دروس في الأخلاق ::: 271 ـ 274
(271)
الدرس الحادي والخمسون
في طلب رضا الخلق بسخط الخالق
أو طلب أمر من طريق المعصية
     هذا الذنب مما يبتلى به كثير من الناس ، ولا سيما التابعين لأئمة الكفر والجور من أعوانهم وأنصارهم ، والمنسوبين إليهم ، والمادحين لهم والمتقربين إليهم طلباً لجاه أو مال ، أو خوفاً من شرورهم ، فيتبعون أمرهم ويطلبون رضاهم وإن خالف أمر الله ورضاه.
     وقد ورد في النصوص : أنه : من طلب رضا الناس بسخط الله جعل الله حامده من الناس ذاماً له (1) ( أي : يذمه بعد ذلك من كان يحمده ، أو يذمه في غيبته من يحمده في حضوره ).
     وأنّه : من آثر طاعة الله بغضب الناس كفاه الله عداوة كل عدو (2).
     وأنه : لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله (3) ( أي : اتخذ طاعته لنفسه ديناً ،
1 ـ الكافي : ج2 ، ص372 ـ الوافي : ج5 ، ص993.
2 ـ الكافي : ج2 ، ص372 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص392.
3 ـ الكافي : ج2 ، ص373 ـ الامالى : ص309 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص421 ـ بحار الأنوار :



(272)
كأن قال بإمامته وخلافته عن الله ورسوله ).
     وأنه من أرضى سلطاناً جائراً بسخط الله خرج من دين الله (1).
     وأنه لا تسخطوا الله برضا أحد من خلقه ولا تتقربوا إلى أحد من الخلق بتباعد من الله (2).
ج2 ، ص121 وج73 ، ص392.
1 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص421 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص393.
2 ـ بحار الأنوار : ج71 ، ص177 وج73 ، ص394.


(273)
الدرس الثاني والخمسون
في قسوة القلب
     القسوة : غلظ القلب ، وصلابته وعدم تأثّره بالمواعظ والعبر ، في مقابل رقة القلب ، ورحمته وتأثره بالعظات واتعاظه بالعبر ، وهي من حالات القلب وصفاته المذمومة السيئة ، وهي قد تكون ذاتيّةً مودعةً في القلب بالفطرة ، وقد تكون كسبيّةً حاصلة من الممارسة على المعاصي والمآثم. وعلى التقديرين : فهي قابلة للزوال بالكلية ، أو للتخفيف والتضعيف ، ويمكن أيضاً المراقبة الشديدة على النفس حتى لا يظهر لها أثر سوء على الجوارح والأركان.
     وقد ورد فيها آيات ونصوص ناظرة إلى ذمها ولزوم إزالتها ، أو المواظبة عليها لئلا تظهر آثارها في الأقوال والأفعال.
     قال تعالى : ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله ) (1). ( فذكر الله قسوة القلب هنا في مقابل انشراح الصدر
1 ـ الزمر : 22.

(274)
للإسلام وانفتاحه وسعته ، فصار لذلك على نور من العلم والعمل. والقسوة في قباله انسداد القلب وضيقه وعدم تأثير العظات فيه. وقد أوعد الله تعالى جزاءها بالويل ، وهي بمعنى : القبح والشّر والهلاك ، فالمراد : إنشاء دعاء من الله على قاسي القلب ، أو إخبار باستحقاقه ).
     وقال تعالى : ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله ) (1) ، وقوله تعالى : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم ) (2).
     وورد في النصوص : أن القلب له لمتان : لمة من الشيطان ولمة من الملك ، فلمّة الملك : الرقة والفهم ، ولمة الشيطان : السهو والقسوة ، (3) ( واللمة بالفتح : الإلقاء والخطور ، فخطرات الخير فيه من الملك ، وخطرات الشر من الشيطان ، ويتولد من الأول فهم المعارف الإلهية ولين القلب لفعلها ، ومن الثاني غفلته عن الحق وقسوته ، فقوله : لمة الملك الرقة : أي نتيجتها الرقة أو علامتها ذلك.
     وأن فيما ناجى الله تعالى به موسى : « يا موسى لا تطول في الدنيا أملك فيقسو قلبك ، والقاسي القلب مني بعيد ». (4) ( ولا إشكال في أن تطويل الأ مل يدعو إلى الحركة نحو المأمول والسعي فيه وانصرافه القلب عن الحق والآخرة ، وعن عبادة الرب والتقرب إليه وهي تورث القسوة طبعاً ).
1 ـ البقرة : 74.
2 ـ الحديد : 16.
3 ـ الكافي : ج2 ، ص330 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص336 ـ بحار الأنوار : ج70 ، ص39 وج73 ، ص397 ـ مرآة العقول : ج9 ، ص383.
4 ـ الكافي : ج2 ، ص329 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص337 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص398 ـ نور الثقلين : ج1 ، ص92.
دروس في الاخلاق ::: فهرس