( 39 )
فاطمة بنت حزام

اُم البنين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة ـ أخي لبيد الشاعر ـ بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الكلابية ، زوجة سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه .
وهي من بيت عريق في العروبة والشجاعة ، تزوجها أمير المؤمنين عليه السلام باشارة أخيه عقيل حين طلب منه أن يختار له امرأة ولدتها الفحولة من العرب ليتزوجها فتلد له غلاماً فارساً ، وكان عقيل نسابة عالماً بأخبار العرب وانسابهم ، فاختارها له ، وقال : إنه ليس في العرب اشجع من آبائها ولا أفرس .
وفي آبائها يقول لبيد للنعمان بن المنذر ملك الحيرة :

نحن بني اُم البنين الأربعــة * ونحن خير عامر بن صعصعة
الضاربون الهام وسط الجمجمة

ولم ينكر عليه ذلك أحد من العرب . ومن قومها ملاعب الأسنة أبو براء الذي لم يعرف في العرب غير أمير المؤمنين عليه السلام مثله في الشجاعة . فتزوجها أمير المؤمنين عليه السلام فولدت له العباس ثم عبد الله ثم جعفراً ثم عثمان ، وكلهم استشهدوا مع أخيهم الحسين عليه السلام بكربلاء .
وكانت اُم البنين رحمها الله شاعرة فصيحة ، تخرج كل يوم إلى البقيع ومعها عبيد الله ولد ولدها العباس فتندب أولادها الأربعة ـ خصوصاً العباس ـ


( 148 )

أشجى ندبة وأحرقها ، فيجتمع الناس فيسمعون بكاءها وندبتها . وكان مروان بن الحكم على شدة عداوته لبني هاشم يجيء في من يجيء فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي ، فمن قولها في رثاء ولدها العباس :

يــا من رأى العباس كر * علــى جماهيـر النقــد
ووراه من أبنـاء حيــدر * كــل ليــث ذي لـبــد
أنبئــت ان ابنـي اُصيب * برأســه مقـطــوع يـد
ويلــي علـى شبلي أمال * براسـه ضــرب العمــد
لو كــان سيفك في يديك * لمــا دنــا منـه أحــد

والنقد : نوع من الغنم قصار الأرجل قباح الوجوه . وزاد البيت حسنا أن العباس لمن أسماء الأسد .
وقالت ترثي أولادها :

لا تدعوني ويك اُم البنيــن * تذكريني بليــوث العريــن
كانـت بنون لي اُدعى بهـم * واليوم أصبحت ولا من بنيـن
أربعــة مثل نسـور الربى * قد واصلوا الموت بقطع الوتين
تنازع الخرصــان أشلاءهم * فكلهم أمسى صريعـاً طعيـن
ياليــت شعري أكما أخبروا * بأن عباساً قطيــع اليميــن

ولم تحضر اُم البنين أرض كربلاء إلا أنها واست أهل البيت عليهم السلام وقدمت أولادها الأربع ولم تزل باكية عليهم نائحة حتى التحقت بالرفيق الأعلى ، وكانت النسوة يقمن العزاء في بيتها .
وقال الشيخ المامقاني في تنقيح المقال : ويستفاد قوة ايمانها من أن بشراً


( 149 )

بعد وروده المدينة ـ نعى اليها أحد أولادها الأربعة فقالت ما معناه : أخبرني عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، فلما نعى اليها الأربعة قالت : قطعت نياط قلبي ، أولادي ومن تحت الخضراء كلهم فداء لأبي عبد الله الحسين عليه السلام . فإن علقتها بالحسين ليس إلا لامامته ، وتهوينها على نفسها موت مثل هؤلاء الأشبال الأربعة إن سلم الحسين عليه السلام يكشف عن مرتبة في الديانة رفيعة ، واني اعتبرها لذلك من الحسان إن لم نعتبرها من الثقات (1) .

***
____________
(1) اعلام الورى : 250 ، أعلام النساء 4 : 40 ، أعيان الشيعة 3 : 475 و 8 : 389 ، تأريخ الطبري 5 : 468 ، تنقيح المقال 3 : 70 ، رياحين الشريعة 2 : 279 ، شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام 13 : 25 ، الفصول المهمة : 198 ، مقاتل الطالبيين : 85 ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي 2 : 29 .
( 150 )

( 40 )
فاطمة الصغرى بنت الحسين عليه السلام

في بعض المصادر : ان الحسين عليه السلام لما سار إلى العراق ترك ابنته فاطمة الصغرى في المدينة المنورة على فراش المرض ، ولم يأت بها إلى كربلاء لشدة وجعها وعدم تمكنها وقدرتها على السير والحركة . فبقيت هذه العلوية في المدينة وقد اذهلتها الصدمة ، ووجدت نفسها في حياة تحيطها الآلام والمأساة ، فراحت تسأل عن ابيها كل قادم من العراق ، وتستقصي أخبار الركب المقدس بتلهف ووجد علها تقف على خبر يروض به نفسها ، وتجد في حقيبة الوافدين من العراق شيئاً من الأمل المشرق فيه الراحة لنفسها المعذبة ، كما يجد الملاح الراحة بعد عاصفة هوجاء هددته بالفناء .
فمن المعروف والشائع على الألسن أن هذه الفتاة الكريمة بينما كانت على فراش المرض ذات يوم سابحة في بحار الخيال ، تترقب بقلب نزوع وصبر فارغ أنباء والدها إذ استقر على الحائط غراب ملطخ بالدم ـ قيل أنه عندما استشهد الإمام الحسين عليه السلام وتوجه إلى صوب المدينة ليخبر فاطمة الصغرى بالواقعة الكبرى التي حلت في أرض كربلاء ـ فرفعت رأسها للنظر الى الغراب فرأته مخضباً بالدم ، فثارت في نفسها أمواج الكآبة واجهشت بالبكاء والعويل كأنها استيقنت باستشهاد ابيها عليه السلام ، وأنشدت تقول :

نعب الغراب ققلــت : من * تنعــاه ويلك يا غـراب
قــال الإمام فقلت : مـن * قال : الموفــق للصواب


( 151 )

إن الحسيـن بـكـربــلا * بين الاسنــة والضــراب
فابكـي الحسيـن بعبــرة * ترجى الإله مـع الثــواب
قلت : الحسين ؟ فقال لي : * حقاً لقد سكــن التــراب
ثم استقــل بـه الجنـاح * فلـم يطـق رد الجــواب
فبكيــت ممـا حـل بي * بعد الرضاء المستجـــاب

وبقيت هذه العلوية تبكي أباها أياماً وليالي إلى أن دخل ركب السبايا إلى المدينة وضج الناس بالبكاء والعويل ، حينها التحقت فاطمة الصغرى بالعائلة وسكنت معهم ، يقيمون العزاء تلو العزاء على مصاب سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام (1) .

***
____________
(1) انظري : رياحين الشريعة 3 : 316 نقلا عن ( فرائط السمطين وبحار الأنوار ) ، فاطمة بنت الحسين عليه السلام : 31 نقلا عن ( ناسخ التواريخ 3 : 85 ، والدر المنثور : 362 ) .
( 152 )

( 41 )
فاطمة بن عبد الله المحض

قال ذبيح الله المحلاتي في رياحين الشريعة : قال العلامة الشهير الحاج ملا باقر الكجوري الطهراني في صفحة من كتابه « جنة النعيم في أحوال الشاهزادة عبد العظيم » : عندما تصاعدت موجة سفك دماء أبناء فاطمة عليها السلام في زمن المنصور الدوانيقي ، وكان عبد الله المحض محبوساً من قبل المنصور ، وقفت فاطمة بنت عبد الله المحض أمام المنصور وكانت حينذاك صغيرة ، وقالت :

إرحم كبيــراً سنــه متهدة * في السجن بين سلاسل وقيود
إن جدت بالرحم القريبة بيننـا * ما جدنــا من جدكـم ببعيد

فعندما سمع المنصور مقالتها رق قلبه لكلامها ، ولكنه لم يرتب أثراً لذلك (1) .

***
____________
(1) رياحين الشريعة 5 : 24 .
( 153 )

( 42 )
اُم سلمة
هند بنت أبي اُمية (*)

هند بنت أبي اُمية سهيل زاد الراكب بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم .
اُمها : عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن جزيمة بن علقة بن جذل الطق بن فراس بن غنم بن مالك بن كنانة .
زوجها الأول أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي . أنجبت له : سلمة ، وعمرو ، ودرة ، وزينب . ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
وهي اُمهات المؤمنين بعد خديجة بنت خويلد . مهاجرة جليلة ذات رأي وعقل وكمال وجمال ، حالها في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنين عليه السلام والحسن والحسين عليهما السلام أشهر من أن يذكر ، وأجلى من أن يحرر .
____________
(*) انظري ترجمتها في : اُسد الغابة 5 : 560 و 590 ، إعلام الورى : 197 ، أعلام النساء 5 : 224 ، أعيان الشيعة 10 : 272 و 479 ، أم سلمة للحاج علي دخيل ، أمالي الصدوق : 311 ، أمالي الطوسي 2 : 174 ، أنساب الأشراف 1 : 586 ، الاحتجاج 1 : 106 ، الاختصاص : 116 ، الاصابة 4 : 423 و 458 ، الأعلام للزركلي 8 : 97 ، الإمامة والسياسة : 45 ، البداية والنهاية 5 : 291 و 6 : 131 و 8 : 199 ، الخصال : 419 ، العبر 1 : 86 ، العقد الفريد 3 : 178 و 5 : 65 ، السيرة النبوية لابن كثير 2 : 215 ، السيرة النبوية لابن هشام 5 : 113 و 142 ، الطبقات الكبرى 8 : 86 ، الكاشف 3 : 436 ، المستدرك على الصحيحين 4 : 16 ، المناقب لابن شهرآشوب 3 : 130 ، بحار الأنوار 22 : 223 ، بشارة المصطفى : 59 : تأريخ بغداد 3 : 164 ، تذكرة الخواص : 71 و 240 ، تقريب التهذيب 1 : 607 ، تهذيب التهذيب 12 : 483 ، سير أعلام النبلاء 2 : 148 ، شذرات الذهب 1 : 69 ، مرآة الجنان 1 : 137 ، معاني الأخبار : 106 معجم رجال الحديث 23 : 177 .
( 154 )

والذي وجدناه من شعرها هو :
(1) قالت في موكب زفاف الزهراء عليها السلام :

سـرن بعــون الله جاراتــي * واشكرنــه في كــل حـالات
واذكــرن مـا أنعم رب العلى * مـن كشف مكــروه وآفـات
فقـد هدانا بعد كفــر وقــد * أنعشـنــا رب الـسـمـاوات
وســرن مع خير نساء الورى * تفـدى بـعـمــات وخـالات
يا بنت من فضلــه ذو العلـى * بالوحي منـه والرســالات (1)

(2) وقالت وهي تربي الحسين عليه السلام :

بـأبــي ابــن عــلــي * أنــت بـالخــيــر ملــي
كــن كأسنــان الجـلــي * كــن كـكـبــش الحول (2)

(3) وقالت في نهيها لعائشة من الخروج لحرب الإمام علي عليه السلام :

نصحـت ولكن ليس للنصح قابل * ولو قبلت ما عنفتهــا العــواذل
كأني بها قد ردت الحرب رحلها * وليس لها إلا الترجـل راحــل(3)

____________
(1) المناقب لابن شهرآشوب 3 : 130 .
(2) سفينة البحار 1 : 258 .
(3) تذكرة الخواص : 72 .

( 155 )

(4) وقالت في ترك عائشة لنصيحتها وندمها بعد ذلك :

لــو أن معتصما من زلة أحــد * كانت لعائشة العتبى على النــاس
كــم سنـة لرسـول الله تاركـة * وتلـو آي مـن القــرآن مدراس
قد ينزع الله من نــاس عقولهـم * حتى يكون الذي يقضي على الناس
فيـرحم الله اُم المؤمنيــن لقــد * كانــت تبـدل أيحاشاً بإيناس (1)
***
____________
(1) الاختصاص : 116 .
( 156 )

( 43 )
هند بنت اُثالة

ابن عباد بن عبد المطلب بن عبد مناف ، شاعرة من العرب ، أسلمت وبايعت الرسول صلى الله عليه وآله وحسن أسلامها ، أعطاها الرسول صلى الله عليه وآله ولأخيها ثلاثين وسقا من الطعام في غزوة خيبر . ومن شعرها أنشدته في غزوة اُحد مجيبة بها آكلة الأكباد هنداً حينما قالت :

نحن جزيناكــم بيـوم بـدر * والحرب بعد الحرب ذات سعر

فأجابتها :

خزيت في بــدر وغير بدر * يـا بنت وقاع العظيم الكفــر
قبحـك الله غـداة الفجــر * بالهاشمييـن الطوال السمــر
بكــل قطاع حسـام يفري * حمزة ليثي وعلـي صقــري
إذ رام شيـب وأبوك غدري * فخضبا منه ضواحي النحر (1)

وقد نسبت هذه الأبيات إلى أروى بنت الحارث من اختلاف يسير في الألفاظ كما مر في ترجمتها .
____________
(1) رياحين الشريعة 5 : 102 .
( 157 )

( 44 )
هند الأنصارية

هند بنت زيد بن مخزمة الأنصارية ، شاعرة من المسلمين ، مؤمنة موالية لعلي بن أبي طالب سلام الله عليه . قالت ترثي حجر بن عدي رضوان الله تعالى عليه ، والذي قتله معاوية بن أبي سفيان لعنة الله عليه ، لأنه كان موالياً لعلي سلام الله عليه :

ترفـع أيها القمــر المنيــر * تبصر هل ترى حجرا يسيـر(1)
يسـيـر إلى معاويـة بن حرب * ليقتـلـه كما زعـم الأميـر (2)
تجبـرت الجبائر (3) بعد حجـر * وطــاب لهـا الخورنق والسدير
وأصبحت البلاد له مـحولاً (4) * كأن لم يحيهـا مــزن مطيــر
ألا يا حجر حجر بني عــدي * تلقـتـك السـلامة والســرور
أخــاف عليـك ما أردى عدياً (5) * وشيخاً في دمشق له زئـيـر

____________
(1) هكذا ورد في تأريخ الطبري ، وفي الطبقات الكبرى : ترفع هل ترى حجراً يسير .
وفي الأغاني : لعلك أن ترى حجراً يسير .
(2) في الاغاني ورد بعد هذا البيت :

ألا ياليت حُجراً مات موتاً * ولم ينحر كما نحر البعير !

(3) في الأغاني : ترفعت الجبابر .
(4) في الأغاني : لها محولاً .
(3) في الأغاني : أخاف عليك سطوة آل حرب .

( 158 )

يــرى قتل الخيار عليه حقاً * له من شر اُمته وزيــر (1)
فإن تهلك فكل زعيم قوم (2) * من الدنيا إلى هلك يصير (3)

***
____________
(1) لم يرد هذا البيت في الطبقات الكبرى وورد في الأغاني وجاء بعده :

ألا ياليت حجراً مات موتاً * ولم ينحر كما نحر البعير !

(2) في الطبقات الكبرى : فإن تهلك فكل عميد قوم .
(3) انظر : أعيان الشيعة 10 : 272 ، أعيان النساء : 630 ، الأغاني 17 : 361 ، تأريخ الطبري 5 : 280 ، رياحين الشريعة 5 : 101 ، الطبقات الكبرى 6 : 220 .