مسألة 218 : إذا علم مسبقا عجزه عن إتمام الطواف أو طرأ عليه العجز قبل إتمام الشوط الرابع استناب للتمام ، أما إذا طرأ عليه العجز بعد إتمام الشوط الرابع فالاقرب جواز الاستنابة للباقي فحسب (1) ·

صلاة الطواف

وهي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع .
وهي ركعتان يؤتى بهما عقيب الطواف وصورتها كصلاة الفجر ، ولكنه مخير في قراءتها بين الجهر والإخفات ، ويجب الإتيان بها قريبا من مقام ابراهيم عليه السلام ، والاظهر لزوم الاتيان بها خلف
________________
(1) يشهد له موثق اسحاق عن ابي الحسن عليه السلام في رجل طاف طواف الفريضة ثم اعتل علة لا يقدر معها على اتمام الطواف، فقال: إن كان طاف أربعة اشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تم طوافه، وإن كان طاف ثلاثة أشواط ولا يقدر على الطواف فإن هذا مما غلب الله عليه، فلا بأس بأن يؤخر الطواف يوماً ويومين، فإن خلته العلة عاد فطاف اسبوعاً، وإن طالت علته أمر من يطوف عنه اسبوعا، ويصلي هو ركعتين ويسعى عنه، وقد خرج من إحرامه وكذلك يفعل في السعي وفي رمي الجمار ·

(209)

المقام (1) .
فإن لم يتمكن من ذلك فالاحوط أن يجمع بين الصلاة عنده في أحد جانبيه ، وبين الصلاة خلفه بعيدا عنه (2) ، ومع تعذّر الجمع كذلك يكتفي بالممكن منهما ، ومع تعذرهما معا يصلي في أي مكان من المسجد مراعيا للأقرب فالأقرب إلى المقام (3) على الاحوط
____________
(1) لجملة من النصوص المستفيضة ، والعبرة بالخلفية الصدق العرفي .
(2) إذ الروايات في المقام على طائفتين ، الاولى وهي الاكثر التعبير فيها «خلف المقام» ، والثانية «عند المقام» ، والعندية أعم من الخلف والجانبين ، فتكون الطائفة الاولى مقيدة للثانية سيما بعد قوله عليه السلام في صحيحة معاوية «فإذا فرغت من طوافك فائت مقام ابراهيم فصل ركعتين ، واجعله إماما» فعند عدم التمكن من الخلف القريب فهل يصلي خلفه من بعيد أو عند أحد جانبية ، لعل الترجيح للاول ، والشاهد له صحيحة الحسين بن عثمان قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام يصلي ركعتين طواف الفريضة بحيال المقام قريبا من ظلال المسجد » ورواه الشيخ بزيادة «لكثرة الناس» في ذيله ، وحياله قباله وقمت حياله أي قمت قبالته كما في المصباح المنير وغيره ، وكذا قوله عليه السلام في الصحيحة المتقدمة «واجعله اماما» فيصدق ولو كان من بعيد بخلاف احد الجانبين .
(3) كما عن غير واحد ، لالقاعدة الميسور بل لكون الخلفية والعندية لها مراتب متفاوتة .

( 210 )

الاولى ، ولو تيسرت له إعادة الصلاة خلف المقام قريبا منه بعد ذلك إلى أن يضيق وقت السعي أعادها على الأحوط الأولى (1) .
هذا في الطواف الفريضة ، وأما في الطواف المستحب فيجوز الإتيان بصلاته في أي موضع من المسجد اختيارا (2) .
مسألة 219 : من ترك صلاة الطواف عالما عامدا بطل حجه على الاحوط (3) .
مسألة 220 : الأحوط المبادرة إلى الصلاة بعد الطواف (4) بمعنى
____________
(1) وهو حسن على كل حال .
(2) نصاً واجماعاً .
(3) خلافا لما نسب للمشهور من صحة الحج ووجوب الاتيان بها ، وجزم سيد الفقهاء والمجتهدين الخوئي وبقية أعاظم تلامذته بفساد حجه لاستلزامه فساد السعي المترتب عليها ، وهو ماأشكله صحابي المدارك والذخيرة في صحة الافعال المتأخرة عنهما ، إلا ان الكلام في الجزم بترتب السعي عليها كترتبه على نفس الطواف .
(4) وجزم السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته بوجوب المبادرة العرفية وقواه بعضهم ، لجملة من النصوص ، ففي صحيحة محمد بن مسلم قال : سألت ابا جعفر عليه السلام عن رجل طاف طواف الفريضة وفرغ من طوافه حين غربت الشمس ، قال : وجبت عليه تلك الساعة الركعتان ،

=


( 211 )

أن لايفصل بين الطواف والصلاة عرفا (1) .
* مسألة 221 : الاخلال بالموالاة والمبادرة بين الطواف وصلاته لايؤدي الى بطلان الحج أو العمرة في حد ذاته ، بل لو أخل به عمداً لزمه اعادة الطواف وصلاته احتياطاً ، وإذا فات الوقت بحيث لم يمكن تداركه بطل حجه على الاحوط ، ولو أخل به عن جهل قصوري ـ سواء كان جاهلا مركبا او معتمداً على حجة شرعية ـ أو أخل به نسيانا ولم يعلم ولم يتذكر إلا بعد الصلاة حكم بصحة صلاته
____________
=
فليصلهما قبل المغرب » وفي صحيحة ابن حازم عنه عليه السلام «ولاتؤخرها ساعة اذا طفت فصل» وغيرها ، وفي قبالها صحيحة ابن يقطين قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن الذي يطوف بعد الغداة وبعد العصر وهو في وقت الصلاة أيصلي ركعات الطواف نافلة كانت أو فريضة ؟ قال : لا » فيمكن حمل الطائفة الاولى على نفي الكراهة بإتيان الصلاة في الاوقات المكروهة ، إذ إلتزم جماعة من العامة بكراهة ذلك ، ويؤيده عدم تعرض القدماء من الاصحاب لوجوب المبادرة ، فتدبر .
(1) * والظاهر أن الفصل بينهما بزمان يسير كعشر دقائق للاستراحة أو لتحصيل مكان افضل أو أنسب للصلاة ونحو ذلك لاينافي المبادرة العرفية بخلاف الاشتغال بعمل مستقل آخر كالصلاة قضاءً عن النفس أو نيابة عن الغير ونحو ذلك .

( 212 )

وطوافه ولاشيء عليه ، وكذا إذا كان مضطراً الى الفصل بينهما .
مسألة 222 : إذا نسي صلاة الطواف وذكرها بعد الإتيان بالأعمال المترتبة عليها ـ كالسعي ـ أتى بها ولم تجب إعادة تلك الأعمال بعدها (1) ، وإن كانت الإعادة أحوط (2) .
نعم ، إذا ذكرها في اثناء السعي قطعه وأتي بالصلاة خلف المقام، ثم رجع وأتم السعي حيثما قطع (3) ، وإذا ذكرها بعد خروجه من مكّة فالاحوط له الرجوع والاتيان بها في محلها (4) إذا لم يستلزم
____________
(1) لدلالة جملة من الروايات عليه .
(2) رعاية للترتيب ، مع عدم الإشارة إليه في النصوص أصلا .
(3) تشهد له عدة من النصوص ، ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام أنه قال في رجل طاف طواف الفريضة ، ونسي الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة ثم ذكر ، قال : يعلم ذلك المكان ثم يعود فيصلي الركعتين ، ثم يعود الى مكانه » وفي صحيحة ابن مسلم قال : سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم ينسى أن يصلي حتى يسعى بين الصفا والمروة خمسة أشواط أو أقل من ذلك، قال : ينصرف حتى يصلي الركعتين ثم يأتي مكانه الذي كان فيه فيتم سعيه .
(4) والنصوص متعددة الألسن ، بعضها توجب الرجوع مطلقا، وبعضها لاتوجبه مطلقا ، وثالثة تفصل بين الخروج قليلا وغيره ، ورابعة تخيّر بين

( 213 )

ذلك مشقّة ، وإلا أتى بها في أي موضع ذكرها فيه ، ولايجب عليه الرجوع لأدائها في الحرم وإن كان متمكنا من ذلك (1) .
وحكم التارك لصلاة الطواف جهلا حكم الناسي (2) ، ولافرق في الجاهل بين القاصر والمقصر (3) .
مسألة 223 : إذا مات الشخص وعليه صلاة الطواف فالأحوط وجوبا (4) أن يقضيها عنه ولده الأكبر مع توفير الشرائط المذكورة في
____________
قضائها بنفسه او الاستنابة ، والمستفاد من الجمع بينها هو التفصيل بين المضي قليلا فيجب الرجوع وإلا فلا يجب مطلقا للنصوص الدالة على وجوب الرجوع اذا وصل الى الابطح ، والتي تدل على عدم الرجوع اذا وصل الى منى .
(1) لقوله عليه السلام في صحيحة ابي بصير : إن كان ارتحل فإني لاأشق عليه ولاآمره أن يرجع ولكن يصلي حيث يذكر » وفي معتبرة ابن سدير قال : زرت فنسيت ركعتي الطواف فأتيت أبا عبدالله عليه السلام وهو بقرن الثعالب فسألته ، فقال : صلّ في مكانك.
(2) لصحيحة جميل عن أحدهما عليهما السلام : أن الجاهل في ترك الركعتين عند مقام إبراهيم بمنزلة الناسي .
(3) أما القاصر فلاطلاق النص وغيره ، وأما المقصّر فله .
(4) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بوجوب القضاء على الولي ، ولعله لصحيحة ابن يزيد عنه عليه السلام : من نسي أن يصلي ركعتين طواف الفريضة حتى خرج من مكة فعليه أن يقضي أو يقضي عنه وليه او رجل من

( 214 )

باب قضاء الصلوات .
مسألة 224 : إذا كان في قراءة المصلي لحن فإن لم يكن متمكنا من تصحيحها أجزأه قراءة الحمد على الوجه الملحون ، إذا كان يحسن منها مقدارا معتدا به (1) ، وإلا فالاحوط أن يضم الى قراءته الملحونة قراءة شيء يحسنه من سائر القرآن ، وإلا فالتسبيح .
وإذا ضاق الوقت عن تعلّم جميعه فإن تعلم بعضه بمقدار معتد به قرأه ، وإن لم يتعلم بعضه أيضا قرأ من سائر القرآن بمقدار يصدق عليه قراءة القرآن عرفا ، وإن لم يعرف أجزأه أن يسبح (2) .
هذا في الحمد ، وأما السورة فالظاهر سقوطها عن الجاهل بها مع
___ _________
المسلمين » وصحيحة البختري عنه عليه السلام في الرجل يموت وعليه صلاة أوصيام ، قال : يقضي عنه أولى الناس بميراثه » ولفظ الصلاة يتناول المقام ، وقد توقف الماتن دام ظله في باب الصلاة والصيام بوجوب قضائهما على الولد الاكبر ، والظاهر ان الاحتياط ليس في أصل وجوب القضاء وإنما في تعيّنه على الولد الاكبر .
(1) اذ وظيفته لاتزيد على ذلك لعدم القدرة .
(2) ففي صحيحة ابن سنان قال عليه السلام : ان الله فرض من الصلاة الركوع والسجود ألا ترى لو أن رجلا دخل في الاسلام لايحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبر ويسبح ويصلي .

( 215 )

العجز عن التعلم .
ثم إن ماذكر حكم كل من لم يتمكن من القراءة الصحيحة وإن كان ذلك بسوء اختياره ، نعم ، الاحوط الاولى في هذا الفرض أن يجمع بين الإتيان بالصلاة على الوجه المتقدم والإتيان بها جماعة والاستنابة لها (1) .
مسألة 225 : إذا كان جاهلا باللحن في قراءته وكان معذورا في جهله صحت صلاته ، ولاحاجة إلى الاعادة وإن علم بذلك بعد الصلاة (2) ، وأما اذا لم يكن معذورا فاللازم عليه إعادتها بعد التصحيح (3) ، ويجري عليه حكم تارك صلاة الطواف نسيانا (4) .
____________
(1) جمعا بين المحتملات في المسألة .
* الصلاة جماعة في صلاة الطواف غير ثابتة ، ومن اقتدى بمن يصلي اليومية ، فالصحة محل اشكال والاحوط عدم الاكتفاء به .
(2) لقاعدة لاتعاد الصلاة إلا من خمس .
(3) ان قلنا بعدم شمول القاعدة للمقصر .
(4) كما هو مقتضى صحيحة جميل من التسوية بين الجاهل والناسي فراجع .

( 216 )

السعي

وهو الرابع من واجبات عمرة التمتع .
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ، ولايعتبر فيه ستر العورة (1) ولا الطهارة من الحدث والخبث (2) ، والاولى رعاية الطهارة فيه (3) .
مسألة 226 : محل السعي إنما هو بعد الطواف وصلاته ، فلو قدمه على الطواف أو على صلاته وجبت عليه الإعادة بعدهما (4) وقد تقدم حكم من نسي الطواف وتذكره بعد سعيه .
مسألة 227 : يعتبر في نية السعي التعيين ، بأن يأتي به للعمرة إن كان في العمرة ، وللحج إن كان في الحج .
مسألة 228 : السعي سبعة أشواط ، يبتدىء الشوط الأول من الصفا
____________
(1) لعدم الدليل عليه .
(2) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية : لابأس أن تقضي المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف فان فيه الصلاة ، والوضوء أفضل .
(3) كما هو مقتضي ذيل الصحيحة المتقدمة ، وموثقة ابن فضال عنه عليه السلام قال : لاتطوف ولاتسعى إلا بوضوء .
(4) لاخلاله بالترتيب ، وتدل عليه جملة من النصوص .

( 217 )

وينتهي بالمروة ، والشوط الثاني عكس ذلك ، والشوط الثالث مثل الاول ، وهكذا إلى أن يتم السعي في الشوط السابع بالمروة .
ويعتبر فيه استيعاب تمام المسافة الواقعة بين الجبلين في كل شوط ، ولايجب الصعود عليهما وإن كان ذلك أولى وأحوط (1) .
والاحوط مراعاة الاستيعاب الحقيقي بأن يبدأ الشوط الاول مثلا من أول جزء من الصفا ثم يذهب إلى أن يصل إلى أول جزء من المروة، وهكذا .
مسألة 229 : لو بدأ بالمروة قبل الصفا ولو سهواً ألغى ما أتى به واستأنف السعي من الأول (2) .
مسألة 230 : لايعتبر في السعي أن يكون ماشيا ، فيجوز السعي راكبا على حيوان او غيره ، ولكن المشي افضل (3) ·
* مسألة 231 : لايجوز اختياراً السعي راكبا الكراسي المتحركة اذا كان المتولي لتحريكها شخص آخر ، لكونه من السعي به لا السعي بنفسه .
____________
(1) كما هو ظاهر عدة من الروايات .
(2) تشهد له صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ماسعى ويبدأ بالصفا قبل المروة .
(3) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية : والمشي افضل .

( 218 )

* مسألة 232 : يجوز الاتيان بالسعي ركضاً (1) ، لكن المستحب هو الهرولة بين المنارتين لا العدو .
مسألة 233 : يعتبر في السعي أن يكون ذهابه وإيابه ـ فيما بين الصفا والمروة ـ من الطريق المتعارف فلا يجزىء الذهاب أو الاياب من المسجد الحرام أو أي طريق آخر ، نعم لايعتبر أن يكون ذهابه وإيابه بالخط المستقيم .
مسألة 234 : يجب استقبال المروة عند الذهاب إليها ، كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع من المروة إليه ، فلو استدبر المروة عند الذهاب إليها أو استدبر الصفا عند الإياب من المروة لم يجزئه ذلك (2) ، ولابأس بالالتفات بصفحة الوجه إلى اليمين واليسار أو
____________
(1) لصدق السعي بين الجبلين ، ففي صحيحة معاوية عن أبي عبدالله عليه السلام قال : صار السعي بين الصفا والمروة لان إبراهيم عليه السلام عرض له ابليس فأمره جبرئيل عليه السلام فشدّ عليه فهرب منه فجرت به السنة .
(2) للسيرة الجارية ، وانصراف النصوص عن المشي القهقري ، والظاهر أن الجزم بعدم الاجزاء مطلقا حتى لو كان المشي بمقدار خطوة او خطوتين بحاجة الى جرأة ، اذ يكفي الصدق العرفي للتطوف بين الصفا والمروة .

( 219 )

الخلف عند الذهاب أو الاياب .
* مسألة 235 : الطابق الثاني من المسعي إن كان بين الجبلين لافوقهما جاز السعي منه ، وإلا لم يجز (1) ، ومن سعى فيه بتخيل الجواز فحكمه حكم من ترك السعي جاهلا .
مسألة 236 : الاحوط مراعاة المولاة العرفية (2) في السعي كالطواف ، نعم لابأس بالجلوس في أثنائه على الصفا او المروة او فيهما للاستراحة (3) ، وإن كان الاحوط ترك الجلوس فيما بينهما إلا
____________
(1) لاشتراط السعي بين الصفا والمروة ، لقوله تعالى ( ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) ، فإذا لم يكن للجبل بروز في الطابق الثاني ـ كما هو الان ـ فليس هو سعي بين الصفا والمروة بل سعي فوق الصفا والمروة ، مضافا الى الشك في إجزائه فمقتضى الاصل عدمه .
(2) اذ لايصدق على العمل المركب من أجزاء متعددة عمل واحد اذا كان الفصل بين الاجزاء طويلا ، وذهب المشهور الى عدم وجوب الموالاة ، ولعله منشأ احتياط الماتن دام ظله .
(3) كما هو المشهور ، لصحيحة الحلبي قال : سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل يطوف بين الصفا والمروة ، ايستريح ؟ قال نعم، إن شاء جلس على الصفا والمروة وبينهما فليجلس .

( 220 )

من جهد (1) .
كما لابأس بقطعة لدرك وقت فضيلة الفريضة ثم البناء عليه من موضع القطع بعد الفراغ منها (2) ، ويجوز أيضا قطع السعي لحاجة ، بل مطلقا (3) ، ولكن الأحوط ـ مع فوات الموالاة ـ أن يجمع بين تكميله وإعادته .

أحكام السعي

السعي من أركان الحج ، فمن تركه عمداً عالماً بالحكم أو جاهلاً به أو بالموضوع إلى زمان لايمكنه إتمام أعمال العمرة قبل
____________
(1) بل يكره ذلك لقوله عليه السلام في صحيحة عبدالرحمن : لايجلس بين الصفا والمروة إلا من جهد .
(2) ففي موثقة ابن فضال عنه عليه السلام قال : سعيت شوطاً واحدا ثم طلع الفجر ، فقال : صل ثم عد فأتم سعيك .
(3) ففي معتبرة الازرق قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة اشواط أو أربعة ثم يلقاه الصديق له فيدعوه الى الحاجة أو الى الطعام ، قال : إن أجابه فلا بأس .

( 221 )

زوال الشمس من يوم عرفة بطل حجه (1) ، وكان حكمه حكم من ترك الطواف كذلك ، وقد تقدم في أول الطواف .
مسألة 237 : لو ترك السعي نسياناً أتى به متى ما ذكره وإن كان تذكره بعد فراغه من أعمال الحج ، ولو لم يتمكن منه مباشرة أو كان فيها حرج ومشقة استناب غيره ، ويصح حجه في كلتا الصورتين (2) .
مسألة 238 : من لم يتمكن من مباشرة السعي في الوقت المحدد له ولو بمساعدة شخص آخر ، وجب أن يستعين بغيره ليسعى به ، ولو بأن يحمله على متنه او على عربة أو نحوها ، وإن لم يتمكن من هذا أيضا استناب غيره ، ومع عدم القدرة على الاستنابة كالمغمي عليه يسعى عنه وليه أو غيره ويصح حجه (3) .
____________
(1) نصاً واجماعاً .
(2) تدل عليه عدة من النصوص ، ففي صحيحة معاوية عن ابي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : رجل نسي السعي بين الصفا والمروة ، قال : يعيد السعي ، قلت : فانه خرج ، قال يرجع فيعيد السعي ، ان هذا ليس كرمي الجمار، ان الرمي سنة ، والسعي بين الصفا والمروة فريضة .
وسيأتي من الماتن حكم من نسي بعض الاشواط .
(3) اذ الواجب اولا ان يسعي الحاج فان لم يقدر استعان بالاخرين فان لم يقدر استناب .

( 222 )

* مسألة 239 : لو عجز عن السعي في البعض استناب للجميع ، لعدم الدليل على صحة النيابة في البعض .
* مسألة 240 : اذا لم يكن قادراً على السعي بنفسه وطلب منه أصحاب الكراسي للسعي به مبلغاً كبيراً يعدّ مجحفا بحاله ففي هذه الحالة يجوز له استنابة غيره للسعي عنه (1) .
مسألة 241 : الاحوط المبادرة الى السعي بعد الفراغ من الطواف وصلاته ، وإن كان الظاهر جواز تأخيره إلى الليل لرفع التعب أو التخفيف من شدة الحر ، بل مطلقا على الاقوى (2) ، نعم لايجوز تأخيره الى الغد في حال الاختيار (3) .
مسألة 242 : حكم الزيادة في السعي حكم الزيادة في الطواف ،
____________
(1) ( يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر ) .
(2) ففي صحيحة ابن سنان قال : سألته عن الرجل يقدم مكة وقد اشتدّ عليه الحر فيطوف بالكعبة ويؤخر السعي الى ان يبرد ، فقال: لابأس وربما فعلته ، قال : وربما رأيته يؤخر السعي الى الليل .
(3) لصحيحة العلا قال : سألته عن رجل طاف بالبيت فأعي ، أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة الى غد ؟ قال : لا » إلا أنها منصرفة ـ على الظاهر ـ عمّا اذا جاء بالطواف قبل صلاة الصبح بقليل .

( 223 )

فيبطل السعي إذا كانت الزيادة عن علم وعمد (1) على ماتقدم في الطواف .
نعم ، إذا كان جاهلا بالحكم فالاظهر عدم بطلان السعي بالزيادة (2) وإن كان الإعادة أحوط (3) .
مسألة 243 : إذا زاد في سعيه خطأ صح سعيه ، ولكن الزائد إذا كان شوطا أو أزيد يستحب له أن يكمله سبعة أشواط ليكون سعيا كاملا غير سعيه الاول (4) ، فيكون انتهاؤه الى الصفا .
* مسألة 244 : مرشد الحجاج إذا تقدم وتأخر أثناء سعيه وهو غافل عن كونه زيادة في السعي فإن كان جاهلا قاصراً لم يضر بصحة سعيه (5) .
____________
(1) كما تدل عليه بعض النصوص .
(2) تشهد له صيححة جميل قال : حججنا ونحن صرورة فسعينا بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا ، فسألت ابا عبدالله عليه السلام عن ذلك فقال: لابأس سبعة لك وسبعة تطرح .
(3) لاطلاق بعض الروايات .
(4) لقوله عليه السلام في صحيحة ابن مسلم : وإذا استيقن انه سعي ثمانية أضاف اليها ستاً.
(5) والظاهر كذلك حتى لو كان جاهلا مقصراً ، ففي صحيحة هشام بن

=


( 224 )

ويشكل سعي من شاهد الناس يهرولون في المسعى فظن أن ذلك شيء واجب فرجع القهقري وواصل سعيه مهرولا ، إلا اذا كان جاهلا قاصراً .
مسألة 245 : إذا نقص من اشواط السعي عامد ـ عالما بالحكم أو جاهلا به ـ فحكمه حكم من ترك السعي كذلك (1) وقد تقدم .
وأما إذا كان النقص نسيانا فيجب عليه تدارك المنسي متى ماذكر سواء كان شوطاً واحدا أم أزيد على الاظهر (2) .
____________
=
سالم قال : سعيت بين الصفا والمروة أنا وعبيد الله بن راشد فقلت له : تحفظ علي، فجعل يعد ذاهباً وجائياً شوطاً واحداً ، فبلغ مثل ذلك ، فقلت له : كيف تعد ؟ قال : ذاهباً وجائيا شوطاً واحداً ، فأتممنا أربعة عشر شوطاً ، فذكرنا لابي عبدالله عليه السلام فقال : قد زادوا على ما عليهم ليس عليهم شيء » فإذا كان الزيادة في الشوط بأكمله جهلا ليست مخلة بالسعي فكذلك جزء الشوط ، مضافا الى اتحاد حكم الناسي والجاهل في كثير من الاحكام في الحج ، والله العالم .
(1) اذ ترك الجزء ترك للكل كما لايخفي .
(2) لعله لصحيحة سعيد بن يسار قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام رجل متمتع سعي بين الصفا والمروة ستة أشواط ، ثم رجع الى منزله وهو يرى أنه قد فرغ منه وقلم أظافره وأحل ، ثم ذكر انه سعى ستة أشواط ، فقال لي

=


( 225 )

ولو كان تذكره بعد مضي وقته ـ بأن تذكر وقوع النقص في سعي عمرة التمتع وهو بعرفات ، أو التفت إلى وقوع النقص في سعي الحج بعد مضي شهر ذي الحجة ـ فالاحوط أن يعيد السعي بعد التدارك (1) ، وإذا لم يتمكن منه مباشرة أو كان فيه حرج عليه استناب غيره ، والاحوط أن يجمع النائب بين تدارك الأشواط وإعادة السعي.
____________
=
يحفظ أنه قد سعي ستة أشواط ، فان كان يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطا وليرق دما ، فقلت : دم ماذا؟ قال : بقرة » ولاخصوصية للشوط الواحد ، وصحيحة معاوية وفيها « فإن سعى الرجل اقل من سبعة اشواط ثم رجع إلى اهله فعليه أن يرجع ليسعى تمامه ، وليس عليه شيء » ومثلهما مصححة ابن مسكان الاتية .
وأما مرسل الكافي عن احمد الحلال عن ابي الحسن عليه السلام قال : سألته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثم اعتلت ، قال : إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بالصفا والمروة وجاوزت النصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت ، فإذا هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله » ومثله حسنة ابي بصير ، فيمكن أن يكون الحكم في الذيل مختص بالطواف إذ لاتشترط الطهارة في السعي فتأمل .
(1) مقتضي اطلاق صحيحة سعيد كفاية الإتمام مطلقا .

( 226 )

مسألة 246 : إذا نقص شيئا من السعي في عمرة التمتع نسيانا فأحل لاعتقاد الفراغ من السعى فالاحوط لزوم التكفير عن ذلك ببقرة (1) ، ويلزمه اتمام السعي على النحو الذي ذكرناه .
* وأما اذا وقع النقصان جهلا بعدد أشواط السعي مثلا (2) ، او كان ذلك في العمرة المفردة (3) ،
____________
(1) واستظهره السيد الخوئي وجزم به بعض أعاظم تلامذته ، وتشهد له صحيحة سعيد بن يسار المتقدمة ، فتكون مخصصة للعمومات الدالة على ان الناسي لاشيء عليه في غير الصيد .
ولا تنافيها مصححة ابن مسكان قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط وهو يظن أنه سبعة ، فذكر بعد ما أحل وواقع النساء أنه انما طاف ستة أشواط ؟ قال : عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطا آخر » اذ الفرض من سؤال الراوي نعم لو كان من الامام عليه السلام لامكن القول بإعتبار الامرين معا فتقيد إطلاق الصحيحة المتقدمة بما اذا احلّ وجامع .
(2) لكون مورد الروايتين المتقدمتين النسيان ، فينفي عن الجاهل الكفارة بالعمومات الدالة على ان كل من ارتكب امرا بجهالة في الحج فلا كفارة عليه .
(3) اقتصاراً على مورد النصين بعد كونه خلافا للعمومات ، ومورده عمرة التمتع كما لايخفي على من تدبر في كليهما .

=


( 227 )

أو الحج (1) فلا تلزمه الكفارة بل يتم سعيه ويعيد التقصير ولا شيء عليه .
* مسألة 247 : إذا قصر المعتمر قبل أن يسعى عالما عامدا ، فعليه كفارة التقليم (2) إذا كان تقصيره به بناءً على الاكتفاء به في التقصير ، وإما اذا كان التقصير بقص شيء من شعره فالاظهر عدم ثبوت الكفارة عليه (3) وإن كان آثما .
____________
=
ولايبعد لزوم الاقتصار على ستة أشواط لكونه مورداً للخبرين ، الا مع القول بعدم الخصوصية ، والقطع به مشكل في المقام المخالف للقواعد والعمومات .
(1) كذا في ملحق المناسك والظاهر أنها من زيادات الكتّاب ، إذ لاتقصير بعد السعي في الحج مطلقا ، إلا اذا قدمه على الطوافين فيمكن تصوره.
(2) وقد مر ذكرها مفصلا فراجع .
(3) وقد تقدم منه دام ظله أن من نتف شعر لحيته او غيرها فعليه أن يطعم مسكينا بكف من الطعام ، وإذا امر المحرم يده على رأسه او لحيته عبثا فسقطت شعرة او اكثر فليتصدق بكف من طعام ، فالكفارة المنفية هنا هي الدم.
إلا ان يقال : ان الكفارة مترتبة على النتف أما قص شيء من الشعر فلا لعدم الدليل ، نعم إزالة الشعر مطلقا سواء بالنتف او القطع لاتجوز للمحرم لعموم قوله عليه السلام في الصحيح « لابأس أن يحتجم المحرم مالم يحلق او

( 228 )

أما إذا كان جاهلاً فلا شيء عليه وعليه الاتيان بالسعي ثم التقصير ، وقد مر حكم الناسي لبعض الاشواط في المسألة السابقة .
* مسألة 248 : إذا تخلى الساعي عما أتى به من الاشواط واستأنف السعي ، فإن كان بعد فوات الموالاة العرفيه صح سعيه ، وإلا اشكل صحته ، نعم لو فعل ذلك عن جهل قصوري فالاظهر الصحة .
* مسألة 249 : لو استدبر المروة أو الصفا ـ بسبب الزحام أو رؤية شخص ـ وهو متجه الى أحدهما ، لم يجزئه ، فعليه الرجوع وتدارك المقدار الذي وقع الاخلال به .
* مسألة 250 : يجوز قطع السعي اختياراً على الاظهر (1) ، وليستأنف بعد فوات الموالاة العرفية .
* مسألة 251 : اذا علم ببطلان سعيه في العمرة بعد التقصير فهو باق على إحرامه ، وعليه أن يجتنب عن محرمات الاحرام ، إلى أن
____________
=
يقطع الشعر » ، وقوله «لايأخذ المحرم من شعر الحلال » .
(1) يدل عليه صحيح الازرق قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم يلقاه الصديق له فيدعوه الى الحاجة او الى الطعام قال : ان أجابه فلا بأس ، ولكن يقضي حق الله عز وجل أحب اليّ من أن يقضي حق صاحبه .

( 229 )

يحل من احرامه باكمال نسكه .

الشك في السعي

لا اعتبار بالشك في عدد أشواط السعي أو في صحتها بعد التجاوز عن محله (1) ، كما لو كان الشك فيه في عمرة التمتع بعد التقصير أو في الحج بعد الشروع في طواف النساء .
ولو شك في عدد الأشواط بعد الانصراف من السعي ، فإن كان شكه في الزيادة بنى على الصحة (2) ، وإن كان شكه في النقيصة وكان ذلك قبل فوات الموالاة بطل سعيه (3) ، وكذا إذا كان بعده على الاحوط (4) .
مسألة 252 : إذا شك في الزيادة في نهاية الشوط ، كما لو شك وهو على المروة في أن شوطه الأخير كان هو السابع أو هو التاسع فلا
____________
(1) لقاعدة الفراغ .
(2) لليقين بالسبعة والشك في الزائد فيجري استصحاب عدمه.
(3) لقوله عليه السلام في صحيحة ابن يسار : وإن لم يكن حفظ انه قد سعى ستة فليعد فليبتدىء السعي حتى يكمل سبعة اشواط .
(4) لاطلاق الصحيحة المتقدمة .

( 230 )

اعتبار بشكّه ويصحّ سعيه (1) ، وإذا كان هذا الشك في اثناء الشوط بطل سعيه ووجب عليه الاستئناف (2) .
مسألة 253 : حكم الشك في عدد الأشواط في أثناء السعي حكم الشك في عدد أشواط الطواف في أثنائه ، فيبطل السعي به مطلقا .

التقصير

وهو الواجب الخامس في عمرة التمتع .
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ، ويتحقق بقص شعر الرأس أو اللحية أو الشارب ، ولايكفي فيه النتف بدلا عن القص على الاظهر (3) ، والمشهور تحققه بأخذ شيء من ظفر اليد والرجل أيضا ، ولكن الاحوط عدم الاكتفاء به وتأخير الإتيان به عن الأخذ من الشعر (4) .
____________
(1) لصحيحة الحلبي المتقدمة في الطواف فراجع .
(2) كما هو مقتضى صحيحة ابن يسار المتقدمة .
(3) لعدم النص عليه في النصوص ، فراجع .
(4) لعدم وروده في النصوص بمفرده ، بخلاف قص الشعر ، وذهب السيد الخوئي وأعاظم تلامذته الى كفايته تبعا للمشهور .

( 231 )

* مسألة 254 : إذا نتف شعر لحيته أو شاربه باعتقاد كفاية ذلك في التقصير ثم أحرم لحج التمتع ، فالظاهر انقلاب حجه الى الافراد فيأتي بعمرة مفردة بعده إن تمكن ، والاحوط الاولى اعادة الحج في سنة اخرى أيضا .
مسألة 255 : يتعين التقصير في احلال عمرة التمتع ولايجزىء عنه حلق الرأس ، بل يحرم الحلق عليه (1) ، وإذا حلق لزمه التكفير عنه بشاة إذا كان عالما عامداً (2) ، بل مطلقا علىالاحوط الاولى (3) .
مسألة 256 : إذا جامع بعد السعي وقبل التقصير فإن كان عالما عامداً فعليه كفارة بدنة ـ كما تقدم في تروك الاحرام ـ وإن كان جاهلا فلا شيء عليه على الاظهر (4) .
____________
(1) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية : وليس في المتعة إلا التقصير .
(2) لصحيحة جميل عنه عليه السلام عن متمتع حلق رأسه بمكة ، قال : إن كان جاهلا فليس عليه شيء وإن تعمد ذلك في اول شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شيء وإن تعمد بعد الثلاثين يوما التي يوفر فيها الشعر للحج فإن عليه دما يهريقه .
(3) خروجا عن خلاف المحقق رحمه الله .
(4) كما هو مقتضى صحيحة معاوية الدهني قال : سألت ابا عبدالله عليه
( 232 )

السلام عن متمتع وقع على أهله ولم يقصر ، قال : ينحر جزورا وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما، وإن كان جاهلا فلا شيء عليه .
ودعوى : سيد الفقهاء والمجتهدين ان هناك اختلاف في النسخ بزعم ان الكليني رواها في موردين مورد بلفظ «لم يزر» ومورد آخر بلفظ «لم يقصر» وكذلك رواها الشيخ عن الكليني بكلا اللفظين ، وحيث انا لانعلم ايهما الصادر عن الامام فلا يمكن الاستدلال بها .
ليست بصحيحة : اذ كتاب معاوية هو مجموعة من الاسئلة طرحها على الامام عليه السلام ، فتارة سأله فيمن لم يقصر في العمرة وجامع واخرى فيمن لم يزر وجامع ، ولذا ذكر الشيخ والكليني الرواية في بابين ولو كان ثّمة اختلاف في النسخ لاشارا إليه ، مضافا الى أن الصدوق رواها من كتاب معاوية بلفظ «ولم يقصر» قال : وسأله معاوية عن رجل متمتع وقع على امرأته ولم يقصر : قال ينحر جزورا وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما ، وإن كان جاهلا فلا شي عليه ، قال : وقلت له : متمتع قرض من أظفاره بأسنانه وأخذ من شعره بمشقص فقال : لابأس به ليس كل أحد يجد الجلم » ـ الفقيه رقم 2745 ـ ورواها الشيخ أيضا من كتاب صفوان عن معاوية مع حذف الذيل بنفس اللفظة، فلا بد من المصير الى القول بتعدد الرواية ، أو سقوط رواية الكليني فقط عن الحجة لانها منشأ الاختلاف .
أما صحيحة الحلبي قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : جعلت فداك انّه لمّا قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم اُقصّر ؟ قال : عليك بدنة ، قال : قلت : انّي لمّا آتيتها قرضت بعض شعرها بأسنانها ، فقال: رحمها الله كانت أفقه

=


( 233 )

مسألة 257 : محلّ التقصير بعد السعي ، فلا يجوز الإتيان به قبل الفراغ منه .
مسألة 258 : لاتجب المبادرة إلى التقصير بعد السعي ، ويجوز فعله في أي محلّ شاء (1) ، سواء كان في المسعى أم في منزله أم في غيرهما * ويجوز أن يكون خارج مكة أيضا ، وإن كان الاولى رعاية الاحتياط (2) .
مسألة 259 : إذا ترك التقصير عمداً فأحرم للحج ، فالظاهر بطلان عمرته وانقلاب حجه الى الإفراد ، فيأتي بعمرة مفردة بعده إن تمكن (3) ،
____________
=
منك ، عليك بدنة وليس عليها شيء » فقوله عليه السلام «رحمها الله كانت أفقه منك» ليس بالضرورة ان الحلبي كان جاهلا بالمسألة ، ومع التسليم فهي ظاهر في الكفارة وصحيحة معاوية ناصة بعدمها فيقدم النصف على الظاهر ، مضافا الى إعراض المشهور عنها فيما اذا كانت تستوجب الكفارة فتدبر .
(1) لعدم الدليل على كلا الشّقين .
(2) تأسياً بالائمة عليهم السلام ، ولاحتمال التعيّن في مكة كتعينه يوم النحر في منى .
(3) تشهد له موثقة ابي بصير عنه عليه السلام قال : المتمتع إذا طاف

=


( 234 )

والاحوط إعادة الحج في سنة أخرى أيضا (1) .
مسألة 260 : إذا ترك التقصير نسياناً فأحرم للحج صحت عمرته وصح إحرامه (2) ، والاحوط الاولى التكفير عن ذلك بشاة (3) .
مسألة 261 : إذا قصر المحرم في عمرة التمتع حلّ له جميع ماكان يحرم عليه من جهة إحرامه حتى الحلق على الاظهر (4) ، وإن كان
____________
=
وسعى ثم لبى بالحج قبل أن يقصر ، فليس له أن يقصر وليس له متعة » ومصححة العلاء بن الفضيل قال : سألته عن رجل متمتع طاف ثم أهل بالحج قبل أن يقصر ؟ قال : بطلت متعته هي حجة مبتولة » وفي اسنادها محمد بن سنان وهو ثقة وعدل على الاصح .
(1) لانقلاب حجه وفرضه الى الافراد كما هو صريح مصححة العلا ، نعم الاحتياط الاستحبابي حسن خروجا عن مخالفة الروضة والمسالك .
(2) تبعا لجملة من النصوص ، ففي صحيحة الدهني عنه عليه السلام قال : سألته عن رجل أهل بالعمرة ونسي أن يقصر حتى دخل في الحج ، قال : يستغفر ولاشي عليه وقد تمت عمرته » ومثلها دلالة صحيحة ابن سنان وغيرها.
(3) خروجا عن خلاف من أوجب ، ولموثقة اسحاق قال : قلت لابي ابراهيم عليه السلام : الرجل يتمتع فينسي أن يقصر حتى يهل بالحج ، فقال : عليه دم يهريقه .
(4) لاطلاق جملة من الروايات .

( 235 )

الأحوط تركه بعد مضي ثلاثين يوما من يوم عيد الفطر (1) ، ولو فعله عن علم وعمد فالاحوط الاولى التكفير عنه بدم(2).
____________
(1) وذهب المشهور الى جوازه بعد التقصير واستحباب التوفير ، والظاهر من صحيحة جميل حرمته قال : سألت ابا عبدالله عليه السلام عن متمتع حلق رأسه بمكة ، قال : إن كان جاهلا فليس عليه شيء ، وإن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوماً فليس عليه شيء ، وإن تعمد ذلك بعد ثلاثين التي يوفر فيها الشعر للحج فان عليه دما يهريقه » وقد أعرض المشهور عن العمل بها ممّا يشعر بعدم حجّيتها ، ولعل الحلق كان قبل التقصير ، إلا ان التفصيل بين كون الحلق أول شهور الحج أو في وسطه له دلالته واضحة على الشمول لما قبل ومابعد التقصير فتدبر .
قال بعض مشايخنا المحققين : الاحوط لزوما اجتناب الحلق في ذي القعدة وان كان غير محرم لمن يريد الحج ، ولاسيما ذي الحجة إن لم يكن اقوى ، لاسيما في الحج الواجب فضلا عن المتمتع ، ولو كان محلاً من عمرته فروايات النهي عن الأخذ دالة بالاولية او التشكيك على الحلق ، وصحيح ابن جعفر مرخص في خصوص الاخذ وهو مقدار مايرافع اليد عنه ، وكذا المفروغية في صحيح جميل وغيرها من حرمة الحلق ، وكذا نظائرها مما لوحظ فيه تفويت الحلق في الحج هذا فضلا عن ثبوت كفارة دم في المتمتع .
(2) للصحيحة المتقدمة ، وخروجا عن موضع الخلاف .

( 236 )

مسألة 262 : لايجب طواف النساء في عمرة التمتع (1) ، ولابأس بالاتيان به رجاءا (2) .

إحرام الحج

تقدم في الصحفة (11) أن واجبات الحج ثلاثة عشرة ، ذكرناها مجملة ، إليك تفصيلها :
الاول : الإحرام ، وأفضل أوقاته يوم التروية عند الزوال ، ويجوز التقديم عليه للشيخ الكبير والمريض إذا خافا من الزحام فيحرمان ويخرجان قبل خروج الناس ، كما يجوز التقديم لمن له تقديم طواف الحج على الوقوفين كالمرأة التي تخاف الحيض .
وقد تقّدم جواز الخروج من مكة محرما بالحج لحاجة بعد الفراغ من عمرة التمتع في أي وقت كان .
____________
(1) لقوله عليه السلام في صحيحة صفوان : انما طواف النساء بعد الرجوع من منى .
(2) لوجوبها عند بعض العلماء كما ذكر ذلك الشهيد الاول .

( 237 )

ويجوز التقديم في غير ماذكر أيضا بثلاثة أيام (1) ، بل بأكثر على الاظهر (2) .
مسألة 263 : كما لايجوز للمعتمر عمرة التمتع أن يحرم للحج قبل التقصير ، كذلك لايجوز للحاج أن يحرم للعمرة المفردة قبل أن يحل من احرامه (3) وإن لم يبق عليه سوى طواف النساء على الاحوط (4) .
____________
(1) ففي موثقة اسحاق عن ابي الحسن قال : سألته عن الرجل يكون شيخا كبيرا أو مريضا يخاف ضغاط الناس وزحامهم ، يحرم بالحج ويخرج الى منى قبل يوم التروية ، قال : نعم ، يخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا أو يتروح بذلك المكان ، قال : لا ، قلت : يعجل بيوم ، قال : نعم ، قلت : بيومين ، قال : نعم ، قلت : ثلاثة قال : نعم ، قلت : أكثر من ذلك ، قال : لا .
(2) للنصوص المتعددة الناصة على ان الحج أشهر معلومات لايجوز لاحد أن يحرم في غيرها ، المستفاد منها جواز الاحرام في أي وقت فيها .
(3) لانه ادخال نسك في نسك ، فيختل بذلك وحدة العمل المركب ، مضافا الى توقيفية العبادة فصحة الاحرام الثاني متوقفة على الاذن الشرعي ، واشعارات النصوص واطلاقها تقتضي وجوب اتمام النسك للدخول في نسك آخر .
(4) للخلاف الموجود في كون طواف النساء من نسك الحج او واجب مستقل متفرع على الاحرام ـ وسياتي ـ وقد جزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بجواز الدخول في العمرة المفردة قبل طواف النساء .

( 238 )

مسألة 264 : من يتمكّن من إدراك الوقوف بعرفات يوم عرفة في تمام الوقت الاختياري لايجوز له تأخير الاحرام الى زمان يفوت منه ذلك (1) .
مسألة 265 : يتحد إحرام الحج وإحرام العمرة في كيفيته وواجباته ومحرماته ، والاختلاف بينهما إنما هو في النية فقط .
مسألة 266 : يجب الإحرام من مكة المكرمة ـ كما تقدم في بحث المواقيت ـ وأفضل مواضعها المسجد الحرام ، ويستحب الإتيان به بعد صلاة ركعتين في مقام ابراهيم أو في حجر إسماعيل عليهما السلام .
مسألة 267 : من ترك الاحرام نسيانا أوجهلاً منه بالحكم الى أن خرج من مكة ، ثم تذكر أو علم بالحكم وجب عليه الرجوع إلى مكة ـ ولو من عرفات ـ والاحرام منها (2) ، فإن لم يتمكن من الرجوع لضيق الوقت أو لعذر آخر يحرم من الموضع الذي هو فيه ، وكذلك لو تذكر أو علم بالحكم بعد الوقوف بعرفات وإن تمكن من العود الى مكة والاحرام منها (3) .
____________
(1) لانه تفويت للواجب .
(2) لقدرته على الاتيان بالمأمور به على وجهه .
(3) تشهد له صحيحة ابن جعفر عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن

=


( 239 )

ولو لم يتذكر أو يعلم بالحكم إلى أن فرغ من الحج صح حجه (1) .
مسألة 268 : من ترك الاحرام عالماً عامداً حتى فاته الوقوف الاختياري بعرفات بسبب ذلك فسد حجه (2) ، ولو تداركه قبل أن يفوته الوقوف الركني لم يفسد وإن كان آثما (3) .
مسألة 269 : الاحوط أن لايطوف المتمتع بعد إحرام الحج قبل الخروج الى عرفات طوافا مندوبا (4) ، فلو طاف جدد التلبية بعد الطواف على الاحوط الاولى (5) .
____________
=
رجل نسي الاحرام في الحج فذكر وهو بعرفات ، ماحاله ؟ قال : يقول : اللهم على كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه واله ، فقد تم احرامه ، فان جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع الى بلده ان كان قضى مناسكه كلهافقد تم حجه .
(1) للصحيحة السابقة ، وذيلها شاهد على أن الجهل والنسيان حكمهما واحد .
(2) لفوات الركن وهو مسمى الوقوف
(3) لفوات الواجب .
(4) تقدم في المسألة 16 ، فراجع .
(5) للأمر به في حج الافراد والقران ، وقد تقدم .