دروس في الأخلاق ::: 71 ـ 80
(71)
     وأن التقوى دواء داء القلوب ، وبصر عمى الأفئدة ، وطهور دنس الأنفس (1).
     وأن أتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه (2).
     وأنه لاكرم أعز من التقوى (3).
     وأن التقوى رأس الأمر (4).
     وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بتقوى الله (5).
     وأن المتقي محبوب عند كل فريق (6).
     وأن القيامة عرس المتقين (7).
     وأن أكثر ما يدخل به الجنة تقوى الله (8).
     وأن أشد العبادة الورع (9).
     وأنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه (10) ( أي : إتعاب النفس في فعل الطاعات مع عدم ترك المحرمات ).
     وأن من لقي الله بالورع كان له عند الله فرجاً (11) ، أي : كان ورعه في الدنيا فرجه عن كل ضيق في الآخرة.
1 ـ نهج البلاغة : الخطبة 198 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص284.
2 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص288.
3 ـ نفس المصدر السابق.
4 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص289.
5 ـ مستدرك الوسائل : ج11 ، ص265.
6 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص286.
7 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص286 و 288.
8 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص288.
9 ـ الكافي : ج2 ، ص77 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص193 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص298.
10 ـ الكافي : ج2 ، ص78 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص193 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص297 و 308.
( 11 ) الكافي : ج2 ، ص78 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص194 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص301.


(72)
     وأنه لا يعد الرجل مؤمناً حتى يكون ورعاً (1).
     وأن الورع هو الذي يثبت الإيمان في قلب العبد (2).
     وأن أورع الناس من وقف عند الشبهة (3).
     وأن الورع هو الدين الذي يلازمه الأئمة عليهم السلام ويردونه من مواليهم (4).
     وأن المتورع لا يتعب الأئمة عليهم السلام بالشفاعة (5).
     وأنه يجب صون الدين بالورع (6).
     وأنه لا ينال ما عند الله ولا يتقرب به إلا بالورع (7).
1 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص302.
2 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص304.
3 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص305.
4 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص306.
5 ـ نفس المصدر السابق.
6 ـ الكافي : ج2 ، ص76 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص297.
7 ـ نفس المصدر السابق.


(73)
الدرس العاشر
في الزهد ودرجاته وعلاماته
     الزهد في اللغة : ترك الشيء والإعراض عنه ، يقال : زهد يزهد من باب منع وشرف ، في الشيء وعن الشيء : رغب عنه وتركه. ويراد به في الشرع كثيراً ما ، ملكة الإعراض عن الدنيا وعدم تعلق القلب بها ، وعدم الاعتناء بشأنها وإن كانت نفسها حاصلة للشخص من طريق محلل ؛ وله مرتبتان : الزهد عن حرامها وعما نهى الله عنه من زخارفها ، والزهد عن حلالها وما أباحه وسوغه ، وفي الآيات الكريمة والنصوص الواردة في الباب ما يوضح حقيقته ومراتبه وما يترتب عليه من الآثار والثواب.
     قال تعالى : ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) (1) وقال : ( لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم ) (2). ( فمن الواضح أنه إذا لم يتعلق القلب بشيء لم يتأثر بالحزن عند فوته ، ولا بالفرح عند حصوله ). وقد خاطب الله تعالى النبي
1 ـ الحديد : 23.
2 ـ آل عمران : 153.


(74)
الأقدس أو كل مخاطب له قلب ، وقال : ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم ) (1) ( ومد العين كناية عن النظر إليه إعجاباً ورغبة ). والنهي إرشاد إلى وجود المفسدة في ذلك ، فإنه يضاد الزهد ، وتركه يستلزم تحقق صفة الزهد. وورد في النصوص أن حد الزهد ما ذكره تعالى ، فإنه بين كلمتين من الكتاب ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) (2)
     وأن الزهد في الدنيا قصر الأمل (3).
     وأنه ليس بإضاعة المال ولا بتحريم الحلال ، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد الله (4).
     وأن الزهد تنكب حرام الدنيا (5).
     وأنه لا زهد كالزهد في الحرام (6).
     وأن أزهد الناس من ترك الحرام (7).
     وأن الزاهد في الدنيا : الذي يتحرج من حلالها فيتركه مخافة حسابها ، ويترك حرامها مخافة عقابها (8).
     وأنه ما تزين المتزينون بمثل الزهد في الدنيا (9).
1 ـ طه : 130 والحجر : 88.
2 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص 311.
3 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص310.
( 4 ) منهج الصادقين : ج9 ، ص190 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص310.
5 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص310.
6 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص317.
7 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص312.
8 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص311.
9 ـ ارشاد القلوب : ص96.


(75)
     وأن حب الدنيا رأس كل خطيئة (1) ، فإنه قد أحب ما أبغضه الله ، وأي خطأ أشد جرماً من هذا.
     وأن الزاهد هو المتبلغ بدون قوته والمستعد ليوم موته والمتبرم بحياته (2).
     وأن أفضل الزهد إخفاء الزهد (3).
     وأن الزهاد كانوا قوماً من أهل الدنيا وليسوا من أهلها فكانوا فيها كمن ليس منها يرون أهل الدنيا يعظمون موت أجسادهم وهم أشد إعظاماً لموت قلوبهم (4).
     وأن الناس ما تعبّدوا الله بشيء مثل الزهد في الدنيا (5).
     وان أعلى درجات الزهد أدنى درجات الورع (6).
     وأن صلاح أول هذه الأمة كانوا بالزهد (7).
     وإذا رأيتم الرجل قد أعطى الزهد في الدنيا فاقتربوا منه فإنه يلقى الحكمة (8).
     وإذا زهد الرجل فيما عند الناس أحبه الناس (9). ومن زهد الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه ، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها (10).
1 ـ الخصال : ص25 ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج3 ، ص395 ـ المحجة البيضاء : ج5 ، ص253 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص308 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص239 ، وج73 ، ص7.
2 ـ ارشاد القلوب : ص83 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص319.
3 ـ نهج البلاغة : الحكمة 28 ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج2 ، ص402 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص316 و 319.
4 ـ الوافي : ج4 ، ص26 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص320.
5 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص322.
6 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص 310.
7 ـ مجمع البحرين : ج3 ، ص59 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص311.
8 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص311.
9 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ، ص311 ـ مستدرك الوسائل : ج12 ، ص51.
10 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص313.


(76)
     والله تعالى يبيح جنته للمتقرب إليه بالزهد (1).
     وأزهد الناس من لا يطلب المعدوم حتى ينفد الموجود (2).
1 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص314.
2 ـ بحار الأنوار : ج70 ، 315.


(77)
الدرس الحادي عشر
في الخوفي والرجاء
     هما من الأوصاف القلبية والصفات النفسية ، ووجودهما في الإنسان من ذاتياته وفطرياته ، ولا يوجد إنسان لم يكونا فيه ولو بالنسبة إلى بعض الأمور ويختلفان بالقياس إلى الأشخاص وإلى المتعلقات في الشدة والضعف اختلافاً كثيراً.
     والمراد بالخوف في المقام : الخوف من الله تعالى من مقام ذاته ، ومن غضبه وسخطه ، ومن عذابه في الدنيا وعقابه وناره في الآخرة. وبالرجاء : الرجاء منه تعالى ، رجاء رحمته وقربه وإحسانه في الدنيا ونعمه ورضاه وجنته في الآخرة وهذان هما اللذان يمكن أن لا يوجدا في الإنسان أو يوجدا قليلاً ، وهما اللذان يجب عقلاً ونقلاً ـ تحصيلها بالتفكر في عظمته وقدرته ، والتأمل في أخذه للطاغين والعاصين وبطشه ، وما صنعه تعالى بالكفار والمنافقين والمستكبرين من الأمم الماضية من الإهلاك بالطوفان والغرق والصاعقة والرجفة والصيحة والخسف


(78)
والوباء والطاعون وما أوعده تعالى لأعدائه في عالم الآخرة. وبالتفكر في ما أنعم الله على عباده الصالحين في الدنيا من العلم والملك والولد والمال والنعمة والعافية وما وعده تعالى لأوليائه في الآخرة من غفرانه وإحسانه وإعطائه مقام الشهادة والشفاعة والجنة والرضوان مما يعجز عنه وصف الواصفين ولم يبلغه نعت الناعتين.
     ثم إن الوصفين حالتان تعرضان على النفس كثيراً ما تكونان متلازمتين ، بل يجب أن يكونا كذلك بالنسبة لمقام رب العالمين ، بحيث لو حصل للانسان خوف منه تعالى بلا رجاء أو رجاء بلا خوف كان مما ورد النهي عنه وعبر عنهما : باليأس من روح الله والأمن من مكر الله ، بل اللازم وجودهما وتساويهما بحيث لو وزنا لم يتراجحا ، وأيضاً : من اللازم أن يكونا مسببين عن قدرة الله تعالى وعفوه وكرمه نظير ما إذا قتل زيد ولد شخص كبير قادر على الانتقام عظيم كريم الصفح ، فإنه يحصل للقاتل ـ مع ملاحظة خطأه ـ حالة خوف بالنظر إلى قدرته ورجاء بالقياس إلى كرمه ، فاللازم على العبد المذنب إذا فكر في قدرة الله أن يخاف منه ، وإذا فكر في عفوه وكرمه أن يرجوا صفحه. وأما الرجاء الحاصل من حسبان نفسه لائقاً بالعفو أو الإثابة أو رؤية عمله حسناً جميلاً يستحق به الجزاء فهو مذموم.
     والحالتان قد تحصلان بالنسبة إلى الذنب وعقوبته ، وقد تحصلان بالنسبة إلى العمل الصالح وثوابه ، فالعبد كما قد يخاف من عقاب ذنبه ويرجوا العفو عنه كذلك قد يخاف من حرمان ثواب عمله ويرجوا الفوز به ، فالأولى أن نورد شيئاً مما ورد في الوصفين وآثارهما ، أي : ما ورد في صفة الخوف من الله تعالى ومن بطشه و عقابه ، وفي صفة الرجاء منه تعالى ـ رجاء غفرانه وإحسانه ـ.
     فنقول : خاطب الله الناس بقوله : ( وإياي فارهبون ) (1) وقوله : ( وخافون إن
1 ـ البقرة : 40.

(79)
كنتم مؤمنين ) (1) وقوله : ( فلا تخشوا الناس واخشون ) (2) وقال لرسله بعدما وعدهم إهلاك الظالمين وإسكانهم الأرض : ( ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) (3) ووصف رسله بأنهم الذين يرجون رحمته ويخافون عذابه وقال تعالى : ( وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) (4) وقال لنبيه في حق القرآن : ( وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ) (5) وقال : ( أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) (6).
     ووصف رجالاً من أوليائه بأنهم : ( يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ) (7).
     ووصف آخرين بأنهم هم ( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله ) (8) وقال في حق الملائكة والأنبياء : ( ويرجون رحمته ويخافون عذابه ) (9) وقال في حق المتقين : ( الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون ) (10) وقال في حق المسارعين إلى الخيرات : ( والذين يوتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ) (11). وقال في حق العلماء : ( إنما يخشى الله من عباده
1 ـ آل عمران : 175.
2 ـ المائدة : 44.
3 ـ ابراهيم : 14.
4 ـ الحج : 34 و 35.
5 ـ الأنعام : 51.
6 ـ الأعراف : 98 و 99.
7 ـ النور : 37.
8 ـ الأحزاب : 39.
9 ـ الإسراء : 57.
10 ـ الأنبياء : 49.
11 ـ المؤمنون : 60.


(80)
العلماء ) (1). وقال : ( أمن هو قانت آناء اليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) (2). وقال تعالى : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) (3) و ( إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير ) (4). وأن المؤمنين المهاجرين ( اولئك يرجون رحمة الله ) (5). وأن المؤمنين من النصارى قالوا : ( ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين ) (6) وقال : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) (7).
     وورد في النصوص الصادرة عن النبي الأعظم وأهل بيته المعصومين أن الخوف رقيب القلب والرجاء شفيع النفس ، ومن كان بالله عارفاً كان من الله خائفاً واليه راجياً (8).
     وأن الصادق عليه السلام قال : أرج الله رجاء لا يجرئك على معاصيه ، وخف الله خوفاً لا يؤيسك من رحمته (9).
     وأن لقمان قال لابنه : خف الله خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك ، وارج الله رجاء لوجئته بذنوب الثقلين لرحمك (10).
     وأن الصادق عليه السلام قال : خف الله كأنك تراه ، وإن كنت لا تراه ، فإنه يراك (11).
1 ـ فاطر : 28.
2 ـ الزمر : 9.
3 ـ الرحمن : 46.
4 ـ الملك : 12.
5 ـ البقرة : 218.
6 ـ المائدة : 84.
7 ـ الحجر : 49 و 50.
8 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص 390.
9 ـ الأمالي : ج1 ، ص22 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص170 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص384.
10 ـ جامع الأخبار : ص98 ـ الكافي : ج2 ، ص67 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص352.
11 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص354 و 390 ـ مستدرك الوسائل : ج11 ، ص229.
دروس في الاخلاق ::: فهرس