فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: 586 ـ 600
(586)
والموضوع لم يبق للدليل ظهور على خلاف المرتكز العرفي.
    ومن هنا صح أن يقال : إنه لا وجه للمقابلة بين الدليل والعرف ، فان مفاد الدليل يرجع بالآخرة إلى ما يقتضيه نظر العرف ، لان المرتكز العرفي ومناسبة الحكم والموضوع يكون قرينة صارفة عما يكون الدليل ظاهرا فيه ابتداء ، فلو كان الدليل ظاهرا بدوا في قيدية العنوان وكانت مناسبة الحكم والموضوع تقتضي عدمه فاللازم هو العمل على ما تقتضيه مناسبة الحكم والموضوع ، لأنها تكون بمنزلة القرينة المتصلة ، فلم يستقر للدليل ظهور على الخلاف ، فالمقابلة بين العرف والدليل إنما هو باعتبار ما يكون الدليل ظاهرا فيه ابتداء مع قطع النظر عن المرتكز العرفي ، وإلا فبالأخرة يتحد ما يقتضيه مفاد الدليل مع ما يقتضيه المرتكز العرفي ، فتأمل في أطراف ما ذكرناه جيدا.

    يعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب في ظرف الشك متيقن الوجود سابقا ليكون الشك متمحضا في بقائه ، وبذلك يمتاز الاستصحاب عن « قاعدة اليقين » فان المتيقن في القاعدة إنما يكون مشكوك الحدوث في ظرف الشك ، ولذلك يعبر عنها بالشك الساري ، وقد تقدم سابقا : أنه لا يمكن أن يعمها أخبار الاستصحاب ، ونزيده في المقام وضوحا ، فنقول :
    إنه قد يتوهم شمول الاخبار للاستصحاب والقاعدة معا (1) بتقريب : أن
1 ـ أقول : لو تأملت فيما قلت في وجه كون العام مسوقا بلحاظ الأنظار العرفية في البحث السابق ، يتضح لك وجه عدم الجمع بين القاعدتين ، لان قوام الاستصحاب بكون النظر في ارجاع القضية المشكوكة إلى المتيقنة ـ تبعا لصدق نقض أحدهما بالآخر ـ نظرا مسامحيا عرفيا ، وإلا فبالدقة القضية المشكوكة بقاء الشيء والمتيقنة حدوثه ، واحدهما غير الآخر ، فلا مجال حينئذ لصدق النقض دقة ، بل لابد من النظر إليه مسامحة ، ولازمه حينئذ كون النظر في ارجاع الضمير في الشك به أيضا مسامحيا ، ولو

(587)
قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك » يدل على عدم جواز نقض كل فرد من أفراد اليقين ، ومنها اليقين في القاعدة ، فإنه فرد من أفراد اليقين ، فيعمه قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك » ولا يمنع عن ذلك اختلاف الاستصحاب والقاعدة في الأثر المترتب على عدم نقض اليقين بالشك ، حيث إنه في الاستصحاب يجب ترتيب آثار بقاء متعلق اليقين لا آثار حدوثه ، وفي القاعدة يجب ترتيب آثار ثبوت متعلق اليقين في ظرف تعلق اليقين به.
    فلو تعلق اليقين بعدالة زيد في يوم الجمعة ثم شك في عدالته في يوم السبت ، فان كان الشك في بقاء العدالة مع العلم بثبوتها في يوم الجمعة ، فعدم نقض اليقين بالعدالة بالشك فيها معناه : ترتيب آثار بقاء العدالة في يوم السبت الذي هو ظرف تعلق الشك بالعدالة ، وذلك مفاد الاستصحاب.
    [ ترتيب آثار ثبوت العدالة في يوم الجمعة ] (1).
    وان كان الشك في ثبوت العدالة في يوم الجمعة ، فعدم نقض اليقين بالعدالة بالشك فيها معناه : ترتيب آثار ثبوت العدالة في يوم الجمعة الذي هو ظرف تعلق اليقين بها ، وهذا مفاد القاعدة ، وليس مفادها ترتيب آثار بقاء العدالة في يوم السبت ، فمفاد القاعدة يخالف مفاد الاستصحاب. ولكن هذا الاختلاف لا يمنع عن اندراجهما في عموم قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك » فان الاختلاف في الأثر إنما هو لاختلاف الخصوصيات الفردية ، نظير
بالتجريد عن حيث الحدوث والبقاء ، كما أن في القاعدة قوامه بكون النظر في ارجاع الشك إلى اليقين دقيا ، ولا مجال للجمع بين النظرين ـ ولو في النقض ـ إلا لمن كان أحوال العينين !.
    ولئن اغمض عما ذكر لا يبقى مجال لما أفيد ، إذ من البديهي ان اختلاف اليقينين كما يكون بالمتعلق كذلك يكون بالزمان ، واليقين في القاعدة هو اليقين الأمس ، واليقين في الاستصحاب هو اليقين الفعلي ـ خصوصا لو كان حادثا أيضا فعلا ـ وهما فردان من اليقين ، وسيجئ أيضا إبطال ما تشبث به لمنع شمول اخبار الباب للقاعدتين ( إن شاء الله تعالى ) كما في الحاشية الآتية.
1 ـ كذا في النسخة ، والظاهر أنها زائدة ، أو سقطت من أولها كلمة « لا » ( المصحح ).


(588)
اختلاف أثر عدم نقض اليقين بعدالة زيد مع أثر عدم نقض اليقين بقيام بكر.
    والحاصل : أن اليقين بوجود الشيء في زمان مع تبدله إلى الشك في الوجود واليقين بوجود الشيء في زمان مع انحفاظه في زمان الشك فردان من اليقين يعمهما قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك ».
    هذا ، ولكن لا يخفى عليك ما في هذا التقريب من الضعف ، فان اليقين في القاعدة ليس فردا مغايرا لليقين في باب الاستصحاب ، لان تغاير أفراد اليقين إنما يكون بتغاير متعلقاته ـ كاليقين بعدالة زيد وقيام بكر ـ وإلا فاليقين من حيث نفسه لا يتعدد ، ومتعلق اليقين في القاعدة والاستصحاب غير متعدد ، لان متعلق اليقين في كل منهما هو عدالة زيد ، وعدم انحفاظ اليقين في القاعدة وانحفاظه في الاستصحاب لا يوجب أن يكون اليقين في أحدهما فردا مغايرا لليقين في الآخر ، فان الانحفاظ وعدمه من الطوارئ اللاحقة لليقين بعد وجوده ، وذلك لا يقتضي تعدد أفراد اليقين مع وحدة المتعلق ، بداهة أن تعدد أفراد الطبيعة الواحدة إنما يكون لأجل اختلاف المشخصات الفردية حال وجود الافراد ، فلابد وأن يكون لكل فرد خصوصية حال وجوده يمتاز بها عن الفرد الآخر.
    ومن المعلوم : أن اليقين في القاعدة ليس له خصوصية حال وجوده يمتاز بها عن اليقين في الاستصحاب ، بل الخصوصية إنما تلحق به بعد وجوده ، والخصوصية اللاحقة بعد الوجود لا تكون من الخصوصيات المفردة. فتوهم : أن اليقين في القاعدة فرد مغاير لليقين في الاستصحاب ويكون العموم الافرادي لليقين في قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك » شاملا لهما ، ضعيف غايته.
    نعم : لا بأس بتوهم شمول إطلاق قوله : « لا تنقض » لهما ، بتقريب : أن الشك اللاحق في القاعدة وفي الاستصحاب إنما يكون من الأحوال والطواري


(589)
اللاحقة لليقين ، ولا مانع من إطلاق الحكم بالنسبة إلى الطواري اللاحقة للموضوع ، فإطلاق قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك » لحالتي بقاء اليقين وزواله يقتضي شمول الحكم للقاعدة والاستصحاب.
    هذا ، ولكن التحقيق : أنه لا يمكن أن تعم أخبار الباب كلا من القاعدة والاستصحاب (1) لأنه لا يمكن الجمع بينهما في اللحاظ من جميع الجهات ، لا من جهة اليقين ولا من جهة المتيقن ولا من جهة النقض ولا من جهة الحكم.
    أما من جهة اليقين : فلان اليقين في باب الاستصحاب إنما يكون ملحوظا من حيث كونه طريقا وكاشفا عن المتيقن ، وفي القاعدة يكون ملحوظا من حيث نفسه (2) لبطلان كاشفيته بعد تبدله إلى الشك.
1 ـ أقول : الأولى في المقام ان يقال : انه بعد كون المراد من اليقين في القاعدتين هو اليقين المرآتي غاية الامر كل بحسب زمان وجوده كما أن المراد من النقض البناء منه بلحاظ الجري العملي على طبق اليقين أو المتيقن في المقامين كما أن المتيقن في البابين أمكن تجريده عن الزمان في البابين ، بان يراد اليقين بوجود مع الشك بهذا الوجود الجامع بين الحدوث والبقاء ، بلا لحاظ أحدهما في البين. عمدة الاشكال في الجمع في اطلاق النقض ، إذ هو في القاعدة حقيقي وفي الاستصحاب مسامحي ، ولا يمكن الجمع بينهما ، لما تقدمت الإشارة إليه في الحاشية السابقة ، فتدبر فيه.
2 ـ أقول : كاشفية اليقين إنما هو بلحاظ زمانه ، فمعنى عدم النقض في القاعدة أيضا عدم رفع اليد عن الكاشف السابق ، وذلك لا ينافي مع عدم كشفه فعلا ، فاليقين في كلا البابين اخذ بنحو الكاشفية ، غاية الامر بلحاظ زمان وجوده فعلا أم سابقا. واما المتيقن : فلهذا القائل ان يقول : إن المتيقن هو طبيعة العدالة الجامعة بين الحدوث والبقاء ، وهذا معنى ثالث ينطبق على مورد الاستصحاب والقاعدة ، ونحن أيضا لا نريد إلا استفادة الجامع بين القاعدتين ، لا نفسهما. والمراد من النقض أيضا هو الجري العملي على طبق اليقين الجامع بين الباقي والزائل. ولعمري ! إن هذا البيان حاك عن عدم الوصول إلى المقصد ، إذ تمام المقصد في وجه الامتناع هو الجمع بين اللحاظين في إطلاق النقض المستتبع لارجاع الشك إلى اليقين دقة ومسامحة ( والله العالم ) فتدبر.
    نعم : لو اغمض عن هذه الجهة لنا اشكال آخر في شمول الاخبار لقاعدة اليقين ، وهو ان الظاهر من عنوان « اليقين » المأخوذ في اخبار الباب كون جريه بلحاظ حال النسبة الحكمية في الكلام ، ولازمه


(590)
    وأما من جهة المتيقن : فلان المتيقن في الاستصحاب لابد وأن يكون معرى عن الزمان غير مقيد به ، وفي القاعدة لابد من لحاظه مقيدا بالزمان ، لان مفاد القاعدة إنما هو عدم نقض المتيقن في الزمان الذي تعلق اليقين به ، فلو تعلق اليقين بعدالة زيد في يوم الجمعة وفي يوم السبت شك في عدالته في يوم الجمعة ، فمعنى عدم نقض اليقين بالشك : هو عدم نقض اليقين بعدالة زيد في يوم الجمعة بالشك فها ، فلابد في القاعدة من لحاظ زمان حصول اليقين في الحكم بعدم انتقاض المتيقن في ذلك الزمان ، بخلاف الاستصحاب ، فإنه لا يلاحظ فيه زمان حصول اليقين.
    وأما من جهة النقض : فلان نقض اليقين في الاستصحاب إنما يكون باعتبار ما يقتضيه اليقين من الجري العملي على طبق المتيقن ، وفي القاعدة إنما يكون باعتبار نفس اليقين ، وذلك من لوازم لحاظ اليقين موضوعا أو طريقا.
    وأما من جهة الحكم : فلان الحكم المجعول في القاعدة إنما هو البناء العملي على ثبوت المتيقن في زمان اليقين ، وفي الاستصحاب هو النباء العملي على ثبوت المتيقن في زمان الشك.
    فالقاعدة تباين الاستصحاب من كل جهة من هذه الجهات الأربع ، فلا يمكن أن يعمهما أخبار الباب ، بل لابد وأن تكون الاخبار متكفلة لاعتبار أحدهما ، وحيث إن موردها لا ينطبق على القاعدة فلابد وأن تكون متكفلة لاعتبار الاستصحاب (1) فالقائل باعتبار القاعدة لابد من أن يلتمس دليلا آخر
كونه فعليا في ظرف الحكم بالتعبد بحرمة نقضه ، وهذا مختص بالاستصحاب ولا يجري في القاعدة ، اللهم إلا ان يقال : ان ظهوره من هذه الجهة معارض بظهور النقض في الحقيقة ، ولازم هذا الظهور حمله على القاعدة. نعم : الذي يسهل الخطب تطبيق الامام ـ عليه السلام ـ إياه على الاستصحاب.
1 ـ أقول : ولعمري ! إنه لا يفي شيء مما أفيد لمنع الجامع ، إذ هي بين ما لا يتم وبين ما لا يمنع عنه ، فتدبر فيما قلنا تعرف.


(591)
على ذلك. وقد يستدل لها بقاعدة الفراغ ، وسيأتي البحث عنها ( إن شاء الله تعالى ).

    يعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب مشكوك البقاء ، فلا مجال للاستصحاب لو أحرز بقاء المستصحب أو ارتفاعه ، من غير فرق بين الاحراز الوجداني الحاصل من العلم وبين الاحراز التعبدي الحاصل من الطرق والامارات ، فلا يجري الاستصحاب مع قيام الطريق على بقاء المستصحب أو ارتفاعه ، وكذا غير الاستصحاب من سائر الأصول العملية. وهذا في الجملة مما لا خلاف فيه ، إلا ما يظهر من بعض الكلمات في بعض المسائل الفقهية : من البناء على إعمال التعارض بين الامارات والأصول ، ولكنه ضعيف ، فلا ينبغي التأمل والاشكال في تقدم الامارات على الأصول العملية.
    وإنما الاشكال في وجه ذلك ، فقد يقال ـ بل قيل ـ إن الوجه فيه هو كون الامارة رافعة لموضوع الأصل بالورود.
    والأقوى : كونها رافعة لموضوعه بالحكومة لا بالورود ، وقد تقدم تفصيل الفرق بين الحكومة والورود في أول البراءة.
    وإجماله : هو أن ورود أحد الدليلين على الآخر إنما يكون باعتبار كون أحدهما رافعا لموضوع الآخر بعناية التعبد به ، وبذلك يمتاز عن التخصيص بعد اشتراكهما في كون الخروج في كل منهما يكون بالوجدان على وجه الحقيقة. ولكن يمتاز التخصص عن الورود بأن الخروج فيه يكون بذاته تكوينا بلا عناية التعبد (1) كخروج الجاهل عن موضوع قوله : « أكرم العلماء » وكخروج العالم
1 ـ أقول : وبعبارة أخرى ، تارة : يكون خروج المورد عن تحت دليل آخر وعدم شموله له ذاتيا ،

(592)
بالحكم عن مورد التعبد بالامارات وعن موضوع الأصول العملية مطلقا شرعية كانت أو عقلية. وأما الورود : فالخروج فيه إنما يكون بعناية التعبد ، كخروج الشبهة عن موضوع الأصول العقلية ـ من البراءة والاشتغال والتخيير ـ بالتعبد بالامارات والأصول الشرعية ، فإنه بالتعبد بها يتم البيان فلا يبقى موضوع لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، ويحصل المؤمن عن بعض أطراف الشبهة فلا يبقى موضوع لحكم العقل بالاحتياط وترتفع الحيرة فلا يبقى موضوع لحكم العقل بالتخيير.
    فخروج الشبهة عند قيام الامارة أو الأصل الشرعي عليها عن موضوع حكم العقل بالبراءة والاحتياط والتخيير وإن كان على وجه الحقيقة ، إلا أن ذلك إنما يكون ببركة التعبد بالامارات والأصول ، فإنه لولا التعبد بها كانت الشبهة داخلة في موضوع الأصول العقلية ، ففرق بين العلم بحكم الشبهة وبين قيام الامارة أو الأصل عليه ، فإنه في الأول تخرج الشبهة عن موضوع الأصل العقلي بالتخصص لان العلم مما لا تناله يد التعبد الشرعي ، وفي الثاني تخرج الشبهة عن موضوع الأصل العقلي بالورود بعناية التعبد بالامارات والأصول ، فاستعمال الورود مكان التخصص وبالعكس يكون على خلاف الاصطلاح.
    وعلى كل حال : الورود يشارك التخصص في النتيجة ، فان ورود أحد الدليلين على الآخر إنما هو باعتبار كون أحدهما رافعا لموضوع الآخر حقيقة. وبذلك يمتاز الورود عن الحكومة ، فان حكومة أحد الدليلين على الآخر لا توجب خروج مدلول الحاكم عن مدلول المحكوم وجدانا وعلى وجه الحقيقة ، بل الخروج في الحكومة إنما يكون حكميا.
وأخرى : عرضيا وناشئا عن تصرف من ناحية الحاكم في البين ، بحيث لولا هذا التصرف لكان دليل المورود شاملا له ، فالأول داخل في اصطلاح التخصص والثاني في الورود ، وحينئذ يفرق بين الأدلة القطعية والتعبدية بخروج المورد عن الأصول في الأول بالتخصص وفي الثاني بالورود.

(593)
فالحكومة تشارك التخصيص في النتيجة ، ولكن تمتاز عنه بأن التخصيص إنما يقتضي رفع الحكم عن بعض أفراد موضوع العام من دون أن يتصرف المخصص في عقد وضع العام أو في عقد حمله ، كقوله : « لا تكرم زيدا » عقيب قوله : « أكرم العلماء » فان مفاد قوله « لا تكرم زيدا » ليس إلا عدم وجوب إكرام زيد العالم.
    وأما الحكومة : فهي لا تكون إلا بتصرف أحد الدليلين في عقد وضع الآخر أو في عقد حمله ، بمعنى : أن دليل الحاكم إما أن يتصرف في موضوع دليل المحكوم بادخال ما يكون خارجا عنه أو باخراج ما يكون داخلا فيه ، كقوله : « زيد عالم » أو « ليس بعالم » عقيب قوله : « أكرم العالم » وإما أن يتصرف في محمول دليل المحكوم بتضييق دائرة الحكم وتخصيصه ببعض حالاته وأفراده ، كقوله ـ تعالى ـ « ما جعل عليكم في الدين من حرج » وكقوله ـ صلى الله عليه وآله ـ « لا ضرر ولا ضرار » بناء على أن يكون الحرج والضرر من الحالات اللاحقة لنفس الاحكام ، لا لموضوعاتها ، كما أوضحناه في محله.
    ولا يعتبر في الحكومة أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي شارحا ومفسرا لما أريد من دليل المحكوم ، كما توهمه بعض الاعلام من كلام الشيخ ـ قدس سره ـ في مبحث التعادل والتراجيح ، حيث قال ـ قدس سره ـ : « وضابط الحكومة أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرضا لحال الدليل الآخر الخ » وسيأتي ( إن شاء الله تعالى ) ما يتعلق بشرح عبارة الشيخ ـ قدس سره ـ في ذلك المبحث ، والغرض في المقام مجرد التنبيه على أنه لا يعتبر في الحكومة التفسير وشرح اللفظ ، بأن يكون دليل الحاكم مصدرا بأداة التفسير أو ما يلحق به كتفسير قرينة المجاز لما أريد من لفظ ذي القرينة ، كقوله : « رأيت أسدا يرمي » حيث إن كلمة « يرمي » تكون شارحة ومفسرة لما أريد من لفظ « الأسد ». وكأن من اعتبر في الحكومة أن يكون دليل الحاكم بمدلوله اللفظي مفسرا لما أريد


(594)
من دليل المحكوم خص الحكومة بما كان من قبيل حكومة أصالة الظهور الجارية في قرينة المجاز على أصالة الظهور في ذيها ، وعلى ذلك بنى الاشكال في حكومة الامارات على الأصول العملية (1) حيث إنه ليس في أدلة الامارات ما يقتضي شرح ما ريد من أدلة الأصول ، فلا تكون الامارات حاكمة على الأصول.
    وليت شعري ! أنه ما الموجب لتخصيص الحكومة بذلك ؟ فإنه لم يقم دليل على اعتبار الشرح والتفسير اللفظي في باب الحكومة ، بل سيأتي ـ في مبحث التعادل والتراجيح ـ أن الحكومة لا تختص بالأدلة اللفظية ، بل تأتي في اللبيات أيضا ، فدعوى : أنه يعتبر في الحكومة شرح اللفظ ، مما لم يقم عليها برهان ، بل لو بنينا على اختصاص الحكومة بذلك قل مورد الحكومة فان في غالب الحكومات ليس ما يقتضي التفسير وشرح اللفظ.
    فالتحقيق : أنه لا يعتبر في الحكومة أزيد من تصرف أحد الدليلين في عقد وضع الآخر وفي عقد حمله ولو لم يكن بلسان الشرح والتفسير ، بل لو كان مفاد تصرف أحد الدليلين بمدلوله المطابقي في مدلول الآخر ما تقتضيه نتيجة تحكيم المقيد والخاص على المطلق والعام كان ذلك أيضا من الحكومة ، مع أنه ليس في تحكيم المقيد على المطلق والخاص على العام ما يقتضي شرح اللفظ ، بناء على ما هو الحق عندنا : من أن التقييد والتخصيص لا يوجب استعمال لفظ المطلق والعام في خلاف ما وضع له ، بل التقييد والتخصيص يكون مبينا لموضوع
1 ـ أقول : وإن بنى الأستاذ في كفايته منع الحكومة في الامارات على الأصول على هذه الجهة أيضا ، ولكن ذلك ليس عمدة وجهه ، بل عمدة ما منع الحكومة في المقام هو بنائه على توجه التنزيل في أدلة الامارات إلى المودى بلا نظر فيها إلى تتميم كشفه [ ومن هذه ] * الجهة أيضا أنكر قيامها مقام العلم الموضوعي ولو من حيث كشفه وطريقيته ، فبناء على هذا المبنى لابد وان ينكر الحكومة ولو بالمعنى الذي أنت تدعيه ، وحينئذ لابد وان ينازع معه في المبنى ، وإلا فتفريعه منع الحكومة بأي معنى تقول في غاية المتانة.
    * ما بين المعقوفتين ليس في الأصل ، ولعله سقط من القلم. ( المصحح ).


(595)
الحكم واقعا ، لا لما أريد من لفظ المطلق والعام ، كما أوضحناه في محله ، وسيأتي لذلك مزيد توضيح ( إن شاء الله تعالى ).
    ثم إن تصرف أحد الدليلين في عقد وضع الآخر ، تارة : يكون بتوسعة دائرة الموضوع أو تضييقه بادخال ما يكون خارجا عنه أو باخراج ما يكون داخلا فيه ، كقوله : زيد عالم أو ليس بعالم عقيب قوله : « أكرم العلماء » كقوله : لا شك لكثير الشك عقيب قوله : « من شك بين الثلاث والأربع فليبن على الأربع » وأمثال ذلك.
    وأخرى : يكون باعدام أحد الدليلين لموضوع الدليل الآخر في عالم التشريع مع بقائه في عالم التكوين.
    والقسم الأول من الحكومة إنما تكون فيما بين الأدلة المتكفلة لبين الاحكام الواقعية ، والحكومة فيها واقعية ، وسيأتي البحث عنها في مبحث التعادل والتراجيح.
    وأما القسم الثاني منها : فهو إنما يكون فيما بين الأدلة المتكفلة لبيان الاحكام الظاهرية ، والحكومة فيها إنما تكون ظاهرية ، وذلك كحكومة الامارات مطلقا على الأصول الشرعية وكحكومة الأصول التنزيلية على غيرها وكحكومة الأصل السببي على الأصل المسببي ، فان الحكومة في جميع ذلك إنما تكون باعدام دليل الحاكم في عالم الاعتبار والتشريع ما اخذ موضوعا في دليل المحكوم.
    وذلك : لان المجعول في الامارات إنما هو الوسطية في الاثبات والاحراز ـ على ما أوضحناه في محله ـ ولم يؤخذ الشك موضوعا في باب الامارات ، بل الجهل بالواقع يكون موردا للتعبد بها ، فتكون الامارة رافعة للشك الذي اخذ موضوعا في الأصول ، وكذا الأصل المحرز يكون رافعا لموضوع الأصل الغير المحرز ، لان الأصل المحرز وإن اخذ الشك في موضوعه أيضا كالأصل الغير المحرز ، إلا أن الأصل المحرز يقتضي ثبوت المتعبد به ، فان المجعول فيه هو البناء على أحد


(596)
طرفي الشك على أنه هو الواقع وإلغاء الطرف الآخر في عالم التشريع فيرتفع به موضوع الأصل الغير المحرز (1) وكذا الحال في الأصل السببي والمسببي ، فان الأصل السببي مطلقا ـ ولو كان غير متكفل للتنزيل ـ رافع للشك المسببي ، كما سيأتي بيانه ( إن شاء الله تعالى ).
    وبالجملة : حكومة الأدلة المتكفلة للأحكام الظاهرية بعضها على بعض إنما تكون باعتبار رفع دليل الحاكم موضوع دليل المحكوم في عالم التشريع مع بقائه في عالم التكوين ، فان قيام الامارة على خلاف مؤدى الأصل لا يوجب رفع الشك خارجا ، لاحتمال مخالفة الامارة للواقع ، فموضوع الأصل محفوظ تكوينا ، ولكن لما كان المجعول في باب الامارات هو الاحراز وإلغاء احتمال الخلاف كانت الامارة رافعة للشك في عالم التشريع ، لان المكلف يكون محرزا للواقع بحكم التعبد بالامارة ، فلا يبقى موضوع الأصل.
    وكذا الكلام في حكومة الأصول بعضها على بعض. والجامع بين الكل : هو أن مفاد التعبد بأحد الدليلين إن رجع إلى إثبات متعلق الشك الذي اخذ موضوعا في الدليل الآخر ، فالدليل المثبت لمتعلق الشك يكون حاكما على الآخر ، سواء كان إثبات المتعلق بتوسط جعل الاحراز كما في الامارات ـ أو بتوسط الحكم بالبناء العملي على بقاء الواقع في أحد طرفي الشك ـ كما في الأصول المحرزة ـ وقد يكون مفاد الدليل إثبات متعلق الشك بلا توسط جعل الاحراز وبلا توسط البناء العملي على بقاء الواقع في أحد طرفي الشك بل نفس التعبد بمفاد الدليل يقتضي إثبات متعلق الشك ـ كما في الأصل السببي والمسببي ـ على ما سيأتي بيانه.
    فظهر : أن الوجه في تقدم الامارات على الأصول العملية إنما هو الحكومة ،
1 ـ أقول : بعدما كان ميزان الأصلية على عدم كون نظر الدليل إلى جهة كشفه ولا تتميم كشفه ، فلا يعقل أن يثبت به المعرفة التي هو غاية أصالة الحل ، ومع عدم ثبوته كيف يثبت الحكومة ؟ فتدبر.

(597)
لا الورود ، لان الامارة لا توجب رفع الشك حقيقة ، وقد عرفت : أنه يعتبر في الورود ارتفاع موضوع المورود حقيقة.
    فدعوى : ورود الامارات على الأصول والأصول بعضها على بعض ، لا تستقيم إلا بأحد وجوه :
    الأول دعوى : أن المراد من « العلم » الذي اخذ غاية للتعبد بالأصول العملية ليس خصوص العلم الوجداني ، بل مطلق الحجة ، سواء كانت عقلية كالعلم ، أو شرعية كالأمارات ، فيكون مفاد قوله ـ عليه السلام ـ في أخبار الاستصحاب : « لا تنقض اليقين بالشك ، بل تنقضه بيقين آخر » لا تنقض الحجة بغير الحجة بل تنقضها بالحجة ، فقد اخذ الشك واليقين كناية عن الحجة واللاحجة ، فتكون الامارة واردة على الاستصحاب وسائر الأصول الشرعية ورافعة لموضوعها حقيقة ، كورودها على الأصول العقلية. وتوهم : أن الأصل الشرعي أيضا حجة فلا وجه لرفع اليد عن الأصل بالامارة ، لأنه كما يمكن أن يقال : « إن العمل بالامارة في مورد الأصل يكون من نقض الحجة بالحجة » كذلك يمكن أن يقال : « إن العمل بالأصل على خلاف الامارة يكون من العمل بالحجة » فلا يلزم من ترك العمل بالامارة والاخذ بالأصل الشرعي طرح الامارة بلا حجة على خلافها ، فلو كان المراد من « العلم » الذي اخذ غاية في الأصول هو مطلق الحجة ، يلزم التعارض بين أدلة الامارات وأدلة الأصول ، وإلى ذلك أشار الشيخ ـ قدس سره ـ بقوله : « وإلا أمكن أن يقال : إن مؤدى الاستصحاب » إلى قوله : « ولا يندفع مغالطة هذا الكلام » فاسد ، فان الشك لم يؤخذ في موضوع الامارات ، فيصح أن يقال : « إن الاخذ بالامارة في مورد الأصل يكون من نقض الحجة بالحجة » فيندرج في قوله ـ عليه السلام ـ « بل تنقضه بيقين آخر » وهذا بخلاف الاخذ بالأصل في مورد


(598)
الامارة ، فإنه يلزم منه ترك العمل بالحجة المطلقة بلا مخصص ، لان أدلة حجية الامارة لم تكن مقيدة بعدم قيام الأصل على خلافها ، فتخصيص حجيتها بما إذا لم يكن أصل على خلافها يكون بلا موجب ، بخلاف الأصل ، فان دليل اعتباره مقيد بما إذا لم تقم حجة على خلاف مؤدى الأصل.
    هذا ، ولكن لا يخفى ما في هذا الوجه من الضعف ، فان جعل العلم كناية عن الحجة مما لا شاهد عليه ، بل الظاهر من العلم واليقين الذي اخذ غاية في الأصول العملية هو خصوص الاعتقاد الراجح الذي لا يجامعه احتمال الخلاف. مع أن هذا البيان إنما يتم في خصوص الامارات ، وأما الأصول : فلا يتأتى فيها هذا التقريب ، لأن الشك اخذ موضوعا في مطلق الأصول والعلم بالخلاف اخذ غاية في الجميع ، فلا وجه لتقدم الأصول المحرزة على غيرها ، لان رفع اليد عن الأصل المحرز بالأصل الغير المحرز أيضا يكون من رفع اليد عن الحجة بالحجة على الخلاف ، كما أن رفع اليد عن الأصل الغير المحرز بالأصل المحرز يكون من رفع اليد عن الحجة بالحجة على الخلاف ، فالمغالطة التي ذكرها الشيخ ـ قدس سره ـ تبقى على حالها في باب الأصول ، ويلزم وقوع التعارض بينها.
    الوجه الثاني ـ دعوى : أن المراد من الغاية خصوص العلم الوجداني ، ولكن متعلق العلم أعم من الحكم الواقعي والظاهري ، فتكون الامارة واردة على الأصول ، للقطع بحجيتها ، فيقطع بالحكم الظاهري على خلاف مؤدى الأصل عند قيام الامارة على الخلاف.
    وهذا الوجه بمكان من الفساد ، فإنه إن أريد من الحكم الظاهري مؤدى الامارة ، فالمؤدى مشكوك ، لاحتمال مخالفة الامارة للواقع ، وإن أريد من الحكم الظاهري اعتبار الامارة وحجيتها ، فهو وإن كان متيقنا ـ للعلم بحجية الامارات إلا أن العلم بالحجية لم يؤخذ غاية للتعبد بالأصول العملية ، بل الغاية هي العلم بخلاف مؤدى الأصل ، أي العلم بمتعلق الشك الذي اخذ


(599)
موضوعا فيه ، ومتعلق الشك هو الاحكام الواقعية وموضوعاتها ، فلابد من أن يتعلق العلم بها ، والعلم بحجية الامارة أجنبي عن العلم بالحكم الواقعي. هذا ، مع أن العلم بالحجية لا يختص بباب الامارات ، بل الأصول أيضا كذلك ، للعلم بحجيتها ، فان أدلة اعتبارها لا تقصر عن أدلة اعتبار الامارات.
    وبالجملة : تشترك الأصول مع الامارات في العلم بحجيتها ، وتشترك الامارات مع الأصول في عدم العلم بالمؤدى ، فدعوى : أن الوجه في ورود الامارات على الأصول كون المراد من الغاية الأعم من الحكم الواقعي والظاهري ، ضعيفة جدا.
    الوجه الثالث ـ دعوى : أن المراد من الغاية مطلق الاحراز ، لا خصوص العلم الوجداني (1) فيكون معنى قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك بل تنقضه بيقين آخر » هو أن الاحراز لا ينقض بالشك ، بل لابد من نقضه باحراز آخر يخالف الاحراز السابق.
    ويمكن تقريب هذا الوجه بما تقدم في بيان قيام الطرق والامارات والأصول المحرزة مقام القطع الذي اخذ في الموضوع على وجه الطريقية.
    وحاصله : أن ظاهر الدليل وإن كان يعطى اعتبار خصوص الكشف الوجداني والاحراز التام الحقيقي ، إلا أنه لما كان اعتبار القطع من حيث
1 ـ أقول : وهنا وجه رابع إليه نظر استاذنا في كفايته ، وهو ان موضوع الأصل هو الشك بالحكم باي عنوان طار على العمل زائدا على حيث الشك بحكمه ، وحينئذ مفاد دليل الامارة يثبت الحكم لعنوان « ما أخبر به العادل » أو « قامت البينة عليه » أو غيرها ، فعند قيامها على مورد لا يبقى مجال الشك بالحكم المخالف بأي عنوان ، بل نقطع بالحكم بعنوان اخر. وبهذه العناية والمناط يقدم الامارة على الأصول حتى الاستصحاب ، كما أنه بهذا المناط يقدم الاستصحاب على سائر لأصول من جهة اليقين بالحكم بعنوان نقض اليقين بالشك ، فالمورود بقول مطلق هو الأصل الذي يثبت الحكم لصرف الشك أو عدم العلم بلا عنوان آخر في البين.
    ولكن لقد أجاد فيما أفاد : من عدم تمامية تقريب الورود بوجه من الوجوه المزبورة ، كما لا يخفى.


(600)
الطريقية والكاشفية لا من حيث كونه صفة قائمة في النفس ، فيستفاد من الدليل ـ ولو بتنقيح المناط ـ أن الموضوع هو العنوان الكلي الأعم من الاحراز الوجداني والاحراز التعبدي ، أي مطلق الكاشف والمحرز ، سواء كان إحرازه وكشفه من مقتضيات ذاته بلا جعل جاعل أو بتتميم كشفه بجعل الشارع ، فإنه لولا استفادة ذلك من الدليل الذي اخذ القطع موضوعا فيه لم يكن وجه لقيام الامارات والأصول المحرزة مقام القطع ، فقيامها مقامه لا يمكن إلا بجعل الموضوع عنوانا كليا ينطبق على ما جعله الشارع محرزا ، فيكون أخذ خصوص العلم في ظاهر الدليل لكونه من أحد مصاديق المحرز ، لا لخصوصية فيه ، وعلى هذا تستقيم دعوى : ورود الامارات على الأصول مطلقا وورود الأصول المحرزة على غيرها ، فإنه بعد قيام الامارة على خلاف مؤدى الأصل يكون مؤدى الامارة محرزا ببركة التعبد بها وتتميم كشفها ، فيكون من قامت عنده الامارة قد أحرز خلاف مؤدى الأصل ، ويخرج مورد الامارة عن قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك » ويندرج حقيقة في قوله : « بل تنقضه بيقين آخر » فتكون الامارة واردة على الأصل ، لأنه لا يعتبر في الورود أزيد من كون المورد خارجا عن موضوع دليل المورود حقيقة ، وبعد قيام الامارة على خلاف الأصل يكون مؤدى الامارة خارجا عن موضوع الأصل حقيقة ، لأن المفروض : أن المراد من « اليقين » الذي اخذ غاية للتعبد بالأصل مطلق الاحراز.
    وبذلك يظهر أيضا ورود الأصول المحرزة على غيرها ، لأنه أيضا ببركة التعبد بالأصل المحرز يخرج المؤدى عن موضوع الأصل الغير المحرز حقيقة ، فإنه قد أحرز خلافه ، وذلك بعد البناء على أن الغاية للتعبد بالأصول مطلقا الاحراز واضح.
    وهذا الوجه أحسن ما يمكن أن يقال في تقريب ورود الامارات على الأصول وورود الأصول المحرزة على غيرها.
فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: فهرس