3 ـ الحلق أو التقصير

وهو الواجب السادس من واجبات الحج .
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ، ولايجوز ايقاعه قبل يوم العيد حتى في ليلته إلا للخائف ، والاحوط تأخيره عن رمي جمرة العقبة ، وعن تحصيل الهدي بمنى(1)، والاحوط الاولى تأخيره من
____________
(1) ذهب الشيخ في المبسوط والاستبصار الى وجوب الترتيب بين المناسك يوم النحر وأختاره أكثر المتأخرين ، وذهب في الخلاف وابو الصلاح في الكافي وابن ابي عقيل وابن ادريس الى استحباب الترتيب وقربه العلامة في المختلف ، تمسكا بصحيحة ابن سنان قال : سألته عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحي، قال : لابأس وليس عليه شيء ولايعودن » ، وموثقة الساباطي قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل حلق قبل أن يذبح ، قال: يذبح ويعيد الموسى ، لان الله تعالى يقول ( ولاتحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله ) .
والصحيح وجوب الترتيب تبعاً للاكثر لقوله تعالى ( ولاتحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله ) وهي غير مختصة بالاحصار بشهادة موثقة الساباطي

=


( 296 )

=
السابقة وفي صدرها قال : سألته عن الرجل برأسه قروح لايقدر على الحلق ، قال : ان كان قد حج قبلها فليجز شعره ، وإن كان لم يحج فلابد له من الحلق ، وعن رجل حلق قبل أن يذبح ... » وصحيحة ابي بصير الاتية .
ولعدة من النصوص كصحيحة معاوية عنه عليه السلام : إذا رميت الجمرة فاشتر هديك » ، وصحيحة الاعرج وفيها : تقف بهن بجمع ثم أفض بهن حتى تأتي الجمرة العظمى فيرمين الجمرة ، فان لم يكن عليهن ذبح فليأخذن من شعورهن ويقصرن من أظفارهن » ، وصحيحة ابن يزيد عنه عليه السلام قال : اذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك » ..
ومصححة جميل عنه عليه السلام قال : تبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق وفي العقيقة بالحلق قبل الذبح » وهو صريح على المطلوب ، وقد رواها الكليني والشيخ عن محمد بن احمد الاشعري الثقة صاحب النوادر عن موسى بن جعفر البغدادي وهو لم يوثق صريحا ، وله كتاب النوادر رواه عنه النجاشي بسندين والطوسي بسند ولم يقدحا فيه وهو من علامات الحسن ، ويمكن استفادة وثاقته من عدم استثناء ابن الوليد له فيمن استثنى من رجال النوادر ، مضافا الى رواية جماعة من الاجلاء عنه فالتوقف فيه عجز رجالي .
وفي صحيحة ابي بصير عنه عليه السلام قال : إذا اشتريت أضحيتك وقمطتها في جانب رحلك فقد بلغ الهدي محله ، فإن أحببت أن تحلق فاحلق .
مضافا الى إشعار بعض الصحاح التي وردت فيمن ساق هدياً في عمرة فعليه أن يحلق قبل أن ينحر أو يذبح .
نعم أقضى مايستفاد من هذه النصوص هو الحكم التكليفي لاالوضعي ، وهو مفاد صحيحة ابن سنان المتقدمة ، فلا تنافي بين الروايات كما لايخفي .

( 297 )

الذبح والنحر أيضا(1)، وعدم تأخيره عن نهار يوم العيد(2)، ولو قدمه على الرمي أو تحصيل الهدي نسيانا أو جهلا منه بالحكم أجزأه ولم يحتج الى الاعادة(3).
* مسألة 311 : إذا قصر الحاج أو حلق ليلة الحادي عشر لايبعد الاجتزاء به(4) .
مسألة 312 : لايجوز الحلق للنساء ، بل يتعيّن عليهّن التقصير(5).
____________
(1) خروجا عن موضع الخلاف ، وإلا فصحيحة ابي بصير المتقدمة دالة على كفاية ترتيب الحلق على شراء الهدي وربطه في رحله .
(2) خروجا عن خلاف مانسب للمشهور ، وامتداد أيام الذبح والنحر الى أيام التشريق .
(3) بلا خلاف للنصوص .
(4) اذ الادلة كلها تشير الى وجوب ايقاعه بعد الذبح ، وليس فيها دلالة على تقييد ذلك بالنهار ، وفعل الرسول الاكرم صلى الله عليه واله غاية مايفيد الجواز ، بل يمكن استشعار الجواز من صحيحة ابن يقطين قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصر حتى زارت البيت فطافت وسعت من الليل ، ماحالها وما حال الرجل اذا فعل ذلك ؟ قال : لابأس به يقصر ويطوف بالحج ثم يطوف للزيارة ثم قد احل من كل شيء .
(5) نصاً واجماعاً .

( 298 )

مسألة 313 : يتخير الرجل بين الحلق والتقصير(1)، والحلق أفضل(2) إلا من لبد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو نحوهما لدفع القمّل ، أو عقص شعر رأسه وعقده بعد جمعه ولفّه ، او كان صرورة ، فإن الاحوط وجوبا لهؤلاء اختيار الحلق(3).
____________
(1) لقوله تعالى ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين ) .
(2) ففي صحيحة الحلبي عنه عليه السلام : استغفر رسول الله صلى الله عليه واله للمحلقين ثلاث مرات .
(3) أما من عقص شعره أو لبّده فقد استظهر السيد الخوئي بعد إن احتاط فيه وجوب الحلق عليه وتبعه بعض أعاظم تلامذته وقواه آخر ، تمسكا بعدة من النصوص ، كصحيحة هشام عنه عليه السلام قال: إذا عقص الرجل رأسه أو لبده في الحج اوالعمرة فقد وجب عليه الحلق» ومثلها في الدلالة تقريبا صحيحة معاوية والحلبي ، إلا أن المشهور أعرض عنها ولعله منشأ توقف الماتن دام ظله ، وإلا فالنصوص واضحة الدلالة على وجوب الحلق ، والله العالم .
أما الصرورة فقد ذهب الاكثر الى التخيير ، واحتاط السيد الخوئي في تعيين الحلق عليه ثم أضاف وإن كان التخيير لايخلو من قوة وتبعه بعض أعاظم تلامذته ، وقواه آخر ، استضعافا لنصوص التعيين سندا ودلالة ، وفي النهاية والتهذيب والمبسوط والاقتصاد والمصباح للشيخ والمقنع والمقنعة

=


( 299 )

* مسألة 314 : الظاهر أن الصبي اذا ادى الحج يخرج عن عنوان الصرورة ، وكذا النائب عن غيره(1).
مسألة 315 : من أراد الحلق وعلم أن الحلاق يجرح رأسه بالموسى لم يجز له الحلق به(2)، بل يحلق بالماكينة الناعمة جداً ، او يقصر أولا ثم يحلق بالموسى ـ إن شاء ـ إذا كان مخيراً بين الحلق والتقصير ، ولو خالف أجزأه وإن كان آثما .
مسألة 316 : الخنثى المشكل يجب عليه التقصير إذا لم يكن ملبداً أو معقوصاً أو صرورة ، وإلا لزمه التقصير أولا وضم إليه الحلق بعده أيضا على الاحوط .
مسألة 317 : إذا حلق المحرم أو قصر حلّ له جميع ماحرم عليه بالإحرام ماعدا النساء والطيب(3)، بل والصيد أيضا على
____________
=
والوسيلة والكافي والجامع وغيرهم تعيين الحلق عليه ، مع امكان دعوى استفاضة النصوص في تعيّن الحلق وصراحة بعضها دلالة كما لايخفي .
(1) اذ تعريف الصرورة من حج بدواً ولم يحج قبلها .
(2) لحرمة اخراج الدم من البدن بالمباشرة او بالتسبيب ، فيتحقق العجز عن الحلق فينتقل الى عدله .
(3) للنص والاجماع .

( 300 )

الاحوط(1).
والظاهر أن مايحرم عليه من النساء بعد الحلق أو التقصير لايختص بالجماع ، بل يعم سائر الاستمتاعات التي حرمت عليه بالاحرام(2) ، نعم يجوز له بعده العقد على النساء والشهادة عليه
____________
(1) خروجا عن مورد الخلاف ، ففي الدروس عن العلامة أن عدم التحلل من الصيد إلا بطواف النساء مذهب علمائنا ، ولعله لصحيحة معاوية قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام من نفر النفر الاول متى يحل له الصيد ؟ قال: إن زالت الشمس من اليوم الثالث » ، وصحيحة حماد عنه عليه السلام قال: إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في النفر الاول ، ومن نفر في النفر الأول فليس له أن يصيب الصيد حتى ينفر الناس » ، وحمل الصيد على الحرمي خلاف ظاهر النصوص ، وقوله تعالى ( فإذا حللتم فاصطادوا ) لاتنافي النصوص اذ هي مبينة على ان الاحلال المطلق هو بعد النفر الثاني ، إلا ان يقال باعراض الاصحاب عنها ، ويدفعه دعوى العلامة انه مذهب علمائنا ، والله العالم .
(2) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية : إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحل من كل شيء أحرم منه إلا النساء والطيب » ، فيتناول سائر الاستمتاعات، وإليه ذهب السيد الخوئي في فترة من الزمن ثم بعد ذلك استظهر اختصاص التحريم بالجماع ، تمسكاً بصحيحة الفضلاء وفيها « فقد أحلت من كل شيء يحل منه المحرم إلا فراش زوجها ، فاذا طافت طوافاً آخر حّل لها فراش

=


( 301 )

على الاقوى(1).
مسألة 318 : يجب أن يكون الحلق أو التقصير بمنى ، فإذا لم يقصر ولم يحلق فيها متعمداً أو جهلاً منه بالحكم حتى نفر منها وجب عليه الرجوع إليها وتداركه(2)، وهكذا الحكم في الناسي على الاحوط(3).
____________
=
زوجها » والفراش كناية عن الجماع خاصة كما لايخفي .
والظاهر صحة ماعليه الماتن دام ظله لصحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : سألته عن رجل قبّل أمرأته وقد طاف طواف النساء ولم تطف هي ؟ قال : عليه دم يهريقه من عنده » فلو كان المحرّم بعد الحلق او التقصير خصوص الجماع لما كان وجه للكفارة ، وإنما وجبت الكفارة على الزوج لكونه مكرها لها والفعل فعله ، والتسبيب لفعل الحرام وإن كان حراما لكنه لايلازم الحكم الوضعي ووجوب الكفارة .
(1) لكون المتبادر من الابتعاد عن النساء خصوص الاستمتاع بهن وهما اجنبيان عنه كما لايخفى .
(2) تشهد له مصححة ابي بصير قال : سألته عن رجل جهل أن يقصر من رأسه أو يحلق حتى ارتحل من منى ؟ قال : فليرجع الى منى حتى يحلق شعره بها أو يقصر وعلى الصرورة أن يحلق .
(3) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بإشتراك الناسي والجاهل في الحكم ، ولعل منشأ توقف الماتن دام ظله صحيحة مسمع قال سألت أبا عبدالله

=


( 302 )

وإذا تعذر عليه الرجوع أو تعسر ، حلق أو قصر في مكانه ، ويبعث بشعره إلى منى إن أمكنه ذلك(1).
ومن حلق رأسه في غير منى ـ ولو متعمداً ـ يجتزىء به(2)ولكن يجب عليه أن يبعث بشعر رأسه إليها مع الامكان .
مسألة 319 : إذا لم يقصر ولم يحلق نسياناً أوجهلاً فذكره ، أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحج تداركه ، ولم تجب عليه إعادة الطواف
____________
=
عليه السلام عن رجل نسي أن يحلق رأسه ويقصّر حتّى نفر ، قال : « يحلق في الطريق أو أي مكان » ، وإطلاقها مقيّد بحالة عدم التمكّن من العود إلى منى لصحيحة الحلبي قال سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل نسي أن يقصّر من شعره أو يحلق حتّى ارتحل من منى ، قال : « يرجع إلى منى حتّى يقصّر شعره بها حلقاً كان أو تقصيراً » ، وإن كان يمكن أن يحمل على الأفضلية لجملة من النصوص كمصححة ابي بصير الاخرى عنه عليه السلام في رجل زار البيت ولم يحلق رأسه ، قال : يحلق بمكة ويحمل شعره الى منى ، وليس عليه شيء .
(1) تدل عليه عدة من الروايات منها مصححة ابي بصير المتقدمة ، وصحيحة الثالثة عنه عليه السلام قال : ليس له أن يلقي شعره إلا بمنى .
(2) لمصححة ابي بصير الرابعة عنه عليه السلام في رجل زار البيت ولم يحلق رأسه ، قال : يحلق بمكة ويحمل شعره الى منى وليس عليه شيء » ، وإطلاقها يشمل من تعمد ترك الحلق في منى .

( 303 )

والسعي على الاظهر(1)، وإن كانت الاعادة أحوط(2).
طواف الحج وصلاته والسعي

الواجب السابع والثامن والتاسع من واجبات الحج : الطواف
____________
(1) لصحيحة ابن حمران قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل زار البيت قبل أن يحلق ؟ قال : لاينبغي إلا ان يكون ناسيا ، ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله أتاه أناس يوم النحر ، فقال بعضهم : يارسول الله ذبحت قبل أن أرمي ، وقال بعضهم : ذبحت قبل أن أحلق ، فلم يتركوا شيئاً أخروه وكان ينبغي أن يقدموه ولاشيئاً قدموه كان ينبغي لهم أن يؤخروه إلا قال : لاحرج » ومثلها في الذيل صحيحة جميل وهما ظاهرتا الدلالة على عدم وجوب الاعادة ، أما صحيحة ابن يقطين عنه عليه السلام عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصر حتى زارت البيت فطافت وسعت من الليل ماحالها وما حال الرجل اذا فعل ذلك ؟ قال : لابأس به يقصر ويطوف بالحج ثم يطوف للزيارة ثم قد حل من كل شيء » فإطلاقها مقيد بصحيحة ابن حمران وجميل ، أو الحمل على الافضلية .
أما الجاهل فلعدم الخصوصية للناسي مضافا الى اشتراك الجاهل والناسي في معظم احكام الحج كما لايخفى المتتبع .
(2) خروجا عن خلاف الاجماع المدعى في المقام ، من وجوب الاعادة على الناسي والجاهل ، كما هو ظاهر إطلاق صحيحة ابن يقطين .

( 304 )

طواف الحج وصلاته والسعي .
الواجب السابع والثامن والتاسع من واجبات الحج : الطواف وصلاته والسعي .
مسألة 320 : كيفية طواف الحج وصلاته والسعي وشرائطها هي نفس الكيفية والشرائط التي ذكرناها في طواف العمرة وصلاته وسعيها .
مسألة 321 : يستحب الإتيان بطواف الحج في يوم النحر(1)، الأحوط عدم تأخيره عن اليوم الحادي عشر(2)، وإن كان الظاهر جوازه، بل جواز التأخير عن أيام التشريق قليلا(3)بل إلى آخر ذي
____________
(1) تشهد له موثقة اسحاق قال : سألت أبا ابراهيم عن زيارة البيت تؤخر الى يوم الثالث ، قال : تعجيلها أحب إلي وليس به بأس إن أخره » ، وفي صحيحة معاوية عنه عليه السلام في زيارة البيت يوم النحر ، قال : زره فإن شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد ولاتؤخر أن تزور من يومك ، فانه يكره للمتمتع أن يؤخر وموسع للمفرد أن يؤخر .
(2) خروجا عن خلاف من ذهب الى حرمة التأخير كالمفيد والمرتضى، كما هو مفاد بعض النصوص المحمولة على الكراهة لامحالة .
(3) ففي صحيحة الحلبي عنه عليه السلام قال : سألته عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح ، قال : لابأس أنا ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق، ولكن لاتقرب النساء والطيب » ، ومثلها دلالة صحيحة هشام .

( 305 )

الحجة لايخلو من قوة(1).
مسألة 322 : الأحوط عدم تقديم طواف الحج وصلاته والسعي على الوقوفين في حج التمتع(2)، ولو قدمها جهلا ففي الاجتزاء بها إشكال ، وإن كان لايخلو عن وجه(3)، ويستثنى من الحكم المذكور :
____________
(1) كما هو مقتضي إطلاق الصحيحتين المتقدمتين .
(2) بلا خلاف معتد به بل الاجماع بقسيمة عليه كما في الجواهر ، وفي المعتبر والمنتهى والتذكرة نسبته الى اجماع العلماء كافة ، واستقرب في المدارك الجواز وتوقف في الحدائق فيه ومال إليه في منتقي الجنان ولعله ظاهر العلامة في التحرير والتذكرة ، وقال الشيخ في الخلاف روى أصحابنا رخصة في تقديم الطواف والسعي قبل الخروج إلى منى وعرفات والافضل ان لايطوف طواف الحج الى يوم النحر إن كان متمتعا .
ومستند المشهور رواية ابي بصير قال : قلت رجل كان متمتعا وأهل بالحج، قال : لايطوف بالبيت حتى يأتي عرفات ، فإن هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علة فلا يعتد بذلك الطواف » وفي سندها اسماعيل بن مرار والبطائني والاول ثقة ـ لما تقدم ـ والثاني قاطعه الاصحاب بعد توقفه ، وراجع المسألة 16 .
(3) لعله لصحيحتي حمران وجميل المتقدمتان في المسألة 319 ، وراجع المسألة 16 .

( 306 )

1 ـ المرأة التي تخاف الحيض أو النفاس(1).
2 ـ كبير السن والمريض والعليل(2)وغيرهم ممن يعسر عليه الرجوع الى مكة ، أو يعسر عليه الطواف بعد الرجوع لشدة الزحام ونحوها(3) .
3 ـ من يخاف أمرا لايتهيأ له معه الرجوع الى مكة(4).
____________
(1) ففي مصححة علي بن ابي حمزة قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يدخل مكة ومعه نساء قد أمرهن فتمتعن قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة ، فخشي على بعضهن الحيض ، فقال : إذا فرغن من متعتهن وأحللن فلينظر إلى التي يخاف عليها الحيض فيأمرها فتغتسل وتهل بالحج من مكانها ، ثم تطوف بالبيت وبالصفا والمروة فإن حدث بها شيء قضت بقية المناسك وهي طامث » ، وفي صحيحة الحلبي عنه عليه السلام قال : لابأس بتعجيل الطواف للشيخ الكبير والمرأة تخاف الحيض قبل أن تخرج الى منى .
(2) ففي صحيحة اسماعيل بن عبدالخالق قال : سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول : لابأس أن يعجل الشيخ الكبير والمريض والمرأة والمعلول طواف الحج قبل أن يخرج الى منى .
(3) إذ منشأ الجواز هو ذلك وليست للمريض والشيخ والعليل خصوصية كما لايخفى .
(4) ففي صحيحة ابن يقطين قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لابأس بتعجيل طواف الحج وطواف النساء قبل الحج يوم التروية قبل

=


( 307 )

فيجوز لهؤلاء تقديم الطواف وصلاته والسعي على الوقوفين بعد الإحرام للحج ، والأحوط الأولى إعادتها مع التمكن بعد ذلك إلى آخر ذي الحجة(1).
مسألة 323 : من يأتي بطواف الحج بعد الوقوفين يلزمه تأخيره عن الحلق والتقصير ، فلو قدمه عالما عامداً وجبت إعادته بعده(2)، ولزمته كفارة شاة(3).
مسألة 324 : العاجز في الحج عن مباشرة الطواف وصلاته والسعي حكمه حكم العاجز عن ذلك في عمرة التمتع ، وقد تقدم في المسألتين : 217 و 238 .
والمرأة التي يطرأ عليها الحيض أو النفاس ولايتيسر لها المكث لتطوف بعد طهرها تلزمها الاستنابة للطواف وصلاته ، ثم تأتي
____________
=
خروجه الى منى ، وكذلك من خاف أمرا لايتهيأ له الانصراف الى مكة أن يطوف ويودع البيت ثم يمر كما هو من منى إذا كان خائفا .
(1) رعاية للترتيب والاحتياط حسن على كل حال .
(2) كما هو مقتضى وجوب الترتيب .
(3) تشهد له صحيحة ابن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام في رجل زار البيت قبل أن يحلق ، فقال : إن كان زار البيت قبل أن يحلق وهو عالم أن ذلك لاينبغي له فإن عليه دم شاة .

( 308 )

بالسعي بنفسها بعد طواف النائب .
مسألة 325 : إذا طاف المتمتع وصلى وسعى حل له الطيب وبقي عليه من المحرمات النساء ـ بالحد المتقدم ـ بل والصيد أيضا علىالاحوط(1) .
مسألة 326 : من كان يجوز له تقديم الطواف والسعي إذا قدمهما على الوقوفين لايحل له الطيب حتى يأتي بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير (2).

طواف النساء

الواجب العاشر والحادي عشر من واجبات الحج : طواف النساء وصلاته .
وهما وإن كانا من الواجبات(3)،
____________
(1) راجع المسألة 317 .
(2) اذ الحل متوقف على الطواف والسعي في ظرف كونهما بعد الوقوفين لا قبلهما ، وبكلمة جامعة هو متوقف على والوقوفين واعمال يوم النحر .
(3) ذهب جماعة من الاعلام الى ان طواف النساء ليس من واجبات

=


( 309 )

=
الحج بل هو واجب مستقل خارج عن حقيقة الحج ، والظاهر ماعليه الماتن دام ظله من كونه من واجبات الحج ، يشهد لذلك صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : على المتمتع بالعمرة الى الحج ثلاثة أطواف بالبيت ، وسعيان بين الصفا والمروة ، وعليه اذا قدم مكة طواف بالبيت ، وركعتان عند مقام ابراهيم عليه السلام ، وسعي بين الصفا والمروة ، ثم يقصر وقد أحل ، هذا للعمرة وعليه للحج طوافان ، وسعي بين الصفا والمروة ويصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السلام » ، فقوله عليه السلام «للحج طوافان» صريح في الجزئية كما لايخفي .
وصحيحته الاخرى قال عليه السلام ـ في حديث ـ : فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شيء أحرمت منه إلا النساء ، ثم ارجع الى البيت وطف به أسبوعا آخر ثم تصلي ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السلام ثم قد أحللت من كل شيء وفرغت من حجك كله وكل شي أحرمت منه » ودلالتها كالسابقة ففراغة من حجه يكون بفراغه من طواف النساء وهذا صريح في الجزئية ، ودعوى بعض الفحول الأعاظم من كون طواف النساء مخرج عن الحج لاأنه جزء له نظير السلام على بعض الاقوال من عدم كونه جزء للصلاة ، يدفعها قوله عليه السلام «من حجك كله» فلو كان طواف النساء مخرج عن الحج لقال عليه السلام «وفرغت من حجك» ولاداعي للتأكيد بقوله «كله» الصريح على جزئية طواف النساء .
وذيل مصححة البطائني المتقدمة وفيها « قلت : أليس قد بقي طواف النساء ؟ قال : بلى ، فقلت : فهي مرتهنة حتى تفرغ منه ؟ قال : نعم ، قلت : فلم

=


( 310 )

=
لايتركها حتى تقضي مناسكها ؟ قال : يبقى عليها منسك واحد أهون عليها من أن يبقى عليها المناسك كلها مخافة الحدثان » فطواف النساء من مناسك الحج، والمناسك أعمال عبادية مرتبطة بالحج وجزء منه .
ويدل على المطلوب التعبير عن طواف النساء في بعض النصوص بالفريضة ، ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : سألته عن رجل نسي طواف النساء حتى يرجع الى اهله ؟ قال : لاتحل له النساء حتى يزور البيت ، فان هو مات فليقض عنه وليه او غيره ، فأما مادام حيا فلا يصلح ان يقضى عنه ، وإن نسي الجمار فليسا بسواء إن الرمي سنة والطواف فريضة » ومثلها صحيحة علي بن جعفر وابن يقطين ومصححة ابن البطائني فيمن نسى طواف الفريضة والمقصود منه طواف النساء ، فطواف النساء على غرار طواف الحج والعمرة والسعي والوقوف بالمشعر الحرام ، والوقوف بعرفة سنة كما في مرسل ابن فضال عن بعض اصحابنا عن ابي عبدالله عليه السلام .
أما قوله عليه السلام في صحيحتي معاوية والحلبي « وطواف بعد الحج وهو طواف النساء » أي بعد ماهو محقق لركنية الحج ، اذ يتم الحج بدونه ـ في بعض الحالات ـ كما هو صريح صحيحة الخزار « لايقيم عليها جمّالها ولاتستطيع أن تتخلف عن أصحابها تمضي وقد تم حجها » ، او لانصراف الحج الى الوقوفين وأعمال يوم النحر ، أو بمعنى وطواف بعد طواف الحج وهو طواف النساء ، وكونه لايقدح في صحة الحج لايدل بالضرورة على انه خارج عن اجزائه ، مضافا الى ان التخلص من لوازم ومحرمات الاحرام مطلقا لايتحقق الا بطواف النساء مع أن الاحرام انما هو للحج او العمرة فتأمل .

( 311 )

إلا أنهما ليسا من أركان الحج(1)، فتركهما ـ ولو عمداً ـ لايوجب فساد الحج(2) .
مسألة 327 : كما يجب طواف النساء على الرجال يجب على النساء ، فلو تركه الرجل حرمت عليه النساء ، ولو تركته المرأة حرم عليها الرجال(3) ، والنائب في الحج عن الغير يأتي بطواف النساء عن المنوب عنه لا عن نفسه(4).
مسألة 328 : طواف النساء وصلاته كطواف الحج وصلاته في الكيفية والشرائط ، وإنما الاختلاف بينهما في النية .
مسألة 329 : حكم العاجز عن الإتيان بنفسه بطواف النساء وصلاته حكم العاجز عن ذلك في طواف العمرة وصلاته ، وقد تقدم
____________
(1) بلاخلاف أصلا ، وتشهد له النصوص .
(2) ولكن لاتحل له النساء ولايحل لها الرجال .
(3) بلا خلاف في ذلك للنصوص ، ففي صحيحة ابن يقطين قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن الخصيان والمرأة الكبيرة أعليهم طواف النساء ؟ قال : نعم عليهم الطواف كلهم .
(4) لكونه من واجبات الحج كما تقدم أو واجب مستقل ، لا أنه متفرع ـ كما عن بعض الاعاظم ـ عن التلبس بالاحرام حتى يكون واجبا على النائب لا المنوب عنه .

( 312 )

في المسألة 217 .
مسألة 330 : من ترك طواف النساء سواءٌ أكان متعمداً ـ مع العلم بالحكم أو الجهل به ـ أم كان ناسياً وجب عليه تداركه ، ولاتحل له النساء قبل ذلك .
ومن تعّذر المباشرة أو تعسرها تجوز له الاستنابة(1)، فإذا طاف النائب عنه حلت له النساء .
فإذا مات قبل تداركه فإن قضاه عنه وليّه أو غيره فلا إشكال(2)، وإلا فالاحوط أن يُقضى من تركته من حصص كبار الورثة برضاهم .
* مسألة 331 : النائب عن المستطيع العاجز عن الحج بنفسه اذا ترك طواف النساء حرمت عليه النساء لا على المنوب عنه .
* مسألة 332 : إذا ترك طواف النساء في العمرة المفردة وأحرم من المواقيت لعمرة التمتع ، فلايخلو عن إشكال وإن كان الاقرب
____________
(1) لمشروعية النيابة في الطواف مع العجز عنه .
(2) ففي صحيحة معاوية قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله ، قال : لاتحل له النساء حتى يزور البيت ، وقال : يأمر من يقضي عنه ان لم يحج ، فان توفى قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره .

( 313 )

الجواز(1)، ويجوز الاتيان به بعد إعمال عمرة التمتع ، وكذا لايبعد جواز الإتيان بالعمرة المفردة قبل طواف النساء في الحج وإن كان الاحتياط في محله .
* مسألة 333 : إذا أخر طواف النساء للعمرة المفردة حتى اتى باعمال الحج فيلزمه حينئذ طوافان للنساء على الاحوط(2)، ومن اعتمر عدة مرات ولم يطف طواف النساء فيها فلا يكفيه على الاحوط طواف واحد للجميع بل يأتي بطواف النساء بعددها .
مسألة 334 : لايجوز تقديم طواف النساء على السعي ، فإن قدمه فإن كان عن علم وعمد لزمته إعادته بعد السعي ، وإن كان عن جهل أو نسيان أجزأه على الاظهر(3)،
____________
(1) على القول بكونه من أجزاء الحج لا واجب مستقل الاشكال محكم، وقد تقدم انه من فرائض الحج .
(2) اذ بعض فرض كونه من اجزاء ومناسك الحج فلا تداخل ، نعم على بعض المباني من كونه مسبب عن التلبس بالاحرام ربما يقال بالتداخل .
(3) ففي موثقة سماعة عن ابي الحسن عليه السلام قال : سألته عن رجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال: لايضره يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجه » وإطلاقها يشمل العالم العامد والجاهل والناسي ، إلا أنها مقيدة بالجاهل والناسي لوجوب الترتيب

=


( 314 )

وإن كانت الاعادة أحوط(1).
* مسألة 335 : إذا اتى بطواف النساء في العمرة المفردة قبل
____________
=
وعدم تأتي القربة والتقرب للعامد العالم ، نعم يمكن أن يستشعر من مرسل احمد بن محمد عمن ذكره قال : قلت لابي الحسن عليه السلام : جعلت فداك متمتع زار البيت فطاف طواف الحج ، ثم طاف طواف النساء ، ثم سعى ، قال : لايكون السعي إلا من قبل طواف النساء ، فقلت : أفعليه شيء ، فقال : لايكون السعي إلا قبل طواف النساء » شمول الاجزاء للعالم إذ لو كان عليه شيء لنبّه عليه الامام عليه السلام ، وظاهرها أنها في العالم لا الجاهل والناسي فتأمل.
ويدل على الاجزاء في حالة الجهل والنسيان صحيحة جميل وابن حمران والتي فيهما « فلم يتركوا شيئا كان ينبغي أن يؤخروه الا قدموه ، فقال : لاحرج».
ودعوى بعض الاعلام المعاصرين اختصاص ذلك بمناسك الحج في منى ، في غاية الضعف ، إذ ان صحيحة جميل السؤال حول من زار البيت قبل ان يحلق فأجابه الامام عليه السلام : إن رسول الله صلى الله عليه واله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم يارسول الله اني حلقت قبل أن اذبح وقال بعضهم حلقت قبل أن أرمي فلم يتركوا شيئا ... ، فيمكن من خلالها استحصال قاعدة كلية في أعمال الحج والعمرة من إجزاء الاخلال بالترتيب الناشىء عن الجهل والنسيان إلا ما قام الدليل على خلافه .
(1) رعاية للترتيب .

( 315 )

التقصير جهلا أو نسيانا فالاحوط لزوما اعادته مع صلاته(1)، وكذا اذا اتي بالتقصير بعد طواف النساء ثم إلتفت الى خطأه .
مسألة 336 : يجوز تقديم طواف النساء على الوقوفين للطوائف المذكورة في المسألة 412 ، ولكن لاتحلّ لهم النساء قبل الإتيان بمناسك مِنى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير .
مسألة 337 : إذا حاضت المرأة ولم تنتظر القافلة طُهرها ولم تستطع التخلف عنها ، جاز لها ترك طواف النساء والخروج مع القافلة(2) ، والاحوط حينئذ أن تستنيب لطوافها ولصلاته(3). وإذا كان حيضها بعد إتمام الشوط الرابع من طواف النساء ، جاز
____________
(1) لعدم الدليل على الاجزاء ، والنصوص السابقة مختصة بطواف النساء في الحج ، مع احتمال عدم الخصوصية .
(2) ففي صحيحة الخزاز قال : كنت عند ابي عبدالله عليه السلام إذ دخل عليه رجل فقال : اصلحك الله إن معنا امرأة حائضا ولم تطف طواف النساء ، فأبى الجمّال أن يقيم عليها ، قال : فأطرق وهو يقول : لاتستطيع أن تتخلف عن اصحابها ولايقيم عليها جمالها ، تمضي فقد تم حجها .
(3) مع التمكّن ، لمشروعية الاستنابة في طواف النساء ، ورعاية للاحتياط سيّما في الفروج ، وخلو الصحيحة المتقدمة من الاشارة الى الاستنابة مع كونها في مقام البيان .

( 316 )

لها ترك الباقي والخروج مع القافلة ، والأحوط الاستنابة لبقيّة الطواف ولصلاته .
مسألة 338 : نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان الصلاة في طواف العمرة ، وقد تقدم حكمه في المسألة 222 .
مسألة 339 : إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلى صلاته حلت له النساء ، وإذا طافت المرأة وصلت صلاته حلّ لها الرجال ، فتبقى حرمة الصيد الى الظهر من اليوم الثالث عشر على الاحوط ، وبعده يحل المحرم من كل ما أحرم منه ، وأما محرمات الحرم فقد تقدم في الصفحة (151) أن حرمتها تعمّ المحرم والمحل .

المبيت في منى

الواجب الثاني عشر من واجبات الحج : المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر .
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ، فإذا خرج الحاج الى مكة يوم العيد لأداء فريضة الطواف والسعي وجب عليه الرجوع ليبيت في مكة ، ومن لم يجتنب الصيد في إحرامه فعليه المبيت ليلة الثالث