وازرت وعضدت ابن خالك ، والله لو كنا نقدر على
ما يقدر عليه الرجال لتبعناه وذببنا عنه .

قال : فما يمنعك يا اُمي من أن تسلمي وتتبعيه ، فقد أسلم أخوك حمزة .

فقالت : انظر ما تصنع أخواتي ثم أكون إحداهن .

قال : فاني أسألك بالله إلا أتيتيه فسلمت عليه وصدقتيه وشهدت أن لا
إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله .

وكانت أروى شاعرة كأخواتها ، ومن شعرها ما رثت به أباها عبد المطلب
في حياته ، وذلك أنه جمع بناته في مرضه وهن : أروى ، واُم حكيم البيضاء ، وأميمة ،
وبرة ، وصفية ، وعاتكة . وأمرهن بأن يقلن في حياته ما يردن أن يرثينه بعد وفاته
ليسمع ما تريد أن تقول كل واحدة منهن ، فأنشأت كل واحدة منهن في رثائه ،
فقالت أروى تبكي أباها :
بكــت عيني وحق لها البكاء | * | على سمح سجيتـه الحيـــاء
|
علـــى سهل الخليقة أبطحي | * | كريم الخيم نيتـه العــــلاء
|
على الفياض شيبة ذي المعالي | * | أبوه الخير ليس لـه كفـــاء
|
طويل الباع أملس شيظمي (1) | * | أغر كأن غرتـه ضيــــاء
|
____________
(1) الشيظمي : الفتى الجسيم . الصحاح 5 : 1960 « شظم » .
( 45 )
أقب (1) الكشح أروع ذي فضول | * | له المجــد المقــدم والسنــاء
|
أبـــي الضيم أبلج هبرزي (2) | * | قديـم المجــد ليــس له خفـاء
|
ومعقــل مالك وربيع فهـــر | * | وفاصلها اذا التمــس القضــاء
|
وكان هو الفتى كرماً وجـــوداً | * | وبأساً حيــن تنسكــب الدمـاء
|
إذا هاب الكماة الموت حـــتى | * | كأن قلوب أكثـرهــم هــواء
|
مضــى قدماً بذي ربدٍ خشيب | * | عليه حيـن تبصــره البهــاء
|
وقالت ترثي النبي صلى الله عليه وآله :
ألا يـا رســول الله كنت رجاً لنا * وكنت بنا براً ولم تـك جافيــاً
كأن عـلــى قلبــي لذكر محمدٍ * وما خفت من بعد النبي المكاويـا
*
*
*
____________
(1) الأقب : الضامر البطن . الصحاح 1 : 197 « قبب » .
(2) هبرزي : هو كل جميل وسيم عند العرب . الصحاح 2 : 901 « هبرز » .
( 46 )
( 4 )
أسماء العامرية الأشبيلية

قال الشيخ ذبيح الله المحلاتي في كتابه « تراجم أعلام النساء » نقلاً عن
كتاب « لسان الميزان » : كانت أسماء حسنة شيعية ذات شعر ، من شعرها :
عرضنا النصر والفتح المبينا | * | لسيدنا أميـر المؤمنيـــا
|
إذا كان الحديث عن المعالي | * | رأيت حديثكم فينا شجونــا
|
رويتم علمــه فعلمتمــوه | * | وصنتم عهده فغدا مصونـا
|
*
*
*
____________
(1) تراجم النساء 1 : 225 .
( 47 )
( 5 )
أسماء القزوينية

أسماء بنت العلامة الكبير السيد ميرزا صالح ابن العلامة الفقيه السيد
مهدي القزويني الحلي .

تدعى بـ « سومة » ، وتعرف بـ« الحباية » ؛ تكريماً لمقامها الرفيع ومنزلتها
الاجتماعية العالية .

تزوجت ابن عمها الميرزا موسى ابن الميرزا جعفر القزويني ، وأنجبت منه
ابنتها ملوك ، والتي كانت أديبة فاضلة ، تأتي ترجمتها في حرف الميم .

كانت أسماء عالمة ، فاضلة ، أديبة ، شاعرة باللغتين الفصحى والدارجة ،
من ربات النفوذ الاجتماعي ، ذات عقل راجح ، ولها منزلة اجتماعية مرموقة ،
يحترمها الجميع ، وكلمتها مسموعة وأمرها مطاع عند العشائر العراقية .

ذكر لها السيد الجواد شبر في كتابه أدب الطف بيتين من الشعر في
رثاء الإمام الحسين عليه السلام ، هما :
وإن قتيـلاً قد قضى حــق دينه * وزاحم في سماء همته نســـرا
فذاك لعمري لا توفيـه أعينــي * وإن أصبحت للرزء باكية عبرى

ثم قال : ولدت في الحلة الفيحاء حدود سنة 1283 هـ ، ونشأت في كنف
والدها ، وكان للبيئة من نفسها أثر في بلورة ذهنيتها ، فالاجواء العلمية
التي كانت تعيشها والمجالس الأدبية التي تعقد في مناسبات كانت توثر
أثرها وتدفع بهذه الحرة للشعر والأدب . فلا تفوتها النادرة الأدبية ،
أو الشاردة المستملحة ، فهي تكتب هذه ، وتحفظ تلك ، وتحدث بالكثير منها .
( 48 )

ثم ذكر بنتها ملوك قائلاً : كانت تتحدث عن امّها ، وكيف كانت واسطة
لحل النزاعات العائلية ، فكثيراً ما قصدت العوائل المتنافرة ، ولطّفت
الجو ، وأماتت النزاع والخصام حتى ساد الوئام .

وتتحدث عن اُمها ومكانتها الأدبية ، وتروي شعرها باللغتين
الفصحى والدارجة .

واشتهر عن أسماء أنها تميزت بشخصية قوية ، وبأسلوب جميل
في الحديث ، وكان مجلسها في الحلة عامراً بالمتأدبات وذوات المعرفة .

اُصيبت بمرض لازمها شهوراً متعددة ، وتوفيت بعد سنة 1342 هـ ،
ونقلت بموكب كبير إلى النجف الأشرف لمقرها الأخير ، وأقيمت الفاتحة
على روحها الطاهرة صباح مساء ، وسارع الشعراء إلى رثائها .

وللتدليل على ما روينا نثبت نموذجاً من رسائلها الأدبية ، وهي كثيرة :
كتبت إلى صديقة لها تعزيها بوفاة والدتها :
صبراً على نوب الزمان وإنما * شيم الكرام الصبر عند المعضل
لا تجـزعي مما رُزيت بفادح * فالله عودك الجميل فأجمـــلي

خطب نازل ، ومصاب هائل ، ورزية ترعد منها المفاصل ، وتذرف
منها الدموع الهوامل ، وينفطر منها الصخر ، ولا يحمد عندها الصبر ، ويشيب
منها الوليد ، ولا يفتدى بها بالطارف والتليد ، وعمّت كل قريب وبعيد .
غير أن الذي أطفى لهيبها ، وسكن وجيجها التسليم للقدر والقضاء ،
( 49 )
وانّك الخلف عمن مضى . فلم تفتقد من أنتِ البقية ، ولم تذهب من فيك شمائلها ،
فذكراها بك لم تزل مذكورة ، وكأنها حية غير مقبورة . فلا طرقت بيتك الطوارق
ولا حلّت بساحة ربعك البوائق ، ودمت برغم أنف الحقود ، لانرى فيك
إلا ما يغيظ الحسود .
الداعية العلوية أسماء
|
1 رجب المرجب 1322هـ
|

الرسالة الثانية التي كتبتها إلى شقيقها السيد هادي ؛ لنجاته من حادثة
رعناء سنة 1328 هـ ، وكانت يومئذٍ في الحلة وهو في الهندية :
أ ( هادي ) دجــى الظلماء بنور جبينه * وأحسابه يجلـوه إن أظلــم الخطــب
لقد أضــرم الاعــداء نـار حقودهم * وما علموا في رشـح جودك قد يخبــو

غمام جود الوافدين إذا أمحل النادي ، وشمس صباح السارين وبدرها
( الهادي ) ، حفظك الله الرحمن من طوارق الأسواء بمحمد ( ص ) وآله النجباء .

أما بعد ، فنحن بحمد الله المتعال ما زلنا في السرور ، وما نزال ـ سيما بورود
حديث فرح من ذوي شرف قديم وخصوص مسرور ـ من ذوي فضل عميم ،
يشعر أن الله قد حباك بنعمته الوافية ، وخصك بسلامته الكافية ، ونجاك
من هذه الرائعة ، فيالها من قارعة ، فحمدنا الله على ذلك ، وشكرناه على ما هنالك ،
وإلا لتركت مقلة المجد عبرى ، ومهجة الفخر حرا ، وأحنيت على وجد منا
الضلوع ، ومنعت من عيوننا طيب الهجود والهجوع ، وتمثلنا بقول من قال :
( 50 )
فديت بـ ( المحصول ) كي يفتدي * أصلك محفوظاً بـآل الرســول
*
*
*

ثم قال السيد جواد شبر معلقاً على هذه الحادثة :

وسبب كتابة هذه الرسالة ( كما روى الخطيب السيد محمد رضا في مؤلفه :
الخبر والعيان في أحوال الأفاضل والأعيان ص 64 في ترجمة السيد
باقر بن السيد هادي المذكور ما نصه ) :

ان السيد هادي دعاه بعض رؤساء العشائر إلى وليمة ليلاً ،
فخرج على فرسه ، تحدق به جريرة من الخيل ، منهم ولده السيد باقر وجماعة
من خاصته وخدمه ، وأخوه المرحوم السيد حسن ، وكان الوقت صيفاً ، فانعقد
المجلس في الفضاء بجنب المضيف من قصب .

فبينا الناس قد شغلوا بنصب الموائد ، وإذا بصوت الرصاص يُلعلع من فئة لها ثأر مع صاحب المضيف ،
ففزع القوم واضطربوا ، وكان على رأس السيد هادي خادم واقف يقاله له
( محصول ) فأصابته رصاصة فسقط على أثرها قتيلاً ، كما قتل ساقي الماء
واُصيب آخرون ، ثم ثار الحي ومن كان مدعوا للوليمة ، فانهزم الغزاة راجعين . أما السيد هادي فقد ثبت في مكانه لم يتحرك ولم ينذعر .

وعندما رجع السيد هادي إلى بلاده سجد ولده السيد باقر شكراً لله على سلامة والده ،
وكتب من فوره إلى عم أبيه في الفيحاء أبي المعزّ السيد محمد هذين البيتين :
( 51 )
بـشــراك في فاجعــة أخطأت * ومـا ســوى جــدك خطاهــا
فـدت مقــاديــر إلـه الـورى * أبـي و( مـحـصـول ) تلقـاهـا

فأجابه السيد يخاطب السيد هادي :
فديـت بـ ( المحصول ) كي يفتدى * أصلـك محفـوظاً بـآل الرســول
والمثل الســار بيــن الــورى * خير من المحصول حفظ الأصول (1)
____________
(1) أدب الطف 9 : 86 ، وانظر مستدركات أعيان الشيعة 3 : 32 ،
مجلة الموسم العدد 12 صفحة 373 .
( 52 )
( 6 )
أسماء بنت عقيل بن أبي طالب

قال ابن الأثير في تأريخه : لما دخل البشير على عمرو بن سعيد ، فقال : ما
وراءُك .

قال : ما سر الأمير ، قتل الحسين بن علي !! !

فقال : ناد بقتله ، فنادى ، فصاحت نساء بني هاشم ، وخرجت ابنة عقيل
بن أبي طالب ومعها نساؤها حاسرة تلوي ثوبها وهي تقول :
مــاذا تقولون إن قال النبي لكم | * | ماذا فعلتم وأنت آخر الاُمــــم
|
بعترتي وبأهلي بعد مفتقـــدي | * | منهم اُسارى وقتلى ضرجوا بـدم
|
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم | * | أن تخلفوني بسوءٍ في ذوي رحمي
|

فلما سمع عمرو أصواتهن ضحك وقال :
عجّت نســاء بنـي زيادٍ عجة * كعجيج نسوتنا غــداة الأرنـب

والأرنب : وقعة كانت لبني زبيد على بني زياد بن الحارث بن كعب ، وهذا
( 53 )
البيت لعمر بن معدي كرب ، ثم قال : وعاية كواعية عثمان !
(1) .

وذكر ذلك الطبري في تأريخه ، إلا أنه ذكر البيتين الأولين فقط
(2) .

وقال ابن شهر آشوب في المناقب : لما قتل الحسين عليه السلام خرجت
أسماء بنت عقيل تنوح وتقول :
مــاذا تولون إن قال النبي لكــم | * | يوم الحساب وصدق القول مسموع
|
خذلتــم عترتي أوكنتم غيبــــاً | * | والحق عند ولي الأمر مجمــوع
|
أسلمتموه بأيدي الظالمين فمــــا | * | منكم له اليوم عند الله مشفـــوع
|
ما كان عنه غداة الطف إذ حضروا | * | تلك المنايا ولا عنهن مدفـوع (3)
|

وذكر ابن كثير في تاريخه عين الأبيات المذكورة أعلاه ، ثم قال : وقد روى
أبو مخنف عن سليمان بن أبي راشد ، عن عبد الرحمان بن عبيد أبي الكنود : أن
بنت عقيل هي التي قالت هذا الشعر ، وهكذا حكى الزبير بن بكار : أن زينب
الصغرى بنت عقيل بن أبي طالب هي التي قالت هذه الأبيات حين دخل آل
الحسين المدينة النبوية . وروى أبو بكر بن الأنباري بإسناده أن زينب بنت علي
____________
(1) الكامل في التأريخ 4 : 88 .
(2) تأريخ الطبري 5 : 466 .
(3) مناقب آل أبي طالب 4 : 116 .
( 54 )
ابن أبي طالب من فاطمة ، وهي زوج عبد الله بن جعفر اُم بنية رفعت خباءها يوم
كربلاء يوم قتل الحسين وقالت هذه الأبيات ، فالله أعلم
(1) .
*
*
*
____________
(1) البداية والنهاية 8 : 198 . وانظري : مقتل الحسين ( ع ) للخوارزمي 2 : 76 ، مقتل الحسين ( ع ) للسيد ابن
طاووس : 71 ، أعيان الشيعة 3 : 305 ، رياحين الشريعة 3 : 46 .