مسألة 63 : لا تجب الاستدامة في لباس الإحرام ، فلا بأس بإلقائه عن متنه لضرورة أو غيره ضرورة (1) ، كما لا بأس بتبديله على ان يكون البدل واجداً للشرائط .

تروك الإحرام

قلنا في ما سبق : إن الإحرام لا ينعقد بدون التلبية أو ما بحكمها وإن حصلت منه نية الإحرام ، وإذا أحرم المكلّف حرمت عليه أمور ، وهي خمسة وعشرون (2) كما يلي :
1 ـ الصيد البري ، 2 ـ مجامعة النساء 3 ـ تقبيل النساء ، 4 لمس المرأة ، 5 ـ النظر إلى المرأة وملاعبتها ، 6 ـ الاستمناء ، 7 ـ عقد النكاح 8 ـ استعمال الطيب ، 9 ـ لبس المخيط أو مابحكمه للرجل ،
____________
(1) وهي على ثلاثة أقسام ، الأول : مشترك بين الرجال والنساء ، والثاني ، مختص بالرجال دون النساء ، والثالث ، مختص بالنساء دون الرجال .
(2) وهي على ثلاثة أقسام، الأول : مشترك بين الرجال والنساء ، والثاني ، مختص بالرجال دون النساء، والثالث ، مختص بالنساء دون الرجال·

( 77 )

10 ـ التكحل ، 11 ـ النظر في المرآة ، 12 ـ لبس الخف والجورب للرجال 13 ـ الفسوق ، 14 ـ المجادلة ، 15 ـ قتل هوام الجسد، 16 التزين ، 17 ـ الأدهان 18 ـ إزالة الشعر من البدن ، 19 ـ ستر الرأس للرجال وهكذا الارتماس في الماء حتى على النساء ، 20 ـ ستر الوجه للنساء ، 21 ـ التظليل للرجال ، 22 ـ إخراج الدم من البدن ، 23 ـ التقليم ، 24 ـ قلع الضرس 2على قول ، 25 ـ حمل السلاح.

1 ـ الصيد البري

مسألة 64 : لا يجوز للمحرم استحلال شيء من صيد البرّ، سواء في ذلك اصطياده وقتله وجرحه وكسر عضو منه ، بل مطلق إيذائه ، كما لايجوز ذلك للمحلّ في الحرم أيضا ، والمراد بالصيد الحيوان الممتنع بالطبع وإن تأهل لعارض ، ولافرق فيه بين أن يكون محلّل الأكل أم لا على الاظهر (1) .
مسألة 65 : تحرم على المحرم إعانة غيره ـ مُحلاً كان أو محرماً ـ على صيد الحيوان البرّي ، حتى بمثل الاشارة إليه ، بل الأحوط عدم
____________
(1) لشمول إطلاق الروايات لكل حيوان بري مطلقا .

( 78 )

إعانته في مطلق مايحرم على المحرم استحلاله من الصيد .
مسألة 66 : لا يجوز للمُحرِم إمساك الصيد البري ، والاحتفاظ به سواء اصطاده هو ـ ولو قبل إحرامه ـ أم غيره في الحلّ أم الحرم .
مسألة 67 : لايجوز للمحرم أكل شيء من الصيد وإن كان قد اصطاده المحل في الحلّ ، كما يحرم على المحلّ ـ على الاحوط ـ مااصطاده المحرم في الحل قتله بالاصطياد أو ذبحه بعد اصطياده ، وكذلك يحرم على المحلّ مااصطاده أو ذبحه المحرم أو المحلّ في الحرم .
* مسألة 68 : إذا اصطاد المحرم حيوانا في الحرم فأخرجه إلى خارج الحرم جاهلا بالحكم أو عالما به يجب عليه إعادته إلى الحرم.
مسألة 69 : يثبت لفرخ الصيد البّري حكم نفسه ، وأما بيضه فلا يبعد حرمة أخذه وكسره وأكله على المحرم ، والاحوط ان لايعين غيره على ذلك ايضا .
مسألة 70 : الأحكام المتقدمة ـ كما ذكرنا ـ إنما تختص بصيد البرّ، ومنه الجراد ، وأما صيد البحر فلا بأس به ، والمراد بصيد البحر ما يعيش في الماء فقط كالسمك ، واما ما يعيش في الماء وخارجه فملحق بالبري ، ولا بأس بصيد ما يشك في كونه برياً على الأظهر .
مسألة 71 : كما يحرم على المحرم صيد البرّ كذلك يحرم عليه


( 79 )

قتل شيء من الدوابّ وإن لم يكن من الصيد ، ويستثنى من ذلك موارد :
1 ـ الحيوانات الاهلية ـ إن توحشت ـ كالغنم والبقر والإبل ، ومالايستقلّ بالطيران من الطيور كالدجاج حتى الدجاج الحبشي (الغرغر) فإنه يجوز له ذبحها ، كما لابأس بذبح مايشك في كونه أهلياً.
2 ـ ماخشيه المحرم على نفسه أو أراده من السباع والحيات وغيرهما ، فإنه يجوز له قتله .
3 ـ سباع الطيور إذا آذت حمام الحرم ، فيجوز قتلها أيضاً .
4 ـ الأفعى والأسود الغدر وكل حيّة سوء والعقرب والفارة ، فإنه يجوز قتلها مطلقاً ، ولاكفارة في قتل شيء ممّا ذكر ، كما لاكفارة في قتل السباع مطلقا ـ إلا الاسد ـ على المشهور .
وقيل بثبوت الكفارة ـ وهي قيمته ـ في قتل مالم يرده منها .
مسألة 72 : لابأس للمحرم أن يرمي الغراب والحدأة ، ولاكفارة لو أصابهما الرمي وقتلهما .
* مسألة 73 : لايجوز للمحرم قتل الوزغ .

1 ـ كفّارات الصيد

مسألة 74 : في قتل النعامة بدنة ، وفي قتل بقرة الوحش بقرة ،


( 80 )

وكذا في قتل حمار الوحش على الأحوط ، وفي قتل الظبي والأرنب شاة ، وكذلك في الثعلب على الأحوط .
مسألة 75 : من اصاب شيئاً من الصيد ، فان كان فداؤه بدنة ولم يجد مايشتريه به فعليه اطعام ستين مسكيناً ، لكل مسكين مد ، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً ، وإن كان فداؤه بقرة ولم يجدها فليطعم ثلاثين مسكيناً ، فإن لم يقدر صام تسعة أيام ، وإن كان فداؤه شاة ولم يجد فليطعم عشرة مساكين ، فإن لم يقدر صام ثلاثة أيام .
مسألة 76 : في قتل القطاة والحجل والدراج ونظيرها حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر ، وفي العصفور والقبرة والصعوة مد من الطعام على الاظهر ، وفي قتل غير ماذكر من الطيور ـ كالحمامة ونحوها ـ شاة ، وفي فرخه حمل أو جدي ، وحكم بيضه إذا كان فيه فرخ يتحرّك حكم الفرخ ، وإذا كان فيه فرخ لايتحرّك ففيه درهم ، وكذا إذا كان مجردا عن الفرخ على الاحوط ، وفي قتل جرادة واحدة تمرة أو كف من الطعام ، والثاني افضل، ومع التعدد تتعدد الكفارة إلا إذا كان كثيرا عرفا فإن فيه شاة .
مسألة 77 : في قتل اليربوع والقنفذ والضب جدي وفي قتل العظاية كف من الطعام .
مسألة 78 : في قتل الزنبور متعمداً إطعام شيء من الطعام ، واذا كان القتل دفعاً لايذائه فلا شيء عليه .


( 81 )

مسألة 79 : إذا أصاب المحرم الصيد في خارج الحرم فعليه الفداء، او قيمته السوقية فيما لاتقدير لفديته ، وإذا أصابه المحلّ في الحرم فعليه القيمة ، إلا في الاسد فإن فيه كبشا على الاظهر ، وإذا أصابه المحرم في الحرم فعليه الجمع بين الكفارتين .
مسألة 80 : يجب على المحرم ان ينحرف عن الجادة إذا كان فيها الجراد ، فان لم يتمكن فلا بأس بقتلها .
مسألة 81 : لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد ، فعلى كل واحد منهم كفّارة مستقلة .
مسألة 82 : كفّارة أكل الصيد ككفارة الصيد نفسه ، فلو صاده المحرم وأكله فعليه كفارتان .
مسألة 83 : إذا كان مع المحل صيد ودخل الحرم يجب عليه ارساله ، فان لم يرسله حتى مات لزمه الفداء ، ومن أحرم ومعه صيد حرم عليه إمساكه مطلقا كما تقدم ، وإن لم يرسله حتى مات لزمه الفداء ولو كان ذلك قبل دخول الحرم على الأحوط .
مسألة 84 : لا فرق في وجوب الكفّارة في قتل الصيد وأكله بين العمد والسهو والجهل .
مسألة 85 : تتكرر الكفّارة بتكرر الصيد لخطأ أو نسيان أو اضطرار أو جهل يعذر فيه ، وكذلك في العمد إذا كان الصيد من المحل في الحرم ، أو من المحرم مع تعدد الإحرام ، واما اذا تكرر الصيد عمدا


( 82 )

من المحرم في إحرام واحد فلا تجب الكفارة بعد المرة الاولى ، بل هو ممن قال الله تعالى فيه : ( ومن عاد فينتقم الله منه ) .

2 ـ مجامعة النساء

مسألة 86 : يحرم على المحرم الجماع أثناء عمرة التمتع، وكذا أثناء العمرة المفردة وأثناء الحج قبل الاتيان بصلاة طواف النساء (1) .
مسألة 87 : إذا جامع المتمتع أثناء عمرته قُبلاً أو دُبراً عالماً عامداً فإن كان بعد الفراغ من السعي لم تفسد عمرته ووجبت عليه الكفّارة (2) وهي على الاحوط جزور أو بقرة (3) ، وإن كان قبل الفراغ
____________
(1) بلا خلاف في ذلك أصلا .
(2) كما هو مقتضى النصوص .
(3) وذهب بعض الاعاظم إلى ان كفارته شاة والاحوط مافي المتن ، وخيّر آخر بين الجزور والبقرة والشاة وإن كان الاحوط ان يكفّر الموسر بالجزور والمتوسط بالبقرة .
والروايات على ثلاث طوائف ، ففي صحيحة معاوية انه ينحر جزورا ، وفي صحيحة الحلبي عليه جزور او بقرة ، وفي صحيحة ابن مسكان عليه دم

=


( 83 )

من السعي فكفّارته كما تقدم (1) ، والاحوط (2) أن يتم عمرته ويأتي بالحج بعدها ثم يعيدهما في العام المقبل .
مسألة 88 : اذا جامع المُحِرم للحج امرأته قُبلاً أو دُبراً عالماً عامداً قبل الوقوف بالمزدلفة ، وجبت عليه الكفّارة وإتمام الحج وإعادته في العام القابل ، سواء كان الحج فرضاً أو نفلاً (3) ، وكذلك المرأة إذا كانت مُحرمة وعالمة بالحال ومطاوعة له على الجماع ، ولو
____________
=
شاة ، ومقتضى الجمع بينها إما التخيير والحمل على الافضلية ، وإما ماذهب اليه المشهور بالترتيب بين الموسر ومتوسط الحال والفقير استئناسا بالروايات الواردة في بعض احكام النظر ، والذي يساعد عليه الاعتبار هو الاول ، إلا ان مخالفة المشهور ـ بل دعوى الاجماع ـ مشكل فلا يترك الاحتياط .
(1) لكون وجوبها قبل السعي اولى من بعده .
(2) واستظهر السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته عدم بطلانها والاحوط استحبابا إعادتها مع الامكان وإلا اعاد حجه في القابل .

ووجه الاحتياط عدم الدليل على فسادها سوى ذهاب المشهور والقول بعدم الخلاف فيه ، ودعوى تساوي العمرتين في جملة من الاحكام والشرائط إلا ماأخرجه الدليل ، وايماء بعض الروايات ، وفي الكل نقاش ، والله العالم .
(3) نصاً واجماعاً .

( 84 )

كانت المرأة مكرهة على الجماع فلا شيء عليها (1) ، وتجب على الزوج المكرِه كفّارتان (2) .
وكفارة الجماع بدنه ومع العجز عنها شاة (3) ، ويجب التفريق بين الرجل والمرأة في حجتهما ـ بأن لايجتمعان إلا إذا كان معهما ثالث ـ إلى أن يفرغا من مناسك الحج حتى أعمال منى ويرجعا الى نفس المحل الذي وقع فيه الجماع (4) ، ولو رجعا من غير ذلك الطريق
____________
(1) يشهد له صحيحة سليمان بن خالد عن ابي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن رجل باشر امرأته وهما محرمان ما عليهما ؟ فقال : إن كانت المرأة أعانت بشهوة مع شهوة الرجل فعليهما الهدي جميعا ، ويفرّق بينهما حتى يفرغان من المناسك ، وحتى يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا ، وإن كانت المرأة لم تعن بشهوة واستكرهها صاحبها فليس عليها شيء .
(2) يشهد له مصححة ابن ابي حمزة عن ابي الحسن عليه السلام وفيها « إن كان استكرهها فعليه بدنتان » ، ومثلها صحيحة معاوية عن ابي عبدالله عليه السلام .
(3) لقوله عليه السلام في صحيحة علي بن جعفر « فمن رفث فعليه بدنة ينحرها فان لم يجد فشاة » .
(4) تدل عليه صحيحة ابن خالد المتقدمة وغيرها من الصحاح ، والحكم محل وفاق بين الاعلام ، إلا في غاية الافتراق .

( 85 )

جاز أن يجتمعا إذا قضيا المناسك (1) .
كما يجب التفريق بينهما أيضا في الحجة المعادة من حين الوصول الى محل وقوع الجماع إلى وقت الذبح بمنى (2) ، بل الاحوط استمرار التفريق إلى الفراغ من تمام الأعمال والرجوع إلى المكان الذي وقع فيه الجماع (3) .
مسألة 89 : إذا جامع المحرم امرأته عالماً عامداً بعد الوقوف بالمزدلفة ، فان كان قبل طواف النساء وجبت عليه الكفّارة على النحو المتقدم (4) ،
____________
(1) تدل عليه صحيحةالحلبي عن الصادق عليه السلام وصحيحة محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام المروية في مستطرفات السرائر نقلا عن نوادر البزنطي .
(2) ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام « وعليه الحج من قابل فإذا انتهي الى المكان الذي وقع بها فرّق محملاهما فلم يجتمعا في خباء واحد إلا أن يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدى محله .
(3) لقوله عليه السلام في صحيحة زرارة « وعليهما الحج من قابل ، فإذا بلغا المكان الذي احدثا فيه فرّق بينهما حتى يقضيا نسكهما ، ويرجعان الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا » .
(4) لقوله عليه السلام في صحيحة علي بن جعفر عن رجل واقع امرأته

=


( 86 )

ولكن لا تجب عليه الإعادة (1) ، وكذلك إذا كان جماعة قبل إتمام الشوط الرابع من طواف النساء (2) ، واما إذا كان بعده فلا كفّارة
____________
=
قبل طواف النساء متعمدا ماعليه ؟ فقال : يطوف وعليه بدنة .
(1) لمفهوم صحيحة معاوية عنه عليه السلام « إذا وقع الرجل بامرأته دون مزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل » مضافا الى اختصاص وجوب الاعادة بمن جامع قبل المشعر لابعده ، والحكم اجماعي .
(2) ففي مصححة ابي بصير في رجل نسي طواف النساء قال اذا زاد على النصف وخرج ناسيا أمر من يطوف عنه وله أن يقرب النساء اذا زاد على النصف » فجواز المقاربة بعد النصف لازمه عدم وجوب الكفارة ، ولايتوقف في سنده لوجود البطائني إذ الاصحاب قاطعوه بعد وقفه ، وإن الراوي عنه هو وجه الاصحاب في زمانه احمد بن محمد البزنطي الجليل ، مضافا الى ان ابا بصير له كتاب في الحج رواه عنه ايضا الحسين بن ابي العلاء .
ويؤيدها صحيحة حمران عن ابي جعفر عليه السلام قال : سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج الى منزله فنقص ثم غشي جاريته ، قال : يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ماكان قد بقي عليه من طوافه ويستغفر الله ولايعود ، وإن كان طوف طواف الفريضة فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشي فقد أفسد حجه وعليه بدنه ويغتسل ثم يعود فيطوف اسبوعا » فقد استدل العلامة في المختلف بمفهوم ذيل الرواية من انه اذا تجاوز النصف

=


( 87 )

عليه ايضا .
مسألة 90 : من جامع امرأته عالماً عامد في العمرة المفردة وجبت عليه الكفّارة على النحو المتقدم (1) ، ولا تفسد عمرته إذا كان الجماع بعد السعي (2) ، واما إذا كان قبله بطلت عمرته ، ووجب عليه أن يقيم بمكة إلى شهر آخر ثم يخرج إلى احد المواقيت الخمسة المعروفة ويحرم منه للعمرة المعادة (3) ، ولايجزئه الإحرام من أدنى
____________
=
لاكفارة .
(1) لصحيحة علي بن جعفر المتقدمة .
(2) لأصالة الصحة وعدم الدليل على البطلان .
(3) ففي صحيحة مسمع عن ابي عبدالله عليه السلام في الرجل يعتمر عمرة مفردة ثم يطوف بالبيت طواف الفريضة ثم يغشى أهله قبل ان يسعى بين الصفا والمروة ، قال : قد أفسد عمرته وعليه بدنة وعليه أن يقيم بمكة حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ثم يخرج الى الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه واله لاهله فيحرم منه ويعتمر » وفي صحيحة بريدة قال : سألت ابا جعفر عليه السلام عن رجل اعمر عمرة مفردة فغشي أهله قبل أن يفرغ من طوافه وسعيه ، قال : عليه بدنة لفساد عمرته ، وعليه أن يقيم الى الشهر الاخر فيخرج الى بعض المواقيت فيحرم بعمرة » ومثلها معتبرة احمد بن ابي علي عنه عليه السلام .
وقد حاول بعض الاعلام المعاصرين استفادة صحة عمرته من أمره عليه

=


( 88 )

الحل على الأحوط (1) ، والأحوط (2) له إتمام العمرة الفاسدة أيضا .
____________
=
السلام للرجل بان يقيم الى الشهر الاخر بدعوى انه لو كانت العمرة الاولى فاسدة فوجودها كالعدم فلا تمنع عن الاتيان بعمرة اخرى في شهرها ، فالفساد في الرواية ليس بمعنى البطلان وإنما قلة الكمال والفضيلة .
وفيه : أنه لو كان كذلك لامره عليه السلام باتمام عمرته الفاسدة ثم الاعادة، كالحج اذا جامع قبل الوقفين فان الاولى هي حجته والمعادة عقوبة له ، وحيث ان الامام عليه السلام لم يأمر باتمامها ـ وهو في مقام البيان ـ فلا يمكن ان نحمل الفساد فيها على التجوز والعناية ، مضافا الى أنه دام ظله بعد ذلك صرّح بعدم الدليل على اتمام العمرة الفاسدة .
(1) للامر بالخروج الى بعض المواقيت كما هو صريح الروايات المتقدمة ، والظاهر أنها المواقيت الخمسة التي وقتها رسول الله صلى الله عليه واله ، والشاهد عليه مافي صحيحة مسمع من الخروج الى ميقات أهله ، إلا ان احتمال شمولها لا دني الحل لكونه ميقاتا للعمرة المفردة لعله لايخلو من وجه ، سيما اذا أحرم للعمرته الفاسدة منه فتأمل .
(2) لعدم الاشارة اليه في النصوص مع أنها في مقام البيان ، مضافا الى صحيحة ضريس عن رجل امر جاريته أن تحرم من الوقت فأحرمت ولم يكن هو أحرم ، فغشيها بعدما أحرمت ، قال : يأمرها فتغتسل ، ثم تحرم ولاشيء عليه » إلا ان الاحتياط لايترك لقوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) ، ولعل الفساد في النصوص لابمعناه الاصطلاحي بل بمعنى النقصان في الكمال

=


( 89 )

مسألة 91 : إذا جامع المحلّ زوجته المحرمة ، فإن كانت مطاوعة وجبت عليها كفارة بدنه ، وإن كانت مكرَهة فلا شيء عليها (1) ووجبت الكفارة على زوجها على الاحوط (2) ، بل الاحوط أن يغرم
____________
=
والله العالم .
(1) تدل عليه جملة من النصوص .
(2) قلت : المقطوع في كلام الاصحاب أن المحلّ اذا جامع أمته المحرمة بإذنه عليه بدنة أو بقرة أو شاة ، تمسكا بموثقة ابن عمار قال : قلت لابي الحسن عليه السلام أخبرني عن رجل محل وقع على أمة له محرمة ؟ قال: موسراً أو معسراً ؟ قلت : أجبني فيهما ، قال : هو أمرها أو لم يأمرها أو أحرمت من قبل نفسها ؟ قلت : أجبني فيهما ، فقال : إن كان موسرا وكان عالما أنه لاينبغي له وكان هو الذي امرها بالاحرام فعليه بدنة ، وإن شاء بقرة وإن شاء شاة ، وإن لم يكن أمرها بالاحرام فلا شيء عليه مؤسرا كان أو معسرا ، وإن كان أمرها وهو معسر فعليه دم شاة أو صيام » وحيث أنها في خصوص الأمة فإسراء الحكم الى الزوجة الحرة لعل فيه شائبة الاشكال .
إلا ان يقطع بعدم الخصوصية بالنسبة للكفّارة ، ولعله كذلك لصحيحة معاوية عن ابي عبدالله عليه السلام ـ في حديث ـ قال : سألته عن رجل قبّل امرأته وقد طاف طواف النساء ولم تطف هي ، قال : عليه دم يهريقه من عنده » فإذا كانت القبلة كذلك ففي الجماع من باب أولى .
ويدل على خصوص المقام صحيحة ابي بصير قال : قلت لابي عبدالله

=


( 90 )

الكفارة عنها في الصورة الاولى أيضا (1) .
مسألة 92 : إذا جامع المحرم امرأته جهلاً أو نسياناً صحت عمرته وحجه ولا تجب عليه الكفّارة ، وهذا الحكم يجري في المحرمات الآتية التي توجب الكفّارة ، بمعنى ان ارتكاب أي عمل على المحرم لا يوجب الكفّارة إذا كان صدوره منه ناشئاً عن جهل أو نسيان (2) .
ويستثنى من ذلك موارد :
1 ـ ماإذا نسي الطواف في الحج أو العمرة حتى رجع الى بلاده
____________
=
عليه السلام : رجل أحل من احرامه ولاتحل امرأته فوقع عليها ، قال : عليها بدنة يغرمها زوجها » وجعلها سيد الفقهاء والمجتهدين في خصوص المُحرم الذي احلّ من احرامه ، ولعل فيه تأمل لعدم الخصوصية بشهادة الموثقة السابقة، وكونها في الامة لايمنع التمسك بها في ثبوت الكفارة إذ لاخصوصية من هذه الجهة ، نعم ماذهب اليه هو وجه الجمع بين موثقة عمار وصحيحة ضريس المتقدمة .
(1) لعدم التفصيل في صحيحة ابي بصير بين الاكراه والمطاوعة .
(2) قال في المدارك : انه مذهب الاصحاب لانعلم فيه مخالفا ، وفي الذخيرة انه المعروف من مذهبهم وفي الرياض لاخلاف فيه مطلقا ، وتدل عليه الروايات الكثيرة .

( 91 )

وواقع أهله .
2 ـ ما إذا نسي شيئا من السعي في عمرة التمتع فأحل باعتقاد الفراغ منه .
3 ـ من أمّرَ يده على رأسهِ أو لحيتهِ عبثاً فسقطت شعرة أو أكثر .
4 ـ ما إذا ادّهن بالدهن الطيب او المطيّب عن جهل ، ويأتي جميع ذلك في محالّها .

3 ـ تقبيل النساء

مسألة 93 : لايجوز للمحرم تقبيل زوجته عن شهوة ، فلو قبّلها كذلك وخرج منه المنيّ فعليه كفّارة بدنة (1) ، وإذا لم يخرج منه المنيّ فلا يبعد كفاية التكفير بشاة (2) ، وإذا قبّلها لا عن شهوة وجبت عليه
____________
(1) لقوله عليه السلام في صحيحة مسمع « يا ابا سيار إن حال المحرم ضيقة إن قبل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ، وإن قبّل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور ويستغفر الله » .
(2) واختاره ابن ادريس والديلمي وابن زهرة وهو مقتضى إطلاق الفقيه ، لاشتراط الانزال في الجزور كما هو ظاهر الصحيحة المتقدمة ، وذهب الاكثر الى كفاية التقبيل بشهوة في الجزور لمصححة البطائني قال : سألته عن

=


( 92 )

الكفّارة على الاحوط (1) وهي شاة .
مسألة 94 : إذا قبّل المحلّ زوجته المحرمة فالاحوط أن يكفر بدم شاة (2) .

4 ـ مسّ النساء

مسألة 95 : لايجوز للمحرم أن يمسّ زوجته أو يحملها أو يضمّها
____________
=
رجل قبّل امرأته وهو محرم ؟ قال عليه بدنة وإن لم ينزل ، وليس له أن يأكل منها » ولذا توقف في المسألة سيد الفقهاء والمجتهدين الخوئي .
(1) وفاقا للنهاية والمبسوط والشرائع والقواعد وغيرها، لصدر الصحيحة المتقدمة ، وفي قبالها رواية الحسين بن حماد قال : سألت ابا عبدالله عليه السلام عن المحرم يقبل أمه قال: لاباس ، هذه قبلة رحمة ، انما تكره قبلة الشهوة » واسنادها غير نقي وفق المباني الرجالية المتشددة فلاحظ ، ومع اعتبارها فهي وإن كانت في خصوص الأَم لكن قوله عليه السلام «انما تكره» بمثابة الضابطة الكلية فلا تغفل ، والله العالم .
(2) تشهد له صحيحة معاوية المتقدمة ، وحسنة زرارة أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل قبّل امرأته وقد طاف طواف النساء ولم تطف هي قال : عليه دم يهريقه من عنده » ، ولم يتعرض الاصحاب لمضمون هاتين الروايتين مما يشعر بإعراضهم عنهما، وإعراض الاصحاب جميعا يخدش في حجية الرواية ، فالتوقف في الحكم في محله والله العالم .

( 93 )

إليه عن شهوة ، فإن فعل ذلك فأمنى أو لم يمنِ لزمته كفارة شاة ، فإذا لم يكن المسّ والحمل والضمّ عن شهوة فلا شيء عليه (1) .

5 ـ النظر إلى المرأة وملاعبتها

مسألة 96 : لايجوز للمحرم أن يلاعب زوجته ، وإن فعل ذلك فأمنى لزمته كفّارة بدنة (2) ، ومع العجز عنها فشاة (3) ، وعليه أن
____________
(1) ففي صحيحة الحلبي قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : المحرم يضع يده على امرأته ، قال : لابأس ، قلت : فينزلها من المحمل ويضمّها إليه ، قال : لابأس ، قلت : فإنه أراد أن ينزلهامن المحمل فلمّا ضمّها إليه أدركته الشهوة ، قال : ليس علي شيء إلا أن يكون طلب ذلك .
(2) تدل عليه صحيحة ابن الحجاج قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يعبث بأهله وهو محرم حتى يمني من غير جماع ، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ، ماذا عليهما ؟ قال : عليهما جميعاً الكفارة ، مثل ماعلى الذي يجامع » وكفارة الجماع بدنة .
(3) لقوله عليه السلام في صحيحة علي بن جعفر « فمن رفث فعليه بدنة ينحرها فإن لم يجد فشاة » .

( 94 )

يجتنب النظر إليها بشهوة إذا كان مستتبعاً للإمناء (1) بل مطلقا على الاحوط الأولى (2) .
ولو نظر إليها بشهوة فأمنى وجبت عليه الكفارة (3) على الأحوط وهي بدنة .
وإذا نظر إليها بشهوة ولم يمنِ ، أو نظر إليها بغير شهوة فأمنى فلا
____________
(1) وهو واضح ، فاذا امنى وجبت عليه الكفارة ، ففي صحيحة مسمع عنه عليه السلام « ومن نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور».
(2) خروجا عن موضع الخلاف ، اذ صرح جماعة بتحريم النظر بشهوة أيضا ، بل في الحدائق انه مما لاخلاف فيه ، والمستند غير واضح الدلالة ، والله العالم .
(3) وفاقا للأكثر واختاره السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته ، تمسكاً بصحيحة معاوية عنه عليه السلام في المحرم ينظر إلى امرأته أو ينزلها بشهوة حتى ينزل ، قال : عليه بدنة» وصحيحة مسمع عنه عليه السلام قال : ومن نظر الى إمرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور» ، وفي قبالها موثقة اسحاق عنه عليه السلام في محرم نظر الى امرأته بشهوة فأمنى ، قال : ليس عليه شيء » وقد حملها الشيخ على صورة السهو لا العمد ، وحملها في المعتمد على التقية ، والعجب من بعض الاعلام توقفه في وجوب الكفارة ـ بل نفى البعد عن عدمها ـ مع انه في موضع آخر صرح بانه لاخصوصية للنظر او الخيال او اللعب وإنما الكفارة مترتبة على الامناء .

( 95 )

كفارة عليه (1) .
مسألة 97 : إذا نظر المحرم إلى غير أهله نظراً لايحلّ له، فإن لم يمنِ فلا كفارة عليه ، وإن أمنى وجبت عليه الكفارة ، والاحوط إن كان موسراً أن يكفر ببدنة ، وإن كان متوسط الحال أن يكفر ببقرة (2) ، وأما الفقير فتجزئه الشاة على الاظهر (3) .
مسألة 98 : يجوز استمتاع المحرم من زوجته بالتحدث إليها
____________
(1) يدل على الشق الاول صحيحة الحلبي قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : المحرم ينظر الى امرأته وهي محرمة ، قال : لابأس » فهي باطلاقها تشمل ما إذا نظر اليها بشهوة ، مضافا الى انه لادليل على الحرمة .
وعلى الثاني صحيحة الحلبي المتقدمة «ليس عليه شيء إلا أن يكون طلب ذلك » وصحيحة مسمع « ومن نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى عليه جزور » والظاهر أنها لامفهوم لها .
(2) على المشهور ، وتشهد له موثقة ابي بصير قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : رجل محرم نظر الى ساق امرأة فأمنى ؟ فقال : إن كان موسراً فعليه بدنة ، وإن كان وسطا فعليه بقرة ، وإن كان فقيرا فعليه شاة » ولعل منشأ احتياط الماتن دام ظله صحيحة معاوية في محرم نظر الى غير أهله فأنزل ، قال : عليه دم لانه نظر الى غير مايحل له ، وإن لم يكن أنزل فليتق الله ولا يعد ، وليس عليه شيء » وهي مقيدة بالموثقة الصريحة في التفصيل .
(3) تدل عليه الموثقة المتقدمة .