( ذكر القسم الاَول )
من الركن الرابع
وهو الكلام في الدلالة على إمامة الاثني عشر
من آل محمد عليهم السلام
ويشتمل على ثلاثة فصول :

( 156 )

( 157 )
( الفصل الاَول )
في ذكر بعض الاَخبار التي جاءت في النص
على عدد الاثني عشر من الاَئمة
من طريق العامّة ، على طريق الاِجمال
إعلم : أنّ الخبر إذا رواه المعترف بصحّته ، الدائن بصدقه ، ووافقه في ذلك المنكر لمضمونه ، الدافع لما اشتمل عليه ، فقد أسفر فيه الحقّ عن وجه الدلالة ، لاتّفاق المتضادّين في المقالة ، إذ لو كان باطلاً لما توفّرت دواعي المنكر له في نقله وهو حجّة عليه ، بل كانت منه الدواعي متوفّرة في دفعه على مجرى العرف والعادة ، لا سيّما وقد سلم من نقل معارضة تسقط الحجّة به ، أو دعوى تكافئه في الظاهر فتمنع من العمل عليه والاعتقاد به ، وإذا كانت الاَخبار الواردة في أعداد الاَئمّة عليهم السلام بهذه الصفة فقد وجب القطع بصحّتها .
فممّا جاء من الاَخبار التي نقلها أصحاب الحديث غير الاِماميّة في ذلك وصحّحوها : ما رواه الاِمام أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقنديّ ـ محدّث خراسان ـ قال : أخبرنا أبو العبّاس المستغفريّ قال : حدّثنا أبو الحسين(1)نصر بن أحمد بن إسماعيل الكسائي(2) ،أخبرنا أبو حاتم جبريل ابن مجاع الكسائي ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، قال : وأخبرنا أبو القاسم الكاتب ، أخبرنا أبو حامد الصائغ ، أخبرنا أبو العبّاس الثقفي ، حدثنا قتيبة .
____________
(1) في نسخة « م » : الحسن .
(2) في نسخة ق : الكاشاني .

( 158 )
وأخبرنا أبو سلمة القاضي ، أخبرنا أبو القاسم النسوي ، حدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة قالا : حدّثنا حاتم بن إسماعيل ، عن المهاجر بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص قال : كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع : أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فكتب إليّ : إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم جمعة عشيّة رجم الاَسلمي يقول : « لا يزل الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، ثمّ يخرج كذّابون بين يدي الساعة » .
وسمعته يقول : « أنا الفرط على الحوض » .
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شبية وقتيبة بن سعيد(1) .
قال : وأخبرنا أبو القاسم الكاتب ، أخبرنا أبو حامد الصائغ ، أخبرنا أبو العبّاس الثقفيّ ، حدّثنا محمد بن رافع ، حدّثنا ابن أبي فُديك ، أخبرنا ابن أبي ذئب ، عن مهاجر بن مسمار ، عن عامر بن سعد : أنّه أرسل إلى ابن سمرة العدوي فقال : حدَّثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فكتب : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : « لا يزال الدين قائماً حتّى يكون اثنا عشر خليفة من قريش ، ثمّ يخرج كذّابون بين يدي الساعة ، وأنا الفرط على الحوض » .
رواه مسلم عن محمد بن رافع(2) .
وأخبرنا عبد العزيز بن أحمد الكتاب ، حدّثنا أحمد بن محمد بن عبدالله الحارثي ، أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، حدّثنا قتيبة ، حدّثنا أبو عوانة ، عن سمّاك ، عن جابر بن سمرة ، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم
____________
(1) صحيح مسلم 3 : 1453 | 1822 ، ورواه في مسنده 5 : 89 .
(2) صحيح مسلم 3 : 1454 ، ورواه في المعجم الكبير 2 : 199 | 1808 .

( 159 )
قال : « يكون بعدي اثنا عشر أميراً » ، وتكلّم بكلمة فلم أفهم ما قال ، فسألت القوم فزعموا أنّه قال : « كلّهم من قريش » .
رواه مسلم عن قتيبة(1) .
قال : وأخبرنا أبو سلمة القاضي ، حدّثنا أبو القاسم النسوي ، أخبرنا أبو العبّاس النسوي ، حدّثنا أبو الحصين عبدالله بن أحمد بن عبدالله اليربوعي ، حدّثنا عنبر ، حدّثنا حصين ، عن جابر بن سمرة قال : دخلت مع أبي على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال لي : « إنّ هذا الاَمر لن ينقضي ـ أو لن يمضي ـ حتّى يكون فيكم اثنا عشر خليفة » ثمّ قال : شيئاً لم أسمعه ، فسألهم ، فقالوا : « كلّهم من قريش »(2) .
قال : وأخبرنا أبو سلمة القاضي ، أخبرنا أبو القاسم النسوي ، أخبرنا أبو العبّاس النسوي ، حدّثنا أبو عمارة ، حدّثنا الفضل بن موسى ، عن وهب ، عن أبي خالد الوالبيّ قال : سمعت جابر بن سمرة يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : « لا يضرّ هذا الدين من ناواه حتّى يقوم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش (3) .
قال : وأخبرنا أبو سلمة القاضي ، حدّثنا أبوالقاسم النسوي ، حدّثنا أبو العبّاس النسوي ، حدّثنا جعفر بن حميد العبسي ، حدّثنا يونس بن أبي يعفور ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لا يزال أمر اُمّتي صالحاً حتّى يمضي اثنا عشر خليفة كلّهم من
____________
(1) صحيح مسلم 3 : 1453 ، ورواه أحمد في مسنده 5 : 94 و99 و108 ، والترمذي في سننه 4 : 501 | 2223 ، والطبراني في المعجم الكبير2 : 223 | 1923 و 226 | 1936 .
(2) صحيح مسلم 3 : 1452 | 1821 ، المعجم الكبير للطبراني 2 : 255 | 2068 .
(3) المعجم الكبير للطبراني 2 : 208 | 1852 ، ونحوه في مسند أحمد 5 : 88 .

( 160 )
قريش »(1) .
وممّا ذكره الشيخ المفيد أبو عبدالله محمد بن محمّد بن النعمان(2)في كتابه :
قال : ومن ذلك ما رواه محمّد بن عثمان الدهني حدّثنا عبدالله بن جعفر الرقّي ، قال : حدّثنا عيسى بن يونس ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق قال : كنّا عند عبدالله بن مسعود فقال له رجل : أحدّثكم نبيّكم صلّى الله عليه وآله وسلّم كم يكون بعده من الخلفاء؟ فقال له عبدالله : نعم ، وما سألني عنها أحدٌ قبلك وإنّك لاَحدث القوم سنّاً ، سمعته عليه السلام يقول : « يكون بعدي من الخلفاء عدّة نقباء موسى اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش »(3) .
وروى عثمان بن أبي شيبة ، وأبو سعيد الاَشج ، وأبو كريب ، ومحمود ابن غيلان ، وعليّ بن محمد ، وإبراهيم بن سعيد جميعاً ، عن أبي أُسامة ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق مثل الاَوّل بعينه(4) .
ورواه أبو أُسامة ، عن أشعث ، عن عامر الشعبي ، عن عمّه قيس بن عبدالله ، عن عبدالله بن مسعود . ذكر نحوه(5) .
____________
(1) أخبار اصفهان 2 : 176 ، المعجم الكبير للطبراني 22 : 120 | 308 ، مجمع الزوائد 5 : 190 ، فتح الباري 13 : 180 .
(2) كذا في جميع النسخ ، ولعله اشتباه وقع فيه النساخ ، إذ أن هذه الروايات وردت بعينها في كتاب الغيبة للشيخ محمد بن إبراهيم النعماني وليس في كتاب الشيخ المفيد كما هو مثبت أعلاه فتأمل .
(3) الغيبة للنعماني : 116 | 3 ، ورواه الطوسي في الغيبة 133 | 97 ، الخصال : 468 | 10 . ونقله المجلسي في بحار الانوار 36 : 298 | 132 .
(4) الغيبة للنعماني : 116 | 2 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 36 : 229 | 132 . (5) الغيبة للنعماني : 117 | 3 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 36 : 229 | 132 .

( 161 )
ورواه حمّاد بن زيد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عبدالله . وزاد فيه : قال : كنّا جلوساً عند عبدالله يقرئنا القرآن فقال له رجل : يا أبا عبدالرحمن ، هل سألتم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كم يملك أمر هذه الاُمّة من خليفة بعده؟
فقال له عبدالله : ما سألني عنها أحدٌ منذ قدمت العراق ، نعم سألنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : « اثنا عشر عدّة نقباء بني إسرائيل »(1) .
وروى عبد الله بن أبي أُميّة مولى [ بني ] مجاشع ، عن يزيد الرقّاشي ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش ، فإذا مضوا ساخت(2)الاَرض بأهلها »(3)وساق الحديث .
ورواه أبوبكر بن أبي خيثمة ، عن عليّ بن جعد ، عن زهير بن معاوية ، عن زياد بن خيثمة ، عن الاَسود بن سعيد الهمدانيّ قال : سمعت جابر بن سمرة يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : « يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش » ، فقالوا له : ثمّ يكون ماذا؟ قال : « ثمّ يكون الهرج »(4) .

____________
(1) الغيبة للنعماني : 118 | 5 ، ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 1 : 290 ، والجوهري في مقتضب الاثر : 3 وأحمد في مسنده 1 : 398 و406 ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده 8 : 444 | 5031 و9 : 222 | 5322 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 5 : 190 .
(2) في نسختي « ق » و « ط » : ماجت .
(3) الغيبة للنعماني : 119 | 6 ، رواه الجوهري في مقتضب الاثر : 4 .
(4) الغيبة للنعماني : 102 | 31 ، رواه الطوسي في الغيبة 127 | 90 ،
وابن شهرآشوب في المناقب 1 : 290 ، واحمد في مسنده 5 : 92 ، والطبراني في المعجم الكبير 2 : 253 | 2059 .

( 162 )
ورواه سمّاك بن حرب ، وزياد بن علاقة ، وحصين بن عبدالرحمن ، عن جابر بن سمرة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مثله »(1) .
ورواه سليمان بن أحمر قال : حدّثنا ابن عون ، عن الشعبي ، عن جابر ابن سمرة؛ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « لا يزال أهل هذا الدين ينصرون على من ناواهم إلى اثني عشر خليفة » فجعل الناس يقومون ويقعدون ، وتكلّم بكلمة لم أفهمها فقلت لاَبي ـ أو لاَخي ـ : أيّ شيء قال؟ قال : قال : « كلّهم من قريش »(2) .
ورواه فطر بن خليفة ، عن أبي خالد الوالبيّ ، عن جابر بن سمرة ، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مثله(3) .
ورواه سهل بن حمّاد ، عن يونس بن أبي يعفور قال : حدّثني عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : كنت عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعمّي جالسٌ بين يديه ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لا يزال أمر أُمّتي صالحاً حتّى يمضي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش »(4) .
إسم أبي جحيفة وهب بن عبدالله .

____________
(1) الغيبة للنعماني 103 | 32 ، و123 | 14 ، ورواه الطوسي في الغيبة : 128 | 91 ، وابن شهرآشوب في المناقب 1 : 290 ، والطبراني في المعجم الكبير 2 : 254 | 2063 .
(2) الغيبة للنعماني 103 | 33 ، ورواه الطوسي في الغيبة 129 | 93 ، وابن بطريق في العمدة : 418 | 865 ، والطبراني باختلاف يسير في المعجم الكبير 2 : 195 ـ 196 | 1791 و 1795 .
(3) الغيبة للنعماني : 106 | 36 و 107 | 38 ، ورواه الطوسي في الغيبة : 132 | 96 .
(4) الغيبة للنعماني : 125 | 21 ، ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 1 : 291 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 5 : 190

( 163 )
وروى الليث بن سعد ، عن خالد بن زيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن ربيعة بن سيف قال : كنّا عند شقيق(1)الاَصبحي فقال : سمعت عبدالله ابن عمر يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : « يكون خلفي اثنا عشر خليفة »(2) .
ورواه حمّاد بن سلمة عن أبي الطفيل قال : قال لي عبدالله بن عمر : يا أبا الطفيل أعدد اثني عشر خليفة بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ يكون النقف والنقاف(3)(4) .
وممّا ذكره الشيخ أبوعبدالله جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي رحمه الله في كتابه في الردّ على الزيديّة قال : أخبرني أبي قال : أخبرني الشيخ أبو جعفر بن بابويه قال : حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمّه ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن خلف بن حمّاد الاَسدي ، عن
____________
(1) كذا في نسختنا وهو تصحيف صوابه : شفى بن ماتع الاصبحي ، من التابعين .
أرسل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة .
وثّقه النسائي وابن حبان والعجلي وابن يونس وغيرهم .
قيل : توفي عام (105هـ) .
اُنظر تهذيب التهذيب 4 : 315 ، الثقات لابن حبان 4 : 371 ، طبقات ابن سعد 7 . 513 ، واُسد الغابة 2 : 374 | 2443 ، وتهذيب الكمال 12 : 543 | 2764 .
(2) الغيبة للنعماني : 104 | 34 ، ورواه الطوسي في الغيبة : 130 | 94 ، وابن شهرآشوب في المناقب 1 : 291 .
(3) قال ابن الاثير في النهاية (5 : 109) : وفي حديث عبد الله بن عمر : « اعدد اثني عشر . ثم يكون النقف والنقاف » أي القتل والقتال ، والنقف : هشم الرأس . أي تهييج الفتن الحروب وبعدهم .
(4) الغيبة للنعماني : 105 | 35 و 127 | 24 ، ورواه الطوسي في الغيبة : 131 | 95 ، ابن شهرآشوب في المناقب 1 : 291 .

( 164 )
الاَعمش ، عن عباية بن ربعيّ ، عن ابن عبّاس قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حين حضرته وفاته فقلت : يا رسول الله إذا كان ما نعوذ بالله منه فإلى من؟
فأشار إلى عليّ عليه السلام فقال : « إلى هذا ، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه ، ثمّ يكون من بعده أحد عشر إماماً مفترضة طاعتهم كطاعته »(1) .
قال : وأخبرني المفيد أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان قال : أخبرني محمد بن عليّ قال : حدّثني حمزة بن محمد العلوي ، حدّثنا أحمد ابن يحيى الشحّام ، حدّثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ، حدّثنا أبوبكر محمد بن أبي غياث الاَعين ، حدّثنا سويد بن سعيد الاَنباريّ ، حدّثنا محمد بن عبدالرحمن بن شردين الصنعاني ، عن ابن مثنّى ، عن أبيه ، عن عائشة قال : سألتها كم خليفة يكون لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ فقالت : أخبرني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أنّه يكون بعده اثنا عشر خليفة .
قال : فقلت لها : من هم؟ فقالت : أسماؤهم عندي مكتوبة بإملاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم .
فقلت لها : فاعرضيه ، فأبت(2) .
قال : وأخبرني أبو عبدالله محمد بن وهبان قال : حدّثنا أبو بشر أحمد ابن إبراهيم بن أحمد العمّي قال : أخبرنا محمد بن زكريّا بن دينار الغلابي حدّثنا سليمان بن إسحاق بن سليمان بن عليّ بن عبدالله بن العبّاس قال :

____________
(1) كشف الغمة 2 : 504 ، وروى قطعة منه الخزاز في كفاية الاثر : 18 و 20 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 36 : 300 | 136 .
(2) كشف الغمة 2 : 505 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 6 : 300 | 137 .

( 165 )
حدّثني أبي قال : كنت يوماً عند الرشيد فذكر المهديّ وما ذكر من عدله ، فأطنب في ذلك ، فقال الرشيد : إنّي أحسبكم تحسبونه أبي ، (إنّ أبي)(1)المهدي ، حدثني عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عبّاس ، عن أبيه العبّاس بن عبدالمطلّب : أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال له : « يا عمّ ، يملك من ولدي اثنا عشر خليفة ، ثمّ تكون أُمور كريهة وشدة عظيمة ، ثمّ يخرج المهديّ من ولدي ، يصلح الله أمره في ليلة ، فيملاَ الاَرض عدلاً كما ملئت جوراً ، ويمكث في الاَرض ما شاءالله ، ثمّ يخرج الدجال »(2) .
هذا بعض ما جاء من الاَخبار من طرق المخالفين ورواياتهم في النصّ على عدد الاَئمّة الاثني عشر عليهم السلام ، وإذا كانت الفرقة المخالفة قد نقلت ذلك ـ كما نقلته الشيعة الاِمامية ـ ولم تنكر ما تضمّنه الخبر فهو أدلّ دليل على أنّ الله تعالى هو الذي سخّرهم لروايته ، إقامة لحجّته ، وإعلاءً لكلمته ، وما هذا الامر كالخارق للعادة ، والخارج عن الاُمور المعتادة ، ولا يقدر عليه إلاّ الله تعالى الذي يذلّل الصعب ، ويقلّب القلب ، ويسهّل العسير ، وهو على كلّ شيء قدير .

____________
(1) ما بين المعقوفين لم يرد في نسختي « ط » و « م » وكذا في نسخة البحار والمصادر والمذكورة ، ولكنا اثبتناه من نسخة « ق » لضرورة السياق .
(2) مناقب ابن شهرآشوب 1 : 292 ، فرائد السمطين 2 : 329 | 579 ، ودون صدره في كشف الغمة 2 : 505 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 36 : 300 | 138 .

( 166 )
( الفصل الثاني )
في ذكر بعض الاَخبار التي جاءت من طرق الشيعة
الاِمامية في النصّ على إمامة الاثني عشر
من آل محمّد عليهم السلام
وهذه الاَخبار على ضربين : أحدهما يتضمّن النصّ على عدد الاثني عشر على الجملة ، والثاني : يتضمّن النصّ على أعيان الاَئمّة الاثني عشر على التفصيل .
فأمّا الضرب الاَول منهما فنحو ما رواه محمد بن يعقوب الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام ، عن جابر بن عبدالله الاَنصاري قال : دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الاَوصياء من ولدها ، فعددت اثني عشر آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم عليّ(1) .
وعنه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إنّ الله تعالى أرسل محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى الجنّ والاِنس ، وجعل من بعده اثني عشر وصيّاً ، منهم من سبق ومنهم من بقي ، وكلّ وصيّ جرت به
____________
(1) الكافي 1 : 447 | 9 ، وكذا في : كمال الدين : 269 | 13 و 311 | 3 و 313 | 4 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 46 | 6 و 47 | 7 ، الفقيه 4 : 132 | 459 ، الخصال : 477 | 42 ، ارشاد المفيد 2 : 346 ، الغيبة للطوسي : 139 | 103 ، وفي بعضها « وثلاثة منهم علي » بدل « وأربعة منهم علي » .
( 167 )
سنّة ، والاَوصياء الذين من بعد محمد على سنّة أوصياء عيسى ، وكانوا اثني عشر ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام على سنّة المسيح عليه السلام »(1) .
وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبدالله ومحمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المديني ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : كنت حاضراً لمّا هلك أبوبكر واستخلف عمر ، إذ أقبل رجلٌ من عظماء يهود يثرب يزعم يهود المدينة أنّه أعلم [ أهل ] زمانه ، حتّى رفع إلى عمر فقال له : يا عمر ، إنّي جئتك أريد الاِسلام ، فإن أخبرتني عمّا أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنّة وجميع ما أريد أن أسأل عنه .
قال : فقال له عمر : إنّي لست هناك ولكنّي أرشدك إلى من هو أعلم أُمّتنا بالكتاب والسنّة وجميع ما قد تسأل عنه ، وهو ذاك . وأومأ إلى عليّ عليه السلام .
وساق الحديث إلى أن قال : قال له أميرالمؤمنين عليه السلام : « سل عمّا بدا لك(2) .
فقال : أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة .
فقال له عليّ عليه السلام : « لم لم تقل : عن سبع »؟
فقال له اليهوديّ : إنّك إن أخبرتني بالثلاث سألتك عن البقيّة وإلاّ كففت .
____________
(1) الكافي 1 : 447 | 1 ، وكذا في : كمال الدين : 326 | 4 ، الخصال : 478 | 43 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 55 | 2 ، الامامة والتبصرة : 134 | 146 ، ارشاد المفيد 2 : 345 ، والغيبة للطوسي : 141 | 105 ، اثبات الوصية : 228 .
(2) في الكافي زيادة : اخبرك ان شاء الله

( 168 )
[ فقال له : « سل عما بدا لك يا يهوديّ »](1) .
قال : أخبرني عن أوّل حجر وضع على وجه الاَرض ، وأوّل شجرة غرست على وجه الاَرض ، وأوّل عين نبعت على وجه الاَرض .
فأخبره أمير المؤمنين عليه السلام ، ثمّ قال له اليهوديّ : أخبرني عن هذه الاُمّة كم لها من إمام هدى؟ وأخبرني عن نبيّكم محمد أين منزله في الجنّة؟ وأخبرني من معه في الجنّة؟
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : « إنّ لهذه الاُمّة اثني عشر إماماً من ذرّيّة نبيّها وهم منّي ، وأمّا منزل نبيّنا في الجنّة ففي أفضلها وأشرفها جنّة عدن ، وأمّا من معه في منزله فهؤلاء الاثنا عشر من ذرّيّته وأُمّهم وجدّتهم وأُمّ أُمّهم وذراريهم لا يشركهم فيها أحدٌ » . الخبر بتمامه(2) .
وعنه ، عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن القاسم ، عن حيّان السراج ، عن داود بن سليمان الكناني ، عن أبي الطفيل قال : شهدت جنازة أبي بكر يوم مات ، وشهدت عمر حين بويع وعليّ جالس ناحية ، فأقبل يهوديّ جميل عليه ثياب حسان ـ وهو من ولد هارون ـ حتّى قام على رأس عمر بن الخطّاب فقال : يا أميرالمؤمنين ، أنت أعلم هذه الاُمّة بكتابهم وأمر نبيّهم؟ فطأطأ عمر رأسه ، فأعاد عليه القول ، فقال له عمر : ولم ذلك؟ فقال له : إنّي جئت مرتاداً لنفسي ، شاكّاً في ديني ، أُريد الحجّة ، وأطلب البرهان .
فقال له عمر : دونك هذا الشابّ ، وأشار إلى أمير المؤمنين عليه السلام
____________
(1) ما بين المعقوفين أثبتناه من الكافي ، وكذا ما سبقه .
(2) الكافي 1 : 446 | 8 ، وكذا ي : الغيبة للطوسي : 152 | 113 ، ونحوه في : كمال الدين : 300 | 8 ، وعيون أخبار الرضا 52 | 19 ، والخصال : 476 | 40 ، والاحتجاج 1 : 226 .

( 169 )
فقال الغلام : ومن هذا؟
قال عمر : هذا علي بن أبي طالب ، ابن عمّ رسول الله ، وأبو الحسن والحسين ابني رسول الله ، وزوج فاطمة بنت رسول الله ، وأعلم الناس بالكتاب والسنّة .
قال : فأقبل الغلام إلى عليّ عليه السلام فقال له : أنت كذلك؟ فقال له عليّ : « نعم » .
قال الغلام : أُريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة .
فتبسّم أمير المؤمنين عليه السلام وقال : « يا هاروني ، ما منعك أن تقول : سبعاً »؟
قال : أُريد أسألك عن ثلاث ، فإن علمتهنّ سألتك عمّا بعدهنّ ، وإن لم تعلمهنّ علمت أنّه ليس فيكم عالم .
قال أمير المؤمنين عليه السلام : « فإنّي أسألك بالاِله الذي تبعده ، لئن أنا أجبتك عن كل ما تسأل لتدعنّ دينك ولتدخلنّ في ديني؟ »
قال : ما جئت إلاّ لذاك .
قال : « فسل » .
قال : فأخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الاَرض أيّ قطرة هي؟ وأوّل عين فاضت على وجه الاَرض أيّ عين هي؟ وأوّل شجر اهتزّ على وجه الاَرض أيّ شجر هو؟
(فقال عليه السلام : « يا هاروني ، أمّا أنتم فتقولون : أوّل قطرة قطرت على وجه الاَرض حيث قتل أحد ابني آدم ، وليس كذلك ، ولكنّه حيث طمثت حواء وذلك قبل أن تلد ابنيها .
وأمّا أنتم فتقولون : إنّ أول عين فاضت على وجه الاَرض العين التي ببيت المقدس ، وليس هو كذلك ، ولكنّها عين الحياة التي وقف عليها موسى
( 170 )
وفتاه ومعهما النون المالح فسقط فيها فحيي وهذا الماء لا يصيب ميّتا إلاّ حيي .
وأمّا أنتم فتقولون : إنّ أوّل شجر اهتزّ على وجه الاَرض الشجرة التي كانت منها سفينة نوح عليه السلام ، وليس هو كذلك ، ولكنّها النخلة التي اهبطت من الجنّة وهي العجوة ومنها تفرع كلّ ماترى من أنواع النخل » .
فقال : صدقت والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لاَجد هذا في كتب أبي هارون عليه السلام كتابته بيده وإملاء عمّي موسى عليه السلام »)(1) .
ثمّ قال : أخبرني عن الثلاث الاُخر عن أوصياء محمد كم بعده من أئمّة عدل؟ و (أين)(2) .
منزله في الجنّة؟ ومن يكون ساكناً معه في منزله؟
فقال : « يا هاروني إنّ لمحمّد اثني عشر وصيّاً أئمّة عدل ، لا يضرّهم خذلان من خذلهم ، ولا يستوحشون لخلاف من خالفهم ، وإنّهم أرسب في الدين من الجبال الرواسيّ في الاَرض ، ومسكن محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم في جنّة عدن التي ذكرها الله عزّ وجل وغرسها بيده ، ومعه في مسكنه أُولئك الاثني عشر العدول » .
فقال : صدقت والله الذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لاَجد ذلك في كتب أبي هارون كتابته بيده وإملاء عمّي موسى عليه السلام .
قال : فأخبرني عن الواحدة : كم يعيش وصيّ محمد بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟
فقال : « يا هاروني ، يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوماً ولا ينقص
____________
(1) ما بين القوسين لم يرد في الكافي ضمن رواية المذكور سندها ، بل رود عوضاً عنه : فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام . (2) في نسختي « ط » و « ق » : عن ، واثبتنا ما في نسخة « م » وهو الموافق لما في الكافي .
( 171 )
يوماً ، ثمّ يُضرب ضربة هاهنا » ووضع يده على قرنه ، وأومأ إلى لحيته « فتخضب هذه من هذا » .
قال : فصاح الهاروني وقطع كُسِتيجه(1)وقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله وأنّك وصيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظّم ولا تستضعف قال : ثمّ مضى به عليّ عليه السلام إلى منزله فعلّمه معالم الدين(2) .
وقد روي هذا الخبر من طرق أُخر تركناها خوف الاِطالة .
وعن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي سعيد العصفوريّ ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي حمزة قال : سمعت عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول : « إنّ الله تعالى خلق محمداً واثني عشر من أهل بيته من نور عظمته ، وأقامهم أشباحاً في ضياء نوره ، يعبدونه ويسبّحونه ويقدّسونه ، وهم الاَئمّة من بعد محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم »(3) .
وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن محمد ، عن الخشّاب ، عن الحسن بن سماعة ، عن عليّ بن الحسين بن رباط ، عن ابن اُذينة ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « من آل محمد اثنا عشر إماماً كلّهم محدّث من ولد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وولد عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فرسول الله وعليّ هما الوالدان »(4) .
____________
(1) الكُستيج (باضم) : خيط غليك يشده يشده الذمي فوق ثيابه دون الزنار : « القاموس المحيط 1 : 205 » .
(2) الكافي 1 : 444 | 5 وكذا في كمال الدين : 229 | 6 ، الغيبة للنعماني : 97 | 29 . (3) الكافي 1 : 446 | 6 .
(4) الكافي 1 : 448 | 14 ، وكذا في : الغيبة للطوسي : 151 | 112 ، وباختلاف يسير في

=


( 172 )
وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد ابن أبي عبدالله؛ ومحمد بن حمزة ، عن سهل بن زياد جميعاً ، عن الحسن ابن العبّاس بن الحريش ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال لابن عبّاس : « إنّ ليلة القدر في كلّ سنة ، وإنّه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ، ولذلك الاَمر ولاة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم » .
فقال ابن عبّاس : من هم؟
قال : « أنا وأحداً عشر من صلبي أئمّة محدّثون »(1) .
وبهذا الاِسناد قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لاَصحابه : « آمنوا بليلة القدر أنّها تكون من بعدي لعلّي بن أبي طالب وولده وهم أحد عشر من بعده »(2) .
الشيخ أبو جعفر بن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن زياد الهمداني ، عن محمد بن معقل القرميسينيّ ، عن محمد بن عبدالله البصريّ ، عن إبراهيم بن مهزم ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه ، عن عليّ عليه السلام قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : اثنا عشر من أهل بيتي أعطاهم الله فهمي وعلمي وحكمتي ، وخلقهم من طينتي ، فويل للمتكبّرين عليهم بعدي ، القاطعين فيهم صلتي ، مالهم لا أنالهم الله شفاعتي »(3) .
____________

=

ارشاد المفيد 2 : 347 .
(1) الكافي 1 : 447 | 11 ، وكذا في : الخصال : 479 | 47 ، ارشاد المفيد 2 : 346 ، الغيبة للنعماني : 60 | 3 ، الغيبة للطوسي 141 | 106 .
(2) الكافي 1 : 448 | 12 ، وكذا في : الخصال : 480 | 48 ، ونحوه في ارشاد المفيد 2 : 346 .
(3) كمال الدين : 281 | 33 .