إيضاح
مناسك الحج

لسماحة آية الله العظمى
السيّد عليّ الحسيني السيستاني دام ظله الشريف

تأليف
الشيخ أحمد الماحوزي


( 4 )

قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
تابعوا بين الحجّ والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي
الكير خبث الحديد

وقال الصادق عليه السلام :
حجج تترى وعمر تسعى يدفعن عيلة الفقر وميتة السوء

وقال عليه السلام :
من حج حجج لم يعذّبه الله أبداً



( 5 )

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم من الآن الى قيام يوم الدين .
وبعد . .
فهذا شرح موجز ومختصر لمناسك آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله ، وبيان مقتضب لمناشئ الاحتياط والتردد فيه ، مع استدلال مفصل في جملة من المسائل والفروع حسب ما تقتضيه الحاجة والضرورة .
وقد أضفت ـ زيادة على ما في المنسك ـ جملة من المسائل والأحكام انتخبتها من ملحق مناسك الحج ، ولعلها تصل الى ما يقارب من مائة مسألة ، وضعت أكثرها في المتن وبعضها القليل في الحاشية ، وللتميز بينها وبين ما في أصل المنسك والشرح وضعت


( 6 )

علامة ( * ) أمام كل مسألة وفرع أخذته من الملحق .
وابتدأت باقسام الحج ، وحذفت شروط الحج لعدم الابتلاء الكثير بها ، واخرّت فصل النيابة والحج المندوب واقسام العمرة الى ما بعد احكام الرمي .
والمقصود من أعاظم تلامذة سيد الفقهاء والمجتهدين الخوئي قدس سره المنوه إليهم في المسائل الاحتياطية ، هما :
الاستاذ آية الله الشيخ ميرزا جواد التبريزي دام ظله الشريف .
والاستاذ آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله الشريف .
والمقصود من بعض أعاظم تلامذته أحدهما دام ظلهما .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين .
أحمد الماحوزي
غرة شهر شوال لسنة 1420




( 7 )

أقسام الحج

مسألة 1 : أقسام الحج ثلاثة (1) ، تمتع ، وإفراد ، وقران .
والاول : فرض من كان البعد بين أهله ومكة أكثر من ستة عشر فرسخا (2) .
والاخران : فرض أهل مكة ومن يكون البعد بين أهله ومكة أقل
____________
(1) نصاً وإجماعاً بين العلماء كافة .
(2) على المشهور ، وهو ثمانية واربعين ميلا ومايقرب من اثنين وتسعين كيلومترا، وفي المبسوط والاقتصاد وروض الجنان والجمل والعقود والغنية والكافي والوسيلة والسرائر والشرائع وغيرها ان البعد المقتضي لذلك هو ستة عشر ميلا ـ اربعة فراسخ ـ من كل جانب ، وما ذهب اليه المشهور هو الصحيح لدلالة جملة من الروايات الصريحة عليه ، مضافا الى ضعف وسقم أدلة الثاني ، لذا عدل المحقّق عما في الشرائع وقال : انه قول نادر لاعبرة به .

( 8 )

من ستة عشر فرسخا (1) .
مسألة 2 : لايجزي حج التمتّع عمّن فرضه الإفراد أو القِران ، كما لايجزي حج القِران أو الإفراد عمّن فرضه التمتّع (2) ، نعم قد تنقلب وظيفة المتمتّع إلى الافراد كما سيأتي .
هذا بالنسبة إلى حجّة الإسلام ، وأما بالنسبة الى الحجّ المندوب والمنذور مطلقا والموصى به كذلك من دون تعيين فيتخيّر فيها البعيد والحاضر بين الأقسام الثلاثة ، وإن كان الأفضل التمتّع (3) .
____________
(1) لقوله تعالى ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) فحاضر المسجد الحرام تكون وظيفته الإفراد او القِران .
وهل البعد بالنسبة الى مكة او المسجد الحرام ـ كما هو نص الاية ـ وجهان بل قولان ، والاظهر الأول لكون المقصود من المسجد مكة المكرمة ، بشهادة قوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام ) ولاريب ان الاسراء كان من مكة باتفاق الكل ، مضافا الى قوله عليه السلام في صحيحة زرارة أن المراد من المسجد الحرام مكة المكرمة ، فالتوقف في دلالتها باعمال بعض القواعد الاصولية المستحدثة في غير محله ووسوسة زائدة .
(2) بلا خلاف أصلا قديما وحديثا .
(3) يدل عليه وعلى ماسبقه الروايات المستفيضة .

( 9 )

مسألة 3 : إذا أقام البعيد في مكة انتقل فرضه الى حج الإفراد أو القِران بعد الدخول في السنة الثالثة ، وأما قبل ذلك فيجب عليه حج التمتع ، ولافرق في ذلك بين ان تكون استطاعته ووجوب الحج عليه قبل إقامته في مكة أو في أثنائها ، كما لافرق فيه بين أن تكون إقامته بقصد التوطن أم لا (1) ، وكذلك الحال فيمن أقام في غير مكة من الأماكن التي يكون البعد بينها وبين مكّة أقل من ستّة عشر فرسخاً .
____________
(1) يشهد له إطلاقات النصوص ، ففي صحيحة زرارة عن ابي جعفر عليه السلام « من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة ولامتعة له » ، وصحيحة ابن يزيد عن الصادق عليه السلام «المجاور بمكة يتمتع بالعمرة الى الحج الى سنتين فإذا جاوز سنتين كان قاطنا وليس له أن يتمتع » وليس في المقام مايستدل على الخلاف إلا الاصل والاجماع المدعى ، اما الاول فإطلاق النصوص كافٍ في رفعه ، واما الثاني فاثباته دون خرط القتاد .
ووجوب التمتع عليه قبل التوطن او الاقامة لايمنع من انقلاب حكمه لتغير الموضوع ، وليس هذا بغريب اذ الصلاة بالنسبة للحاضر تامة فاذا سافر بعد دخول الوقت ينقلب الوجوب من التمام الى التقصير ، فالزوال شرط لوجوب أصل الصلاة أما كيفية الاتيان فمرتهن بوقت الاداء ، والاستطاعة من هذا النمط فتدبر ، والمسألة ذات أربع صور ، والتفصيل تجده في « مجمع مناسك الحج » .

( 10 )

مسألة 4 : إذا أقام في مكّة وأراد أن يحج حجّ التمتّع قبل انقلاب فرضه إلى حجّ الإفراد او القِران ، قيل : يجوز له أن يحرم لعمرة التمتع من أدنى الحل ، ولكنه لايخلو عن إشكال ، والأحوط (1) أن يخرج إلى أحد المواقيت فيحرم منه ، بل الاحوط أن يخرج إلى ميقات أهل بلده، والظاهر أن هذا حكم كل من كان في مكّة وأراد الإتيان بحجَّ التمتّع ولو مستحبا (2) .
____________
(1) واستظهر السيد الخوئي وبعض أعاظم تلامذته جواز الاحرام من ادنى الحل وإن كان الاحوط استحبابا ماذكره الماتن دام ظله .
ومنشأ الاشكال اختلاف الروايات ، وهي على طوائف ثلاث ، الاولى : ان ميقاته مُهلّ أرضه وأهل بلده ، والثانية : أحد المواقيت ، والثالثة : أدنى الحل ، فالاقوال على ذلك ثلاثة .
والذي تميل إليه النفس هو التخيير والحمل على الفضيلة ، والاستدلال للاول بالاخبار الآمرة بالرجوع الى ميقات الاهل بالنسبة للجاهل والناسي للاحرام في غير محله ، لعدم القطع بنفي الخصوصية اذ لعله لمقام المرور على الميقات بلا احرام ، واخبار المواقيت غاية ماتفيد أنها مواقيت لمن رام دخول الحرم للحج والعمرة ، وحمل الطائفة الثالثة على صورة التعذر ليس من الجمع العرفي ، وندرة العامل بها لايثبت الاعراض اذ لعل منشأه ترجيح غيرها عليها ، فما استظهره سيد الفقهاء والمجتهدين في محله والله العالم .
(2) لاطلاق النصوص .

( 11 )

حجّ التمتّع

مسألة 5 : يتألف هذا الحجّ من عبادتين : تسمى أُولاهما بالعمرة ، والثانية بالحجّ ، وقد يطلق حج التمتع على الجزء الثاني منهما ، ويجب الإتيان بالعمرة فيه قبل الحج .
مسألة 6 : تجب في عمرة التمتّع خمسة أمور :
الامر الاول : الإحرام من أحد المواقيت ، وستعرف تفصيلها .
الامر الثاني : الطواف حول البيت .
الامر الثالث : صلاة الطواف .
الامر الرابع : السعي بين الصفا والمروة .
الامر الخامس : التقصير ، وهو قصّ بعض شعر الرأس أو اللحية أو الشارب ، فإذا أتى المكلف به خرج من إحرامه ، وحلّت له الأمور التي كانت قد حرمت عليه بسبب الإحرام .
مسألة 7 : يجب على المكلّف أن يتهيّأ لأداء وظائف الحج فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام ·
وواجبات الحج ثلاثة عشر· وهي كما يلي:
1 ـ الإحرام من مكة ، على تفصيل يأتي .
2 ـ الوقوف في عرفات من ظهر يوم التاسع من ذي الحجة


( 12 )

الحرام من بعد مايمضي من زوال الشمس مقدار الإتيان بالغسل واداء صلاتي الظهر والعصر ـ جمعا ـ إلى المغرب ، وتقع عرفات على بعد أربعة فراسخ من مكة .
3 ـ الوقوف في المزدلفة شطراً من ليلة العيد الى ماقبيل طلوع الشمس ، وتقع المزدلفة بين عرفات ومكة .
4 ـ رمي جمرة العقبة في منى يوم العيد ، ومنى على بعد فرسخ واحد من مكة تقريباً .
5 ـ النحر أو الذبح في منى يوم العيد أو في أيام التشريق .
6 ـ الحلق أو التقصير في منى ، وبذلك يحل له ماحرم عليه من جهة الإحرام ماعد النساء والطيب ، وكذا الصيد على الاحوط.
7 ـ طواف الزيارة بعد الرجوع إلى مكة .
8 ـ صلاة الطواف .
9 ـ السعي بين الصفا والمروة ، وبذلك يحل الطيب أيضاً .
10 ـ طواف النساء .
11 ـ صلاة طواف النساء ، وبذلك تحل النساء أيضاً .
12 ـ المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر، بل ليلة الثالثة عشر في بعض الصور كما سيأتي .
13 ـ رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر ، بل وفي اليوم الثالث عشر أيضاً فيما إذا بات المكلف هناك على


( 13 )

الأظهر .
مسألة 8 : يشترط في حج التمتع أمور :
1 ـ النية (1) ، بأن يقصد الاتيان بحج التمتع بعنوانه ، فلو نوى غيره أو تردد في نيته (2) لم يصح حجه .
2 ـ ان يكون مجموع العمرة والحج في أشهر الحج (3) ، فلو أتى بجزء من العمرة قبل دخول شوال لم تصح العمرة .
3 ـ ان يكون الحج والعمرة في سنة واحدة (4) ، فلو أتى بالعمرة وأخّر الحج إلى السنة القادمة لم يصح التمتع ، ولا فرق في ذلك بين أن يقيم في مكّة إلى السنة القادمة وبين ان يرجع إلى أهله ثم يعود اليها، كما لافرق بين ان يحل من إحرامه بالتقصير وإن يبقى محرماً إلى السنة القادمة .
____________
(1) لكون الحج من أعظم العبادات ، وهي متقومة بالنية .
(2) اذ الترديد ينافي النية كما هو واضح .
(3) نصا واجماعا، قال الله تعالى (الحج أشهر معلومات)·
(4) بلا خلاف فيه بين العلماء قديما وحديثا ، ويشهد له قوله صلى الله عليه واله « دخلت العمرة في الحج الى يوم القيامة ثم شبك صلى الله عليه واله أصابعه بعضها في بعض » .

( 14 )

4 ـ ان يكون إحرام حجه من نفس مكّة مع الاختيار (1) ، وأفضل مواضعه المقام أو الحجر ، وإذا لم يمكنه الإحرام من مكّة ـ لعذر ـ أحرم من أي موضع تمكن منه .
5 ـ ان يؤدي مجموع عمرته وحجه شخص واحد عن شخص واحد (2) ، فلو استأجر اثنان لحج التمتع عن ميت أو حي أحدهما لعمرته والآخر لحجه لم يصح ذلك ، وكذلك لو حج شخص وجعل عمرته عن واحد وحجه عن آخر لم يصح .
مسألة 9 : إذا فرغ المكلّف من أعمال عمرة التمتّع لم يجز له الخروج من مكة لغير الحج على الاحوط (3) ، إلا أن يكون خروجه
____________
(1) راجع مواقيت الاحرام .
(2) اذ عمرة التمتع جزء من الحج ، فهما جزآن لعمل واحد، فنيابة شخصين لهما بمثابة نيابة شخصين لصلاة الصبح احدهما للركعة الاولى والثاني للركعة الثانية .
وتأمل فيه سيد العروة ، واستظهر صحته من خبر محمد بن مسلم حيث قال : سألته عن رجل يحج عن أبيه ايتمتع ؟ قال عليه السلام : « نعم المتعة له، والحج عن أبيه » ، وعلق عليه سيد المشايخ والأساتذة ـ الگلپايگاني ـ لا وجه للتأمل فيه والخبر غير واضح الدلالة مع عدم ظهور عامل به .
(3) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بعدم الجواز تبعا للمشهور ،

=


( 15 )

لحاجة ـ وإن لم تكن ضرورية ـ (1) ولم يخف فوات أعمال الحج ،
____________
=
سواء علم ان الحج يفوته بالخروج او احتمل او علم بعدم الفوت ، ولعل منشأ احتياط الماتن دام ظله إختلاف الروايات اذ هي على طوائف ثلاث ، طائفة تنهى عن الخروج حتى يحج ، واخرى تُجوّز الخروج للحاجة ، وثالثة تُجوّز الخروج للاماكن القريبة كالطائف وجدة .
والظاهر كون حرمة الخروج حكماً طريقياً تحفظياً لاداء وجوب الحج فيكون في مورد الخوف وعدم العلم بالرجوع ـ كما افاد بعض الاساتذة ـ ويؤيده بل يدل عليه إستبعاد موضوعية الخروج ، ولعله مفاد صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال : « وسألته عن رجل قدم مكة متمتعا فحلّ أيرجع ؟ قال : لايرجع حتى يحرم بالحج ولايجاوز الطائف وشبهها مخافة أن لايدرك الحج ، فان أحب أن يرجع الى مكة رجع ، وإن خاف أن يفوته الحج مضى على وجهه الى عرفات » فعِلّة المنع هو خوف فوات الحج .
كما يؤيد ذلك مرسل الصدوق عن الصادق عليه السلام قال : إذا اراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع فليس له ذلك لانه مرتبط بالحج حتى يقضيه ، إلا ان يعلم أنه لايفوته الحج ، وإن علم وخرج وعاد في الشهر الذي خرج فيه دخل مكة محلا ، وإن دخلها في غير ذلك الشهر دخلها محرما » ومرسلات الصدوق لاتقل قيمة عن مرسلات ابن ابي عمير بل لعلها أكثر اعتباراً ، والتفصيل في محله .
(1) فيكفي أن تكون حاجة عرفية * والتسوق والنزهة وزيارة

=


( 16 )

وفي هذه الحالة إذا علم أنه يتمكن من الرجوع الى مكة والإحرام منها للحج فالأظهر جواز خروجه محلا (1) ، وإن لم يعلم بذلك أحرم للحج وخرج لحاجته ، والظاهر أنه لايجب عليه حينئذ الرجوع الى مكة ، بل له أن يذهب الى عرفات من مكانه (2) .
____________
=
الاصدقاء قد تكون في بعض الموارد من مصاديق الحاجة العرفية وقد لاتكون كذلك .
(1) الروايات دالة على جواز الخروج عند الحاجة بشرط الاحرام للحج، نعم قد يستظهر من صحيحة الحلبي وفيها « وما أحب أن يخرج منها إلا محرما ولايتجاوز الطائف ، أنها قريبة من مكة » مبغوضية الخروج من غير احرام ، إلا انه مع الإلتزام بحرمة الخروج يمكن ان تحمل هذه الرواية على الاماكن القريبة ، فيكون هناك تفصيل ثالث في المقام ، مضافا الى ان لفظة «ماأحب» ليست متمحضة في الكراهة بل قد تستعمل في الحرمة فلا يكون ظهورها أقوى من ظهور روايات الحرمة .
فإن كان مستند الماتن دام ظله هذه الصحيحة فقد عرفت الخلل في دلالتها ، وإن كان الوجه عدم موضوعيةٍ للخروج فاحتياطه في اصل الفرض في غير محله والله العالم .
(2) كما هو مقتضى صحيحة حماد وفيها « فإن شاء رجع الى مكة ... وإن شاء كان وجهه ذلك الى منى » ، مؤيدا بقوله عليه السلام في صحيحة ابن جعفر « فإن أحبّ أن يرجع الى مكة رجع ، وإن خاف أن يفوته الحج مضى

( 17 )

هذا ، ولايجوز لمن أتى بعمرة التمتع أن يترك الحج اختيارا ولو كان الحج استحبابيا (1) ، نعم إذا لم يتمكن من الحج فالاحوط (2) أن يجعلها عمرة مفردة فيأتي بطواف النساء .
* وإذا كان في عمرة التمتع أو الحج وترك أداء المناسك إلى أن انقضى الوقت المحدد لهما بطل إحرامه ، وأما لو كان في العمرة المفردة فلا يخرج من إحرامه إلا بأداء مناسكها (3) .
____________
على وجهه إلى عرفات»·
(1) لاطلاق الروايات الدالة على عدم الخروج من مكة بعد العمرة ، وكون المعتمر مرتهن بالحج حتى يقضيه كما في جملة من الروايات ، ولامقيّد من الاخبار بالحج الواجب .
(2) ومنشأه ان الروايات الدالة على انقلاب الحج الى عمرة مفردة عند عدم التمكن من الحج هو فيما اذا احرم للحج ولم يتمكن ، اما اذا لم يحرم فهو خارج عن فرض الروايات ، هكذا أفاد سيد الفقهاء في المعتمد ثم أضاف لكن الاحوط ان يجعل عمرته عمرة مفردة لاحتمال إطلاق أدلة من فاته الموقفان ، ولعل فيه مجال للتأمل اذ قول الصادق عليه السلام في صحيحة معاوية « أيما حاج سائق للهدي أو مفرد للحج او متمتع بالعمرة الى الحج قدم وقد فاته الحج فليجعلها عمرة وعليه الحج من قابل » شامل للمقام بإطلاقه ، والله العالم .
(3) لعدم تقيّدها بوقت معين .

( 18 )

مسألة 10 : يجوز للمتمتع أن يخرج من مكة قبل إتمام أعمال عمرته اذا كان متمكنا من الرجوع إليها على الاظهر (1) ، وإن كان الاحوط تركه .
مسألة 11 : المحرّم من الخروج عن مكة بعد الفراغ من أعمال العمرة إنما هو الخروج عنها الى محل آخر ، وأما المحلات المستحدثة التي تعد جزءا من المدينة المقدسة في العصر الحاضر فهي بحكم المحلات القديمة في ذلك ، وعليه فلا بأس للحاج أن يخرج إليها بعد الفراغ من عمرته لحاجة أو بدونها .
مسألة 12 : إذا خرج من مكة بعد الفراغ من أعمال العمرة من دون إحرام ، ففيه صورتان :
الاولى : أن يكون رجوعه قبل مضي الشهر الذي اعتمر فيه ، ففي هذه الصورة يلزمه الرجوع الى مكة بدون إحرام ، فيحرم منها للحج ،
____________
(1) اذ الروايات الناهية عن الخروج كلها واردة في من أتم عمرته فلا تشمل فيما اذا كان في أثنائها ، نعم إطلاق بعض الروايات المرسلة تشمل المقام كمرسل الصدوق عن الصادق عليه السلام قال : « إذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع فليس له ذلك لانه مرتبط بالحج حتى يقضيه ، إلا أن يعلم أنه لايفوته الحج ... » ومثله مرسل أبان ، مضافا الى الروايات الدالة على انه مرتهن بالحج ومجرد التلبس بالعمرة يتحقق الارتهان .

( 19 )

ويخرج الى عرفات .
الثانية : أن يكون رجوعه بعد مضي الشهر الذي اعتمر فيه ، ففي هذه الصورة يلزمه الإحرام بالعمرة للرجوع إليها (1) ·
* فإن كان قاصدا وصل العمرة الثانية بالحج فعليه أن يقصد عمرة التمتع وتكون العمرة الاولى ملغية ولايجب لها طواف النساء (2) .
مسألة 13 : من كانت وظيفته حجّ التمتّع لم يجزئه العدول الى غيره من إفراد او قِران (3) ، ويستثنى من ذلك من دخل في عمرة التمتع ثم ضاق وقته عن إتمامها ، فإنه ينقل نيته الى حج الافراد ويأتي بالعمرة المفردة بعد الحج (4) ، وفي حد الضيق المسوّغ لذلك
____________
(1) لقوله عليه السلام في صحيحة حماد : « ان رجع في شهره دخل بغير احرام ، وإن دخل في غير الشهر دخل محرما » وغيرها من الروايات .
(2) والوجه فيه : ان الوجوب انما يتحقق فيما اذا قصد من اول الامر العمرة المفردة ـ كما هو فرض الروايات ـ اما اذا نوى عمرة التمتع وأحل منها وحلت له النساء ، فلا دليل على حرمتها ثانياً ، فالحكم بالوجوب بحاجة الى دليل .
(3) حتى وإن كان التمتع استحبابياً .
(4) بلا خلاف ولااشكال للنصوص المستفيضة المتظافرة ، ففي

( 20 )

خلاف (1) ، والأظهر وجوب العدول لو لم يتمكن من إتمام أعمال
____________
صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل أهل بالحج والعمرة جميعا ثم قدم مكة والناس بعرفات فخشي إن هو طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يفوته الموقف ، قال : « يدع العمرة فإذا أتم حجه صنع كما صنعت عايشة ولاهدي عليه » وفي حسنة ـ بل صحيحة ـ ابن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل والمرأة يتمتعان بالعمرة إلى الحج ثم يدخلان مكة يوم عرفة ، كيف يصنعان ؟ قال : يجعلانها حجة مفردة ، وحد المتعة إلى يوم التروية » ، وغيرها .
(1) بسبب اختلاف الروايات إذ هي على ست طوائف ، الاولى : أن الحد هو غروب الشمس من يوم التروية ، والثانية : السحر من ليلة عرفة ، والثالثة : ليلة عرفة ، والرابعة : ادراك الناس في منى ، والخامسة : زوال الشمس من يوم عرفة ، والسادسة : خوف فوات الموقف مطلقاً .
واختار سيد الفقهاء والمجتهدين ان الضيق المسوغ للعدول هو خوف فوات الركن من الوقوف الاختياري بعرفة ، تمسكا بصحيحة الحلبي قال : سألت ابا عبدالله عليه السلام عن رجل أهل بالحج والعمرة جميعا ثم قدم مكة والناس بعرفات فخشي انه طاف وسعي بين الصفا والمروة أن يفوته الموقف بعرفات ، قال : « يدع العمرة فإذا تم حجه صنع كما صنعت عائشة ولاهدي عليه» وفوات الموقف لايتحقق الا بفوات الركن ، ودخوله مكة والناس بعرفة لازمه عدم درك الواجب بأكمله عدل او لم يعدل ، لكون السير من مكة الى

( 21 )

عرفات في ذلك الزمان بحاجة الى أكثر من أربع ساعة كما لايخفي .
وبرواية محمد بن سرو قال : كتبت الى ابي الحسن الثالث عليه السلام : ماتقول في رجل متمتع بالعمرة الى الحج وافى غداة عرفة وخرج الناس من منى الى عرفات ، أعمرته قائمة أو قد ذهبت منه ؟ إلى أي وقت عمرته قائمة إذا كان متمتعاً بالعمرة الى الحج ، فلم يواف يوم التروية ولا ليلة التروية ، فكيف يصنع؟ فوقع عليه السلام : ساعة يدخل مكة ، إن شاء الله يطوف ويصلي ركعتين ، ويسعى ويقصر ، ويخرج بحجته ويمضي الى الموقف ويفيض مع الامام » ومن المعلوم انه اذا دخل مكة غداة يوم عرفة لايمكنه درك الوقوف الواجب بأكمله .
وصحيحة يعقوب بن شعيب قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : « لابأس للمتمتع أن لم يحرم من ليلة التروية متى ماتيسر له ، مالم يخف فوات الموقفين » ، والخدشة في السند لوجود اسماعيل بن مرار مدفوعة لقول ابن الوليد ان كتب يونس بن عبدالرحمن التي هي بالروايات كلها صحيحة معتمد عليها إلا ماينفرد به محمد بن عيس بن عبيد ، ومن عمدة من روى كتب وروايات يونس ابن مرار ، مضافا الى امكان تبديل السند لتصحيحه فراجع الفهرست والمشيخة للشيخ .
وما ذكره : سيد الفقهاء في المعتمد من كون الصحيحة أجنبية عن المقام بدعوى أنها واردة في انشاء احرام الحج وفي مقام بيان أن احرام الحج غير مؤقت بوقت خاص وإنه يجوز الاحرام له في أي زمان شاء ما لم يخف فوت الموقفين .
وجيه في الجملة : لكن ببركة هذه الصحيحة يظهر قوة مااختاره الماتن


( 22 )

دام ظله ، إذ يجوز للحاج تأخير الاحرام للحج ما لم يستلزم منه فوات الموقفين، ومن الواضح أن الجواز هنا مغيى بعدم فوت الواجب من الوقوف فضلا عن الركن منه ، إذ لااحد يقول بجواز التأخير فيما اذا استلزم فوات الواجب من الوقوف .
فقوله عليه السلام «مالم يخف فوات الموقفين» ليس بالضرورة خوف فوات الركن ، وإنما يختلف بإختلاف الاحكام والموارد، فالتمسك بمثل هذه العبارة ـ التي هي من فرض الرواة في بقية النصوص ـ للجزم بان الضيق المسوغ للعدول هو خوف فوات الركن ليس بصحيح ، وكون الناس بعرفة ـ كما في صحيحة الحلبي ـ ليس بالضرورة أن الزوال قد تحقق بل عادة مايتواجد الناس بها قبل الزوال بكثير .
ويدل أيضاً على ما اختاره الماتن دام ظله صحيحة جميل عن ابي عبدالله عليه السلام قال : « المتمتع له المتعة الى زوال الشمس من يوم عرفة وله الحج الى زوال الشمس من يوم النحر » وهي على وفق القواعد ، إذ بزوال يوم عرفة يبدأ واجب آخر وبه ينتهي ظرف الواجب السابق .
ومرفوعة سهل عن ابي عبدالله عليه السلام في متمتع دخل يوم عرفة ، قال : متعة تامة الى ان يقطع التلبية » وقطع التلبية يكون بزوال عرفة ، وهذان النصان حاكمان على بقية النصوص ، ولايعارضان الطائفة السادسة ـ كما قدمناـ والفرض في المقام هو منتهى أمد عمرة التمتع ، ولاربط له بالوقوف بعرفة ، إذ حتى على القول المختار قد لايتسنى للحاج درك الواجب بأكمله من الوقوف كما إذا فرغ قبل الزوال بلحظة او عنده ، سيما في الازمنة السابقة .


( 23 )

العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفه ، وأما جواز العدول لو تمكّن من إتمامها قبل ذلك ـ في يوم التروية او بعده ـ فلا يخلو عن إشكال .
مسألة 14 : من كان فرضه حجّ التمتّع إذا علم قبل أن يحرم للعمرة ضيق الوقت عن إتمامها قبل زوال الشمس من يوم عرفه ، لم يجزئه العدول الى حج الافراد او القِران (1) ، بل يجب عليه الإتيان بحجّ التمتّع بعد ذلك إذا كان الحجّ مستقرا عليه .
مسألة 15 : إذا احرم لعمرة التمتّع في سعة الوقت ، وأخر الطواف والسعي متعمداً إلى زوال الشمس من يوم عرفة بطلت عمرته (2) ، ولايجزئه العدول إلى الافراد على الاظهر (3) ، وإن كان الاحوط (4) الاتيان باعماله رجاءا ، بل الاحوط أن يأتي بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو التقصير فيها بقصد الاعم من حج الافراد والعمرة
____________
(1) اذ مورد الجواز في الروايات فيما اذا تلبس بالعمرة ثم بَانَ الضيق .
(2) اذ صحتها منوطة بما اذا كان أداؤها قبل زوال الشمس من يوم عرفة.
(3) لكون الروايات الناصة على جواز العدول انما هي فيمن ضاق به الوقت بلا اختيار منه ، ولاتشمل فيما اذا كان الضيق بسبب سوء الاختيار .
(4) لاحتمال شمول إطلاقات الأدلة للعامد وغيره ، وقد قوى سيد المشايخ والاساتذة ـ الگلبيگاني ـ بطلان عمرته وانقلاب حجه الى الافراد .

( 24 )

المفردة .

حجّ الإِفراد

مر عليك أن حجّ التمتّع يتألّف من جزءين هما : عمرة التمتّع والحجّ ، والجزء الأول منه متّصل بالثاني ، والعمرة تتقدم على الحجّ .
وأما حجّ الإفراد فهو عمل مستقل في نفسه ، واجب مخيراً بينه وبين حجّ القِران ـ كما علمت ـ على أهل مكة ، ومن يكون الفاصل بين منزله وبين مكّة أقلّ من ستّة عشر فرسخاً ، وفيما إذا تمكن مثل هذا المكلف من العمرة المفردة وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضاً .
وعليه : فإذا تمكّن من أحدهما دون الاخر وجب عليه ما يتمكّن منه خاصّة ، وإذا تمكّن من أحدهما في زمان ومن الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته في كل وقت .
وإذا تمكّن منهما في وقت واحد وجب عليه ـ حينئذٍ ـ الإتيان بهما ، والمشهور بين الفقهاء (1) في هذه الصورة وجوب تقديم الحج
____________
(1) بل في المنتهى الاجماع عليه ، وفي الرياض أن ظاهر الاصحاب الاتفاق عليه .

( 25 )

على العمرة المفردة ، وهو الاحوط (1) .
مسألة 16 : يشترك حجّ الإفراد مع حجّ التمتّع في جميع أعماله ، ويفترق عنه في أمور :
أولا : يعتبر في حج التمتّع وقوع العمرة والحج في أشهر الحج من سنة واحدة ـ كما مر ـ ولايعتبر ذلك في حج الإفراد .
ثانيا : يجب النحر أو الذبح في حج التمتع ـ كما مر ـ ولا يعتبر
____________
(1) ومنشأه عدم استفادة ذلك من الاخبار ، فالدليل منحصر في الاجماع ان تم ، بل في بعض الاخبار جواز تقديم العمرة على حج الافراد ففي موثقة سماعة عن ابي عبدالله عليه السلام قال : «من حج معتمرا في شوال ... وإن اعتمر في شهر رمضان أو قبله وأقام الى الحج فليس بمتمتع ، وإنما هو مجاور أفرد العمرة ، فان هو أحب ان يتمتع في أشهر الحج بالعمرة الى الحج فليخرج منه حتى يجاوز ذات عرق او يجاوز عسفان فيدخل متمتعا بالعمرة الى الحج ، فإن هو أحب ان يفرد الحج فليخرج الى الجعرانة فيلبي منها» ومرسل الصدوق عن امير المؤمنين عليه السلام قال : أمرتم بالحج والعمرة فلا تبالوا بأيهما بدىء .
وعليه يمكن حمل كلام الاصحاب على وجوب الاتيان بالعمرة بعد الحج بمعنى ان من وجبت عليه العمرة المفردة ولم يأت بها فيجب عليه ان يأتي بها بعد حجه لاانهم بصدد اشتراط كون العمرة بعد الحج ، والله العالم .

( 26 )

شيء من ذلك في حج الإفراد .
ثالثا : الأحوط عدم تقديم الطواف والسعي على الوقوفين في حج التمتع (1) إلا لعذر ـ كما سيأتي في المسألة 322 ـ ويجوز ذلك
____________
(1) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بعدم الجواز ، ومنشأ احتياط الماتن دام ظله دلالة بعض النصوص على الجواز مطلقا ، كصحيحة ابن بكير وجميل عن ابي عبدالله عليه السلام انهما سألاه عن المتمتع يقدم طوافه وسعيه في الحج ، فقال: « هما سيّان قدمت أو أخرت » ، وصحيحة ابن الحجاج قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يتمتع ثم يهل بالحج فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة قبل خروجه الى منى ، فقال : لابأس» ، وصحيحة ابن يقطين قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن الرجل المتمتع يهل بالحج ثم يطوف ويسعى بين الصفا والمروة قبل خروجه الى منى ؟ قال : لابأس به » ، وصحيحة البختري عنه عليه السلام في تعجيل الطواف قبل الخروج الى منى ، فقال هما سواء أخّر ذلك أو قدمه يعني للمتمتع » وغيرها .
وروايات تعجيل الطواف والسعي للمريض والمرأة التي تخاف الحيض وامثالها ، لادلالة فيها على عدم جواز التقديم لغيرهم اذ يمكن ان تحمل على الافضلية لغيرهم ، مضافا الى ان لفظ التعجيل الوارد فيها لعله يفيد عكس المدعي اذ التعجيل غير التقديم وهو ظاهر فيما كان في الوقت دون الثاني ، واخبار ايقاع الطواف والسعي يوم النحر وكذا الترتيب بين اعمال منى والطواف والسعي لاتنافي جواز الترخيص قبله ، وحمل روايات الجواز على التقية في

( 27 )

في حج الافراد .
رابعا : إن إحرام التمتع يكون بمكة ، وأما الإحرام في حج الافراد فيختلف الحال فيه بالنسبة إلى أهل مكة وغيرهم كما سيأتي في فصل المواقيت .
خامسا : يجب تقديم عمرة التمتع على حجه ، ولايعتبر ذلك في حج الافراد (1) .
سادسا : لايجوز بعد إحرام حج التمتع الطواف المندوب على الاحوط وجوبا (2) ، ويجوز ذلك في حج الإفراد.
____________
غير محله ، اذ لم يحكى الجواز الا عن الشافعي والشيخ في الخلاف ادعى الاجماع على الجواز قبال العامة ، لكن مخالفة الشهرة العظيمة والاجماع المدعى في المقام أمر مشكل .
(1) وقد تقدم من الماتن الاحتياط في تأخير العمرة عن الحج كما هو المشهور فراجع .
(2) ذهب الشيخ وابن حمزة الى حرمة ذلك تبعا لبعض الروايات كصحيحة الحلبي قال : سألته عن رجل أتى المسجد الحرام وقد أزمع بالحج أيطوف بالبيت ؟ قال عليه السلام : نعم مالم يحرم » ، وصحيحة حماد وفيها «ولم يقرب البيت حتى يخرج مع الناس الى منى على احرامه » .
وبازائهما موثقة اسحاق قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتمتع

( 28 )

مسألة 17 : إذا أحرم لحجّ الإفراد ندبا جاز له أن يعدل إلى عمرة التمتع فيقصر ويحلّ (1) ، إلا فيما اذا لبىّ بعد السعي، فليس له العدول ـ حينئذ ـ إلى التمتع (2) .
مسألة 18 : إذا أحرم لحجّ الإفراد ودخل مكّة جاز له أن يطوف
____________
اذا كان شيخا كبيرا أو امرأة ... وسألته عن الرجل يحرم بالحج من مكة ثم يرى البيت خاليا فيطوف به قبل أن يخرج ، عليه شيء ؟ فقال : لا » ، ورواية عبدالحميد بن سعيد عن ابي الحسن عليه السلام قال : سألته عن رجل أحرم يوم التروية من عند المقام بالحج ، ثم طاف بالبيت بعد احرامه وهو لايرى أن ذلك لاينبغي ، اينقض طوافه بالبيت احرامه؟ فقال : لا ، ولكن يمضي على احرامه » .
قلت : وكلا الروايتين ليس فيهما ظهور على الجواز ، بل لعلهما من أدلة عدم الجواز ، اذ السؤال في كليهما عن الحكم الوضعي بعد الفراغ عن الحكم التكليفي ، فقوله عليه السلام في الاول «لا» راجع الى «عليه شيء» بمعنى ليس عليه شيء من حيث الحكم الوضعي ، اما الثانية فهي أوضح دلالة ، فالظاهر تبعا للشيخ وابن حمزة عدم جواز الطواف المستحب قبل الخروج الى عرفات.
(1) نصاً وإجماعاً .
(2) يشهد له موثقة اسحاق قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : رجل يفرد الحج فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ثم يبدو له أن يجعلها عمرة ، قال : إن كان لبى بعدما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له .