مسألة 160 : إذا وجبت الكفارة على المحرم بسبب الصيد أو غيره فلم يذبحها في مكة أو منى ـ لعذر أو بدونه ـ حتى رجع ، جاز له ذبحها أين شاء على الاظهر (1) .

مصرف الكفارة

الكفّارات التي تلزم المحرم يجب أن يتصدق بها على الفقراء والمساكين (2) ، والاحوط أن لايأكل منها المكفر نفسه (3) ، ولو فعل
____________
تعارض والله العالم·
(1) كما هو مقتضي موثقة اسحاق الآتية ·
(2) كما هو صريح جملة من النصوص .
(3) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بجواز الاكل قليلا ، استنادا لجملة من الروايات منها موثقة اسحاق قال : قلت لابي ابراهيم الرجل يخرج من حجته مايجب عليه الدم ولايهريقه حتى يرجع الى أهله ، قال يهريقه في أهله ويأكل منه الشيء » وفي قبالها صحيحة أبي بصير وفيها : أيأكل منه ؟ فقال عليه السلام : لا ، إنما هي للمساكين » وصحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن فداء الصيد يأكل من لحمه ، فقال : يأكل من اضحيته ويتصدق بالفداء » المحمولتان على الكراهة جمعا ، إذ هما ظاهرتان في الحرمة بخلاف

=


( 160 )

ذلك فالاحوط أن يتصدق بثمن المأكول على الفقراء (1) .

الـطـواف

الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتع .
ويفسد الحج بتركه عمداً سواء أكان عالماً بالحكم أم كان جاهلاً
____________
=
موثقة وصحيحة اسحاق وابي بصير فإنهما ناصتان على الجواز .
(1) وبه جزم السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته ، لانه حق للفقراء ولحسنة السكوني عن جعفر عن ابيه قال : « اذا اكل الرجل من الهدي تطوعا فلا شيء عليه وإن كان واجبا فعليه قيمة ماأكل » .
والدغدغة في سندها لوجود بنان وهو عبدالله بن محمد بن عيسى الاشعري ، واهية جدا لرواية جماعة من الاجلاء عنه منهم محمد بن احمد بن يحيى وابن محبوب ومحمد بن يحيى وصفوان وموسى بن القاسم والصفار والحميري واحمد بن ادريس وعلي بن ابراهيم وغيرهم من العظماء ، ولم يستثن من نوادر الحكمة ، وأخبار اخيه احمد بن محمد مع جماعة من الرواة ـ بعضهم من عيون الطائفة ـ مشهورة ومعروفة ، مضافا الى انه من الاشاعرة الذين قل ان نجد فيهم ضعفا ، كيف !! وهو ابن شيخ القميين وزعيمهم وأخوه وجه الاصحاب ومعتمدهم .

( 161 )

ويفسد الحج بتركه عمداً سواء به ، وعلى الجاهل كفارة بدنه على الاحوط ، ويتحقق الترك بالتأخير إلى زمان لايمكنه إتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة (1) .
ثم إنه إذا بطلت العمرة بطل إحرامه أيضاً على الاظهر ، ولايجزىء العدول بها إلى حج الإفراد وإن كان ذلك أحوط ، بأن يأتي بأعمال حج الإفراد رجاءاً ، بل الأحوط أن يأتي بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو التقصير منها بقصدالأعم من حجّ الإفراد والعمرة المفردة .
يشترط في الطواف أمور :
الأول : النية ، بأن يقصد الطواف متعبداً به بإضافته إلى الله تعالى إضافة تذلّلية مع تعيين المنوي كما مر في نية الإحرام .
الثاني : الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر ، فلو طاف المحدث عمداً أو جهلاً أو نسياناً لم يصحّ طوافه (2) .
مسألة 161 : إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة صور :
الاُولى : أن يكون ذلك قبل إتمام الشوط الرابع ، ففي هذه الصورة
____________
(1) راجع مسألة 14 .
(2) للنص والاجماع .

( 162 )

يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد الطهارة ، حتى فيما إذا كان صدور الحدث بعد بلوغ النصف على الاظهر (1) .
الثانية : أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن دون
____________
(1) المشهور والمقطوع به من كلام الاصحاب كما في المدارك بل وعن ظاهر المنتهى الاجماع عليه أن من أحدث قبل تجاوز النصف فعليه الاستئناف وإن كان بعده تطهّر وأتم الباقي ، لعدة من النصوص منها صحيحة جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه ، قال : يخرج ويتوضأ ، فإن كان جاز النصف بنى على طوافه ، وإن كان أقل من النصف أعاد الطواف » وإرسالها لايضر لكون المرسل جميل والارسال بلفظ بعض اصحابنا واعتماد المشهور عليها فإهمالها مطلقا فيه مجازفة ، ومثلها في الدلالة صحيحة حمران في الجماع بعد النصف ، وحسنة ابي بصير ورواية الحلال في الحائض بعده .
والخلاف وقع في تفسير «النصف» فهل المقصود الصحيح وهو الاربعة او الكسري ، يظهر من بعض النصوص الاول ، ففي رواية اسحاق عمن سأل ابا عبدالله عليه السلام عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت ، قال : ثم طوافها وليس عليها غيره ومتعتها تامة ، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة لانها زادت على النصف وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج ، وإن هي لم تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحج » فقد جعل الثلاثة مقابل الاربعة لا الثلاثة والنصف فيعلم ان النصف لوحظ باعتبار العدد الصحيح ، فتأمل .

( 163 )

اختياره ، ففي هذه الصورة يقطع طوافه ويتطهّر ، ويتمه من حيث قطعه (1) .
الثالثة : أن يكون الحدث بعد تمام الشوط الرابع مع صدور الحدث منه بالاختيار ، والأحوط في هذه ا لصورة أن يتمّ طوافه بعد الطهارة من حيث قطع ثم يعيده (2) .
* مسألة 162 : إذا احدث في الشوط الاخير وخرج وتطهر ثم عاد واستأنف الطواف ، فإن كان بعد فوات الموالاة العرفيه صح ، وإلا أشكل صحته لاسيما اذا كان الحدث قد صدر منه بغير اختياره (3) .
مسألة 163 : إذا شك في الطهارة قبل الشروع في الطواف ، فإن علم أن الحالة السابقة كانت هي الطهارة وكان الشك في صدور الحدث
____________
(1) بلا خلاف أصلا .
(2) ومنشأ الاحتياط احتمال البطلان لامن جهة الحدث بل من جهة الخروج عن المطاف اختيارا ، ففي صحيحة البختري عنه عليه السلام فيمن كان يطوف بالبيت فعرض له دخول الكعبة فدخلها قال : يستقبل طوافه » ولامقيد لإطلاقه .
(3) ولعله لبقاء الهيئة الاتصالية الواحدة فيكون المورد من موارد الزيادة العمدية .

=


( 164 )

بعدها لم يعتن بالشك (1) ، وإلا وجبت عليه الطهارة قبل الطواف (2) .
وإذا شك في الطهارة في الأثناء ، فإن كانت الحالة السابقة هي الطهارة فحكمه ماتقدم ، وإلا فإن كان الشك قبل تمام الشوط الرابع تطهَّر ثم استأنف الطواف ، وإن كان الشك بعده أتمه بعد تجديد الطهارة (3) .
مسألة 164 : إذا شك في الطهارة بعد الفراغ من الطواف لم يعتن بالشكّ (4) » ، وإن كانت الإعادة أحوط ، ولكن تجب الطهارة لصلاة الطواف (5) .
مسألة 165 : إذا لم يتمكّن المكلّف من الوضوء لعذر ، فمع اليأس
____________
=
(1) كما هو مقتضي قاعدة الاستصحاب .
(2) إذ لابد من احراز الطهارة لصحة الطواف .
(3) هذا بناءا على أن المستفاد من الروايات السابقة أن الطواف مركب من عملين ، الاول : الاشواط الأربعة الاول ، والثاني : الثلاثة الاخر ، أو مركب من سبعة أعمال بعدد الاشوط ، فعليه تجري قاعدة الفراغ ، لكن استفادة ذلك في غاية الصعوبة والله العالم .
(4) لقاعدة الفراغ .
(5) لاشتراط احراز الطهارة يقيناً .

( 165 )

من زواله يتيمم ويأتي بالطواف (1) ، وإذا لم يتمكن من التيمم أيضا جرى عليه حكم من لم يتمكن من اصل الطواف (2) ، فإذا حصل له اليأس من التمكن لزمته الاستنابة للطواف ، والأحوط الأولى أن يأتي هو أيضا بالطواف من غير طهارة (3) .
مسألة 166 : يجب على الحائض والنفساء ـ بعد انقضاء أيامهما ـ وعلى المجنب الاغتسال للطواف ، ومع تعذر الاغتسال واليأس من التمكن منه يجب الطواف مع التيمم ، والاحوط الاولى حينئذ الاستنابة أيضا (4) ، ومع تعذّر التيمم واليأس من التمكن منه تتعين الاستنابة (5) .
____________
(1) لتحقق موضوع التيمم .
(2) إذ الطهارة من الحدث شرط حتى في حالة العجز ، فاذا لم يتمكن منها سقط المشروط ، وتعينت الاستنابة .
(3) لاحتمال سقوط الطهارة في ظرف العجز ـ وإن كان خلافاً لأدلة الاشتراط ـ كسقوط الطهارة في الصلاة عند العجز عنها مطلقا .
(4) لعدم مشروعية التيمم للجنب لدخول الحرمين أو اللبث في المساجد ، وردّ ان التيمم من اجل الطواف لا الدخول ، وفيه تامل واضح ، نعم اذا اضطر لدخول المسجد الحرام لخوف او ضرورة فالاستنابة تكون لغواً .
(5) لما مر ذكره .

( 166 )

مسألة 167 : إذا حاضت المرأة في عمرة التمتع حين الاحرام أو قبله أو بعده قبل الشروع في الطواف ، فإن وسع الوقت لاداء أعمالها قبل موعد الحج صبرت إلى أن تطهر فتغتسل وتأتي بأعمالها ، وإن لم يسع الوقت لذلك فللمسألة صورتان (1) :
____________
(1) الاقوال في الحائض والنفساء التي ضاق بهما الوقت خمسة .
الاول : العدول الى حج الافراد ، لجملة من الاخبار منها موثقة الساباطي عن ابي الحسن عليه السلام قال : سألته عن المرأة تجيء فتطمث قبل ان تطوف بالبيت حتى تخرج الى عرفات ، قال : تصير حجة مفردة .
الثاني : تترك الطواف وتأتي بالسعي ثم تقصر وتدرك الحج ، ثم تطوف طواف العمرة بعد اعمال يوم النحر ، وتدل عليه ايضا مجموعة من الاخبار منها صحيحة ابني رئاب والحجاج عن ابي عبدالله عليه السلام قال : «المرأة المتمتعة اذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم مابينها وبين التروية ، فان طهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة ، وإن لم تطهر الى يوم التروية اغتسلت واحتشت ثم سعت بين الصفا والمروة ، ثم خرجت الى منى فاذا قضت المناسك وزارت البيت وطافت بالبيت طوافا لعمرتها ، ثم طافت طوافا للحج ، ثم خرجت فسعت ، فاذا فعلت فقد أحلت من كل شيء يحل منه المحرم الا فراش زوجها ، فاذا طافت طوافا آخر حل لها فراش زوجها » .
الثالث : التخيير بين الاول والثاني ، جمعاً بين الروايات .
الرابع : التفصيل بين مااذا كانت حائضا قبل الاحرام فتعدل ، او كانت

( 167 )

الاولى : أن يكون حيضها حين إحرامها أو قبل ان تحرم ، ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلى الافراد ، وبعد الفراغ من الحج تجب عليها العمرة المفردة إذا تمكنت منها (1) .
الثانية : أن يكون حيضها بعد الإحرام ، ففي هذه الصورة الاحوط أن تعدل إلى حج الإفراد أيضا (2) ، كما في الصورة الاولى، وإن كان الظاهر أنه يجوز لها الإبقاء على عمرتها بأن تأتي بأعمالها من دون الطواف وصلاته ، فتسعى وتقصر ثم تحرم للحج ، وبعد
____________
=
طاهرا حال الشروع فيه ثم طرأ الحيض في الاثناء فتترك الطواف وتتم العمرة وتقضي بعد الحج ، والوجه في ذلك ان في الصورة الاولى لاتقدر على نية العمرة لانها تعلم أنها لاتطهر للطواف وادراك الحج ، بخلاف في الثانية فانه وقع منها نية الدخول في العمرة ، ويؤيد هذا التفصيل حسنة ابي بصير قال : سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول في المرأة المتمتعة إذا أحرمت وهي طاهر ثم حاضت قبل أن تقضي متعتها : سعت ولم تطف حتى تطهر ثم تقضي طوافها وقد تمت متعتها، وإن هي أحرمت وهي حائض لم تسع ولم تطف حتى تطهر .
الخامس : تستنيب للطواف وتتم العمرة .
(1) تشهد له جملة من النصوص منها موثقة الساباطي المتقدمة .
(2) لاطلاق الروايات .

( 168 )

ماترجع الى مكة بعد الفراغ من أعمال منى تقضي طواف العمرة وصلاته قبل طواف الحج (1) .
وإذا تيقنت المرأة ببقاء حيضها وعدم تمكنها من الطواف حتى بعد رجوعها من منى ، ولو لعدم صبر الرفقه استنابت لطوافها وصلاته (2) ، ثم أتت بالسعي بنفسها .
مسألة 168 : إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها ، فإن كان طروء الحيض قبل تمام الشوط الرابع بطل طوافها وكان حكمها ماتقدم في المسألة السابقة ، وإذا كان بعده صح ما أتت به ووجب عليها إتمامه بعد الطهر والاغتسال ، والاحوط الاولى إعادته بعد الاتمام أيضا .
____________
(1) تدل عليه بعض النصوص منها صحيحة ابن رئاب وابن صبيح وابن الحجاج وابن صالح المتقدمة .
(2) قد يقال بانقلاب حجها الى الافراد ، ولعل مستند الماتن هو النصوص الواردة في جواز الطواف عن المبطون والكسير والمريض والمغمى عليه ، إذ لاخصوصية لهذه الاعذار .
* الظاهر جواز الاحرام لعمرةالتمتع إذا علمت المرأة قبل أن تحرم وهي حائض أن حيضها يستمر إلى مابعد الحج والعمرة ولاينتظرها الرفقه ، فتستنيب للطواف وصلاته وتسعى بنفسها وتقصر، ثم تأتي بالحج وتستنيب لطوافه وصلاته ثم تسعى ثم تستنيب أيضا لطواف النساء وصلاته .

( 169 )

هذا فيما وسع الوقت ، وإلا سعت وقصرت وأحرمت للحج، ولزمها الاتيان بقضاء مابقي من طوافها بعد الرجوع من منى قبل طواف الحج على النحو الذي ذكرناه .
مسألة 169 : إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطواف وقبل الإتيان بصلاة الطواف ، صح طوافها وأتت بالصلاة بعد طهرها واغتسالها (1) ، وإن ضاق الوقت سعت وقصرت وقضت الصلاة قبل طواف الحج .
مسألة 170 : إذا طافت المرأة وصلت ثم شعرت بالحيض ولم تدر أنه حدث قبل الطواف أو في أثنائه ، أو قبل الصلاة أو في أثنائها ، أو انه حدث بعدالصلاة بنت على صحة الطواف والصلاة (2) .
____________
(1) ففي صحيحة ابي الصباح قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن إمرأة طافت بالبيت في حج أو عمرة ثم حاضت قبل أن تصلي الركعتين ، قال : إذا طهرت فلتصل ركعتين عند مقام ابراهيم وقد قضت طوافها .
(2) لقاعدة الفراغ ، إذ لايشترط فيها حين العمل الإلتفات المركب الى مايعتبر فيه ، فيكفي الارتكاز ، والشاهد عليه ان الانسان اذا إلتفت الى قراءته على نحو الالتفات المركب لعل يقع في الخطأ والاشتباه ، أما اذا قرأها إرتكازا فإن كان تعلّمه للسورة صحيحا فالاشتباه والخطأ نادر التحقق ، والتجربة هي الشاهد ، وإن لم تقبل فيكفي استصحاب عدم حدوث الحيض حال العمل .

( 170 )

وإذا علمت أن حدوثه كان قبل الصلاة أو في أثنائها جرى عليها ماتقدم في المسألة السابقة .
مسألة 171 : إذا أحرمت المرأة لعمرة التمتع وكانت متمكنة من أداء أعمالها ، وعلمت أنها لاتتمكن منه بعد ذلك لطروء الحيض عليها وضيق الوقت ، ومع ذلك لم تأت بها حتى حاضت وضاق الوقت عن أدائها قبل موعد الحج ، فالظاهر فساد عمرتها ، ويجري عليها ماتقدم في أول الطواف .
* مسألة 172 : إذا أخرت المرأة أعمال عمرتها الى يوم التروية وقبل ان تأتي بها رأت دماً فاعتقدته حيضا فعدلت بنيتها الى حج الافراد وحضرت عرفات وهناك تبين لها انه دم استحاضة ، فإن امكنها الرجوع الى مكة والاتيان بمناسك العمرة قبل الزوال من يوم عرفة ثم الاحرام للحج لزمها ذلك (1) ، وإن لم يمكن فإن كان اعتقادها المزبور بملاحظة الضوابط الشرعية ـ ككون الدم في أيام العادة وانقطع قبل الثلاثة ـ فالاحوط لزوما (2) أن تأتي باعمال حج الافراد فتحل من احرامها فإن لم يكن الحج مستقراً في ذمتها ولم تبق
____________
(1) لكون ذلك وظيفتها الاولية .
(2) بل هو الظاهر لشمول الادلة له ، نعم يمكن ان يقال أن تأخيرها للطواف والسعي مع كون عادتها منتظمة وقتاً وعدداً بحكم ترك الطواف عمداً .

( 171 )

استطاعتها فلا شيء عليها ، والإ حجت ثانية حج التمتع علىالاحوط (1) .
وأما اذا لم يكن اعتقادها الظني بملاحظة الضوابط الشرعية فالاظهر بطلان إحرامها وحجها وعليها الحج في عام لاحق (2) .
* مسألة 173 : اذا حاضت المرأة ثم طهرت فاحرمت وأتت باعمال التمتع ثم رأت الدم في يوم عرفة وانقطع قبل مضي عشرة الحيض ، فهي قد أتت باعمال عمرتها في النقاء المتخلل بين دمين محكومين بكونهما حيضا واحداً ، وفي هذا النقاء خلاف بين الفقهاء فالمشهور أنه حيض ، وقال جمع (3) أنه طهر ، فعلى تقدير كونه حيضاً يكون وظيفتها قد انقلبت الى حج الافراد ، فتأتي بالعمرة المفردة بعد الفراغ من اعمال الحج إن تمكنت منها ، وعلى تقدير كونه طهراً فعمرتها صحيحة وتأتي بحج التمتع ولاشيء عليها ، ولمّا كنا نحتاط في هذه المسألة فان رجعت الى مجتهد آخر ـ مع رعاية الاعلم
____________
(1) لانها بحكم من أخر الطواف عمداً حتى ضاق الوقت .
(2) وقد تقدم من الماتن دام ظله في من أخر الطواف متعمداً الى ان ضاق الوقت أن الاظهر بطلان إحرامه ولايجزىء العدول الى حج الافراد وإن كان ذلك أحوط فراجع ، فالمقام له ارتباط به .
(3) منهم صاحب الحدائق قدس سره .

( 172 )

فالاعلم ـ يفتي بكون النقاء المتخلل حيضا او طهراً فوظيفتها واضحة، واما اذا ارادت الاحتياط فعليها الاتيان بالاعمال المشتركة بين حج التمتع والافراد بقصد الاعم منهما ، وكذا الذبح في منى ، برجاء المطلوبية ، وكذا الاتيان بعمرة مفردة برجاء المطلوبية ان تمكنت منها .
* مسألة 174 : إذا دار أمر المرأة بين استعمال الدواء لقطع دم الحيض لكي يتسنى لها مباشرة الطواف وصلاته وبين الاستنابة فيها، فمع الامن من الضرر يلزمها ذلك على الاحوط (1) .
مسألة 175 : الطواف المندوب لاتعتبر فيه الطهارة عن الحدث الاصغر وكذا عن الحدث الاكبر على المشهور (2) ، وأما صلاته فلا
____________
(1) لكونه من مقدمات الواجب فيجب تحصيله .
* نعم لو علمت أنه لو لم تأخذ الدواء لحاضت قبل وصولها الى الميقات ولم تتمكن من الاتيان بعمرة التمتع ، لايلزمها ذلك لئلا ينقلب حجها الى الافراد .
(2) وكما هو صريح الروايات المتعددة ، نعم يحرم على المحدث بالحدث الاكبر دخول المسجد الحرام ، فلو اضطر الى الدخول لخوف أو ضرورة جاز له الطواف .

( 173 )

تصح إلا عن طهارة (1) .
مسألة 176 : المعذور يكتفي بطهارته العذرية كالمجبور والمسلوس والمبطون (2) ، وإن كان الاحوط للمبطون أن يجمع مع التمكن بين الإتيان بالطواف وركعتيه بنفسه وبين الاستنابة لهما (3) .
وأما المستحاضة فالأحوط لها أن تتوضأ لكل من الطواف وصلاته إن كانت الاستحاضة قليلة (4) ، وإن تغتسل غسلا واحد لهما (5) وتتوضا لكل منهما إن كانت الاستحاضة متوسطة، وأما
____________
(1) لاشتراطها مطلقا للصلاة .
(2) لقيام الطهارة البدلية عند الاضطرار والعذر مقام الاختيارية .
(3) ففي صحيحة معاوية عن أبي عبدالله عليه السلام قال : المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى عنهما » وفي صحيحة الاخرى قال عليه السلام : المبطون يرمي ويطاف عنه ويصلى عنه » وفي صحيحة الخثعمي عنه عليه السلام قال : أمر رسول الله صلى الله عليه واله أن يطاف عن المبطون والكسير» وهي ـ كماترى ـ مطلقة ولم تقيد الاستنابة بالعجز لكن عطف المبطون على الكسير فيه إشعار أن ذلك في ظرف العجز كالرمي .
(4) اذ وضوؤها طهور في ظرف الاشتغال بالصلاة لامطلقا ، فإذا فرغت منها فلا بد من وضوء آخر لما هو مشروط بالطهارة ، فتأمل .
(5) إذ المستفاد من النصوص أن الاستحاضة القليلة حدث أصغر

=


( 174 )

الكبيرة فتغتسل لكل منهما من دون حاجة الى الوضوء (1) إن لم تكن محدثة بالأصغر ، وإلا فالأحوط الأولى ضم الوضوء إلى الغسل (2) .
الثالث من الامور المعتبرة في الطواف : الطهارة من الخبث، فلا يصحّ الطواف مع نجاسة البدن أو اللباس (3) ، والدم الاقل من الدرهم المعفو عنه في الصلاة لايكون معفوا عنه في الطواف على الاحوط (4) ،
____________
=
لايحتاج إلا الى الوضوء ، والمتوسطة حدث أكبر يكفيه وضوء واحد في اليوم والليلة ، أما الكبيرة فلا بد من ثلاثة أغسال .
(1) لقوله عليه السلام في صحيحة معاوية : المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلى فيها ولايقربها بعلها فاذا جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر تؤخر هذه وتعجل هذه وللمغرب والعشاء غسلا تؤخر هذه وتعجل هذه وتغتسل للصبح وتحتشي وتستصفر ... وإن كان الدم لايثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء » فجعل عليه السلام الوضوء لغير الثاقب والغسل له ، والتقسيم قاطع للشركة .
(2) خروجا عن خلاف من اوجب ذلك .
(3) وقد أدعي عليه الاجماع .
(4) لاطلاق حسنة يونس بن يعقوب ـ التي رواها الشيخ والصدوق ـ قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف ، قال : ينظر الموضع الذي رأى فيه الدم فيعرفه ثم يخرج ويغسله ثم
( 175 )

يعود فيتم طوافه » وفي سند الصدوق الحكم بن مسكين وهو لم يوثق ، ويمكن استفادة حسنه من ذكر النجاشي له في أصحابنا المصنفين ولم يقدح فيه مع أن دأبه القدح او المدح ، ورواية الاجلة العظام عنه كابن ابي عمير والبزنطي وابن محبوب وابن فضال وغيرهم ، وفي سند الشيخ محسن بن أحمد وهو لم يوثق ايضا.
قلت : ويمكن تصحيح السند عن طريق تبديل الإسناد ، فان يونس بن يعقوب له كتاب في الحج وقد رواه النجاشي عن احمد بن محمد بن الصلت عن ابن عقدة عن محمد بن المفضل الاشعري عن ابن فضال عن يونس ، فكتاب يونس من مرويات ابن عقدة وقد روى الشيخ جميع كتب وروايات ابن عقدة عن ابن الصلت وهو من المشايخ المشتركة بين الشيخ والنجاشي ، وهو وإن لم يذكر في كتب التراجم لكن رواية النجاشي ـ المتشدد ـ عنه كافية لاثبات وثاقته وقد حُسّن حاله في تراجم العامة ، ففي تاريخ بغداد قال: احمد بن محمد بن احمد بن موسى بن هارون بن الصلت ، ابو الحسن اهوازي الاصل سمع القاضي والعطار والحمصي والقطان وأبا العباس بن عقدة كتبت عنه وكان صدوقا صالحا .
فيمكن استحصال عدة طرق للشيخ الى كتاب يونس حسب التتبع، طريق ذكره في الفهرست وسنده حسن ـ على الصحيح ـ عن الاشعري عن ابن ابي عمير عنه ، ومن هذا الطريق يتفرع طريقان عن طريق تبديل الاسناد ، اذ الشيخ يروي جميع روايات وكتب الاشعري وابن ابي عمير ، وآخر طريق الصدوق فان الشيخ يروي جميع كتب ورواياته ، وثالث طريق النجاشي لكون ابن

( 176 )

وكذا نجاسة مالاتتم الصلاة فيه (1) ، نعم لابأس بحمل المتنجس حال الطواف مطلقا (2) .
مسألة 177 : لابأس بنجاسة البدن أو اللباس بدم القروح أو الجروح قبل البرء إذا كان التطهير أو التبديل حرجيا (3) ، وإلا وجبت ازالتها على الاحوط (4) ، وكذا لابأس بكلّ نجاسة في البدن أو الثياب في حال الاضطرار .
____________
الصلت شيخ مشترك بينهما ، والشيخ روى عنه جميع كتب وروايات ابن عقدة، وبما ان ابن عقدة يروي الكتاب عن ابن فضال فيتفرع طريق آخر للشيخ أيضا إذ روى جميع كتب وروايات ابن فضال ، ومن يتتبع التهذيبين لعله يجد طرقا اخرى ومتعددة ، مضافا الى ان الكتاب من الكتب المشهورة التي عليها المعول واليها المرجع كما صرح بذلك الصدوق، فالتوقف في الطريق إليه كاشف عن عدم التتبع والفحص الكافي .
(1) لاطلاق معتبرة يونس ، ولا دليل على العفو ، نعم يمكن أن يقال ان النصوص منصرفة عنه ، ولذا جزم السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته بعدم البأس فيه .
(2) لعدم شمول النصوص له وانصرافها عنه ، وهل يقتصر عليه أم يشمل النجس ، ظاهر المتن الاول .
(3) لقاعدة الحرج .
(4) لإطلاق معتبرة يونس .

( 177 )

* مسألة 178 : حامل النجاسة في غير ثوبي الاحرام حال الطواف لامانع منه إذا لم يكن لابساً لها (1) .
مسألة 179 : إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه ثم علم بها بعد الفراغ من الطواف صح طوافه ، فلا حاجة الى إعادته (2) ، وكذلك تصح صلاة الطواف إذا لم يعلم بالنجاسة إلى أن فرغ منها إذا لم يكن شاكا في وجودها قبل الصلاة ، أو شك ففحص ولم يحصل له العلم بها ، وأما الشاك غير المتفحص إذا وجدها بعد الصلاة فتجب عليه الإعادة على الاحوط وجوبا (3) .
مسألة 180 : إذا نسي نجاسة بدنه أو ثيابه ثم تذكرها بعد طوافه صح طوافه على الاظهر (4) ، وإن كانت إعادته أحوط (5) ، وإذا تذكرها بعد صلاة الطواف أعادها على الأحوط إذا كان نسيانه ناشئا عن
____________
(1) لعدم الدليل على وجوب اجتناب مطلق النجاسة .
(2) لكون طهارة اللباس والبدن من الشرائط العلمية ، فالنجاسة مانعة في ظرف العلم بها لامطلقا .
(3) وتفصيله في شرائط لباس المصلي واحكام النجاسات .
(4) لعله لحديث الرفع ، والإلتزام بالاعادة في الصلاة للنص الخاص على فرض تماميته وعدم المعارض .
(5) خروجا عن شبه الخلاف ، وهو حسن على كل حال .

( 178 )

إهماله ، وإلا فلا حاجة الى الاعادة على الاظهر (1) .
مسألة 181 : إذا علم بنجاسة بدنه أو ثيابه أثناء الطواف ، أو طرأت النجاسة عليه قبل فراغه منه ، فإن تمكن من إزالتها من دون الاخلال بالموالاة العرفية ـ ولو بنزع الثوب إذا لم يناف الستر المعتبر حال الطواف ، أو تبديله بثوب طاهر مكانه إن تيسر ذلك ـ أتم طوافه بعد الإزالة ولا شيء عليه ، وإلا فالاحوط إتمام الطواف وإعادته بعد إزالة النجاسة إذا كان العلم بها أو طروؤها عليه قبل إكمال الشوط الرابع ، وإن كان الظاهر عدم وجوب الإعادة مطلقا (2) .
الرابع : الختان للرجال (3) ، والاحوط بل الاظهر اعتباره في الصبي المميّز أيضا (4) ، وأما الصبي غير المميّز الذي يطوّفه وليُّه
____________
(1) وتفصيله في لباس المصلي واحكام النجاسة .
(2) لإطلاق معتبرة يونس ، ولايقاس المقام بنقض الطهارة الحدثية ، نعم إذا اخل بالموالاة فالاكمال ثم الاعادة وجيه .
(3) كما هو المقطوع من كلام الاصحاب وتدل جملة من النصوص، ففي صحيحة معاوية عنه عليه السلام قال : الاغلف لايطوف بالبيت ، ولابأس أن تطوف المرأة .
(4) لكونه مصداقا للاغلف بدليل المقابلة بينه وبين المرأة .

( 179 )

فاعتبار الختان في طوافه غير ظاهر (1) وإن كان الاعتبارأحوط (2) .
مسألة 182 : إذا طاف المحرم غير مختون بالغا كان أو صبيّا مميّزا فلا يجتزىء بطوافه ، فإن لم يعده مختونا فهو كتارك الطواف مطلقا على الاحوط (3) ، فيجري فيه ماله من الاحكام الاتية .
مسألة 183 : إذا استطاع المكلّف وهو غير مختون ، فإن أمكنه الختان والحج في سنة الاستطاعة فلا إشكال ، وإلا أخر الحج حتى يختتن (4) .
فإن لم يمكنه الختان أصلا لضرر أو حرج أو نحو ذلك لم يسقط الحج عنه (5) ، لكن الاحوط أن يطوف بنفسه في عمرته وحجه (6)
____________
(1) لكون مورد النصوص في من يطوف بنفسه .
(2) لاحتمال شمول النصوص له ، بل لايخلو من قوة فتدبر .
(3) وبه جزم السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته ، ولم استوضح وجه توقف الماتن دام ظله .
(4) ففي موثق حنان قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن نصراني أسلم وحضر الحج ولم يكن اختتن أيحج قبل ان يختتن ؟ قال: لا ، ولكن يبدأ بالسنة .
(5) فهو من قبيل من لايمكنه الطواف فيستنيب .
(6) لاوجه لهذا الاحتياط بعد القول بشرطية الختان ، إذ مقتضى

=


( 180 )

ويستنيب أيضا من يطوف عنه (1) ، ويصلي هو صلاة الطواف بعد طواف النائب (2) .
الخامس : ستر العورة حال الطواف بالحدود المعتبرة في الصلاة على الأحوط (3) ، والاولى بل الاحوط رعاية جميع شرائط
____________
=
الصناعة سقوط المشروط بتعذر شرطه ، إلا ان يحتمل انه كذلك في ظرف الاختيار لاالتعذر ، والله العالم .
(1) لانه في حكم العاجز عن الطواف .
(2) لعدم اشتراط الختان في الصلاة .
(3) وقواه بعض الاعاظم من تلامذة السيد ، ولعله لحسنة محمد ابن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه واله أمرني عن الله أن لايطوف بالبيت عريان ويقرب المسجد مشرك بعد هذا العام » وقوله عليه السلام «لايطوف بالبيت عريان» وردت بعدة اسانيد فهي بمرتبة الاستفاضة وعند العامة من المتواترات في فضائل الامير عليه السلام فالتوقف في السند عليل.
وأما دلالة فان النهي عن التطوف بالبيت عرياناً يمكن ان يقال انه نهيا تكليفيا فلا يفيد الشرطية والمانعية ، إلا ان احتمال افادته ذلك لايخلو من قوة فهو من قبيل استفادة شرطية الستر في الصلاة من النصوص الناهية عن التعري، وليس الستر هنا بأعم من الستر في الصلاة كما قد تومي إليه بعض الكلمات ، بل النهي عن التعري لمكان العورة ، ومنه يظهر التأمل في ما أفاده

( 181 )

لبسا المصلي في الساتر ، بل مطلق لباس الطائف .

واجبات الطواف

تعتبر في الطواف أمور ثمانية :
الأول والثاني : الإبتداء من الحجر الأسود والانتهاء به في كل شوط ، والظاهر حصول ذلك بالشروع من أي جزء منه والختم بذلك الجزء ، وإن كان الأحوط أن يمرّ بجميع بدنه على جميع الحجر في البدء والختام .
ويكفي في تحقق الاحتياط أن يقف في الشوط الاول دون الحجر بقليل ، وينوي الطواف من الموضع الذي تتحقق فيه المحاذاة المعتبرة واقعا ، ثم يستمر في الدوران سبعة أشواط ، وليتجاوز في نهاية الشوط الأخير قليلا ، قاصدا ختم الطواف في موضع تحقق المحاذاة المعتبرة في الواقع أيضا ، وبذلك يعلم بتحقّق الابتداء والاختتام بالحجر الواجبين عليه واقعا .
* مسألة 184 : إذا تخيل أن المكان المقرر شرعا هو الركن اليماني
____________
سيد الفقهاء من أن العراء وستر العورة عموم من وجه .

( 182 )

فبدأ وختم به ، فلا يبعد صحة طوافه (1) إذا تدارك مانقصه في الشوط الاخير ، وأما اذا لم يكن على هذا الوجه فطوافه باطل .
ومن بدأ طوافه بالركن اليماني ظناً منه انه الحجر الاسود ثم إلتفت في الاثناء فختمه بالحجر الاسود ، فالظاهر صحته إذا كان شروعه من الركن اليماني على نحو الخطأ في التطبيق .
الثالث : جعل الكعبة على يساره في جميع أحوال الطواف، فإذا استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الأركان أو لغيره ، أو ألجأه الزحام إلى استقبال الكعبة أو استدبارها أو جعلها على اليمين، فذلك المقدار لايعدّ من الطواف .
والظاهر أن العبرة في جعل الكعبة على اليسار بالصدق العرفي كما يظهر ذلك من طواف النبي صلى الله عليه واله راكباً ، ولاحاجة إلى المداقة في ذلك بتحريف البدن عند فتحتي حجر إسماعيل وعند الأركان الاربعة .
الرابع : إدخال حِجرإسماعيل في المطاف (2) ، بمعنى أن يطوف خارج الحجر ، لامن داخله ولا على جداره .
الخامس : خروج الطائف عن الكعبة وعن الصُفّة التي في
____________
(1) لكونه اشتباها في التطبيق .
(2) نصاً واجماعاً فيه وفي ماتقدمه من واجبات .

( 183 )

أطرافها المسماة بالشاذروان (1) .
السادس : أن يطوف بالبيت سبع مرات ، ولايجزىء الاقلّ من السبع (2) ، ويبطل الطواف بالزيادة على السبع عمداً كما سيأتي.
السابع : أن تكون الأشواط السبعة متواليات عرفا (3) ، بأن يتابع بينها من دون فصل كثير ، ويستثني من ذلك موارد ستأتي إن شاء الله تعالى في المسائل الاتية .
الثامن : أن تكون حركة الطائف حول الكعبة المعظّمة بإرادته واختياره ، فلو سلب الاختيار (4) في الأثناء لشدة الزحام ونحوها فطاف بلا اختيار منه لم يجتزىء به ولزمه تداركه(5).
____________
(1) والوجه فيه أنها من البيت فيلزم أن تكون داخلة في المطاف وهي أساس البيت قديما بعد بنائه .
(2) للنص والاجماع .
(3) ففي صحيحة ابان عن أبي عبدالله عليه السلام في رجل طاف شوطاً او شوطين ثم خرج مع رجل في حاجته ، قال : إن كان طواف نافلة بنى عليه وإن كان طواف فريضة لم يبن عليه » .
(4) بالمرة ، وكثرة الزحام لاتسلب الاختيار بالمرة وإنما تلجئه الى المشي .
(5) ووجهه واضح .

( 184 )

* مسألة 185 : إذا اعتقد أنه قد سلب اختياره في بعض خطوات الشوط فأكمله وأضاف شوطاً آخر بعد الشوط الاخير ، فيشكل صحته (1) إلا إذا كان جاهلا قاصراً (2) .
* مسألة 186 : إذا أتى ببعض خطوات الشوط فاقداً لبعض الشروط المعتبرة ـ لشدة الزحام أو لعذر آخر ـ فإن إلتفت الى ذلك حين وقوع الخلل ، يرجع ويتدارك المقدار الذي أخل به ، وليس له المضي من دون قصد الطواف إلى أن يصل إلى موضع الاخلال فيقصد منه الطواف (3) ، نعم إذا لم يتمكن من الرجوع لشدة الزحام مثلا فله ان يمشي الى الحجر الاسود من غير قصد الطواف ثم يستأنف هذا الشوط ، وإذا استمر في الطواف حتى اكمل الشوط فإن كان عن
____________
(1) لكونه زيادة مخلّة بالطواف ، نعم اذا لم يمكنه الرجوع القهقري ونوى تركه وأعاده فيصح كما هو مبين في المسألة الاتية .
(2) لمعذورية الجاهل القاصر ـ لا المقصّر ـ مطلقا .
(3) إذ مع المضي بلا قصد للطواف مع بقاء الهيئة الاتصالية الواحدة يكون مشمولا لمعتبرة عبدالله بن محمد وفيها « الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها فعليك الاعادة وكذلك السعي » فكما ان عدم قصد بعض الافعال في الصلاة منافٍ لها كذلك في الطواف ، والله العالم .

( 185 )

جهل قصوري أعاده ولاشيء عليه ، وإلا أشكل صحة طوافه .
أما إذا إلتفت إلى ذلك بعد اكمال الشوط والدخول في شوط آخر، يعيد الشوط الذي وقع فيه الخلل ولاشيء عليه (1) .
مسألة 187 : اعتبر المشهور في الطواف أن يكون بين الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام (2) ، ويقدّر هذا الفاصل بستة وعشرين ذراعاً ونصف ذراع ـ أي مايقارب 12 مترا ـ وبما أن حِجر إسماعيل داخل في المطاف فمحل الطواف من جانب الحجر لايتجاوز ستة أذرع ونصف ذراع ـ أي مايقارب 3 أمتار ـ .
ولكن لايبعد جواز الطواف ـ على كراهة ـ في الزائد على هذا
____________
(1) إذا الزيادة المخلّة بالطواف فيما اذا كان عن عمد واختيار ، كما هو الحال في الصلاة .
(2) لحسنة محمد بن مسلم قال : سألته عن حد الطواف بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طائفا بالبيت ، قال : كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه واله يطوفون بالبيت والمقام وانتم اليوم تطوفون مابين المقام والبيت، فكان الحد موضع المقام اليوم ، فمن جازه فليس بطائف ، والحد قبل اليوم واليوم واحد قدر مابين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلها فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد لانه طاف في غير حد ولاطواف له .

( 186 )

المقدار أيضا (1) ، ولاسيما لمن لايقدر على الطواف في الحد المذكور أو أنه حرج عليه ، ورعاية الاحتياط مع التمكن أولى.
* مسألة 188 : لايجوز الطواف من الطابق العلوي في المسجد الحرام إذا كان أعلى بناءً من الكعبة المعظّمة (2) .
* مسألة 189 : يجوز للمحرم الاتيان بطواف مندوب قبل طواف العمرة على الظاهر (3) .
____________
(1) تشهد له صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الطواف خلف المقام ، قال : ماأحب ذلك وماأرى به بأسا، فلا تفعله إلا ان لاتجد منه بداً » بعد ضعف سند المشهور لمكان ياسين الضرير فانه لم يوثق .
(2) بل حتى لو لم يكن أعلى بناءا منها ، وذلك لعدم صدق الطواف بالبيت عرفاً لوجود الأعمدة الكثيرة والجدران والقبب الحائلة بينه وبين البيت، مضافاً إلى انّ الطواف الواجب ماكان بالبيت كما تنصّ عليه الآية والروايات البيانية لا حول البيت ، والباء تفيد الإلصاق، وتقييد الجواز باتّصال الصفوف هو بحكم الإلصاق بالنسبة للطابق الأرضي، امّا الطابق العلوي فلا يتحقق الإلصاق باتصال الصفوف وعليه لايصدق الطواف بالكعبة ، نعم هو طواف حولها والواجب ـ كما هو ظاهر الاية والروايات ـ هو الطواف بها لا حولها ، لكن لو إستحدث طابق ملاصق للكعبة فلا إشكال في جوازه لصدق الطواف بالبيت حينئذ .
(3) اذ الروايات الناهية عن الطواف المستحب موردها فيمن أحرم

=