عِند قَدَمَي الإمام المهدي ( عليه السلام ) ::: 91 ـ 101
(91)
وسَاكِنُ الأَرْضِ. يَقسِمُ الْمَالَ صِحَاحاً.
    فقال له رجلٌ : ما صِحَاحاً ؟
    قال : بالسَّوِيَّةِ بين النَّاسِ ، قال :
    « ويَمْلاُ الله قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّد غنىً ويَسَعُهُمْ عَدْلُهُ ، حَتّى يَأْمُرَ مُنَادِياً ، فَيُنَادِي فَيَقُولُ : مَنْ لَهُ في الْمَالِ حاجَةٌ ؟
    فَمَا يَقُومُ مِنَ النَّاسِ إلاّ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَيَقُولُ : أَنَا.
    فَيُقَالُ لَهُ : إِيتِ السَّادِن ( يَعْنِي الْخَازِنَ ) فَقُل لَهُ : إنَّ الْمَهدِيَ يَأْمُرُكَ أنْ تُعطِيَني مَالاً.
    فَيَقُولُ لَهُ : احْثُ. فَيَحْثِي ، حَتَّى إذَا جَعله في حِجره وأبرزه في حجره ندم ، فيقول : كنتُ أجشع اُمة محمد نفساً ، أوَ عجز عنّي ما وسعهم ، فيردّه فلا يُقبل منه.
    فيقال له : انا لا نأخذ شيئاً أعطيناه.
    وفي حديثه الآخر : ويُطاف بالمال في أهل الحِواء ( أي البيوت المجتمعة من الناس ) ، فلا يوجد أحدٌ يقبله » (1).
    وهذه الأحاديث الشريفة ترشدنا الى أعظم غناء اقتصادي رشيد في ذلك المجتمع البشري السعيد.
    غناءٌ في كلا الجانبين الدولة والاُمّة.
    ثراءٌ في الدولة بحيث تسع خزانتها لحاجات جميع الامة. وثراء في الامة بحيث لا يحتاج منهم أحدٌ الى أموال الدولة.
    وهذا لم يسبق له مثيل ونظير ، في جميع الازمنة والعصور.
1 ـ عقد الدرر ، ص 219.

(92)
    5 ـ زراعةُ الدَّولة
    لا ريب في أن من أعظم اركان الحياة في كل ذي روح وحياة ، هي أقواته ومآكله في غذاءه ودواءه ، في سفره وحضره ، وفي صغره وكبره.
    ومن المعلوم أنها لا تحصل الا من الحقل الزراعي والنماء الأرضي ، الذي يشكّل أعظم جانب من غذاء الانسان ورخاءه ، الى جانب مصادر مالِه وثروته.
    وهذا الحقل الحياتي ان تحسّن حسنت الحياة وطاب العيش ، وان تدهور ـ والعياذ بالله ـ ساءت الحياة وانكدر العيش ، وعقّب القحط والشدة ، وكانت ضحاياه الأرواح والأنفس.
    والمستوى الأرقى لتحسّن الحقل الزراعي الطبيعي ، لم يحصل بعدُ ، ولم يكن الاّ في عهد دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) المباركة.
    حيث تبلغ فيها بركات الأرض والسماء الغاية والنهاية ، ويعيش الناس فيها العيش الرغيد والسعيد.
    ويكفينا لمعرفة ذلك ، مراجعة الاحاديث الشريفة الواردة في هذا المقام ، مثل :
    1 ـ حديث الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، قال :
    « تُنْعَمُ اُمَّتي فِى زَمَن الْمَهْدِيِّ نِعْمَةً لَمْ يَتَنعَّمُوا مِثْلَهَا قَطُّ ؛ تُرْسَلُ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً ، ولاَ تَدَعُ الأَرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا إلاّ أخْرَجتْهُ » (1).
    2 ـ حديث أميرالمؤمنين ، قال :
    « فيَبْعَثُ المهْدِيُّ ( عليه السلام ) اِلى أُمَرَائِهِ بسائرِ الأمْصارِ بالعَدْلِ بينَ النَّاسِ ، ويذْهَب الشَّرُّ ويبْقَى الخيرُ ، ويزْرِعُ الإنسانُ مُدّاً يخْرُج له سبْعمائة مُدٍّ ،
1 ـ عقد الدرر ، ص 195.

(93)
كما قال اللهُ تعالى : ( كَمَثَلِ حَبَّة أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَة مِاْئَةُ حَبَّة وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ) (1). (2)
    3 ـ حديث الاربعماءة ، قال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه :
    « بنا يفتح الله ، وبنايختم الله ، وبنا يمحو ما يشاء وبنا يثبت ، وبنا يدفع الله الزَّمان الكلِب ، وبنا ينزِّل الغيث ، فلا يغرَّنّكم بالله الغرور.
    ما أنزلت السماء قطرة من ماء منذ حبسه الله عزَّوجلَّ ، ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها ، ولأخرجت الأرض نباتها ، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد ، واصطلحت السباع والبهائم ، حتّى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام ، لا تضع قدميها إلاّ على النّبات ، وعلى رأسها زبّيلها ، لا يهيّجها سبع ولا تخافه ».
    وهذه الروايات الشريفة تعطينا بوضوح بلوغ النماء الزراعي الى أقصى قمته الزاهرة ، في تلك الدولة المظفرة.

    6 ـ حضارةُ الدَّولة
    من الواضح أن للدولة دوراً كبيراً وتأثيراً بالغاً في بناء الأمّة وصياغة المجتمع.
    فاذا توصلت الدولة الى الحضارة الصالحة ، صلحت الأمة وارتقى المجتمع الى التمدّن الصالح.
    وقد عرفت أن دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) هي القمّة : في نظامها ، وقضائها ، وثقافتها ، واقتصادها وزراعتها ....
1 ـ سورة البقرة ، الآية 261.
2 ـ عقد الدرر ، ص 211.


(94)
فتكون هي الوحيدة التي تبلغ أرقى الحضارات وأقوى الامكانيات التي لم يتوصل اليها تاريخ العالم.
    حضارةٌ مُثلى ، يمنحها ربُّ السماوات العُلى ، ويرعاها بقيّة الله العظمى.
    حضارة السماء في الأرض.
    حضارة بريئة من كل شين ورين.
    الحضارة التي كان يرضاها الله تعالى لأمة الرسول ، والتي نطقت بها الزهراء البتول ( عليها السلام ) في احتجاجها على نساء المهاجرين والأنصار ، حيث قالت سلام الله عليها : ـ
    « ما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا والله منه شدّة وطأته ونكال وقعته ...
    وأيمُ الله لو تكافوا عن زمام نبذه اليه رسول الله لأعتقله ، ثمّ سار بهم سيراً سجحا ، لا يكلم حشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلاً رويّاً ، صافياً ، فضفاضاً ، تطفح ضفّتاه.
    ثم لأصدرهم بطاناً بغمرة الشارب ، وشبعة الساغب ، ولا تفتحت عليهم بركاتٌ من السماء والأرض.
    ولكنهم بَغَوا فسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون » (1).
    وفي خطبة الامام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) :
    « واقسم بالله لو ان الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لاعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها ... » (2).
1 ـ دلائل الامامة ، ص 39.
2 ـ البحار ، ج 47 ، ص 26.


(95)
    فتقدّم الحضارة في جميع موافق الحياة في دولة صاحب الأمر ( عليه السلام ) هى المزية الخاصة بها ، دون جميع الأدوار المارّة على الكرة الأرضيّة.
    هذا الى جانب تفتّحهم على جميع مخلوقات الأرض كما في حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) : ـ
    « كأني بأصحاب القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين ، ليس شيءٌ الا وهو مطيع لهم ، حتى سباع الأرض ، وسباع الطير ، تطلب رضاهم ، وكل شيء.
    حتى تفخر الأرض على الأرض وتقول : مَرَّبى اليوم رجلٌ من أصحاب القائم » (1).
    بل تفتحهم وتوصّلهم الى طرق السماء كما تقدم في حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) : ـ
    « ... أما إنه سيركب السحاب ، ويرقى في الاسباب ، أسباب السماوات السبع والأرضين السبع » (2).
    فما أسعدها من حياة طيّبة ، وحضارة سامية.
    يعقبها سعادة الآخرة ، ونعيم الجنّة.

    7 ـ تكاملُ الدَّولة
    من المكارم الخاصة بدولة الامام الحجة ( عليه السلام ) التكامل الأبهى في كلا المجالين الروحى والبدني.
    فمضافاً الى الكمال الروحي في ذلك العصر بالنفوس الزاكية والمعنويّات الراقية ، والشخصيّات المتشبّعة بالعلم والحكمة.
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 327.
2 ـ البحار ، ج 52 ، ص 321.


(96)
    كما في الحديث المتقدم عن الامام الباقر ( عليه السلام ) :
    ( اذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد ، فجمع بها عقولهم ، وكملت بها أحلامهم ) (1).
    مضافاً الى ذلك يتحقق التكامل العضوي ، والسلامة البدنية ، الى أقصى حدّ وغاية.
    بحيث ينالون أزهى الجمال ، وأنور المثال ، كما تلاحظه في الاحاديث المتظافرة عن العترة الطاهرة ( عليهم السلام ) ، من ذلك : ـ
    1 ـ حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في وصف الامام المهدي ( عليه السلام ) ، جاء فيه :
    « يا اُبيُّ ! طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبّه ، وطوبى لمن قال به. ينجّيهم من الهلكة.
    وبالاقرار بالله وبرسوله وبجميع الأئمة ، يفتح الله لهم الجنّة.
    مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه فلا يتغيّر أبداً.
    ومثلهم في السّماء كمثل القمر المنير الّذي لا يطفأ نوره أبداً » (2).
    2 ـ حديث الامام السجاد ( عليه السلام ) ، قال :
    « إذا قام قائمنا ، أذهب الله عزّوجلّ عن شيعتنا العاهة ، وجعل قلوبهم كزبر الحديد ، وجعل قوَّة الرَّجل منهم قوَّة أربعين رجلاً ، ويكونون حكّام الأرض وسنامها » (3).
    3 ـ حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) :
    « فاذا وقع أمرنا وجاء مهديّنا ، كان الرَّجل من شيعتنا أجرأ من ليث
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 328 ، ب 27 ، ح 47.
2 ـ البحار ، ج 52 ، ص 31 ، ب 27 ، ح 4.
3 ـ البحار ، ج 52 ، ص 317 ، ب 27 ، ح 12.


(97)
وأمضى من سنان ، يطأ عدوَّنا برجليه ويضربه بكفّيه ، وذلك عند نزول رحمة الله وفرجه على العباد » (1).
    4 ـ حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) :
    « إنَّ قائمنا إذا قام ، مدَّالله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم ، حتّى [ لا ] يكون بينهم وبين القائم بريد (2) ؛ يكلّمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه » (3).
    5 ـ حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) :
    « ... ولا يبقى على وجه الأرض اعمى ، ولا مقعد ، ولا مبتلى ، الا كشف الله عنه بلاؤه بنا أهل البيت.
    ولتنزلن البركة من السماء إلى الأرض ، حتى ان الشجرة لتقصف مما يزيد الله فيه من الثمرة ، ولتؤكل ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء.
    وذلك قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَات مِنَ السَّماءِ وَالاَْرْضِ وَلكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (4) ». (5)
    هذه جوانب موجزة من شؤون دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) التي تعم خيرها جميع البلاد والعباد ، ويسود أمنها جميع البقاع والاصقاع ، ولا يدركها ذو عاهة الا برئ ولا ذو ضعف الا قوي ، ويظهر فيها أرقى العمران ، وتتجلى فيها كرامة الانسان.
1 ـ البحار ، ج 52 ، ص 318 ، ب 27 ، ح 17.
2 ـ البريد : أربعة فراسخ.
3 ـ البحار ، ج 52 ، ص 336 ، ب 27 ، ح 72.
4 ـ سورة الاعراف ، الآية 96.
5 ـ مختصر بصائر الدرجات ، ص 51.


(98)
    كرامةً لا يرافقها مشكلة ، ولا ينغّصها معضلة ؛
    كرامةً تدعمها المعنويات ، وتساندها أسمى الدرجات ؛
    كرامةً في رفاه كامل ، وعيش فاضل ، وعُمر مديد ، وفكر سديد.

    8 ـ حياةُ الدَّولة
    من مختصات دولة الامام المهدي ( عليه السلام ) المظفّرة أنها آخر الدّوَل ، وباقية الدّوَل الى آخر الدنيا.
    فيردف الله تعالى مع الكرم كرماً ومع الفضل فضلاً ، فتدوم هذه الدولة الكريمة بالرجعة العظيمة رجعة أهل البيت ( عليهم السلام ) الى الدنيا ، وتبقى الى مئات السنين وآلاف السنوات ، والى ما قدّر الله تعالى في الدنيا من الحياة.
    ففي الحديث القدسي الشريف :
    « ولاُملكنّه مشارق الأرض ومغاربها ، ولاسخرنّ له الرياح ، ولاُذلّلنَّ له الرِّقاب الصعاب ، ولاُرقينّه في الأسباب ، ولأنصرنّه بجندي ، ولاُمدَّنّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي ، ويجمع الخلق على توحيدي. ثمَّ لاُديمنَّ مُلكه ولاُداولنَّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة » (1).
    فداوم مُلكه وبقاء دولته يكون الى يوم القيامة ـ بوجوده أوّلاً ، ثمّ بالأئمة الطاهرين ( عليهم السلام ) الراجعين الى الدنيا من بعده.
    وهنا سؤالٌ يُطرح كثيراً وهو أنه كم يملك وكم سنة يحكم الامام المهدي ( عليه السلام ) في دولته ؟
    الجواب : أن الأحاديث الواردة في المقام مختلفة.
1 ـ كمال الدين ، ص 254 ، ب 23 ، ح 4.

(99)
    فبعضها تحدّد مدة حكومته ( عليه السلام ) بسبع سنين ، وبعضها بتسع عشرة سنة وأشهراً ، وبعضها بسبعين سنة (1).
    وقال الشيخ المفيد اعلى الله مقامه : ـ ( قد رُوى أن مدة دولة القائم ( عليه السلام ) تسع عشرة سنة ، يطول أيامها وشهورها ) (2).
    لكن اختار السيد الاصفهاني القول بان ملكه ( عليه السلام ) 309 سنة ، استناداً الى حديث الفضل بن شاذان انه قال : حدثنا عبدالرحمن بن ابي نجران ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) انه قال :
    « يملك المهدي ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف من كهفهم ... ) (3).
    ثم انه ترتعش الأنامل ، وتفيض عيناي الدموع ، لهول المصاب ومحنة الاكتئاب حين أنقل حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) انه : إذا جاء الحجة الموت يكون الذي يغسّله ، ويكفّنه ، ويحنّطه ، ويلحده في حفرته الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، ولا يلي الوصيّ الا الوصيّ (4) ، فسلام عليه يوم وُلد إلى يوم يبعث حيّا.
    وفي حديث الامام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) انه قال : ـ
    ( لقد حدثني حبيبي جدّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنّ الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته ، ما منّا الا مقتول ، أو مسموم ) (5).
    فصلوات الله عليهم أجمعين ، ولعن الله ظالِميهم وقاتليهم الى يوم الدين.
1 ـ راجع كتبا الغيبة للشيخ النعماني ، ص 232 ، ب 26 ، الاحاديث.
2 ـ الارشاد ، ج 2 ، ص 386 ، ولا يخفى انه نقل قبل هذا الحديث ما رواه عبدالكريم الخثعمي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : ـ قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) كم يملك القائم ( عليه السلام ) ؟
    قال : سبع سنين.
3 ـ مختصر كفاية المهتدي ، ص 236.
4 ـ البحار ، ج 53 ، ص 94 ، ب 29 ، ح 103.
5 ـ البحار ، ج 27 ، ص 217 ، ب 9 ، ح 19.


(100)
    نعم .. يُصاب الناس بامامهم ( عليه السلام ) لكن تدوم دولته الحقّة الى يوم القيامة ، يؤمّها بقيّة العترة الطاهرة في رجعتهم الزاهرة ، التي ثبتت بالادلة القطعيّة ، كما حررناها في كتابنا ( محاضرات في الرجعة ).
    ونذكر هنا حديثاً واحداً في الختام ، مسكاً نتبرك به ، وكرامةً نأملها في رجعة المعصومين ( عليهم السلام ) ورجوع سيد الشهداء الحسين ( عليه السلام ).
    وهو ما رواه الشيخ الجليل الحسن بن سليمان الحلي ـ تلميذ الشهيد الاول ـ في كتابه ، قال :
    رويت عن جعفر بن محمد ، عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى بن محمد البصري ، قال : حدثني أبو الفضل ، عن ابن صدقة ، عن المفضل بن عمر قال : قال ابوعبدالله ( عليه السلام ) :
    « كأني والله بالملائكة قد زاحموا المؤمنين على قبر الحسين ( عليه السلام ).
    قال : قلت فيتراؤن لهم ؟
    قال : هيهات هيهات ؛ لزماء والله المؤمنين ، حتى انهم ليمسحون وجوههم بايديهم.
    قال : وينزل الله على زوار الحسين ( عليه السلام ) غدوة وعشية من طعام الجنة ، وخدامهم الملائكة.
    ولا يسأل الله عبد حاجة من حوائج الدنيا والآخرة الا أعطاه اياها.
    قال : قلت : هذه والله الكرامة.
    قال المفضل : قال لي ابوعبدالله ( عليه السلام ) : ازيدك ؟
    قلت : نعم يا سيدي.
    قال : كأني بسرير من نور قد وضع ، وقد ضُربت عليه قبة من ياقوتة حمراء مكللة بالجوهر.


(101)
    وكأني بالحسين ( عليه السلام ) جالساً على ذلك السرير وحوله تسعون الف قبة خضراء ، وكأني بالمؤمنين يزورونه ويسلّمون عليه ، فيقول الله عزّوجلّ لهم :
    اوليائي سلوني ، فطال ما اوذيتم وذللتم واضطهدتم ، فهذا يوم لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا والآخرة الا قضيتها لكم.
    فيكون اكلهم وشربهم من الجنة. فهذه والله الكرامة التي لا يشبهها شيء » (1).
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ، وسلام على محمد وآل الطاهرين
سلام الله عليهم أجمعين

1 ـ مختصر بصائر الدرجات ، ص 193.
عِند قَدَمَي الإمام المهدي ( عليه السلام ) ::: فهرس