لا تتركي حجراً على حجـر | * | يا ليلــة الأرزاء والكــدرِ |
صُبّي على الدنيا وما حملتْ | * | من نار غيضك مارق الشررِ |
وتهتّكي مـن كلّ ساتــرةٍ | * | لم تحفظي ستراً لمنستـــرِ |
لا عاد صُبحك أو بدا أبـداً | * | في ظل وجهك مشرقُ القمـرِ |
يا ليلةً وقف الزمانُ بهــا | * | وجلاً يُـدوِّن أروع الصـورِ |
وقف الحسين بها ومَنْ معه | * | جبلاً وهم كجنادل الحجــرِ |
ما هزّهم عصفٌ ولا رعشت | * | أعطافهم في داهم الخطــرِ |
يتمايلون وليس من طـربٍ | * | ويسامرون وليس في سمـرِ |
إلاّ مع البيض التي رقصت | * | بأكفّهم كمطالــع الزُهــرِ |
يتلون سرّ الموت في سـورٍ | * | لم يتلُها أحدٌ مـع الســورِ |
ويرتلون الجرح في ولــهٍ | * | فكأنه لحنٌ علــى وتــرِ |
خفّوا لداعي الموت يسبقهـم | * | عزمٌ تحدّى جامد الصخــرِ |
مذ بان جنـب الله مقعدهـم | * | ورأوه ملء الروح والبصـر |
هدروا كما تحمي لها أجمـاً | * | أسدٌ دماة الناب والظـفــرِ |
وبنــاتُ آل الله ترقبهــم | * | بعيونها المرقـاة بالسهــرِ |
يا نجمُ دونك عن منازلهـم | * | لا تقتـربْ منها ولا تــدُرِ |
لا تستمعْ لنــداء والهــةٍ | * | مكلومةٍ من بطشة القــدرِ |
أو تنظرنَّ إلـى معذبـــةٍ | * | حرّى تودّع مهجـة العُمُـرِ |
تسقي عيون البيد أدمعهــا | * | لتظلَّ مورقةً مـن الشجـرِ |
لله قـد نـذروا بقيّتهـــم | * | وتسابقوا يوفون بالنُـــذُرِ |
والموت يرقبهم على حـذرٍ | * | منهم وهم منه بـلا حــذرِ |
نامت عيون الكون أجمعهـا | * | وعيونهم مشبوحـة النظـرِ |
لله ترمقــه ويرمقهـــا | * | كبراً وهم يعلون في كبــرِ |
وأبو الفداء السبط يشحذهـا | * | بالعزم يوقظ ساكن الغيــرِ |
حتى إذا بان الصباح لهـم | * | لم تدر هل بانوا من البشـرِ |
أم هم ملائكـةٌ مطهــرةٌ | * | يستمطرون الموت للطـهـرِ |
هبطوا وعادوا للسماء معـاً | * | في خيـر زادٍ عُدَّ للسفــرِ |
مدين الموسوي 1 / ذو القعدة / 1416 هـ |
وأتى المساءُ وقـد تجهّمَ وجهُـهُ | * | واليوم محتشد البـلاء عصيـبُ |
قال اذهبوا وانجوا وَنَجوا أهلَبيـ | * | تي انني وحدي أنا المطلــوبُ |
لا ذمـةٌ منـي عليــكم لا ولا | * | حرجٌ ينالكــم ولا تثـريــبُ |
فأبتْ نفوسُهُم الأبيّـة عنــد ذا | * | أن يتركوه مع العِدى ويغيبــوا |
وَتواثبت ابطالهـم وجميعـهــا | * | بالحزم والقول السديد تجيــبُ |
كلا فلسنا تاركيــكَ وما بــه | * | يوم القيامـة للنبــي نجيــبُ |
نفديكَ بالمهج الغوالي نبتغي الـر | * | ضوان ما فينا بـذاك مُريــبُ |
نيل الشهادة بالسعـادة كافــلٌ | * | يومَ الحسابِ واجرُها مَجلــوبُ |
هَذي الجنـانُ تهيّـأت وَتزينــت | * | للقائنــا ولريحِهـنَّ هُبـــوبُ |
والطالبية للقِــراعِ تواثبـــتْ | * | تَدعو وكـلٌ للنــزالِ طَلــوبُ |
ماذا يقول لنا الورى ونقولـــه | * | لهم وما عنـا يجيــب مجيــب |
إنا تركنا شيخنــا وإمامنـــا | * | بين العدا وحُسامُنـا مَقـــروبُ |
يأبى لنا شرف الأرومة أن يـرى | * | فينا مَشينٌ أو يكــون مَعيــبُ |
فالعَيشُ بعـدَكَ قُبِّحَـتْ أيامُــه | * | وَالموتُ فيكَ مُحبَّبٌ مَرغـــوبُ |
بَاتوا وَباتَ إِمامُهُم ما بينَهـــمُ | * | وَلهـم دَويٌّ حولَــه وَنحيــبُ |
مِنْ راكعٍ أَو ساجدٍ أَو قــارىءٍ | * | أو مَنْ يُناجي رَبَّـــه وَيُنيــبُ |
وَبدا الصباحُ فأقبلتْ زُمَر العـدى | * | نَحوَ الحسينِ لها الضلالُ جَنيــبُ |
سامُوه وِردَ الضيمِ أو وردَ الردى | * | فأبى الدنيةَ والنجيــبُ نَجيــبُ |
يأبى له وردَ الدنيـةِ ضارعــاً | * | شَرفٌ إِلى خيرِ الانامِ يـــؤوبُ |
هيهاتَ ان يرضى مقامَ الـذلِ أَو | * | يقتادهُ الترهيبُ والترغيــبُ (1) |
فرماهُمُ المسرى بعرصةِ كربلا | * | فغدت بلاءً تلكُـم العرصـاتُ |
قال انزلوا هي كربلا وعراصُها | * | فيها البلاءُ وعنـدها الكُربـاتُ |
باع ابنُ سعدٍ دينَه وشرى به الد | * | نيا ولكـن ربحُـه حســراتُ |
للري أمسى والياً وشرى بــه | * | غضبَ الالهِ فحظُه النقمــاتُ |
قاد الجيوشَ لحربِ سبطِ محمدٍ | * | ضاقتْ بها الارجاءُ والفلـواتُ |
ما إِن تمتعَ بالولايةِ واغتــدتْ | * | بالرأس منُه تَمايـلُ القصبـاتُ |
جاء المسا فدعاهُم قوموا اذهبوا | * | فالليلُ سترٌ جَهرهُ إخفـــاتُ |
لا يطلبُ الأعداءُ غيري فاتـر | * | كوني ما بكُم مِن بيعتي تبِعَـاتُ |
فأجابَه الأنصارَ هـذي منــةٌ | * | سَبقتْ لنا قَلَّت لهـا المنــاتُ |
إنا نُجاهدُ دونَكُم وتُقطَّــعُ الـ | * | أَعضاءُ منا فيكَ وَالرقَبـــاتُ |
ثم الرسولُ شَفيعُنا يومَ الجـزا | * | وَ لنا بهذا تُرفعُ الـدرجــاتُ | أفنحنُ يوماً تَارِكوكَ وَهَــذهِ | * | بك قد أحاطتْ اذؤبٌ وعــداةُ |
لا كانَ منا اليومَ تَركُكُ وَالـذي | * | قد أحصيت في علمه الـذراتُ |
بالسيفِ أضربُهم وَأطعنُهم برُمـ | * | حي ما استقامتْ في يديَّ قَنـاةُ |
تاللهِ لوأَنّي قُتلـتُ وبعــدَ هـ | * | ذا قد نُشرتُ تُصيبني قتــلاتُ |
في كُلِّها أحيا واُقتــلُ ثُمَّ اُحـ | * | رقُ بعدَ هَذا كـلُّ ذا مــراتُ |
ما حُدتُ عَنكَ وإنمـا هي قتلــةٌ | * | فيها نعيمٌ ليسَ فيــه فــواتُ |
وأجابَه أبناءُ هاشـمَ خيــرُ مَنْ | * | وَلدتهُمُ الأبـــاءُ والأمــاتُ |
لِمَ نحنُ هَذا فاعـلــونَ فَقُبِّحتْ | * | مِن بعدِ فقـدِكَ للنُفُــوسِ حياةُ |
لا كانَ مِنا مثـلُ هـــذا لا ولا | * | كانتْ لنا لما مضيـتَ نجــاةُ |
هيهاتَ انا تاركُـوكَ وما لنـــا | * | عُذرٌ غداةَ تضُمُّنـا النــدواتُ |
نفديكَ بالمُهـجِ الغـوالي كُلنــا | * | وتُخاض مِنا دونَـكَ الغُمُـراتُ |
بدأَ المقالَ بذلك العباسُ واتـبعوه | * | تُشــرقُ منهُـمُ الوجنـــاتُ |
أشبالُ حيدرةٍ وأبنــا جعفـــرٍ | * | وبنو الزكي القادةُ الســـاداتُ |
وبنو الحسينِ ومِنْ عقيلٍ عُصبـةٌ | * | لهم بمضمارِ العـُلا السبَقــاتُ |
أبني عقيلٍ قَتلُ مُسلـمَ حَسبُكُــم | * | قوموا اذهبوا لا تلقكــم نَكبَاتُ |
ماذا يقولُ لنا الـورى ونقولــهُ | * | لَهمُ وَفيهم لـــوَّم وَوشـــاةُ |
إنا تركنـا شيخَنَــا وإمامَنـــا | * | وبنو العمومةِ ما لهم نجـــدَاتُ |
مِن خيرِ مَنْ ولدَ العمومُ وانجبـتْ | * | مِنْ نَسلها الخَالاتُ والعمـــاتُ |
لم نرمِ سَهماً مَعَهُم كَـــلا وَلَمْ | * | نَضرِب بسيفٍ والسيوفُ مُضـاةُ |
لكننا نمَضي بنهجِــكَ سبقـــاً | * | تَفديكَ منا الروحُ والمهُجـــاتُ |
فالعيشُ بَعدكَ قُبّحـتْ ايامُـــه | * | وَوجُوهُه بالشّـرِ مُســـودّاتُ |
فخراً بني عَمرو العُلاء فأنتُـــم | * | للعزّ ما بينَ الـورى الــذرواتُ |
ان الفخارَ مُخيــمٌ في بابكُـــم | * | والعزُ فيكُم والعُـلا مَلكـــاتُ |
هذي النفوسُ السامياتُ لذكرِهــا | * | مَهما ذُكرِنَ روائحٌ عَطـــراتُ |
طَابــتْ أصولهُمُ فطِبنَ فُروعُهم | * | وعلى الأرومةِ تنبت الدوَحَــاتُ |
قومٌ زكت أعراقُهم وَسمتْ لهُــم | * | هِمَمٌ وطابتْ أنفُـــسٌ وَذواتُ |
قومٌ لَهم قَصبُ السباقِ إلى العُـلا | * | وَالمجدُ إن ضَمَّتهُمُ الحلَبــاتُ |
هَذي النفوسُ وليسَ من مِثلٍ لهـا | * | بنفوسِ هذا الخلقِ مَفدِيـــاتُ |
هذي النفـوسُ الكاملاتُ وَهــذه | * | هِممٌ على هامِ النجومِ عــلاتُ |
هذي الجواهرُ للوجُودِ غَدتْ على | * | كلِ الجواهرِ وَهي مُختــاراتُ |
تَمضى العصورُ وفي أعالي لوحِها | * | أخبارها بالنـورِ مَسطُــوراتُ |
باتَ الحسينُ وصحبُه مِنْ حَولـهِ | * | وَلَهُم دويُّ النحلِ لمَّا بَاتـــوا |
مِنْ رُكعٍ وسطَ الظـلامِ وسُجــدٍ | * | للهِ منهُم تكثــرُ الدّعـــواتُ |
وَتراءت الحورُ الحسانُ وزُينـتْ | * | لِقدُومِهمْ بنعيمِهـا الجنـــاتُ |
وَبدا الصباحُ وَلم تَنْم عيــنٌ لَهمْ | * | كلاّ ولا نابتهُــمُ غَفـــواتُ |
وَدنا ابنُ سَعدٍ منهُمُ بِجيوشـــه | * | راياته بالكُفــرِ مَعقـــوداتُ |
نادى اشهدوا إني لأولُ منْ رمـى | * | جيشَ الحسينِ وتابعتــهُ رُماةُ |
يَبغي رضا نسلِ البغايـا مُغضِبـاً | * | رَبَّ السما فجزاؤُه الدرَكَــاتُ |
فَهُناكَ انصارُ الحسينِ تَسابقُــوا | * | للحربِ قد صَحّت لهم نيــاتُ |
فكأنَ كُلاً مِنهُـمُ ليــثٌ بـــه | * | قَذفَت الى خَوضِ الوغى الغَاباتُ |
نيفُ وسبعونَ التقوا مَعْ عِـــدةٍ | * | فيها الثلاثون الألوفَ طُغــاةُ |
كَرُّوا على تلكَ الجموعِ ضَراغماً | * | وَلهم هنالِك صولةٌ وَثبَـــاتُ |
حتى أُبيدوا مُقبليـنَ بواســـلاً | * | لثغُورِهم تحتَ الوغى بَسمَـاتُ |
وَقضوا كِراماً بعد ما حطموا القنا | * | وَتثلمتْ للماضيـاتِ ظِبــاتُ |
ولمجدِهم كتبَ الخلودُ ودامَ فــي | * | أنفِ الزمانِ لذكرِهم عَبَقــاتُ |
وحصانِ ذيلٍ كالأهلـة أوجهـــاً | * | بسنائها وبهائهــا وصفاتِهــــا |
ما زال يخترق الفلا حتى أتـــى | * | أرض الطفوف وحلَّ في عرصاتهـا |
وإذا به وقف الجــواد فقــال يا | * | قوم أخبروني عن صدوق رواتهــا |
ما الأرض قالوا : ذي معالم كربلا | * | ما بال طرفك حادَ عـن طُرقاتهــا |
قال انزلوا : فالحكم في اجداثنــا | * | أن لا تُشقّ سوى علـى جنباتـهــا |
حط الرحال وقام يُصلح عضبــه | * | الماضي لقطع البيض فـي قماتهــا |
بينا يجيــل الطرف إذ دارت به | * | زُمرٌ يلوح الغــدر من راياتهـــا |
ما خلت أن بدور تــمّ بالعــرا | * | تُمسي بنو الزرقــاء من هالاتهــا |
قال الحسين لصحبه مـذ قوّضـت | * | أنوار شمس الكون عـن ربواتهـا |
قوموا بحفظ الله سيـروا واغنمـوا | * | ليلاً نجاةَ النفس قبــل فواتهــا |
فالقوم لم يبغـوا سواي فأسرِعـوا | * | ما دامت الأعـداءُ فـي غفلاتهـا |
قالوا عهدنـا الله حاشـا نتبـــعْ | * | أمَّارةً بالسوء في شهواتـهـا (1) |
نمضي وأنت تبيتُ ما بين العـدى | * | فرداً وتطلـب أنفــسٌ لنجاتهـا |
تبغي حراكـاً عنك وهي عليمــة | * | أبداً عذاب النفـس مـن حركاتها |
ما العــذر عنـد محمد وعلــي | * | والزهراء في أبنائهــا وبناتهــا |
لا بدّ أن نرد العـدى بصــوارم | * | بيض يدب المـوت فـي شفراتها |
ونذود عن آل النـبـي وهكــذا | * | شأن العبيد تـذود عن ساداتهــا |
فتبادرت للحرب والتقت العـدى | * | كالأُسد في وثباتهــا وثباتهــا |
جعلت صقيلات الترائب جنــة | * | كيما تنــال الفــوز في جناتها |
كم حلقت بالسيف صدر كتيبـة | * | وشفت عليل الصدر فـي طعناتها |
فتواتر النقط المضاعـف خلتَـه | * | حلق الدلاص به علـى صفحاتها |
فتساقطت صرعى ببوغاء الثرى | * | كالشهب قد أفلت برحـب فلاتها |
ما خلت سرب قطا بقفرٍ بلقــعٍ | * | إن التراث تكون من لقطـاتهــا |
رحلت إلى جنّات عدن زُخرفت | * | سكنت جوار الله في غرفاتها (2) |
قف بوادي الطف واصرخ صرحةً | * | تملأُ الدنيا ضجيجـاً ورنيـــن |
يا ضيوفاً نزلــوا فـي نينــوى | * | فتّلقتُهم جيــوشُ الظـالميـــن |
بالسُيوف استقبلوهـم والقـنـــا | * | قاصدينَ الغدرَ لا مستقبلـيـــن |
اُمويّـــون ولا ديـنَ لـهـــم | * | شيمةُ الغدرِ لهم والغـادريـــن |
واليزيديون كم عاثــوا وكـــم | * | حاربوا الإسلام باسم المسلميــن |
وبنو حربٍ وصخــرٍ اقبلـــوا | * | بقلوبٍ ملؤها الحقـدُ الدفيـــن |
ورثوا الأحقادَ من أسـلافـهِـــم | * | آه ما أقسى قلوبَ الحاقـديـــن |
اعلنوا الإلحـادَ والكفــرَ كمــا | * | أنكروا القرآنَ والشرعَ المبـيــن |
والخياناتُ التي منهـــم بــدتْ | * | والجناياتُ لها ينـدى الجبيـــن |
لم يُراعوا المصطفــى في آلــه | * | صفوةِ الخلـقِ كـــرامٍ أطيبين |
وعلـى آل عـلــيٍ قد عَــدوا | * | واعتدَوا تعساً لهم من معتـديــن |
وحسينٌ ما جنى ذنبـــاً ســوى | * | أنه شبلُ أميـــرِ المؤمنـيــن |
وكــذا أولادهُ من نسـلــهِ | * | خيـرُ نسلٍ بل خيارُ الخيّرين |
ورأوا فـي صحبهِ روحَ الوفا | * | لا كأتبـاع ابن سفيـان اللعين |
منعوا السـبطَ ومن في رهطه | * | أنْ يذوقوا باردَ المـاءِ المعين |
كـربلا حُفت بكربٍ وبــلا | * | نذكرُ السبط بها في كـلِ حين |
ليلةُ العاشرِ مـا مِنْ ليـلــةٍ | * | مثلُها مرّت على مـر السنينْ |
ليلةٌ ملأى بألــوان الأسـى | * | ذكرُها للحشر يُشجي الذاكرينْ |
ليلةٌ ضاقت بها الدُنيـا علـى | * | آلِ طه الاطيبينَ الأطهـريـنْ |
آهِ ما أعظَمَهـا مـن ليلــةٍ | * | أحزنـت كلَّ قلـوبِ المؤمنينْ |
وسويعـاتٍ وما أنكـدَهــا | * | من سويعاتٍ بها الوجدُ يبيـنْ |
وإلى التوديع أصـواتٌ علت | * | بصُراخٍ وبكــاءٍ وحَنيــنْ |
أوداعٌ أم فـراقٌ محـــرقٌ | * | لقلوبٍ في غـدٍ مفتـرقيــنْ |
آهِ ما أفجَعَهـا مـن فرقــةٍ | * | لم تدَعْ شملاً لهُـمْ مجتمعيـنْ |
والحسينُ السبـطُ قد حَفّتْ به | * | لُمةٌ بيـن بنــاتٍ وبنيــنْ |
ويَرى مِنْ جانبيـهِ نســوةً | * | أحدقت فيه يســاراً ويميـنْ |
يا بنفسي من وداعٍ مـؤلــمٍ | * | وبعقباهُ افتــراقُ الأقربيـنْ |
ولأطفـالٍ صغـارٍ رضَّــعٍ | * | عُطّشاً تبكي ولكـن بأنيــنْ |
يا له من مَشهـدٍ أبكى المـلا | * | والسماواتِ العُلى والأرضيـنْ |
ليلةٌ آلُ رسـولِ الله فـــي | * | صُبحها بيـنَ ذبيــحٍ وطعينْ |
يومُ عاشوراءَ ما يجري بـه | * | فبعيـنِ اللهِ ربِّ العالمـيــنْ |
يومُ عاشوراءَ يومٌ لم يـكـن | * | مثلُهُ يومٌ وبالحُزن قريـــنْ |
ألبسَ الكونَ حـداداً دائمــاً | * | بشعارِ الحُزنِ والكونُ حزيـنْ |
لضحايا الطفِّ هُمْ آلُ الهُدى | * | من شُيوخٍ وشبابٍ أنجبيــنْ |
في سبيل الله والديـن معـاً | * | جاهدوا حتى تفانوا أجمعيـنْ |
بقيَ السبطُ وحيداً بعدهــم | * | ويُناديهم ألا هل من مُعيــنْ |
لم يجد منهم مُجيبـاً أبــداً | * | يالمأساةٍ لها الصخرُ يليــنْ |
للحسينِ السبطِ إعـلانُ العزا | * | والمُعزَّى جَدُّه الهـادي الأمينْ |
محمد باقر الايرواني النجفي 19 / 11 / 1416 هـ قم المقدسة |
ذاك ليـلٌ فيه استعدّت لصبحٍ | * | ثُلَّةُ العزِّ وهي عزَّت مثــالا |
غار بالليـل كلُّ نجم مُضيءٍ | * | خجلاً منهُمُ فــزادوا جلـالا |
فحسينٌ كساهُــم أيَّ نــورٍ | * | فيه تخفى الأنوارُ وهي تـلالا |
لا يعدون عمـرهم غير صبرٍ | * | بين حدِّ السيوف إلاًّ حــلالا |
لا يعدّون عُمرهم غير شـربٍ | * | لكؤوس المنون حتّى الثمـالا |
ودويٍّ كالنحــل في صلوات | * | لو أتوها على الوجود لـزالا |
يشحـذون الفؤادَ كي لا يُهـالا | * | حين ترتجّ أرضُها زلــزالا |
فحبيبٌ يُوصيــهُمُ بحبيــبٍ | * | وحبيبُ الجميع ربٌّ تعالــى |
برزوا للوجود أحلــى نجومٍ | * | منهُمُ ازداد كلُّ شيءٍ جمـالا |
وإذا بالحَمَار يبـدأُ فجـــراً | * | كلُّ فجرٍ بُحمرةٍ يتعالـــى |
إذ يبثُّ الحياةَ في كلِّ شــيءٍ | * | منه حتّى الجماد يبغي انتقالا |
وكأن الجميعَ هبّ سريعــاً | * | من عِقال وما يُريـدُ اعتقالا |
وإذا بالحسين فجرٌ عجيـبٌ | * | يتصدّى لليل ظُلــمٍ توالى |
يضمحلُّ الطُغيانُ وهو عظيمٌ | * | وعنيدٌ بنورهِ اضمحــلالا |
محمد حسين الأنصاري 12 / محرم / 1414 هـ |
قد انجبتك من الفحولـة حــرةٌ | * | لم يعرف التاريخ بعــدُ وفاءَها |
اُمّ البنين أصيلة أكـرم بهـــا | * | اُمّاً فدت لامامهـــا أبناءَهــا |
غذّتك من ثدي الكرامة والوفــا | * | حُبَ الحسين فكنت أنت عطاءَهـا |
وبطولة من حيدر فجمعتهـــا | * | في كربلاء لكي تصدَ بلاءَهــا |
قرَّت لها عينُ الكريمة زينــبٍ | * | لتراك أهلاً أن تصون خِباءَهــا |
فمضت تَقُص عليك دوراً عاصفاً | * | فيك الشهامة ما اعتزمت فداءَهـا |
في ليلة طاب الحديث الحلوُ مـن | * | اُختٍ وأنت على الجـواد إزاءَها |
تروي مصاهرةَ الكرام بقصــةٍ | * | قد انجبتك ولم تُــرد إخفاءَهـا |
فهززت سيفك أن تطمئن قلبهـا | * | بيدٍ تلقت في غدٍ جــذاءَهــا |
فتصاعدت بيضاء تدعو ربهــا | * | ألاّ يَخيب السائلون رجـاءَهــا |
فتحدّث التاريخ عنهـا أنّهـــا | * | ملأت بأسخى المكرُمات عطاءَها |
وعلى الشريعة ودعتك مُقطّعـاً | * | اُختٌ تُساق وَخلّفتك وراءَهـــا |
لكنَّ رأسك فوق رمحٍ شامخــاً | * | قد كان يرعى شجوها وبُكاءَهـا |
قمراً يُنير الدرب أيَّ قوافــل | * | ويضمَّ تحت شُعاعه اُســراءَها |
نادتك من قلب ذوت أوشاجُـه | * | وبأدمُع هوت العيونُ بُكـــاءَها |
أأخيَّ عند العهد بعدك لم تـزل | * | وأراك تسمعُ للصغـار نـداءَها |
لا زلت تحرس ركبنا وتُزيل في | * | أنوار وجهك للعــدى ظلماءَها |
محمد رضا القزويني 28 / شوال / 1416 هـ |