بنور فاطمة (ع) اهتديت ::: 141 ـ 150
(141)
المعتبرة بينما حديث « كتاب الله وعترتي » متواتر لدى الفريقين تسنده أحاديث أخرى بألفاظ مختلفة.
    والحق يقال إن واضعي الحديث « المحترفين هذا الفن » أبدعوا وأجادوا وهم يصنعون في مقابل كل حديث حول أهل البيت (ع) حديثا يرفع من شأن غيرهم والأمثلة كثيرة سنذكر بعضها إن شاء الله.
    ولا أدري كيف يتمسكون بهذا الحديث وأول من خالفه عمر بن الخطاب في رزية يوم الخميس المعروفة والتي سيأتي ذكرها .. حينما قال « حسبنا كتاب الله » وهو بنفسه الذي فرض حظرا على الصحابة في رواية أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أحرق أبو بكر الأحاديث المكتوبة حتى لا تختلط بالقرآن على حد زعمهم وغيرها من الحوادث التي تثبت عدم الاعتراف بالسنة كما هو متعارف عليه الآن.
    وحديث العترة يثبت فيما يثبت عصمة أهل البيت (ع) لأن الذي لا يفارق القرآن ولا يفترق عنه يعني لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه مثل القرآن تماما ، ولو كان هنالك ثمة احتمال ولو ضئيل جدا بافتراق أهل البيت (ع) عن القرآن لما أكد لنا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في كلامه أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، وبهذا المعنى نفهم آية التطهير التي نزلت في أهل البيت (ع).
    ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ولقد أجمعت مصادر التفسير والحديث على نزول هذه الآية في خمسة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين كما جاء في صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أهل البيت (ع) (1).
    والآية ناطقة بعصمة أهل البيت (ع) مما يؤهلهم دون غيرهم للقيام بدور الإمامة لحفظ الشريعة الإسلامية وممارسة دور الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) القيادي في الأمة والذي لا يتأتى إلا لمعصوم مصطفى من السماء وهذا ما لخصته آية التطهير والتي
    (1) وجاء أيضا مثل ذلك في المستدرك ج 3 ص 147 وقال صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه.

(142)
صدرت بأداة الحصر « إنما » وهي من أقوى أدوات الحصر ، وفيها إذهاب الرجس عن أهل البيت (ع) والرجس يعني مطلق الذنوب والآثام والأدناس ، والقيام بالتطهير بإرادة الله تعالى .. كل ذلك مؤداه عصمة أهل البيت (ع).
    ومن أوضح الواضحات التي لا تقبل الجدل عندنا في السودان أن أصحاب الكساء أو أصحاب العباءة هم الخمسة الذين نزلت فيهم آية التطهير كما تواتر في الأحاديث.
  • حوار حول العصمة في حديث الثقلين.
        جرى حوار بيني وبين أحد الأصدقاء حول عصمة الإمام قال لي : أنتم مغالون تبالغون في حب أهل البيت (ع) حتى ادعيتم أنهم معصومون ومفوضون بالتشريع ونحن لا نرى سوى عصمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
        قلت : أولا أهل السنة والجماعة لا يقولون بأن النبي معصوم في كلشيء بل في أمر التبليغ فقط ، ولا ندري كيف يحددون ويصنفون الأمور الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أي منها من الدين وأي من غيره وذلك بخلاف قول الشيعة الذين يقولون بعصمة النبي المطلقة ولا فرق في ذلك بين أمور التشريع وغيرها. أما عصمة أهل البيت فالآية واضحة في دلالتها يقول تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) الآية. أضف إلى ذلك مجموعة الأحاديث التي نستشف منها بوضوح دلائل العصمة وحسبك في ذلك حديث الثقلين بعد أن ثبتت صحته لدى جمهور المسلمين سنة وشيعة.
        قال : هذا الحديث لا يدل على العصمة فهو فقط يخبرنا بالرجوع لأهل البيت.
        قلت : بل الحديث أوضح من أن يبحث فيه عن العصمة إذ أن صحة الحديث يؤكد عصمتهم وإليك البيان ، وسألته : ـ ما قولك في القرآن ؟ قال : ـ ماذا تقصد ؟!
        قلت : ـ هل يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه ؟ قال : ـ لا. قلت : ـ إن اقتران أهل

    (143)
    البيت (ع) بالكتاب والتصريح بعدم الافتراق عنه يدل على عصمتهم. إذ أن صدور أي مخالفة للشريعة منهم سواء كان عمدا أم سهوا أم غفلة يعتبر افتراقا عن القرآن ، لو قلنا بأنهم يفترقون عنه ولو للحظة فهذا تكذيب للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أخبر عن الله عز وجل بعدم وقوع الافتراق وتجويز الكذب على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدا مناف لعصمته حتى في مجال التبليغ وقد أكد على الحديث في أكثر من موضع.
        أضف إلى ذلك أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) اعتبر التمسك بهم عاصما من الضلالة دائما وأبدا كما هو مقتضى ما تفيده كلمة لن التأبيدية فإذا كان هنالك مجال لضلالتهم ولو للحظة فكيف يكون التمسك بهم عاصما.
        هذا عن العصمة أما ما قلته عن التفويض فلا أحد من الشيعة يقول به ، إنما هو قول أعداء الدين الذين حاولوا تشويه الصورة النقية للتشيع ، وأنت إذا أردت أن تتعرف على معتقدات الشيعة فيجب عليك الاطلاع عليها من كتبهم وأقوال علمائهم لا من كتب وأقوال المناوئين لهم الذين لا يتورعون عن الكذب والافتراء ، ومعروف عند الشيعة أن الأئمة يقولون بما قاله الرسول (صلى الله عيه وآله وسلم) ، وها هو الإمام أمير المؤمنين علي (ع) يقول « علمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب » فهم لا يقولون بالتفويض بل أهل السنة والجماعة هم الذين فوضوا الصحابة في التشريع حتى أمضوا اجتهادات الصحابة الواضحة مقابل النصوص المؤكدة.
        بعد هذا الحوار أخذ صاحبي يبحث له عن مخرج وبدأ يقفز بالحديث هنا وهناك ويحاول أن يجد ثغرة يصطادني بها وعندما لم يجد قال لي : ـ يا أخي أنا مفوض أمري إلى الله نحن أهل تسليم.
        قلت : ـ التسليم لا يكون إلا للحق ، أما التفويض لله فلا يلغي إرادتك ويجمد عقلك. إذا كنت تصبوا إلى الحقيقة واصل بحثك عنها ثم فوض الأمر إلى الله يهديك

    (144)
    إلى الصراط المستقيم ، أما أن تكون لا تدري أعلى حق أنت أم على غيره ثم تفوض الأمر هذا تبرير لا يقبل شرعا ولا عقلا. وتركته وذهبت.
        بقي أن نبين بعض المصادر التي ذكر فيها حديث الثقلين : ـ
  • صحيح مسلم فضائل علي (ع).
  • صحيح الترمذي ج 5 ص 662 ـ 663.
  • صحيح أحمد بن حنبل ج 3 ص 17 ـ ج 5 ص 182 ومواضع متعددة.
  • مستدرك الحاكم ج 3 ص 109 وكتاب معرفة الصحابة ص 27 وغيرها من المصادر.

    الحديث الثالث :
        قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) :
        « مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ».
        مستدرك الحاكم ج 2 ص 343 وغيره من المصادر مثل كنز العمال وتاريخ البغدادي ورواية أخرى تعضدها جاءت في مستدرك الحاكم ج 3 ص 149 « أهل بيتي أمان لأمتي » ما أبلغ تعبير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا الحديث الذي يشبه أهل البيت (ع) بسفينة نوح التي حملت المؤمنين برسالته ومن لم يؤمن بها أخذته أمواج الطوفان حتى ابنه الذي قال كما جاء في القرآن ( ... سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ) (سورة هود : آية / 43) لم ينج من تلك الأمواج وأصبح من الهالكين ، واليوم أمواج الفتن تتلاطم ويذهب ضحيتها أولئك الذين لم يركبوا في سفينة النجاة التي أخبر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ... وكل الذين يقدمون الأعذار والتبريرات لعدم تمسكهم بأهل البيت (ع) وركوبهم سفينة النجاة هم كابن نوح الذي اعتبر الجبل عاصما له من الغرق دون السفينة ، والفرق أن الجبال تعددت في وقتنا الحاضر وأكثرها علوا عند من يفكر فيها جبل « عدالة الصحابة » فهل يا ترى يعصمهم من الأمواج الهادرة ؟!
        وحتى نعطر أجواء هذا البحث نعرج على القرآن الكريم لنستضئ بنوره


    (145)
    ونقتبس منه بعض المعاني يستفيد منها من يريد أن يصل إلى الحق.
         الآية الأولى : مباهلة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للنصارى .
        قال الله سبحانه وتعالى :
        ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) (سورة آل عمران : آية / 61).
        تواتر لدى الفريقين نزول هذه الآية ـ كما بينا في حديثنا حول الزهراء (ع) في علي وفاطمة والحسنين ، جاء في صحيح مسلم « ولما نزلت هذه الآية دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال : اللهم هؤلاء أهلي ».
        قال الفخر الرازي في تفسيره « وأعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث » (1) إن القرآن بدقته وبلاغته يعطي لأولي الألباب بصيرة وتوجيها من أقصر الطرق وأيسرها والآية المذكورة تحمل دلالات عظيمة وتفصل معاني الاصطفاء والاختيار الإلهي في أقصر العبارات وأبلغها.
        وكما جاء في الأحاديث لم يأخذ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) معه أبا بكر وعمر كما أنه لم يأخذ عائشة أو غيرها من زوجاته ..
        لم يأخذ إلا هذه العصبة المباركة والتي لم يكن اختيارها اعتباطيا أو عاطفيا في وقت تمر فيه الرسالة بمنعطف تاريخي وهي تواجه نصارى نجران وتتحداهم إنما كان اختيارا ربانيا كما عبر عنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله : لو علم الله تعالى أن في الأرض عبادا أكرم من علي وفاطمة والحسن والحسين لأمرني أن أباهل بهم ، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء فغلبت بهم النصارى.
        ويأتي البعض لإقناعنا بأن الصحابة أفضل من أهل البيت (ع) وكيف يكون ذلك وهذا الاقتران بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته من كل مورد وكما
        (1) التفسير الكبير للرازي ج 8 ص 80.

    (146)
    ورد في الآيات مما يؤكد بأنهم الامتداد الرسالي له (صلى الله عليه وآله وسلم).
        وهنالك ملاحظة جديرة بالالتفات إليها ، وأذكرها لأصحاب العقول المستنيرة الباحثة دوما عما هو أحق بالاتباع ... وهي موقعية علي (ع) في آية المباهلة فهو ليس من أبناء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كالحسن والحسين كما أنه بالطبع لا يدخل في قائمة النساء ومع ذلك أتى به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولا نجد له مكانا إلا نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ( وأنفسنا وأنفسكم ) هذه المفردة القرآنية تعتبر عليا الحالة التجسيدية الكاملة لشخصية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا ما أكده الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديثه « علي مني وأنا من علي » فتدبر !!
         الآية الثانية :
        ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ... ) (1).
        لا يختلف اثنان من وجوب طاعة أولي الأمر كما جاء في هذه الآية التي قرنت طاعتهم بطاعة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وهؤلاء القادة الواجبة طاعتهم على سبيل الجزم لا بد أن يكونوا في مصاف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من وجود الصفات والخصائص الربانية إلى وجوب الاقتداء والتمسك بهم وهذا يستوجب عصمتهم .. لأنه يستحيل أن يأمرنا الله تعالى على سبيل الجزم بطاعة من يحتمل خطؤه وعصيانه ، لأنه مفترض الطاعة بلا استثناء ولا حدود ، والاتباع في حالة الخطأ منهي عنه ، فكيف يجتمع الأمر والنهي في فعل واحد باعتبار واحد ؟
        فيثبت من ذلك أن من أمر الله بطاعتهم على سبيل الجزم وجب أن يكونوا معصومين وذلك ما توصل إليه الفخر الرازي في تفسيره فأثبت عصمة أولي الأمر ولكنه في محاولة يائسة حاول صرف المعنى عن أهل البيت (ع) إلى أهل الحل والعقد ولا نجد من هو أجدر من أهل من الأمة والذين لم نجد لهم تعريفا ثابتا أو فهما
        (1) سورة النساء : الآية / 59.

    (147)
    واضحا في الشرع الذي أمرنا بطاعتهم. البيت (ع) لما ذكرنا من أمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لنا باتباعهم وأنهم معصومون وإلى غير ذلك مما تقدم ذكره فهم أولو الأمر المعنيون بالآية.
        وبهذا تكون الحقيقة قد تجلت لمن يريد الأخذ بها وإن معالم طريق الخلاص باتت واضحة وسبيل النجاة منحصر في اتباع أهل البيت (ع) وعلى الأقل فإن هذا ما قادني إليه الدليل ـ أهل البيت الذين اصطفاهم الله لحمل أعباء الرسالة بعد رسوله الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) مستحفظا بعد مستحفظ أوصياء معصومون يحافظون على سير الشريعة في خطها المستقيم وينفون عنها كل الشبهات ويقفون بقوة أمام محاولة تحريفها من قبل المنافقين والحاقدين ، والتاريخ يشهد لهم بذلك وواقعنا أيضا وسنبين ذلك لاحقا.
        عندما كنت أحاور ذلك السلفي الذي أجريت معه المناظرة المذكورة في أول الكتاب وفي أثناء حوارنا لمعت عيناه فجأة وكأنه عثر على ضالته وفاجأني بسؤال معتقدا أنه سيضعني في زاوية حرجة ... سؤال من ظن أنه بلغ منتهى العلم والحكمة ، قال : من قال لكم أن الأئمة اثنا عشر ولماذا هذا العدد بالذات ؟ وضحك !! قلت له :
        يا أخي بالنسبة للعدد فلو فتحنا هذا الباب لمعرفة الحكمة من العدد سأجر إليك أسئلة لا قبل لك بها فلماذا كان الخلفاء أربعة فقط ؟ ولماذا اختار موسى سبعين رجلا لميقات ربه ولم يكونوا ثمانين ؟ ولماذا خلق الله سبع سماوات وسبعا من الأرض ولم تكن كل واحدة منهما عشرة مثلا ولماذا كان عدد نقباء بني إسرائيل اثنا عشر ولماذا يقول تعالى ( وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما ) ولم يكونوا خمسة عشر وهكذا ... أضف إلى ذلك أن الآيات والروايات التي وردت عن أهل البيت (ع) كافية لتوجهنا للأخذ منهم ونحن لم نجد سوى الشيعة متمسكة بهم وهنالك تعلم بعدد الأئمة ولا ضرورة للاحتجاج عليك بعدد الأئمة من مصادركم لأن الموضوع فرعي ومع ذلك وبلطف من الله تعالى لإظهار الحق ولإقامة الحجة لم تخل مصادر أهل السنة والجماعة من

    (148)
    الأحاديث التي تحدد عدد الأئمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وصدفة كنت أحمل أحد مجلدات موسوعة تجمع ما جاء في الصحاح الستة من أحاديث وفتحت باب الإمارة وقرأت عليه عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « يكون بعدي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش » وقلت له : هل سمعت ؟ فبهت الذي كفر .. وانتفض انتفاضة قوية وكأنه قد مس بطائف من الشيطان ، وقال : من أين لك هذا الحديث ؟! فذكرت له المصادر وأذكرها هنا تتمة للفائدة :
  • صحيح البخاري كتاب الأحكام ج 9 ص 729.
  • صحيح مسلم ج 3 كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش.
  • صحيح الترمذي ج 4 ص 501.
  • سنن أبي داوود كتاب المهدي ص 508.
  • مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 398.
        وهذا الحديث جعل علماء أهل السنة يعيشون في تخبط ومشكلة كبيرة لن يخرجوا منها ولن يجدوا لها حلا إلا عند أتباع أهل البيت (ع) وهم الشيعة المعروفون ب‍ « الاثني عشرية » .. ولقد حاول البعض أن يجد تفسيرا معقولا للحديث على أرض الواقع فمنهم من عد أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وتوقف ، ومنهم من زاد عليهم الحسن بن علي ثم تحير ، وبعضهم أضاف إليهم معاوية وبني أمية فلم يوفق لضبط العدد وآخر أصبح انتقائيا يختار كما يتراءى له وهكذا ...
        والأمر لا غموض فيه ولا لبس عند شيعة أهل البيت ذلك بعد أن علمنا حقهم في الولاية والخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس من المعقول أن يخرج هذا العدد خارج دائرتهم وقد جاء في ينابيع المودة للقندوزي الحنفي الباب (94) عن المناقب بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا جابر إن أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف بالباقر ستدركه يا جابر فإذا لقيته


    (149)
    فأقرئه مني السلام ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم القائم اسمه اسمي وكنيته كنيتي محمد بن الحسن بن علي « المهدي ذلك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الأرض ومغاربها ».
        أما النصوص الواردة من مصادر الشيعة عن طريق أهل البيت (ع) فهي متواترة وواضحة بخصوص هذا الشأن ، ولم يرع أحد من الأمة أنه أحد الأئمة الاثني عشر كما قال أهل البيت (ع) عن أنفسهم والتاريخ يخبرنا عن سيرتهم بل أعداؤهم اعترفوا بمكانتهم السامية وعلمهم الغزير وأخلاقهم الرفيعة وهم كما جاء في الحديث آنف الذكر :
        1 ـ علي بن أبي طالب.
        2 ـ الحسن بن علي.
        3 ـ الحسين بن علي.
        4 ـ علي بن الحسين الملقب بزين العابدين والسجاد.
        5 ـ ثم ابنه محمد بن علي الملقب بالباقر.
        6 ـ ثم ابنه جعفر بن محمد الملقب بالصادق.
        7 ـ ثم ابنه موسى بن جعفر الملقب بالكاظم.
        8 ـ ثم ابنه علي بن موسى الملقب بالرضا.
        9 ـ ثم ابنه محمد بن علي الملقب بالجواد.
        10 ـ ثم ابنه علي بن محمد الملقب بالهادي.
        11 ـ ثم ابنه الحسن بن علي الملقب بالعسكري.
        12 ـ ثم ابنه محمد بن الحسن ويدعى المهدي والقائم والحجة.
        هؤلاء هم أولو الأمر الذين فرض الله علينا طاعتهم في القرآن ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) وعرفنا منزلتهم ( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) (سورة آل عمران : آية / 34).
    بنور فاطمة (ع) اهتديت ::: فهرس