بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد الاَحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، تعالى عن الصاحبة والولد، واستغنى عن العُدد والعَدد، وتقدّست عن شبه الخلائق صفته، وارتفعت عن مذاهب العقول عظمته، وأعجزت غوامض الفكر جلالته، ووضحت بالشواهد الساطعة حجّته، وظهرت في كلّ شيء حكمته، أحقَّ الحقَّ بما نصب من أعلامه ودلالاته، وأوضح من حججه وبيّناته، وأبطل الباطل بما أدحض من شبهاته، وأبان عن مشبهاته.
وصلّى الله على عبده المجتبى، ونبيّه المصطفى، خير الاَنبياء والمرسلين، وأفضل الاَوّلين والآخرين، البشير النذير، الداعي بإذنه والسراج المنير، سيّد سادات العرب والعجم، محمّد بن عبدالله بن عبد المطلب.
وعلى أوصيائه وأصفيائه الاَئمة المهديّين المرضيّين المنتجبين من اُرومته(1) ، الحافظين لشريعته، المعصومين من كلّ دنس ورجس، المفضَّلين على كافّة الجنّ والاِنس، الذين ينتجز الموعود يوم المآب
____________
(1) الارومة: الاَصل. «لسان العرب 12: 14».

( 34 )
بإنجازهم، ولا يُجاز الصراط إلاّ بجوازهم، فهم النمرقة(1)الوسطى، من تقدّمهم مرق، ومن تأخّر عنهم زهق، ومن لزمهم لحق، وهم كباب حطّة، ومثل سفينة نوح من ركبها نجى، ومن تخلّف عنها غرق وهوى. وهم خاصّة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، وصفوة عترته الذين قرن الله معرفتهم بمعرفته، وجعل محبّتهم في الوجوب كمحبّته. وهم دعائم الاِسلام، وأئمّة الاَنام، وحجج المهيمن السلام، سرج في كلّ ظلام، ودرج إلى كلّ مرام. عليهم أفضل الصلاة والسلام مالاح برق واسستهلّ غمام، وتوسّمت الرياض بفرادى نباتها والتوأم.
وبعد:
فإنّ أشرف الكلام عند الخاصّ والعامّ ما وجّه إلى أشرف من حاز الله له رواء الملك إلى بهاء العلم، وسناء الحلم، وإمضاء الحكم، لا زال مبرّاً على ملوك الاَرض وولاة النهي والاَمر بما آتاه من علوّ الشأن وجلالة القدر، وميّزه بجلائل من المجد (ودقائق من الشرف المعد، وخواص من العدل، وعوام من الفواضل والفضل)(2)، لا يندرج أدناها تحت القدرة والاِمكان، ولا ينال أقصاها بالعبارة والبيان، وهذه صفة الاصفهبذ(3)الاَجلّ (الاَعظم، الملك المؤيد العادل)(4) شرف الدينا والدين، ظهير الاِسلام والمسلمين، (تاج الملوك والسلاطين، عضد الجيوش في العالمين، قاهر الكفرة والمشركين، قامع العتاة والمتمردين، علاء الدولة، وبهاء الملة، مجد
____________
(1) النمرقة (بضم النون والراء وبكسرهما): الوسادة، وجمعها نمارق. «النهاية 5: 118».
(2) في نسخة «م» : والجلال وفواضل القدر من الفضل والافضال.
(3) قال المسعودي في الاَشراف والتنبيه (91): الاصفهبذ: وهو أمير الجيوش، وتفسيره حافظ الجيش، لاَن الجيش «اصبه» و«بذ» حافظ.
(4) في نسخة «م»: الملك العادل المؤيد المنصور.

( 35 )
الاَُمة، صفوة الخلافة، قطب المعالي)(1)ملك مازندران، خُسرو(2)ايران، اصفهبذ، اصفهبذان، شاه فرشواذكر(3) أبي الحسن عليّ بن شهريار بن قارن نصرة أمير المؤمنين، أعلى الله شأنه، ونصر سلطانه، وحرس حوباه، وطرّز بالنجح لواه، إذ هو باتّفاق الأوياء والاَعداء، واصفاق القرباء والبعداء، واحد الدهر، وثمال(4) أهل العصر، وغرّة الاَفلاك الدائرة، وعمدة العترة الطاهرة.
لا جرم قد ملّكه الله زمام الدهر، وأنفذ حكمه في البرّ والبحر، وشدّ به أزر الاِسلام، ومهّد له أسباب المعدلة في الاَنام، وجعل أيّامه للزمان أعياداً ومواسم، وللاِِقبال مباهج ومباسم، متّعه الله تعالى بجمال هذه الحال، وأدام له في العباد والبلاد كرائم الاِِفضال، ومواد النوال، بلطفه وطوله وسعة جوده وفضله.
ثم إنّ خادم الدعاء المخلص بالولاء وإن سبق في ميدان الفضل فهو عكاشة غايته، وبرز على فرسان العلم فهو عرابة رايته وإن كان قد قصر وهمه وهمّه، وجمع وكده(5)وكدّه ـ منذ خطّ الشباب بالمسك عذاره، إلى أن وخط المشيب بالكافور أطراره(6)ـ على اقنتاء العلوم وجمع أفانينها(7) وضبط قوانينها حتى اصبح مقتطفاً من ثمار النحو والاَدب زواهرها وغررها، مغترفاً
____________
(1) اثبتناها من نسخة «ط».
(2) خُسرو (بضم الاَول وسكون الثاني وفتح الثالث): أي ملك وامام عادل. «البرهان القاطع: 436».
(3) فرشواذكر: كلمة من اللغة البهلوية، وهي لقب يطلق على ملوك الجبال في أقاليم طبرستان ومازندران. «انظر: لغة نامه مادة فرشوادكر».
(4) الثمال: من يلتجأ إليه قومه وإليه يفزعون. «انظر: لسان العرب 11: 94».
(5) الوكد: الهم. «لسان العرب 3: 467».
(6) الطرة: الناصية. «الصحاح ـ طرر ـ 2: 725».
(7) الاَفانين: الاَساليب، وهي أجناس الكلام وطرقه. «الصحاح ـ فنن ـ 6: 2177».

( 36 )
من بحار اصول الدين وفروعه جواهرها ودررها، فإنّ كلّ فاضل وإن بعد في الفضل مداه، وبلغ من كلّ علم أقصاه، إذا لم يتشرّف بتقبيل تراب الحضرة العالية الاِِصفهبذية العلائية، أدام الله لها العلو والعلا والسمو والسنا والقدرة والبهاء ولم ينسب إلى جملة خدمها، ولم يحسب في زمرة حشمها، فهو ناقص عن حيّز الكمال، عادل عن الحقيقة إلى المحال.

لاَنـــها الـغـايةُ القُصوى التي عجزتْ * عنْ أنْ تـــؤمٍّل ادراكاً لـهـم الــهـممُ
ما يـستـحقُّ مـلـوكُ الـدهـر مـرتبةً * إلا لـصـاحـبـهـا مِـنْ فـوقـِهـا قـدَمُ
فـرأيهُ إنْ دَجـا لـــيـلُ الشكوكِ هُدى * وظلُّه إنْ خـــطـــا صرفُ الردى حَرمُ
فـــلـو عداالـكـرمُ الموصوفُ راحتَهُ * عن انْ يُجاورهــا لم يـكـرمِ الـكـــرمُ

جلالة الملك أدنى درجاته، وحماية الدين أقلّ أدواته، وإكرام ذوي الفضل من الاَنام واصطناع الكرام والاِِنعام على الخاصّ والعامّ أشهر صفاته، فالآمال منوطة به، والهمم مصروفة إليه، والثناء والحمد والشكر بأجمعها موقوفة عليه ، واستقلّ بما عجزت الملوك عن حمل أعبائه ، وقام بما قعد الدّهر عن معاناة عنائه، (بهمةّ عليّة)(1) ،وعزيمة(2)علانية ،(3) وعقيدة علويّة، فردّ سمل الدين جديداً، وأعاد ذميم الاَيام حميداً، بحق أوضحه، وباطل فضحه، وهدى أعاده، وضلالٍ أباده:

فلا انـتـزعَ الله العدي حـدَ بأسهِ * ولا انتزعَ الله الهدي عـزِّ نـصرِهِ
واحـسـنَ عنْ حـبِ الـنبي وآلهِ * ورعى سوام الدينِ تــوفيرُ شكرهِ
فـمـا يـدركُ المداحُ ادنى حقوقِهِ * باغراقِ مـنظـومِ الكلامِ ونـثـرهِ

____________
(1) لم ترد في نسخة «ط».
(2) في نسخة «ط»: بعزمة.
(3) في نسخة «ط» زيادة: عزيزة علوية.

( 37 )
لاَن ادنى نِعَمِه يستغرق جميع الشكر، وايسر مننه يفوز مدى الوصف والذكر:

فكلّ أروعَ مِن آلِ ( الرسول عدا )(1) * جَـلانَ يرفلُ مِنْ نـعـمـاهُ في حــُلل
فَـلـو أجابَ كـتابَ اللهِ سائـلــهُ * مـنْ خـيـر هذاُ الورى لم يسمِ غيرَ علي

ولمّا عاق هذا الدّاعي المخلص عن (ورود الحضرة)(2)العالية، والوصول منها إلى رواق العز والجلال، والاكتحال بتلك النهجة والجمال عوائق الزحال وعوادي الاُصول(3)أراد أن يخدمها بخدمة تبقى عوائدها على تعاقب الاَيام وتناوب الشهور والاَعوام، فيؤلّف كتاباً يتضمّن أسامي الاَئمة الهداة والسادة الولاء واُولي الاَمر وأهل الذكر وأهل بيت الوحي، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، ويشتمل على تواريخ مواليدهم وأعمارهم، وطرف من أخبارهم ومحاسن آثارهم، والنصوص الدالّة على صحّة إمامتهم، والآيات الظاهرة من الله عليهم الشاهدة لتمييزهم عمّن سواهم وإبانتهم عمّن عداهم. ثمّ فكّر في ذلك وقدّر وتأمّل وتدبّر وقال: إذا كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الشجرة وهم أغصانها، والدوحة وهم أفنانها، ومنبع العلم وهم عيبته، ومعدن الحكم وهم خزانته، وشارع الدين وهم حفظته، وصاحب الكتاب وهم حملته، فهو أولى بان يقدّم في الذكر وتبيّن آياته الناطقة برسالاته وأعلامه الدالّة على نبوّته ومعجزاته القاهرة ودلالاته الباهرة.
فاستخار الله سبحانه في الابتداء به، واستعان به في إتمام ما قصده،
____________
(1) كان في المطبوع: النبي نجد، وما أثبتناه من نسخة «ط».
(2) كان في المطبوع: الاستسعاد بخدمة حضرته، وما اثبتناه من نسخة «ط».
(3) في المطبوع زيادة: والانبساط لتقبيل بساطها، والانخراط في سلك سماطها، والمرتوع في ظلال كرمها، والشروع في مشارع حرمها.

( 38 )
وسمّاه كتاب إعلام الورى بأعلام الهدى وجعله أربعة أركان:
الركن الاَول: في ذكر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
والركن الثاني: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
والركن الثالث: في ذكر الاَئمة من أبنائه من الحسن بن علي الرضيّ إلى الحسن بن علي الزكي عليهم السلام.
والركن الرابع: في إمامة الاَئمة الاثني عشر والاِِمام الثاني عشر عليهم السلام.
وكلّ ركن منها يتضمّن أبواباً وفصولاً تزهر بما فيها من مكنون العلم ومخزون الحكم، مفصولاً وموصولاً، وإنّ من أولى الاُمور وأصوبها عند الجمهور أن تحلّى مسائل العقائد على أجلّ معتقديها، وتعرّض فرائد الجواهر على أكمل منتقديها، والمأمول المسؤول من الرّأي العالي أعلاه الله أن يغدق على هذه الكريمة الجسيمة ويسبل على هذه الرّسلة العقلية النيلة جناح القبول، لينال الدّاعي المخلص بذلك غاية المرام ونهاية المأمول فاستخرجت درّة فإنها خير باكورة جلبت إلى قلوب المؤمنين وأكرم بشارة صبّت على أذان الغارمين والله تعالى الموفّق للسداد، الهادي إلى الرشاد، وعليه توكّلت وإليه اُنيب.

* * *

( 39 )
(الركن الاَول من الكتاب)
في ذكر النبي المصطفى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، ونسبه، ومولده، ومبعثه، ومدّة حياته، ووقت وفاته، وبيان أسمائه وصفاته، ودلائل نبوّته ومعجزاته، وذكر أولاده وأزواجه وأعمامه وأخواله، ومعرفة بعض غزواته وأحواله.
ويشتمل على ستّة أبواب:

( 40 )

( 41 )
(الباب الاَول)
في ذكر نسبه ومولده
وذكر أسمائه ومدة حياته ووقت وفاته
يشتمل على ثلاثة فصول:

( 42 )
(الفصل الاَول)
في ذكر مولده ونسبه إلى آدم عليه السلام ووقت وفاته
ولد صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم الجمعة عند طلوع الشمس السابع عشر من شهر ربيع الاَول من عام الفيل(1).
(وفي رواية العامّة: ولد صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم الاثنين، ثمّ اختلفوا فمن قائل يقول لليلتين من شهر ربيع الاَوّل(2) ،ومن قائل يقول: لعشر ليال خلون منه(3)، وذلك لاَربع وثلاثين سنة وثمانية أشهر مضت من ملك كسرى)(4) أنوشيروان بن قباد وهو قاتل مزدك والزنادقة ومبيرهم(5)وهو الذي عنى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على ما يزعمون: ولدت في زمان الملك العادل الصالح(6). ولثمان سنين وثمانية
____________
(1) مساّر الشيعة: 29، التهذيب للطوسي 6: 2، مصباح المتهجد: 732، قصص الاَنبياء للراوندي:316 |393، مناقب ابن شهرآشوب 1: 172، روضة الواعظين: 70، اقبال الاَعمال: 603، العدد القوية: 110، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 279 | 25 ، وفي بعض المصادر: طلوع الفجر بدل طلوع الشمس.
(2) الطبقات الكبرى 1: 101، تاريخ اليعقوبي 2: 7، صفة الصفوة 1: 52، الوفا بأحوال المصطفى 1: 90، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 279 | 25.
(3) الطبقات الكبرى 1: 100، صفة الصفوة 1: 52، الوفا بأحوال المصطفى 1: 90، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 279|25.
(4) ما بين القوسين لم يرد في نسخة «ق»، وفي نسخة «ط» إلى آخر المقطع، واثبتناه من نسخة «م» ونسخة المجلسي.
(5) مبيرهم: مهلكهم. «لسان العرب 4: 86».
(6) قصص الاَنبياء للراوندي: 316| ذيل الحديث 393 قطعة منه، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 279 | 25.

( 43 )
أشهر من ملك عمرو بن هند ملك العرب(1).
وكنيته: أبو القاسم.
وروى أنس بن مالك قال: لمّا ولد إبراهيم ابن النبيّ من مارية أتاه جبرئيل عليه السلام فقال: «السلام عليك أبا إبراهيم»، أو: «يا أبا إبراهيم»(2)
ونسبه: محمّد بن عبدالله بن عبد المطلب ـ واسمه شيبة الحمد ـ بن هاشم ـ واسمه عمرو ـ بن عبد مناف ـ واسمه المغيرة ـ بن قصي ـ واسمه زيد ـ ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان(3).
وروي عنه عليه السلام أنّه قال: «إذا بلغ نسبي عدنان فأمسكوا»(4).
وروي عن اُمّ سلمة زوج النبيّ عليه السلام قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «معد بن عدنان بن اُدد بن زيد بن ثرا بن أعراق الثرى، قالت اُمّ سلمة: زيد هميسع وثرانبت وأعراق الثرى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام؛ قالت: ثمّ قرأ رسول الله وصلّى الله عليه
____________
(1) مناقب ابن شهرآشوب 1: 172، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(2) الطبقات الكبرى 1: 135، مستدرك الحاكم 2: 604، دلائل النبوة للبيهقي 1: 164 الوفا بأحوال المصطفى 1: 105، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(3) مناقب ابن شهر آشوب 1: 154، سيرة ابن هشام 1: 1، الطبقات الكبرى 1: 55، تاريخ الطبري 2: 271، مروج الذهب 3: 5|1442، دلائل النبوة للبيهقي 1: 179، الاستيعاب 1: 13، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(4) قصص الاَنبياء للراوندي: 316|394، مناقب ابن شهر آشوب 1: 155، الطبقات الكبرى 1: 56، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.

( 44 )
وآله وسلّم: (وَعاداً وثَمَودَ وأصْحابَ الرَّسِّ وَقُروناً بَينَ ذلِك كَثيراً )(1) لا يعلمهم إلاّ الله»(2).
وذكر الشيخ أبو جعفر بن بابويه رضوان الله عليه: عدنان بن أدّ بن اُدد بن يامين بن يشجب بن منحر بن صابوغ بن الهميسع(3).
وفي رواية اُخرى: عدنان بن اُدد بن زيد بن يقدد بن يقدم الهميسع بن نبت بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام(4).
وقيل: الاَصحّ الذي اعتمد عليه أكثر النسّاب وأصحاب التواريخ: أنّ عدنان هو اُدّ بن اُدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ابن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن ارغوا بن فالغ بن عابر(5) وهو هود عليه السلام ابن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام بن لمك بن متّوشلخ بن أخنوخ(6) وهو إدريس عليه السلام (ابن يارد)(7) بن (مهلائيل)(8) يارد بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم
____________
(1) الفرقان 25:: 38.
(2) مناقب ابن شهر آشوب 1: 155، دلائل النبوة للبيهقي 1: 178ـ 179، وذكر صدره الطبري في تاريخه 2: 271، وابن الجوزي في الوفا بأحوال المصطفى 1: 16، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(3) نقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(4) مناقب ابن شهر آشوب 1: 155، الطبقات الكبرى1 : 57، تاريخ الطبري 2: 174، وباختلاف يسير في الاَخرين، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(5) في نسخة «ط»: غابر.
(6) في نسخة «م» زيادة: ويقال: اُخنوخ.
(7) ليس في نسختي «ط، ق».
(8) في نسخة «ط»: مهلائل.

( 45 )
عليه السلام أبي البشر(1).
واُمّه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب.
وأرضعته حتّى شبّ حليمة بنت عبدالله بن الحارث بن شجنة السعديّة من بني سعد بن بكر بن هوازن، وكانت ثويبة مولاة أبي لهب بن عبد المطّلب أرضعته أيضاً بلبن ابنها مسروح وذلك قبل أن تقدم حليمة ، وتوفيّت ثويبة مسلمة سنة سبع من الهجرة، ومات ابنها قبلها، وكانت قد أرضعت ثويبة قبله حمزة بن عبد المطلب عمّه، فلذلك قال رسول الله عليه السلام لابنة حمزة: «إنّها ابنة أخي من الرضاعة» وكان حمزة أسنّ من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأربع سنين(2).
وأمّا جدّته اُمّ أبيه عبدالله: فهي فاطمة بنت عمر [و] بن عائذ بن عمران بن مخزوم.
واُمّ عبدالمطلب: سلمى بنت عمرو من بني النجّار.
واُمّ هاشم: عاتكة بنت مرّة بن هلال من بني سليم.
واُمّ قصي وزهرة: فاطمة بنت سعد من أزد السراة(3).
____________
(1) مناقب ابن شهر آشوب 1: 155، مروج الذهب 3: 5|1442، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(2) انظر: المقنعة: 456، التهذيب للطوسي 6: 2، مناقب ابن شهر آشوب 1: 155و 173، سيرة ابن هشام 1: 164، و 165 و 169، الطبقات الكبرى 1: 59 و 108، تاريخ اليعقوبي 2: 10، مروج الذهب 3: 13 | 1459، دلائل النبوة للاصبهاني 1: 196و 197 | 95 و 96، صفة الصفوة 1: 56 و 61 ،ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 281|25.
(3) انظر: سيرة ابن هشام 1: 109، و 111 و 114، الطبقات الكبرى 1: 62 و 64، تاريخ اليعقوبي 2: 11، تاريخ الطبري 2: 247 و 252 و 254، الكامل في التاريخ 2: 10

=


( 46 )
وصدع صلّى الله عليه وآله وسلّم بالرسالة يوم السابع والعشرين من رجب وله يومئذ أربعون سنة.
وقبض صلوات الله عليه وآله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشر من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستّين سنة(1).
____________
=
و 16 و 18 و 33، البداية والنهاية 2: 210، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 281|25.
(1) انظر: الكافي 4: 149|2، المقنعة: 456، الارشاد 1: 189، التهذيب للطوسي 6: 2، مصباح المتهجد: 732، مناقب ابن شهر آشوب 1: 173، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 281|25.

( 47 )
(الفصل الثاني)
في ذكر أسمائه صلوات الله عليه وشرف أصله ونسبه
وأمّا أسماؤه وصفاته صلوات الله عليه وآله:
فمنها: ما جاء به التنزيل وهو:
الرسول، النبيّ، الاُمي: في قوله: (الّذين يتّبعون الرّسول النبيّ الامي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التَّوراة والاِِنجيل)(1).
والمزّمل والمدّثّر: في قوله تعالى: (يا أيّها المُزّمّل)(2)(يا أيّها المدّثّرُ)(3).
والنذير المبين: في قوله تعالى: (قُل اِنّي اَنا النَّذيرُ المُبينُ )(4)
وأحمد: في قوله تعالى: (وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ يأتي مِنْ بَعدي اسمُه أحمد)(5).
ومحمّد: في قوله تعالى: (محمّد رَسولُ اللهِ)(6).
والمصطفى: في قوله تعالى: (اللهُ يَصطفي مِنَ الملائكةِ وُسُلاً وَمِنَ النّاس)(7).
____________
(1) الاَعراف 7: 157.
(2) المزمل 73: 1.
(3) المدثر 74: 1.
(4) الحجر 15: 89.
(5) الصف 61: 6.
(6) الفتح 48: 29.
(7) الحج 22: 75.

( 48 )
والكريم: في قوله تعالى: (إنّهُ لقَولُ رسولٍ كَريمٍ)(1).
وسمّاه سبحانه نوراً: في قوله: (قَد جاءَكُم مِنَ اللهِ نورٌ وكِتابٌ مُبينٌ)(2).
ونعمة: في قوله تعالى: (يَعرِفُونَ نِعمَةَ اللهِ ثُمّ ينكرُونَها)(3).
ورحمة: في قوله تعالى: (وَما اَرسلنَكَ إلاّ رَحمةً لِلعالَمينَ)(4).
وعبداً: في قوله تعالى: (نَزَّل الفُرقان على عَبِدِه)(5).
ورؤوفاً رحيماً: في قوله: (بالمُؤمنينَ رَؤفٌ رَحيمٌ)(6).
وشاهداً، ومبشراً، ونذيراً، وداعياً: في قوله تعالى: (اِنّا اَرسلناكَ شَاهداً ومَبُشَراً ونَذيراً* وَداعياً اِلى الله باذِنِه وَسِراجاً مُنيراً)(7).
وسمّاه منذراً: في قوله تعالى: (انما أنت منذر)(8).
وسماه عبدالله : في قوله تعالى :( وَانّه لمّا قام عَبدُ الله يَدعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَدا )(9).
وسمّاه مذكرّاً: في قوله تعالى: (اِنّما اَنتَ مُذكِّر)(10).
وسمّاه طه، ويس.
____________
(1) التكوير 81:19.
(2) المائدة 5: 15.
(3) النحل 16: 83.
(4) الاَنبياء 21: 107.
(5) الفرقان 25: 1.
(6) التوبة 9: 128.
(7) الاَحزاب 33: 45 ـ 46.
(8) الرعد 13 : 7.
(9) الجن 72: 19.
(10) الغاشية 88: 21.

( 49 )
ومنها: ما جاءت به الاَخبار: ذكر محمّد بن إسماعيل البخاري في الصحيح عن جبير عن مطعم قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «إنّ لي أسماء: أنا محمّد، وأنا أحمد، وأنا الماحي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد»(1).
وقيل: أن الماحي الذي يمحى به سيّئات من اتّبعه.
وفي خبر آخر: المقفّي، ونبيّ التوبة، ونبيّ الملحمة، والخاتم، والغيث، والمتوكّل(2).
وأسماؤه في كتب الله السالفة كثيرة منها: مؤذ مؤذ بالعبرانيّة في التوراة، وفارق في الزّبور(3).
وروى أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب دلائل النبوّة: بإسناده عن الاَعمش، عن عباية بن ربعي، عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إنّ الله عزّ وجل قسّم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً، وذلك قوله في: (وَاَصحابُ اليمين)(4)(وَاَصحابُ الشّمالِ)(5)فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين. ثمّ جعل
____________
(1) صحيح البخاري 4: 225، وكذا في: الموطأ 2: 1004 ، سنن الدارمي2 : 217 : صحيح مسلم 4: 1828 | 2354، مسند أحمد 4 : 80، صحيح الترمذي 5: 135 | 2840، دلائل النبوة للبيهقي 1: 152، ونقله المجلسي في بحار الانوار 16: 114 | 43.
(2) مسند أحمد 4: 404، صفة الصفوة 1: 55، الوفا بأحوال المصطفى 1: 104،البداية والنهاية 2: 252 بزيادة ونقصان، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 114|43.
(3) أنظر: مناقب ابن شهر آشوب 1: 151، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 114 | 43.
(4) الواقعة 56: 27.
(5) الواقعة 56: 41.

( 50 )
القسمين أثلاثاً، فجعلني في خيرها ثلثاً فذلك قوله: (فَاَصحابُ الميمنة)(1) (وَاَصحابُ المَشئمَة) (2)(السّابقونَ السّابِقُون ) (3)فأنا من السابقين وأنا خير السابقين، ثمّ جعل الاَثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله: ( وَجَعلناكُم شُعُوباً وَقَبائِلَ)(4)الآية، فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر، ثمّ جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً وذلك قوله عزّ وجل: (اِنّما يُريدُ الله ليُذهبَ عَنكُم الرّجس اَهلَ البَيتِ وَيُطّرِكُم تَطهِيراً)(5)فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب»(6).
وروى الشيخ أبو عبدالله الحافظ بإسناده ،عن سفيان بن عيينة أنه قال: أحسن بيت قالته العرب قول أبي طالب للنبّي صلّى الله عليه وآله وسلّم:

وشقّ له من اسمه كي يُجلّهُ * فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمد(7)

وقال غيره: إنّ هذا البيت لحسّان بن ثابت في قطعة له أوّلها:

ألم تر أنّ الله أرسل عبده * ببرهانه والله أعلى وأمجد(8)

ومن صفاته التي جاءت في الحديث: راكب الجمل، وآكل الذراع، ومحرّم الميتة، وقابل الهديّة، وخاتم النبوّة، وحامل الهراوة، ورسول
____________
(1) الواقعة 56: 8.
(2) الواقعة 56: 9.
(3) الواقعة 56: 10.
(4) الحجرات 49: 13.
(5) الاَحزاب 33: 33.
(6) دلائل النبوة للبيهقي 1: 170، نقله المجلسي في بحار الاَنوار 16 :120.
(7) رواره عنه البيهقي في دلائله 1: 161، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 120.
(8) مناقب ابن شهر آشوب 1: 165، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 120.

( 51 )
الرحمة.
ويقال: إنّ كنيته في التوراة أبو الاَرامل، واسمه صاحب الملحمة(1).
وروي أنّه قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أنا الاَول والآخر، أوّل في النبوّة وآخر في البعثة»(2).
____________
(1) انظر: مناقب ابن شهر آشوب 1: 154، وكشف الغمة 1: 13، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 120.
(2) كشف الغمة 1: 13، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 120.

( 52 )
(الفصل الثالث)
في ذكر مدة حياته صلّى الله عليه وآله وسلّم
عاش صلّى الله عليه وآله وسلّم ثلاثاً وستين سنة، منها مع أبيه سنتين وأربعة أشهر، ومع جدّه عبدالمطلب ثمان سنين، ثمّ كفّله عمّه أبو طالب بعد وفاة جدّه عبدالمطّلب فكان يكرمه ويحميه وينصره أيّام حياته(1).
وذكر محمّد بن إسحقاق بن يسار: أنّ أباه عبدالله مات واُمّه حبلى، وقيل أيضاً: إنّه مات والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ابن سبعة أشهر(2)
وذكر ابن إسحقاق قال: قدمت آمنة بنت وهب اُمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم به على أخواله من بني عديّ بن النجّار بالمدينة ثمّ رجعت به حتّى إذا كانت بالاَبواء هلكت بها ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ابن ستّ سنين(3).
وروي عن بريدة قال: انتهى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى رسم قبر فجلس وجلس الناس حوله فجعل يحرّك رأسه كالمخاطب ثمّ بكى، فقيل: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: «هذا قبر آمنة بنت وهب استأذنت ربّي في أن أزور قبرها فأذن لي فأدركتني رقّتها فبكيت» فما رأيته ساعة أكثر باكياً من تلك الساعة(4).

____________
(1) أنظر: كشف الغمة 1: 16، والطبقات الكبرى 1: 119، وتاريخ اليعقوبي 2: 13 و 14، ومروج الذهب 3: 14 | 1460، ودلائل النبوة للاصبهاني 1: 209 | 103 و 104، ودلائل النبوة للبيهقي 1: 188، وصفة الصفوة 1: 65.
(2) انظر: دلائل النبوة للبيهقي 1: 187 ـ 188.
(3) سيرة ابن اسحقاق: 65، دلائل النبوة للبيهقي 1: 188.
(4) الطبقات الكبرى 1: 117، دلائل النبوة للبيهقي 1: 189.

( 53 )
وفي خبر آخر: «استأذنت ربي في زيارة قبر اُمّي فأذن لي، فزوروا القبور تذكّركم الموت» رواه مسلم في الصحيح(1).
وتزوّج بخديجة بنت خوليد وهو ابن خمس وعشرين سنة. وتوفّي عمّه أبو طالب وله ستّ وأربعون سنة وثمانية أشهر وأربعة وعشرون يوماً. وتوفّيت خديجة بعده بثلاثة أيّام، وسمّى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك العام عام الحزن(2).
وروى هشام بن عروة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ما زالت قريش كاعّة(3)عنّي حتّى مات أبو طالب»(4)(5)‌.
وأقام صلّى الله عليه وآله وسلّم بمكّة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة، ثمّ هاجر منها إلى المدينة بعد أن استتر في الغار ثلاثة أيّام وقيل: ستّة أيّام، ودخل المدينة يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الاَول وبقي بها عشر سنين.
ثمّ قبض صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم الاَثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة(6).
____________
(1) صحيح مسلم 2: 671 | 976.
(2) انظر: كشف الغمة 1: 16، وسيرة ابن هشام 1: 198، والطبقات الكبرى 1: 132، وتاريخ اليعقوبي 2: 20، ومروج الذهب 3: 15 | 1461، وصفة الصفوة1 : 74، والكامل في التاريخ 2: 39.
(3) كاعّة: خائفة وجبانة.
(4) لم ترد الرواية في نسخة «ط».
(5) كشف الغمة 1: 16، دلائل النبوة للبيهقي 2: 350.
(6) انطر: الكافي 1: 346، كشف الغمة 1: 16، وسيرة ابن هشام 2: 130، وصحيح البخاري 5: 73، وصحيح مسلم 4: 1826 | 2351، وتاريخ الطبري 2: 379، ومروج الذهب 3: 18|1467، وصفة الصفوة 1: 117و 129، والكامل في التاريخ 2: 104

=


( 54 )
واختلف أهل بيته وأصحابه في موضع دفنه فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إنّ الله تعالى لم يقبض روح نبيّه إلاّ في أطهر البقاع فينبغي أن يدفن هناك». فأخذوا بقوله ودفنوه في حجرته التي قبض فيها صلّى الله عليه وآله وسلّم(1).
____________
= و 106 و 107.
(1) روضة الواعظين : 71 ، مناقب ابن شهر آشوب 1 : 240 ، كشف الغمة 1 : 19.