عِند قَدَمَي الإمام المهدي ( عليه السلام ) ::: 61 ـ 75
(61)
    فَيَأْمُرُ الْمَهْدِيُّ ( عليه السلام ) رِيحاً سَوْدَاءَ فَتَهُبُّ عَلَيْهِمْ فَتَجْعَلُهُمْ كَأَعْجَازِ نَخْل خَاوِيَة.
    ثُمَّ يَأْمُرُ بِإِنْزَالِهِمَا فَيُنْزَلاَنِ إِلَيْهِ فَيُحْيِيهِمَا بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى وَ يَأْمُرُ الْخَلاَئِقَ بِالاِجْتِمَاعِ.
    ثُمَّ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ قَصَصَ فِعَالِهِمَا فِي كُلِّ كُور وَ دُور.
    وَ إِشْعَالَ النَّارِ عَلَى بَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ( عليهم السلام ) لاِِحْرَاقِهِمْ بِهَا.
    وَ ضَرْبَ يَدِ الصِّدِّيقَةِ الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِالسَّوْطِ ، وَ رَفْسَ بَطْنِهَا ، وَ إِسْقَاطَهَا مُحَسِّناً.
    وَ سَمَّ الْحَسَنِ ( عليه السلام ) وَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ ( عليه السلام ) وَ ذَبْحَ أَطْفَالِهِ وَ بَنِي عَمِّهِ وَ أَنْصَارِهِ وَ سَبْيَ ذَرَارِيِّ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ).
    وَ إِرَاقَةَ دِمَاءِ آلِ مُحَمَّد ( صلى الله عليه وآله ) وَ كُلِّ دَم سُفِكَ ، وَ كُلَّ فَرْج نُكِحَ حَرَاماً ، وَ كُلَّ رَيْن وَ خُبْث وَ فَاحِشَة وَ إِثْم وَ ظُلْم وَ جَوْر وَ غَشْم.
    كُلُّ ذَلِكَ يُعَدِّدُهُ ( عليه السلام ) عَلَيْهِمَا وَ يُلْزِمُهُمَا إِيَّاهُ فَيَعْتَرِفَانِ بِهِ.
    ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِمَا فَيُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِمَظَالِمِ مَنْ حَضَرَ.
    ثُمَّ يَصْلُبُهُمَا عَلَى الشَّجَرَةِ وَ يَأْمُرُ نَاراً تَخْرُجُ مِنَ الاَْرْضِ فَتُحْرِقُهُمَا وَ الشَّجَرَةَ ، ثُمَّ يَأْمُرُ رِيحاً فَتَنْسِفُهُمَا فِي الْيَمِّ نَسْفاً.
    ثمّ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ ـ يَا مُفَضَّلُ ـ إِلَيْنَا مَعَاشِرَ الاَْئِمَّةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) نَشْكُو إِلَيْهِ مَا نَزَلَ بِنَا مِنَ الاُْمَّةِ بَعْدَهُ وَ مَا نَالَنَا مِنَ التَّكْذِيبِ وَ الرَّدِّ عَلَيْنَا وَ سَبْيِنَا وَ لَعْنِنَا وَ تَخْوِيفِنَا بِالْقَتْلِ وَ قَصْدِ طَوَاغِيَتِهِمُ الْوُلاَةِ لاُِمُورِهِمْ مِنْ دُونِ الاُْمَّةِ بِتَرْحِيلِنَا عَنِ الْحُرْمَةِ إِلَى دَارِ مُلْكِهِمْ وَ قَتْلِهِمْ إِيَّانَا بِالسَّمِّ وَ الْحَبْسِ.


(62)
    فَيَبْكِي رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ يَقُولُ : يَا بَنِيَّ مَا نَزَلَ بِكُمْ إِلاَّ مَا نَزَلَ بِجِدِّكُمْ قَبْلَكُمْ.
    ثُمَّ تَبْتَدِئُ فَاطِمَةُ ( عليها السلام ) وَ تَشْكُو مَا نَالَهَا مِنْ أَبِي بَكْر وَ عُمَرَ ، وَ أَخْذِ فَدَكَ مِنْهَا ، وَ مَشْيِهَا إِلَيْهِ فِي مَجْمَع مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الاَْنْصَارِ ، وَ خِطَابِهَا لَهُ فِي أَمْرِ فَدَكَ وَ مَا رَدَّ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلِهِ : إِنَّ الاَْنْبِيَاءَ لاَ تُورَثُ ، وَ احْتِجَاجِهَا بِقَوْلِ زَكَرِيَّا وَ يَحْيَى ( عليهما السلام ) وَ قِصَّةِ دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ ( عليهما السلام ) .
    وَ قَوْلِ عُمَرَ هَاتِي صَحِيفَتَكِ الَّتِي ذَكَرْتِ أَنَّ أَبَاكِ كَتَبَهَا لَكِ وَ إِخْرَاجِهَا الصَّحِيفَةَ ، وَ أَخْذِهِ إِيَّاهَا مِنْهَا ، وَ نَشْرِهِ لَهَا عَلَى رُءُوسِ الاَْشْهَادِ مِنْ قُرَيْش وَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الاَْنْصَارِ وَ سَائِرِ الْعَرَبِ ، وَ تَفْلِهِ فِيهَا ، وَ تَمْزِيقِهِ إِيَّاهَا ، وَ بُكَائِهَا وَ رُجُوعِهَا إِلَى قَبْرِ أَبِيهَا رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) بَاكِيَةً حَزِينَةً تَمْشِي عَلَى الرَّمْضَاءِ قَدْ أَقْلَقَتْهَا ، وَ اسْتِغَاثَتِهَا بِاللهِ وَ بِأَبِيهَا رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، وَ تَمَثُّلِهَا بِقَوْلِ رُقَيْقَةَ بِنْتِ صَيْفِيّ :
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَ هَنْبَثَةٌ إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الاَْرْضِ وَابِلَهَا أَبْدَتْ رِجَالٌ لَنَا فَحْوَى صُدُورِهِمْ لِكُلِّ قَوْم لَهُمْ قُرْبٌ وَ مَنْزِلَةٌ يَا لَيْتَ قَبْلَكَ كَانَ الْمَوْتُ حَلَّ بِنَا لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ يَكْبُرِ الْخَطْبُ وَ اخْتَلَّ أَهْلُكَ فَاشْهَدْهُمْ فَقَدْلَعِبُوا لَمَّا نَأَيْتَ وَ حَالَتْ دُونَكَ الْحُجُبُ عِنْدَ الاِْلَهِ عَلَى الاَْدْنَيْنَ مُقْتَرِبٌ أَمَلُوا أُنَاسٌ فَفَازُوا بِالَّذِي طَلَبُوا
    وَ تَقُصُّ عَلَيْهِ قِصَّةَ أَبِي بَكْر وَ إِنْفَاذِهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَ قُنْفُذاً وَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، وَ جَمْعِهِ النَّاسَ لاِِخْرَاجِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْبَيْعَةِ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، وَ اشْتِغَالِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) بِضَمِّ أَزْوَاجِهِ وَ قَبْرِهِ وَ تَعْزِيَتِهِمْ ، وَ جَمْعِ الْقُرْآنِ ، وَ قَضَاءِ دَيْنِهِ ، وَ إِنْجَازِ عِدَاتِهِ وَ هِيَ ثَمَانُونَ أَلْفَ دِرْهَم بَاعَ فِيهَا تَلِيدَهُ وَ طَارِفَهُ وَ قَضَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ).


(63)
    وَ قَوْلِ عُمَرَ : اخْرُجْ يَا عَلِيُّ إِلَى مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَ إِلاَّ قَتَلْنَاكَ.
    وَ قَوْلِ فِضَّةَ جَارِيَةِ فَاطِمَةَ : إِنَّ أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) مَشْغُولٌ وَ الْحَقُّ لَهُ ، إِنْ أَنْصَفْتُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ أَنْصَفْتُمُوهُ.
    وَ جَمْعِهِمُ الْجَزْلَ وَ الْحَطَبَ عَلَى الْبَابِ لاِِحْرَاقِ بَيْتِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ زَيْنَبَ وَ أُمِّ كُلْثُوم وَ فِضَّةَ وَ إِضْرَامِهِمُ النَّارَ عَلَى الْبَابِ.
    وَ خُرُوجِ فَاطِمَةَ إِلَيْهِمْ وَ خِطَابِهَا لَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ وَ قَوْلِهَا :
    وَيْحَكَ يَا عُمَرُ ! مَا هَذِهِ الْجُرْأَةُ عَلَى اللهِ وَ عَلَى رَسُولِهِ ؟ تُرِيدُ أَنْ تَقْطَعَ نَسْلَهُ مِنَ الدُّنْيَا ، وَ تُفْنِيَهُ ، وَ تُطْفِئَ نُورَ اللهِ ؟ وَ اللهُ مُتِمُّ نُورِهِ.
    وَ انْتِهَارِهِ لَهَا وَ قَوْلِهِ كُفِّي يَا فَاطِمَةُ فَلَيْسَ مُحَمَّدٌ حَاضِراً وَ لاَ الْمَلاَئِكَةُ آتِيَةً بِالاَْمْرِ وَ النَّهْيِ وَ الزَّجْرِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَ مَا عَلِيٌّ إِلاَّ كَأَحَدِ الْمُسْلِمِينَ فَاخْتَارِي إِنْ شِئْتِ خُرُوجَهُ لِبَيْعَةِ أَبِي بَكْر أَوْ إِحْرَاقَكُمْ جَمِيعاً.
    فَقَالَتْ وَ هِيَ بَاكِيَةٌ : اللَّهُمَّ إِلَيْكَ نَشْكُو فَقْدَ نَبِيِّكَ وَ رَسُولِكَ وَ صَفِيِّكَ ، وَ ارْتِدَادَ أُمَّتِهِ عَلَيْنَا ، وَ مَنْعَهُمْ إِيَّانَا حَقَّنَا الَّذِي جَعَلْتَهُ لَنَا فِي كِتَابِكَ الْمُنْزَلِ عَلَى نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ.
    فَقَالَ لَهَا عُمَرُ : دَعِي عَنْكِ يَا فَاطِمَةُ حُمْقَاتِ النِّسَاءِ ! فَلَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَجْمَعَ لَكُمُ النُّبُوَّةَ وَ الْخِلاَفَةَ.
    وَ أَخَذَتِ النَّارُ فِي خَشَبِ الْبَابِ.
    وَ إِدْخَالِ قُنْفُذ يَدَهُ ـ لَعَنَهُ اللهُ ـ يَرُومُ فَتْحَ الْبَابِ.
    وَ ضَرْبِ عُمَرَ لَهَا بِالسَّوْطِ عَلَى عَضُدِهَا حَتَّى صَارَ كَالدُّمْلُجِ الاَْسْوَدِ ، وَ رَكْلِ الْبَابِ بِرِجْلِهِ حَتَّى أَصَابَ بَطْنَهَا وَ هِيَ حَامِلَةٌ بِالْمُحَسِّنِ لِسِتَّةِ أَشْهُر وَ إِسْقَاطِهَا إِيَّاهُ.


(64)
    وَ هُجُومِ عُمَرَ ، وَ قُنْفُذ ، وَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، وَ صَفْقِهِ خَدَّهَا حَتَّى بَدَا قُرْطَاهَا تَحْتَ خِمَارِهَا ، وَ هِيَ تَجْهَرُ بِالْبُكَاءِ وَ تَقُولُ : وَا أَبَتَاهْ ، وَا رَسُولَ اللهِ ، ابْنَتُكَ فَاطِمَةُ تُكَذَّبُ ، وَ تُضْرَبُ ، وَ يُقْتَلُ جَنِينٌ فِي بَطْنِهَا.
    وَ خُرُوجِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ مُحْمَرَّ الْعَيْنِ حَاسِراً ، حَتَّى أَلْقَى مُلاَءَتَهُ عَلَيْهَا ، وَ ضَمِّهَا إِلَى صَدْرِهِ وَ قَوْلِهِ لَهَا : يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ قَدْ عَلِمْتِي أَنَّ أَبَاكِ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ، فَاللهَ اللهَ أَنْ تَكْشِفِي خِمَارَكِ وَ تَرْفَعِي نَاصِيَتَكِ.
    فَوَ اللهِ يَا فَاطِمَةُ لَئِنْ فَعَلْتِ ذَلِكِ لاَ أَبْقَى اللهُ عَلَى الاَْرْضِ مَنْ يَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ ، وَ لاَ مُوسَى ، وَ لاَ عِيسَى ، وَ لاَ إِبْرَاهِيمَ ، وَ لاَ نُوحاً ، وَ لاَ آدَمَ [ وَ لاَ ] دَابَّةً تَمْشِي عَلَى الاَْرْضِ ، وَ لاَ طَائِراً فِي السَّمَاءِ ، إِلاَّ أَهْلَكَهُ اللهُ.
    ثُمَّ قَالَ : يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ! لَكَ الْوَيْلُ مِنْ يَوْمِكَ هَذَا ، وَ مَا بَعْدَهُ ، وَ مَا يَلِيهِ ، اخْرُجْ قَبْلَ أَنْ أَشْهَرَ سَيْفِي فَأُفْنِيَ غَابِرَ الاُْمَّةِ.
    فَخَرَجَ عُمَرُ ، وَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَ قُنْفُذٌ ، وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بِكْر ، فَصَارُوا مِنْ خَارِجِ الدَّارِ.
    وَ صَاحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِفِضَّةَ : يَا فِضَّةُ ! مَوْلاَتَكِ فَاقْبَلِي مِنْهَا مَا تَقْبَلُهُ النِّسَاءُ ، فَقَدْ جَاءَهَا الْمَخَاضُ مِنَ الرَّفْسَةِ وَ رَدِّ الْبَابِ ، فَأَسْقَطَتْ مُحَسِّناً.
    فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) : فَإِنَّهُ ـ يعني المُحسن ـ لاَحِقٌ بِجَدِّهِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَيَشْكُو إِلَيْهِ ...
    ثُمَّ يَقُومُ الْحُسَيْنُ ( عليه السلام ) مُخَضَّباً بِدَمِهِ هُوَ وَ جَمِيعُ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ.
    فَإِذَا رَآهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) بَكَى ، وَ بَكَى أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ الاَْرْضِ لِبُكَائِهِ ، وَ تَصْرُخُ فَاطِمَةُ ( عليها السلام ) فَتُزَلْزَلُ الاَْرْضُ وَ مَنْ عَلَيْهَا ، وَ يَقِفُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنُ ( عليهما السلام ) عَنْ يَمِينِهِ وَ فَاطِمَةُ عَنْ شِمَالِهِ.


(65)
    وَ يُقْبِلُ الْحُسَيْنُ ( عليه السلام ) فَيَضُمُّهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) إِلَى صَدْرِهِ وَ يَقُولُ : يَا حُسَيْنُ ! فَدَيْتُكَ ، قَرَّتْ عَيْنَاكَ وَ عَيْنَايَ فِيكَ.
    وَ عَنْ يَمِينِ الْحُسَيْنِ حَمْزَةُ أَسَدُ اللهِ فِي أَرْضِهِ ، وَ عَنْ شِمَالِهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِب الطَّيَّارُ.
    وَ يَأْتِي مُحَسِّنٌ تَحْمِلُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِد ، وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَد أُمُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) وَ هُنَّ صَارِخَاتٌ.
    وَ أُمُّهُ فَاطِمَةُ تَقُولُ : ( هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (1) الْيَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْس ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْر مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ) (2).
    قَالَ ـ المفضّل ـ : فَبَكَى الصَّادِقُ ( عليه السلام ) حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قَالَ : لاَ قَرَّتْ عَيْنٌ لاَ تَبْكِي عِنْدَ هَذَا الذِّكْرِ.
    وَ بَكَى الْمُفَضَّلُ بُكَاءً طَوِيلاً ، ثُمَّ قَالَ : يَا مَوْلاَيَ ، مَا فِي الدُّمُوعِ يَا مَوْلاَيَ ؟
    فَقَالَ : مَا لاَ يُحْصَى إِذَا كَانَ مِنْ مُحِق ... » (3).
    واعلم انه قد جاء هذا الحديث مضافاً إلى البحار في كتاب الرجعة للاسترآبادي ص 100 مسنداً عن الحسين بن حمدان ، عن محمد بن اسماعيل وعلي بن عبدالله الحسنيّين ، عن أبي شعيب محمد بن نصير ، عن عمر بن الفرات ، عن محمد بن المفضل ، عن المفضل بن عمر.
    وحكاه في هامشه عن حلية الأبرار ، ج 2 ، ص 652 ، واثبات الهداة ، ج 3 ، ص 523 ، والايقاظ من الهجعة ، ص 286.
1 ـ سورة الأنبياء : الاية 103.
2 ـ سورة آل عمران ، الاية 30.
3 ـ البحار ، ج 3 ، ص 12 ، باب 25 ، حديث 1.


(66)
    وذكر أيضاً في الهداية الكبرى للحضيني ، ص 74 من النسخة المخطوطة.
    وجاء ذكر قطعة منه في الصراط المستقيم ، ص 257.

    المرحلة الثالثة : الكوفة العاصمة
    بعد مُقام المدينة ، يخرج الامام المهدي ( عليه السلام ) الى حرم أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) الكوفة بعد أن يستعمل عليها رجلاً من أصحابه ، كما في الحديث (1).
    وفي حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) :
    « ... ويسير نحو الكوفة ، وينزل على سرير النبي سليمان ( عليه السلام ) ، وبيمينه عصا موسى ، وجليسه الروح الأمين ، وعيسى بن مريم ، متّشحاً ببرد النبي ( صلى الله عليه وآله ) متقلّداً بذي الفقار ، ووجهه كدائرة القمر في ليالي كماله ، يخرج من بين ثناياه نورٌ كالبرق الساطع ، على رأسه تاجٌ من نور » (2).
    وللكوفة يومئذ شأنٌ عظيم ومجد كريم ، حيث تكون عاصمة حكومته ودار خلافته ومركز شيعته. فيتجلى فيها السموّ والرفعة ، وتصير مهد الحياة الزاهرة في دولة العترة الطاهرة ، ببركة الامام المهدي ارواحنا فداه.
    ففي حديث المفضل : قلت : يا سيدي ، فأين تكون دار المهديّ ومجتمع المؤمنين ؟
    قال :
    « دار ملكه الكوفة ، ومجلس حكمه جامعها ، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة ، وموضع خلواته الذكوات البيض من الغريّين.
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 308 ، ح 82.
2 ـ يوم الخلاف ، المترجم ، ج 1 ، ص 495.


(67)
    قال المفضّل : يا مولاي كلُّ المؤمنين يكونون بالكوفة ؟
    قال : إي والله ، لا يبقى مؤمن إلاّ كان بها أو حواليها ، وليبلغنّ مجالة فرس منها ألفي درهم ...
    وليصيّرنّ الكوفة أربعة وخمسين ميلاً (1) ، ويجاوزن قصورها كربلاء.
    وليصيّرنّ الله كربلاء معقلاً ومقاماً تختلف فيه الملائكة والمؤمنون ، وليكوننّ لها شأن من الشأن ، وليكونن فيها من البركات ما لو وقف مؤمن ودعا ربّه بدعوة لأعطاه الله بدعوته الواحدة مثل ملك الدنيا الف مرّة » (2).
    وفي الحديث العلوي الشريف :
    « ثم يقبل الى الكوفة ، فيكون منزله بها. فلا يترك عبداً مسلماً الا اشتراه واعتقه ، ولا غارماً الا قضى دينه ، ولا مظلمة لاحد من الناس الا ردّها ، ولا يُقتل منهم عبد الا أدّى ثمنه دية مسلَّمة الى أهلها ، ولا يُقتل قتيل الا قضى عنه دينه ، وألحق عياله في العطاء ، حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً وعدواناً.
    ويسكن هو وأهل بيته الرحبة ، والرحبة انما كانت مسكن نوح وهي أرض طيبة ولا يسكن رجل من آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) ولا يقتل الا بأرض طيّبة زاكية ، فهم الأوصياء الطيّبون » (3).
    وأنه ليكثر فيها الخيرات والبركات حتى تمطر السماء فيها ذهباً ، كما تلاحظه في
1 ـ الميل يساوي ( 1860 ) متر ، كما في الأوزان والمقادير ، ص 132.
    وعليه يكون امتداد الكوفة آنذاك ( 54 ) ميل ، ويساوي ( 440/100 ) متر.
    فامتدادها فقط يكون أكثر من ( 100 ) كيلومتر ، ولذلك تجاوز قصورها كربلاء المقدسة.
2 ـ البحار ، ج 53 ، ص 11 ، ب 25 ، ح 1.
3 ـ تفسير العياشي ، ج 1 ، ص 66. والرُحبَة بضم الراء وسكون الحاء : موضع بالكوفة كما في مجمع البحرين ، مادة رحب.


(68)
الحديث الصادقي :
    « وتمطر السماء بها جراداً من ذهب » (1).
    هذا ، مضافاً الى مرغوبية نفس الكوفة في حدّ ذاتها ، كما تلاحظها في احاديث فضلها وعظيم منزلتها (2).
    وأنه يكون مسجدها اكبر مسجد في العالم ، حتى يُبنى مسجدها الأعظم ويكون له الف باب (3).
    ولا بأس بالمناسبة بيان ما لهذا المسجد من فضل عظيم وشرف كبير :
    1 ـ ففي حديث أبي عبيدة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :
    « مسجد كوفان روضة من رياض الجنّة ، صلّى فيه ألف نبيّ وسبعون نبيّاً وميمنته رحمة ، وميسرته مكرمة.
    فيه عصا موسى ، وشجرة يقطين ، وخاتم سليمان ، ومنه فار التنّور ونجرت السفينة ، وهي صرة بابل (4) ومجمع الأنبياء » (5).
    2 ـ وفي حديث الأصبغ بن نباتة ، قال : بينا نحن ذات يوم حول أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) في مسجد الكوفة ، إذ قال :
    « يا أهل الكوفة ! لقد حباكم الله عزّوجلّ بما لم يَحْبُ به أحداً. ففضّل مصلاّكم وهو بيت آدم ، وبيت نوح ، وبيت إدريس ، ومصلّى إبراهيم الخليل ، ومصلّى أخي الخضر ( عليهم السلام ) ، ومصلاّي.
1 ـ البحار ، ج 53 ، ص 34 ، ب 25 ، ح 1.
2 ـ البحار ، ج 100 ، ص 396 ، ب 6 ، ح 33.
3 ـ البحار ، ج 52 ، ص 330 ، ب 27 ، ح 76.
4 ـ في بيان البحار : صرة بابل : أشرف أجزاءها.
5 ـ البحار ، ج 100 ، ص 389 ، ب 6 ، ح 13.


(69)
    وإنّ مسجدكم هذا أحدٌ الأربع المساجد التي اختارها الله عزّوجلّ لأهلها ، وكأنّي به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم ، يشفع لأهله ولمن صلّى فيه ، فلا تُردّ شفاعته ، ولا تذهب الأيّام حتّى ينصب الحجر الأسود فيه (1).
    وليأتينَّ عليه زمان يكون مصلّى المهدي من ولدي ، ومصلّى كلّ مؤمن ، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلاّ كان به أو حنّ قلبه إليه.
    فلا تهجرنّ ، وتقرّبوا الى الله عزّوجلّ بالصلاة فيه ، وارغبوا اليه في قضاء حوائجكم. فلو يعلم الناس ما فيه من البركة ، لأتوه من أقطار الأرض ولو حبواً على الثلج » (2).
    3 ـ وفي حديث عبدالله بن مسعود ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
    « يا ابن مسعود ، لما اُسري بي الى السماء الدنيا ، أراني مسجد كوفان ، فقلت : يا جبرئيل ، ما هذا ؟
    قال : مسجد مبارك ، كثير الخير ، عظيم البركة. اختار الله لأهله ، وهو يشفع لهم يوم القيامة » (3).
    4 ـ وفي حديث محمد بن سنان ، قال : سمعت الرضا ( عليه السلام ) يقول :
    « الصلاة في مسجد الكوفة فرادى أفضل من سبعين صلاة في غير جماعة » (4).
1 ـ في بيان البحار هنا : أن نصب الحجر الأسود في مسجد الكوفة كان في زمن القرامطة ، حيث خرّبوا الكعبة المعظمة ، ونقلوا الحجر الى المسجد الكوفة ، ثم ردّوه الى موضعه ، ونصبه الامام القائم ( عليه السلام ) بحيث لم يعرفه الناس كما مر ذكره في كتاب الغيبة.
2 ـ البحار ، ج 100 ، ص 389 ، ب 6 ، ح 14.
3 ـ ا لبحار ، ج 100 ، ص 394 ، ب 6 ، ح 27.
4 ـ البحار ، ج 100 ، ص 397 ، ب 6 ، ح 34.


(70)
    5 ـ وفي حديث المفضل ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال :
    « صلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد » (1).
    وأما مسجد السهلة بالكوفة ، فهو أيضاً من المساجد العظمى ، ذات الفضيلة الكبرى :
    1 ـ ففي حديث أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال لي :
    « يا أبا محمد ، كأني أرى نزول القائم ( عليه السلام ) في مسجد السهلة بأهله وعياله.
    قلت : يكون منزله جعلت فداك ؟
    قال : نعم ، كان فيه منزل إدريس ، وكان منزل إبراهيم خليل الرحمان ، وما بعث الله نبيّاً إلاّ وقد صلّى فيه ، وفيه مسكن الخضر.
    والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلاّ وقلبه يحنّ إليه ، وفيه صخرة فيها صورة كلّ نبي.
    وما صلّى فيه أحد فدعا الله بنيّة صادقة إلاّ صرفه الله بقضاء حاجته.
    وما من أحد استجاره الاّ أجاره الله مما يخاف.
    قلت : هذا لهو الفضل.
    قال : نزيدك ؟
    قلت : نعم.
    قال : هو من البقاع التي احبّ الله أن تدعى فيها ، وما من يوم ولا ليلة إلاّ والملائكة تزور هذا المسجد ، يعبدون الله فيه. أما إنّي لو كنت بالقرب منكم ما صلّيت صلاة إلاّ فيه.
    يا أبا محمد ، وما لم أصف أكثر.
1 ـ البحار ، ج 100 ، ص 397 ، ب 6 ، ح 36.

(71)
    قلت : جعلت فداك ، لا يزال القائم فيه أبداً ؟
    قال : نعم.
    قلت : فمن بعده ؟
    قال : هكذا من بعده الى انقضاء الخلق (1).
    2 ـ وفي حديث العلاء ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) :
    « تصلّي في المسجد الذي عندكم الذي تسمّونه مسجد السهلة ، ونحن نسميه مسجد الشرى ؟
    قلت : إنّي لأصلي فيه جعلت فداك.
    قال : ائته ، فانّه لم يأته مكروب إلاّ فرّج الله كربته ، أو قال : قضى حاجته ، وفيه زبرجدة فيها صورة كلّ نبيّ وكلّ وصي » (2).
    3 ـ وفي حديث الحضرمي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أو عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : قلت له : أيُّ بقاع الله أفضل ، بعد حرم الله جلّ وعزّ ، وحرم رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ؟
    فقال : « الكوفة يا أبابكر. هي الزكيّة الطاهرة ؛ فيها قبور النبيّين المرسلين وغير المرسلين والأوصياء الصادقين.
    وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبيّاً إلاّ وقد صلّى فيه ، ومنه يظهر عدل الله ، وفيها يكون قائمه والقوّام من بعده ، وهي منازل النبيّين والأوصياء والصالحين » (3).
    وفي هذا المسجد المبارك دعا الامام الصادق ( عليه السلام ) لخلاص المرأة الصالحة في
1 ـ البحار ، ج 100 ، ص 436 ، ب 7 ، ح 7.
2 ـ البحار ، ج 100 ، ص 437 ، ب 7 ، ح 9.
3 ـ البحار ، ج 100 ، ص 440 ، ب 7 ، ح 17.


(72)
حديث بشار المكاري المعروف (1).
    وفي هذا المسجد حصلت التشرفات الشريفة للأولياء والمؤمنين ، وعباد الله الصالحين.
    فبانتظار ذلك اليوم الزاهر ، والعصر المشرق ، والحياة الذهبيّة ، مع المراقى المعنويّة ، تحت ظل الامام المنتظر الحجة بن الحسن المهدي أرواحنا فداه ، أمل المؤمنين.
1 ـ البحار ، ج 47 ، ص 379 ، ب 11 ، ح 101.

(73)
    دولة الامام المهدي ( عليه السلام )
    هي هي دولة الله تعالى ، ودولة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، والدولة الكريمة ، والدولة الشريفة ، ودولة الحق ، كما جاء تسميتها بها في الأحاديث المباركة.
    ففي حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) :
    « فأين دولة الله ؟ اما هو قائم واحد » (1).
    وفي الحديث الآخر عنه ( عليه السلام ) :
    « ودولتنا في آخر الدهر تظهر » (2).
    وفي دعاء الافتتاح الشريف كما في الحديث أيضاً :
    « اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة » (3).
    وفي الزيارة المباركة للامام المهدي ( عليه السلام ) :
    « السلام عليك ايها المؤمّل لاحياء الدولة الشريفة » (4).
    وفي حديث توصيف أصحابه ( عليه السلام ) :
1 ـ البحار ، ج 51 ، ص 54 ، ب 5 ، ح 38.
2 ـ البحار ، ج 51 ، ص 143 ، ب 6 ، ح 3. «
3 ـ البحار ، ج 91 ، ص 6 ، ب 2 ، ح 2.
4 ـ البحار ، ج 102 ، ص 86 ، ب 7 ، ح 1.


(74)
« منتظرون لدولة الحق » (1).
    وبدراستها تعرف أنها دولة السماء في الأرض ، وأفضل دول العالم ، منذ خلق الله تعالى آدم ( عليه السلام ).
    في هذه الدولة يتبدل الخوف الى الأمن ، والفقر الى الغنى ، والحزن الى السرور ، والجحيم الى النعيم ، والظلم الى العدل ، والجهل الى العلم ، والفساد الى الصلاح ، والضعف الى القوّة ، والذبول الى النضارة ، ويكون فيها كل الخيرات ، والخيرات كلها.
    وما أجمل ما جاء من وصفها في الحديث :
    « وفي أيام دولته تطيب الدنيا وأهلها » (2).
    طيباً لا كدر فيه ، وصلاحاً لا فساد فيه ، وسَعداً لا نحس فيه.
    فهي الحَريّة بأن يكون عصرها أفضل العصور ، عصر النور ، عصر العلم ، عصر القدرة ، عصر السعادة ، عصر السلامة ، عصر المعجزات ، عصر الخير ، وخير عصر.
    وفي الحديث :
    « يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً » (3).
    كل ذلك ببركة دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) في قيادته الالهية الحكيمة. تلك القيادة التي يهيمن بها من عاصمته العصماء ، على جميع الاماكن والأرجاء ؛ هيمنةً تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته.
    ففي حديث أبي بصير ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) :
    « إنه إذا تناهت الأمور إلى صاحب هذا الأمر ، رفع الله تبارك وتعالى له كلَّ
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 126 ، ب 22 ، ح 20.
2 ـ المهدي ، ص 266.
3 ـ الغيبة للشيخ النعماني ، ص 237.


(75)
منخفض من الأرض ، وخفّض له كلَّ مرتفع ، حتّى تكون الدُّنيا عنده بمنزلة راحته ، فأيّكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها » (1).
    وفي حديث آخر :
    « يُنصب له عمودٌ من نور من الأرض الى السماء فيرى فيه اعمال العباد ، وأن له علوماً مذخورة تحت بلاطة في اهرام مصر ، لا يصل إليها أحدٌ قبله » (2).
    وفي الحديث الآخر :
    « إن الدنيا تتمثل للامام مثل فلقة الجوز ، فلا يعزب عنه منها شيء ، وانه يتناولها من اطرافها كما يتناول احدكم من فوق مائدته ما يشاء » (3).
    وفي الحديث العلوي قال :
    « قد أعطانا ربّنا عزّ وجلّ علمنا للاسم الأعظم الّذي لو شئنا خرقت السماوات والأرض والجنّة والنّار ، ونعرج به إلى السماء ونهبط به الأرض ونغرّب ونشرّق ، وننتهي به إلى العرش فنجلس (4) عليه بين يدي الله عزّوجلّ ، ويطيعنا كلّ شيء ، حتّى السماوات ، والأرض ، والشمس والقمر ، والنجوم ، والجبال ، والشجر ، والدّوابّ ، والبحار ، والجنّة ، والنار ؛ أعطانا الله ذلك كلّه بالاسم الاعظم الّذي علّمنا وخصّنا به.
    ومع هذا كلّه نأكل ونشرب ونمشي في الأسواق ، ونعمل هذه الاشياء
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 328 ، ب 27 ، ح 46.
2 ـ كمال الدين ، ص 565.
3 ـ الاختصاص ، ص 217.
4 ـ لا يخفى أن هذا البيان كناية عن شدّة قربهم المعنوي ، وعظم منزلتهم عند الله تعالى.
    أو كناية عن أحاطتهم العلميّة بأمور السماوات والأرضين بافاضة الله تعالى لهم.
    أو بمعنى عظيم قدرتهم على الأمور بواسطة هذه المخلوقات وإطاعتها لهم.
عِند قَدَمَي الإمام المهدي ( عليه السلام ) ::: فهرس