كتاب الايمان والكفر وآثارهما على الفرد والمجتمع ::: 61 ـ 70
(61)
المبحث الرابع : اُصول الكفر وعلامات الكافر :
أولاً : اُصول الكفر :
     إذا تتبعنا اُصول الكفر وأركانه في مصادرنا المعرفية ، فسنجد أنه يتمثل في ثلاثة خصال تشكّل ثالوث الكفر وهي : الاستكبار ، والحرص ، والحسد.
     أما الاستكبار فقد أدى إلى امتناع ابليس (لعنه الله) من السجود لآدم عليه السلام وعصى ـ بذلك ـ الاَمر الاِلهي ، بعد أن « اعترته الحمية ، وغلبت عليه الشقوة وتعزَّز بخلقة النار ، واستهون خلق الصّلصال ، فأعطاه الله النّظرة استحقاقاً للسُّخطة واستتماماً للبليَّة وإنجازاً للعدة ... » (1).
     أما الحرص فهو السبب المباشر في تكالب الناس في كلِّ عصر وجيل على حطام الدنيا ومتاعها القليل ، وهو من أخس الرذائل المؤدية إلى كفران النعم والشك بعد اليقين والوهن بعد العزيمة والوجل بعد الجذل ، وقد وردت أحاديث كثيرة في ذم الحرص وضرورة الابتعاد عنه لما فيه من نتائج وخيمة في دنيا الفرد وآخرته.
     فعن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من علامات الشقاء : جمود العين ، وقسوة القلب ، وشدة الحرص في طلب الدنيا ، والاصرار على الذنب » (2).
     كما أنّ هناك أحاديث كثيرة تبيّن دعائم الكفر التي تتكىء على اُصوله
1 ـ نهج البلاغة ، صبحي الصالح : 42/خطبة 1.
2 ـ اُصول الكافي 2 : 290/6 باب اُصول الكفر واركانه من كتاب الاِيمان والكفر.


(62)
أو تتظافر معها وكلّها ترجع إلى أمراض نفسية خطيرة تبعد الاِنسان عن دائرة الاِيمان.

ثانياً : علامات الكافر :
     لقد رسم القرآن لنا بدِّقة علامات الكافر ، ويمكن التطرق إليها ضمن الفقرات التالية :

1 ـ الجهل :
     وهو أصل كلّ شر ومنبع كل رذيلة ، والكافر جاهل لاترجى هدايته بالحجة والبرهان ولا بالموعظة والنصيحة .. ( إنَّ الَّذينَ كفرُوا سَوآءٌ عَليهم ءأنذرتَهُم أم لم تُنذرهُم لا يُؤمِنُونَ ) (1). فالجهل هو السبب الرئيسي وراء الكفر قال : أمير المؤمنين عليه السلام : « لو أنَّ العباد حين جهلوا وقفوا ، لم يكفروا ولم يضلّوا » (2).
     ولاَنَّ الكفار قد تبلّدت عقولهم ، فهم يعيشون حالة الخواء من الداخل كجذوع نخل خاوية لا روح فيها ولا ثمر لذلك أمر نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بالاعراض عنهم بقوله تعالى : ( خُذِ العَفوَ وأمُر بالعُرفِ وأعرِض عن الجَاهِلينَ ) (3).

2 ـ موالاة الطاغوت :
     سواءاً أكان معنى الطاغوت الشيطان أو الدّنيا الدنية أو الحاكم الجبار
1 ـ سورة البقرة 2 : 6.
2 ـ غرر الحكم.
3 ـ سورة الاَعراف 7 : 199.


(63)
حسب اختلاف المفسرين ، فإنّ الطاغوت ما تكون موالاته والاقتداء به والاعتماد عليه سبباً للخروج عن الحق. قال تعالى : ( .. والَّذينَ كفرُوا أوليآؤهُم الطَاغُوتُ يُخرِجُونَهُم مِنّ النُّورِ إلى الظُلماتِ ) (1). ولا يتوقف الاَمر عند حد الموالاة المجرّدة بل أنّ الكافر يذهب بعيداً في موالاته للطاغوت إلى حد القتال في سبيله والتضحية بالنفس والنفيس قال تعالى : ( .. والَّذينَ كفرُوا يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ الطَّاغُوتِ .. ) (2).

3 ـ الافراط في الشهوات والملذات :
     ومن علامات الكافر التي تميزه عن المؤمن ، إفراطه في شهواته وملذاته ، لاهم له غيرها حتى كأنه لم يخلق إلاّ لاجلها ، وقد وصفهم القرآن الكريم بهذا ، قال تعالى : ( .. والَّذينَ كَفرُوا يَتَمتعُونَ ويأكُلُونَ كَما تأكُلُ الاَنعامُ والنَّارُ مثوىً لهُم ) (3) ، بينما نجد المؤمن يعتبر تلك الاُمور وسيلة إلى هدف أعلى لاَنّها لم تكن غاية بحد ذاتها ومن هنا قال أمير المؤمنين عليه السلام : « .. فما خُلقتُ ليشغلني أكلُ الطَّيباتِ كالبهيمة المربُوطة ، همُّها علفُها ، أو المُرسلةِ شُغلُها تقمُّمها ، تكترشُ من أعلافها ، وتلهو عمَّا يُرادُ بها.. » (4) ، وقال عليه السلام : « همّ الكافر لدنياه ، وسعيه لعاجله ، وغايته شهوته » (5).
1 ـ سورة البقرة 2 : 257.
2 ـ سورة النساء 4 : 76.
3 ـ سورة محمد 47 : 12.
4 ـ نهج البلاغة ، صبحي الصالح : 418/كتاب 45.
5 ـ غرر الحكم.


(64)
4 ـ الخيانة والمكر والخداع والكذب :
     ومن العلامات البارزة في حياة الكفّار الخيانة والمكر والخداع والكذب ، إذ لا رادع لهم عن ذلك لاَنّهم فقدوا لذة الاِيمان ودوره في محاسبة النفس ، وقد شخّص الاِمام علي عليه السلام بدقة علامات الكافر بقوله : « الكافر خبٌّ لئيم ، خؤون مغرور بجهله.. » (1). والخبّ هو : « الخدّاع ومعناه الذي يفسد الناس بالخداع ويمكر ويحتال في الاَمر ، يقال فلان (خبّ ضبّ) إذا كان فاسداً مفسداً مراوغاً » (2).
     وأما الكذب فهو من أخصّ علامات الكافرين ، قال تعالى : ( بل الَّذينَ كفروا يُكذّبُونَ ) (3). وقال أيضاً : ( إنَّما يَفتَري الكَذِبَ الَّذينَ لا يؤمِنُونَ بآياتِ اللهِ وأُولئكَ همُ الكاذِبُونَ ) (4)فمما يميز المؤمن عن الكافر هو أنّ الاَخير يكذب ويخون الاَمانة وبذلك لا يمكن الثقة بأقواله ومعاملاته ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « إياكم والكذب فإنَّ الكذب مجانب للاِيمان » (5). وقال أيضاً : « كلُّ خلَّةٍ يُطبع عليها المؤمن إلاّ الخيانة والكذب » (6). وقد ورد عن الحسن بن محبوب قال : قلتُ لاَبي عبدالله عليه السلام : يكون المؤمن بخيلاً ؟ قال : « نعم ، قلتُ : فيكون كذّاباً ؟ قال : لا ولا خائناً ، ثم قال : يُجبل
1 ـ غرر الحكم.
2 ـ مجمع البحرين ، للشيخ الطريحي 2 : 48.
3 ـ سورة الانشقاق 84 : 22.
4 ـ سورة النحل 16 : 105.
5 ـ كنز العمال 3 : 620/خ 8206.
6 ـ المصدر السابق : خ 8211.


(65)
المؤمن على كلِّ طبيعة إلاّ الخيانة » (1).
     ولا بدَّ من التنويه على أنّ المؤمن قد يكذب ولكن بداعي الصلاح أما الكافر فيكذب بداعي الفساد وشتان ما بين الداعيين ، وقد أحب الله تعالى الكذب في الصلاح ، جاء في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم للاِمام علي عليه السلام : « .. يا علي إنَّ الله عزَّ وجلَّ أحبَّ الكذب في الصلاح وأبغض الصدق في الفساد » (2). وقال له أيضاً : « يا علي : ثلاث يحسن فيهنَّ الكذب : المكيدة في الحرب ، وعِدتك زوجتك ، والاصلاح بين الناس .. » (3). فالكافر إذن يتصف بالكذب ، وهو عندما يواجهه المؤمن بالبرهان الذي يكشف عن زيف دعواه ، تستبد به الحيرة ويتملكه الاضطراب فيتهم المؤمن بالكذب ! ومن الشواهد القرآنية على هذا المنحى المنحرف ، موقف أهل مدين من دعوة شعيب وما سبقه من الرسل فقد : ( كذَّبَ أصحابُ الاَيكةِ المُرسَلِينَ * إذ قَال لهُم شُعيبٌ ألا تَتقُونَ * إنّي لكُم رسُولٌ أمينٌ.. قالوا إنَّما أنتَ مِنَ المُسحَّرِينَ * وما أنتَ إلاّ بشرٌ مِثلُنا وإن نَّظُنكَ لَمِنَ الكَاذِبينَ ) (4).
     ومن الشواهد القرآنية الاُخرى الدالة على تكذيب الكاذب للمؤمن ماقصّه الله تعالى من كذب زليخا امرأة العزيز على يوسف عليه السلام عندما راودته عن نفسه وعرضت عليه مفاتنها ، ولما استعصم قذفته كذباً وزوراً ، ولكن يوسف دفع التهمة عن ساحته ، وقيّض الله تعالى له حكماً من أهلها
1 ـ الاختصاص : 231.
2 ـ مكارم الاخلاق ، للطبرسي : 433.
3 ـ المصدر السابق : 437.
4 ـ سورة الشعراء 26 : 176 ـ 186.


(66)
فقطع النزاع كما حكاه القرآن الكريم : ( .. إنَّ كانَ قميصهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَت وهُوَ مِنَ الكاذِبينَ * وإن كانَ قميصُهُ قُدَّ مِن دُبُر فَكَذَبَت وهُوَ مِن الصَّادِقينَ * فلمَّا رءا قَميصَهُ قُدَّ مِن دُبُر قَالَ إنَّهُ مِن كيدكُنَّ إنَّ كَيدَكُنَّ عظيمٌ ) (1). فقد استخدمت هذه المرأة ضد يوسف عليه السلام سلاح الكذب والافتراء ولكن الله صرف عنه السوء والفحشاء.
     ولا شكَّ أنّ الاَنبياء عليهم السلام منزّهون عن القبائح كلّها ورأسها الكذب.

5 ـ السخرية والاستهزاء بالآخرين :
     ولما كان الكافر جاهلاً يعجز ـ عادة ـ عن الرد على أهل الاِيمان بالحجة والبرهان ، يعبر عن عجزه هذا بالاستهزاء بهم والسخرية منهم ، يقول تعالى : ( زُيّنَ للَّذينَ كَفرُوا الحَياةُ الدُّنيا ويَسخَرونَ مِنَ الَّذين آمنُوا..)(2). وهذه أحد علامات الكفّار في كلِّ زمان ومكان ، يسخرون من المصلحين ويتهمونهم بالجهل والتخلف وعدم المسايرة لروح العصر !
     فعلى سبيل المثال ، لما أمر الله نوحاً أن يصنع السفينة ، كان تحوله من داعٍ إلى الله إلى نجّار سبباً في تعجب الكفّار فجعلوا من هذا الاَمر مادةً للسخرية والتندّر عليه .. ( ويَصنَعُ الفُلكَ وكُلَّما مرَّ عَليهِ ملاٌَ مِّن قَومِهِ سَخِرُوا مِنهُ قال إن تَسخَرُوا مِنَّا فإنّا نَسخَرُ مِنكُم كَما تَسخَرُونَ ) (3).
     وكان أهل مدين لا يؤمنون بالله ويعبدون سواه وكانوا من أسوأ الناس معاملة ينقصون الكيل والميزان إذا باعوا ، فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو
1 ـ سورة يوسف 12 : 26 ـ 28.
2 ـ سورة البقرة 2 : 212.
3 ـ سورة هود 11 : 38.


(67)
رسوله شعيب عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله وحده ، ونهاهم عن تعاطي هذه الافعال القبيحة وأمرهم بالعدل وحذرهم من عاقبة الظلم ، ولكن القوم أصروا على باطلهم وقابلوه بالاستهزاء والتهكم ( قالوا يا شُعيب أصلواتُكَ تأمرُكَ أن نَّترك ما يعبدُ ءآباؤنا أو أن نَّفعل في أموالنا ما نشاءُ.. ) (1).
     وهذه النفسية المعقدة سببت لهم ضياع فرص الهداية إلى الاَبد إذ كلّما سمعوا كلاماً فسروه تفسيراً سلبياً واستهزؤا به.
     ويصف لنا تعالى حالة التذبذب والنفاق التي يعيشها هؤلاء بقوله الكريم : ( وإذا لَقُوا الَّذينَ آمنُوا قَالُوا آمَنّا وإذا خَلَوا إلى شَياطِينِهِم قَالُوا إنّا مَعكُم إنَّما نَحنُ مُستهزِؤنَ ) (2).

6 ـ الغرور والاستكبار :
     إنَّ من عادة الكفّار الاغترار بقدرتهم وقوتهم مع المكابرة عن قبول الحق ، سادرين في غيهم ، لاهين في غفلتهم ، متناسين أو ناسين سخط الله القوي عليهم حتى لكأنهم يظنون أنّ قوتهم لا تضمحل وسطوتهم لا تزول ، وقد سخر القرآن الكريم من ذلك التعجرف والغرور وسفّه أحلام هؤلاء الجهلاء قائلاً : ( أمّن هذا الَّذي هُوَ جُندٌ لَكُم يَنصُرُكُم مِن دونِ الرحمنِ إن الكافِرُونَ إلاّ في غُرُورٍ ) (3). ولهذا ، نراهم عندما يحاول المؤمنون أن يبرهنوا لهم عن قصور هذه الرؤية ، وأنّ معادلات القوة ليست ثابتة ، تأخذهم العزّة بالاِثم ، فيتجهون للعناد والشقاق ، قال تعالى : ( بَلِ الَّذينَ
1 ـ سورة هود 11 : 87.
2 ـ سورة البقرة 2 : 14.
3 ـ سورة الملك 67 : 20.


(68)
كَفَرُوا في عِزَّةٍ وشِقاقٍ ) (1).
     ومن الاَمثال الرائعة التي ضربها القرآن الكريم في هذا المجال قصة صاحب الجنتين ، الذي كان كافراً غنياً قد أبطرته النعمة ، فأخذ يحاور صاحبه المؤمن الفقير مفتخراً عليه بأمواله وكثرة أعوانه. وما سرده الله من تحاورهما يصوّر للاِنسان بأجلى بيان كيف ينفخ الشيطان في اُنوف أصحاب المال ويطغيهم حتى يلقيهم في مهاوي الهلكة. وكيف يعلو الاِيمان بنفس صاحبه .. ويجعل له حسن العاقبة في الدارين (2).
     قال تعالى : ( واضرِب لهُم مَثلاً رَّجُلَينِ جَعلنا لاَحدِهِما جنَّتينِ مِن أعنابٍ وحَففنَاهُما بنخلٍ وجعلنَا بَينَهُما زَرعَاً * كِلتَا الجَنتَينِ ءاتت اُكلَها ولم تَظلِم مِنهُ شَيئاً وفجَّرنا خِلالهُما نَهراً * وكانَ لَهُ ثَمرٌ فقالَ لِصاحبِهِ وهُوَ يَحاورهُ أنا أكثرُ مِنكَ مالاً وأعزُّ نفراً * ودَخلَ جنَّتهُ وَهُوَ ظَالمٌ لِنفسِه قالَ ما أظنُ أن تَبيدَ هذهِ أبداً* ومآ أظُنُّ السّاعةَ قآئمةً ولئِن رُّددتُ إلى رَبّي لاَجدَنَّ خَيراً مِنها مُنقلباً * قالَ لَهُ صاحبُهُ وَهُوَ يُحاورُهُ أكفرتَ بالَّذي خَلقكَ من تُرابٍ ثُمَّ من نُّطفةٍ ثُمَّ سوَّاكَ رجُلاً* لكنّا هُوَ اللهُ ربّي ولا أُشرِكُ بِربّي أحَداً ... وأُحِيطَ بثمرهِ فأصبَحَ يُقلّبُ كفَّيهِ على مآ أنفقَ فِيهَا وهِي خَاويةٌ على عُروشِهَا ويقُولُ ياليتَني لم أُشرك بِربي أحَداً * ولم تَكُن لَّهُ فِئةٌ يَنصُرُونهُ مِن دونِ اللهِ وما كانَ مُنتَصِراً .. ) (3).
1 ـ سورة ص 38 : 2.
2 ـ الامثال في القرآن ، للدكتور محمود بن الشريف : 105 دار مكتبة الهلال ـ بيروت ط5.
3 ـ سورة الكهف 18 : 32 ـ 43.


(69)
الفصل الثالث
ما يخرج عن الاِيمان
     المؤمن هو الذي يسير بخطى ثابتة على درب الاِيمان الواضح المعالم ولكن قد يتعرض لعواصف هوجاء من الاَهواء والشبهات فتخرجه عن جادّة الصواب ، وتسقطه من قمة جبل الاِيمان إلى وادي الكفر السحيق ، وعندئذٍ يصبح فقيراً من الناحية المعنوية بعد أن كان غنياً بإيمانه ، سأل زيد بن صوحان العبدي أمير المؤمنين عليه السلام قائلاً : « .. فأيُّ فقر أشدّ ؟ » قال عليه السلام : « الكفر بعد الاِيمان » (1).
     وسقوط الاِنسان في حضيض الكفر بعد الايمان إنّما يتم على مراحل وخطوات ، لا سيّما وأنّ الشيطان يتّبع مع الاِنسان سياسة : الخطوة خطوة ! لذلك حذر تعالى المؤمنين من إتّباع خطواته قائلاً : ( يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا لاتتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيطانِ .. ) (2) ، وقال أيضاً : ( يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا ادخُلُوا في السّلمِ كافةً ولا تتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيطانِ إنَّهُ لكُم عَدوٌّ مّبينٌ ) (3).
1 ـ معاني الاخبار : 198.
2 ـ سورة النور 24 : 21.
3 ـ سورة البقرة 2 : 208.


(70)
فشغل الشيطان الشاغل هو إضلال الاِنسان بشتى الحيل والسبل ولايتمكن من إيقاع الطلاق فجأة بين الاِنسان والاِيمان لذلك يسعى للوصول إلى هدفه التضليلي على مراحل.
     والله تعالى يبغض ذلك الاِنسان الذي يلقي بزمام أمره إلى عدوه الشيطان حيثُ السقوط التدريجي والهلاك ، ويؤيده الاَثر الوارد عن سلمان الفارسي قدس سره أنه قال : « إذا أراد الله عزَّ وجل هلاك عبد نزع منه الحياء ، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلاّ خائناً مخوناً فإذا كان خائناً مخوناً نزعت منه الاَمانة ، فإذا نزعت منه الاَمانة لم تلقه إلاّ فظّاً غليظاً ، فإذا كان فظاً غليظاً نزعت منه ربقة الاِيمان ، فإذا نزعت منه ربقة الاِيمان لم تلقه إلاّ شيطاناً ملعوناً » (1).

المبحث الاَول : عوامل زوال الاِيمان :
     هناك مجموعة من العوامل تسهم في إخراج الاِنسان عن طريق الاِيمان السوّي ، يمكن الاِشارة إلى أبرزها بالنقاط الآتية :

أولاً : عدم معرفة الاَئمة :
    لمّا كان الاَئمة عليهم السلام هم السبيل إلى الله تعالى ، والمسلك إلى رضوانه وحججه على عباده لذا وجبت معرفتهم ومحبتهم ، ويؤيد ذلك ما في آية المودة والحديث المتواتر : « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية » (2)ومن هنا قال الاِمام الباقر أو الصادق عليهما السلام :
1 ـ اُصول الكافي 2 : 291/10 كتاب الاِيمان والكفر.
2 ـ صحيح البخاري 5 : 13 باب الفتن ، وصحيح مسلم 6 : 21 ـ 22/1849.
     واُصول الكافي 1 : 303/5 ، وكمال الدين 2 : 412 ـ 413/10 و 11 و 12 و 15 باب الاِمامة والتبصرة على اختلافٍ في اللفظ ولا بدَّ أن يكون المراد في جميع الاَلفاظ هو مادلّ عليه اللفظ المذكور أعلاه.
الايمان والكفر وآثارهما على الفرد والمجتمع ::: فهرس