دروس في الأخلاق ::: 151 ـ 160
(151)
الدرس السابع والعشرون
في التدبّر والتثبت وترك الاستعجال
     للعاقل البصير المجرب للأمور إذا أراد الاقدام على أي عمل من أعماله أن يتأمل جميع جوانب المراد من مقدماته وشرائطه وموانعه وملازماته وعواقبه وآثاره تأملاً تاماً حتى يكون على بصيرة من غرضه ومرماه ، لئلا يعرض له ضرر أو ندامة من ناحية قصور نفسه ، فإن عروض الحوادث غير الاختيارية لا لوم عليه. ثم إن من نتائج التدبر عدم تعجيله في الاقدام لو لم يحل وقته ، ولزوم الاسراع بعده إذا احتمل فوت الفرصة.
     والممارسة على هذا الأمر تورثت ملكة فاضلة للانسان ينطبق عليه بذلك عنوان العاقل الحكيم ذي الحزم والتدبير ، وهو من أكمل المراتب الانسانية.
     وقد ورد الحث بذلك في نصوص وفيها :
     أن التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم (1).
1 ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج1 ، ص372 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص338 و342 ـ نور الثقلين : ج4 ، ص3.

(152)
     وأنه : لا عقل كالتدبير (1).
     ومع التثبت تكون السلامة ، ومع العجلة تكون الندامة. ومن ابتدأ بعمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه (2).
     وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصى وأكد في الوصية : بأنه إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته ، فإن يك رشداً فامضه وأسرع إليه ، وإن يك غياً فانته عنه (3).
     وأن علياً عليه السلام قال عند موته : أنهاكم عن التسرع بالقول والفعل (4).
     وأن العاقل لابد أ ينظر في شأنه (5).
     وأن الحزم كياسة (6).
     وأن الحزم : أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك (7).
     وأنه : إنما أهلك الناس العجلة ، ولو أنهم تثبتوا لم يهلك أحد (8).
     وأن الأناة من الله والعجلة من الشيطان (9).
     وأن من طلب الأمر من وجهه لم يزل ، فإن زل لم تخذله الحيلة (10).
     وأنه : إتئد تصب أو تكد (11) ( والاتئاد : التمهل والتأني ، والمراد : إن فكرت في أمر ن غير استعجال فإمّا أن تصب هناك أو تعزب عنه ).
1 ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج6 ، ص347 ـ بحار الأنوار : ج1 ، ص95 وج71 ، ص338.
2 ـ الخصال : ص100 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص338.
3 ـ المحجة البيضاء : ج8 ، ص165 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص339.
4 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص339.
5 ـ نفس المصدر السابق.
6 ـ نفس المصدر السابق.
7 ـ نفس المصدر السابق.
8 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص340.
9 ـ نفس المصدر السابق.
10 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص340 و356.
11 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص340 وج78 ، ص356.


(153)
     وأن من لم يعرف الموارد أعيته المصادر (1).
     وأن من انقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة والعاقبة المتعبة (2).
     وأن الظفر بالحزم ، والحزم بإجالة الرأي والرأي بتحصين الأسرار (3).
     وأنه : بادر الفرصة قبل أن تكون غصة (4).
     وأنه ما أنقض النوم لعزائم اليوم (5).
     وأنه : روِّ تحزم فإذا استوضحت فاجزم (6) ( أي : تفكر حتى يحصل لك التثبت والصلاح ، فإذا وضح لك ذلك فاجزم بالعمل ).
1 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص340.
2 ـ نفس المصدر السابق.
3 ـ نهج البلاغة : الحكمة 48 ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج1 ، ص21 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص341 وج75 ، ص71.
4 ـ نهج البلاغة : الكتاب 31 ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج3 ، ص241 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص341.
5 ـ نهج البلاغة : الخطبة 241 والحكمة 440 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص341.
6 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص341.


(154)

(155)
الدرس الثامن والعشرون
في الاقتصاد والقناعة
     الاقتصاد من القصد وهو الاستقامة ، والمراد به هنا : اعتدال الانسان واستقامته في صرف ماله وانفاقاته لنفسه وعياله ، فهو حالة متوسطة بين الافراط الذي هو الاسراف ، والتفريط الذي هو التقتير ، فيرادف القناعة في المعنى ، وهذا غير الجود المتوسط بين الاسراف والبخل ، فان ذلك ملحوظ في ما يبذله الانسان لغيره.
     وقد ورد في الكتاب والسنة في فضل الاقتصاد وحسنه وآثاره.
     قال تعالى : ( والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) (1).
     وورد في النصوص : أن القصد أمر يحبه الله (2).
     وأن التقدير نصف العيش (3).
     وأنه : ما عال امرؤ اقتصد (4).
1 ـ الفرقان : 67.
2 ـ الكافي : ج4 ، ص52 ـ ثواب الأعمال : ص221 ـ الخصال : ص10 ـ وسائل الشيعة : ج15 ، ص257 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص346.
3 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص347.
4 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص347 وج103 ، ص21.


(156)
     وأن القصد مثراة والسرف مثواة (1).
     وأن حسن التقدير من المعيشة في المروة (2).
     وأن القناعة مال لا ينفد (3).
     وأنه : كفى بالقناعة ملكاً (4).
     وأن قوله تعالى : ( فلنحيينه حياة طيبة ) (5) هي القناعة (6).
     وأن القصد في الغنى والفقر من المنجيات (7).
     وأن من قنع بما اوتي قرت عينه (8).
     وأن من قنع شبع ، ومن لم يقنع لم يشبع (9).
     وأنه : لا مال أنفع من القنوع باليسير المجزي (10).
     وأن الانفاق على العيال ينبغي أن يكون بين المكروهين (11) لقوله تعالى : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) (12).
     وأن من رضي من الله باليسير من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل (13).
1 ـ الكافي : ج4 ، ص52 ـ وسائل الشيعة : ج15 ، ص258.
2 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص347 ـ الوافي : ج17 ، ص85.
3 ـ نهج البلاغة : الحكمة 57 و 475 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص220 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص 344.
4 ـ نهج البلاغة : الحكمة 229 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص344 و396.
5 ـ النحل : 97.
6 ـ نهج البلاغة : الحكمة 229 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص345.
7 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص347.
8 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص345.
9 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص348.
10 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص346.
11 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص347.
12 ـ الفرقان : 67.
13 ـ معاني الأخبار : ص260 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص348 وج72 ، ص65 وج103 ، ص21.


(157)
الدرس التاسع والعشرون
في السخاء والجود
     السخاء ، لغة واضح ، وشرعاً : بذل المال أو النفس فيما يجب أو ينبغي ، عن ملكة حاصلة بالممارسة عليه ، أو هو نفس تلك الملكة ، ونظيره الجود فيشمل اللفظان جميع موارد الإنفاقات الواجبة : كالزكوات والأخماس ، والإنفاقات المندوبة ، وهي كثيرة في الشرع ، وهذه الصفة من أفضل الصفات والملكات الأنسانية قد حكم بحسنها العقل ومدحها الشرع ، وحث على الأعمال الموجبة لحصولها في النفس ، ويقابلها البخل والشح كما سيأتي بيانهما. فقد ورد في النصوص :
     أن السخاء من خصال الأنبياء عليهم السلام (1).
     وأن السخاء : البذل في السعر واليسر (2).
     وأن سخاء النفس من أبواب البر (3).
1 ـ الكافي : ج6 ، ص550 ـ بحار الأنوار : ج65 ، ص4.
2 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص353.
3 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص354.


(158)
     وأنه أحسنوا صحبة الإسلام بالسخاء (1).
     وأن السخاء شجرة في الجنة ، من تعلق بغصن من أغصانها دخل الجنة (2).
     وأن حد السخاء أن تخرج من مالك الحق الذي أوجبه الله عليك فتضعه في موضعه (3).
     وأن السخاء ما كان ابتداءاً ، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتذمم (4).
     وأن السخاء : أن تسخو نفس العبد عن الحرام أن تطلبه ، فإذا ظفر بالحلال طابت نفسه أن ينفقه في طاعة الله (5).
     وأن السماحة إجابة السائل وبذل النائل (6).
     وأن سادة الناس في الدنيا الأسخياء (7).
     وأن خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم (8).
     وأنه : قد مدح الله صاحب القليل ، (9) فقال : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) (10).
     وأن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عليه ، والبخيل من بخل بما افترض الله عليه (11).
1 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص350.
2 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص352 ـ معالم الزلفى : ج1 ، ص322.
3 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص353.
4 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص357.
5 ـ معاني الأخبار : ص256 ـ وسائل الشيعة : ج6 ، ص9 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص353.
6 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص353.
7 ـ الأمالي : ج1 ، ص36 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص350 وج78 ، ص50.
8 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص350 ـ كنز الدقائق : ج3 ، ص283.
9 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص351.
10 ـ الحشر : 9.
11 ـ الفصول المهمة في أصول الائمة : ص310 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص351.


(159)
     وأن السخي قريب من الله ، قريب من الجنة ، قريب من الناس (1).
     وأن السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه (2). وأنه : ليس السخي المبذر الذي ينفق ماله في غير حقه ، ولكنه الذي يؤدي إلى الله ما فرض عليه في ماله من الزكاة وغيرها (3). وأن السخي الكريم الذي ينفق ماله في حق (4).
     وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عفى عن أسير محكوم بالقتل ، وأخبره بأن الله أوحى إليه أنه سخي فأسلم الأسير لذلك ، فقاده سخاؤه إلى الجنة (5).
     وأن الشاب السخي المعترف للذنوب أحب إلى الله تعالى من الشيخ العابد البخيل (6).
     وأن السخي هو الذي يبذل مما ملك ويريد به وجه الله ، وأما السخي في معصية الله فحمال سخط الله وغضبه ، وهو أبخل الناس على نفسه (7).
     وأن الجنة دار الأسخياء (8).
     وأن مالك إن لم يكن لك كنت له ، فلا تبق عليه ، فإنه لا يبقي عليك ، وكله قبل أن يأكلك (9).
1 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص352.
2 ـ الكافي : ج4 ، ص41 ـ وسائل الشيعة : ج15 ، ص253 وج16 ، ص427 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص352.
3 ـ الأمالي : ج2 ، ص89 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص352 وج96 ، ص14.
4 ـ معاني الأخبار : ص256 ـ وسائل الشيعة : ج6 ، ص9 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص353 ـ ج78 ، ص258.
5 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص354 و355.
6 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص355.
7 ـ نفس المصدر السابق.
8 ـ بحار الأنوار : ج29 ، ص243 وج71 ، ص356 ـ مستدرك الوسائل : ج7 ، ص14.
9 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص357 وج78 ، ص127.
دروس في الاخلاق ::: فهرس