« تشمل عقدة الحقارة جميع المظاهر التي ظهر بها عدم الاعتماد على النفس ، والشعور بضعف الشخصية ، وعدم الكفاءة ، وفقدان الارادة. إن الطفل الذي يبتلى بالشعور بالحقارة عندما يشب يلزم سيرة الوحدة والانزواء أو لا أقل من أن يوجد عنده الشعور بالغربة والابتعاد عن أقرانه ، لأن الوقائع والحوادث في دور الطفولة أفهمته أن الألفة والاجتماع مع الغير هو الذي جلب له السخرية والانتفاد. إن الذي يتجنب أقاربه وأترابه يقودنا الى أنه معذّب من الشعور بحقارة وجدت فيه من تجاربه في الطفولة. ولهذا ـ وبناء على قواعد علم النفس ـ فإن كل حادثة تضعف أو تعدم عزة النفس عند الإنسان ، وتقلّل من طموحه عامل مهم لتوسعة ( عقدة الحقارة ) وتقويتها ووسيلة لجعله بين الأعضاء المختلين وضعاف النفوس في المجتمع » (1). |
1 ـ يقول ( جلبرت روبين ) : « إن تعويد الطفل على الاعجاب بنفسه يورث الغضب الشديد فيه لأبسط الأشياء ، والإستبداد في الرأي. وفي الغالب يدفعه إلى الرغبة في طلب الجاه ، وفي النتيجة يحصل الطفل على القدرة التي تساعده على التقدم ، ومع كونه ذا أعصاب هزيلة فإنه ينجح بواسطة الحيلة والشدة. إن جعل الأطفال معجبين بأنفسهم يكوّن منهم أفراداً تعساء ، ضعفاء ، عديمي الإرادة ». « لقد كان أولئك الذين يقولون للأم العابثة بلحن مصحوب بالسخرية : ليس طفلك معجباً بنفسه ، بل هو غير صالح... لم يكن كلامهم خالياً عن المبالغة فحسب ، بل كان تنبؤهم صحيحاً أيضاً. هناك حالات تتقزز النفوس من مشاهدتها لعدم الالتزام في التربية ، لأننا نشاهد في الحقيقة مقتولين أبرياء كان بالإمكان أنقاذهم » (1). |
2 ـ يقول ( مك برايد ) : « الشعور بالدل والغنج أمارة اخرى من أمارات عقدة الحقارة ، ويجب البحث عن أساسه في أسلوب التربية الخاطىء المتخذ في دور الطفولة. إن الطفل الذي كان يرى نفسه قرة عين والديه ، عندما يكبر ويصبح رجلاً كاملاً يجب أن يكون في جميع نواحي الحياة محبوباً من غير علة ومحترماً لدى الجميع. فعندما يرى أنه لم يُعتن به ، يفقد الهدوء والاستقرار ، ويختل ما صفا من فكره ، فإما أن يلتجىء إلى الانتحار ، وإما أن يبغض الآخرين. إن عقدة الحقارة التي تنشأ في الناس بهذه الظاهرة مصيبة عظيمة للمجتمع » (2). 3 ـ يقول ( ريموند بيج ) : « يجب أن ننبه على بعض الأخطاء في |
السنين الأولى من حياة الطفل. واكثرها شيوعاً هو الأسلوب الذي يؤدي إلى غرور الطفل وأنانيته إن المحبة بدون سبب في الأيام الأولى هي التي تسبب غرور الطفل وأنانيته ». « إن الآباء والأمهات يأملون في الطفل النجاح والسعادة طبعاً ، ولهذا فهم يرأفون به أشد الرأفة ، ويتملقون له ويبعدون كل عقبة أو مشكلة حتى لو كانت تافهة عن طريقه... وكلما كبر الطفل حاولوا تهيئة وسائل اللعب المناسبة له. إن هذه الأعمال تستوجب الاستحسان في الظاهر. أما في الباطن فإن الخطر الكامن وراءها موحش جداً ». « إن الفرد الناشيء في ظل الرأفة الزائدة لا يطيق المقاومة أمام تقلبات الحياة ، ولا يستطيع الصراع معها » (1) . 4 ـ يستشهد ( الفرد آدلر ) العالم النفسي الشهير ، وزعيم المدرسة الفردية في علم النفس بإمرأة « انتحرت لسبب تافه هو أن جارها كان يُعلي صوت المذياع ، ولم يهتم باستنكارها المستمر. وأخيراً أقدمت على الإنتحار وتدل التحقيقات التي أجراها ( آدلر ) بهذا الصدد على أن هذه المرأة نشأت منذ طفولتها على الغرور والرضا بالنفس ، وكان يُحضر اليها في المنزل ما تشاء من دون قيد أو شرط. ولهذا السبب فإنها لم تطق العيش في دنيا تسمع الجواب السالب على ما تطلب فيه » (2) . |