18 - البهجة لثمرة المهجة .
19 - ربيع الالباب .
20 - زهرة الربيع .
21 - سعد السعود .
22 - غياث سلطان الورى لسكان الثرى .
23 - فتح الأبواب بين ذوي الالباب وبين رب الارباب .
24 - اليقين باختصاص علي عليه السلام بامرة المؤمنين .
25 ـ الملهوف على قتلى الطفوف .
26 - المنتقى .
27 - المواسعة والمضايقة.
28 - محاسبة النفس .
29 - مهج الدعوات ومنهج العنايات .
30 - فرحة الناظر وبهجة الخواطر.

منهج التحقيق :
بعد اكتمال التحقق من النسخة الحقيقية للكتاب شرعنا بالعمل التحقيقي لهذا الكتاب الدعائي المهم ، معتمدين في عملنا على نسختين مخطوطتين ،وهما:
1 - النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة الاستانة المقدسة في مشهد المقدسة، وهي نسخة كاملة، قيمة، جميلة النسخ ، يرجع تاريخ نسخها الى الخامس عشر من شهر ربيع الثاني لعام 1598 هـ ، زودنا بها مشكوراً الاخ المحقق الفاضل السيد مهدي رجائي .
وقد اعتمدناها كنسخة أصلية، ورمزنا لها بالحرف (ك ) .

(26)
2 ـ النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة المرحوم آية الله العظمى السيّد المرعشي رحمه الله ، برقم 442 ، تأريخ نسخها 964 هـ .
وقد رمزنا لها بالحرف (ن).
كما اعتمدنا في عملنا على نقولات العلاّمة المجلسي والحر العاملي رحمهما الله كنسختين مساعدتين في عملنا .
ومن ثم فقد اُحيل العمل الى جملة من اللجان المختصة الذي اُوكل اليها مسؤولية اخراج هذا الكتاب وفقاً لمنهجية التحقيق المشترك التي تعتمدها المؤسسة في عملها .
فقد اوكلت مسؤولية مقابلة النسخ المخطوطة وتثبيت الاختلافات الواردة فيها بكل من الأُخوة الافاضل : الحاج عزالدين عبد الملك ، والاخ سعد فوزي جودة .
واما مسؤولية تخريج الروايات والادعية الواردة في الكتاب فقد اُكلت الى الفاضل مشتاق المظفر .
كما واُنيطت مسؤولية كتابة هوامش الكتاب بالاخ الفاضل هيثم شاه مراد السّماك .
وكانت مسؤولية تقويم الكتاب وضبط نصه والاشراف على تحقيقة على عاتق الاخ الفاضل علاء آل جعفر مسؤول لجنة مصادر البحار في المؤسسة .
وفق الله تعالى الجميع الى خدمة تراث العترة الطاهرة واحياء آثارها ، انّه سميع مجيب .

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث


(27)
* صورة الصفحة الاولى من النسخة المخطوطة التي رمزنا لها بالحرف «ك».

(28)
*صورة الصفحةالاخيرة من نسخة «ك» .

(29)
*صورة الصحفة الاولى من النسخة التي رمزنا لها بالحرف «ن» .

(30)
*صورة الصفحة الاخيرة من نسخة «ن» .

(31)
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول السيد الإمام العالم العامل ، الفقيه الكامل ، العلامة الفاضل ، الزاهد العابد، الورع المجاهد، رضي الدين ، ركن الاسلام والمسلمين ، جمال العارفين ، انموذج سلفه الطاهرين ، من شاع ذكره في البلاد، واشتهر فضله بين العباد، سيد السادات وشرفهم ، وبحر العلماء ومغترفهم ، ذوالمناقب الباهرة، والاعراق الطاهرة، والايادي الظاهرة، أوحد دهره ، وفر يد عصره ، افتخار السادة، عمدة أهل بيت النبوة، مجد آل الرسول ، شرف العترة الطاهرة، ذو الحسبين ، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس ، ضاعف الله سعادته ، وشرّف خاتمته :
أحمد الله جل جلاله بما وهب لي من القدرة على حمده ، واثني عليه جل جلاله على توفيقي لتقديس مجده ، واطوف بلسان حال العقل حول حمى كعبة مراحمه ومكارمه ورفده ، واستعطفه ببيان مقال النقل رجاءً لتمام رحمته وحلمه عن عبده ، واسمع من دواعي النصيحة والاشفاق ، ورسل رسائل أهل السباق ،
(32)
حثاً عظيما على التلزم بأطناب (1) سرادقات (2) منشئ الاحياء ومفني الاموات ، وواهب الاقوات ، ومالك الاوقات ، حتى لقد كدت أن أجدني كالمضطر الى الوقوف بمقدس جنابه ، والمحمول على مطايا لطفه وعطفه الى العكوف على شريف بابه .
وأشهد أن لا اله الا هو، شهادة تلقاها العقل من مولى رحيم كامل القدرة، وعرف ورودها(3) من جناب رسو ل كريم قائل :« كل مولود يولد على الفطرة»(4) فجاءت الينا بخلع الامان ، ومعها لواء الولاية على دوامِ العناية بدار الرضوان.
ووجدت قلب مملوكه اليها وامقا (5)، ولها عاشقا، ولايسمح أن يراه واهبها لها مفارقا، فمد يد السؤال الى مالك الرفد والوعد بالسعد والاقبال ، في ان يعينه على عمارة منزل يصلح لجلالها، وتهيئة فراشِ رحمة يليق بجمالها . فرجعت يداً بنجاز الوعود مملوء من نفقات عمارة منزل السعود، وعليها فراش نعمة يصلح لاستيطان توحيد مالك الكرم والجود . فعمر لها من شُرّف بها منزل الاستيطان ، وبسط لها ما يختص بها من فراش التعظيم بما وهبه مولاه من الامكان فأقامت
____________
(1)الطنب : حبل الخباء ، والجمع اطناب . الصحاح - طنب - 1 : 172.
(2) السرادق : ما يمد فوق سطح الدار. انظر الصحاح - سردق - 4 : 1496.
(3) أي ورود الشهادة .
(4) رواه الحلي في مختصر بصائر الدرجات : 160 - 161، والبخاري في صحيحه 2 : 125، والترمذي في سننه 4 : 447| ذيل الحديث 2138، ومالك بن أنس في الموطأ 1 : 241 | 52، والطيالسي في مسنده : 319 | 2433، وأحمد في مسنده 2: 233، 275، 393، 410، و 3 : 353، والبيهقي في سننه 6 : 202، والديلمي في الفردوس 3 : 248 | 4730 ، 4731 .
(5) وامقاً: أي محباً من دون ريبة . انظر لسان العرب 10 : 385.

(33)
باذن واهبها قاطنةً، واستقرت بقدرة جالبها أقطار أماكنها ساكنةً، فتعطّرت بارجها(1) شعابُ تلك المساكن ، واستبشرت بمنهجها الالباب المجاورة للتراب الساكن.
وأشهد أن جدي محمدا صلى الله عليه وآله أعرف محمول اليها ومدلولٍ عليها، واشرف من خطبته مصوناتها ورغب اليها، وأبصر من اطلع على أسرارها، واجتمع كمال أنواره بجلال أنوارها، وأمضى من سرى في سبيلها، واحظى من أيقظ العيون من الكرى لدليلها، وبذل للورى خلع تجميلها، واقوى ماسك بعرى تعظيمها وتبجيلها، واتقى ناسك استقام لحمل الاوامر الالهية وتفصيلها.
وأشهد أن أنوار معالمه ، ومنار مواسمه ، لا تقوى على نظرها كنظرة عيون رمدت بالغفلات ، ولاتقوم بها كقيامه أقدام قيدت بالجهالات ، ولاتمتد اليها أيد غلت بالاطماع ، ولاتتحكم فيها قلوب اعلت بداء الدنيا التي هي متاع.
وأن النواب عنه صلوات الله عليه وآله ، يجبُ أن يكونوا على نحو كماله ، في لبس خلع كمالها، والنهوض بمعرفة حق جلالها ، ودوام الثبوت على هول عصمة طريقه ، وقلوبهم مملوءة من ذخائر انوار وجوب تأييده وتوفيقه .
(وبعد) (2): فأني حيث علمني الله جل جلالهُ وألهمني تأليف كتاب (فلاح السائل ونجاح المسائل ) في عمل اليوم والليلة، من كتاب (مهمات في صلاح المتعبد، وتتمات لمصباح المتهجد) ويكمل مجلدين أكثر من ستين كراسا ، وحوى من الاسرار ما يعرفها من نظره استئناسأ واقتباسا.
وعملت بعده كتاب (زهرة الربيع في أدعية الاسابيع ) ويكمل أكثر من
____________
(1) الأرج والأريج : توهج ريح الطيب . الصحاح - أرج - 1 : 298 .
(2)أثبتناها في نسخة «ن» ، وفي نسخة «ك» كلمة غير مقروءة .

(34)
ثلاثين كراساً.
ثم كملت بعده كتاب (جمال الاسبوع بكمال العمل المشروع ) وزاد على الثلاثين من الكراريس ، ويكملُ به عمل الاسبوع على الوجه النفيس .
بقي عمل ما يختص بكل شهر على التكرار، ووجدت في الرواية أنّ فيه أدعية كالدروع من الأخطار، فشرعت في هذا المراد، بما عودني الله جل جلاله وأرفدني من الانجاد والاسعاد وسميته : كتاب (الدروع الواقية من الاخطار فيما يعمل مثلها كل شهرعلى التكرار).
وسوف أذكر تسمية فصول هذا الجزء الخامس من هذا الكتاب جملة قبل التفصيل ، ليعلم الناظر فيه مراده منه فيطلبه على الوجه الجميل .
الفصل الاول : فيما يعمل أول ليلة من كل شهر عند رؤية هلاله ، ومن صلاة بسورة الانعام في أول ليلة من الشهر يأمن بها المصلي لها من أكدار ذلك الشهر كله . وما يعمله من له عدو عند رؤية الهلال للامان من عدوه بقدرة الله جل جلاله وفضله .
الفصل الثاني : فيما يؤكل أول الشهر لئلا ترد له حاجة فيه .
الفصل الثالث: فيما نذكره مما يعمل اول كل شهرمن صلاة ودعاء وصدقة صادر عن كل من تدبيره من جملة تدبير الله جل جلاله وفضله ، ليسلم العبد بذلك من خطر الشهر كله.
الفصل الرابع : فيما نذكره من صوم داود عليه السلام .
الفصل الخامس : فيما نذكره من صوم جماعة من الانبياء وأبناء الانبياء صلوات الله جل جلاله عليهم .
الفصل السادس : فيما نذكره من صيام أول خميس في العشر الأول من
(35)
كل شهر، وأول أربعاء في العنصر الثاني منه ، وآخر خميس من العشر الاخير منه .
الفصل السابع : فيما نذكره من الرواية في أدب الصائم في هذه الثلاثة الايا م .
الفصل الثامن : فيما نذكره من الرواية في هذه الثلاثة الايام .
الفصل التاسع : فيما نذكره من الرواية في هذه الثلاثة الايام من الشهر أربعاء بين خميسين ، أوخميسا بين أربعاءين .
الفصل العاشر : فيما نذكره من الرواية في تعيين أول خميس من الشهر، وآخر خميس منه .
الفصل الحادي عشر : فيما نذكره من الرواية بأنه اذا اتفق خميسان في أوله وأربعاءان في وسطه ، أو خميسان في آخره ، أن صوم الاول منهما أفضل أو الآخر، وتأويل ذلك .
الفصل الثاني عشر : فيما نذكره مما يعمله من ضعف عن صيام الثلاثة الايا م .
الفصل الثالث عشر : فيما نذكره من الاخبار في أنه يجزئ مد من الطعام عن اليوم .
الفصل الرابع عشر : فيما نذكره من صوم اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، وهي الايام البيض .
الفصل الخامس عشر : فيما نذكره من فضل قراءة سورة الاعراف في كل شهر.
الفصل السادس عشر : فيما نذكره من فضل قراءة سورة الانفال في كل شهر.

(36)
الفصل السابع عشر : فيما نذكره من فضل قراءة [سورتي] الانفال وبراءة في كل شهر.
الفصل الثامن عشر : فيما نذكره من فضل قراءة سورة يونس عليه السلام في كل شهر.
الفصل التاسع عشر : فيما نذكره من فضل قراءة سورة النحل في كل شهر.
الفصل العشرون : فيما نذكره من زيارة الحسين صلوات الله عليه في كل شهر، وحديث من كان يزوره كل شهر وتأخر عنه فعوتب على تأخره .
الفصل الحادي والعشرون : فيما نذكره من الرواية الثانية(1) في ثلاثين فصلا، لكل يوم فصل منفرد، وهو يقارب الرواية الاولى .
الفصل الثاني والعشرون : في رواية اخرى بتعيين أيام الشهور، وما فيها من وقت السرور والمحذور.
الفصل الثالث والعشرون : فيما نذكره من حديث اليوم الذي ترفع فيه أعمال كل شيء .
أقول : ذكر تفصيل هذه الفصول :
____________
(1) يبدو ان هناك سقطا في تسلسل الفصول ،حيث لم يرد ذكر الفصل الخاص بالرواية الاولى لادعية الشهر فانسحب ذلك على بقية الفصول ، فتأمل .

(37)
الفصل الاول :
فيما يعمل أول ليلة من كل شهر عند رؤية هلاله ،
ومن صلاة بسورة الانعام في أول ليلة من الشهريأمن بها المصلي
لها من أكدار ذلك الشهر كله ، وما يعمله من له عدو عند رؤية
الهلال للامان من عدوه بقدرة الله جل جلاله وفضله
أقول : أما ما يعمله عند رؤية هلال كل شهر، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله : أنه كان اذا رأى الهلال كبر ثلاثاً وهلل ثلاثاً، ثم قال :«الحمد لله الذي اذهب بشهر كذا، وجاء بشهر كذا» .
وروي : أنه يقرأ عند رؤية الهلال سورة الفاتحة سبع مرات ، فانه من قرأها عند رؤية الهلال عافاه الله من رمد العين في ذلك الشهر .
أقول : ووجدت في رؤية الهلال شيئا لم أظفر باسناده على العادة، نذكره احتياطا للعبادة. وهو ما يفعل عند رؤية الهلال : تكتب على يدك اليسرى بسبابة يمينك : محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة الى آخرهم عليهم السلام ، وتكتب : ( قُل هُو الله أحدٌ ) الى اخرها، ثم تقول : اللهمّ انّ النّاسَ اذا نَظروا الى الهِلال نَظَر بَعضُهُم الى بعضٍ ، وانّي نظرتُ الى أسمائك وأسماءِ نَبيّك ووليّك وأوليائك عليهمُ السلامُ والى كتابك ، فاعطني كلّ الذي اُحب من الخير ، واصرف عني كلّ الذي اُحبُ أنْ تصرفهُ عنّي من الشّرّ ، وزدني من فًضِلكَ ما أنتَ أهلهُ ، ولا حولَ ولا
(38)
قُوة إلاّ بالله العليّ العظيمِ (1) .
قلتُ أنا : ان اليد اليسرى محل استعمال النجاسات ، وهذه الاسماء من أشرف المسميات ، فان أراد الانسان أن يكتبها في رقعة ويجعلها في كفه اليسار عند رؤية الهلال ويقول ما ذكرناه ، فعسى يكون أحوط في تعظيم من سميناه .
أقول : وقد روينا في شهر رمضان وغيره أدعية عند رؤية هلاله ، وفيها من اللفظ والمعاني ما يقتضي عموم الحاجة الى الدعاء عند رؤية كل هلال لدفع أخطاره وأهواله ، وفتح مساره وإقباله . ولم اقف الى الان على دعاء شامل للمعاني التي يحتاج الداعي اليها عند رؤية هلال كل على البيان ، وجوزت أن يكون قد روي ذلك ولم اقف عليه ، ورأيت أن انشاء الدعوات بمقتضى الحاجات مأذون فيه في الروايات ، فأنشأت فيه دعاء لكل شهر لأعمل عليه ، ويعمل من يهديه الله جل جلاله اليه ، الى ان أجد ما عساه قد روي في معناه فأعمل بمقتضاه .
وهو هذا الدعاء : اللّهّم انّكَ جعلتَ مِن آياتك الدالة عَليكَ ، ومِن هباتكَ لَمِن تُريدُ هدايتهُ اليكَ ، تدبيرَ كلّ هالكٍ عندَ ابتدائِهِ وانتهائِهِ ، مِن اظهار النُقصانِ عليهِ واقبالِ التمامِ اليهِ ، وجَعلتَ ذلك على التدريجِ الدالّ على قُدرتكَ وكمالِ اختياركَ ، وعلى رَحمتكَ بمبارّك وأنواركَ .
اللّهم وهذا شَهر جديدٌ ، وَما نَعلمُ ما يختصُُّ به هلالهُ السعيدُ ، من خيرٍ فنسألُكَ تسهيلُه والزّيادةَ عليه ، أو مكروهٍ فنسألك محوهُ وتبديلُه بخيرٍ مما نحتاجُ اليهِ .
____________
(1) رواه الطبرسي فى مكارم الأخلاق : 342 .

(39)
فنحنُ قائلون : اللّهّم هَبْ لَنا ما نَحتاجُ اليهِ في هذا الشّهرِ الجديدِ من العُمرِ المديدِ ، والعيشِِ الرغيدِ ، ومن التأييدِ والمزيدِ ، وكلّ عملٍ سعيدٍ . وامحُ كلَّ ما اشتمل عليه من كدرٍ أو ضررٍ ، أو امتحانٍ أو نُقصانٍ ، أو أذى مِن قريبٍ أو بعيدٍ أو ضعيفٍ أو شديدٍ .
وألهمنا مِن حَمدك وتقديسِ مجدكَ ما يَكون مُكمّلاً لنا لِما أنت أهلُه مِن رفدك.
وسيّرنا فيه على مَطايا السّلامةِ والاستقامةِ ، والامانِ من الندامةِ في الدنيا وَيَوم القيامةِ.
واجعَل حَركاتَنا وسَكَناتنا واراداتنا وكَراهاتنا صادِرةً عَنِ المُعامَلة لكَ بوسائلِ الاخلاص ، وَفَضائل الاختِصاصِ .
وتَفَضّل عَلينا بالعفو والعافيةِ في أدياننا وأبداننا ومن يعُزُّ علينا ، وكلُُّ ما أحسنتَ به الينا.
واجعَل كلّ ليلةٍ ويومٍ حضرَ منهُ خيراً ممّا مضى قبلُه ، وضاعف لنا خير ذلك وفضله حتى نكون مُجتهدين بالاعمالِ والاقوالِ، في زيادات الكمال والاقبال ، ومُتعوّضينَ من نُقصان الاعمار بانقضاء اللّيل والنّهار ، بما نظهرُ به من الاستظهار للمقام تحت التُرابِ والاحجارِ، ولدفعِ هوال يوم الاخطارِ، ولعمارة دار القرار
فأدخلنا في شَهرِنا هذا مدخل صدقٍ ، واقمنا به مقام صدقٍ ، وأخرجِنا مخرجَ صدقٍ ، واجعل لَنا مِن لدُنك سُلطاناً نصيراً ، وَزِدنا في
(40)
الدنيا انعاماً كثيراً ، وفي الاخرةِ نَعيماً ومُلكاً كَبيراً ، وابدأ في ذلكَ بمن تُريدُ تقديمهُ في الدُعاءِ علينا ، وأنزل علينا وكُلّ مُحسنٍ الينا رحمتكَ يا أرحم الراحمين.
وأما الصلاة في أول ليلة من الشهر، فانني وجدت في بعض الروايات عن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه أفضل الصلوات : ان من صلى أول ليلة من الشهر وقرأ سورة الانعام في صلاته في ركعتين ، ويسأل الله تعالى أن يكفيه كل خوف ووجع امن في بقية ذلك الشهر مما يكرهه (1) باذن الله تعالى .
أقول : وأما ما يعمله عند وقت رؤية الهلال من يخاف من عدو يؤذيه ببعض الاهوال ، فاننا روينا : عن محمد بن قرة - باسناده - قال : روي عن النبي صلوات الله عليه أنه قال : «إذا خفت أحدا فأردت أن تكفى أمره وشره - أو كما قال عليه السلام - فاعتمد ليلة الهلال كأنك تومئ اليه بالخطاب وقل : ( أيوَدُّ أحدُكُم أنْ تَكُون لهُ جنّةٌ من نخيلِ وأعنابٍ تَجري مِن تَحتها الانهارُ لهُ فيها مِن كُل الثّمرات وأصابهُ الكبرُ ولَهُ ذُرّيّة ضُعفاءُ فَأصابَها اعصارْ فِيه نارْ فاحتَرقتْ )(2) فاحترقت (ثلاثا)، وتومئ بهذه الكلمة نحو دار الرجل الذي تخافه (وتقول) : اللّهم (3) طُمَّهُ بالبلاء طماً، وعمه بالبلاء عمّاً، وارمه بحجارةٍ من سجيل ، وطيرك الابابيل ، يا علي يا عظيم .
ثم تقول مثل ذلك في الليلة الثانية من الشهر والليلة الثالثة، فان نجع وبلغ ما تريده في الشهر الاول ، والا فعلمت مثل ذلك في الشهرالثاني ، تلتمس
____________
(1) نقله المجلسي في البحار 97 : 133 / 1 .
(2) البقرة 2 : 266 .
(3) اثبتناها من نسخة «ن» .

(41)
الهلال في الليلة الاولى وتقول مثل ما تقدم ذكره ، والثانية والثالثة ، فان نجع والا بمثل ذلك في الشهر الثالث ، ولن تحتاج اليه باذن الله» (1).

* * *

____________
(1) رواه الطبرسي في مكارم الأخلاق : 347 ، والكفعمي في مصباحه : 206 .

(42)
الفصل الثاني :
فيما يؤكل أول الشهر لئلا ترد له حاجة
روينا ذلك باسنادنا الى هارون بن موسى التلعكبري رضوان الله عليه قال : حدثنا محمد بن همام بن سهيل قال : حدثنا أبو الخير محمد بن يحيى الفارسي قال : حدثنا أبوحنيفة محمد بن يحيى الطبري ، عن الوليد بن أبان الرازي ، عن محمد بن سماعة، عن أبيه قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : « نعم اللقمة الجبن ، تعذب الفم وتطيب النكهة وتهضم ما قبله وتشهي الطعام ، ومن يعتمد أكله رأس الشهر أوشك أن لا ترد(له )(1) حاجة» (2).
أقول : فاياك أن تستبعد مثل هذه الاثار، وقد رواها هارون بن موسى وهو من الاخيار، وكم لله جل جلاله في بلاده وعباده من الاسرار، ما لم يطلع عليه الا من شاء من رسله وخواصه الاطهار. فيجب التسليم والرضا والقبول ، ممن شهدت بوجوب تصديقه العقول .

***

____________
(1) اثبتناها من نسخة «ن» .
(2) روى الراوندي في دعواته : 152/ 410 ، والطبرسي في مكارم الأخلاق : 189 نحوه ، ونقله المجلسي في البحار66 : 105/ 11 و 97 : 133/ 1 .

(43)
الفصل الثالث
فيما نذكره مما يعمل - أول كل شهر من
صلاة ودعاء وصدقة صادرة عن من تدبيره من جملة تدبير
الله جل جلاله وفضله ، ليسلم العبد بذلك من خطر الشهر كله
روينا باسنادنا الى محمد بن الحسن بن الوليد القمي رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري قال : حدثنا محمد بن حسان ، عن الوشا - يعني الحسن بن علي بن الياس الخزاز- قال : كان أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام اذا دخل شهر جديد يصلي أول يوم منه ركعتين ، يقرأ في أول ركعة ( قل هو الله أحد ) ثلاثين مرة بعدد أيام الشهر، وفي الركعة الثانية ( انا أنزلناه في ليلة القدر) مثل ذلك ، ويتصدق بما يتسهل ، فيشتري به سلامة ذلك الشهر كله (1) .
ووجدت هذا الحديث مرويا ايضا عن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام .
أقول : ورأيت في غير هذه الرواية زيادة : فقال : «ويستحب أذا فرغت من هذه الصلاة أن تقول : بسم الله الرحمن الرحيم ( وَما مِن دابّةٍ في الارضِِ الاّ على الله رزقُها وَيَعلمُ مُستقرَّها ومستودعها كُلّ في كتابٍ
____________
(1) رواه الطوسي في مصباحه : 470 ، والراوندي في دعواته : 106| 234 ، وابن طاووس في إقبال الأعمال : 87 ، والكفعمي في مصباحه : 407 ، ونقله المجلسي في البحار 97| 113 قطعة من الحديث 1 .

(44)
مُبين ) (1) ( وانْ يَمسسكَ الله بضّرٍفلا كاشِفَ له الاّ هو وان يمسسك بخيرٍفهوعلى كُلّ شيء قَديرٍ )(2) .
بسم الله الرحمن الرحيم (سَيَجعل اللهُ بعد عُسرٍيُسرا)(3) (ما شاء الله لا قوة الا بالله)(4) ( حَسبُنا اللهُ ونعمَ الوكيل )(5) ( واُفوِّض أمري الى الله انّ الله بَصيرْبالعبادِ )(6) ( لا اله الاّ أنتَ سُبحانكَ اني كُنتُ منَ الظالمين )(7) ( ربِّ انّي لما انَزلتَ اليّ مِن خَيرٍ فَقيرٌ ) (8) ( ربِّ لاتذرني فرداً وأنتَ خيرُ الوارِثين )(9) »(10) .
يقول السيد الامام ، العالم العامل ، الفقيه الكامل ، العلامة الفاضل ، الزاهد العابد، البارع الورع ، رضي الدين ، ركن الاسلام ، جمال العارفين ، أفضل السادة، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس كبت الله أعداءه : قد عرفت أن العترة من ذرية النبي صلوات الله عليه وآله الذين كانوا قائمين مقامه في فعاله ومقاله ، قالوا : «ان ما نرويه فانه عنه ، ومأخوذ منه» فهم قدوة لمن اقتدى بفعلهم وقولهم ، وهداة لمن عرف شرف محلهم ، فاقتد في
____________
(1) هود 11 : 6 .
(2) الأنعام 6 : 17 .
(3) الطلاق 65 : 7 .
(4) الكهف 18 : 39 .
(5) آل عمران 3 : 173 .
(6) غافر 40 : 44 .
(7) الأنبياء 21 : 87 .
(8) القصص 28 : 24 .
(9) الأنبياء 21 : 89 .
(10) نقله المجلسي في البحار 97 : 133| 1.

(45)
السلامة من خطر كل شهر كما(1) أشار اليه مولانا محمد بن علي الجواد صلوات الله عليه.
أقول : (وينبغي أن تذكر)(2) عند صدقتك أن هذه الصدقة التي في يديك لله جل جلاله ، ومن احسانه اليك ، والذي تشتريه من السلامة هو أيضا من ذخائره التي يملكها هو جل جلاله ، وتريد أنت منه جل جلاله أن ينعم بها عليك ، وأنت ملكه على اليقين لا تشك في ذلك ان كنت من العارفين ، فاحضر بقلبك عند صلاتك وصدقتك هذه أنك تشتري ما يملكه الله جل جلاله لمن يملكه الله جل جلاله ، فالمشتري - وهو أنت ، كما قلناه - ملكه ، والذي تشتري به السلامة - وهو الصدقة - ملكه ، وأن السلامة التي تشتريها ملكه ، فاحذر أن تغفل عما أشرنا اليه ، فقد كررناه ليكون على خاطرك الاعتماد عليه.
أقول : فاذا أديت الامانة في صلاتك وصدقتك ، وخلصت نيتك في معاملتك لله جل جلاله ومراقبتك ، فكن واثقا بالسلامة من أخطار شهرك ، ومصدقا في ذلك ولاة أمرك ، وحسن الظن بالله جل جلاله في صيانتك ونصرك.
أقول : ومما ينبغي أن تعرفه من سبيل أهل التوفيق وتعلمه فهو أبلغ في الظفر بالسلامة على التحقيق، وذلك أن تبدأ في قلبك عند صلاة الركعتين وعند الصدقة والدعاء بتقديم ذكر سلامة من يجب الاهتمام بسلامته قبل سلامتك ، وهو الذي تعتقد أنه إمامك وسبب سعادتك في دنياك وآخرتك .
واعلم أنه صلوات الله عليه غير محتاج الى توصلك بصلاتك وصدقتك ودعائك في سلامته من شهره ، لكن اذا نصرته جازاك الله جل جلاله بنصره ،
____________
(1) لعل الأنسب : بما .
(2) في نسخة «ك» : وكن ، واثبتناه ما في نسخة «ن» .

(46)
وجعلك في حصن حريز، قال الله جل جلاله (ولَينصُرنَّ الله من ينصُرُه ان الله لَقَويّ عَزَيزٌ)(1).
ولأن من كمال الوفاء لنائب خاتم الانبياء، أن تقدمه قبل نفسك في كل خير تقدر عليه ، ودفع كل محذور أن يصل إليه ، وكذا عادة كل انسان مع من هو أعزمن نفسه عليه .
ولانك اذا استفتحت أبواب القبول ، بطاعة الله جل جلاله والرسول ، يرجى أن تفتح الابواب لاجلهم ، فتدخل أنت نفسك في ضيافة الدخول تحت ظلهم ، وعلى موائد فضلهم .
يقول السيد الامام ، العالم العامل ، الفقيه الكامل ، العلامة الفاضل ، الزاهد العابد الورع ، رضي الدين ، ركن الاسلام ، جمال العارفين ، أفضل السادة، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس كبت الله أعداءه : وقد روينا أن صلاة أول كل شهر ركعتان ، يقرأ في الاولى (الحَمدُ) (قُل هُو الله أحدٌ) مرة، وفي الثانية (الحمدُ) و (انّا أنزلناهُ) مرة . ولعل هذه الرواية الخفيفة مختصة بمن يكون وقته ضيقاً عن قراءة ثلاثين مرة في كل ركعة، أما على طريق سفر أو لاجل مرض أو غير ذلك من الاعذار.
أقول : ووجدت جماعة من العجم يعملون على أن الاختيار في أيام الشهور على شهور الفرس دون الشهور العربية، وما كان الامر كما عملوا به ، لامور :
منها: أننا ومن رأيناه منهم يصلي صلاة أول كل شهر للحفظ من أكداره يصلي على شهور العرب .
____________
(1) الحج 22 : 40 .

(47)
ومنها : أن الصدقة في أول كل شهر للسلامة من أخطاره على شهور العرب .
ومنها : أن من وجدته يصلي صلاة أول ليلة من كل شهر للسلامة من مضاره رأيته يصليها في أول ليلة من شهور العرب .
ومنها : أن أول السنة باجماع المسلمين اما الشهر المحرم أو شهر رمضان ، وكلاهما من شهور العرب .
ومنها : أن خطاب الشريعة المحمدية يحمل على لسانه العربي الذي جاء به شريف القران الإلهي.
ومنها : أنني اعتبرت الوعود والوعيد المتضمن لايام الشهور فوجدت كثيرا منها موجودا في شهور العرب .
ومنها : ما يحصن من محذورات الايام التي تكره فيها الحركات غير ما قدمناه من الصلوات والصدقات .
حدث أبومحمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام السرمرائي قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيدالله الهاشمي المنصوري قال : حدثنا أبو السري سهل بن يعقوب بن اسحاق الملقب بأبي نواس مؤذن المسجد المعلق بصف شنيف . قال أبو الحسن : وكان يلقب بأبي نواس ، لانه كان يطيب ويكثر المزاح ويظهر التشيع على طريق الطيبة والتخالع ويسلم عند مخالفيه ، وكان مولانا الامام علي بن محمد صلوات الله عليه يقول له : «أنت أبو نواس الحق وذاك أبو نواس الغي والباطل» (1) وكان يخدم سيد الانام عليه السلام .
____________
(1) رواه الطوسي في اماليه 1 : 283 .

(48)
قال: فقلت له ذات يوم : يا سيدي عندي اختيارات الايام عن مولانا الصادق عليه السلام ، حدثني به الحسن بن عبدالله بن مطهر، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه ، عن سيدنا الصادق عليه السلام. وعرضته عليه وصححته بتصحيحه له فقلت : يا سيدي في هذه الايام أيام منحوسة تقطع عن الحوائج ، فاذا دعتني ضرورة الى السعي فيها لحاجة لايمكنني تركها، فعلمني ما احترز به منها لاسعى في جميعها في حوائجي.
فقال : «يا سهل ، ان لشيعتنا بولايتنا عصمة، لو سلكوا بها لجج البحار الغامرة وسباسب (1) البيداء الغابرة، بين سباع وذئاب وأعادي الجن والانس ، أمنوا من مخاوفهم بنا وبولايتنا، فثق بالله تعالى، واخلص الولاء لائمتك الطيبين ،الطاهرين ، وتوجه حيت شئت . يا سهل اذا أصبحت وقلت ثلاثا : أصبحتُ اللّهُمّ مُعتصماً بذمامكَ وجوارك المنيع الذي لا يُطاولُ ولا يُحاولُ ، من شرّ كُلّ طارقٍ وغاشمٍ من سائر من خلَقَت وما خلَقَت وما خَلَقتَ من خلقك الصّامت والناطق ، في جُنّةٍ من كُلّ مخوفٍ ، بلباسٍ سائغةٍ حصينةٍ ، وهي ولاء أهل نبيّك ، مُحتجزاً من كلّ قاصد لي إلى أذيةٍ بجدار حصين : الاخلاص في الاعترافِ بحقّهم ، والتَمسّك بِحَبلهم جميعاً ، مٌوقناً أنّ الحقّ لَهُم وَمَعهُم وَمنهُم وَفيهم وَبهم ، اُولي من والوا ، واُعاي من عادوا ، واُجانبُ من جانبوا ، فأعذني اللّهم بهم من شرّ كلّ ما أتقيه ، إنا (جَعَلنا مِن بَين أيديهِم
____________
(1) السبسب : المفارزة : يقال بلد سبسب وبلد سباسب ، والمفازة هي الأرض المقفرةالموحشة التي لا ماء فيها . انظر الصحاح ـ سبب ـ 1 : 145 ، ولسان العرب ـ فوز ـ 5 : 392 .