بنور فاطمة (ع) اهتديت ::: 31 ـ 40
(31)
هذا الشأن :
     ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ، ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ، ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ) (1).
     تتحدث الآية الكريمة عن عدة أمور :
     1 ـ عن الرسل والرسالات عموما :
     إن كلمة رسول ورسل عندما تأتي في سياق الآيات المباركة غالبا ما يدور حديثها حول أمر يرتبط بالرسالة ، والاقتتال الذي يحدث بعد الرسل بين قومهم إنما هو انقلاب على الرسالة ، وظلال كلمة الرسول في مثل هذه الآية توحي بأن ظاهر الاختلاف ليس حول شخص الرسول إنما في رسالته يقول تعالى ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) (2) وبما أن رسولنا الأكرم (صلى الله عليه وآله) يدخل ضمن دائرة الرسل فإن الآية التي يدور الحديث حولها تشمل سيدنا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم). خاصة وأن الآية السابقة تؤكد على صفة الرسالية وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) مرسل كما كان غيره مرسلين ( وإنك لمن المرسلين ) (3) ويقول تعالى حاكيا عن لسان حبيبه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ( قل ما كنت بدعا من الرسل )(4) وبتقريب أكثر فإن السنن التي كانت في السابقين لن تتوقف عند أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
     (1) سورة البقرة : آية / 253.
     (2) سورة آل عمران : آية / 144.
     (3) سورة البقرة : آية / 252.
     (4) سورة الأحقاف : آية / 9.

(32)
2 ـ وعن التفضيل بين الرسل :
     حتى لا يدعي مدع بأن الأفضلية لها دور في حماية الناس من الاختلاف بعد أفضل الأنبياء والمرسلين ، وكثيرا ما أسمع من البعض أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء وأفضلهم فكيف تختلف أمته من بعده ؟.
     أقول : صحيح أن نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أفضل الأنبياء وأكملهم ولكن ذلك لا يجعل أمته خارج دائرة السنن الإلهية وهذا ما أكد عليه القرآن يقول تعالى ( سنة من قد أرسلنا من قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا ) (1) ويقول ( فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) (2).
     إن حدوث الاختلاف من بعده لا يقدح في أفضليته ، إنه كغيره من الرسل الذين جاؤوا لأقوامهم حتى يخرجوهم من الظلمات إلى النور ولكن كل قوم كذبوا رسولهم وانقلبوا على رسالته من بعده وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس بدعا من الرسل كما أوضحنا بل إن نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أوذي أكثر من غيره كما جاء عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلماذا لا يكون الاختلاف من بعده أكبر وأخطر من الاختلاف الذي كان في أقوام الرسل السابقين.
     يقول ابن كثير (وقال هاهنا تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله) يعني موسى (ع) ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (3) وبناء على قوله هذا يكون الاختلاف بعد الرسل يشمل أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
     من خلال الآية الكريمة نرى أن الاختلاف دائما ما يكون بعد أن تأتيهم البينات
     (1) سورة الإسراء : آية / 77.
     (2) سورة فاطر : آية / 43.
     (3) تفسير ابن كثير ج 1 ص 263.

(33)
ويعرفوا الحق ويتبينوا الأمر بواسطة الرسول ، ومعنى ذلك أنه لا يجدي التمسك بشماعة التبرير المعروفة باسم « الاجتهاد ». والواقع العملي في أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يرينا أن الاختلاف وقع فيها كالأمم السابقة وبعد أن بين لهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) معالم الصراط المستقيم ونصحهم وهو القائل « ما منشيء يقربكم إلى الجنة ويبعدكم عن النار إلا وأمرتكم به ». يقول سيد قطب في تفسير الآية (ولم تغن وحدة جماعة الرسل في طبيعتهم ووحدة الرسالة التي جاؤوا بها كلهم لم تغن هذه الوحدة عن اختلاف أتباع الرسل حتى ليقتتلون من خلاف) (1).
     3 ـ وأن نتيجة هذا الاختلاف :
     أن فريقا تمسك بالحق فآمن وآخر حاد عنه فكفر ، وذلك يعني أنهم ليسوا في مرتبة واحدة أو أنهم جميعا على الحق.
     لكن لماذا يكون الاختلاف بعد البينات ؟ هذا ما تكفلت بالإجابة عليه مجموعة من الآيات التي تكررت في القرآن الكريم ليؤكد الله سبحانه وتعالى استمرار السنن في الأرض ويبين طبيعة الإنسان الظلمانية التي تنجذب دائما لرغباته وأهوائه وجهله ..
     يقول تعالى : ( وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم ) (2) ، (وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ) (3) ، ( وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ) (4) ، ( وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ) (5).
     نجد أن الآيات القرآنية تربط دائما بين الاختلاف والبغي ، و (معناه) في اللغة
     (1) في ظلال القرآن ج 1 ص 284.
     (2) سورة البقرة : آية / 213.
     (3) سورة آل عمران : آية / 19.
     (4) سورة الشورى : آية / 14.
     (5) سورة الجاثية : آية / 17.

(34)
كما جاء في لسان العرب لابن منظور : التعدي ، وبغى الرجل علينا بغيا : عدل عن الحق واستطال ومعان أخرى تدل على سوء النية وهي كما لا يخفى مغايرة لمعنى الاجتهاد الذي أصبح صكا يعصم كل المنحرفين عن المسألة والمحاسبة 4 ـ كما نجد في هذه الآيات :
     أن الاختلاف يكون بين الذين أوتوا الكتاب أي أنهم عالمون بالحق ويدركون جهته ولكنه البغي فتأمل أيها المؤمن وتدبر ، تلك آيات الله ( ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ) (1).
     الاطار الثاني : كثيرا ما يضع الفرد منا مباني يبني عليها طريقة تفكيره وتقييمه للأحداث وفي الغالب يكون نقاشنا لأي قضية من زاوية عاطفية أو بمنطق موروث مقدس لا يعطي للآخرين فرصة للحوار والنقاش ، ومثال ذلك الحديث الذي يدور حول الصحابة الذين عاشوا مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبقوا حتى وفاته وامتدت أعمار بعضهم إلى أمد طويل هل يمكن وضعهم في ميزان العدالة لتصنيفهم أم أنه لا يجوز لنا ذلك باعتبارهم عاشوا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخذوا منه الدين ولا يمكن نقدهم ؟! لا أريد مناقشة نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة والجماعة الآن إنما ذلك متروك للأبواب الآتية التي سنناقش فيها ما حدث منهم بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أما الآن فنحن بصدد أخذ بصائر من القرآن الكريم تفيدنا في بحثنا هذا ونستدل بقصتين تفصيليتين من الأمم السابقة ذكرتا في القرآن ثم نحاول أن نتدبر فيهما لنخرج بقاعدة كلية تعيننا في مسيرتنا هذه.
     (1) سورة آل عمران : آية / 19.
(35)
القصة الأولى : بلعم بن باعوراء مع نبيه موسى (ع)
     يقول تعالى ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ، ولوشيء نا لرفعناه بها لكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ) (1).
     يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآيات « هو رجل من بني إسرائيل يقال له بلعم بن باعوراء كان يعلم الاسم الأكبر وآتاه الله آياته وهو من العلماء من أتباع موسى (ع) بعثه إلى ملك مدين يدعوه إلى الله فأقطعه وأعطاه ، فتبع دينه وترك دين موسى (ع) ! » ويواصل ابن كثير في سرد قصته ويقول : « إن بني عمه أتوا إلى بلعم وقالوا له إن موسى رجل حديد ومعه جنود كثيرة وإنه إن يظهر علينا يهلكنا فادع الله أن يرد موسى ومن معه قال إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي فلم يزالوا به حتى دعا عليهم » موسى وأتباعه « فسلخه الله مما كان عليه » وفي قوله تعالى ( لوشيء نا لرفعناه بها ) يقول ابن كثير « أي لرفعناه من الدنس عن قاذورات الدنيا بالآيات التي أتيناه إياها (ولكنه أخلد إلى الأرض) أي مال إلى زينة الحياة الدنيا وزهرتها وأقبل على لذاتها ونعيمها وغرته كما غرت غيره من ( أولى البصائر والنهي )» (2).
     يظهر جليا من خلال الآيات وكلام ابن كثير حولها أن بلعم هذا بلغ درجة من الإيمان والتقوى والورع حتى أعطي آيات الله والاسم الأعظم وذلك يعني أنه عالم كبير وكان من أتباع موسى (ع) ولكنه مال إلى أهوائه وشهواته واغتر بالدنيا فأضحى كالكلب.
     هذه القصة ذات الأسلوب البليغ في السرد تعطينا بصيرة مهمة جدا نستطيع من
     (1) سورة آل عمران : آية / 175 ـ 176.
     (2) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج 2 ص 23.

(36)
خلالها أن نبدأ التوغل في عمق التاريخ بلا وجل ، فها هو القرآن ينسف قاعدة العدالة المطلقة والقدسية لغير المعصوم ، وهذه الآيات دلالتها واضحة على أن الإنسان مهما بلغ في العلم والتقوى بإمكانه في أي لحظة أن يخلد للأرض ويكفر بنعم الله تعالى وهذه نقطة مهمة إذ كثيرا ما تثار قضية عدالة الصحابة وأنهم لا يمكن أن يخونوا أمانات الله والرسول ! وإذا سألتهم ما الدليل ؟ قالوا : عاشوا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجاهدوا معه ، ولكن القرآن الحكيم الذي فيه نبأ من كان قبلنا وفصل الذي بيننا وخبر ما بعدنا بين هذا الأمر ، حتى ولو فرضنا محالا أن جميع الصحابة بلغوا مرحلة من التقوى والورع فإنه يبقى هنالك إمكان بعدم التزامهم بالحق حتى آخر نفس في حياتهم ... والحال أننا لم نسمع بأن أحدهم كان يملك الاسم الأعظم !!.
     يبقى الأصل القرآني « إن جميع الخلق ما عدا المعصومين معرضون للزلزلة والابتلاء ومن ثم النجاح أو الفشل فيه فالانتقال من جهة الحق إلى الباطل حتى ولو بلغوا أعلى درجة من التقوى والمقياس الحقيقي هو الاستقامة في طريق الحق والالتزام به كاملا ».
     بعد هذا لا أظن أن أحدا يحتاج أن يمد عنقه قائلا بعدم إمكان تخلي بعض الصحابة عن الحق في أي لحظة من دون أن ينكر حقيقة وقاعدة قرآنية ، ولكن بالإمكان السؤال عن مصداق ذلك في أمة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والتفصيل متروك لمحله.
     يقول محمد علي الصابوني في تفسير آخر هذه الآية ( فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ) أي أقصص على أمتك ما أوحينا إليك لعلهم يتدبرون فيها ويتعظون) (1) فهلا تدبرنا واتعظنا.
     (1) صفوة التفاسير ج 1 ص 482.
(37)
القصة الثانية : السامري وهارون مع بني إسرائيل
     قال الله تعالى ( قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ، قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ، ألا تتبعن أفعصيت أمري ، قال يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ، قال فما خطبك يا سامري ، قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي ) (طه / 83 ـ 97).
     قبل أن نبدأ في شرح قصة السامري الذي انقلب على خليفة موسى « هارون (ع) » هنالك ملاحظة هامة نلحظها في القرآن الكريم وهي (التركيز على قصص بني إسرائيل) ترى لماذا هذا التركيز ؟ لا بد من وجود حكمة تقتضي ذلك.
     في الواقع هناك شبه كبير بين بني إسرائيل وأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولعل أبرز نقاط التشابه كما سيتضح من خلال الأحداث التاريخية ما جرى لموسى وهارون (ع) من بني إسرائيل وما جرى لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (ع) من هذه الأمة وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي » له مغزى ودلالات عظيمة ، وما أورده ابن قتيبة في تاريخه الإمامة والسياسة يبين لنا جانبا من التشابه بين الأمتين ... يقول في معرض قصة طلب عمر من علي (ع) البيعة لأبي بكر بقي عمر ومعه قوم أمام بيت فاطمة (ع) فأخرجوا عليا فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له : بايع فقال : إن لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك. فقال : إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله ... إلى أن قال ابن قتيبة : فلحق علي بقبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصيح ويبكي وينادي : يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا أن يقتلوني (1) وهذا ما قاله هارون
     (1) الإمامة والسياسة تاريخ الخلفاء : ج 1 ص 12.
(38)
لموسى (ع).
     أما السامري كما ورد في التفاسير ومجمل الكتب التي أوردت قصص الأنبياء فإنه ربيب جبرائيل تعهده منذ الصغر حينما كان فرعون يقتل كل ذكر يولد في بني إسرائيل ، ويوم نزل جبرائيل (ع) حتى يأخذ موسى إلى الميقات أخذ السامري قبضة من أثره وألقى به في جسد العجل المصنوع من الحلي فأصبح له خوار. وما يهمنا من القصة أن السامري كان من أصحاب موسى (ع) وكما هو واضح بلغ مرتبة عظمي حتى قال (بصرت بما لم يبصروا به) وكان له من العلم ما لم يكن لغيره وحظي بمشاهدة جبرئيل واستطاع بكل ذلك أن يضل بني إسرائيل الذين اتبعوه باعتبار أنه ذو مكانة ... فسولت له نفسه الأمارة بالسوء فكان عمله الباطل الذي أضل به القوم ...
     السؤال الآن ، هل يمكن أن نجد في تاريخ الأمة الإسلامية وواقعها بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مصداقا لمثل هذا الانحراف ؟ مع علمنا التام بأنه لا يوجد أحد من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحلم برؤية جبرئيل على حقيقته ومعرفته وامتلاك بعض الأسرار الإلهية المكنونة في أثره ... صحيح أن جبرئيل كان يأتي للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في صورة رجل يسأله عن أمور الدين ولكن ما كان الصحابة يعرفونه إلا بعد مغادرته وبيان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فأين كان السامري وأين هم الصحابة ؟.
     وعند البحث في جذور انحراف الأمة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سترى مدى تطابق الأحداث التاريخية مع القصص القرآنية خصوصا قصة بني إسرائيل.
     وفي ختام هذا الفصل (أعرض عليك عزيزي القارئ سببين رئيسيين يذكرهما القرآن لأنهما يمنعان الإنسان من الاهتداء إلى الحق ، أو الالتزام به بعد معرفته ، وهذان السببان يعترضان أي إنسان في أي مكان وأي زمان.


(39)
أولا :
     تقديس ما توارثناه عن آبائنا وأجدادنا وهي مشكلة كبيرة ذمها القرآن باعتبارها عائقا وحائط صد منيع يجب تجاوزه خصوصا في مسألة الاعتقاد والتي نسأل عنها باعتبارها تكليفا عينيا بعيدا عن الانتماءات الأسرية والاجتماعية وغيرها ...
     يقول تعالى : ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) (1).
     ( وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ، قل أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين ) (2).
     ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ) (3).
     وغيرها من الآيات التي تتحدث حول هذا الموضوع.
     ثانيا :
     الاستكبار بعد معرفة الصواب وهذه المشكلة كانت السبب الرئيسي في عدم اتباع الأمم لرسلهم وهي التي أخرجت إبليس من رحمة الله تعالى ...
     يقول تعالى : ـ
     ( ويل لكل أفاك أثيم ، يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم ) (4).
     (1) سورة البقرة آية / 170.
     (2) سورة الزخرف : آية / 23 ـ 25.
     (3) سورة لقمان : آية / 21.
     (4) سورة الجاثية : آية / 7 ـ 8.

(40)
( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ) (1).
     ( والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) (2).
     ( إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين ) (3).
     هذه بعض العوائق التي تقف حائلا بيننا وبين معرفة الحق واتباعه ... والبحث الآتي بين طيات هذا الكتاب يحتاج لإزاحة مثل هذه الحجب وغيرها حتى يرى الإنسان الحقيقة كرؤيته للشمس في واضحة النهار والله المستعان.
     (1) سورة البقرة : آية / 87.
     (2) سورة الأعراف : آية / 36.
     (3) سورة الأعراف : آية / 40.
بنور فاطمة (ع) اهتديت ::: فهرس