ومجالستها ونحو ذلك (1) ، وإن كان الأحوط ترك الاستمتاع منها مطلقا (2) .

6 ـ الإستمناء

مسألة 99 : الاستمناء (3) على أقسام :
1 ـ الاستمناء بدلك العضو التناسلي باليد أو غيرها ، وهو حرام مطلقا (4) ، وحكمه في الحج حكم الجماع ، وكذا في العمرة المفردة على الاحوط ، فلو استمنى كذلك في إحرام الحجّ قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت عليه الكفارة ، ولزمه إتمامه وإعادته في العام
____________
(1) اذ الاستمتاع بالنساء منصرف الى ما وقع في اسئلة الرواة من النظر والملاعبة واللمس والتقبيل، لا ما كان من الاستماع بالتحدث معها ومجالستها، ولو كان لَظهر في أسئلتهم·
(2) لاحتمال صدق الاستمتاع المحرم عليها، والاحتياط حسن على كل حال·
(3) قال في المصباح استمنى الرجل استدعى منيَّه بأمر غير الجماع حتى دفق .
(4) على المحرم والمحل .

( 97 )

القابل (1) ، ولو فعل ذلك في عمرته المفردة قبل الفراغ من السعي وجبت عليه الكفارة (2) ، وإتمام العمرة وإعادتها في الشهر اللاحق على الأحوط (3) .
2 ـ الاستمناء بتقبيل الزوجة أو مسها أو ملاعبتها أو النظر إليها ، وحكمه ماتقدم في المسائل السابقة .
3 ـ الاستمناء بالاستماع إلى حديث امرأة أو نعتها أو بالخيال أو
____________
(1) يشهد له مارواه الكليني والشيخ عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن عمرو بن عثمان عن صباح عن اسحاق بن عمار عن ابي الحسن عليه السلام قال : قلت له : ماتقول في محرم عبث بذكره فأمنى ؟ قال : أرى عليه مثل ماعلى من اتى أهله وهو محرم بدنة والحج من قابل » والتوقف في سندها لكون الراوي عن اسحاق مردّد بين الثقة وغيره، في غير محله اذ هو صباح بن صبيح الحذاء ثقة عين ، وقد صرح باسمه عمرو ابن عثمان في عدة مواضع من التهذيب فراجع .
(2) لصحيحة ابن الحجاج قال : سألت ابا الحسن عليه السلام عن الرجل يعبث بأهله وهو محرم حتى يمني من غير جماع، او يفعل ذلك في شهر رمضان ماذا عليهما ؟ قال : عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع.
(3) وجزم به السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته ، ولعل منشأ الاحتياط كون موثقة اسحاق المتقدمة في خصوص الحج ، والله العالم .

( 98 )

ما شاكل ذلك ، وهذا محرم على المحرم أيضا ، ولكن الاظهر عدم ثبوت الكفارة عليه بسببه (1) .

7 ـ عقد النكاح

مسألة 100 : يحرم على المحرم التزويج لنفسه ، أو لغيره، سواء أكان ذلك الغير محرماً او محلاً ، وسواء أكان التزويج تزويج دوام أم كان تزويج انقطاع ، ويفسد العقد في جميع هذه الصور (2) .
مسألة 101 : إذا عُقد لمحرم أمرأة فدخل بها ، فعلى كل من العاقد
____________
(1) ومستند ذلك موثقة ابي بصير قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل يسمع كلام امرأة من خلف حائط وهو محرم، فتشاهي حتى انزل ، قال : ليس عليه شي » وفي موثقة سماعة عن ابي عبدالله عليه السلام في المحرم تنعت له المرأة الجميلة الخلقة فيمني ، قال : ليس عليه شيء » وفي رواية عنه عن ابي عبدالله عليه السلام في محرم استمع على رجل يجامع أهله فامنى ، قال : ليس عليه شيء » فمع هذه النصوص كيف يمكن ان يلتزم بوجوب الكفارة !!
(2) ففي صحيحة ابن سنان عنه عليه السلام « ليس للمحرم أن يتزوج ولايزوج ، فان تزوج أو زوج محلا فتزويجه باطل » .

( 99 )

والرجل والمرأة كفارة بدنة ، إذا كانوا عالمين بالحال ـ حكما وموضوعا ـ وإذا كان بعضهم عالما دون البعض فلا كفارة على الجاهل ، ولافرق فيما ذكر بين أن يكون العاقد والمرأة محلين او محرمين (1) .
مسألة 102 : لا يجوز للمحرم أن يشهد عقد النكاح ويحضر وقوعه على المشهور (2) ، والأحوط الأولى أن يجتنب أداء الشهادة عليه
____________
(1) تشهد له موثقة سماعة عنه عليه السلام : لاينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرماً وهو يعلم أنه لايحل له ، قلت : فان فعل فدخل بها المحرم ، قال : إن كانا عالمين فإن على كل واحد منهما بدنة ، وعلى المرأة إن كانت محرمة بدنة ، وإن لم تكن محرمة فلا شيء عليها إلا أن تكون قد علمت أن الذي تزوجه محرم ، فان كانت علمت ثم تزوجته فعليها بدنة .
(2) قال في الجواهر بلا خلاف محقق أجده فيه ، بل في المدارك نسبته إلى قطع الاصحاب ، بل عن الغنية الاجماع عليه ، بل عن الخلاف دعواه صريحا انتهى، ومستنده مرسلة ابن ابي شجرة عمن ذكره عن ابي عبدالله عليه السلام في المحرم يشهد على نكاح محلّين قال : لايشهد » ومرسلة الحسن بن علي بن فضال عن بعض أصحابنا عن ابي عبدالله عليه السلام قال : المحرم لايَنكح ولايُنكح ولايشهد ولايخطب ، فإن نكح فنكاحه باطل » ، وقال في الخلاف : دليلنا إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط ، وروي عن النبي صلى الله عليه واله انه قال « لاينكح المحرم ، ولاينكح ولايشهد » ، قلت والحديث رواه

=


( 100 )

أيضا وإن تحملها محلا (1) .
مسألة 103 : الأحوط الأولى أن لايتعرض المحرم لخطبة النساء (2) ، نعم يجوز له الرجوع إلى مطلقته الرجعية ، كما يجوز له طلاق زوجته .

8 ـ استعمال الطيب

مسألة 104 : يحرم على المحرم استعمال الطيب شماً وأكلاً وإطلاءاً وصبغاً وبخوراً ، وكذلك لبس مايكون عليه أثر منه ، والمراد بالطيب كل مادة يطيب بها البدن أو الثياب أو الطعام أو غيرها ، مثل المسك والعنبر والورس والزعفران ونحوها ، حتى العطور المتعارفة ـ كعطر الورد والياس والرازقي ومايشبهها ـ على الاظهر (3) .
____________
=
مسلم ومالك وابو داود والنسائي وابن حنبل، وذهب الشافعي الى جوازه .
(1) لاحتمال كون لفظة «لايشهد» تشمل الحضور وإقامة الشهادة .
(2) يشهد له مرسل ابن فضال والنبوي المتقدمان .
(3) وفاقا للاكثر ، تمسكاً بالنصوص الكثيرة الناهية عن التلذذ بالرائحة الطيبة ، ففي صحيحة معاوية « لاتمس شيئا من الطيب وانت محرم ولامن الدهن وامسك على انفك من الريح الطيبة ، ولاتمسك عليه من الريح المنتنة ،

( 101 )

فإنه لاينبغي للمحرم أن يتلذذ بريح طيبة » ومثلها في الذيل صحيحة الحلبي ، وفي صحيحة حريز « ولايمس المحرم شيئا من الطيب ولا الريحان ولايتلذذ به» وقوله عليه السلام في صحيحة هشام : لابأس بالريح الطيبة فيما بين الصفا والمروة من ريح العطارين ولايمسك على أنفه » وغيرها .
والقول الاخر تخصيص الحرمة بأربعة وهي : المسك والعنبر والزعفران والورس ، وقول ثالث بإضافة الكافور والعود .
وعمدة مستمسكهم تكملة صحيحة معاوية المتقدمة « واتق الطيب في زادك ، فمن ابتلي بشيء من ذلك فليعد غسله وليتصدق بصدقة بقدر ماصنع ، وإنما يحرم عليك من الطيب اربعة أشياء : المسك والعنبر والورس والزعفران، غير أنه يكره للمحرم الادهان الطيبة إلا المضطر إلى الزيت أو شبهه يتداوى به » فهي صريحة في ان المحرم من الطيب أربعة ، وقوله عليه السلام «غير انه يكره» هي الكراهة الاصطلاحية للمقابلة بينها وبين الحرمة .
وصحيحة ابن ابي يعفور عنه عليه السلام قال : الطيب : المسك والعنبر والزعفران والعود .
إلا أنهما غير كافيتين لتقييد مطلقات الاخبار لكثرتها ، والحصر في الاربعة انما هو حرمة الاستعمال مطلقا ، أكلاً وشماً وصبغاً وبخوراً ، أما في بقية الامور التي لها رائحة طيبة ـ كالادهان الطيبة والفواكه ـ فليس المحرّم فيها إلا الشم والتلذّذ برائحتها ، والشاهد أن الامام عليه السلام بعد أن اسّس ضابطة كلية « لاينبغي للمحرم ان يتلذذ بريح طيبة » والريح الطيبة أعم من الطيب ـالمسك والعنبر والورس والزعفران ـ والالتذاذ بها لايكون إلا عبر الشم ، ذكر
( 102 )

ويستثني من الطيب خلوق الكعبة وهو طيب كان يتخذ من الزعفران وغيره ويطلى به الكعبة المعظّمة ، فلا يجب على المحرم أن يجتنب شمَّه وإصابته لثيابه وبدنه ، وإن أصابهما لم تجب إزالته بغسل أو نحوه (1) .
مسألة 105 : يحرم على المحرم شمَّ الرياحين (2) وهي نباتات تفوح منها رائحة طيبة وتتخذ للشم ، سواء التي يصنع منها الطيب ـ كالياسمين والورد ـ وغيرها ، ويستثني منها بعض أقسامها البرية كالشيح والقيصوم والخزامي والأذخر وأشباهها ، فإنه لابأس بشمّها على الاظهر (3) .
____________
=
حكماً آخراً مرتبطاً بالطيب ـ الاربعة ـ فقال «واتق الطيب في زادك» ، فقوله «وإنما يكره عليك ...» من حيث الاكل لامن حيث الشم والله العالم .
(1) تشهد له صحيحة ابن سنان قال : سألت ابا عبدالله عليه السلام عن خلوق الكعبة يصيب ثوب المحرم ، قال : لابأس ولايغسله فانه طهور .
(2) لصحيحة ابن سنان عنه عليه السلام « لاتمس الريحان وانت محرم ولاتمس شيئا فيه زعفران ، ولاتأكل طعاما فيه زعفران» والظاهر ان قوله «لاتمس» بالنسبة للريحان هو في خصوص الشم ولو كان مطلقا لكان افراده الزعفران بالنسبة للاكل لغوا .
(3) تدل عليه صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : لابأس أن تشمّ

=


( 103 )

وأما الفواكه والخضروات الطيبة الرائحة ـ كالتفاح والسفرجل والنعناع ـ فيجوز للمحرم أكلها (1) ، ولكنّ الأحوط الإمساك عن شمها حين الاكل (2) .
وكذلك الحال في الأدهان الطيبة ، فإن الاظهر (3) جواز أكل
____________
=
الاذخر والقيصوم والخزامي والشيح وأشباهه وانت محرم» والشيح نبات بري له رائحة طيبة ، وكذا القيصوم ، والخزامي كذلك وله ورد كورد البنفسج ، والأذخر نبات عريض الاوراق طيب الرائحة .
(1) لموثقة الساباطي قال : سألته عن المحرم يأكل الأترج ؟ قال نعم ، قلت له : رائحة طيبة ، قال : الاترج ليس من الطيب » وكونها ليس من الطيب لايعني جواز شمها بل لابد من امساك الانف عند الاكل ، والامام عليه السلام أقر ارتكاز الراوي على ان مطلق الرائحة فيها بأس وإنما يجوز أكلها لانها ليس من مصاديق الطيب الاربعة او الستة على الخلاف .
ويشهد لذلك مرسل ابن ابي عمير عن بعض أصحابه عن ابي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن التفاح والاترج والنبق وماطاب ريحه ؟ فقال : يمسك على شمه ويأكله » .
(2) واحتاط بعض الاعاظم فيه استحبابا ، وجزم بعض الاعلام بالجواز، والصحيح وجوب امسكاك الانف لما تقدم .
(3) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية « غير أنه يكره الادهان الطيبة» وقد تقدم ان الكراهة من حيث الاكل فحسب لا من حيث الشم

=


( 104 )

مايطعم منها ولايعد من الطيب عرفا ، ولكن الأحوط أن يمسك عن شمها حين الأكل (1) .
مسألة 106 : لايجب على المحرم أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا والمروة (2) ، إذا كان هناك من يبيع العطور، وعليه أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة في غير هذه الحال (3) ، نعم لابأس بشمّ خلوق الكعبة على ماتقدم .
* مسألة 107 : الصابون والشامبو اذا لم يكن ذا رائحة عطرة يجوز استعماله ، وإن كان ذا رائحة عطرة وإن لم تكن قوية فالاحوط الاجتناب عنه (4) ، وكذا استعمال السكاير ذات الرائحة العطرة .
مسألة 108 : إذا تعمد المحرم أكل شيء من الطيب ، أو لبس
____________
=
والالتذاذ برائحته .
(1) بل الظاهر من الروايات وجوب الامساك ، والله العالم .
(2) لقوله عليه السلام في صحيحة هشام : لابأس بالريح الطيبة فيما بين الصفا والمروة من ريح العطارين ولايمسك على أنفه .
(3) اقتصاراً على مورد النص .
(4) شماً على الظاهر ، وعلى ماقربناه في الفاكهة والادهان فراجع ، والله العالم .

( 105 )

مايكون عليه أثر منه ، فعليه كفارة شاة على الاحوط لزوما (1) ، ولاكفارة عليه في استعمال الطيب فيما عدا ذلك (2) ، وإن كان التكفير أحوط (3) ·
مسألة 109 : يحرم على المحرم أن يمسك على أنفه من الروائح الكريهة (4) ·
____________
(1) لقوله عليه السلام في صحيحة زرارة « من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم » وقوله عليه السلام في صحيحة الاخرى « من لبس ثوبا لاينبغي له لبسه أو أكل طعاما لاينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة » ، ولامعارض سوى معتبرة ابن هارون وفيها « إني أكلت خبيصاً فيه زعفران حتى شبعت وأنا محرم، قال : إذا فرغت من مناسكك وأردت الخروج من مكة فابتع بدرهم تمراً فتصدق به ، فيكون كفارة لذلك ، ولما دخل في احرامك مما لاتعلم » وموردها الجاهل كما هو ظاهر ذيلها، فتوقف الماتن في ثبوت الكفارة في خصوص الاكل لم استظهره .
وهل تثبت الكفارة في شم الروائح الطيبة الظاهر العدم لعدم الدليل ، نعم قد يقال باستحباب التصدق او وجوبه كما هو ظاهر صحيحة معاوية المتقدمة .
(2) للقصور في المقتضي .
(3) خروجا عن مخالفة المشهور ودعوى الاجماع كما في المنتهى .
(4) لصحيحة معاوية المتقدمة وغيرها .

( 106 )

نعم لابأس بالإسراع في المشي للتخلص منها (1) .

9 ـ لبس المخيط (2) أو مابحكمه للرجل

مسألة 110 : لايجوز للمحرم أن يلبس ثوبا يزرّه ـ اي يربط بعضه بالبعض الآخر بأزرار أو مايفيد فائدتها ـ أو يتدرعه ـ أي يلبسه كما يلبس الدرع بأن يخرج رأسه ويديه من الفتحات المخصّصة لها ـ كما لايجوز له لبس السراويل ومايشبهه في ستر العورتين كالبنطلون ، إلا
____________
(1) اذ المنهي عنه في النصوص هو إمساك الانف لاغير .
(2) لم يرد في الروايات ترك لبس المخيط بعنوانه وإنما ورد النهي عن لبس أمور خاصة كالسراويل والمدرعة والقميص ، فليس هناك دليل على حرمة لبس المخيط مطلقا ـ حتى لو كان قليلا ـ بل إطلاق بعض الاخبار شامل لجواز لبس المخيط في الجملة ، ففي صحيحة زرارة عن احدهما قال : سألته عمّا يكره للمحرم أن يلبسه؟ فقال : يلبس كل ثوب إلا ثوبا يتدرعه » .
نعم ظهور بعض الاخبار حرمة المخيط كالتي وردت في السؤال عن الهميان والجواب بجوازه لحفظ النقود لان فيها حجته ، مضافا الى الاجماع المطبق للمتقدمين الكاشف عن السيرة العملية من زمن المعصومين عليهم السلام ، والمتيقن منه ماإذا كانت الخياطة مقومة للباس .

( 107 )

إذا لم يكن له أزار (1) ، والأحوط لزوما أن يجتنب لبس الثياب المتعارفة كالقميص والقباء والجبة والسترة والثوب العربي ـ الدشداشة ـ مطلقا وإن لم يزرّها أو يتدرّعها (2) .
نعم يجوز له في حال الاضطرار أن يطرح القميص أو مايشبهه على عاتقه ، ويلبس القباء أو نحوه مقلوبا ولا يدخل يديه في يدي القباء ، ولافرق فيما ذكر كلَّه بين أن يكون الثوب مخيطاً أو منسوجاً أو ملبداً أو غير ذلك (3) .
يجوز للمحرم أن يربط على وسطه محفظة نقوده وإن كانت من قسم المخيط كالهميان والمنطقة (4) ، كما يجوز له التحزّم بالحزام
____________
(1) نصاً واجماعا ، ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام : لاتلبس ثوبا له أزرار وانت محرم إلا أن تنكسه ، ولاثوبا تدرعه ، ولا سراويل إلا أن لايكون لك إزار ولاخفين إلا أن لايكون لك نعل .
(2) أما مع الزرّ والتدرع فيجب الاجتناب كما هو صريح النصوص ، أما مع عدمهما اختيارا فظاهر بعض الروايات جوازه ، ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : لاتلبس ثوبا له أزرار وانت محرم إلا أن تنكسه » المحمول على حالة الاضطرار ، ولعله لهذا احتاط الماتن والله العالم .
(3) لاطلاق الاخبار والكلمات .
(4) ففي صحيحة يعقوب قال : سألت ابا عبدالله عليه السلام عن

=


( 108 )

المخيط الذي يستعمله المبتلى بالفتق لمنع نزول الأمعاء في الأنثيين (1) * كما يجوز له أن يشد أزاره أو وسطه بحزام أو رباط من القماش غير المخيط وإن كان مكروها (2)
ويجوز له أيضا أن يغطي بدنه ـ ماعدا الرأس ـ في حال الاضطجاع أو غيره باللحاف ونحوه من أقسام المخيط (3) .
* وإذا جاز للمحرم تغطية الرأس لضرورة فالاحوط أن لايكون
____________
=
المحرم يصر الدراهم في ثوبه ، قال : نعم ، ويلبس المنطقة والهميان » وفي صحيحة ابي بصير قال : سألت يا ابا عبدالله عليه السلام عن المحرم يشد على بطنه المنطقة التي فيها نفقته ؟ قال : يستوثق منها فإنها تمام حجه .
(1) إذ التحفظ على صحته لاتقل أهمية من التحفظ على أمواله ، اذ بدونها لايتمكن من أداء المناسك .
(2) ففي صحيحة الحلبي عنه عليه السلام قال : المحرم يشد على بطنه العمامة ، وإن شاء يعصبها على موضع الإزار ولايرفعها إلى صدره » وفي قبالها صحيحة ابي بصير قال : سألت ابا عبدالله عليه السلام عن المحرم يشد على بطنه العمامة ؟ قال : لا » المحمولة على الكراهة أو على رفعها الى الصدر او كونها من الحرير والاول هو الاقرب .
(3) اذ المحرم هو لبس بعض الثياب الخاصة لا التغظية والافتراش والتلحف ، لعدم صدق اللبس عليها .

( 109 )

الغطاء معدوداً من الثياب كالعمامة والقلنسوة .
* مسألة 111 : لامانع من لبس ثوبي الاحرام إذا كان في حواشيهما خياطة (1) وكذا في لبس النعال والخف المخيطين (2) اذا لم يكن الخف ساترا لتمام البدن .
مسألة 112 : الأحوط أن لايعقد المحرم الإزار في عنقه (3) بل لايعقده مطلقا ولو بعضه ببعض (4) ، ولايغرزه بأبرة ونحوها (5) ، والاحوط أن لايعقد الرداء أيضا (6) ، ولابأس بغرزه بالإبرة
____________
(1) لعدم الدليل على حرمة المخيط مطلقا حتى ولو كان يسيراً .
(2) لعدم كونهما من ثوبي الاحرام .
(3) تشهد له صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال : المحرم لايصلح له أن يعقد ازاره على رقبته ولكن يثنيه على عنقه ولايعقده ، وفي صحيحة الاعرج انه سأل أبا عبدالله عليه السلام عن المحرم يعقد ازاره في عنقه : قال : لا » ومنشأ التوقف نسبة الجواز الى المشهور .
(4) يشهد له اطلاق صحيحة علي بن جعفر المتقدمة ، ومكاتبة الحميري وفيها «ولم يعقده ولم يشده» .
(5) لقوله عليه السلام في مكاتبة الحميري « جائز ان يتزر الانسان كيف شاء اذا لم يحدث في الميزر حدثا بمقراض ولاابرة تخرجه عن حد الميزر » .
(6) ذهب العلامة والشهيد الى عدم جواز عقد الرداء ولادليل عليه

( 110 )

وأمثالها (1) .
مسألة 113 : يجوز للمرأة لبس المخيط مطلقاً عدا القفازين ـ اي الكفوف ـ فإنه لايجوز لها أن تلبسها في يديها (2) .
مسألة 114 : إذا لبس المحرم متعمداً شيئا يحرم عليه لبسه وجبت عليه كفارة شاة (3) ، حتى ولو كان مضطراً الى ذلك على الأحوط (4) ،
____________
=
ظاهرا ، فالاحتياط الاستحبابي لابأس به .
(1) لعدم الدليل على المنع .
(2) بلا خلاف أصلا ، وتشهد له جملة من النصوص ، ففي صحيحة العيص عنه عليه السلام قال : المرأة المحرمة تلبس ماشاءت من الثياب غير الحرير والقفازين .
(3) نصاً واجماعاً .
(4) ووجه الإحتياط دعوى الإجماع بقسميه عليه كما في الجواهر ، وصحيحة محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن المحرم إذا إحتاج إلى ضروب من الثياب يلبسها قال عليه السلام : « عليه لكلّ صنف منها فداء » ، فهي بإطلاقها تشمل المضطر وغيره ، إلاّ انّه لابدّ من رفع اليد عن إطلاقها بحديث الرفع المشهور ، إلاّ أن يقال انه يرفع المؤاخذة دون الكفّارة فتدبّر .
نعم يمكن أن يستظهر من روايات لبس السراويل لمن لم يتيسر له الازار عدم الكفارة على المضطر ، إلا ان يناقش في دلالتها بأنها في صدد بيان الحكم

=


( 111 )

ولو تعدد اللبس تعددت الكفارة ، وكذا لو تعدد الملبوس ـ بأن جعل بعض الألبسة في بعض ولبس الجميع دفعة واحدة ـ مع اختلافها في الصنف (1) ، بل وكذا مع اتحادها على الأحوط (2) .
1 ـ الاكتحال

مسألة 115 : الاكتحال على قسمين :
1 ـ أن يكون الاكتحال بالكحل الاسود ، أو أي كحل آخر يعد الاكتحال به زينة عرفا ، وهذا حرام على المحرم إذا قصد به الزينة على الاظهر (3) ،
____________
=
التكليفي لا الوضعي .
(1) كما هو مقتضى اطلاق صحيحة ابن مسلم المتقدمة .
(2) لقوله عليه السلام في صحيحة زرارة : من نتف إبطه ... أو لبس ثوبا لاينبغي له لبسه ... ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء ومن فعل متعمدا فعليه دم شاة » ووجه التوقف دعوى الاتفاق على عدم التعدد والله العالم .
(3) لقوله عليه السلام في صحيحة حريز : لاتكتحل المرأة المحرمة بالسواد ، ان السواد زينة » وفي صحيحة معاوية قال : لايكتحل الرجل والمرأة

=


( 112 )

بل مطلقا على الاحوط (1) ، نعم لابأس بالاكتحال به في حال الاضطرار لغرض التداوي والعلاج (2) .
2 ـ أن يكون الاكتحال بغير الكحل الأسود ومايعد مثله في التزين به ، وهذا لابأس به إذا لم يقصد به الزينة (3) ، وإلا فالأحوط تركه (4) ،
____________
=
المحرمان بالكحل الاسود إلا من علة» وغيرها من النصوص .
(1) لحرمة الزينة ، وهي متحققة قُصد منها التزين ام لا ، فتكون مشمولة لاطلاقات الادلة ، نعم في صحيحة زرارة عنه عليه السلام قال : تكتحل المرأة بالكحل كله إلا الكحل الاسود للزينة » إذ ظاهرها استثناء الكحل الاسود اذا كان بقصد الزينة ، فموضوع الحكم الكحل الاسود وقصد الزينة ومع عدم تحققهما لاتحقق للحكم ، لكن يمكن تقييد إطلاقها بالروايات المعلل حرمة الكحل لانه زينة ، والله العالم .
(2) بلا خلاف أصلا ، وتشهد له النصوص .
(3) نصاً واجماعا ، وتدل عليه النصوص .
(4) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية : لابأس أن يكتحل وهو محرم بما لم يكن فيه طيب ويجد ريحه فاما للزينة فلا» فذيلها صريح على النهي عن الاكتحال بقصد الزينة ، إلا ان في قباله صحيحة زرارة المتقدمة الدالة على ان الكحل المنهي عنه هو الاسود بقيد الزينة ، مع وجاهة تقييدها بروايات التعليل .

( 113 )

ولاكفارة في الاكتحال مطلقا (1) ، وإن كان الاولى التكفير بشاة إذا اكتحل بما لايحل له (2) .

11 ـ النظر في المرآة

مسألة 116 : لايجوز للمحرم أن ينظر في المرآة للزينة (3) ، ويجوز إذا كان لغرض آخر كتضميد جرح الوجه أو استعلام وجود حاجب عليه ، أو كنظر السائق فيها لرؤية ماخلفه من السيارات ونحو ذلك (4) ،
____________
(1) لقصور المقتضي ، بل لعدم الدليل .
(2) لعله لقوله عليه السلام في حسنة علي بن جعفر : لكل شيء خرجت ـ جرحت ـ من حجك فعليه فيه دم تهريقه حيث شئت » والرواية ضعيفة سندا وفق المباني الرجالية المتأخرة لعدم التوثيق الصريح لعبدالله ابن الحسن الراوي عن ابن جعفر ، مضافا الى اختلاف في النسخة المفضي الى اختلاف الدلالة .
(3) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية : لاينظر المحرم في المرآة لزينة .
(4) لكون المستفاد من بعض النصوص حرمة النظر فيها اذا كان بقصد الزينة ، نعم في بعضها الاخر التعليل بأنه زينة ، ففي صحيحة حماد عنه عليه

=


( 114 )

وقد تلحق بالمرآة سائر الاجساد الصقيلة التي تفيد فائدتها (1) ·
ويستحب لمن نظر في المرآة للزينة أن يجدد التلبية (2) ، وأما النظر عبر النظارة الطبية فلا بأس به (3) ، نعم الاحوط الاجتناب عن لبسها إذا عدت زينة عرفا (4) .
____________
=
السلام قال : لاتنظر في المرآة وانت محرم فانه من الزينة » ومثلها صحيحة حريز ، لكن بقرينة صحيحة معاوية أن علة النهي هو ما كان للزينة اذ ليس النظر للمرآة بما هو هو من الزينة ، مضافا الى ماأفاده سيد الفقهاء الخوئي من لغوية القيد لو كان الحكم ثابتا لمطلق النظر للمرآة ، فلكي نفر من اللغوية لابد من الالتزام بان التقييد يدل على عدم ثبوت الحكم لمطلق النظر ، ولعل في ماأفاده قدس سره نظر ، والله العالم .
(1) إذ لاخصوصية للمرآة بما هي هي وإنما هي للعلة ، فمع تحققها يتحقق الحكم .
(2) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية : فان نظر فليلب » المحمول على الاستحباب لتسالم الاصحاب عليه ، لالما أفاده بعض الاعلام من عدم كون النظر الى المرآة مانعا من صحة الاحرام، إذ الالتزام بذلك لاينافي عدم الوجوب في المقام تعبدا .
(3) لعدم الدليل على الحرمة .
(4) للنهي عن التزيّن مطلقاوسيأتي ، وهو من المفاهيم العرفية ، فما عدّ عرفا انه زينة فهو من مصاديق التزيّن ، وليس للشارع معنى مستحدث غير

=


( 115 )

12 ـ لبس الخف والجورب للرجال

مسألة 117 : يحرم على الرجل المحرم أن يلبس مايغطي تمام ظهر قدمة كالجورب والخفّ ، إلا في حال الاضطرار ، كما إذا لم يتيسر له نعل أو شبهه ، فدعت الضرورة الى لبس الخفّ (1) ، فإنه يجوز له ذلك ولكن بعد شق ظهره على الاحوط (2) .
____________
=
المعني العرفي .
(1) لقوله عليه السلام في صحيحة الحلبي : وأي محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخفين اذا اضطر الى ذلك ، والجوربين يلبسهما اذ اضطر الى لبسهما .
(2) لقوله عليه السلام في مصححة ابي بصير : له أن يلبس الخفين إن اضطر الى ذلك وليشقه عن ظهر القدم » وفي صحيحة محمد بن مسلم في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل ؟ قال عليه السلام : نعم لكن يشق ظهر القدم » وتوقف في كلا الروايتين سنداً ، اما الاولى فلوجود البطائني واما الثانية فلضعف سند الصدوق الى كتاب محمد بن مسلم ، وقد تقدم غير مرة تصحيح روايات البطائني اذا روى عنه الكبار ، ويمكن تصحيح سند الصدوق الى ابن مسلم عبر عملية تبديل السند ، مضافا إلى ان الضرورات تقدر بقدرها، فليس

=


( 116 )

ويجوز لبس مايستر بعض ظهر القدم (1) ، كما يجوز له ستر تمامه من دون لبس كأن يلقي طرف ردائه عليها حال الجلوس (2) ، ولاكفارة في لبس الخف وشبهه مطلقا (3) .
وأما لبس الجورب ومايماثله فتجب الكفارة فيه على المتعمد على الاحوط (4) ، والكفارة دم شاة .
ولابأس بلبس الجورب والخف وغيرهما مما يغطي تمام ظهر
____________
=
في الروايتين انشاء حكم جديد .
(1) اذ المنهي عنه في الروايات مايستر تمام البدن كالخف والجورب .
(2) إذ المحرّم على المُحرم هو اللبس خاصة .
(3) لعدم الدليل ، لكن قوله عليه السلام في صحيحة زرارة : من لبس ثوبا لاينبغي له لبسه وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فلا شيء عليه ومن فعله متعمدا فعليه دم » يمكن ان يكون شاملا للمقام بدعوى كون الخف من مصاديق الثياب ، والشاهد عليه قوله عليه السلام في صحيحة العيص : المرأة تلبس ماشاءت من الثياب غير الحرير والقفازين » فاذا صدق على القفازين الثياب فالظاهر صحة صدقه على الخف والجورب ، فالاحتياط في المقام لايترك .
(4) اذ الاطمئنان بصدق الثياب على الجورب لامجازفة فيه، خصوصا مع صدقها على القفاز كما هو ظاهر الصحيحة السابقة .

( 117 )

القدم للنساء (1) .

13 ـ الفسوق

مسألة 118 : الفسوق ـ ويشمل الكذب والسب والمفاخرة المحرمة ـ وإن كان محرما في جميع الأحوال ، إلا أن حرمته مؤكدة في حال الاحرام (2) .
والمقصود بالمفاخرة ، التباهي أمام الاخرين بالنسب أو المال أو الجاه وماأشبهها ، وهي محرمة إذا كانت مشتملة على إهانة المؤمن والحط من كرامته ، وإلا فلا بأس بها ولا تحرم لا على المحرم ولا على غيره .
____________
(1) لقوله عليه السلام في صحيحة العيص : المرأة المحرمة تلبس ماشاءت من الثياب غير الحرير والقفازين » وفي مصححة ابن سويد قال عليه السلام : تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة بالزعفران والورس ، ولاتلبس القفازين » وفي رواية ابي عيينة قال عليه السلام: الثياب كلها ماخلا القفازين والبرقع والحرير .
(2) لقوله تعالى ( فلا رفث ولافسوق ولاجدال في الحج) المفسر في النصوص بالكذب والسب والمفاخرة .