الـفِـقـهُ
والمَـسـائِـل الطِـبـيـَة


بقلم
سماحة آية الله
الشيخ محمد آصف المحسني

المقدمة
يقول الدكتور الكسيس كاريل المتوفى 1944:
ان علوم التشريح والفسيولوجيا والكيمياء والنفس والاجتماع وغيرها من العلوم لم تعطنا نتائج قطعية في ميادينها عن ماهية الانسان، وان الانسان الذي يعرفه العلماء ليس إلاّ انساناً بعيداً جداً عن الانسان الحقيقي. فالانسان كائن مجهول لنفسه، وسيظل جهلنا به الى الابد.

( 6 )

( 7 )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمدُ لله رَبِّ العالمين مُنزل الوَحي على المرسلين والصلاة على محمّد وآلهِ خَير الخَلق أجمعين والسلام على جميعِ عبادِ الله الصالحين لاسِيما عَلى الشُهداء والعلماء المُجْتَهدين.
أمّا بعد، إنّ المنظّمة الاِسلاميّة للعلوم الطبيّة في الكويت عقدت ندوات علمية دعت فيها الاَطباء وأهل العلم ممّن لهم معلومات فقهية فعنون الاَطباء المسائل الطبية المستجدّة، وذكر أهل العلم أحكامها الشرعية من وجهة نظرهم أو نظر المذاهب الاَربعة غالباً(1)، ثمّ تصدّت المنظّمة لطبع ما دارت في تلك الندوات العلمية المفيدة المباركة في سبعة أجزاء باسم (الاسلام والمشكلات الطبية المعاصرة) على نحو ما يلي:
____________
(1) ابتداء من 11 شعبان 1403 هـ الموافق 24 مايو 1983 م وانتهاء بأواخر جمادى الآخرة 1414 الموافق ديسمبر 1993 م.

( 8 )
أوّلاً: الاِنجاب في ضوء الاِسلام.
ثانياً: الحياة الاِنسانية بدايتها ونهايتها في المفهوم الاِسلامي.
ثالثاً: الرؤية الاسلامية لبعض الممارسات الطبّيّة.
رابعاً: ... لم أجده.
خامساً: ... لم أجده.
سادساً: رؤية إسلامية لزراعة بعض الاَعضاء البشرية.
سابعاً: رؤية إسلامية للمشاكل الاِجتماعية لمرض الاِيدز.
فشكراً كثيراً للاَطباء المتدّينين ولاَهل العلم المتفقّهين والمخلصين القائمين بأعمال الثبت والطبع والله يحب المحسنين، كما أشكر ولدي مسؤول سفارة الجمهورية الاِسلامية الاَفغانية في الكويت واعظ زاده ـ وهو من أعضاء الحركة الاِسلامية الافغانية ـ حيث أهدى إليّ هذه الاَجزاء سوى الرابع والخامس حيث لم يوجدا.
فقصدت بفضل الله وعونه أنْ أنقل منهما بعض المطالب(1) ثمّ اذكر الحكم الفقهي من الفقه الجعفري بحسب اجتهادي، فإنْ أصبت فهو من فضل ربي وإنْ أخطأت فهو من قصوري أو من تقصيري، وأسأل الله تبارك وتعالى أنْ يجعله نافعاً لاِخواني من أهل العلم ولجميع المؤمنين وأنْ يتقبّله منّي بكرمه السابق وفضله الواسع.
____________
(1) من غير التزام بمراعاة ترتيب مطالب تلك الاجزاء في كتابي هذا كما تعلمون فيما بعد.

( 9 )
المسألة الاَُولى
حُكمُ التداوي في الفقه
جواز التداوي من الواضحات التي تسالم الكلّ عليه. وفي موثّقة الحسين ابن علوان المروي في قرب الاِسنادعن جعفرعن أبيه عن جابرقال: قيل يارسول الله أنتداوى؟ قال: نعم، فتداووا فإن الله لم ينزل داءً إلاّ وقد أنزل له دواء(1).
أقول: وهل امره صلى الله عليه وآله بالتداوي للوجوب أو للاِرشاد؟ فيه وجهان، نعم يجب التداوي من الاَمراض الخطيرة لوجوب دفع الضرر، كما يجب تداوي الاَطفال والمجانين على أوليائهم حسب قضيّة الولاية.
ثمّ الظاهر جوازه بل وجوبه وإن احتمل الضرر فيه إحتمالاً مرجوحاً أو مساوياً، لصحيح يونس بن يعقوب عن الصادق عليه السلام : الرجل يشرب الدواء ويقطع العرق، وربما انتفع به وربما قتله؟ قال: يشرب ويقطع(2).
وربما يتخيّل بعض أهل العلم عدم وجوب التداوي مطلقاً حتى من الاَمراض المهلكة لاستبداله بالدعاء والتوكل، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلى اللهِ فَهُوَ حَسْبُه)(3)، وقال تعالى: (ادْعُونِيَ أسْتَجِبْ لَكُمْ)(4).
____________
(1) ص179 ج17 الوسائل ولابد لاعتبار الرواية من أثبات ان نسخة قرب الاسناد الواصلة الى صاحب الوسائل قد وصلت بسند معتبر وفيه بحث طويل عميق ذكرناه في محله. وعلى كل أخرجه بالفاظ مختلفة أحمد وأبو داود والنسائي والتزمذي لاحظ ص560 وص57 ج6 (رؤية اسلامية لزراعة بعض الاَعضاء البشرية).
(2) ص194 روضة الكافي.
(3) الطلاق آية 3.
(4) غافر آية 60.

( 10 )
أقول: لكنّهما لا ينفيان وجوب التداوي وحده، بل لزوم تحصيل المعاش والنفقة وتحصيل كلّ أمر متوقّف على أسبابه أيضاً حتّى تحصيل العلم أيضاً! بل لازم هذا التخيّل عدم وجوب حفظ النفس! وهو كما ترى.
وهل يمكن أنْ يفتي عاقل بجواز ترك شرب الماء أو أكل الطعام للمضطّر الذي يشرف على الهلاك؟
والحل أنّ التوكّل لا ينافي السعي إلى تحصيل الاَسباب ولا هي تنافيه (وأعقل راحلتك وتوكّل على الله)(1)، والدعاء لم يشرّع لاِبطال الاَسباب الطبيعية قطعاً، والاَئمة عليهم السلام تداووا وأمروا أتباعهم بالتداوي كما في الاَحاديث الكثيرة(2). بل ورد في بعض الاَحاديث ان من يترك أموراً لا يستجاب دعاءه.
ثم إنّ التداوي كما قد يجب على المريض يجب العلاج على الطبيب أيضاً وإنْ جاز له أخذ الاُجرة على طبابته إذا قدر المريض عليه.
وفي رواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام المرويّ في التهذيب قال: سألته عن الرجل يعالج الدواء للناس فيأخذ عليه جعلاً؟ قال: لا بأس(3).
قال الفقيه اليزدي قدس سره في خاتمة كتاب الاِجارة من العروة الوثقى:
(السابعة عشرة) لا بأس بأخذ الاُجرة على الطبابة وإنْ كانت من الواجبات الكفائية، لاَنها كسائر الصنائع واجبة بالعرض لانتظام نظام معائش
____________
(1) ج71 ص137 و ج103 ص5 بحار الانوار نسخة الكامپيوتر.
(2) لاحظ الجزء 62 من بحار الانوار.
(3) ص3 ج59 بحار الانوار والسند صحيح على المشهور ولنا في صحة طريق الشيخ الى الحسين بن سعيد بحث ذكرناه في «بحوث في علم الرجال».

( 11 )
العباد، بل يجوز وإنْ وجبت عيناً، لعدم من يقوم بها غيره، ويجوز اشتراط كون الدواء عليه مع التعيين الرافع للغرر، ويجوز أيضاً مقاطعته على المعالجة إلى مدّة أو مطلقاً، بل يجوز المقاطعة عليها بقيد البرء أو بشرطه إذا كان مظنوناً بل مطلقاً.
وما قيل من عدم جواز ذلك لاَن البرء بيد الله فليس اختيارياً له وانّ اللازم مع إرادة ذلك أنْ يكون بعنوان الجعالة لا الاِجارة.
فيه: إنّه يكفي كون مقدّماته العاديّة اختيارية ولا يضر التخلّف في بعض الاَوقات، كيف! وإلاّ لم يصح بعنوان الجعالة أيضاً(1).
أقول: وعلّق سيّدنا الاُستاذ الخوئي على قوله «بل مطلقاً»: يشكل الحكم بالصحة في فرض التقييد مع الظن بالبرء أيضاً، نعم لا تبعد الصحّة مع الاِطمئنان به.
كما أنّه علّق على الجزء الاَخير من كلامه: الفرق بين الجعالة والاجارة من هذه الجهة ظاهرٌ(2).
وقال قدس سره في منهاج الصالحين: تجوز الاِجارة على الطبابة سواء أكانت بمجرّد وصف العلاج أم بالمباشرة كجبر الكسير، وتجوز المقاطعة على العلاج بقيد البرء إذا كانت العادة تقضي ذلك كما في سائر موارد الاجارة على الاَعمال الموقوفة على مقدمات غير اختيارية للاجير وكانت توجد حينها عادة(3). وتبعه بعض تلاميذه عليه.
____________
(1) العروة الوثقى 2|420ـ421 طبعة مدينة العلم.
(2) نفس المصدر.
(3) منهاج الصالحين 2|102 طبعة مدينة العلم.

( 12 )
فـائـدة
نذكر فيها بعض الروايات المعتبرة سنداً:
1 ـ قال الصادق عليه السلام : قال موسى بن عمران: يارب من أين الداء؟ قال: مني، قال: فالشفاء؟ قال: مني، قال: فما يصنع عبادك بالمعالج؟ قال: يطبب بأنفسهم، فيومئذٍ سُمّي المعالج الطبيب(1).
أقول: أيّ سُمّي بالطبيب لرفعه الهم عن نفوس المرضى بالرفق والتدبير، وليس الشفاء منهم، وفي بعض كتب اللغة: طَبَّ: تأنّى للاَُمور وتلطّف، وفي بعض النسخ بالياء المثنّاة (يطيب).
وليس المراد أنّ الطبيب مشتق من مادة الطيب، بل المراد أنّ تسميته بالطبيب لتداويه عن الهموم، فتطيب بذلك.
أقول: الشفاء لا ينافي التداوي لانهما من العلل الطولية، وصنع المعالج هو تشخيص الداء وتعيين الدواء فقط ، والشفاء من الله تعالى.
2 ـ كتب ابن اُذينة إلى الصادق عليه السلام يسأله عن الرجل ينعت له الدواء من ريح البواسير فيشربه بقدر اسكرجة من نبيذ ليس يريد به اللّذة (و) إنّما يريد به الدواء، فقال: لا، ولا جرعة. وقال: إنّ الله عزّ وجلّ لم يجعل في شيء مما حرّم شفاء ولا دواء(2).
أقول: اتّفقت أحاديثنا على منع التداوي بالخمر(3) وهذا الحديث
____________
(1) ص88 روضة الكافي.
(2) ص88 ج59 بحار الاَنوار نقلاً عن الكافي.
(3) لاحظ ص202 وما بعدها ج24 جامع الاَحاديث.

( 13 )
يمنعه بمطلق الحرام. لكن لو فرض بطريق قطعي مورداً توقف حياة احد على شرب مسكر أو خمر أو على شرب دواء فيه خمر جاز شربه أو لعله فرض نادر جداً.
3 ـ قال الصادق عليه السلام : ما من دواء إلاّ وهو شارع إلى الجسد ينظر (سارع الى الجسد ينتظرخ) متى يؤمر به فيأخذه(1).
أقول: كأنّ الحديث يشير إلى موضوع علمي، وهو ما ثبت في علم الطب وغيره من مناعة البدن، وستعرفها في المسألة الخامسة والثلاثين إنْ شاء الله تعالى.

نظر المذاهب الاَربعة حول التداوي
نقل بعض أهل السنة أنّ العلاج عند الاِمام أحمد رخصة وتركه درجة أعلى، وعند الشافعي التداوي أفضل من تركه ومذهب أبي حنيفة أنّه (أي التداوي) مؤكّد حتّى أنّه يقارب الوجوب، ومذهب مالك أنّه يستوي فعله وتركه(2).
____________
(1) روضة الكافي ص88.
(2) ص624 وص625 الحياة الانسانية بدايتها ونهايتها.

( 14 )
المسألة الثانية
أثر الاضطرار والحرج والضرر والحاجة في رفع الاحكام الالزامية
والبحث الاَوّل في الاِضطرار قال الله تعالى: (وَمَالَكُمْ ألاّ تَأكُلُوا ممّا ذُكِر اسْمُ الله عَلَيهِ وَقَد فَصَّل لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيكُم إلاّ ما اضْطُررْتُم إلَيهِ) (الاَنعام: 119).
وقال تعالى: (إنَّما حَرَّمَ عَليكُمْ المَيتَةَ والدَّمَ وَلَحْمَ الخِنزِيِرَ وما اُهِلَّ به لِغَير الله فَمَن اضطُرَّ غَيَر بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إثْمَ عَلَيه...) (البقرة 173) ولاحظ سور المائدة (3) والانعام (145) والنحل(115).
وكلّ هذه الآيات وردت في مورد أكل المحرّمات الخاصّة.
وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ كما في حسنة حريز المروية في الخصال عن الصادق عليه السلام : ـ رفع (وضع) عن اُمتي تسعة: الخطأ، والنسيان، وما أكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا اليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق، ما لم ينطق بشفته(1).
وفي موثّقة سماعة ـ على إشكال في صحّة طريق الشيخ إلى الحسين ابن سعيد في المشيخة عن الصادق عليه السلام :... ولن يكلفه الله ما لا طاقة له به(2).
وفي موثّقة اُخرى له ـ على إشكال عرفته ـ : وليس شيء ممّا حرّم الله
____________
(1) ص88 ج1 مقدمة جامع الاحاديث الطبعة الاَُولى.
(2) ص483 ج5 الوسائل نسخة الكومبيوتر.

( 15 )
إلاّ وقد أحلّه لمن اضطرّ إليه(1). وقريب منها موثقة أبي بصير(2).
وفي صحيح محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل والمرأة يذهب بصره فيأتيه الاَطباء فيقولون: نداويك شهراً أو أربعين ليلة مستلقياً كذلك يصلي؟ فرخّص في ذلك وقال: فمن أضطُرّ غَير باغٍ وَلا عادٍ فلا اِثمٌ عليه(3).
أقول: مورد الرواية ظاهراً الحاجة أو الحرج ولكن الاِمام طبّق عليه الاضطرار. ثمّ إنّ الحديث يدلّ على تعميم الآية لمطلق المحرّمات من دون اختصاص لها بالاَكل المحرّم، فلا تغفل وفي صحيح حفص البختري عن الصادق عليه السلام قال سمعته يقول في المغمى عليه: ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر(4)
وبالجملة: الاضطرار رافع للتكليف كما في الاحاديث الكثيرة والتتبع بالكومپيوتر سهل.
(البحث الثاني في الحرج)
قال الله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ في الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج: 78).
وقال تعالى: (لِّيْسَ عَلَى الاَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ الاَعرَج حَرَجٌ وَلاَ عَلَى المَرِيِض حَرَجٌ) (الفتح: 17) و (النور: 61).
وفي صحيح زرارة عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى: (مَا يُريدُ الله
____________
(1) ص228 ج23 المصدر.
(2) ص483 ج5 نفس المصدر.
(3) ص496 نفس المصدر.
(4) ص273ج 1 جامع الاحاديث.

( 16 )
ليَجْعَلَ عَليكُم مِنْ حَرَجٍ): والحرج الضيق(1).
وفي صحيح بريد العجلي عنه عليه السلام : ... ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين من ضيق، فالحرج أشد من الضيق(2).
وعليه فيمكن أن يحمل الضيق في الحديث السابق على مرتبة عالية منه دفعاً للتعارض، فافهم.
وفي موثّقة أبي بصير ـ على إشكال في صحّة طريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد في المشيخة ـ: فإنَّ الدين ليس بضيق فإنّ الله يقول: (مَا جَعَلَ عَلَيكُمْ في الدِين مِنْ حَرَجٍ)(3).
قال سيِّدنا الاُستاذالحكيم قدس سره في مستمسكه:...فلايكون الحرج مجوزاً لفعل المحرّمات عندهم وإنْ كان مجوزاً لترك الواجبات، فلا يجوز الزنا للحرج، ولا يجوز أكل مال الغير للحرج... وان كان الفرق بين الواجبات والمحرمات في ذلك غير ظاهر، ومقتضى دليل نفيه نفي التحريم كنفي الوجوب(4).
أقول: والحقّ جريان نفي الحرج في مطلق الاَحكام الاِلزامية الحرجيّة من الواجبات والمحرمات، لكن لا بدّ أن يعلم أنّ للحرج مراتب متفاوتة، والاَحكام الالزامية أيضاً لها مراتب من حيث الاَهمية، فلا يمكن نفي حرمة الزنا واللواط والمساحقة لمن لا زوج له بدعوى الحرج، وهو ظاهر، فإذا روعيت هذه النكتة حسب الذوق الشرعي والارتكاز المتشرعي في جريان قاعدة نفي الحرج لا يبقى وجه للتفصيل بين الواجبات والمحرمات.
____________
(1) ص364 ج3 الوسائل نسخة الكومبيوتر.
(2) ص191 ج1 أُصول الكافي.
(3) ص163 ج1 الوسائل نسخة الكومبيوتر.
(4) ص247 ج14.

( 17 )
(البحث الثالث في الضرر)
قال رسول الله صلى الله عليه وآله كما في موثقة زرارة عن الباقر عليه السلام : لا ضرر ولا ضرار(1).
فكلّ حكم ضرري ينفى بهذا.
وأعلم أنّ البحث حول قاعدة نفي الضرر والضرار طويل مذكور في علم اُصول الفقه، بل ألَّف غير واحد من الاعلام حولها رسالة مستقلّة.
(البحث الرابع في الحاجة)
قال الله تعالى: (يُرِيُد الله بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بكُمُ العُسْر) (البقرة: 185).
وفي صحيح الثمالي المروي في الكافي عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها إما كسر وإما جرح في مكان لا يصلح النظر إليه، يكون الرجل أرفق بعلاجه من النساء أيصلح له النظر إليها؟ قال: إذا اضطرت إليه فليعالجها (فيعالجها ـ جامع) ، ان شاءت(2)، فلاحظ.
أقول: الحديث يدلّ على جواز نظر الطبيب إلى المريضة لاضطرارها، وتقييد النظر إليها بعدم إمكان العلاج بالنظر إليها بالنظر إلى المرآة كما عن بعض الفقهاء خلاف إطلاق الصحيحة، فلا نلتزم به، والله أعلم باحكامه.
____________
(1) ص32 ج18 الوسائل نسخة الكومپيوتر.
(2) ص172 ج14 الوسائل (الطبعة المتوسطة).