دروس في الأخلاق ::: 31 ـ 40
(31)
بذنب قال له روح الإيمان : لا تفعل ، وقال له الشيطان : إفعل (1).
     وأن بعض القلوب منكوس لا يعي الخير أبداً ، وبعضها فيه الخير والشر يعتلجان ، وبعضها مفتوح فيه مصباح يزهر ولا يطفأ نوره (2).
     وأن من علائم الشقاء قسوة القلب والحرص على الدنيا والإصرار على الذنب وجمود العين (3).
     وأنه إذا أراد الله بعبد خيراً فتح عيني قلبه فأبصر بهما الغيب وأمر آخرته وإذا أراد غير ذلك ترك القلب بما فيه (4).
     وأن للقلب أذنين ، الملك وروح الإيمان يساره ويأمره بالخير ، والشيطان يساره ويأمره بالشر ، فأيهما ظهر على صاحبه غلب (5).
     وأن قلوب المؤمنين مطوية بالأيمان طياً ، فإذا أراد الله إنارة ما فيها فتحها بالوحي (6).
     وأن الخطيئة أفسد شيء للقلب. فما تزال به حتى تجعله منكوساً (7).
     وأنه ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب ، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب (8).
     وأن للقلب إعراباً كالحروف ، فرفع القلب اشتغاله بذكر الله ، وفتحه رضاه
1 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص44.
2 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص 51.
3 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص52.
4 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص 53.
5 ـ نفس المصدر السابق.
6 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص54.
7 ـ نفس المصدر السابق.
8 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص55.


(32)
عن الله ، وخفضه اشتغاله بغير الله ، ووقفه غفلته عن الله (1).
     وأن لله في عباده آنية وهو القلب ، فأحبها إليه أصفاها وأصلبها وأرقها أصفاها من الذنوب وأصلبها في دين الله وأرقها على الأخوان (2).
     وأن القلوب مرة يصعب عليها الأمر فتحب الدنيا ، ومرة يسهل فترق وتسلوا عن الدنيا ويحقر عنده ما في أيدي الناس من الأموال حتى كأنها تعاين الآخرة والجنة والنار (3).
     وأنه لو دامت على هذه الحالة لصافحت الملائكة ومشت على الماء (4).
     وأن للقلب اضطراباً عند طلب الحق وخوفاً ، فإذا أصابه اطمأن به ، فإن من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام. ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء (5).
     وأن الله يحول بين المرء وقلبه ، والحيلولة : أن لا يأتي بشيء مما يشتيهيه من الحرام إلا وهو ينكره ويعلم أن ذلك باطل ، ولا يستيقن أن الحق باطل أبداً ، ولا يستيقن أن الباطل حق أبداً (6).
     وأن لله خزانة أعظم من العرش وأوسع من الكرسي وأطيب من الجنة وهي القلب (7).
    وأنه يأتي عليه تارات أو ساعات ليس فيه إيمان ولا كفر شبه الخرقة
1 ـ نفس المصدر السابق.
2 ـ بحار الأنوار : ج 70 ، ص56.
3 ـ نفس المصدر السابق.
4 ـ بحار الأنوار : ج 70 ، ص57.
5 ـ نفس المصدر السابق.
6 ـ بحار الأنوار : ج 70 ، ص58.
7 ـ بحار الأنوار : ج 70 ، ص59.


(33)
البالية (1).
     وأن قلب المؤمن أجرد فيه سراج يزهر (2).
     وأن القلب السليم هو الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه (3).
     وأنه لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت (4).
     وأنه إذا نشطت القلوب فأودعوها ، وإذا نفرت فودعوها (5) ، فإنه إذا أكره عمى (6).
1 ـ نفس المصدر السابق.
2 ـ نفس المصدر السابق.
3 ـ نفس المصدر السابق.
4 ـ نفس المصدر السابق.
5 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص60.
6 ـ بحار الأنوار : ج 70 ، ص61.


(34)

(35)
الدرس الثاني
في محاسبة النفس ومراقبتها
     قال تعالى : ( ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ ). (1). المخاطب المأمور ، هو الإنسان أمر بالنظر إلى أعماله التي تحصّلها وتقدمها أمامه لآخرته ، ولازمه النظر إلى من تصدر عنه الأعمال ومعرفته وهو نفسه أيضاً ، فالناظر : النفس باعتبار قوتها العاقلة المدركة المميزة بين الحق والباطل ، الداعية إلى الصلاح والسعادة ، والمنظور إليه أيضاً ذاتها باعتبار صفاتها وغرائزها الداعية إلى الانحراف عن الحق واتباع الهوى والشهوات ، والأمر للارشاد ، فأرشد الله تعالى نفس كل إنسان إلى النظر في نفسها وما هي عليه من العقائد والملكات والأعمال ، فإن جميع ذلك مما يقدمه الإنسان لآخرته ، إيماناً أو كفراً ، فضيلة أو رذيلة ، طاعة أو عصياناً ، والجامع لجميعها سعادة أو شقاوة ، ولا يكون النظر إلا ممن عرف ذلك كله ، أصولها وفروعها ، وعلم بما هو النفس واجدة له أو فاقدة ، وهذه هي المحاسبة للنفس ، وتنتج ذلك القيام بإصلاحها
1 ـ الحشر : 18.

(36)
وسوقها إلى مراحل تهذيبها.
     والنصوص أيضاً في هذه الباب كثيرة. فقد ورد : أن العلم الذي طلبه فريضة على كل مسلم ومسلمة هو علم الأنفس (1).
     وأنه على العاقل أن يكون له ساعة يحاسب فيها نفسه (2).
     وأنه لا يزال ابن آدم بخير ما كان له واعظ من نفسه وما كانت المحاسبة من همه (3).
     وأن من لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى (4).
     وأن من رعى قلبه عن الغفلة ونفسه عن الشهوة وعقله عن الجهل فقد دخل في ديوان المتنبهين (5).
     وأنه إذا رأيت مجتهداً أبلغ منك في الاجتهاد فوبخ نفسك ولمها وحثها على الازدياد (6).
     وأن أكيس الكيّسين من حاسب نفسه (7).
     وأنه يجب على كل إنسان أن يسأل نفسه في كل يوم عن عمل ذلك اليوم.
     وأن من لم يجعل له من نفسه واعظاً فإن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئاً (8).
     وأنه لا يكمل إيمان العبد حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك
1 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص68.
2 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص64.
3 ـ نفس المصدر السابق.
4 ـ نفس المصدر السابق.
5 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص68.
6 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص69.
7 ـ نفس المصدر السابق.
8 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص70.


(37)
شريكه والسيد عبده (1).
     وأن من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر (2).
     وأن الصادق عليه السلام قال : « حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا في مواقف القيامة (3).
     وأن على العاقل ان يحصي على نفسه مساويها في الدين والرأي والأخلاق والأدب فيجمع ذلك في صدره أو في كتاب ويعمل في إزالتها » (4).
1 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص72.
2 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص73.
3 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص64.
4 ـ بحار الأنوار : ج78 ، ص6.


(38)

(39)
الدرس الثالث
في مجاهدة النفس وبيان حدودها
     قال تعالى : ( وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباك ) (1).
     وقال تعالى : ( ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ) (2).
     وقال تعالى : ( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) (3).
     الجهاد والمجاهدة : استفراغ الوسع في مدافعة العدو ونحوه ، وهو على ثلاثة أضرب : مجاهدة العدو الظاهر من إنسان وغيره ، ومجاهدة الشيطان ، ومجاهدة النفس وهواها ، والجميع داخل في المراد من الآيات الشريفة. والأمر بالجهاد والحث عليه في هذه الآيات بالنسبة إلى جهاد النفس إرشاد إلى ما يدركه العقل بنفسه ، فإن جهاد النفس في الحقيقة عبارة عن فعل الواجبات والمندوبات وترك المحرمات والمشتبهات ، والقيام بذلك شكر للمنعم وهو واجب عقلاً ، وتركها سبب
1 ـ الحج : 78.
2 ـ العنكبوت : 6.
3 ـ العنكبوت : 69.


(40)
للوقوع في ضرر الهلكة والعذاب الأليم ، ورفع الضرر واجب عقلاً ، فالأوامر في هذه الآيات كأوامر الاطاعة والتسليم والاتباع لله ورسوله من الآيات الكريمة وكذا النصوص الحاثة على ذلك من السنة كلها إرشادات الهية ونبوية وولوية يترتب على موافقتها سعادة الإنسان وعلى مخالفتها شقاوته.
     والأخبار الواردة في هذا الباب عن النبي الأقدس واهل بيته المعصومين عليهم السلام كثيرة جداً.
     فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث سرية فلما رجعوا قال : « مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر ، قيل : يا رسول الله وما الجهاد الأكبر ؟ قال : جهاد النفس ، ثم قال : أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه » (1).
     وورد : أن من جاهد نفسه عن الشهوات واللذات والمعاصي فإنما يجاهد لنفسه (2).
     وأن جهاد المرء نفسه فوق جهاده بالسيف (3).
     وأنه سئل الرضا عليه السلام عما يجمع خير الدنيا والآخرة ؟ فقال : خالف نفسك (4).
     وأن من جاهد نفسه وهزم جند هواه ظفر برضا الله (5).
     وأنه لا حجاب أظلم وأوحش بين العبد وبين الرب من النفس والهوى (6).
     وأن أحمق الحمقاء من اتبع نفسه هواه (7).
1 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص65 ـ مجمع البحرين : ج2 ، ص68 ـ الفصول المهمة : ص328.
2 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص65.
3 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص68.
4 ـ الفقه : ص390.
5 ـ المحجة البيضاء : ج8 ، ص170 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص69 ـ مستدرك الوسائل : ج11 ، ص139.
6 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص69.
7 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص70.
دروس في الاخلاق ::: فهرس