كريشةٍ في مهب الريح طائرة * | لا تستقر على حال من القلق |
يا من إذا وقف الوفودُ بــبابه * | ألهى غــريبَهم عن الأوطـان | |
أنا عبدُ نعمـتك التي ملكت يدي * | وربيب مغـنـاك الذي أغناني | |
جرت الملـوكُ ومن يُؤمل رفده * | وبقيتُ حيث أرى الندى ويراني |
والعصر إن المرءَ في خسـران * | وشــــقاوة ومذَلةٍ وهوانِ | |
إلا الألى عرفوا الإله وطــبقوا * | نهـج الهدى وشريعة القرآن | |
وغداً يُوصي بعضهم بعضاً هنا * | بالحق والصبر الجميل الباني |
هذا الذي تعرف البـــطحاءُ وطأتَه * | والـــبيت يعرفُه والـحل والحرمُ | |
هذا ابن خـــــير عباد الله كلهم * | هذا التقي النقي الطاهــــر العلم | |
هذا ابن فاطمة إن كنـــتَ جاهله * | بجده أنبــــياء الله قد خُتــموا | |
هذا عليٌ رســـــول الله والده * | أضحت بنور هداه تهــتـدي الأمم | |
وليس قولــــك مَنْ هذا بضائره * | الــعربُ تعرف مَنْ أنكرتَ والعجم | |
يكاد يُمسكه عرفانَ راحـــــته * | ركنُ الحطيم إذا ما جاء يســــتلم | |
من معشر حبهم دينٌ وبغـــضُهُم * | كفرٌ وقربهم مَنجىً ومُعــــتصمُ | |
إن عُد أهل التقى كانوا أئــمـتهم * | أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم |
من معشر حبهم فرض وبـغضهم * | كفر وقربهم مَنجىً ومُعتـَـــصَمُ | |
إن عد أهل التقى كانـوا أئـمتهم * | أو قيل مَن خير أهل الأرض قيل هم |
هيا بنا لرُبى الزوراء نســألها * | عن ثلتـين هما موتى وأحياء | |
فقد مشت وبنو العبـاس سامرةٌ * | بألف ليلةَ حيث العـيش سراء | |
دار الرقيق وقصر الخلد طافحة * | بما يلذ فأنـغام وصـــهباء | |
تجــبك أن ديار الظلم خاوية * | وأن للــمتقين الخلدَ ما شاؤا |
ومِل إلى الكرخ وارمُق قُبة سمَقَت * | تجـاذبتها الثريا فهي شــماء | |
وحــــي فيها إماماً من أنامله * | سحابـة الفضل والإنعام وطفاء |
باتوا على قُلل الأجبال تحرسُهم * | غلبُ الرجالِ فلم تنفـعهم القُلَلُ | |
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم * | وأسكنوا حفراً يا بئس ما نزلوا | |
ناداهم صارخ من بعدما قُبروا * | أين الأسرةُ والــتيجانُ والحُلَلُ |
أين الوجوهُ التي كانت منعــمةً * | من دونها تُضربُ الأستارُ والكُلَلُ | |
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * | تلك الوجوهُ عليها الدود ينــتقل | |
وطالما أكلوا دهراً وما شربـوا * | فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكلوا | |
وطلما كنزوا الأموال وادخروا * | فخلفـوها على الأعداء وارتحلوا | |
وطالما عمروا دُوراً لتحصنهـم * | ففارقوا الدور والأهلين وانـتقلوا | |
أضـحت منازلهم قفراً معطلـة * | وساكنوها إلى الأجداث قد رَحلوا |
أين الـقصورُ أبا يزيدَ ولهوُها * | والصـافنات وزهوُها والسؤددُ | |
أين الـدهاءُ نحرتَ عِزتَه على * | أعتاب دنياً سحــرها لا ينفدُ | |
آثرتَ فـانيها على الحق الذي * | هو لو علمتَ على الزمان مخلد |
تلك البهـارجُ قد مضت لسبـيلها * | وبـــقيتَ وحدك عِبرةَ تتردد | |
هذا ضـريحك لو بصُرتَ ببؤسه * | لأسال مدمعَك المـصيرُ الأسودُ | |
كتَلٌ من الترب الـمـهين بخِرْبةٍ * | ســكر الذبابُ بها فراح يُعربد | |
خفـيت معــالمها على زوارها * | فكأنها في مجــهل لا يُـقصد | |
ومـشى بها ركبُ البلى فجدارها * | عار يكاد من الضراعة يسـجد | |
والـقُبة الشماء نكس طرفــها * | فبـكل جزء للفناء بها يـــد | |
تهمي السحائبُ من خلال شقوقها * | والـريح من جنابتها تــتردد | |
حتى المصـلى مظلمٌ فكـــأنه * | مذ كان لـم يجـتز به مــتعبد |
أأبا يزيدَ لتلك حــــكمةُ خالقٍ * | تُجلى على قلب الحـكيم فيُرشَدُ | |
أرأيتَ عاقبة الجمـــوح ونزوه * | أودى بلبك غيها المتـــرصد | |
أغرتك بالدنيا فرُحت تشنـــها * | حرباً على الحق الصراح وتُوقد | |
تعدو بها ظلماً على من حـــبه * | دين وبغضته الشقــاء السرمد | |
علَمُ الهدى وإمام كل مطهّـــَر * | ومثابةُ العلم الذي لا يُجـــحد | |
ورثت شمائله بَراءةَ أحمـــدٍ * | فيكاد من بُرديه يشرق أحــمد | |
وغلوتَ حتى قد جعلت زمامـها * | إرثاً لكل مُذمَّمٍ لا يُحــــمد | |
هتك المحـارمَ واستباح خدورها * | ومضى بغير هواه لا يتقــيد | |
فأعادهـا بعد الهدى ـ عصبيةً * | جهلاءَ تلتهم النفوس وتــُفسد | |
فكأنما الإسلام سلعةُ تاجـــر * |
وكأن أمـــــته لأَلكَ أعْبُدُ |
أأبا يزيد وساءَ ذلك عِتــــرةً * | ماذا أقول وبابُ سمعك مُوصد | |
قم وارمق النجف الشريف بنظرةٍ * | يرتدَّ طرفُك وهو باكٍ أرمــد |
تلك العظام أعز ربك شأنــــها * | فتــكادُ لولا خوفُ ربك تُعبد | |
أبداً تباكرها الوفودُ يحثـــــها * | من كل صوب شوقها المتـوقد | |
نازعتَها الدنيا فـــفزت بوردها * | ثـم انطوى كالحُلم ذاك الموردُ | |
وسعت إلى الأخرى فأصبح ذكرها * | في الخالدين وعطف ربك أخلد |