دراسة في عـلامــات الظـهــور ::: 1 ـ 15

دراسة
في
عـلامــات الظـهــور
تأليف
السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات


(4)
بسم الله الرحمن الرحيم


(5)
مزجاة إلى ولي الله الأعظم الحجة بن الحسن
( عجل الله تعالى ظهوره الشريف )
صفوَةَ الـخلق معـدن المكرمـاتِ يـا إمام الأحرار يـا ذروة الـمجـ يـا مـلاذ العُفاة في ضَنكِ الـمحـ قولُك الفصلُ حكمُك العدلُ يا من لـك ذاتٌ قــدسـيـةٌ وصفــاتٌ لـك مـجد أدنى الذُّرى منه أوْفَتْ لا تَنـال الـعـقـولُ أدنـى مـَداها قـد تـحـدّرْت مـن أرومــة عـزّ قـد زكـا محتدٌ وطــاب نـجـارٌ كـل ما في الـوجـود ما زال يتلو هـي وحـيُ الـقـرآن وهي نـثـار سـابـقَ الـسـابـقـيـن بـالخيراتِ ــدِ ويـا نجدةَ السـُّراةِ الـكُـفـاة ـل وغـوثَ الملهوفِ في النائبات لـك عـزم أمضى من الـمرهفـات قـد تعـالـت على جميع الصّفـات في عـلاهـا على ذُرى النـَّيـِّـرات وبـلـوغُ الأقـصى مـن المعجزات ومـن الطـاهـريـن والـطـاهـرات وصفـا الـعـرْق مـن هَـنـاً وهَنات بـعـضَ آيـات فـضـلـك البينات مـن معـانـي الإنجيـل والـتـوراة


(6)
سـيدي أنت رحـمـةٌ لـلـبـرايـا أنـت للـمؤمـنـيـن واحـة أمـن أنـت فـي ظـلـمة الجهالات نورٌ أنـت أغنيت بـل وأحييـت دنيــاً أنـت قدَّسـت كلَّ صـاحب قدس أنـت إمـَّا بنـا ادلهـمّت خطـوبٌ وإذا الكـفر عـاث في الأرض بغياً دفـقة النـور نهلة المـاء للصـادي سيدي أنـت أنـت عـزِّي وذخري زهـرة العمــر إن تكـن تتلاشـى فلمـاذا ـ يا حسرتا ـ نصب عيني ولمــاذا أرى الأنـاشيــد تـرْتَــ وأرى الخصـب والربيـع فـآتيـــ والضنى مـاجَ في الأزاهيـر حتـى وأرى الأُفقَ طافحـاً زخـرت فـي فأحـثُّ الخـطى إليــه ، ولكــن ثــمّ إذ جئْتُــه ولـم أرَ شيـئــاً أنـت رمـزُ الـبـقـاء للـكـائنـات أنـت سيفٌ على رقـاب الـطـغـاة بـل منـار الـهـدى لـكل الـهـداة بـالنـدى والـهدى وبـالمكـرمات وغـمـرت الـوجـود بـالـبركـات ورمـانـا الـزمـان بـالقـاصمـات ودهـى الـكـونَ حندسُ الظلمات ربـيـع الـمـنـى وسـرُّ الـحـيـاة فـاستمع سيـدي لـبعض شكـاتي بـمـرور السـاعـات واللـحظـات تـتـلاشـى فـي إثـرهـا أُمنيـاتي ــدُّ نيـاحـاً يطفـو على النغمـاتِ ـه فـألـقـى الـربيعَ محضَ مواتِ صـوَّحَت في شبـابـهـا زهـراتـي فـيـض وكّـاف غَـيـْثـه واحـاتي أثـقـلت كـظَّـةُ الـظَّمـا خُطواتي غيرَ لَـمْـع السَّـراب في الـفلـوات


(7)
يتلاشـى قلبي ، وقـد بُـحَّ صـوتي سيـدي عاثَـتِ الهمــوم بقلبــي ودهتنـي دهيـا الفـراق فأصبحــ مزَّقَتْنــي سيـوفُـه ، وأحـاطــتْ عصفَــتْ بي ريـاحُـه فَسَمُــومٌ ورمتني في مَهْمَــه التْيـه يُلهينـي أتلَظّـى بـالوجـد أقْتـاتُ دمعـي وعلى الجمرِ رُحْـتُ أمْشي ولـكن تتـوالـى الاهـات حَـرَّى بَــواك زَفـرَة الوجـد وهـي تَلفَـحُ قلبـي فالجحيم التي بهـا سـوف يُجْـزى وَمْضَةٌ من لهيب وجـدي وشوقـي سَرْمَدِيّاً ـ يا سيـدي ـ صار حُزني بسمتــي لوعـةٌ ، حنينـي شجــوٌ أشَتـاتـي أم غُربتـي لـك أشكـو ضـاق صدري وعيلَ صبري وإني ثـم مـات الـصدى على لـهَواتـي ورمـتْـني بـأعـظـم الـنـكـبـات ـت أسيـرَ الـهـمـوم والـكربـات بـي أفـاعـيـه مـن جميع الجهات لَـفْحُ مـا هبَّ مـن صَبـا النّسمات ضـيـاعي أجْـتَـرُّ فَـضـْلَ شتـاتي وكـأنّـي أسْتـافُ بـعـض رُفـاتي ذاك جـمـر الآهـات والـحسـرات آه مـــاذا تـفـيـدنــي آهــاتي صَـهَـرَتْـه بـهـا لـظـى الـزفرات كــل بـاغ و كـل طـاغ وعــات أوقـدتـهـا فـكـيـف بـالوَمضات غُـصَـصـاً مــُرَّةً غـدت لـذّاتـي ونـشـيـدي ثَـواكــلُ الـعَبَـراتِ أنـت أدرى بـغـربـتـي وشـتـاتي خـائـفٌ مـن ذنـوبـي المـوبقات


(8)
فلـو أنـي أحظـى بِنَظْـرَةِ عطـف ليـس إلاّك من يـداوي جـراحـي هــب لـقلبي حيـاتـه وتعاهــد وازرع الأُفــق بالـورود يغشِّــي وامسح البؤس عـن عيوني وهَدْهِدْ وبفيـض الحنـان والحـب فلتُمــ سيدي جئت أطلب الرِّفْدَ فـاعـطــف أتمنـى رضــاك فهــو نـجـــاة أترانـي أحظـى بـقربــك يـومـاً آه يـــا لـيـتـنـي أراك وأنـــي أمـنـيــات عـزيــزة وعــذابٌ منـك لـم أخْشَ كـل ما هـو آت فـجـراحـي أعْيَتْ جميـع الأسـاةِ بـالـندى كـل زهـرة فـي حيـاتي فَـوْحُ أطيـابـهـا جميـع الـجهات بـالسنـا خـاطـري وبـالبسـمـات ـرعْ رحـابـي وليفعم الطّهرُ ذاتـي واسـتجب لـي بحـق ذي الثَّفنات لـي ، فـأنتم ـ والله ـ فُلْـكُ النجاة أتــرانـي أراك قـبـل وفــاتــي مـنـك قـد نـلت أعظم البركـات حـبـذا لـو تـحـقّـقـت أمنياتـي


(9)
    تقديم :
بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
    وبعد ..
    فإن هذا الكتاب قد جاء ليعالج ظاهرة قد اعتبرت سلبيةً إلى حد كبير. وهي ظاهرة التعامل مع علامات الظهور من زاوية معينة لا تنسجم مع الأهداف الحقيقية.
    فقد عالج هذا الكتاب موضوع الاخبارات الغيبية للأئمة عليهم السلام بعلامات الظهور والموقف المتخذ ، والذي ينبغي أن يتخذ منها. ثم تقسيمها إلى ما هو من المحتوم وما ليس من المحتوم.
    وأهداف هذا التقسيم ودوافعه بصورة عامة.
    ومهما يكن من أمر : فإن ما نرمي إليه في هذه الدراسة الموجزة إنما هو مجرد إعطاء الرأي بصراحة وبموضوعية وتسجيل الموقف على أساس علمي رصين وليس هو الاستقصاء والاستعياب.
    والله نسأل : أن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يلهمنا النية الصادقة وصواب القول والعمل الصالح إنه ولي قدير.
21 شهر رمضان المبارك سنة 1411 هـ. ق
جعفر مرتضى العاملي


(10)

(11)


(12)

(13)
    ركنان تقوم الإمامة عليهما :
    إن من المعلوم والمفهوم : أن الإمامة أصل أصيل عند الشيعة الإمامية ، فهي وفقاً للأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة ـ إمتداد للنبوة ـ لا يمكن تحقيق الأهداف الإلهية بإسعاد البشر ، وإيصالهم إلى كمالهم ، ونيلهم درجات القرب والرضا الإلهي بدونها.
    وهي كذلك ، منصب إلهي ، لابد من الرجوع فيه إلى الله العالم الحكيم والمدبر الرحيم سبحانه وتعالى.
    فهو وحده الذي يعين الإمام ، ويدلّ عليه بواسطة النص ، حيث يكون هذا الإمام قد تربى تربية إلهية خالصة في مهبط الوحي ، ومعدن الرسالة ثم بعد ذلك في حجر الإمامة ، حيث إن ذلك من شأنه أن يمنحه الفرصة لاكتساب علومه ومعارفه الشاملة من مقام النبوة ، ومصدر المعرفة الأول. أو من وارث علمه ، والإمام الحاضر والقائم بالأمر من بعده في كل عصر وزمان.
    ونستخلص من ذلك :
    أن الإمامة تقوم على ركنين أساسين :
    أحدهما : النص القاطع لكل عذر.
    الثاني : العلم الخاص ، الذي يتلقاه الإمام ( عليه السلام ) من مقام النبوة مباشرة ، أو بالواسطة هذا بالإضافة إلى الملكات والخصائص القيادية ، وكل ما


(14)
من شأنه أن يحفظ المسيرة ، ويضمن سلامة الاتجاه ، مثل صفة العصمة ، والتدبير ، والحنكة ، والشجاعة ، والكرم ، وغير ذلك مما يساعده على النهوض بأعباء المسؤولية على النحو الأكمل والأفضل والأمثل.

    التأكيد على الركن الأول :
    ونلاحظ هنا : أن الأئمة ( عليهم السلام ) قد اهتموا بالتأكيد على هذين الركنين الذين أشرنا إليهما. حتى إن علياً ( عليه السلام ) قد استشهد لحديث الغدير بالصحابة والبدريين منهم خاصة في أكثر من مورد ، وأكثر من مناسبة ، في رحبة الكوفة ، وفي صفين وفي الجمل ، وفي يوم الشورى ، فشهد جم غفير منهم بسماعهم ذلك مباشرة منه ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    كما أن الإمام الحسين ( عليه السلام ) قد جمع الصحابة في موسم الحج ، وذكرهم بفضائل أبيه ، وبحديث الغدير ، وبأفاعيل معاوية (1).
    تتبع كتب الحديث والأثر ، والتاريخ والسير يوضح هذا الإصرار منهم عليهم السلام ، لكثرة ما روي عنهم عليهم السلام في هذا المجال.

    التأكيد على الركن الثاني :
    أما بالنسبة للعلم الخاص فإن تأكيداتهم عليه تفوق حد الحصر ، ونحن نكتفي بذكر نماذج ثلاثة ظهر فيها هذا الأمر بصورة جلية وواضحة ، وهي التالية :

    النموذج الأول : علي ( عليه السلام ) وإخباراته الغيبية :
    وقـد بلغت الاخبارات عما سيحدث ، الصـادرة من قبل أمير المؤمنين
1 ـ راجع على سبيل المثال : كتاب الغدير ج 1 ص 159 و 213 ودلائل الصدق ، وكتابنا الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام ص 90 فما بعدها.

(15)
( عليه السلام ) حداً جعل البعض ـ حسداً ، أو حقـداً ، أو جهـلاً أو سياسة يتهمونـه ـ والعياذ بالله ـ بالكذب ، وحديث الخرافة (1) وما ذلك إلا من أجل أن يُفهِم الناس أنه يأخذ علمه من الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) الذي اختصه بما لم يخص أحداً سواه. وذلك لأن الله سبحانه هو « عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ » (2) من يرتضيه من أفراد الأمة ، ومَنْ غير الأئمة يفوز بهذا الحظ العظيم والشرف الباذخ.

    علي ( عليه السلام ) في العراق :
    والأمر الذي لابد من الإلماح إليه ولو بإيجاز هو : أنه لم يكن أهل العراق يعرفون أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حق معرفته ، ولا كانوا قد تربّوا على نهجه ، ولا اطلعوا على أطروحته ، وإنما عرفوا الإسلام من قبل آخرين ، ممن هم في الخط الأخر المناوئ له عليه السلام.
    وحتى معرفتهم هذه للإسلام ، فإنها كانت ظاهرية وقشرية ، وإنما تعمقت وتأصلت بفضل جهوده هو ( عليه السلام ) ، حتى ليقول مخاطباً لهم :
    « وركزت فيكم راية الإيمان ، وعرفتكم حدود الحلال والحرام » (3).
    ولأجل ذلك ، فقد كان من الطبيعي أن يشدّد عليه الصلاة والسلام كثيراً على أمر النص ، ويركّز على أن النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) قد اختصه بعلوم لم تكن لدى أحد من الناس غيره ( عليه السلام ) وهي علوم الإمامة.
    ولكن الملفت للنظر هو أننا نجده ( عليه السلام ) يهتم بإظهار علومه
1 ـ ذكرنا نبذة عن هذا الأمر في كتاب علي ( عليه السلام ) والخوارج.
2 ـ الآيتين 26 و 27 من سورة الجن.
3 ـ نهج البلاغة ، بشرح محمد عبده ج 1 ص 153. وراجع : ما قاله أبو أيوب الأنصاري لأهل العراق في كتاب : الإمامة والسياسة ج 1 ص 152/153.
دراسة في عـلامــات الظـهــور ::: فهرس