ولا كفارة في الفسوق إلا الاستغفار (1) ، وإن كانت الأحوط التكفير ببقرة (2) ·

14 ـ الجدال

مسألة 119 : يحرم الجدال على المحرم (3) ، ويختص بما كان مشتملا على الحلف بالله تعالى في الإخبار عن ثبوت أمر أو نفيه ، والأظهر عدم اعتبار أن يكون بأحد اللفظين ـ بلى والله ، ولا والله ـ بل يكفي مطلق اليمين بالله سواء كانت مصدرة بـ (لا) وبـ (بلى) أم لا ،
____________
(1) كما هو ظاهر الاصحاب ، قاله في الجواهر ، وفي صحيحة الحلبي ـ في حديث ـ أرأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه؟ قال: لم يجعل الله له حدا ، يستغفر الله ويلبي » وفي صحيحة ابن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: وكفارة الفسوق يتصدق به إذا فعله وهو محرم» وذهب صاحب الحدائق قدس سره الى وجوب الكفارة عند اجتماع السباب والكذب ·
(2) لقوله عليه السلام في صحيحة ابن خالد: وفي السباب والفسوق بقرة، والرفث فساد الحج ·
(3) كما هو صريح الآية السابقة .

( 119 )

وسواء كانت باللغة العربية أم بغيرها من اللغات (1) .
وأما الحلف بغير الله تعالى من المقدسات فلا أثر له فضلا عن مثل قولهم : «لالعمري وبلى لعمري» .
كما لاأثر للحلف بالله تعالى لغير الاخبار ، كما في يمين المناشدة ، كقول السائل : أسألك بالله أن تعطيني ، ويمين العقد ـ أي مايقع تأكيدا لما التزم به من ايقاع أمر أوتركه في المستقبل ـ كقوله : والله لاعطينّك كذا .
وهل يعتبر في تحقق الجدال في اليمين الصادقة تكرارها ثلاث مرات ولاءاً ، فلا يتحقق شرعا إذا لم تكن كذلك أم لا ؟ اختار بعض الفقهاء ذلك ، وهو لايخلو عن وجه (2) ، وإن كان الاحوط خلافه (3) ،
____________
(1) لعله لعدم الخصوصية والموضوعية ، ولشمول الحلف والايمان بما ذكر .
(2) ولعل وجهه قوله عليه السلام في صحيحة معاوية : والجدال قول الرجل : لا والله وبلى والله ، واعلم ان الرجل اذا حلف بثلاثة أيمان ولاءا في مقام واحد وهو محرم فقد جادل وعليه دم يهريقه » فظاهرها ان الجدال لايتحقق الا بعد الثلاث .
(3) ففي صحيحة الحلبي عنه عليه السلام ـ في حديث ـ قال: فمن ابتلي بالجدال ماعليه ؟ قال : إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه

=


( 120 )

وأما الجدال في اليمين الكاذبة فلا يعتبر فيه التعدد بلا إشكال (1) .
مسألة 120 : يستثني من حرمة الجدال كل مورد يتضرر المكلف من تركه ، كما لو كان مؤديا الى ذهاب حقه .
مسألة 121 : إذا حلف المجادل صادقا ثلاث مرات ولاءا فعليه كفارة شاة (2) ، ولو زاد على الثلاث لم تتكرر الكفارة .
نعم ، لو كفر بعد الثلاث أو الزائد عليها أو انقطع التتابع ثم حلف ثلاثا فما فوقها وجبت عليه كفارة أخرى .
وإذا حلف كاذبا فعليه كفارة شاة للمرة الواحدة وشاتين لمرتين، وبقرة لثلاث مرات (3) ، ولو زاد على الثلاث ولم يكفر لم
____________
=
وعلى المخطىء بقرة » فالجدال يتحقق بالمرة والمرتين ، نعم تحقق الكفارة في اليمين الصادقة لابد من تكرارها ثلاث مرات ، مضافا الى صدق الجدال على المرة الواحدة شرعا وعرفا ، فتحمل الصحيحة السابقة ومثلها موثقة ابي بصير على الجدال التي تترتب عليه الكفارة ، والله العالم .
(1) نصاً واجماعاً .
(2) تدل عليه صحيحة الحلبي المتقدمة .
(3) تشهد له صحيحة معاوية وابي بصير عنه عليه السلام : « اذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه » وفي صحيحة الحلبي عنه عليه السلام : « اذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه ، وعلى المخطي

=


( 121 )

تتكرر الكفارة .9
ولو كفّر ثم جدد الحلف كاذبا وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم (1) .
ولو حلف كاذبا مرتين فكفر ، ثم حلف كذلك مرة ثالثة وجبت عليه كفارة شاة لابقرة .

15 ـ قتل هوامّ الجسد

مسألة 122 : لايجوز للمحرم قتل القمّل (2) ، وكذا لايجوز له إلقاؤه من جسمه أو ثوبه على الاحوط (3) ، ولاباس بنقله من مكان الى مكان
____________
=
بقرة»، وليس في الروايات تعرض لمن حلف مرتين فتشمله الصحيحة الاول ، فتكون النتيجة ماأفاده في المتن .
(1) لانه بعد التكفير يشرع فى حساب جديد ، لاربط له بالسابق .
(2) بلا خلاف بينهم فيه ، للنصوص المتعددة .
(3) تبعا لجماعة منهم الشيخ في النهاية والكركي في الجامع والهندي في كشف اللثام وفي الرياض اتفاق الاصحاب ظاهرا على حرمته ونفى عنه الخلاف في الغنية ، وجزم به السيد الخوئي واعاظم تلامذته ، ومستنده جملة من الروايات ، ففي صحيحة معاوية قال عليه السلام : المحرم يلقي عنه

=


( 122 )

آخر ، وإذا قتله أو ألقاه فالاحوط الاولى التكفير عنه بكف من الطعام (1) ، أما البقّ والبرغوث وأمثالهما فالاحوط عدم قتلها إذا لم
____________
=
الدواب كلها إلا القملة فإنها من جسده ، وإن اراد أن يحول قملة من مكان الى مكان فلا يضره » وغيرها من الصحاح .
وفي قبالها رواية مرة مولى خالد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام عن المحرم يلقي القملة ، فقال : ألقوها أبعدها الله غير محمودة ولامفقودة » ومرة وإن لم يوثق إلا ان الراوي عنه صفوان الذي اجمعت الطائفة على تصحيح مايصح عنه ، مضافا الى تأييدها بمعتبرة ابي الجارود قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام: حككت رأسي وانا محرم فوقعت قملة ، قال : لابأس ، قلت : أي شيء تجعل عليّ فيها ؟ قال : وما اجعل عليك في قملة ، ليس عليك فيها شيء» فقوله «أي شي تجعل عليّ فيها» لعله ظاهر في كون ذلك عن علم وتعمد ، نعم هي متعرضة لنفي الكفارة وكأن الامام عليه السلام أقر ارتكاز الراوي من مفروغية حرمة الالقاء ، فلا تكون مؤيدة فالقول بالحرمة هو المتعيّن، والله العالم .
(1) تشهد له صحيحة ابن مسلم عنه عليه السلام قال : سألته عن المحرم ينزع القملة عن جسده فيلقيها ؟ قال : يطعم مكانها طعاما» المحمولة على الاستحباب جمعا بينها وبين صحيحة معاوية قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : ماتقول في محرم قتل قملة ؟ قال : لاشيء عليه في القملة ولاينبغي أن يتعمد قتلها » ولعل نفي الكفارة هنا بمعناها الاصطلاحي ـ وهو الدم ـ لامطلقا .

( 123 )

يكن هناك ضرر يتوجّه منها على المحرم (1) ، وأما دفعها فالاظهر جوازه (2) وإن كان الترك أحوط (3) .

16 ـ التزيّن

مسألة 123 : الأحوط أن يجتنب المحرم والمحرمة عن كلّ مايعدّ زينة عرفاً سواء بقصد التزيّن أم بدونه (4) ، ومن ذلك استعمال الحناء
____________
(1) لشمول بعض النصوص لهما ولامثالهما ، ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : اتق قتل الدواب كلها ، وفي صحيحة زرارة عنه عليه السلام قال : مالم يتعمد قتل دابة » والبق والبرغوث من مصاديق الدابة .
نعم هناك بعض الروايات المجوزة ، ففي حسنة زرارة عن احدهما عليهما السلام قال : سألته عن المحرم يقتل البقة والبرغوث إذا راه ؟ قال: نعم » ومثلها صحيحة جميل التي نقلها ابن ادريس في اخر السرائر عن نوادر البزنطي، وخدش في الاولي بوجود سهل في سندها ، وفي الثانية بمجهولية طريق ابن ادريس الى البزنطي ، وكلاهما قابل للدفع .
(2) لعدم الدليل على المنع .
(3) اذ هو حسن على كل حال .
(4) لجملة من النصوص المعلل للنهي عن لبس الخاتم والاكتحال

=


( 124 )

على الطريقة المتعارفة .
نعم ، لابأس باستعماله إذا لم يكن زينة ، كما إذا كان لعلاج ونحوه (1) ، وكذلك لابأس باستعماله قبل الإحرام وإن بقي أثره إلى حين الاحرام .
مسألة 124 : يجوز التختّم في حال الاحرام لابقصد الزينة، كما إذا قصد به الاستحباب الشرعي ، أو التحفظ على الخاتم من الضياع ، أو احصاء أشواط الطواف به ونحو ذلك، وأما لبسه بقصد الزينة فالاحوط تركه (2) .
____________
=
والنظر في المرآة أنها زينة ، ولم استوضح وجه توقف الماتن دام ظله مع أن الروايات صريحة على المطلوب .
(1) في صحيحة ابن سنان قال : سألته عن الحناء ، فقال : ان المحرم ليمسه ويداوي به بعيره وماهو بطيب وما به بأس .
(2) وهو المشهور شهرة عظيمة ، وتشهد له رواية صالح بن السندي عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن مسمع عن ابي عبد الله عليه السلام ـ في حديث ـ قال : وسألته أيلبس المحرم الخاتم ؟ قال : « لا يلبسه للزينة » وصالح وإن لم يوثق إلا ان الشيخ روى جميع كتب وروايات ابن محبوب بعدة اسانيد منها الصحيح فيمكن تبديل الاسناد والتخلص من الاشكال ، والله العالم .

( 125 )

مسألة 125 : يحرم على المرأة المحرمة لبس الحليّ للزينة (1) بل الأحوط أن تترك لبسها إن كان زينة وإن لم تقصدها (2) ، ويستثنى من ذلك ماكانت تعتاد لبسه قبل إحرامها ، لكنها لاتظهره لزوجها ومحارمها من الرجال على الاحوط الاولى (3) .
____________
(1) ففي صحيحة ابن مسلم عنه عليه السلام : المحرمة تلبس الحلي كله إلا حليا مشهورا للزينة .
(2) لشمول الصحيحة لها .
(3) ففي صحيحة ابن الحجاج قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة يكون عليها الحلي والخلخال والمسكة والقرطان من الذهب والورق تحرم فيه وهو عليها وقد كانت تلبسه في بيتها قبل حجها ، اتنزعه إذا احرمت أو تتركه على حاله ؟ قال : تحرم فيه وتلبسه من غير أن تظهره للرجال في مركبها ومسيرها » والمنصرف من الرجال هم الاجانب .
نعم قصد التزيّن به لزوجها ممنوع لمصححة ابن سويد عن ابي الحسن عليه السلام قال : سألته عن المرأة المحرمة ، أي شيء تلبس من الثياب ؟ قال : تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة بالزعفران والورس ، ولاتلبس القفازين ، ولاحليا تتزين به لزوجها » وقد جعلها السيد الخوئي قدس سره مؤيدا لشمول الرجال ـ في صحيحة الحجاج ـ للزوج والمحارم ، وردها بضعف سندها بسهل، مع أنها اجنبية عن الصحيحة السابقة ، اذ هذه في مورد التزيّن وتلك متعلقها الاظهار وفرق بين المادتين ، فاحتياط الماتن استحبابا في محله والله

=


( 126 )

ولاكفارة في التزيّن في جميع الموارد المذكورة (1) .

17 ـ الأدّهان

مسألة 126 : يحرم الادّهان على المحرم وإن كان مما ليست فيه رائحة طيبة (2) ، نعم يجوز أكل الدهن الخالي من الطيب وإن كان ذا رائحة طيبة (3) كما تقدم في المسألة 105 ، ويجوز للمحرم استعمال الأدهان غير الطيبة للتداوي ، وكذا الأدهان الطيبة أو المطيّبة عند
____________
=
العالم .
(1) لعدم الدليل إلا حسنة علي بن جعفر عن اخيه عليه السلام قال : لكل شي خرجت (جرحت) من حجك فعليه فيه دم تهريقه حيث شئت » بناءاً على قراءة جرحت .
(2) لقوله عليه السلام في صحيحة الحلبي : وادهن بماشئت من الدهن حين تريد ان تحرم ، فاذا احرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل » فمع صراحة هذا النص وغيره لامجال للقول بالكراهة المستفادة من بعض الاخبار ظاهرا والقابلة للحمل على الاضطرار او قبل الاحرام وبعد الغسل او قبله .
(3) مع الأمساك عن شمّه .

( 127 )

الضرورة (1) .
مسألة 127 : كفّارة الادّهان بالدهن الطيب أو المطيّب شاة إذا كان عن علم وعمد ، وإذا كان عن جهل فإطعام فقير على الاحوط في كليهما (2) .
____________
(1) ففي صحيحة هشام عنه عليه السلام قال : إذا خرج بالمحرم الخراج أو الدمّل فلبطّه وليداوه بسمن أو زيت » وفي صحيحة ابن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال : سألته عن محرم تشققت يداه ؟ قال : يدهنهما بزيت أو سمن أو إهالة .
(2) ففي صحيحة معاوية في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج ، قال : إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين ، وإن كان تعمّد فعليه دم شاة يهريقه » وقد توقف جماعة من الاعلام فيها وعلى رأسهم سيد الفقهاء والمجتهدين الخوئي باعتبار ان عمار لم يسند الرواية للمعصوم عليه السلام وصرح بأن دعوى الجزم بان معاوية لايفتي الا بما سمعه من الامام ولايخبر الا عنه عهدتها على مدعيها لاحتمال اجتهاده أو أنه سمع ممن ينقل عن الامام عليه السلام ولم تثبت وثاقته عندنا ، واضاف : وعمل المشهور لو قلنا بجبره للخبر الضعيف لاينجع إذ لم يعلم انه رواية حتى تجبر .
قلت : والنفس لاتميل إلى ماافاده قدس سره واذا اردت الشاهد فعليك بسبر روايات معاوية التي أخرجها في كتابه «الحج» ورواها عنه اصحاب الكتب الاربعة وغيرهم .

( 128 )

* مسألة 128 : إذا لم يكن الدهن ذا رائحة طيبة فلا كفارة عليه فيما اذا اضطر اليه للتداوي لتدهين نفسه (1) .

18 ـ إزالة الشعر عن البدن

مسألة 129 : لايجوز للمحرم أن يزيل الشعر عن بدن نفسه أو بدن غيره ـ ولو كان محلا ـ بحلق او نتف او غيرهما ، بلا فرق في ذلك بين قليل الشعر وكثيره حتى بعض الشعرة الواحدة (2) .
نعم ، إذا تكاثر القمّل في رأسه فتأذى من ذلك جاز له حلقه (3) ،
____________
(1) على فرض قبول الرواية السابقة فموردها الدهن الطيّب او المُطيّب، ومع فقد القيدين لادليل ظاهرا على الكفارة مطلقا، اختيارا واضطرارا، والله العالم .
(2) ففي صحيحة حريز عنه عليه السلام قال : لابأس أن يحتجم المحرم مالم يحلق أو يقطع الشعر » وفي صحيحة معاوية قال عليه السلام : لايأخذ المحرم من شعر الحلال .
(3) لقوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا او به أذى من رأسه ففدية من صيام او صدقة او نسك ) وهي وإن كانت واردة في المحصور لكن لاخصوصية له على الظاهر .

( 129 )

وكذا تجوز له إزالة الشعر عن جسده إذا كانت هناك ضرورة تدعو إليها ، ولابأس بسقوط الشعر من بدن المحرم غير قاصد له حال الوضوء (1) او الغسل او التيمم أو الطهارة من الخبث أو ازالة الحاجب اللاصق المانع من إحدى الطهارتين ، ونحو ذلك .
مسألة 130 : إذا حلق المحرم رأسه من دون ضرورة فكفارته شاة ، وإذا حلقه لضرورة فكفارته شاة أو صيام ثلاثة أيام او إطعام ستة مساكين (2) ، لكل مسكين مدان من الطعام .
وإذا نتف المحرم شعره النابت تحت إبطيه فكفارته شاة (3) ، وكذا إذا نتف أحد أبطيه على الاحوط (4) .
____________
(1) يدل عليه صحيحة هيثم قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يريد اسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة او الشعرتان ، فقال : ليس بشيء ماجعل عليكم في الدين من حرج » وذيلها يستفاد منه التعميم لكل ماذكره الماتن دام ظله .
(2) كما هو مقتضي الاية الكريمة .
(3) تبعا لعدة من الروايات سيأتي ذكر بعضها .
(4) وفاقا للرياض وخلافا للمشهور ، ومستنده صحيحة زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء ومن فعله متعمداً فعليه دم شاة » وفي قبالها

=


( 130 )

واذا نتف شيئا من شعر لحيته أو غيرها فعليه أن يطعم مسكينا بكف من الطعام (1) .
ويجري مجرى الحلق والنتف في الموارد المتقدمة مايفيد فائدتهما من سائر طرق الإزالة على الاحوط (2) .
ولاكفارة في حلق المحرم راسه غيره محرما كان أو محلا (3) .
مسألة 131 : لابأس بحكّ المحرم رأسه مالم يقطع الشعر عن
____________
=
رواية ابن جبلة وصحيحة حريز ففي الاولى عن ابي عبدالله عليه السلام في محرم نتف إبطه ، قال: يطعم ثلاثة مساكين » وفي الثانية عنه عليه السلام : إذا نتف الرجل ابطيه بعد الاحرام فعليه دم » ومفهومها عدمه اذا نتف احد ابطيه، ورواها الصدوق بلفظ «ابطه» بغير تثنية فلا يمكن الركون إليها فتسقط عن المعارضة ، أما الرواية الاولى فكذلك لضعف سندها ، أو تحمل على عدم العلم والعمد ، وهو ليس ببعيد لاستحباب التصدق بكف من الطعام اذامس المحرم لحيته فسقطت منها شعرة او شعرتان كما سيأتي ، لكن مخالفة المشهور امر مرغوب عنه .
(1) لقوله عليه السلام في صحيحة الحلبي : إذا نتف المحرم من شعره لحيته وغيرها شيئا فعليه أن يطعم مسكينا في يده .
(2) بل هو الظاهر ، لعدم الخصوصية في النتف والحلق كما هو واضح ، والله العالم
(3) لعدم الدليل .

( 131 )

رأسه ومالم يدمه ، وكذلك البدن ، وإذا أمرّ المحرم يده على رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة أو أكثر فليتصدق بكف من طعام (1) ، وأما
____________
(1) تشهد له صحيحة منصور عن ابي عبدالله عليه السلام في المحرم اذا مس لحيته فوقع منها شعرة ، قال : يطعم كفا من طعام أو كفين » المحمولة على الاستحباب لمصححة المفضل ابن عمر قال : دخل النباجي على ابي عبدالله عليه السلام فقال : ماتقول في محرم مس لحيته فسقط منها شعرتان ، فقال ابو عبدالله عليه السلام : لو مسست لحيتي فسقط منها عشر شعرات ماكان علي شيء » وحسنة المفضل بن صالح عن ليث المرادي قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل يتناول لحيته وهو محرم يعبث بها فينتف منا الطاقات بيقين في يده خطاءا او عمداً ، قال : لايضره .
وقد نوقش في كلا الروايتين سندا ودلالة :
أما أولا : فلوجود عمرو بن المفضل في الاولى والمفضل بن صالح في الثانية وكلاهما ضعيفان .
قلت : اما ابن المفضل فتضعيفه من أكبر المجازفات الناشىء من ضعف التتبع وتقليد الرجال ، واما ابن صالح فقد نسب تضعيفه النجاشي الى مجهول ولعله ـ بل هو ـ ابن الغضائري وتضعيفه كعدمه ، مضافا الى أن منشأ التضعيف هو الغلو ـ المزعوم لدى جمهور القميين ـ في حق الائمة عليهم السلام الذي هو اليوم من ابجد عقائد الامامية ، وقد روى عنه اكثر من ثلاثين نفرا من الثقات والاجلاء ومنهم اصحاب الاجماع ، بل روى عنه العامة ووثقه بعضهم كابن

=


( 132 )

إذا كان في الوضوء ونحوه فلا شيء عليه .

19 ـ ستر الرأس للرجال

مسألة 132 : لايجوز للرجل المحرم ستر رأسه ولو جزءً منه ، بالقناع أو الخمار أو الثوب ونحوها (1) ، بل الأحوط أن لايستره أيضا بمثل الطين أو الحشيش أو بحمل شيء عليه (2) .
____________
=
حبان وضعفه اخرين لروايته ابلاغ جابر ابن عبدالله الانصاري سلام رسول الله صلى الله عليه واله للامام الباقر عليه السلام وحديث السفينة ، والعجب كل العجب من النجاشي شيخ الاصحاب في معرفة الرجال يقدح في مثل جابر والمفضلان ويوثق النصاب .
وأما الثاني : فلنفي الكفارة المتعارفة وهي الدم في الاولى ، وعدم صراحة «لايضره» على عدم الكفارة في الثانية ، ولعل الجزم بذلك فيه نوع من المجازفة ، فالاحتياط في المقام مما لاينبغي تركه والله العالم .
(1) نصاً واجماعاً ، وتشهد له النصوص .
(2) قال في الجواهر بلا خلاف اجده فيه ، وفي التذكرة نسبته الى علمائنا ، وتوقف في المدرك وصرح بأن دليله غير واضح لان المنهي عنه في الروايات المعتبرة تخمير الرأس ووضع القناع عليه والستر بالثوب لامطلق

=


( 133 )

نعم ، لابأس بوضع عصام القِربة على الرأس عند حملها (1) ، وكذا لابأس بتعصيبه بالمنديل ونحوه لمرض كالصداع (2) .
والمراد بالرأس هنا منبت الشعر ، ويلحق به الأذنان على الأقرب (3) .
مسألة 133 : يجوز ستر الرأس بشيء من البدن كاليد (4) ، والاولى
____________
=
الستر ، وفيه : ان قوله عليه السلام في صحيحة ابن ميمون « احرام المرأة في وجهها واحرام الرجل في رأسه » وجوب كشف الرأس والوجه وحرمة تغطيتهما فاذا صدق التغطية بالطين والحشيش وما اشبه شمله النهي ، والله العالم .
(1) ففي حسنة محمد بن مسلم عنه عليه السلام عن المحرم يضع عصام القربة على رأسه إذا استسقى ؟ فقال : نعم .
(2) لقوله عليه السلام في صحيحة ابن وهب : لابأس بان يعصب المحرم رأسه من الصداع .
(3) تشهد له صحيحة الحجاج قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن المحرم يجد البرد في أذنيه يغطيهما ؟ قال : لا » وفي رواية سماعة عن ابي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن المحرم يصيب اذنه الريح فيخاف أن يمرض هل يصلح له أن يسد اذنيه بالقطن ؟ قال : نعم ، لابأس بذلك إذا خاف ذلك والا فلا .
(4) لجواز حك الرأس للمحرم ، ومسح الرأس في الوضوء، مضافا الى

=


( 134 )

تركه (1) * كما يجوز وضع الرأس على الوسادة وإن كان يستلزم ستر بعض الرأس (2) ، نعم لايجوز على الاحوط أن ينشف المحرم راسه بالمنديل ونحوه إذا كان بنحو المسح والامرار (3) .
* مسألة 134 : إذا احرم الرجل مع الشعر المستعار فإن كان لضرورة فلا شيء عليه ، وإن لم يكن فعليه دم شاة على الاحوط (4) .
مسألة 135 : لايجوز للمحرم رمس تمام رأسه في الماء (5) وكذلك
____________
=
صحيحة معاوية عنه عليه السلام : لابأس ان يضع المحرم ذراعه على وجهه من حر الشمس ولابأس ان يستر بعض جسده ببعض » الدال على ان الساتر الممنوع ما كان بإمر خارجي.
(1) اذ الاحتياط حسن على كل حال ، ولاحتمال صدق التغطية في الجملة .
(2) لكن لايخمّر رأسه ، ففي صحيحة زرارة عنه عليه السلام قال : قلت له : المحرم يؤذيه الذباب حين يريد النوم يغطي وجهه؟ قال : نعم ، ولايخمّر راسه ، والمرأة المحرمة لابأس أن تغطي وجهها كله عند النوم » .
(3) لصدق التغطية عليه .
(4) ووجهه واضح كما لايخفي ، وسيأتي وجه التوقف في أصل الحكم.
(5) لقوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان : ولاترتمس في ماء تدخل فيه رأسك » .

( 135 )

في غير الماء على الاحوط (1) ، والظاهر أنه لافرق في ذلك بين الرجل والمرأة (2) .
والمقصود بالرأس هنا مافوق الرقبة بتمامه .
مسألة 136 : إذا ستر المحرم رأسه فكفارته شاة على الأحوط (3) ، والظاهر عدم وجوب الكفارة في موارد جواز الستر والاضطرار (4) .

20 ـ ستر الوجه للنساء

مسألة 137 : لايجوز للمرأة المحرمة أن تستر وجهها بالبُرقُع أو
____________
(1) ووجه التوقف ان مورد النصوص هو الارتماس في الماء وحرمته على انه من مصاديق تغطية الرأس غير ثابته بل هو محرم على حدة ، وجزم بعض الاعاظم من تلامذة السيد الخوئي بجواز الارتماس في غير الماء والورد.
(2) لكونه محرما مستقلا لاربط له بتغطية الرأس حتى يكون من مختصات الرجل .
(3) على ماهو المقصوع به بين الاصحاب ، كما في المدارك والذخيرة ، بل بلا خلاف كما في المنتهى والتذكرة ، وصرح في الحدائق ان الاصحاب ذكروا الحكم ولم ينقلوا عليه دليلا وكأن مستندهم الاجماع ، فالمقام يقتضي الاحتياط خوفا من مخالفة المجمع عليه بين الفقهاء .
(4) إذ لا دليل على الكفارة إلا الاجماع فيقتصر فيه على القدر المتيقن .

( 136 )

النقاب أو المروحة أو ماشابه ذلك (1) ، والاحو ط أن لاتستر وجهها بأي ساترا كان (2) ، كما أن الاحوط أن لاتستر بعض وجهها أيضا (3) .
نعم ، يجوز لها أن تغطي وجهها حال النوم (4) ، ولابأس بستر بعض وجهها مقدمة لستر الرأس في الصلاة أذا لم يتيسر لها ستره
____________
(1) نصاً واجماعاً .
(2) بل هو الظاهر من الروايات لعدم الخصوصية للبرقع ونحوه ، وقوله عليه السلام «احرام المرأة في وجهها» كما في صحيحة ابن ميمون خير شاهد على التعميم ، وكذا الامر بالاسفار في صحيحة الحلبي وقوله «انك ان تنقبت لم يتغير لونك» وقوله عليه السلام في موثقة سماعة أنه سأله عن المحرمة ، فقال ان مر بها رجل استترت منه بثوبها ، ولاتستتر بيدها من الشمس ، وغيرها من النصوص ، إلا ان يقال بأن روايات إسدال الثوب الى الانف او النحر مؤيدة لاختصاص النهي في الامور المذكورة ، والله العالم .
(3) ذكرنا في «مجمع المناسك» أن النصوص الواردة في المقام متعرّضة للنهي عن النقاب والبرقع وما أشبه ذلك ممّا له شأنيه تغطية المساحة الكبرى من الوجه ، أما تغطية الوجه في الجملة ولو كان يسيرا فهذا ما لايمكن الجزم باستفادته من الروايات ، ولعل روايات جواز إسدال الثوب إلى طرف الأنف والذقن مؤيّدة لذلك ، والله العالم .
(4) تشهد له صحيحة زرارة المتقدمة فراجع .

( 137 )

باسدال ثوبها عليه (1) .
مسألة 138 : للمرأة المحرمة أن تتحجب من الاجنبي بإسدال ثوبها على وجهها ، بأن تنزل ماعلى رأسها من الخمار أونحوه إلى مايحاذي أنفها بل نحرها (2) ، والاظهر عدم لزوم تباعد الساتر عن الوجه بواسطة اليد او غيرها (3) وإن كان ذلك أحوط (4) .
مسألة 139 : كفارة ستر الوجه شاة على الاحوط الاولى (5) .
____________
(1) بل مطلقا لما ذكرناه آنفا ، ولاتصل النوبة للتزاحم .
(2) ففي صحيحة زرارة عنه عليه السلام قال : إن المرأة المحرمة تسدل ثوبها إلى نحرها » وقيده بعض الاعلام بالركوب لصحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعلاها الى النحر اذا كانت راكبة .
(3) لعدم الاشارة إليه في النصوص .
(4) خروجا عن شبه الخلاف ، لاشتراط ذلك في القواعد واوجبه في المبسوط وجامع الشرائع بل في الاول ايجاب الدم مع الاصابة والتواني في الازالة .
(5) لعدم الدليل على الكفارة ، سوى ذهاب الشيخ كما في المسألة السابقة ، وعن الحلبي ان لكل يوم شاة مع الاختيار وإلا شاة للجميع ، وخبر ـ او حسنة ـ علي بن جعفر المتقدمة بناءا على نسخة «جرحت» .