( 16 )
اُم الهيثم بنت الأسود

قال السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة : تابعية من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته ، شاعرة ، ولم نجد من ذكرها باسم غير اُم الهيثم ، ولعل اسمها كنيتها أو اشتهرت بالكنية ، وقد اختلفت كلماتهم في إسم ابيها :
فالمفيد في الارشاد وأبو مخنف ـ فيما حكاه عنه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ـ قالا : اُم الهيثم بنت الأسود النخعية .
وابن عبد البر في الاسيتعاب ، وابن الأثير في اُسد الغابة قالا : اُم الهيثم بنت العريان النخعية .
وابن حجر في الإصابة قال : اُم الهيثم النخعية .
ولعلها نسبت تارة إلى أبيها واخرى إلى جدها .
والذي عثرنا عليه من شعرها هو قصيدة ترثي بها أمير المؤمنين علياً عليه السلام . وقد اختلفت رواية الرواة في هذه القصيدة اختلافاً كثيراً ، ويظهر أنه وقع خلط من المؤرخين بين هذه القصيدة وقصيدة أبي الاسود الدؤلي التي هي على وزنها وقافيتها حتى أن القصيدة المنسوبة إلى ام الهيثم نسبها بعضهم بتمامها إلى أبي الأسود . والظاهر أنه لاتحاد الوزن والقافية بين القصيدتين ادخل شيء من قصيدة ام الهيثم في قصيدة أبي الاسود وبالعكس اشتباهاً كما وقع نظير ذلك في ميمية الفرزدق في مدح زين العابدين عليه السلام وميمية أخرى للحزين الليثي الكناني في مدح بعض بني اُمية كما نبه عليه في الأغاني .
وقد ذكر هذه القصيدة صاحب الاستيعاب وتبعه صاحب اُسد الغابة


( 82 )

وذكرها أبو الفرج في مقاتل الطالبيين عن أبي مخنف ببعض المخالفة لما في الاستيعاب . ونحن نجمع بين الروايتين ، فنذكرها أولاً برواية الاستيعاب ثم نذكرها برواية أبي مخنف .
ففي الاستيعاب : قال أبو الأسود وأكثرهم يرويها لاُم الهيثم بنت العريان النخعية .
في اُسد الغابة : من ذلك ما قاله أبو الأسود الدؤلي وبعضهم يرويها لاُم الهيثم بنت العريان النخعية :

ألا يا عين ويحك اسعدينــــا * ألا فبـكـي أميـر المؤمنينـــا
أتبكــي أم كلثـــــوم عليه * بعبرتـهـا وقـد رأت اليقينـــا
ألا قـــل للخوارج حيث كانوا * فلا قرت عيـون ‌الشـامتينـــا
أفـي الشهر الحرام (1) فجعتمونا * بخير الناس‌ طــراً أجمعينـــا
قتلتـــم خير من ركب المطايا * فذللها ومن ركــب السفينـــا
ومــن لبس النعال ومن حذاها * ومن قرأ المثانــي ‌والمئينـــا
وكــل مناقب الخيرات فيــه * وحب رســول رب العالمينــا
لقــد علمت قريش حيث كانت * بأنك ‌خيرها حسبـاً ودينــــا
إذا استقبلت وجــه أبي حسين * رأيت البـدر راق النـاظـرينـا
وكنـــا قبل مقتله بخيـــر* نرى مولــى رسـول الله فينـا
يقيــم الحق لا يرتاب فيـــه * ويعــدل في العـدى والأقربينـا
وليــس بكاتم علمـــاً لديه * ولم يخلق من ‌المتجبـرينــــا
كأن الناس إذ فقدوا علــــياً * نعام حــار في بلد سنينــــا
____________
(1) هكذا ورد ، والصحيح : شهر الصيام .
( 83 )

فــلا تشمت معاويـة بن حرب * فإن بقية الخلفـاء فينــــا

وفي مقاتل الطالبيين : قال أبو مخنف : وقالت اُم الهيثم بنت الأسود النخعية ترثي أمير الؤمنين عليه السلام :

ألا يــاعين ويحك اسعدينا * ألا فبكي أميـر المؤمنينــــا
رزينا خير من ركب المطايا * وحيسها ومن ركـب السفينــا
ومن لبس النعال ومن حذاها * ومن قرأ المثاني والمئينــــا
وكنا قبل مقتله بخيــــر * نرى مولى رسول الله ‌فينـــا
يقيم الدين لا يرتاب فيــه * ويقضي بالفرائض‌ مستبينـــا
ويدعو للجماعة من عصـاه * وينهك قطع أيدي السـارقينــا
وليس بكاتـــم علماً لديه * ولم يخلق من المتجبريـنـــا
لعمر أبي لقد أصحاب مصر * على طول الصحابة أو جعونـا
وغـــرونا بأنهم عكوف * وليس كـذاك فعل العاكفينـــا
أفـي شهر الصيام فجعتمونا * بخير النـاس طراً أجمعينـــا
ومـن بعد النبي فخير نفس * أبو حسن وخير الصالحينـــا
كــأن الناس إذ فقدوا عليا * نام جال في بلد سنينـــــا
ولـــو أنا سئلنا المال فيه * بذلنا المال فيه والبنينـــــا
أشاب ذؤابتي وأطال حزني * اُمامة حين فارقـت القرينـــا
تطـــوف به لحاجتها إليه * فلما استيأست رفعت رنينـــا
وعبــــرة اُم كلثوم إليها * تجاوبها وقد رأت اليقينــــا
فلا تشمت معاوية بن حرب * فإن بقية الخلفاء فينـــــا


( 84 )

وأجمعنا الأمـارة عن تراضٍ * إلى ابن نبينـا وإلـى أخينـا
فلا نعطي زمام الأمر فينـا * سواه الدهر آخـر ما بقينـا
وان سـراتنـا وذوي حجانا * تـواصوا أن نجيب إذا دعينا
بكل مهند عضـب وجـرد * عليهـن الكماة مسومينا (1)

***
____________
(1) أعيان الشيعة 3 : 487 ـ وانظري : الأغاني 12 : 329 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 18 ، تأريخ الطبري 5 : 150 ، رياحين الشريعة 3 : 455 ، الفصول المهمة : 139 ، مقاتل الطالبيين : 43 ، مقتل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام لابن أبي دنيا تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي المطبوع في نشرة تراثنا ، العدد 12 السنة الثالثة .
( 85 )

( 17 )
اُميمة بنت عبد المطلب

اُميمة بنت عبد المطلب بن هاشم ، عمة النبي صلى الله عليه وآله ، كانت شاعرة فصيحة اللسان بليغة .

قالت ترثي أباها

ألا هلك الراعي العشيرة ذو الفقد * وساقي الحجيج والمحامي عن المجد
ومن يؤلف الضيف الغريب بيوته * إذا ما سماء الناس تبخل بالرعــد
كسبت وليداً خير ما يكسب الفتى * فلم تنفك تزداد يا شيبة الحمـــد
أبـو الحارث الفياض خلي مكانه * فلا تبعدون فكل حي إلى بعـــد
فانـــي لباك ما بقيت وموجع * وكان له أهلاً لما كان من وجـدي
سقاك ولي الناس في القبر ممطراً * فسوف أبكيه وإن كان في اللحــد


( 86 )

فقـد كان زينــاً للعشيـرة كلـهـا * وكان حميداً حيثما كان من حمـدِ (1)

***
____________
(1) أعيان الشيعة 3 : 246 .
( 87 )

( 18 )
أمينة الأنصارية

قالت نصر بن مزاحم في « وقعة صفين » : قالت أمينة الأنصارية ترثي أبا اليهثم مالك بن التيهان ، وقد قتل مع أمير المؤمنين عليه السلام بصفين .
منـــع اليوم أن أذوق رقاداً * مالك إذ مضى وكـان عمـادا
يا أبـــا الهيثم بن تيهان بإني * صرت للهم معدنــاً ووسـادا
إذ غــدا الفاسق الكفور عليهم * إنه كان مثلـهـا معتــــادا
أصبحوا مثل من ثوى يوم أحد * يرحم الله تلكم الاجســادا (1)

***
____________
(1) وقعة صفين : 365 . وانظري : أعيان الشيعة 3 : 489 ، رياحين الشريعة 3 : 454 .
( 88 )

( 19 )
بدر التمام

قال السيد محسن الأمين في « أعيان الشيعة » : هي بنت الحسن أو الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس ، وفي رسالة السيوطي المعروفة بـ « نزهة الجلساء » التي وجدت نسختها في المكتبة الظاهرية بدمشق يقول فيها : إن بدر التمام كانت من البارعات في نظم الشعر ، وسنذكر بعض أبيات شعرها .
قالت :
يبدو وعيدك قبل وعدك * ويحول منك دون وردك
ويزور طيفك في الكرى * فبحمد طيفك لا بحمدك
لم لا ترق لـذل عبدك * وخضوعه فتفي بعهدك

وكان أبوها من مشتهري شعراء الشيعة ، وكان معروفاً باسم البارع بن الدباس (1) .

***
____________
(1) أعيان الشيعة 3 : 546 ، رياحين الشريعة 4 : 71 .
( 89 )

( 20 )
برة بنت عبد المطلب

برة بنت عبد المطلب بن هاشم ، عمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كانت فصيحة اللسان بليغة شاعرة ، وهي صحابية جليلة .
قالت ترثي أباها :

عينـــــي جودا بدمع درر * على طيب الخيـم والمعتصــر
علــى ماجد الجد واري الزناد * جميل المحيا عظيـم الخطـــر
علـى شيبة الحمد ذي المكرمات * وذي المجد والعـز والمفتخــر
وذي الحلم والفضل في النائبات * كثير المكارم جـم الفجــــر
لــــه فضل مجدٍ على قومه * منير يلـوح كضـوء القمـــر
أتتــــــه المنايا فلم تشوه * بصرف الليالي وريت القمر (2)

***
____________
(1) أعيان الشيعة 3 : 246 .
( 90 )

( 21 )
بكارة الهلالية

من نساء العرب الموصوفات بالشجاعة والإقدام والفصاحة والشعر والنثر والخطابة ، كانت من أنصار الإمام علي بن أبي طالب ، سلام الله عليه في حرب صفين ، فخطبت بها خطباً حماسية حضت بها القوم على أن يخوضوا غمارات الحرب بدون خوف ولا تردد .
قال ابن طيفور في بلاغات النساء : حدثني عبد الله بن عمر ، وقراءة من كتابه علي قال : حدثنا ابراهيم بن عبد الله بن محمد المفضل ، قال حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي ، عن محمد بن إبراهيم ، عن خالد بن الوليد ، عمن سمعه من حذافة الجمحي قال :
دخلت بكارة الهلالية على معاوية بن أبي سفيان بعد أن كبرت سنها ، ودق عظمها ، ومعها خادمان لها وهي متكئة عليهما وبيدها عكاز ، فسلمت على معاوية بالخلافة ، فأحسن عليها الرد وأذن لها في الجلوس ، وكان عنده مروان بن الحكم وعمرو بن العاص .
فابتدأ مروان فقال : أما تعرف هذه يا أمير المؤمنين ؟ .
قال : ومن هي ؟ .
قال : هي التي تعين علينا في صفين ، وهي القائلة :

يا زيد دونك فاستشر (1) من درانا * سيفاً حسامـاً في التـراب دفينــا

____________
(1) في هامش العقد الفريد : في بعض الأصول : فاحتفر .
( 91 )

قد كان مذخوراً لكل عظيمة (1) * فاليوم أبرزه الزمان مصونــا

وقال عمرو بن العاص : وهي القائلة يا أمير المؤمنين :

أترى ابن هنـد للخلافة مالـكـاً * هيهـات ذلك وما (2) أراد بعيد
منتك نفسك في الخـلاء ضلالة * أغراك عمـرو للشقــا وسعيد
فارجــع بأنكد طائرٍ بنحوسها * لاقـت عليـاً أسعـد وسعــود

فقال سعيد : يا أمير المؤمنين وهي القائلة :

قد كنت آمل (3) أن أموت ولا أرى * فـوق المنابر مـن اُمية خاطبــا
فالله أخـــر مدتـي فتطاولــت * حتى رأيت من الزمـان عجائبــا

____________
(1) في العقد الفريد : قد كنت اُذخره ليوم كريهة .
(2) في العقد الفريد : وإن .
(3) في العقد الفريد : أطمع .

( 92 )

في كل يوم لا يزال خطيبهم * وسط الجموع لآل أحمد عائبا (1)

ثم سكت القوم ، فقالت بكارة : نبحتني كلابك يا أمير المؤمنين ، واعتورتني محجني (2) وكثر عجي (3) ، وعشى بصري ، وأنا والله قائلة ما قالوا ، لا أدفع ذلك بتكذيب ، فأمض لشأنك فلا خير في العيش بعد أمير المؤمنين .
فقال معاوية : إنه لا يضعك شيء فاذكري حاجتك تقضى فقضى حوائجها .
وروى ذلك ابن طيفور أيضا من طريق آخر حيث قال : وحدثني عيسى بن مروان ، قال : حدثني محمد بن عبد الله الخزامي ، عن الشعبي قال : استأذنت بكارة الهلالية على معاوية فأذن لها ، فدخلت وكانت امرأة قد أسنت وعشى بصرها وضعفت قوتها ، فهي ترتعش بين خادمين لها ، فسلمت ثم جلست .
فقال معاوية : كيف أنت يا خالة ؟ .
قالت : بخير يا أمير المؤمنين .
قال : غيرك الدهر .
قالت : كذلك هو ذو غير ، من عاش كبر ومن مات قبر . . . (4) .
وروى ذلك أيضا ابن عبد ربه ـ في العقد الفريد ضمن الوافدات على
____________
(1) في العقد الفريد :

في كل يوم للزمان خطيبهم * بين الجموع لآل أحمد عائبا

(2) المحجن والمحجنة : العصا المعوجة . لسان العرب 13 : 108 « حجن » .
(3) عج : رفع صوته بالدعاء والاستغاثة . لسان العرب 2 : 318 « عجج » .
(4) بلاغات النساء : 34 .

( 93 )

معاوية ـ عن محمد بن عبد الله الخزاعي عن الشعبي مع اختلاف في الالفاظ (1) .
وذكره أيضاً عمر رضا كحالة في أعلام النساء (2) ، والمحلاتي في رياحين الشريعة (3) .

***
____________
(1) أعلام النساء 1 : 346 .
(2) العقد الفريد 1 : 137 .
(3) رياحين الشريعة 4 : 81 .

( 94 )

( 22 )
بنت أبي الأسود الدؤلي

ذكر الشيخ منتجب الدين في كتاب الأربعين في الحكاية الرابعة من الحكايات التي نقلها في آخره ، قال : أخبرنا أبو علي تيمان بن حيدر بن الحسن بن أبي عدي البيع ، أخبرنا الشيخ المفيد أبو محمد عبد الرحمان بن أحمد بن الحسين الحافظ ، أخبرنا السيد أبو الفتح عبيد الله بن موسى بن أحمد بن الرضا عليه السلام :
أن أبا محمد جعفر بن أحمد حدثهم : أخبرنا أحمد بن عمران ، أخبرنا عبد الله بن جعفر النحوي ، عن الحارث بن محمد التميمي عن علي بن محمد ، قال : رايت ابنة أبي الأسود الدؤلي وبين يدي أبيها خبيص .
فقالت : يا أبة اطعمني .
فقال : أفتحي فاك ، ففتحته فوضع فيه مثل اللوزة ، ثم قال لها : عليك بالتمر فهو أنفع وأشبع .
فقالت : هذا أنفع وأنجع .
فقال : هذا طعام بعث به الينا معاوية يخدعنا به عن حب علي بن أبي طالب علي السلام .
فقالت : قبحه الله ، يخدعنا عن السيد المطهر بالشهد المزعفر ، تباً لمرسله وآكله ، ثم عالجت نفسها وقاءت ما أكلت منه ، وانشأت تقول باكية :

أبا لشهد المزعفر يا ابن هند * نبيع عليـك إسلامـاً ودينــا


( 95 )

فلا والله ليس يكـون هذا * ومـولانا أمير المؤمنينا (1)

وقال الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره : كان عمرها خمس أو ست سنين.
وقال الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب : وروي أن معاوية أرسل إليه ـ أي إلى أبي الاسود الدؤلي واسمه ظالم بن عمرو ـ هدية منها حلواء يريد بذلك استمالته وصرفه عن حب أمير المؤمنين عليه السلام ، فدخلت ابنة صغيرة له خماسي أو سداسي عليه ، فأخذت لقمة من تلك الحلواء وجعلتها في فمها .
فقال لها أبو الأسود : يا بنتي ألقيه فإنه سم ، هذه حلواء أرسلها إلينا معاوية ليخدعنا عن أمير المؤمنين عليه السلام ويردنا عن محبة أهل البيت عليهم السلام .
فقالت الصبية : قبحه الله ، يخدعنا عن السيد المطهر بالشهد المزعفر ، تباً لمرسله وآكله فعالجت نفسها حتى قاءت ما أكلت ثم قالت :

أبالشهد المزعفـر يا ابن هند * نبيع عليك أحساباً ودينــا
معاذ الله كيف يكون هــذا * ومولانا أمير المؤمنينـا (2)

____________
(1) الأربعون حديثاً : 81 .
(2) الكنى والألقاب 1 : 8 . وانظر : أعيان الشيعة 2 : 275 و 3 : 607 ، رياحين الشريعة 4 : 222 ، سفينة البحار 1 : 669 .