في العمرة المفردة فلا يخرج من إحرامه إلا بأداء مناسكها·

كيفيّة الإحرام

واجبات الإحرام ثلاثة أمور :
الأمر الأول : النّية (1) ؛ ومعنى النيّة أن يعقد العزم على الإتيان
____________
(1) لعدم تقيّدها بوقت معيّن·
(2) قد وقع البحث : في أن الاحرام هل هو جزء في الحج أم شرط فيه ، وعلى الاول يبطل ببطلان الحج وعلى الثاني لايبطل ، لكن يمكن القول بالبطلان حتى على الثاني ، فهو ليس من قبيل الوضوء لايبطل ببطلان الصلاة ، بل من قبيل الاستقبال في الصلاة ، فهو شرط مادام متلبساً باعمال الحج ، فإذا بطل الحج انحل الشرط كما تنحل شرطية الاستقبال عند بطلان الصلاة ، وقياسه على الوضوء في غير محله لكونه عبادة مستقلة بخلافه.
وهناك بحث آخر : وهو هل أن أعمال الحج ـ بما فيها الاحرام ـ ارتباطية كأجزاء الصلاة ، أما أنها مستقلة مرتبطة بحسب الوجود والزمان كارتباط حج التمتع بعمرته ، فعلى الثاني ترك البعض لايستوجب بطلان البعض الاخر بخلافه على الاول .

=


( 52 )

بالحجّ أو العمرة متقربا إلى الله تعالى ، ولا يعتبر فيها المعرفة التفصيلية بما يشمل عليه نسكه ، بل تكفي المعرفة الإجمالية أيضا ، فلو لم يعلم المكلف حين النيّة بتفاصيل مايجب عليه في العمرة ـ مثلا ـ كفاه أن يتعلّمه شيئا فشيئا من الرسالة العملية أو ممن يثق به من المعلمين .
____________
=
وبالجملة : الذي تميل إليه النفس أن الاحرام لايبطل ببطلان الحج والعمرة إذا وقع صحيحاً ، بل لابد من المحلل له من عمرة أو حج .
ولو كان كذلك لوجب المصير إليه بمجرد الحصر او الصد او الخوف ، فلو كان كتكبيرة الاحرام ـ كما مثل به جماعة من الاعلام والاعاظم ـ لتحلل بلا وجوب البعث والذبح أوالطواف والسعي في حج او عمرة لحلية النساء بالنسبة للمحصور ، ولوجب بطلانه في الجماع المفسد للحج على القول بأن الحجة الثانية هي الواجبة ، مؤيداً بروايات العدول من نسك الى آخر عند العذر كضيق الوقت وغيره ، وماسيأتي من عدم اشتراط التعيين للاحرام المشعر بكونه عملا مستقلا لاربط له بنوعية النسك .
نعم ظاهر صحيحة ضريس عنه عليه السلام في رجل أمر جاريته أن تحرم من الوقت فأحرمت ولم يكن هو أحرم ، فغشيها بعدما أحرمت ، قال : يأمرها فتغتسل ، ثم تحرم ولاشيء عليه » بطلان الاحرام ببطلان النسك .
وخلاصة المسألة كما ذكر صاحب المدارك قوية الاشكال ، فالاحتياط الوجوبي لايترك .

( 53 )

ويعتبر فى النية أمور :
1 ـ القربة والاخلاص كما في سائر العبادات .
2 ـ حصولها في مكان خاصّ ، وقد تقدم بيانه في بحث المواقيت .
3 ـ تعيين المنويّ وإنه الحجّ او العمرة ، وإن الحج حج تمتع أو قِران أو إفراد ، وإذا كان عن غيره فلا بد من قصد ذلك ، ويكفي وقوعه عن نفسه عدم قصد الوقوع عن الغير ، والأظهر أنه يكفي في سقوط الواجب بالنذر انطباق المنذور على المأتيّ به ، ولايتوقف على قصد كونه حجّا نذرياً مثلاً، كما يكفي في كونه حجة الإسلام انطباق الواجب بالأصالة عليه ولايحتاج الى قصد زائد .
* مسألة 40 : إذا رأت المضطربة الدم قبل أن تحرم ولم تدر هل ينقطع عنها قبل يوم عرفة فتنوي التمتع ، أم لا ينقطع فتنوي الافراد ، يجزيها الإحرام لما يجب عليها في علم الله تعالى (1) .
____________
(1) لعله لكفاية التعيين الاجمالي ، كإهلال علي عليه السلام وعدم تعيينه نوعية النسك ، وإنما قال : اهلالا كاهلال رسول الله صلى الله عليه واله.
وما عن : بعض الفحول من عدم ثبوت انه عليه السلام لم يكن عالماً باحرام النبي صلى الله عليه واله بل كان عالما باحرامه واهل كاهلاله .
لايشك فيه : إلا من ضعف ايمانه بهم عليهم افضل الصلاة والسلام ، إلا

=


( 54 )

مسألة 41 : لايعتبر في صحة النية التلفظ بها وإن كان مستحبا ، كما لايعتبر في قصد القربة الإخطار بالبال ، بل يكفي الداعي على حد سائر العبادات .
مسألة 42 : لايعتبر في صحّة الإحرام العزم على ترك محرماته ـ حدوثا وبقاءا ـ فيصح الإحرام حتى مع العزم على ارتكابها (1) .
____________
=
أنهم عليهم السلام دأبهم أو مأمورون باتباع العلم العادي المستحصل من الاسباب المتعارفة لتنجّز الاحكام الشرعية عليهم والتفصيل في محله فراجع .
فقوله صلى الله عليه واله في صحيحة معاوية بعد أن أمر الناس بالاحلال إلا من ساق هدياً ، وقدوم علي عليه السلام من اليمن مهلا : وانت ياعلي بما أهللت ؟ قال : قلت يارسول الله : إهلالا كاهلال النبي صلى الله عليه واله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : كن على إحرامك مثلي ، وانت شريكي في هديي » ومثلها صحيحة الحلبي ، أنه لاعلم له بذلك بواسطة الاسباب العادية والمتعارفة التي هي مناط تنجّز الاحكام عليهم عليهم السلام وعلى غيرهم في هذه النشأة ، ولذا زاد في اعلام الورى حينما سئل الرسول صلى الله عليه واله علياً ، بم أهللت ياعلي ، فقال له : يارسول الله إنك لم تكتب إلي باهلالك ، فقلت : إهلالا كاهلال نبيك ، فقال له صلى الله عليه واله : فانت شريكي في حجي ومناسكي وهديي .
(1) ذكرنا في «مجمع مناسك الحج » ان التروك غير دخيلة في حقيقة الاحرام ، بل هي احكام مترتبة عليه فلا تؤخذ في حقيقته ، فهو ليس كالصوم

=


( 55 )

نعم ، إذا كان عازما حين الإحرام في العمرة المفردة على أن يجامع زوجته قبل الفراغ من السعي أو تردد في ذلك ، فالظاهر بطلان إحرامه (1) ، وكذلك الحال في الاستمناء على الاحوط (2) .
وأما لو عزم على الترك حين الاحرام ولم يستمر عزمه ، بأن نوى بعد تحقق الإحرام الإتيان بشيء منهما لم يبطل إحرامه (3) .
____________
=
المتقوم بالتروك الخاصة .
وقلنا هناك : ان للمسألة صور :
الاولى : هل أن «قصد ترك المحرمات» شرطا في صحة الاحرام أم لا ؟ بمعنى هل يكفي قصد النسك ـ عمرة مفردة ، تمتع، حج مفرد، تمتع ـ فقط ام لابد من قصد ترك المحرمات ، وعلى القول بالاشتراط فهل هو حدوثا واستدامة أم لا ؟
الثانية : مع فرض عدم كون ذلك شرطا ، فهل ان قصد ضده وهو «ارتكاب المحرمات» مانعا من صحة الاحرام ام لا ؟ وعلى فرض كونه مانعا فهل هو مطلقا بالنسبة لكل المحرمات ام بعضها ، وللاطلاع على بقية فتاوى الاعلام راجع الكتاب المزبور .
(1) لعدم قصد إتمام النسك ، اذ الجماع قبل السعي مبطل للعمرة ، فالعزم عليه معناه عدم نية الإتمام من أول الامر .
(2) لوجود الخلاف في مبطلية الاستمناء وسيأتي بيانه .
(3) لانعقاده صحيحا ، فبطلانه بحاجة الى دليل وهو لَيْسٌ .

( 56 )

* مسألة 43 : إذا أخطأ فاحرم لحج التمتع بدلا عن عمرة التمتع فاتى باعمال العمرة ثم تنبّه الى خطأه لم يضره ذلك .
وكذا اذا كان قاصدا العمرة التي هي وظيفته فتخيل أنها العمرة المفردة لم يضره الخطأ في التطبيق ، وإلا أتى بأعمال العمرة المفردة فاذا بقي في مكة الى يوم التروية قاصداً للحج كانت عمرته متعة فيأتي بحج التمتع .
الأمر الثاني : التلبية ؛ وصورتها أن يقول : « لبّيك اللّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك » والأحوط الأولى (1) اضافة هذه الجملة «ان (2) الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» ويجوز اضافة
____________
(1) تشهد له صحيحة معاوية عنه عليه السلام ـ في حديث ـ قال : التلبية أن تقول : لبّيك اللّهم لبّيك ، لبّيك لاشريك لك لبّيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك لبّيك ، لبّيك ذا المعارج لبّيك ... واعلم أنه لابد من التلبيات الأربع التي كن في أوّل الكلام وهي الفريضة وهي التوحيد ، وبها لبّى المرسلون ، وأكثر من ذي المعارج فإن رسول الله صلى الله عليه واله كان يكثر منها .
(2) حكى العلاّمة في المنتهى عن بعض أهل العربية : ان من قال «إِن» بكسرها فقد عم، ووجهه ظاهر ، فان الكسر يقتضي تعميم التلبية وافشاء الحمد مطلقاً، والفتح يقتضي تخصيص التلبية ، أي لبيك بسبب ان الحمد لك .

( 57 )

«لبيك» إلى آخرها ، بان يقول : «لاشريك لك لبيك » .
مسألة 44 : على المكلّف ان يتعلم ألفاظ التلبية ويحسن اداءها بصورة صحيحة ، كتكبيرة الإحرام في الصلاة ، ولو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر ، فإذا لم يتعلم تلك الألفاظ ولم يتيسر له التلقين اجتزأ بالتلفظ بها ملحونا إذا لم يكن اللحن بحدّ يمنع من صدق التلبية عليها عرفا (1) ، وإلا فالاحوط الجمع بين الاتيان بمرادفها وبترجمتها والاستنابة في ذلك (2) .
____________
(1) تشهد له معتبرة مسعدة بن صدقة ـ والتي رواها الحميري في قرب الاسناد وعلي بن جعفر في كتابه ـ قال سمعت جعفر بن محمد يقول : إنّك قد ترى من المحرّم من العجم لايراد منه مايراد من العالم الفصيح وكذلك الاخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وماأشبه ذلك ، فهذا بمنزلة العجم والمحرّم لايراد منه مايراد من العاقل المتكلم الفصيح ... الحديث » والمحرّم من لايقدر على القراءة الصحيحة كقول العرب ناقة محرّمة الظهر اذا لم تذلل ، ويؤيدها معتبرة السكوني في الاخرس وصحيحة زرارة في الصبي الآتيتان .
(2) قلت : صريح رواية ياسين الضرير ـ التي رواها الكليني والشيخ ـ عن حريز عن زرارة «أن رجلا قدم حاجاً لايحسن أن يلبي فاستفتي له أبو عبدالله عليه السلام فأمر له أن يلبى عنه » هو الاستنابه ، لكنها ضعيفة سندا عند جماعة من الاعلام لعدم توثيق ياسين ، إلا ان تلقي المشهور روايته في تحديد

=


( 58 )

مسألة 45 : الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظة التلبية ياتي بها على قدر مايمكنه ، فإن عجز حرّك بها لسانه وشفتيه حين إخطارها بقلبه وأشار بإصبعه إليها على نحو يناسب تمثيل لفظها .
وأما الأخرس الاصم من الأول ومن بحكمه ، فيحرّك لسانه وشفتيه تشبيها بمن يتلفظ بها ، مع ضمّ الإشارة بالإصبع إليها
____________
=
المطاف بالقبول والعمل بها وكونه من مشيخة الصدوق المعتمدين وذكر النجاشي والطوسي له في اصحابنا المصنفين وعدم القدح فيه أصلا ، قرائن يستفاد منها حسن حاله .
والعجب من بعض الاعلام اعتبار حال مسعدة بن صدقة وترجيح روايته مع أن حاله كحال ياسين كماهو مقتضى المواد الرجالية ، مع إمكان ادعاء أن رواية مسعدة في خصوص الصلاة ـ وإن كان بعيدا ـ لكون الاستنابة فيها غير متصورة بخلاف التلبية ، مضافا الى أن رواية ياسين مروية في الكتب الاربعة المعتبرة ، فاسقاطها لضعف سندها لعل فيه شائبة المجازفة ، ويمكن الجمع بين الروايتين بحمل رواية زرارة على عدم صدق التلبية عرفا فعندها تتعين الاستنابة .
وإن كان لايبعد كفاية الاتيان بها مطلقا ـ حتى مع عدم الصدق العرفي ـ مع الاشارة بالاصبع كما هو شأن الاخرس ، اذ من الواضح لاخصوصية للاخرس فلا مورد للاستنابة، لكن الاحتياط لايترك بالجمع بين الامور المذكورة .

( 59 )

أيضا (1) .
مسألة 46 : الصبي غير المميز يلبى عنه (2) ·
مسألة 47 : لا ينعقد إحرام حج التمتع وإحرام عمرته وإحرام الإفراد وإحرام العمرة المفردة إلاّ بالتلبية .
وأما حج القران فكما يتحقق إحرامه بالتلبية يتحقق بالاشعار والتقليد (3) ، والاشعار مختص بالبُدن والتقليد مشترك بين البُدن وغيرها من أنواع الهدي ، والأولى الجمع بين الاشعار والتقليد في البُدن (4) ،
____________
(1) لموثقة السكوني عن أبي عبدالله عليه السلام قال : تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه واشارته باصبعه .
(2) تشهد له صحيحة زرارة عن احدهما عليهما السلام « اذا حج الرجل بابنه وهو صغير ، فانه يأمره ان يلبي ويفرض الحج فان لم يحسن ان يلبي لبوا عنه ».
(3) وفاقاً للأكثر ، وقد نسبه في الجواهر للمشهور ، وتشهد له النصوص الكثيرة ، منها صحيحة معاوية عنه عليه السلام « يوجب الإحرام ثلاثة اشياء التلبية والاشعار والتقليد ، فاذا فعل شيئاً من هذه الثلاثة فقد احرم » ، وفي صحيحته الأخرى « والاشعار والتقليد بمنزلة التلبية » .
(4) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية « البدن تشعر في الجانب

=


( 60 )

والأحوط الاولى (1) أن يلبي القارن وإن كان عقد إحرامه بالاشعار أو التقليد .
ثم ان الاشعار : هو طعن صفحة سنام البدنة وتلطيخها بالدم ليعلم أنها هدي ، والاحوط أن يكون الطعن في الصفحة اليمنى .
نعم ، إذا كانت البُدن كثيرة جاز أن يدخل الرجل بين كل بدنتين فيشعر احدهما من الصفحة اليمنى والاخرى من اليسرى (2) .
والتقليد : هو أن يعلق في رقبة الهدي خيطاً أو سيراً أو نعلا (3)
____________
=
الايمن ويقوم الرجل في الجانب الايسر ثم يقلدها بنعل خلق قد صلى فيها » المحمولة على الاستحباب جمعا بينها وبين صحيحة الاخرى ـ وروايات أخر ـ الدالة على ان موجب الاحرام احد امور ثلاثة : التلبية ، والاشعار ، والتقليد .
(1) خروجا عن مخالفة علم الهدي والفقيه ابن ادريس من عدم انعقاد الاحرام الا بالتلبية .
(2) لقوله عليه السلام في صحيحة حريز « إذا كانت بدن كثيرة فأردت أن تشعرها ، دخل الرجل بين كلّ بدنتين فيشعر هذه من الشق الأيمن ، ويشعر هذه من الشق الايسر » .
(3) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية « يقلدها نعلا خلقا قد صليت فيه » وقوله في صحيحة زرارة « كان الناس يقلدون الغنم والبقر وانما تركه الناس حديثا ويقلدون بخيط وسير » وعدم ردع الامام مع انه في مقام

=


( 61 )

ونحوها ليعلم أنه هدي ، ولايبعد كفاية التجليل بدلا عن التقليد (1) ، وهو ستر الهدي بثوب ونحوه ليكون علامة على كونه هدياً .
مسألة 48 : لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر والأكبر في صحة الإحرام (2) ، فيصح الإحرام من المحدث بالأصغر أو الأكبر ، كالمجنب والحائض والنفساء وغيرهم .
مسألة 49 : التلبية وكذا الإشعار والتقليد لخصوص القارن بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة ، فلا يتحقق الإحرام بدونها ، فلو نوى الإحرام ولبس الثوبين وفعل شيئاً من المحرمات قبل تحقق الإحرام لم يأثم (3) وليس عليه كفّارة .
____________
=
البيان شاهد على شرعيته .
(1) يشهد له قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن تجليل الهدي وتقليدها ؟ فقال : لاتبالي أي ذلك فعلت .
(2) كما هو مقتضى النصوص الكثيرة الصريحة .
(3) إذ الأثم والكفّارة مترتب على الإحرام ، وهو مترتب على النية والتلبية فمع عدم احدهما عدمه ، مضافا الى الروايات الدالة على جواز ارتكاب محرمات الإحرام مالم يلب .
ففي صحيحة ابن الحجاج عنه عليه السلام في الرجل يقع على أهله بعدما

=


( 62 )

مسألة 50 : الافضل لمن عقد الإحرام من مسجد الشجرة أن يؤخر التلبية الى اول البيداء عند آخر ذي الحليفة حين تستوي به الأرض (1) ، وإن كان الاحوط التعجيل بها وتأخير رفع الصوت بها
____________
=
عقد الاحرام ولم يلبّ ؟ قال : ليس عليه شيء» ومثلها صحيحة البختري ، وفي صحيحة النضر بن سويد عن بعض اصحابه قال : كتبت الى ابي ابراهيم عليه السلام رجل دخل مسجد الشجرة فصلى واحرم وخرج من المسجد ، فبدا له قبل ان يلبي أن ينقض ذلك بمواقعة النساء ، أله ذلك ؟ فكتب : نعم ، او : لابأس به » وغيرها من الروايات الكثيرة .
(1) سيأتي من الماتن دام ظله أن الإحرام لاينعقد إلا بالتلبية، وعليه فجواز تأخير التلبية الى آخر ذي الحليفة معناه ان ميقات أهل المدينة هو الوادي لاخصوص المسجد ، وهو المستفاد من الجمع بين الروايات ولقد أحسن فيما أفاد حينما قال أن البيداء آخر ذي الحليفة ، لاأنها على بعد ميل من ذي الحليفة كما في كثير من المناسك ، ولعل منشأ التوهم هو قوله عليه السلام في روايات متعددة «حيث المَيْل ، الى أول مَيل على يسارك» والمقصود من الميل ليس هو المسافة وإنما الانعطاف والانحناء ، فالبيداء عند أول مَيْلٍ من ذي الحليفة باتجاه مكة ، بل يمكن دعوى ان ذا الحليفة جزء من البيداء كما هو ظاهر جملة من النصوص .
ففي صحيحة ابن سنان عنه عليه السلام قال : من أقام بالمدينة شهراً وهو يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الذي يأخذونه فليكن

( 63 )

إحرامه من مسيرة ستة أميال فيكون حذاء الشجرة من البيداء » فذيلها صريح في ان الشجرة من البيداء، فيكون الوادي جزء منها .
وفي صحيحة معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال : إن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن ابي بكر بالبيداء لاربع بقين من ذي القعدة في حجة الوداع ، فأمرها رسول الله صلى الله عليه واله فاغتسلت واحتشت وأحرمت ولبّت مع النبي صلى الله عليه واله واصحابه ... الحديث » ومثلها صحيحة العيص ، فلو كانت البيداء على بعد ميل كما في كثير من الكلمات لكان ذلك بعد إحرام وحركة الرسول الاكرم صلى الله عليه واله نحو مكة .
وفي صحيحة زرارة والفضلاء ومصححة حمران عن ابي جعفر عليه السلام أن أسماء نفست بمحمد في ذي الحليفة ، وكل من ترجم محمداً رضي الله عنه ذكر بأن ولادته كانت في ذي الحليفة أو بالشجرة ، ففي سنن ابن ماجة وابي داود وغيرهما عن عائشة ان اسماء نفست بمحمد بالشجرة ، وروى النسائي واحمد من العامة عن انس أن الرسول صلى الله عليه واله صلى الظهر بالبيداء ثم ركب وقصد جبل البيداء فأهل للحج ، وعن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه واله بات بذي الحليفة ببيداء وصلى في مسجدها ، فالشجرة وذي الحليفة والبيداء إشارة لمكان واحد .
وقد ذكرنا في المواقيت : أن الروايات في تعيين ميقات اهل المدينة على أربع طوائف ، الاولى : مادل على ان الميقات هو ذو الحليفة ، والثانية : أنه ذو الحليفة وفسر بمسجد الشجرة ، والثالثة : ذو الحليفة وفسر بالشجرة ، والرابعة: انه الشجرة ، ولاريب ان المقصود من الشجرة هو المسجد اذ من الواضح عدم كون الميقات نفس الشجرة ، فيدور الامر بين الطائفة الاولى والثانية .


( 64 )

وقد قيل في مقام الجمع ان الطائفة الثانية مفسرة للاولى او حاكمة عليها ، بمعنى ان ذا الحليفة اسم للمسجد خاصة وليس بأعم منه ، او هو أعم منه لكن التعبد ضيّق دائرته ، فتكون النتيجة أن الميقات هو خصوص المسجد .
وهو كلام متين ووفق القواعد الصناعية لو كنا نحن وهذه الطوائف فقط ، إلا انه هناك طائفة خامسة وهي صريحة في عدم انحصار الميقات في المسجد بل في بعضها نهي صريح عن الاحرام منه ، المحمول على الاستحباب جمعاً بين الروايات .
ففي صحيحة معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن التهيؤ للاحرام ، فقال : في مسجد الشجرة فقد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه واله وقد ترى أناساً يحرمون فلا تفعل حتى تنتهي إلى البيداء حيث المَيْل فتحرمون كما أنتم في محاملكم .
وصحيحة منصور بن حازم عنه عليه السلام قال : إذا صليت عند الشجرة فلا تلبّ حتى تأتي البيداء حيث يقول الناس يخسف بالجيش .
وصحيحة الحلبي عنه عليه السلام قال : الإحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول الله صلى الله عليه واله ، لاينبغي لحاج ولالمعتمر أن يحرم قبلها ولابعدها ، وقت لاهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة كان يصلي فيه ويفرض الحج فاذا خرج من المسجد وسار واستوت به البيداء حين يحاذي الميل الاول احرم» فلو كان الميقات هو خصوص المسجد فحسب لكان الصدر والذيل متهافتين فتدبر .
وصحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : صل المكتوبة ثم احرم بالحج أو المتعة واخرج بغير تلبية حتى تصعد إلى اول البيداء إلى أول ميل عن يسارك


( 65 )

...» والمراد من «ثم احرم» اي إنو الحج او العمرة ، يشهد له مرسل النضر المتقدم وصحيحة معاوية الاتية .
ومصححة علي بن جعفر عنه عليه السلام قال : سألته عن الإحرام عند الشجرة هل يحل لمن أحرم عندها ان لايلبي حتى يعلو البيداء ؟ قال : لايلبي حتي يأتي البيداء عند أول ميل ، فأما عند الشجرة فلا يجوز التلبية .
وصحيحة ابن سنان قال سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ان رسول الله صلى الله عليه واله لم يكن يلب حتى يأتي البيداء » وفي صحيحته الاخرى عنه عليه السلام : إنما لبى رسول الله صلى الله عليه واله على البيداء ، لان الناس لم يكونوا يعرفون التلبية ، فاحب ان يعلمهم كيفية التلبية » ، وغيرها من الروايات الصريحة في جواز ابتداء التلبية عند اول ميل من ذي الحليفة ، وحملها على الجهر بها خلاف صريح جملة منها ، والإلتزام بكون النية لوحدها كافية لتحقق الإحرام خلاف صريح للنصوص .
كما انه لايوجد مايعارض هذه الروايات من النهي عن التلبية عند أول ميل، نعم روايات العامة فيها تعارض واختلاف ، فعن ابن عمر ـ كما في سنن ابي داود وغيره ـ قال : بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله صلى الله عليه واله فيها ما أهل رسول الله صلى الله عليه واله إلا من عند المسجد ، وفي سنن الترمذي عن الصادق عن ابيه عليهما السلام عن جابر أن النبي صلى الله عليه واله لما أراد الحج أذن في الناس فاجتمعوا فلما اتى البيداء أحرم .
وقد حاول ابن عباس ـ كما في سنن ابي داود ـ من الجمع بين هذه الروايات المختلفة في مكان اهلال الرسول صلى الله عليه واله فقال : خرج رسول الله صلى الله عليه واله حاجا فلما صلى في مسجده بذي الحليفة


( 66 )

ركعتين أوجب في مجلسه فأهل بالحج حين فرغ من ركعتين فسمع ذلك منه من قدم فحفظه عنه ، ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل وادرك ذلك منه أقوام ... فقالوا انما أهل رسول الله حين استقلت به ناقته ، فلما علا شرف البيداء وأهل ادرك ذلك منه أقوام فقالوا انما أهل حين علا شرف البيداء » وهذا الجمع لايمكن ان يلتزم به اذ صريح نصوص الخاصة وبعض العامة تنفي أن اهلال الرسول وتلبيته كانت في المسجد فراجع .
فالصحيح في الجمع بين هذه الطوائف من الروايات ان تفسير ذي الحليفة بالمسجد من باب تسمية الكل باسم الجزء كما في قوله تعالى (سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام ) وقوله ( فلا يقربوا المسجد الحرام ) وقوله ( ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام ) ومن المعلوم ان المقصود بالمسجد في هذه الايات وغيرها هو مكة كما تفيده الروايات ، فذو الحليفة ومسجد الشجرة والشجرة كلها مسمّيات لبقعة مكانية واحدة وهي الوادي .
ويشهد لهذا الجمع ـ مضافا لما مر ـ التعبير في بعض الروايات عن ذي الحليفة بالشجرة ، ففي صحيحة ابن سنان قال : قال ابو عبدالله عليه السلام: «ذكر رسول الله صلى الله عليه واله الحج فكتب الى من بلغه كتابه ـ الى ان قال ـ فأقبل الناس فلما نزل الشجرة أمر الناس بنتف الأبط وحلق العانة والغسل والتجرد في ازار ورداء » وفي صحيحة ابن وهب « حتى تأتي الشجرة فتفيض عليك من الماء » وغيرها من الروايات .
مع انه في جملة من الروايات المفصلة لحج رسول الله صلى الله عليه


( 67 )

واله أن كل ذلك كان في ذي الحليفة ، ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام : فخرج رسول الله صلى الله عليه واله في أربع بقين من ذي القعدة ، فلما انتهى الى ذي الحليفة فزالت الشمس اغتسل ثم خرج حتى اتي المسجد الذي عند الشجرة فصلى فيه الظهر واحرم بالحج مفردا وخرج حتى انتهي الى البيداء عند الميل الاول فصف الناس له سماطين فلبى بالحج مفردا » فالرواية صريحة في ان الاغتسال في مكان من ذي الحليفة والصلاة في مكان آخر ، فالمغتسل غير المصلى مكانا .
وليس هذا مختصاً بروايات الخاصة بل هو عند العامة كذلك ، فقد روى ابو داود وابن ماجة عن عائشة ان اسماء نفست بمحمد بالشجرة ، وروى الدارمني في سننه عن الصادق عن ابيه عليهما السلام عن جابر ان أسماء نفست بذي الحليفة ، فالتعبير بالشجرة او مسجد الشجرة من باب تسمية الكل باسم الجزء شرافة وتبركا بالمسجد او الشجرة .
فما استغربه بعض الاعاظم من الفقهاء المعاصرين من مَيْلِ صاحب الحدائق قدس سره الى وجوب تأخير التلبية الى البيداء تبعا للروايات الكثيرة ليس في محله ، اذ ليس اول البيداء او بتعبير النصوص الميل الاول من ذي الحليفة خارج عن الميقات ، ولعل عدم الاعتناء والعمل بهذه الروايات لدى عدة من الفقهاء قديما وحديثا ظنهم ان الميل الاول من ذي الحليفة خارج عن الميقات ، فيقع التعارض بينه وبين روايات الميقات وإن التلبية هي المحققة للاحرام ، والله العالم .

( 68 )

الى البيداء (1)
، هذا للرجل وأما المرأة فليس عليها رفع الصوت بالتلبية أصلا .
والاولى لمن عقد الإحرام من سائر المواقيت تأخير التلبية إلى أن يمشي قليلا (2) ، ولمن عقده من المسجد الحرام تأخيرها إلى الرقطاء وهي موضع دون الردم (3) ، والردم موضع بمكة قيل : يسمى الان بمدعى بالقرب من مسجد الراية قبيل مسجد الجن .
مسألة 51 : الواجب من التلبية مرة واحدة ، نعم يستحب الإكثار منها وتكرارها ما استطاع ، والأحوط (4) لمن اعتمر عمرة التمتع قطع
____________
(1) وهو خلاف جملة من الروايات ، بل مقتضى الجمع بينها هو افضلية التلبية عند المَيل الاول ، والله العالم .
(2) لقوله عليه السلام في صحيحة هشام « وإن شئت لبّيت من موضعك، والفضل أن تمشي قليلا ثم تلبي » بحيث عدم الخروج من الميقات .
(3) لقوله عليه السلام في صحيحة الفضلاء « فإن شئت لَبّيْتَ خلف المقام وأفضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء وتلبي قبل ان تصير إلى الابطح » .
(4) وجزم بوجوب القطع السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته وقواه البعض الاخر ، وقد أدعي عليه الاجماع وقطع الاصحاب تبعا للروايات المتعددة، ولعل وجه احتياط الماتن دام ظله صحيحة زرارة قال سألته عليه

=


( 69 )

التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكة القديمة ، وحده لمن جاء من أعلى مكة عن طريق المدينة «عقبة المدنيين» ولمن جاء من أسفها «عقبة ذي طوى» .
كما أن الأحوط (1) لمن اعتمر عمرة مفردة قطعها عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم ، وعند مشاهدة موضع بيوت مكة اذا كان إحرامه من أدنى الحل ، ولمن حجّ بأيّ نوع من أنواع الحج قطعها
____________
=
السلام أين يمسك المتمتع عن التلبية ؟ فقال : إذا دخل البيوت بيوت مكة لابيوت الابطح » ، وصحيحة البزنطي عن ابي الحسن الرضا عليه السلام « أنه سال عن المتمتع متى يقطع التلبية ، قال : إذا نظر الى عراش مكة عقبة ذي طوى، قلت : بيوت مكة ، قال : نعم » .
ودعوى : بعض الاعلام ان صحيحة زرارة مجملة حيث لايعلم ماالمقصود من بيوت مكة هل القديمة او تعم البيوت المستحدثة فتكون الروايات الناصة على قطع التلبية اذا نظر الى بيوت مكة القديمة مبينة للمراد منها.
في غاية الفساد : اذ الابطح هو حد مكة القديمة ، فالمقصود من بيوت مكة في صحيحة زرارة هي مكة القديمة لا المستحدثة .
(1) وجزم به وبشقه الثاني السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته ، وهو المشهور ، ووجه التوقف اختلاف الروايات ، والامر سهل .

( 70 )

عند الزوال من يوم عرفة (1) .
مسألة 52 : إذا شك بعد لبس الثوبين وقبل التجاوز من المكان الذي لايجوز تأخير التلبية عنه في أنه قد أتى بها أم لا بنى على عدم الاتيان (2) ، واذا شك بعد الاتيان بالتلبية انه أتى بها صحيحة أم لا بنى على الصحة (3) .
الأمر الثالث : لبس الثوبين : (الازار والرداء) بعد التجرد عما يجب على المحرم اجتنابه ، ويستثنى من ذلك الصبيان، فيجوز تأخير تجريدهم إلى فخ (4) إذا ساروا من ذلك الطريق.
والظاهر أنه لايعتبر في لبسهما كيفية خاصة ، فيجوز الإتزار
____________
(1) نصاً واجماعا .
(2) لأصالة العدم .
(3) لقاعدة الفراغ .
* وإذا تبين له بعد الوقوفين أنه لم يؤد التلبية بصورة صحيحة فإن كان اللحن لايمنع من صدق التلبية عرفا فلا شيء عليه وإلا فليجددها في مكانه ويصح حجه أيضا .
(4) لصحيحة ابن الحر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصبيان من اين نجردهم ؟ فقال : « كان أبي يجردهم من فخ » ، ونحوه صحيحة علي بن جعفر ، وفخ بئر معروف على فرسخ من مكة .

( 71 )

بأحدهما كيف شاء ، والارتداء بالآخر أو التوشح به أو غير ذلك من الهيئات ، وإن كان الأحوط لبسهما على الطريق المألوف (1) .
مسألة 53 : لبس الثوبين للمحرم واجب استقلالي وليس شرطاً في تحقق الإحرام على الأظهر (2) .
مسألة 54 : الأحوط (3) في الازار ان يكون ساتراً من السرة إلى الركبة، وفي الرداء ان يكون ساتراً للمنكبين والعضدين وقدرا معتدا به من الظهر .
والأحوط وجوبا كون اللبس قبل النيّة والتلبية (4) ولو قدمهما عليه فالاحوط الاولى إعادتهما بعده (5) ·
____________
(1) لقول الحجة عليه السلام في مكاتبة الحميري « والأحب إلينا والافضل لكل أحد شده على السبيل المألوفة المعروفة للناس جميعا إن شاء الله» ومنشأ الاحتياط ضعف السند .
(2) كما هو ظاهر جملة من الروايات الكثيرة .
(3) وجزم به السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته ، ولادليل عليه ظاهراً إلا دعوى أن ذلك مسمى الصدق العرفي في الاتزار والارتداء ، فتأمل .
(4) كما نسب للمشهور ، ووجه التوقف ان لبس الثوبين كما مر واجب مستقل لاشرطا في تحقق الاحرام .
(5) لاحتمال شرطيته للإحرام .

( 72 )

مسألة 55 : لو احرم في قميص جاهلاً أو ناسياً نزعه وصح إحرامه (1) ، بل الأظهر صحة إحرامه حتى فيما إذا احرم فيه عالماً عامداً (2) ، واما إذا لبسه بعد الإحرام فلا إشكال في صحة إحرامه ، ولكن يلزم عليه شقه واخراجه من تحت (3) ·
مسألة 56 : لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام وبعده للتحفظ من البرد أو الحر أو لغير ذلك (4) ·
____________
(1) إذ التجرد عن المخيط ليس شرطاً في صحة الإحرام ، ولو كان شرطاً لوجب تجديد النية والتلبية ، وظاهر الروايات نفيه ، ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام في رجل احرم وعليه قميصه ، فقال : « ينزعه ولا يشقه وإن كان لبسه بعدما احرم شقه واخرجه مما يلي رجليه » وظهورها في عدم الاشتراط واضحة ، والظاهر انه لا خلاف بينهم في ذلك .
(2) لعدم كون لبس الثوبين شرطا في صحة الاحرام ، وعدم كون التروك دخيلة في الاحرام ، إذ كما مر قصد ترك المحرمات أو قصدها ـ في الجملةـ ليس من شروط او موانع الاحرام فراجع .
(3) لصحيحة ابن عمّار المتقدمة .
(4) لعدم المانع ، مضافا لصحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يتردى بالثوبين ، قال عليه السلام : « نعم والثلاثة ان شاء يقي بها الحر والبرد » .

( 73 )

مسألة 57 : يعتبر في الثوبين نفس الشروط المعتبرة في لباس المصلي (1) ، فيلزم ان لا يكونا من الحرير الخالص (2) ، ولا من اجزاء السباع ، بل مطلق مالايؤكل لحمه على الاحوط (3) ، ولا من المُذّهب ، ويلزم طاهرتهما كذلك (4) ، نعم لا باس بتنجسهما بنجاسة معفو عنها
____________
(1) نصاً واجماعاً ، ففي صحيحة حرير عنه عليه السلام «كل ثوب تصلي فيه فلا بأس ان تحرم فيه » .
(2) تشهد له صحيحة ابي بصير قال : سئل أبو عبدالله عليه السلام عن الخميصة سداها ابريسم ولحمتها من غزل ؟ قال : لابأس بأن يحرم فيها ، إنما يكره الخالص منه » وغيرها .
(3) وجزم به السيد الخوئي وأعاظم تلامذته وهو المشهور بين العلماء، ولعل وجه التوقف أن صحيحة حريز المتقدمة غاية ماتدل على أن كل ثوب يصلى فيه يصح الاحرام فيه، وليس لها دلالة على ان كل مالايصلى فيه لايحرم فيه بل هي ساكتة عن هذا الحكم ، فتأمل .
وكان الاولى للماتن دام ظله أن يتوقف في اجزاء السباع اذ لامستند لحرمة مالايأكل لحمه إلا صحيحة حريز على الظاهر ، نعم وردت مجموعة من الصحاح تنهي عن الصلاة في جلود السباع ، ولعله للنهي عن الصلاة فيما لايأكل لحمه ، فراجع .
(4) ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : سألته عن المحرم يقارن بين ثيابه التي احرم فيها وبين غيرها ؟ قال : نعم اذا كانت طاهرة .

( 74 )

في الصلاة (1) .
مسألة 58 : الأحوط في الازار ان يكون جميعه ساتراً للبشرة غير حاك عنها (2) ، ولايعتبر ذلك في الرداء (3) .
مسألة 59 : الاحوط الأولى في الثوبين ان يكونا من المنسوج ، ولا يكونا من قبيل الجلد والملبّد (4) .
مسألة 60 : يختص وجوب لبس الازار والرداء بالرجال دون النساء، فيجوز لهنّ أن يحرمنّ في ألبستهنّ العادية (5) على أن تكون واجدة للشرائط المتقدمة .
مسألة 61 : ان حرمة لبس الحرير وإن كانت تختص بالرجال ولا يحرم لبسه على النساء إلاّ أن الاحوط (6) للمرأة ان لا يكون ثوبها من
____________
(1) ومستنده صحيحة حريز المتقدمة .
(2) وجزم به السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته ، ومستندهم في ذلك صحيحة حريز وقد تقدم الاشكال في دلالتها والتأمل فراجع .
(3) لصحة الصلاة فيه .
(4) لشبهة إحتمال عدم صدق الثوبين عليهما .
(5) يمكن ان يستفاد ذلك من روايات جواز لبس المخيط لهنَّ وغير ذلك .
(6) وجزم بعدم الجواز السيد الخوئي واعاظم تلامذته ، ومن القدماء

=


( 75 )

الحرير ، بل الاحوط ان لاتلبس شيئا من الحرير الخالص في جميع أحوال الإحرام (1) إلا في حال الضرورة كالاتقاء من البرد والحر (2) .
مسألة 62 : إذا تنجس أحد الثوبين أو كلاهما بعد التلبس بالإحرام فالأحوط (3) المبادرة إلى التبديل أو التطهير (4) .
____________
=
الصدوق والشيخ في المقنعة والسيد في الجمل والشهيد في الدروس ، وذهب الى الجواز المفيد في احكام النساء وابن ادريس وأكثر المتأخرين ، ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات ، ولعل النصرة للقائلين بالجواز والله العالم .
(1) لاطلاق النصوص .
(2) ففي موثقة سماعة عنه عليه السلام « لاينبغي للمرأة أن تلبس الحرير المحض وهي محرمة ، فاما في الحر والبرد فلا بأس » .
(3) مر انه يشترط طهارة ثوبي الاحرام عند عقده ، وهل يشترط ذلك استدامة كما هو ابتداءا ؟ مقتضى ظهور جملة من الروايات اشتراط ذلك ، ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال: سألته عن المحرم يقارن بين ثيابه التي احرم فيها وبين غيرها، قال : نعم إذا كانت طاهرة » وفي صحيحة الاخرى قال : سألته عن المحرم يصيب ثوبه الجنابة ؟ قال : لايلبسه حتى يغسله، واحرامه تام» ودعوى ان قوله عليه السلام «لايلبسه» ظاهر في أنه لم يتحقق اللبس بعد ، باطلة لاستعمال مثل هذه الصيغة في الرفع والدفع ، ومع اشتراط الطهارة استدامة لابد من المبادرة العرفية للتطهير او التبديل .
(4) * فمرشد الحاج او غيره اذا تطلب عمله ان يبقى فترة طويلة في